الانتخابات العراقية ومخاوف من الفشل في إحداث تغيير سياسي سلمي

الثلاثاء - 12 أكتوبر 2021

ذكرت مفوضية الانتخابات بـالعراق قبل قليل ، أنه سيتم فرز 3100 محطة انتخابية يدويا في المركز الوطني ، كما يمكن تقديم الطعون على نتائج الانتخابات خلال 3 أيام من ظهورها..

وقد بدأت الانتخابات العامة المبكرة في العراق الأحد ، وهي الخامسة منذ احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية ، ولكنها تعد الأضعف عن سابقيها ، حيث شهدت   عزوف كبير من الشباب.. وظهرت مخاوف حقيقية من الفشل في إحداث تغيير سياسي سلمي من خلال هذه الانتخابات .. وتصدرت كتلة الصدر النتائج الأولية وأنصارها يحتفلون ، كما أن الحزب الإسلامي "إخوان مسلمين" شارك بقوة وأكد دعمه للمسار الديمقراطي ، وسط مخاوف كبيرة من سعي  قوائم المجموعات المسلحة  لنفوذ أوسع  من خلال هذه الانتخابات ، كما أكدت تقارير صحفية أن الكاظمي يتجهز لنفسه من خلال تكتلات انتخابية قادمة ، وتزامن مع هذه الانتخابات بدء انسحاب القوات الامريكية من العراق ، ومن خلال سطور هذا التقرير نتعرض للتفاصيل.

ووفقأ للمفوضية المستقلة للانتخابات في العراق، فأن نسبة المشاركة الأولية في الانتخابات العامة المبكرة ، التي أجريت أول أمس الأحد بلغت 41%.

وتنافس في هذه الانتخابات أكثر من 3 آلاف و200 مرشح يمثلون 21 تحالفا و109 حزبا، إلى جانب مستقلين، للفوز بـ329 مقعدا في البرلمان.

وحسب أرقام مفوضية الانتخابات، فإن 24.9 مليون عراقي يحق لهم التصويت في الانتخابات من أصل نحو 40 مليون نسمة. وصوّت أكثر من 800 ألف عراقي في الاقتراع الخاص الجمعة.

عزوف عن التصويت بانتخابات العراق.. وأنصار الصدر يحتفلون

ورأى بعض المعلقين أن تدنّي نسبة الإقبال الشعبي على التصويت يشير بوضوح إلى أن "الشعب لا يريد تغيير النظام".

 والنسبة المعلنة للمشاركة تعد نسبة أقل من تلك التي كانت في عام 2018ـ     والتي بلغت 44.52 بالمئة، وعليه تسجل الانتخابات الحالية هي الأكبر في مقاطعة العراقيين لها.

وجاءت نسبة المشاركة في مدينة دهوك الأعلى بين مختلف المدن العراقية بنسبة 54%، وجاءت محافظة صلاح الدين في المرتبة الثانية بنسبة 48 %.

وتعد النسبة الحالية لانتخابات البرلمان في العراق، هي الأقل منذ عام 2003، بعد الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

وأعلن رئيس مجلس المفوضين في العراق، القاضي جليل عدنان أن العملية الانتخابية شهدت انضباطا عاليا داخل مراكز الاقتراع وبشكل يدعو للفخر"، مشيرا إلى أن "المفوضية ستصدر قرارات بشأن الخروقات الانتخابية، وتنشر في الموقع الرسمي للمفوضية العليا للانتخابات".

كتلة الصدر تتصدر وأنصارها يحتفلون

على جانب آخر، احتفل أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بعد إغلاق الصناديق، بعد معلومات أولية غير رسمية بفوز التيار في المحافظات التي ترشح فيها.

وقال إبراهيم الجابري، مدير مكتب زعيم "التيار الصدري" بالعراق، إن الكتلة التابعة للتيار تصدرت نتائج الانتخابات البرلمانية وحصلت على 80 مقعدا من أصل 329.

ويسعى التيار الصدري للحصول على منصب رئيس الوزراء في الدورة البرلمانية المقبلة، وفق تصريحات سابقة للصدر ، وشوهد المئات من أنصار الصدر يحتفلون في بغداد، والنجف.

