كتاب أمريكيون: احتجاجات الجامعات كشفت ازدواجية المعايير السياسية والإعلامية

الثلاثاء - 30 أبريل 2024

  • أستاذ صحافة: ثورة الجامعات كشفت أن الخلل في السياسة الخارجية الأمريكية وليس لدى الطلبة
  • كاتبة في "واشنطن بوست": المشكلة ليست في الطلبة ولكن في السياسة التي تحتاج إلى تغيير

 

إنسان للإعلام- قسم الترجمة:

نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية وصحيفة "نيويورك تايمز" مقالين حول الاحتجاجات العارمة التي تعم قرابة 75 جامعة أمريكية حتى الآن، أكد الكاتبان خلالهما أن الخلل الذي أظهره احتجاجات طلاب الجامعات هو خلل السياسة والإعلام الأمريكي الذي يتصادم مع مشاعر حقيقية تتضامن مع قضية فلسطين لصالح الصهاينة ومصالح مزدوجة.

الكاتب "هوارد فرينش"، وهو أستاذ الصحافة بكلية الدراسات العليا بـجامعة كولومبيا التي خرجت منها ثورة الجامعات المتضامنة مع فلسطين يوم 17 أبريل 2024، أكد أن احتجاجات الجامعات كشفت أن الخلل في السياسة الخارجية لواشنطن وليس لدى الطلبة المتضامنين مع فلسطين.

دافع عن طلبة الجامعة، التي قام بالتدريس فيها طويلاً بعد كيل الاتهامات لهم والتحريض عليهم إعلامياً، واصفاً احتجاجات كولومبيا وغيرها من الجامعات بأنها "بالغة الأهمية" وأنها كشفت أن الخلل ليس في الطلبة بل في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية حيال إسرائيل والشرق الأوسط.

أيضا أشارت الكاتبة "ميغان مكاردل" في صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن المشكلة ليست في الطلبة ولكن في السياسة الأمريكية، وأبدت عدم تفاؤلها بنجاح الطلبة في تغيير السياسية الأمريكية، لأن هذا يجري في صناديق الانتخابات بينما حكومة وإعلام وكونجرس أمريكا يشيطنون الطلبة ويصفون وقوفهم ضد جرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة بأنها "عداء للسامية واليهود"!!

قالت "مكاردل" إن "استثمارات الجامعة التي تفيد إسرائيل والتي يريد الطلبة منعها شيء يمكن لإدارة جامعة كولومبيا السيطرة عليه، لكن السياسة الخارجية للولايات المتحدة أو إسرائيل لن تغيره هذه الضغوط"، بسحب الاستثمارات.

أضافت إن "أفضل أمل لدى الناشطين لتغيير سلوك إسرائيل ليس العبث بالأوقاف الجامعية، بل تغيير سياسة الحكومة الأمريكية بشأن مبيعات الأسلحة لإسرائيل".

"وأفضل أمل للقيام بذلك يكمن في إقناع الناخبين الأميركيين العاديين بضرورة تغيير هذه السياسة"، وهو أمر يصعب اقناع الناخبين به في ظل تشويه الحكومة والكونجرس والإعلام الأمريكي للطلاب وتصويرهم كمعادين لليهود والسامية أمام الناخبين.

قالت إنه لذلك سيكون من الصعب "ترجمة التأثير الضئيل لسحب الاستثمارات على الشركات إلى تغيير في سياسات البلدان التي تقع فيها المقرات الرئيسية لتلك الشركات"، وفق قولها.

ما الذي كشفته الاحتجاجات؟

يقول أستاذ الصحافة بكلية الدراسات العليا بـجامعة كولومبيا "هوارد فرينش"، إن الاحتجاجات في حرم جامعة كولومبي٬ حفزت احتجاجات جامعية في جميع أنحاء أمريكا ودول أخرى، وفتحت النقاش حول السياسة الخارجية الأمريكية في ظل قمع الطلاب.

قال: إن "ما كشفته هذه اللحظة بوضوح أكبر بالنسبة لي ليس أزمة الثقافة الطلابية أو التعليم العالي في الولايات المتحدة، كما يدعى البعض، بل أزمة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة وعلى وجه التحديد علاقتها طويلة الأمد مع إسرائيل".

وانتقد فرينش استخدام لعبة "معاداة السامية" لترهيب الطلبة مشيرا إلى أن جامعة كولومبيا نفسها كانت معادية للسامية، وهناك تاريخ مؤسسي عميق لمعاداة السامية بجامعة كولومبيا، حيث فرضت تاريخياً قيوداً على قبول وتوظيف اليهود إلى حد كبير من أجل حماية البروتستانت البيض من المنافسة الأكاديمية!

يقول الأكاديمي الأمريكي: إن ما رآه داخل بوابات الجامعة كان بشكل عام صورة للكياسة المثالية التي مارسها طلاب جامعة كولومبيا، فمنذ 10 أيام، كان هناك مخيم منظم للطلاب، معظمهم يتحدثون بهدوء، وبعضهم في الخيام، ويحتلون مساحة من العشب أمام مكتبة بتلر، أكبر مكتبات كولومبيا.

كما أن الطلاب المتظاهرين نشروا مدونة سلوك مثيرة للإعجاب جاء فيها: "لا ترمي القمامة لا تتعاطى المخدرات أو الكحول يجب احترام الحدود الشخصية لا تتعامل مع المتظاهرين المناهضين لنا.." وغيرها من التعليمات.

وتساءل: ما هو التهديد الذي تواجهه الحضارة الغربية، أو الديمقراطية في الولايات المتحدة، أو حتى التعليم العالي، والذي من المفترض أن تشكله احتجاجات كولومبيا وغيرها من الاحتجاجات التي أعقبتها؟!

واعتبر أن الجواب يكمن في "الخوف من خطاب الطلاب المحتجين" الذين أقسموا ليس على رفض التعامل مع أي متظاهرين مناهضين، ولكن على وجه التحديد مع "الصهاينة".

عنف صهيوني بشع

وقال أستاذ الصحافة في مقاله بمجلة فورين بوليسي إن حركة الحرم الجامعي المستمرة التي انبثقت من جامعة كولومبيا لم تنشأ بسبب معاداة اليهود، كما يتصور البعض أو يحاول تصوير ذلك.. لقد نشأ هذا من صدمة عميقة إزاء العنف البشع والعشوائي الذي مارسته إسرائيل على الفلسطينيين.

أضاف: "لقد تعرض الطلاب المحتجون للاحتقار والسخرية وتم تصويرهم على أنهم "مخالب القطط الخطرة لأعداء الولايات المتحدة في الصين أو روسيا، والأسوأ من ذلك أنه تم وصفهم بشكل خاطئ على أنهم من دعاة الكراهية المناهضين لليهود، من قِبَل كبار الساسة الأمريكيين"!!

وفي الأيام الأولى من الاحتجاجات، قامت الشرطة باعتقال أكثر من 100 طالب مكبلي الأيدي بعد أن تحدثت رئيسة جامعة كولومبيا، نعمت شفيق، عن مخيمهم باعتباره "خطراً واضحاً وقائماً" ودعت الشرطة إلى التحرك.

وفي جامعات أخرى منذ ذلك الحين، ومع انتشار حركة السلام هذه، تعرض الطلاب للضرب وإطلاق الغاز المسيل للدموع وقال الطلاب في جامعة إنديانا وجامعة ولاية أوهايو إنهم رأوا قناصة متمركزين في الحرم الجامعي ونشروا صوراً لذلك.

ويوماً بعد يوم، كانت هناك مشاهد لأعضاء هيئة التدريس الداعمين للمتظاهرين وهم يتعرضون للضرب والطرح على الأرض وتقييد الأيدي والاقتياد من قِبَل الشرطة.

أين الديمقراطية الأمريكية؟

تابع الكاتب: لقد حان الوقت لكي يتساءل الأمريكيون، مستبدلين موضوع إسرائيل وفلسطين بموضوع آخر: إذا كانت حركة احتجاجية طلابية كهذه تحدث على هذا النطاق في بلدان أخرى، فماذا سيكون رد فعل الولايات المتحدة على قمعها؟

أضاف: ما أتخيله بسهولة هو إدانات عالية اللهجة من المتحدثين باسم وزارة الخارجية ومقالات افتتاحية متهورة في الصحافة الأمريكية الرائدة حول "التعصب الاستبدادي" أو "انحطاط الديمقراطية"

وتساءل مجددا: ما هو رد فعل المواطن الأمريكي المناسب على حجم الرعب الذي نراه في غزة؟ في ظل أن واشنطن داعمة بشكل صريح للهجوم الإسرائيلي هناك، وزودت إسرائيل بكميات هائلة من الأسلحة الجديدة؟!

وقال: يتعامل بعض السياسيين الأمريكيين مع المتظاهرين باعتبارهم تهديداً ويحذر آخرون من أن المتظاهرين يتدخلون في التأثير على الطلاب غير المتظاهرين من الأغلبية الصامتة، وهو استدعاء مألوف منذ الاحتجاجات الطلابية ضد حرب فيتنام.

وشدد على أن "هؤلاء الطلاب في جامعة كولومبيا ومن خلال الاحتجاج السلمي في عدد متزايد من الجامعات، يعلّمون المجتمع الأمريكي، بل والعالم أجمع، الديمقراطية والمواطنة الحقيقية".

أضاف: الطلاب، هم حجر الأساس للمجتمعات. وإذا لم يتمكنوا من إقناع حكومة الولايات المتحدة بالقيام بشيء لوقف الحرب في غزة وفي الضفة الغربية، وهو الأمر الذي يتم تجاهله إلى حد كبير، فيمكنهم على الأقل إقناع جامعاتهم بالتوقف عن دعمه".

اعتبر أن "هذا هو ما تعنيه مطالبة الطلاب بسحب الاستثمارات: أي وقف الدعم المؤسسي والاستثمارات الأمريكية في المجهود الحربي الإسرائيلي".

وشدد أستاذ الصحافة على أن "التهديد الذي تواجهه الصهيونية في العالم اليوم لا يأتي من الطلاب الذين يتظاهرون في الجامعات الأمريكية وغيرها، ولا يأتي حتى من حماس، لكن التهديد الأكبر ينبع من عدم وضوح أي خط فاصل بين الصهيونية وسحق حياة الفلسطينيين وأملهم في المستقبل".

____________

مصادر التقرير:

  • What Columbia’s Protests Reveal About America

https://foreignpolicy.com/2024/04/26/columbia-university-protests-us-student-demonstrators-israel-palestine-gaza/

  • College Protesters Make Divestment from Israel a Rallying Cry

https://www.nytimes.com/2024/04/24/business/college-protesters-divestment-israel.html#:~:text=So%20far%2C%20universities%20have%20flatly,sell%20assets%20linked%20to%20Israel