الاضطهاد الديني..أخطر ما يواجه مسلمي "إسواتيني"

السبت - 20 آغسطس 2022

مملكة إسواتيني (Kingdom of Eswatini)، والتي كانت تعرف رسميًّا قبل عام 2018 باسم: مملكة سوازيلاند، هي مملكة إفريقية داخلية، تحيط بها جمهورية جنوب إفريقيا من الشمال والجنوب والغرب، وموزمبيق من الشرق، وتبلغ مساحتها 17364 كلم2، وقد وصل تعداد سكانها عام 2017 إلى مليون وربع المليون نسمة.

وقد وصل الإسلام إلى إسواتيني عن طريق الهجرة إليها من اتحاد جنوب إفريقيا وانتشار التجار المسلمين الذين تحملوا عبء الدعوة الإسلامية، وقد بدأت الدعوة الإسلامية تنشط فيها بشكل رسمي في عام 1989 م.

و بحسب كتاب "حقائق العالم" لوكالة المخابرات المركزية، تقول الحكومة الرسمية في إسواتيني أن المسلمين أقل من 0.2٪. وقيل إنهم كانوا في السابق عمالاً بعقود طويلة وصلوا من جنوب آسيا خلال الحقبة الاستعمارية.

وأخطر ما يواجه المسلمون في مملكة إسواتيني هو الاضطهاد الديني حيث أحرقت لهم محلا تجارية بخسائر بلغت أكثر من 70 مليون دولار في يوليو 2021،  ما دفع العديد من الأسر المسلمة إلى التجمّع مع بعضها البعض، ولجوء بعض العائلات الأخرى إلى دول مجاورة.

خلفية جغرافية تاريخية

خضعت هذه المملكة لحماية بريطانية، ثم لنفوذ اتحاد جنوب إفريقيا، وهي دولة مستقلة الآن، أرضها جبلية، والقطاع الشرقي منها سهلي، ومناخها معتدل على المرتفعات.

وتقسم إسواتيني إلى أربع مقاطعات هي: هوهو، ولوبومبو، ومنزيني، وشيزلويني، وترتفع جبالها الغربية إلى نحو 1370 متراً فوق مستوى سطح البحر، وتغطي غابات الصنوبر الواسعة جانباً كبيراً من هذه الأراضي، وإلى الشرق من الجبال توجد مرتفعات داخلية متعرجة تغطيها الأعشاب، ويعيش أغلب السكان في هذه المنطقة.

اللغات الرسمية في إسواتيني هي: الإنجليزية والسوازية، وهناك قرابة 76,000 شخص يتحدثون بلغة الزولو.

ومن أبرز المشكلات في هذه الدولة انتشار مرضَي السُّل والإيدز، بالتوازي مع وجود نقص في موظفي قطاع الصحة، أما التعليم فهو مجاني ولكنه غير إلزامي في المرحلة الابتدائية، وفي عام 1996 كان معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية للجنسين يصل إلى 90.8٪، وفي عام 1998 وصل 80.5٪ من الأطفال إلى الصف الخامس.

وتعتبر هذه الدولة من أصغر الدول في قارة إفريقيا، حيث يبعد شمالها عن جنوبها 200 كم، وشرقها عن غربها 130 كم، و"إسواتيني" كلمة تعني بلغتهم: أرض السوازي، وهم سكان تلك الأراضي الأصليون المكونون من عرقية سوازي، وهم الثقل السكاني الأكبر في هذه الدولة، إضافة إلى عرقيات أخرى قليلة مثل الزولو وشعوب الأفريكان وبعض البرتغاليين.