الكاظمي يتجهز للمنصب

وقال تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إنه يبدو أن الكاظمي "يجهز نفسه للبقاء في منصبه من خلال صفقة ما بعد الانتخابات بين القوى السياسية المتنافسة في البلاد"، لكنه يواجه معارضة شديدة من الجماعات المدعومة من إيران التي تتهمه بالتورط في مقتل سليماني وأبو مهدي المهندس، عام 2020.

ويشير محللون إلى أن المشاركة المتدنية للناخبين في هذه الانتخابات قد تقوي قبضة الجماعات الموالية لإيران، والمتشددة الأخرى، وفقا لما نقلته الصحيفة.

وشهدت الانتخابات العراقية ،  مشاركة واسعة من كبار السن ، لكن  العديد من الشباب لم يندفعوا للمشاركة، يائسين من إمكانية تغيير الأوضاع الراهنة وسط عمق الأزمات التي تواجه العراق

وخلت شوارع العاصمة من الازدحام المعتاد، وقد انتشر عدد كبير من عناصر القوى الأمنية لا سيما عند مداخل مراكز الاقتراع، في بلد لا تزال المخاوف الأمنية حاضرة فيه، إلى جانب الخشية من مظاهرات منددة بالعملية الانتخابية. وقد حلّقت في أجواء العاصمة طائرات "إف-16" (F-16) الحربية.

وتعد الانتخابات المبكرة واحدة من التنازلات القليلة التي قدمتها السلطة لامتصاص الغضب الشعبي بعد احتجاجات اندلعت نهاية عام 2019 ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي.

وتراجعت الاحتجاجات على وقع قمع دموي أسفر عن مقتل نحو 600 شخص وإصابة أكثر من 30 ألفا بجروح، لكن الأوضاع المعيشية والاقتصادية لم تتحسن، فيما يعاني اثنان من كل 5 شباب عراقيين من البطالة.

الإخوان المسلمون و تحالفات انتخابية بالعراق  

وشارك  الحزب الإسلامي التابع للإخوان المسلمين في الانتخابات العراقية ، مدشناً تحالفات جديدة، ملتحما  بالحراك الشعبي،  ما زال الحزب الإسلامي العراقي، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، يراهن على الانتخابات المبكرة،   فقد دشن الحزب الأسبوع الماضي حملة حثّ فيها مؤيديه على تحديث بياناتهم الانتخابية، بالتزامن مع الزيارات الميدانية التي يقوم بها رئيس الحزب رشيد العزاوي ، ويشجع الحزب الإسلامي العراقي المسار الديمقراطي ، ويراه ان الطريق الوحيد للتخلص من الازمات العراقية 

الحزب الإسلامي العراقي حزب سياسي من العراق أسس في عام 1960م، وأعيد تأسيسه في لندن عام 1991 ثم عام 2003 في العراق، والصحيفة الرسمية للحزب دار السلام، وكان يدافع عن أهل السنة والجماعة في العراق ويعد نفسه ممثلا لهم في الحكومة العراقية الجديدة،

وكان له دور بارز في مفاوضات إطلاق سراح العديد من المعتقيلن من اهل السنة والمناطق الغربية في العراق، كان يمثل الحزب الإسلامي العراقي واجهة سياسية لجماعة الإخوان المسلمين في العراق، وفي عام 2019 انتخب رشيد العزاوي أمينًا عامًا للحزب بينما تولى إياد السامرائي رئاسة شورى الحزب.

 

الانتخابات العراقية هل تنجح في  اختبار التغيير السلمي

وبعد عامين من الاحتجاجات الواسعة في العراق، التي خرج فيها عشرات آلاف العراقيين للمطالبة بالتغيير وإطاحة الطبقة الحاكمة وإنهاء الفساد المستشري، يقف العراقيون اليوم أمام اختبار التغيير السلمي، عبر الانتخابات النيابية المبكرة التي أجريت أمس  الأحد وفق قانون انتخابي جديد.

 غير أن الآمال بالتغيير تصطدم بعوامل عديدة قد تؤدي إلى تراجع نسبة المشاركة، لعل أبرزها مقاطعة قوى مدنية عديدة لهذا الاستحقاق، بما قد يمنح الوجوه الموجودة في الساحة السياسية، والمليشيات، فرصة للاستفادة من الوضع للهيمنة على البرلمان.

على الرغم من ذلك، تبقى كل السيناريوهات مفتوحة لما بعد هذه الانتخابات، خصوصاً في ظل المؤشرات على تراجع شعبية القوى الدينية الحاكمة في البلاد، ومع حضور قوى مدنية وشخصيات مستقلة جديدة، يُتوقع أن تتسبب بنزيف للقوى التقليدية.

ويواصل عدد من القوى المدنية والعلمانية مقاطعة الانتخابات الحالية، بما فيها الحزب الشيوعي، أقدم الأحزاب الموجودة في الساحة العراقية، إضافة إلى التيار المدني العراقي الذي يتصدره النائب السابق فائق الشيخ علي، و"البيت الوطني"، وحركة "عمل"، وغيرها من الكيانات التي تشكلت عقب احتجاجات أكتوبر 2019، لاعتبار هذه القوى أن الانتخابات الحالية لن تكون بوابة للتغيير المنشود.

لكن، في المقابل، فإن قوى أخرى محسوبة على المعسكر المدني والقوى المؤيدة للحراك الشعبي، لا تزال ضمن دائرة المشاركين عبر مرشحين لها في بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد تحديداً، وأبرزها حركة "نازل آخذ حقي"، التي اعتبرت في وقت سابق على لسان قادتها أن مقاطعة الانتخابات ليست حلاً عملياً لمشاكل العراق، لعدم وجود بديل آخر غير الانتخابات. كما تشارك في الاستحقاق، حركة "امتداد"، بزعامة علاء الركابي، في الناصرية جنوبي العراق، وحركة "المد" بزعامة الناشط المدني ذو الفقار حسين، وحركة "وعي" بزعامة صلاح العرباوي، والأخير عمل سابقاً ضمن تيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم، لذا يرفض الكثير من المدنيين وضعه ضمن خانة القوى المدنية.

قوائم المجموعات المسلحة نحو نفوذ أوسع

مع انتهاء العمليات القتالية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" نهاية عام 2017، اتجهت معظم المجموعات الشيعية المسلحة ضمن تشكيلات الحشد الشعبي لفرض المزيد من النفوذ الأمني في مناطق سيطرتها.

ويطمح قادة المجموعات الشيعية المسلحة في تحالف "الفتح" الذي يضم أجنحة سياسية لعدد من تلك المجموعات لتشكيل كتلة نيابية تكون مؤهلة بصفتها "الكتلة النيابية الأكثر عدداً" لتسمية مرشحها لرئاسة الوزراء.

وتؤيد كتلة الفتح ترشيح رئيسها "هادي العامري" أحد أهم حلفاء طهران بالعراق "لرئاسة الحكومة المقبلة المخصصة للشيعة وفق المحاصصة الطائفية التي شرّعت بعد احتلال العراق عام 2003".

لكن التحالف الذي يضم أجنحة سياسية لعدد من المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران، فقد الكثير من جمهوره بعد اندلاع الحركة الاحتجاجية في أكتوبر/تشرين الأول 2019 في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق ذات الكثافة السكانية الشيعية الغالبة، واتهام بعض فصائل التحالف بالمسؤولية عن قمع المحتجين واغتيال الناشطين والشعارات التي رفعتها الحركة ضد إيران ورفض تدخلها بالعراق الذي يُنظر إليه بأنه يتم عبر القوى الحليفة مثل تحالف "الفتح".

وبدء انسحاب القوات القتالية الأميركية من العراق

وتزامنا مع إجراء الانتخابات العراقية ، أعلن متحدث عسكري عراقي رسمي، مؤخرا، عن مباشرة القوات الأميركية القتالية عملية الانسحاب الفعلي من العراق، ضمن خطة أعدت بالتنسيق بين بلاده والتحالف الدولي، وذلك على ضوء مخرجات الاتفاق العراقي الأميركي المبرم نهاية يوليو/تموز الماضي خلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي جو بايدن.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق اللواء، يحيى رسول قوله إن "القوات المكلفة بمهام قتالية باشرت الانسحاب وهناك جهد مستمر من أجل استكمال عملية الانسحاب إلى تأريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2021". وأكد رسول أن "انسحاب القوات الأميركية من العراق جارٍ على قدم وساق بعد مخرجات الحوار الاستراتيجي واللجان الفنية التي عملت مع الجانب الأميركي".

وبحسب الاتفاق بين الحكومة العراقية والإدارة الأميركية، الذي تم التوصل إليه خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن نهاية يوليو/ تموز الماضي لاستئناف الجولة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين البلدين، فإن القوات الأميركية القتالية ستغادر العراق في موعد أقصاه الحادي والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول المقبل.