"طوفــان الأقصــى" وسقوط الإعلام الغربي في فخ الرواية الصهيونية

الثلاثاء - 17 سبتمبر 2024

  • الميديا الغربية تؤنسن "إسرائيل" وتعمل دائمًا على تغييب صورة سياستها الدموية وتصف القتال بأنه دفاع عن النفس
  • يكرر الإعلام الغربي ادعاءات استخدام "حماس" للمدنيين كدروع بشرية أو المستشفيات والمدارس لتخزين الأسلحة
  • لم تكتف المنظومة الإعلامية الغربية بتبني الرواية الإسرائيلية بل عمدت إلى "إسكات" بعض الأصوات المناهضة
  • الاتهام بمعاداة السامية أصبح السلاح الإعلامي والدعائي الغربي الموجه ضد من يدعمون الحقوق الفلسطينية
  • يفرض الإعلام الغربي حظرًا تامًا على الخط المقاوم ويعمل على النيل من سرديته ومن رموزه ويسمي المقاومة "ميليشيات"
  • ذهب كثيرون إلى اعتبار الإعلام الغربي شريكًا في جريمة الحرب على غزة وطرفًا أصيلًا متعاونًا مع جيش الاحتلال
  • معالجات الإعلام الغربي تؤكد أن القوة الحقيقية تأتي من السيطرة على رواية الحرب وليس التفوق في الميدان
  • ساهم الإعلام المحايد في كشف مايحدث في غزة وفرض السردية الفلسطينية المبنية على الوثائق والمعلومات الميدانية
  • يتوجب على الفلسطينيين مواصلة الطرق على النوافذ الإعلامية الأوروبية لنشر روايتهم التاريخية حول كونهم شعبًا مضطهدًا

 

إنسان للإعلام- قسم الدراسات:

تسعى هذه الورقة إلى مناقشة مدى مهنية وحياد وسائل الإعلام الغربية، وآليات سيطرة السردية الإسرائيلية، وشيطنة المقاومة الفلسطينية، كما تتناول صعود دور المصادر المحايدة في الحرب، والتي كان لها دور كبير في تعزيز التعاطف العالمي، وإصدار محكمة العدل الدولية لقراراتها التاريخية ضد "إسرائيل".

وتؤكد معالجات الإعلام الغربي خلال معركة طوفان الأقصى أن أحد مصادر القوة الرئيسة تأتي من السيطرة على رواية الحرب، وليس التفوق في ميدان المعركة فقط.

واتسمت هذه المعالجات بالتحيز كنمط شائع ومتعارض مع مفهوم الحياد الذي يبشر به الإعلام الغربي، ويروج لوجوب تحلي وسائل الإعلام والصحافة به، مع ملاحظة تحقيق اختراق من خلال المراسلين والباحثين الميدانيين والمنظمات غير الحكومية وشهود العيان والضحايا والتقارير والدراسات البحثية.

فخلال الحرب الجارية، شهدنا واحدة من أعنف الهجمات التضليلية التي تستهدف المقاومة والشعب الفلسطيني، وهو ما يترجم في أخبار زائفة كثيرة، مع شيطنة قادة المقاومة وربطهم بالقاعدة أو داعش، وتصوير "إسرائيل" وقادتها بأنهم ديمقراطيون ومتحضرون.

ورغم إهدار المهنية والحياد، فإن المصادر المحايدة قامت بنشر مكثف لصور وفيديوهات من داخل غزة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت بمتناول الجميع من حكومات ورؤساء ومدنيين، وكانت الدليل الحقيقي على ما تعيشه غزة، فكشفت تضليل السردية "الإسرائيلية" والتزييف الغربي.

لكن يظل التحدي الرئيس الآن هو نجاح هذه الدعايات في تصوير الفلسطينيين بأنهم إرهابيون ومعادون للسامية، وتوظيف ذلك ضد المظاهرات المؤيدة لقضية فلسطين في العواصم الغربية والإعلاميين المناصرين للحقيقة والعدل.

مقدمـــة

يلاحظ المتتبع لمعالجات الإعلام الأمريكي والغربي منذ عملية طوفان الأقصى، أنهم يدعمون الرواية الصهيونية والرسالة الإعلامية لدولة الاحتلال "الإسرائيلي"، بالتزامن مع محاولة تبرئة أنفسهم من ذلك.

وتلعب العوامل الدعائية والنفسية دورًا كبيرًا في هذه المعالجات، فهي تضع الجميع في أجواء الحرب مع التذكير بحق "إسرائيل" فيما يسمى الدفاع عن نفسها عن طريق "جيشها وجنودها البواسل في مواجهة الإرهابيين الجبناء"، مع التأثير في المواطن الغربي والصهيوني، وكذلك التأثير في الخصوم والمنافسين لتغيير طريقة تفكيرهم عبر تمرير الدعايات كمحاولة لزيادة الإقناع.

وتسعى الماكينة الدعائية الأمريكية والصهيونية إلى التضليل والتزييف بهدف التأثير على السياسات الدولية، حيث تم تصوير الفلسطينيين والمتعاطفين معهم على أنهم (إرهابيون) و(معادون للسامية)، ويتم العمل على تفكيك الرواية الفلسطينية، وتفسير التصريحات الفلسطينية بما يتناسب مع التحريض على كراهية الفلسطينيين، واستخدام روايات لشيطنة الفلسطينيين والمقاومة وتصويرهم أنهم ليسوا بشراً.

وتؤكد معالجات الإعلام الغربي أن القوة الحقيقية تأتي من السيطرة على رواية الحرب وليس التفوق في ميدان المعركة فقط، وهنا يمكن الحديث عن تحقيق إختراق من خلال المراسلين والباحثين الميدانيين والمنظمات غير الحكومية وشهود العيان والضحايا والتقارير والدراسات البحثية.

فمنذ بداية معركة طوفان الأقصى، ونحن نشهد حرباً للصورة تتزامن مع الحرب العسكرية من خلال النشر المكثف لصور وفيديوهات تحاكي الوضع الميداني والإنساني، وكثير منها تم تصويرها من أهالي غزة أنفسهم وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي فكانت دليلاً نال تعاطف الكثيرين حول العالم.

وتسعى هذه الورقة إلى مناقشة مدى مهنية وحياد وسائل الإعلام الغربية، وآليات سيطرة السردية الإسرائيلية، وشيطنة المقاومة الفلسطينية، كما تتناول صعود دور المصادر المحايدة في الحرب والتي كان لها دور كبير في تعزيز التعاطف العالمي وإصدار محكمة العدل الدولية لقراراتها التاريخية ضد "إسرائيل".

مهنيــة الإعــلام الغربــي وحياديـته

كيف يعالج الإعلام الغربي معركة طوفان الأقصى؟ هل ينحاز للمهنية والحيادية؟ أم يدعم السردية الصهيونية ويحاول التأثير على الرأي العام في بلاده لمصلحة العدو؟

يلاحظ قبل معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام 2023م، أن مساحة اهتمام الإعلام الغربي بالمشهد الفلسطيني تضاءلت إلى حد كبير، حيث اكتفى بتغطية أخبار قليلة؛ معظمها يحمل طابعًا أمنيًا، بحيث تُختزل قضية شعب وأرض في عدد من الحوادث الأمنية.