والمملكة تسودها الملكية المطلقة ويلعب الملك فيها دوراً مهيمناً في السياسة. رئيس الدولة يحدد السلطتين التنفيذية والتشريعية. كما يتم تمثيل الدولة من طرف الملك وأفراد الأسرة الحاكمة بوضع صورهم على الطوابع البريدية والنقود. منذ عام 1973، والأحزاب السياسية محظورة. غير أن هناك بعض الجماعات المعارضة، مثل الحركة الديمقراطية المتحدة (PUDEMO)

مظاهرات وخسائر للمسلمين

وفي بداية يوليو 2021، لحق الضرر بالعديد من ممتلكات المسلمين في إسواتيني، وذلك نتيجة احتجاجات مطالبة بالديمقراطية، تحولت لاحقاً إلى أعمال عنف.

وشهدت العديد من مدن البلاد، وفي مقدمتها العاصمة إمبابان، مظاهرات مناهضة للملك مسواتي الثالث، لتتحول لاحقاً إلى أعمال عنف تضررت على إثرها محلات تجارية لمسلمين (بلغت الخسائر أكثر من 70 مليون دولار) وآخرين من أصول هندية، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الأناضول في حينه.

الأحداث دفعت الأسر المسلمة في البلاد، إلى التجمّع مع بعضها البعض، خشية اعتداءات محتملة، فيما لجأت بعض العائلات الأخرى إلى الدول المجاورة مثل جنوب إفريقيا وموزمبيق.

وفي حديثه للأناضول، قال شبير بهاجوبهاي، أحد مسلمي إسواتيني، إن الأضرار لحقت بممتلكات العديد من المسلمين في البلاد.

وأضاف أن حجم الخسائر التي لحقت بمحلات وممتلكات المسلمين، تقدر بمليار راند (70 مليونا و150 ألف دولار) على الأقل.

وأوضح أن القلق يسود المسلمين، والسكان ذوي الأصول الهندية في البلاد، جراء الأحداث الحالية.

وتعد إسواتيني آخر بلد إفريقي يسود فيه حكم الملكية المطلقة، ولذلك تشهد منذ فترة مظاهرات مطالبة بالديمقراطية.

متطلبات لتنشيط الدعوة

وهناك متطلبات لتنشيط الدعوة في هذه البلاد منها: عدم وجود جبهة موحدة للعمل الإسلامي، تحديات المذاهب والفرق المضادة للإسلام، توفير الكتب الإسلامية باللغة الإنجليزية.

وتتراوح نسبة المسلمين إلى إجمالي سكان إسواتيني في المصادر ما بين: أقل من 1%، 2%، 10%، مقابل غالبية من النصارى تزيد على 80% (40% منهم يتبعون الصهيونية الإفريقية، و20% كاثوليك رومان، إضافة إلى البروتستانت)، وهناك من يتبعون معتقدات تقليدية قديمة، إضافة إلى الهندوس والشيعة والبهائيين بنسب قليلة.

وقد ذكر الأستاذ محمود شاكر في كتابه "التاريخ الإسلامي 22 - التاريخ المعاصر: الأقليات الإسلامية" (1995): أنه يعيش هناك ما يقرب من 20.000 مسلم (4% من مجموع السكان)، وأغلبهم من العناصر الآسيوية.

ويقول موقع ويكيبيديا: هناك العديد من الديانات المنتشرة في سوازيلاند، إذْ أنه توجد العديد من المعتقدات التقليدية التي قد يتبعها بعض السكان إضافةً إلى الديانات الأخرى الرئيسية. 82.70% من مجموع السكان يتمسك بالمسيحية، مما يجعله الدين الأكثر شيوعا في سوازيلاند. توجد في البلاد الكنائس البروتستانتية المختلفة المنتشرة في باقي أفريقيا، بما في ذلك الصهيونية الأفريقية، التي يتبعها غالبية المسيحيين (40٪)، وهي كنيسة تخلط بين المسيحية والتقاليد الأفريقية القديمة، تليها الكاثوليكية الرومانية 20% من الأتباع. كما يمارس في البلد الإسلام (0.095٪)، والدين البهائي (0.5٪)، والهندوسية (0.15٪). أي أن عدد المسلمين الآن يدور حول 12 ألف نسمة أو يزيد قليلا.