ومن الممكن القول إن هذه المقاربة نزعت -بشكل أو آخر- عن القضية الفلسطينية عناوينها الكبرى؛ فلا يتناول الإعلام الغربي القضية باعتبار أنها احتلال "إسرائيلي" لأرض فلسطينية عربية، وسعي لاجتثاث الشعب الفلسطيني من هذه الأرض، أو أن هناك ملايين اللاجئين والنازحين داخل فلسطين وخارجها.

لكن هذه المقاربة أبرزت أن القضية هي مجموعات فلسطينية مسلحة، تخترق بين حين وآخر -عبر العمليات العسكرية- حاجز الصمت المضروب حول وفاة مسار التسوية، دون إشارة -بالقدر الكافي واللازم- إلى جذور المشكلة والعقد المستحكمة فيها، والتي جعلت منها برميل بارود قابلًا للانفجار كل لحظة.(1)

وضمن هذا التأطير، جاءت استضافات شخصيات فلسطينية لتبادرها بسؤال يتكرر حرفيًا وهو: هل تدين ما قامت به حماس بوصفه عملًا إرهابيًا؟. وهذا يعتبر محاولة لإدانة مباشرة تخدم حكومة بنيامين نتنياهو، التي وصفت على لسان نخب إسرائيلية وغربية بكونها الأكثر يمينية والتي تنتهج سياسات متواصلة مناهضة للفلسطينيين، أكثر وحشية وقمعية من تلك التي يدعي الإعلام الغربي أن حماس نفذته في السابع من أكتوبر 2023.(2)

وفي مقابلة أجرتها قناة BBC مع سفير فلسطين لدى المملكة المتحدة، حسام زملط، اتسمت أسئلة المذيع بالتركيز على إدانة هجمات حركة حماس، وتجاهل الضحايا الفلسطينيين جراء القصف "الإسرائيلي". 

بدوره، أشار السفير الفلسطيني إلى أن وسائل الإعلام الغربية كانت دوما تنحاز للرواية الإسرائيلية، وأنه يُدعى للحديث على التلفزيون عندما يكون هناك قتلى إسرائيليون فقط، فيما لا تستضيفه وسائل الإعلام عندما تشن إسرائيل هجماتها على الفلسطينيين.(3)

وربما يبدو في الأمر هنا مفارقة، حيث تتفاخر هيئة الإذاعة البريطانية BBC بالالتزام بمعايير صحفية صارمة، لكنها انحازت -إلى حد كبير- للرواية الإسرائيلية ووصفت الإسرائيليين بأنهم "يتعرضون للقتل"، في حين وصفت ما يجري للفلسطينيين بأنهم "يموتون"، ببساطة.

ونتيجة لانحياز الإعلام الغربي للرواية الإسرائيلية، سقطت وسائل الإعلام الغربية في فخ الرواية الإسرائيلية القائمة -في كثير من مقارباتها- على الدعايات المضللة، وذلك في عدد من الحوادث؛ مثل الادعاء بأن حماس "قطعت رؤوس أطفال إسرائيليين"، واتهام حركة الجهاد الإسلامي بالمسؤولية عن مجزرة مستشفى المعمداني، إضافة إلى تسمية حرب الإبادة والتهجير نفسها بـ (حرب إسرائيل وحماس) أو (حرب إسرائيل للدفاع عن نفسها).(4)

وفي ذات السياق، ذكر تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن وسائل الإعلام البريطانية هيمنت عليها تقارير تحدثت عن مذبحة ارتكبها مقاتلو حركة حماس في المستوطنات في جنوب إسرائيل، وزُعم على نطاق واسع أنهم قطعوا رؤوس الأطفال.(5)

ونشرت الصحف الكبرى في بريطانيا، مثل: "ديلي ميل"، و"ذا صن"، و"ذا تايمز"، و"ديلي تلغراف" تفاصيل عن عمليات القتل المزعومة لـ 40 طفلا، بما في ذلك أطفال رضع، وهو الادعاء الذي لم يستطع أحد -بما في ذلك الاحتلال- إثباته بأي شكل من الأشكال، كما أن حماس نفته، ونشرت عدة مقاطع فيديو تُثبت العكس تماما، حيث أبرزت من خلالها تعاملها الإنساني مع النساء والأطفال.(6)

وقالت صحيفة "ذا صن"، في صفحتها الأولى: "المتوحشون يقطعون رؤوس الأطفال في مذبحة"، فيما قالت "التايمز": "لقد قطعت حماس حناجر الأطفال في مذبحة"، علما بأن الصحيفتين مملوكتان لشركة روبرت مردوخ للأخبار في المملكة المتحدة.(7)

وقد أدت الدور نفسه صحيفة عريقة بريطانية كبرى؛ هي صحيفة "ديلى ميل"، التي تأسست عام 1896 ويزور موقعها الإلكتروني 100 مليون زائر شهريا، حيث نقلت أخبارًا غير صحيحة نقلًا عن مراسلة إحدى القنوات "الإسرائيلية"، مدعية أن مسئولين إسرائيليين قالوا إنهم "عثروا على جثث لأربعين رضيعا برؤوس مقطوعة في مستوطنة كفار عزا".(8)

كما يكرر الإعلام الغربي ادعاءاته بشأن استخدام حماس للأطفال والمدنيين كدروع بشرية، أو استخدام المستشفيات والمدارس كأماكن لتخزين الأسلحة، ما يؤدى إلى سقوط ضحايا مدنيين، وهو ذات التبرير الذي يتداوله المسؤولون الإسرائيليون لتسويغ قتلهم للأطفال والنساء والمدنيين.(9)

وفيما يتعلق بمجزرة مستشفى المعمداني في غزة، نشرت "بي بي سي" قبل يوم واحد من قصف المستشفى تقريرا يتساءل: "هل تقوم حماس ببناء الأنفاق تحت المستشفيات والمدارس؟"، مضيفة أنه "من المرجح أن شبكة الأنفاق تتدفق تحت أحياء مكتظة بالمنازل والمستشفيات والمدارس، مما يمنح الاحتلال الإسرائيلي ميزة الشك عندما يتعلق الأمر بقصف مثل هذه الأهداف". وهذه المعالجة -بلا شك- تعطي مبررًا ومسوغًا لسقوط عشرات آلاف الضحايا المدنيين جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي لأماكن تواجدهم، بدعوى احتمال وجود أنفاق لحماس أو بقية فصائل المقاومة الفلسطينية.

ولعل الجواب أتى من الاحتلال في اليوم التالي، وذلك عبر ارتكاب مجزرة المستشفى وقتل المئات من المرضى وذويهم من النساء والأطفال.(10)

أما "سكاي نيوز"، من الممكن القول إنها حاولت -خلال تغطيتها لهذا الحدث بالتحديد- الالتزام -بعض الشيء- بالحياد. حيث كتبت، عبر حسابها على منصة "إكس"، أن "وزارة الصحة في غزة تتحدث عن استشهاد المئات في قصف على المستشفى المعمداني في مدينة غزة"، مضيفة: "ولم تتمكن سكاي نيوز من التحقق بشكل مستقل من التقرير".

لكن -كما اتضح من الأمثلة السابقة- يبدو جليًا أن جل المعالجات الإعلامية الغربية للحرب أتت متسقة -إلى حد كبير- مع الرواية الإسرائيلية، ومعارضة للرواية الفلسطينية. وهو ما يؤكد أن تغطية الحرب جاءت متعارضة مع مفهوم الحياد الذي يبشر الإعلام الغربي.

ومن المهم هنا الإقرار بأن بعض الإعلاميين الغربيين لم يكونوا متوافقين مع الخط العام الذي انتهجته المؤسسات الإعلامية الغربية، لكن ذلك لا يمنع من القول بأن المنظومة الإعلامية -بشكل عام- بقيت متحيزة، ضمن ما يُعرّفه خبراء الإعلام بـ"الدعاية السوداء" لشيطنة الآخر، وخطورتها أنها تهيئ المتلقي لتقبل قتل أو اضطهاد من تُشنّ عليه هذه الدعاية.

إلى جانب ذلك، لم تكتف المنظومة الإعلامية بتبني الرواية الإسرائيلية، بل عمدت إلى "إسكات" بعض الأصوات المناهضة.

ولعل أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو قرار صحيفة "ذي غارديان" البريطانية بإقالة رسام الكاريكاتير ستيف بيل بتهمة معاداة السامية، وذلك بعد رسمه كاريكاتيرا ينتقد فيه ممارسات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قطاع غزة.(11) في حين لا تعارض هذه الصحف رسم صور مسيئة للرموز الدينية الإسلامية، وتعتبر ذلك حرية تعبير.

كذلك أوقفت شبكة "إم إس إن بي سي" الأميركية 3 من أبرز مذيعيها المسلمين، حيث استُبعد كل من مهدي حسن وأيمن محيي الدين وعلي فلشي من مناصبهم كمذيعين منذ بدء الحرب.

أما "بي بي سي" البريطانية، فقررت التحقيق مع 6 من صحفييها العرب في مكتبي القاهرة وبيروت، بالإضافة إلى وقف التعامل مع صحفية أخرى مستقلة، بدعوى "نشاطهم المتحيز لفلسطين على حساباتهم بمواقع التواصل".(12)

وبالتالي، لا يكون من المبالغة القول بأن المؤسسات الإعلامية الغربية تبنت توجهات ومعالجات تبرر حرب الإبادة في غزة، بدعوى دفاع "إسرائيل" عن نفسها، واستخدامها القوة العسكرية للقضاء على خطر حماس وفصائل المقاومة، والتركيز على أنها تعد تهديدا وجوديا بالنسبة للإسرائيليين.(13)

ونتيجة لما سبق، ذهب كثيرون إلى اعتبار الإعلام الغربي شريكًا في جريمة الحرب على غزة، وطرفًا أصيلًا متعاونًا مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، عبر تضليل الرأي العام حتى يسكت عن المجازر الإسرائيلية، وتركيزه على هجمات "حماس" وتأطيرها كمبرر للضربات الإسرائيلية على الأهداف المدنية، وهو ما جعل الإعلام الغربي منحازًا طول الوقت للروايات والأكاذيب الإسرائيلية، مخالفًا أبسط قواعد المهنة التي تشدق بها كثيرا.(14)

سيطـرة الرواية الإسرائيليـة على الإعـلام الغربـي

تؤنسن الميديا الغربية "إسرائيل" وتعمل دائمًا على تغييب صورة سياستها الدموية، وتصف القتال بأنه دفاع عن النفس، وليس حرب إبادة على الشعب الفلسطيني، وتعيد إنتاج الرواية "الإسرائيلية" حول المجريات السياسية والميدانية.

وقد برزت التغطية الإعلامية الغربية المنحازة بهذا الشكل في حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر، أكثر من أي جولات سابقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث لم تكتف الدول الغربية الكبرى بالدعم المقدم عسكريًا لدولة الاحتلال، بل عملت على التشويه والتضليل لكسب تعاطف العالم معها، ودأبت سلطة الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" على نشر الكثير من الأخبار الزائفة، ومن ثم تناقلتها وسائل الإعلام الغربية.(15)

وفي المقابل، أهمل الإعلام الغربي تمامًا الخسائر البشرية الفلسطينية الضخمة وكأنها تحصيل حاصل، كما عملت بنظرية "حارس البوابة" بقوة، فلم تسمح لأي خبر من الجانب الفلسطيني بالمرور إلا إذا كان سلبيًا ويخدم مصلحة الاحتلال وجيشه، مع الإكثار من استخدام لفظ "الإرهابي" على الفلسطينيين والضحايا.

ويقال منذ زمن طويل إنّ "الحرب تبدأ بالكلمات وتستمر بالطلقات والكلمات وتنتهي بالكلمات"، وبين الكلام والرصاص تشكّل الدعاية السياسية والعسكرية أداةً فاعلة للحروب المعاصرة، وقد ارتبطت الدعاية والحرب النفسية حديثًا بقوة وسائل الإعلام وتأثيرها أساسًا.

 وشهد العالم المعاصر مراحل كبرى في تطور استخدام الدعاية والحرب النفسية في إخضاع العدوّ وتحطيم إرادته منذ الحرب العالمية الأولى التي اكتُشفت فيها أهمية الدعاية وقوتها، والحرب العالمية الثانية التي مثّلت مختبرًا كبيرًا للعديد من الأفكار والأساليب الدعائية، ثم الحرب الباردة التي نَحَتْ إلى استخدام أدوات سباق القوى الناعمة في التأثير وإدارة الإدراك والمعتقدات، في حين شكّلت حروب الولايات المتحدة على العراق ساحةً أخرى لتطور أساليب الدعاية والحرب الإعلامية.

 وقيل في حرب الخليج الثانية 1990-1991 إنها أول حرب يصنع فيها الانتصار على شاشات التلفزيون، حتى إنّ التلفزيون قد حوّل الحرب آنذاك إلى دراما وطنية مثيرة. ومن دون شك، تشكّل الحرب الإسرائيلية – الفلسطينية 2023 مرحلة مختلفة وجديدة في الدعاية والحرب النفسية.(16)

وفي هذا الإطار، تم الربط بين كلمتَي "وقف إطلاق النار - Ceasefire" و"الإرهاب - Terrorism" بشكل يعكس الاعتماد على الدعاية ويمثل جانبًا من الاعتداء على اللغة.(17)

وفي سياق سيطرة الرواية الإسرائيلية على المشهد في الغرب، فقد "ديفيد فيلاسكو" وظيفته كرئيس تحرير لمجلة Artforum الأمريكية، بعد مطالبته بوقف إطلاق النار في غزة. كذلك يتهم كل من يطالب بذات المطلب بأنه معاد للسامية أو محرض على الإرهاب، أو -على الأقل- متعاطف مع الإرهابيين. حتى أن هتاف "أوقفوا الإبادة الجماعية" بات اليوم هتافًا غير قانوني في برلين.

وحينما نادى "بول بريستو"، وهو مساعد وزاري بريطاني، بوقف إطلاق النار، فُصل من عمله، بل وصل الأمر إلى إتهام الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالأمر نفسه، حيث قال "جلعاد إردان" سفير "إسرائيل" في الأمم المتحدة إن "غوتيريش" يقوم بـ "تبرير الإرهاب وعمليات القتل"، وأعلن أنه لن يجري إصدار تأشيرات دخول إسرائيلية لمسؤولي الأمم المتحدة.(18)

وعلى الرغم من الأصوات اليهودية العالية التي تقاوم الخلط بين اليهودية والصهيونية، فإن الاتهام بمعاداة السامية أصبح السلاح الإعلامي والدعائي الغربي والإسرائيلي المفضل الموجه ضد أولئك الذين يدعمون الحقوق الفلسطينية، بما في ذلك الحق في الحياة، كما نشهده في حرب غزة في الوقت الراهن.

ولعل أخطر ما فعله الإعلام الغربي هو التحامه وتماهيه وتبنيه للرواية الإسرائيلية، فقد تبنى ما حاولت تل أبيب تصويره بشأن تشبيه عملية "طوفان الأقصى" التي قامت بها المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل بأحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، وتصوير ما حدث بأنه هولوكوست وإرهاب ضد إسرائيل، وكأنه ليس مقاومة للمحتل أو نتيجة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي الإجرامية التعسفية ضد الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة على مدى 75 عامًا من الاحتلال، وقدمت غالبية وسائل الإعلام الغربية الممارسات الإسرائيلية الوحشية باعتبارها دفاعًا عن النفس، في تجاهل واضح لحق الشعوب في مقاومة المحتل.(19)

فمن الملاحظ الاستخدام الدائم لمصطلحات داعمة للرواية الإسرائيلية والتي تخدم أهداف جيش الاحتلال في رفع سقف الأهداف في العدوان وتخفيف أي اعتراضات محتملة على جرائم الحرب واستهداف المنشآت السكنية والمستشفيات، وذلك في محاولة لإقناع الرأي العام العالمي أن إسرائيل تدافع عن حقها ولا تعتدي على الشعب الفلسطيني.

وقد تداول الإعلام الغربي تعبيرا للمسؤولين السياسيين تسوغ التأييد للحربَ الإسرائيلية على غزة، بالرغم من سقوط عشرات الآلاف من الشهداء، وعشرات الآلاف من الجرحى، فضلًا عن الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي تسبّبت بها الحرب، علمًا بأن أغلبية ضحايا هذه الحرب هم من "المدنيين" وَفق الاصطلاح الغربي، وخاصة من الأطفال والنساء.(20)

وهذه المفارقة قد فهمتها صحيفة "لوموند" الفرنسية - في افتتاحية 10 ديسمبر 2023- بأن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس أصبح هو: "الحق في تدمير كل شيء"؛ منذ أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن إسرائيل تواجه "حيوانات بشرية"، وأنها "ستعمل على هذا الأساس"، ومن ثم تحوّلت إستراتيجية إسرائيل الرامية إلى القضاء على حماس إلى نشر الموت في كل مكان، وقصف المستشفيات، ونشر العَوَز وتجويع مئات الآلاف من البشر.(21)

علماً بأن الإطار القانوني لما يجري هو أن "إسرائيل" دولة احتلال، وفق القانون الدولي، ومن ثم فليس لها الحق في الدفاع عن نفسها؛ إذ أن غزة ليست دولة ولا تتمتع بأي صفة قانونية مستقلة وفق القانون الدولي، فهي ليست كيانًا مستقلًا؛ لأنها جزء من "الأراضي المحتلة".

ومن ثم فإن عناوين التغطية الإخبارية التي وضعتها القنوات التلفزيونية الشهيرة كـ "سي إن إن"، والـ "بي بي سي" وغيرهما يجب أن تُساءل؛ من جهة أنها تستعمل تعبيرات مضللة من الناحية القانونية وتعكس – حقيقة – المواقف السياسية الغربية.

وفي هذا السياق قالت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة "فرانشيسكا ألبانيز" إن إسرائيل ليس لها حق الدفاع عن النفس في قطاع غزة بسبب وضعها كقوة احتلال، معتبرةً أن الرد العسكري الإسرائيلي على الهجوم متعدد الجوانب، الذي شنته حركة "حماس" وفصائل فلسطينية في 7 أكتوبر، قد تجاوز مجرد الدفاع عن أراضيها ومواطنيها.(22)

وأضافت "ألبانيز"، التي تولت منصبها في مايو 2022 لمدة 3 سنوات، أن "الحق في الدفاع عن النفس الذي استندت إليه إسرائيل بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة واضح تمامًا. إنه يخوّل الدولة لصد هجوم يأتي من دولة أخرى. لذلك، يجب أن يستند الإجراء اللازم لصد الهجوم إلى شدته ونطاقه، ويجب أن يكون متناسبًا".(23)

أمر آخر يلجأ إليه الإعلام الغربي في هذه الحرب، وهو إعادة الترويج للسردية الخاصة بأن إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في محيط من الاستبداد (المعادي لها) والمتفوقة اقتصاديا وتكنولوجيا، والتي استطاعت صهر مكونات مختلفة في مشروع ديمقراطي ليبرالي تعددي مستقر، وبالمحصلة متفوقة عسكريا، وذلك في محاولة واضحة لتثبيت أركان تلك السردية التي باتت محل شكوك عديدة.(24)

وقد ذهب موقع "جراي زون" الاستقصائي إلى أن العديد من وسائل الإعلام الغربية حذف كثيرًا من تصريحات قادة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية الإجرامية الواضحة حول جرائمهم في غزة، في انتهاك فاضح ومخزٍ لمهنة الصحافة، للتستر على جرائم إسرائيل.(25)

ووصل الأمر ببعض وسائل الإعلام اليمينية مثل "فوكس نيوز" إلى الانحياز الأعمى فيما يتعلق بإسرائيل، حيث وصل التأييد الأيديولوجي الأعمى العميق لها، حتى لأعمالها الأشد عدوانية، لدرجة أن تغطيات هذه المنصة أسوأ أحيانًا مما يقوله الإعلام الإسرائيلي نفسه عن إسرائيل وسياساتها العنصرية ضد العرب والفلسطينيين، سواءً في غزة، أو الضفة الغربية، أو في الداخل الفلسطيني، أو في الشتات.

وإجمالا، يصور الإعلام الغربي -بشكل عام- الفلسطينيين على أنهم إرهابيون، ويتحدث بثقة عن جدارة السياسة الإسرائيلية وديمقراطيتها وقربها من قيم أمريكا والعالم الغربي.

ولهذا، فإن الدعاية الإسرائيلية -فيما يتعلق بالفلسطينيين وحقوقهم- تجد أبواقًا كثيرة تروج لها في أمريكا، وخصوصًا في الإعلام الرسمي، سواءً المكتوب أو المرئي؛ فحينما يتكلم أي رئيس أمريكي عن أي دولة في العالم العربي، يضع إسرائيل وأمنها في جوهر حديثه، على نحوٍ يُظْهِرُ مدى تغلغل الدعاية الإسرائيلية عن الفلسطينيين والعرب في الوعي واللاوعي الأمريكيين على حدٍ سواء.(26)

ويذهب الأمر إلى أبعد من ذلك في اتهام كل من ينتقد إسرائيل باللاسامية ومعاداة اليهود، ودون ذلك من اتهامات باطلة وغير إنسانية؛ ومع هذا، فقد نمت في أمريكا بعض الأصوات والمنابر الإعلامية التي تعطي مساحة كافية للرواية الفلسطينية، إلا أن هذه الأصوات تبدو خافتة بالمقارنة مع الأخرى المُسيِطرة والمدعومة من لوبيات لها نفوذ واسع في السياسة الأمريكية الرسمية، مثل "إيباك"، لكنها مهمة، ولا بد من دور عربي فعال، رسمي وغير رسمي، لإنعاشها وتقويتها.(27)

كذلك، من الأمور اللافتة في التغطيات الإعلامية الغربية، التغطية على جرائم الإبادة الإسرائيلية في هذه الحرب وما ألحقته "إسرائيل" من دمار بالشعب الفلسطيني والشعوب العربية طيلة عقود مضت، وتغليب رواية الحرب بقوة في الكيان على مختلف المستويات وكذلك لدى حلفاء "إسرائيل"؛ وهي أن شعب "إسرائيل" مُهدد بالفناء وأن اليهود على امتداد العالم في خطر.

ويكرر قادة الغرب ما يقوله القادة الصهاينة بتشبيه حماس بتنظيم داعش. وفي هذا الصدد، فإن الغرب الرسمي وقف منذ اليوم الأول للحرب إلى جانب "إسرائيل" دون تحفظ، والأشد من ذلك المشاركة في الحرب إلى جانب "إسرائيل"، وهو موقف عبرت عنه أمريكا من خلال مشاركة أساطيلها وقواتها وإرسال إمدادات عسكرية.

وهذا التعبير عن التبني الكامل للموقف الإسرائيلي، تجسد في تزاحم الزعماء الغربيين على زيارة الكيان المحتل، والتأكيد على دعمهم لإسرائيل في حربها، تحت شعار "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وشعبها"، دون إشارة إلى أن ما تقوم به إسرائيل فعليا هو حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني. وفي ذات الوقت، تجريم حق المقاومة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث إن الشعب الفلسطيني بين لاجئ خارج وطنه أو مُستعبد في وطنه، سُلب منه وطنه وأرضه.

شيطنــة المقاومــة الفلسطينية وقياداتهــا

يفرض الإعلام الغربي حظرًا تامًا على الخط المقاوم ويعمل على النيل من سرديته ومن رموزه، مع تسمية المقاومة ميليشيات أو ربطها بالقاعدة وداعش، كما يجرد المقاومين من البعد الإنساني لإضعاف تأثيرهم، وإظهار المقاومة وقيادتها بأنها أصل المشكلة والسبب المباشر للمآسي والدمار. وكل ذلك في مقابل ترويج صورة للعدو بأنه ليس مشروعًا ستيطانيًا استعماريًا، وإعطاء حيز أوسع للقيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وإظهار إسرائيل في ثوب المدافع عن النفس.

وعلى مستوى حرب المصطلحات "الإسرائيلية"، وتأطير المقاومة الفلسطينية للاحتلال العسكري على إنها "إرهاب"، صورت إسرائيل أشكال المقاومة الفلسطينية كافة بأنها أنشطة إرهابية، وينطبق هذا المصطلح على المواجهات غير المتكافئة بين المدنيين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، وحتى أشكال المقاومة السلمية، بما في ذلك الدعوات إلى المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل. وقد اكتسبت كلمة "إرهاب" زخمًا بعد اتفاقيات أوسلو في عام 1993 التي سُميت "عملية السلام"؛ إذ جرى من خلالها توسيع نطاق المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المحتلة إلى الأراضي المخصصة لإنشاء دولة فلسطينية، ما أدى إلى استمرار أعمال المقاومة.(28)

وخلال الحرب الجارية في الأراضي المحتلة شهدنا واحدة من أعنف الهجمات التضليلية التي تستهدف المقاومة والشعب الفلسطيني، وهو ما يترجم في أخبار زائفة كثيرة تناقلتها وسائل الإعلام الغربية، ومن أبرزها -كما ذكرنا آنفًا- الزعم بوجود رضع جرى قطع رؤوسهم.(29)

ولعل أحد الجوانب الرئيسية لتأثير وسائل الإعلام هو التأطير، ويتضمن كيفية اختيار وسائل الإعلام لتقديم القصة، مما قد يؤثر بشكل كبير على كيفية إدراك الجمهور لها، وفي حالة الثوار والمقاومين الفلسطينيين، تصورهم وسائل الإعلام الغربية على أنّهم إرهابيون، وليسوا مقاتلين من أجل الحرية، ويحدّد هذا الإطار التقارير المتحيّزة، وهذا ما شهدناه خلال عملية طوفان الأقصى، إذ تمّ إيصال صورة عن المقاومين باعتبارهم قتلة أطفال وإرهابيين يختطفون المدنيين وينكلون بهم.(30)

ووصف المقاومة الشرعية بالإرهاب يحوّلها من فعل صمود شرعي إلى عمل إجرامي عالمي لا يختلف عن عمل فرق الموت الأخرى مثل القاعدة أو داعش، وهذا التوجه يهدف إلى تجريد المقاومة من بعدها الإنساني وتصويرها كفعل همجي عدواني متوحش، وهو ما يجعل هذا المنطق متطابقًا مع السردية الصهيونية الرسمية التي وصفت الفلسطينيين بأنهم " همج ووحوش دون البشر" مما يبرر فعل الإبادة ضدهم.(31)

وهذا يعد من السياسات المتبعة والممنهجة في وسائل الإعلام الغربية بتنوّعها، حيث تشيطن المقاومين الفلسطينيين وتجردهم من إنسانيتهم، ولا يؤدي هذا التصوير إلى تأجيج التحيّزات فحسب، بل يجعل من الصعب على الجماهير الغربية أن تتعاطف مع القضية الفلسطينية.(32)

بعبارة أخرى، تم وصف عملية طوفان الأقصى بالإرهاب، وردد ذلك معظم الزعماء الغربيين ومعظم وسائل الإعلام الغربية، وقد حوى تصوير المقاتلين الفلسطينيين بعد هذه العملية على مصفوفة من المفاهيم والكلمات والأوصاف والأدوار التي تغذي أطروحة الإرهاب، وتطورت هذه المصفوفة الدعائية في أكثر من محطة:(33)

الأولى: وصف ما جرى بأنه "هولوكوست جديد"، في مخاطبة لحساسية الذاكرة الغربية ضد النازية والهولوكوست.

الثانية: تطوير صورة أخرى من خلال ربط حركة حماس ومقاتليها بالقاعدة لتذكير الشعب الأمريكي بذكريات أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. وهدفت هذه المقارنة إلى خلق تعاطف واصطفاف بين المواطنين الأمريكيين والإسرائيليين، ما يوحي بأنهم يواجهون العدو والمخاطر نفسها.

الثالثة: مع ازدياد حدة القصف على غزة، رُوجت رسائل تربط حماس بتنظيم داعش لتبرير القتل والتدمير، فوصفت محطتا سي إن إن وفوكس نيوز المقاتلين الفلسطينيين بالإرهابيين، أما صحيفة واشنطن بوست ومحطة بي بي سي فوصفتهم بالمتشددين والمسلحين.

ولولا وجود إعلام يمكن وصفه بالمهنية والحياد والاتزان -بعض الشيء- في تلك الدول لكانت هذه التصريحات والمزاعم حقائق لا ينفيها أحد، إذ إن كلام المسؤولين هنا مختلف عن انتشار الشائعات الطبيعي والعادي، لأنه موثق بصفة المتحدث.(34)

وفي المقابل، تعمد الإعلام الغربي، وخصوصا الأميركي، حجب الرواية الأخرى للصراع عن المُشاهد، فلم يستضف أطرافا تعبر بقوة عن موقف المقاومة وتحاجج عنها، حتى من باب فهم الطرف الآخر، وحتى الصحافيون الذين اشتهروا بالدفاع عن القضية الفلسطينية، مثل الكاتب البريطاني-الأميركي "مهدي حسن"، لم ينسَ وهو يدين السياسات الإسرائيلية أن يدين الحق الإنساني للشعب الفلسطيني في مقاومة محتليه، واصفا المقاومة بأنها "ترتكب أفعالا مروعة"، في محاولة لالتزام "الحياد" أمام الإعلام الأميركي.

وحين استضافت وسائل الإعلام الأميركية ممثلين عن السلطة الفلسطينية، حاولت أن تفتح "محكمة تفتيش" لهم في البداية، وتطلب منهم قبل كل شيء إدانة هجوم حركة حماس، رغم أنها لم تطلب أبدا في بداية حواراتها مع مؤيدي الاحتلال أن يدينوا قبل أي شيء جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وهي النقطة التي أشار إليها حسام زُملط رئيس البعثة الفلسطينية في بريطانيا في العديد من حواراته الإعلامية.(35)

ومن المهم الإشارة إلى أن حجم التغطية المخصّصة لما يجري على الطرف الإسرائيلي أكبر مما تتم تغطيته على الجانب الفلسطيني، ما يجعلها تغطية غير متوازنة. ومع مزيد من التركيز على وجهات النظر الإسرائيلية، لا تترك هذه التقارير مجالًا كبيرًا لفهم الأسباب الجذرية ومظالم الثوار والمقاومين الفلسطينيين.(36)

ومن المؤكد أن هذا الترويج المستمر للروايات المضللة حول الصراع يؤثر في نظرة وتوجهات المواطنين العاديين.

وبحسب استطلاع للرأي، أجرته مؤسسة "إن بي آر" الإعلامية الأميركية، فإن ثلثَيْ الشعب الأميركي الآن "يؤيد فكرة دعم إسرائيل بقوة في حربها على حماس"، وهؤلاء هم الذين شاهدوا قادتهم وإعلامهم يتحدثون عن "إرهابيين يقطعون رؤوس الأطفال".

ولكن تجدر الإشارة إلى أن تلك النسبة تقِل في الأجيال الأصغر سِنًّا، إذ إن 48% فقط من جيل "زِد" (الذي وُلد بين منتصف التسعينيات إلى عام 2010) يؤيدون دعم الولايات المتحدة لدولة الاحتلال عسكريًا.(37)

ومع وجود وسائل تواصل اجتماعية متنوعة من شأنها أن تنقل، ولو بشكل متفاوت، حقيقة ما يجري في فلسطين، يصبح بإمكان مستهلكي الأخبار إجراء تحليل نقدي لتصوير وسائل الإعلام لهذه القضية، والبحث عن مصادر متنوعة للمعلومات بهدف الحصول على فهم أكثر شمولاً ودقة. (38)

صعود دور المصادر المحايدة

يعتقد جون جوزيف ميرشماير، العالم السياسي الأمريكي والباحث في العلاقات الدولية، أن عواقب قرار المحكمة الجنائية الدولية يلحق الضرر بإسرائيل والولايات المتحدة ويسبب وصمة عار دائمة على سمعتها حيث شكلت وثائقها إدانة خطيرة لتل أبيب وشريكتها في الإبادة.

وهذا يشير إلى دور المصادر المحايدة في تزويد المحكمة بحيثيات قرارها، فبعد أن سيطر التزييف والتضليل الإسرائيلي لأوقات طويلة على ماكينة الإعلام الغربية، أدت هذه المصادر إلى تقديم تقارير موثوقة وتقليل التحيزات الإعلامية ومواجهة الدعايات وفضح المتورطين في الحرب، بما يتطلب البحث في متطلبات تعزيز أدوراها وتأثيراها.

لقد أثارت تغطية معظم وسائل الإعلام الغربية غير المهنية المنحازة لإسرائيل استياء ورفض العديد من الصحفيين والإعلاميين، حيث وقّع أكثر من 750 صحفيا من عشرات وسائل الإعلام الغربية خطابًا مفتوحًا يدين قتل إسرائيل للصحفيين في غزة، وينتقد التغطية الإعلامية الغربية.

وقال الخطاب: "إن غرف الأخبار مسؤولة عن اللغة غير الإنسانية التي تم استخدامها لتبرير التطهير العرقي في فلسطين"، وقد وقّع على الخطاب إعلاميون من "رويترز" و"لوس أنجلوس تايمز" و"بوسطن جلوب" و"واشنطن بوست.(39)

ويكشف هذا الخطاب الانقسامات والإحباطات داخل غرف الأخبار في وسائل الإعلام الغربية، ويعد دعوة قوية للالتزام بالنزاهة، وخطوة جريئة محفوفة بالمخاطر، حيث تم طرد صحفيين من وسائل إعلام غربية؛ بعد تبنيهم لمواقف سياسية مغايرة.

ومن المهم الإشارة كذلك إلى أن الانحياز لم يتوقف على وسائل الإعلام الغربية وحدها، بل شمل الأمر أيضًا وسائل التواصل الاجتماعي، التي اتخذت بدورها إجراءات متعسفة ضد المحتوى الداعم للفلسطينيين والمناهض للعدوان الإسرائيلي.

حيث حذف "فيسبوك" أكثر من 795 ألف منشور داعم للقضية الفلسطينية وصفها بأنها مزعجة وغير قانونية، كما حذف الصفحات الكبرى الداعمة للقضية الفلسطينية، ولم يمنع ذلك من نقاشات واسعة شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي شملت انتقادات حادة لوسائل الإعلام الغربية وموقفها من ‏الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان في غزة، ونجحت أصوات مؤثرة في هذه الوسائل في الكشف عن المعايير المزدوجة التي تنتهجها وسائل الإعلام الغربية، وفي اختراق الأكاذيب المضللة لإسرائيل وفضح انتهاكاتها وجرائمها ومذابحها في غزة.(40)

ويبدو أن وسائل الإعلام التقليدية فقدت دورها القيادي في تأطير الأحداث وشرحها للجمهور، في الوقت الذي تضاعف فيه دور ونفوذ وسائط «التواصل الاجتماعي» المواكبة للحدث.(41)

ويعتبر المراسل الحربي "ديفيد باتريكاراكوس"، مؤلف كتاب "الحرب في 140 شخصية: كيف تشكل وسائل التواصل الاجتماعي الصراع في القرن الحادي والعشرين؟"، أن المعركة العسكرية بين "حماس" وإسرائيل محددة سلفًا، لأن "حماس" لا تستطيع هزيمة الجيش الإسرائيلي ولا يستطيع الجيش الإسرائيلي القضاء على "حماس"، لذلك فإن المعركة الأوسع هي حرب المعلومات، إذ تتمتع المنشورات على وسائل التواصل بقوة عاطفية هائلة، لأن من ينشروها موجودون على خط المواجهة الأمامي ويروون قصصا شخصية عميقة، بينما المتحدثون بالزي الرسمي على وسائل الإعلام أو عبر وسائل التواصل يقدمون الإحصاءات بوجه صارم، وبالتالي لا توجد منافسة.(42)

وقد كشفت دراسة لصحيفة "واشنطن بوست"، في نوفمبر 2023، أن عدد الوسوم المؤيدة للفلسطينيين والمستخدمة على منصات "تيك توك" و"إنستغرام" و"فيسبوك" قد تجاوزت بكثير الوسوم المؤيدة لإسرائيل، حيث تم استخدام وسم "فلسطين حرة" 39 مرة أكثر من وسم "ساندوا إسرائيل" على "فيسبوك" وأكثر بمعدل 26 مرة على "إنستغرام"، وأسهم في تصاعد تأثير وسائل التواصل في أن إسرائيل لا تسمح لكثير من المراسلين الأجانب بالدخول إلى غزة بصورة مستقلة، وإنما بصورة استثنائية فقط، ولعدد محدود جدا، يرافقون وحدات من القوات الإسرائيلية وفقا لشروط خاصة.(43)

وقد لاحظ صانعو الأفلام والطلاب والمصورون والصحافيون المواطنون والكتاب الذين ينشرون على وسائل التواصل الاجتماعي أن منشوراتهم ومشاركتهم تنمو مع احتدام قصف غزة، وذكرت كبيرة الباحثين في معهد "بروكينغز" التي تدرس تأثير التقنيات الناشئة "فاليري فيرتشافتر"، إن تأثير هذا هائل، حيث تسلح الهواتف المحمولة الناس ليكونوا منافذ إعلامية تضفي الطابع الديمقراطي على المعلومات، وبخاصة في الأماكن التي لا يستطيع الصحافيون الوصول إليها.(44)

وتحصل المؤسسات الدولية على معلوماتها خلال الحروب من مجموعة متنوعة من المصادر، وهي:(45)

  • المراسلون والباحثون الميدانيون الذين يجمعون المعلومات من الميدان من خلال المقابلات والملاحظة المباشرة للأحداث.
  • الحكومات والسلطات المحلية والتي تقدم بيانات وإحصاءات رسمية.
  • المنظمات غير الحكومية التي تعمل بالإغاثة وحقوق الإنسان.
  • شهود العيان والضحايا الذين يتم توثيق شهاداتهم.
  • التحقيقات الميدانية من خلال فرق متخصصة وتقييمات ميدانية للوضع على الأرض.
  • المصادر المفتوحة على شبكة الإنترنت.
  • التقارير والدراسات البحثية لمؤسسات بحثية وأكاديمية تسهم في توفير معلومات متخصصة ومحدثة.

والسؤال المطروح هو: ما تأثير مصادر المعلومات الدولية على آلية عمل المؤسسات الدولية خلال الحرب؟

وللإجابة على السؤال، نستعرض أدوار هذه المصادر كالتالي:(46)

  • المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني:

-   تزويد المؤسسات الدولية بالحقائق والبراهين اللازمة التي تساعد في تخفيف المعاناة الإنسانية عبر الضغط الدولي لتمرير المساعدات الإنسانية.

-  توثيق الجرائم والانتهاكات والضغط على المؤسسات الدولية مما عزّز الجهود القانونية والتحقيقية للمحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الحقوقية.

  • المراسلون والباحثون الميدانيون:

-  توثيق الأحداث والانتهاكات مما يساعد في توفير المعلومات والأدلة الموثقة للمؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية.

-  كشف الحقائق والروايات المتضاربة مما ساعد المؤسسات الدولية في الحصول على صورة أكثر وضوحًا وحيادية للأحداث.

  • الحكومات والسلطات المحلية في منطقة الحرب:

-  نقل المعلومات حول الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب مما ساهم في تنسيق الجهود مع المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لضمان لوصول المساعدات إلى المناطق الأكثر احتياجًا.

  • شهود العيان والضحايا:

-  توثيق الانتهاكات وتوفير أدلة قوية للمؤسسات الدولية للتحقيق في الانتهاكات الحقوقية.

-  تشكل شهادات شهود العيان والضحايا أدلة أساسية في عملية المحاسبة والمساءلة الدولية.

  • التحقيقات والتقييمات الميدانية:

-  توثيق الأضرار والإصابات الناجمة عن القصف مما ساهم في جمع وثائق مفصلة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

-  إجراء تقييمات شاملة للأضرار ساهم في توثيق حجم الخسائر البشرية والنزوح القسري وانعكاساتها على الوضع الإنساني في غزة.

  • المصادر المفتوحة:

-  ساهمت التقارير الإعلامية في زيادة الضغط الدولي على الاحتلال لوقف الحرب على غزّة ودخول المساعدات الإنسانية.

-  أدى الضغط الإعلامي والشعبي إلى تحفيز المؤسسات الدولية على التحرك بسرعة أكبر.

-  ساهم التوثيق والإبلاغ عبر الإنترنت في توفير أدلة وشهادات للتحقيقات الدولية.

  • التقارير والدراسات البحثية:

-  ساعدت المعلومات والأدلة الواردة في التقارير والدراسات في توجيه قرارات وإجراءات المؤسسات الدولية.

-  كانت هذه التقارير والدراسات أساسًا مهمًا لعمليات التحقيق والمساءلة على المستوى الدولي.

وقد أثرت مصادر المعلومات الدولية في خفض السيطرة الإسرائيلية على السردية من خلال:(47)

-  تقديم تقارير دقيقة وموثوقة.

-  توثيق الانتهاكات والجرائم.

 -  توجيه المساعدات الإنسانية.

-  فهم التعقيدات والنقاط الحساسة في المفاوضات.

-  تشكيل الرأي العام العالمي.

-  تقليل التحيزات الإعلامية.

-  مواجهة الدعاية والتضليل.

-  فضح المتورطين في جرائم الحرب.

-  تقديم التوصيات السياسية ونشرها في الإعلام.

وعليه، في الوقت الذي لم تتعامل فيه المؤسسات الدولية بحيادية ونزاهة مع غزة، ساهم الإعلام المحايد في إنقاذها، عبر الحيلولة دون السيطرة الغربية والإسرائيلية على الرواية، وفرض السردية الفلسطينية المبنية على البيانات والوثائق والمعلومات الميدانية والأبحاث العلمية، وهو ما أدى إلى الابتعاد الجزئي عن مصفوفة الدعاية والتلاعب.

ومنذ بداية الحرب رافقت الحرب العسكرية حرب الصورة، من خلال النشر المكثف لصور وفيديوهات عن الوضع الميداني والعسكري والإنساني في غزة، والتي تم تصويرها من أهل غزة بأنفسهم أو من قبل موظفي المنظمات الدولية مثل "الأونروا"، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت بمتناول الجميع من حكومات ورؤساء ومدنيين، وكانت الدليل الحقيق لأنها صور حية لما تعيشه غزة، فكشفت تضليل السردية الإسرائيلية والتزييف الغربي وأطرت الرواية الفلسطينية بعد مقارنتها بالمشاهد الحية وشهود العيان.(48)

لكن يظل التحدي الرئيس الآن هو النجاح النسبي لهذه الدعايات في تصوير الفلسطينيين بأنهم إرهابيون ومعادون للسامية، وتوظيف ذلك في حشد المظاهرات المناهضة لتلك المؤيدة لقضية فلسطين في العواصم الغربية.

خاتمــة:

 نحن أمام وضعية غير مسبوقة على الإطلاق في الحروب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وهي حرب إبادة إسرائيلية للشعب الفلسطيني، وسط تخاذل عربي رسمي، وتحالف غربي إسرائيلي، وعجز دولي، وتعطيل لدور الأمم المتحدة، في ظاهرة تسترجع حقبة الاستعمار الغربي وإبادة الشعوب الأصلية.

وقد تواكب مع الحرب العسكرية حرب دعائية ونفسية إسرائيلية رافقها مستوى لافت من الانحياز أو الصمت لبعض وسائل الإعلام العربية والغربية التي يمكن أن تقع في خانة التواطؤ.(49)

وبناءً على ما تقدم، يتوجب على الفلسطينيين والعرب مواصلة الطرق، خصوصًا على الأبواب "والنوافذ" الأوروبية الإعلامية، لنشر روايتهم التاريخية والسياسية حول كونهم شعبًا مضطهدًا، يقبعون تحت احتلال غير شرعي وعدواني مخالف للشرائع الدولية الأساسية التي تحرم وتجرم الاحتلال؛ وهذا يحتاج إلى معرفة بالثقافات الأوروبية وأنسنة للقضية.(50)

_____________________________

المصادر:

  1. نبيل الريحاني: الإعلام الغربي على محك "طوفان الأقصى"، موقع الجزيرة نت، https://short-link.me/JZM1
  2. المصدر السابق.
  3. نادية العناني: توجهات الإعلام الغربي نحو الحرب على غزة، مجلة السياسة الدولية.

 https://www.siyassa.org.eg/News/19726.aspx

  1. عبد الرحمن أبو العلا: لا صوت يعلو فوق "شيطنة" المقاومة.. هل عرّت طوفان الأقصى الإعلام الغربي؟، https://short-link.me/JZMC
  2. المصدر السابق.
  3. . عبد الرحمن أبو العلا: لا صوت يعلو فوق "شيطنة" المقاومة.. هل عرّت طوفان الأقصى الإعلام الغربي؟، https://short-link.me/JZMC
  4. المصدر السابق.
  5. نادية العناني: توجهات الإعلام الغربي نحو الحرب على غزة، مجلة السياسة الدولية، مصدر سابق.
  6. المصدر نفسه.
  7. عبد الرحمن أبو العلا: لا صوت يعلو فوق "شيطنة" المقاومة.. هل عرّت طوفان الأقصى الإعلام الغربي؟، مصدر سابق.
  8. موقع بريطانيا بالعربي على منصة إكس.

https://x.com/TheUKAr?ref_src=twsrc%5Egoogle%7Ctwcamp%5Eserp%7Ctwgr%5Eauthor

  1. «بي بي سي» تحقق مع صحافيين بسبب مواقفهم من حرب غزة، الشرق الأوسط، 16 أكتوبر 2023م.
  2. نادية العناني: توجهات الإعلام الغربي نحو الحرب على غزة، مجلة السياسة الدولية، مصدر سابق.
  3. المصدر نفسه.
  4. نادين مطر: دور الإعلام الغربي في دعم الرواية الإسرائيلية، مركز رع للدراسات الاستراتيجية، https://rcssegypt.com/15416
  5. باسم الطويسي: الدعاية في الحرب على غزة 2023: كيف خسرت إسرائيل سرديتها؟، موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، https://short-link.me/J-8q
  6. إيزابيلاً حماد وسحر هنيدي: توظيف اللغة في حرب المصطلحات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ترجمة إبراهيم فرغلي، موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، https://short-link.me/J-7d
  7. إيزابيلاً حماد وسحر هنيدي: توظيف اللغة في حرب المصطلحات الإسرائيلية على الفلسطينيين، مصدر سابق.
  8. د. أسماء الحسيني: ازدواجية الإعلام الغربي في تغطية العدوان الإسرائيلي على غزة، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار – مجلس الوزراء، https://www.idsc.gov.eg/Article/details/8970
  9. معاذ الخطيب: الحرب على غزة وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، موقع الجزيرة نت، https://short-link.me/J-a3
  10. المصدر السابق. 
  11. مقررة أممية: إسرائيل قوة احتلال ولا حق لها للدفاع عن النفس في غزة، https://short-link.me/J-ay
  12. المصدر السابق.
  13. مأزق نتنياهو أم أزمة كيان؟.."طوفان الأقصى" الذي هز المشروع الإسرائيلي، موقع الجزيرة، https://short-link.me/J-bI
  14. د. أسماء الحسيني: ازدواجية الإعلام الغربي في تغطية العدوان الإسرائيلي على غزة، مصدر سابق.
  15. عاطف الشاعر: إسرائيل وصورتها في الغرب، بين الإعلام الأمريكي والأوروبي، المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث، https://www.ilam-center.org/article.aspx?id=440
  16. المصدر السابق.  
  17. إيزابيلاً حماد وسحر هنيدي: توظيف اللغة في حرب المصطلحات الإسرائيلية على الفلسطينيين، مصدر سابق.
  18. تزييف للوقائع… كيف يسعى الإعلام الغربي لشيطنة الفلسطينيين والمقاومة؟، TRT عربي، https://short-link.me/K15O
  19. وسائل الإعلام الغربية وشيطنة المقاومة الفلسطينية، مصدر سابق.
  20. محمد هنيد: "حماس الإرهابية" ويُتْم المقاومة، https://short-link.me/K1a9
  21. وسائل الإعلام الغربية وشيطنة المقاومة الفلسطينية، مصدر سابق.
  22. باسم الطويسي: تغطية الإعلام الغربي لحرب إسرائيل على غزة 2023: الحرب في عصر ما بعد الحقيقة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،  https://short-link.me/J-9a
  23. تزييف للوقائع… كيف يسعى الإعلام الغربي لشيطنة الفلسطينيين والمقاومة؟، TRT عربي، https://short-link.me/K15O
  24. حمد عزت: "الكوفية الممنوعة".. لماذا أعلن الإعلام الغربي الحرب على المقاومة الفلسطينية؟، موقع ميدان، https://short-link.me/K15d 
  25. وسائل الإعلام الغربية وشيطنة المقاومة الفلسطينية، مصدر سابق.
  26. محمد عزت: "الكوفية الممنوعة".. لماذا أعلن الإعلام الغربي الحرب على المقاومة الفلسطينية؟، مصدر سابق.
  27. [1]( ). وسائل الإعلام الغربية وشيطنة المقاومة الفلسطينية، مصدر سابق.
  28. أسماء الحسيني: ازدواجية الإعلام الغربي في تغطية العدوان الإسرائيلي على غزة، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار – مجلس الوزراء، https://www.idsc.gov.eg/Article/details/8970
  29. د. أسماء الحسيني: ازدواجية الإعلام الغربي في تغطية العدوان الإسرائيلي على غزة، مصدر سابق.
  30. د. ياسر عبد العزيز: ماذا فقد الإعلام العربي في تغطيته لحرب غزة؟، الشرق الأوسط، 11 ديسمبر 2023م.
  31. طارق الشامي: كيف تغلبت "التواصل الاجتماعي" على وسائل الإعلام التقليدية في حرب غزة؟، إندبندنت عربية، https://short-link.me/Mnc7
  32. المصدر السابق.
  33. المصدر نفسه.
  34. الاختراق التاريخي- سيطرة المصادر المحايدة على سردية الحرب، ورقة عمل- مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير، بيروت 28 مايو 2024م.
  35. الاختراق التاريخي- سيطرة المصادر المحايدة على سردية الحرب، مصدر سابق.
  36. كيف سيطرت المصادر المحايدة على سردية الحرب؟، موقع الخنادق، https://short-link.me/K6Pk
  37. الاختراق التاريخي- سيطرة المصادر المحايدة على سردية الحرب، مصدر سابق.
  38. د. نسيم الخوري: تقاطع الإستراتيجيات في حرب غزة، الموقع الرسمي للجيش اللبناني، https://short-link.me/Mnfm
  39. عاطف الشاعر: إسرائيل وصورتها في الغرب، بين الإعلام الأمريكي والأوروبي، مصدر سابق.