ووفقًا لتقرير الحرية الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2012 ، يقدر القادة الدينيون المحليون أن 90٪ من سكان إيسواتيني مسيحيون، و 2٪ مسلمون، بينما ينتمي أقل من 10٪ إلى مجموعات دينية أخرى.

وينص دستور المملكة، الذي دخل حيز التنفيذ في 8 فبراير 2006، على حرية الدين، ولكن كانت هناك تقارير عن تمييز مجتمعي على أساس الانتماء الديني أو المعتقد أو الممارسة.

مشكلات تواجه المسلمين

هناك مشكلات عامة، مثل:

1 - تفرق مجموعات العمل الإسلامي وعدم وجود جبهة موحدة تقوم على تنظيم العمل لمواجهة التحديات والتحدث بشكل رسمي مع النظام الحاكم حول مطالب المسلمين.

2 - تحديات المذاهب والفرق المضادة للإسلام كالقاديانية والشيعة وغيرها من الفرق والمذاهب المنتشرة في إفريقيا عامة وساوزيلاند خاصة.

3 - نظام العزل القسري لكل مجموعة عرقية على حدة، وهو ما يكرس العنصرية ويذيب المسلمين خارج نطاق تجمعهم الإسلامي.

4 – عدم وجود نظام تعليم إسلامي موحد في البلاد، وهو ما يدعو للفرقة والبلبلة وورفض الحكومة تطبيق كل هذه الأنظمة التعليمية عليهم.

5 - الافتقار إلى جهة أو مؤسسة تقوم على توفير الكتب الإسلامية باللغة الإنجليزية واللغة المحلية بشكل يغطي مطالب المسلمين كافة.

6 - وجود خلافات كبيرة بين الجهات الإسلامية الدعوية وانعدام التخطيط المستقبلي.

7 - خلو الساحة من الهيئات الدعوية التي توجه رسالتها إلى الأفارقة الزنوج.

8 – ضعف الجمعيات الدعوية التي تواجه عمليات التنصير المنظمة.

9 – ضخامة الخدمات الصحية والزراعية التي تقدمها هيئات التبشير العالمية في أوساط المسلمين مقابل انعدام تلك الخدمات التي تقدمها الجمعيات الإسلامية.

مشكلات خاصة بإسواتيني

تعتبَر مشكلة انتشار مرض الإيدز بشكل كبير داخل البلاد أحد أخطر المشاكل التي تواجه المسلمين، وقد أخذت الحكومة بأحد الحلول الإسلامية وهو الختان الجماعي للرجال، وتهدف هذه الحملة إلى إبطاء وتيرة الإصابات الجديدة.

وتشهد إسواتيني أكبر نسبة من الإصابات في العالم؛ حيث تشكل نسبة 25.9٪ من سكانها البالغين. وبسبب المرض فإن أمد الحياة فيها انهار من 61 سنة إلى 32 سنة في غضون عقد من الزمن.

الهيئات الإسلامية

تمد الهيئات الإسلامية بدولة جنوب إفريقية فروعاً لها في إسواتيني، وأهمها:

1 - مركز الدعوة الإسلامية العالمية.

2 - مؤتمر الشباب المسلم.

3 - مجلس القضاء الأعلى.

4 - حركة الشباب المسلم.

5 - جماعة العلماء.

6 - جماعة التبليغ.

7 - حركة الدعوة الإسلامية.

8 - المركز الإسلامي (نور الإسلام).

ومع قصور اهتمام الدول العربية بالدعوة الإسلامية في مملكة إسواتيني، تبقى المعلومات عن المسلمين هناك قاصرة جدا وتبقى التحديات التي تواجههم أكبر من قدرتهم على النمو العددي وفهم الإسلام فهما صحيحا.

*******

المصادر: