البيانات الصحية للمصريين في قبضة الصهاينة..هكذا يخاطر السيسي ببيع المستشفيات العامة!
السبت - 15 أكتوبر 2022
- ماذا وراء إعلان الحكومة المصرية بيع خمسة من أكبر المستشفيات العامة للقطاع الخاص؟
- الشركات الطبية الإماراتية تهيمن على القطاع الصحي الخاص بمصر بما يهدد الأمن القومي
- "أبراج كابيتال" الإماراتية تمتلك 122 مستشفى خاصًا بمصر ومجموعة "علاج الطبية "السعودية تستحوذ على 9 مستشفيات كبرى
- خطط لبيع مستشفيات المؤسسة العلاجية..و زيادة وتيرة الاندماجات والاستحواذات من مستثمرين خليجيين
- القلق العام يتزايد بشأن التكتلات الاحتكارية بالطب الخاص الذي يشكو أغلب المصريين من انفلات أسعاره
- دراسة تحذر من خطورة إصرار السيسي على خصخصة القطاعات الحيوية بالدولة حتى لو كانت ناجحة
- خطة الدولة المستقبلية في المجال الصحي لا يدخل ضمنها بناء أي منشآت طبية حُكومية جديدة
- انخفاض عدد المستشفيات في مصر من 1446 مستشفى سنة 2008 إلى 659 سنة 2014
- قانون "التأمين الصحي" قنن إجراءات خصخصة المستشفيات الحكومية وإغلاق 476 منها في 3 سنوات
- انخفاض معدل عدد الأسرّة من 22 لكل 10 آلاف فرد عام 2005 إلى 13.5 عام 2019
- مصر تحتل المرتبة 84 من بين 89 دولة في مؤشر الرعاية الصحية الذي تُوفره لمواطنيها
- ميزانية القطاع الصحي بمصر أصبحت حجر عثرة في طريق أي تطور للستشفيات الحكومية
- تمويل النظام الصحي بمصر يعتمد بشكل كبير على الإنفاق الذاتي للمواطنين بنسبة بين 60 و70%
- الفجوة الاستثمارية بالقطاع الصحي المصري ستتراوح بين 34.8 و60.5 مليار دولار مع حلول 2050
إنسان للإعلام- خاص
مقدمة
تواصل حكومة السيسي تخليها عن المواطن المصري، خاصة في قطاع يمس حياته، وهو القطاع الصحي، حيث تواصل مخططها لخصخصة قطاع الصحة.
أخطر ما في هذا الأمر هو بيع المستشفيات للأجانب، ما يعني اختراق الأمن القومي المصري من خلال الحصول على أرقام وإحصائيات تتعلق بالوضع الصحي للشعب وطبيعة الأمراض المنتشرة، وربما التلاعب بطرق العلاج وتحويل الشعب إلى حقل تجارب لأدوية ومدخلات لا يعلمها المصريون.
وجاء إعلان وزارة الصحة والسكان المصرية، مؤخرا، طرح خمسة من أكبر مستشفياتها العامة للبيع أمام القطاع الخاص رسمياً، وهي المستشفى القبطي في شارع رمسيس التي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1926، ومستشفى العجوزة في محافظة الجيزة (1936)، ومستشفى هليوبوليس (1950)، بالإضافة إلى مستشفى شيراتون في حيّ مصر الجديدة، ومستشفى الجلالة في محافظة السويس، ليؤكد التوسع المستمر في خصخصة الخدمات الصحية الحكومية بمصر، وتوسع عمليات البيع لمستثمرين خليجيين، خاصة من الإمارات، صاحبة أكبر اتفاقيات مع الكيان الصهيوني وربما تبيع له- أو تهديه- معلومات الخدمات الصحية بمصر ليتمكن من إدارة حرب بيولوجية أو جينية ضد المصريين من خلال الإماراتيين، وكذلك السعودية التي تستثمر في صحة المصريين لأهداف ليست بعيدة عن السياسة.
نرصد من خلال هذه الدراسة تطور تخلي حكومة السيسي، ومن قبلة حكومة مبارك، عن دعم مرضي مصر، كما نرصد العجز الصارخ الذي يشل المستشفيات الحكومية سواء كان في الأطباء او الإمكانيات، بسبب ضعف الميزاينة المخصصة للصحة، واعتماد الدولة على تبرعات المصريين التاي أنقذت حياة آلاف المرضى.
محاور الدراسة
- مصر تبيع 5 من أكبر مستشفياتها العامة.. وقفزة في مصاريف العلاج
- تحديات خطيرة في خصخصة أكبر 8 مستشفيات في مصر
- تسليع الرعاية الصحية
- تراجع مستمر في عدد المستشفيات الحكومية
- ميزانية القطاع الصحي حجر عثرة أمام تطوير الخدمات
- تبرعات المصريين تنقذ حياة آلاف المرضى
- العجز في الأطباء والامكانيات يهدد المستشفيات الحكومية
- التوسع مستمر في أستثمارارت القطاع الخاص الصحي
- استيلاء الإمارات على القطاع الصحي
1- مصر تبيع 5 من أكبر مستشفياتها العامة.. وقفزة في مصاريف العلاج
فى خطة تعد تمهيدا واضحا لخصخصة قطاع الصحة، أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية، مؤخرا، طرح 5 من أكبر مستشفياتها العامة للبيع أمام القطاع الخاص رسمياً، وهي المستشفى القبطي في شارع رمسيس التي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1926، ومستشفى العجوزة في محافظة الجيزة (1936)، ومستشفى هليوبوليس (1950)، بالإضافة إلى مستشفى شيراتون في حيّ مصر الجديدة، ومستشفى الجلالة في محافظة السويس.
وشهدت مصر، في الأعوام الثلاثة الأخيرة، زيادة وتيرة الاندماجات والاستحواذات في القطاع الصحي الخاص، الذي أصبح جاذباً بشكل كبير لمستثمري الخليج، نتيجة الأرباح والعوائد الضخمة التي تحققها المستشفيات الخاصة، لتحتل الاستحواذات المالية في هذا القطاع المرتبة الثانية من إجمالي القطاعات الاقتصادية المصرية.
ويتزايد القلق بشأن التكتلات الاحتكارية في القطاع الطبي الخاص، الذي يشكو أغلب المصريين من انفلات أسعار خدماته، إثر استحواذ شركة "أبراج كابيتال" الإماراتية على مجموعة من المستشفيات الكبرى مثل كليوباترا والقاهرة التخصصي والنيل بدراوي، وأكبر سلسلتين من معامل التحاليل في البلاد، وهما "البرج" (926 فرعاً و55 معملاً بيولوجياً)، و"المختبر" (826 فرعاً).
أما مجموعة علاج الطبية السعودية، فاستحوذت على 9 مستشفيات كبرى، منها الإسكندرية الدولي وابن سينا التخصصي والأمل والعروبة، بالإضافة إلى معامل "كايرو لاب" للتحاليل الطبية واسعة الانتشار في مصر، ومراكز "تكنو سكان" للأشعة التي تمتلك بدورها 24 فرعاً في محافظات مختلفة."1"
وهناك مجموعة من الملاحظات على هذه الخطوة ، أولها أن المستشفيات المستهدفة بالخصخصة في المرحلة الأولى ستُطرح أمام القطاع الخاص كمرحلة أولى، مما يؤكد ان القطاع الصحي سيشهد مزيد من عمليات الخصخصة في المرلحة المقبلة .
الملاحظة الثانية، هذه المستشفيات تتبع المؤسسة العلاجية، وهي هيئة اقتصادية تشرف عليها الوزارة وتقدم الخدمة بالأجر للطبقة المتوسطة، وفقاً لقرار إنشائها سنة 1964م في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر”، ويدعي المتحدث باسم الوزارة أن “الهدف من بيعها هو تعظيم الاستثمارات في المجال الصحي أمام القطاع الخاص، في إطار توجه الدولة نحو رفع مستوى الخدمة الصحية”، لافتا إلى أن الهيئة لا تتلقى دعما من الدولة وتتكفل بتوفير احتياجاتها ذاتيا ، بمعنى أن هذه الصروح الطبية ناجحة تماما لدرجة أن تتكفل بتحقيق الاكتفاء الذاتي لجميع احتياجاتها من مواردها الذاتية، لأنها لا تتلقى دعما من الدولة ، فلماذا يتجه النظام إلى بيع هذه الصروح الطبية العملاقة الناجحة؟!
الملاحظة الثالثة، في تبرير هذه الخطوة من جانب حكومة السيسي، يستشهد المتحدث باسم وزارة الصحة في تصريحات لصحيفة الشروق السبت 17 سبتمبر 2022 بقانون إنشاء مستشفيات المؤسسة العلاجية؛ حيث ينص على أن تنشأ بالمحافظات التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية هيئات عامة تسمى “مؤسسات علاجية” تكون لها الشخصية الاعتبارية ويكون مركزها عاصمة المحافظة، وتقدم الخدمات العلاجية مقابل أسعار اقتصادية.
وأن الغرض من إنشاء المؤسسات العلاجية هو تنفيذ السياسة العامة للخدمات العلاجية بالمستشفيات والوحدات الطبية التابعة لها والعمل علي تطويرها وتنظيمها ورفع مستواها، وتيسير حصول المواطنين عليها وتختص المؤسسات العلاجية بتخطيط الخدمات العلاجية التي تقوم بها هذه المستشفيات والوحدات وبالإشراف والرقابة عليها، وبمتابعتها وتقييمها والتنسيق بينها.
ويضيف المتحدث باسم الوزارة أنه وفقا لنص القانون فإن لكل مؤسسة علاجية في سبيل تحقيق أغراضها يمكنها القيام بتوفير المستشفيات والوحدات الطبية الأخرى سواء بالإنشاء أو بالشراء أو بالتأجير أو بغير ذلك من التصرفات القانونية، ووضع السياسة العامة للخدمات العلاجية التي تقدمها المستشفيات والوحدات الطبية لها في إطار السياسة العامة.
كما أن كل مؤسسة يمكنها وضع القواعد العامة لأجور الخدمات العلاجية التي تقدمها المستشفيات والوحدات، ووضع القواعد العامة لتعاقد المستشفيات والوحدات الطبية التابعة لها مع الهيئات والمؤسسات والشركات وغيرها من الجهات لتقديم الخدمات العلاجية للعاملين بها، بجانب معاونة المستشفيات والوحدات الطبية التابعة لها في توفير الأفراد والأجهزة والمعدات، مما يلزم لتقديم خدمات علاجية في أعلي المستويات العلمية والفنية، والمشاركة مع الجهات المختصة الأخرى في وضع نظام الإسعاف الطبي وخدمات الطوارئ.
ونص القرار على أنه لوزير الصحة سلطة الإشراف والرقابة والتوجيه علي هذه المؤسسات، ويتولى إدارة كل مؤسسة علاجية، مجلس إدارة، ورئيس للمجلس.
الملاحظة الرابعة، بتحليل مضامين ومفردات تصريحات المتحدث باسم الوزارة نجد أنه يناقض نفسه؛ لأن نص القانون يتحدث عن توفير الخدمة العلاجية بأسعار اقتصادية، لكن ما تقوم به الحكومة هو نزع ملكية الشعب لهذه الصروح الطبية ومنحها لأحد حيتان القطاع الخاص، وبالتالي فإن أسعار الخدمة العلاجية سترتفع إلى مستويات جنونية تفوق قدرة غالبية المصريين.
كما أن القانون يتحدث عن تعزيز قدرة هذه المؤسسات العلاجية بتوفير مستشفيات إضافية ووحدات طبية بالإنشاء أو الشراء والتأجير، لكن ما تقوم به الحكومة عكس ذلك تماما؛ فهي تقوم ببيع الأصل ذاته ونزع ملكية الشعب له لمنحه لأحد رجال الأعمال وهو ما ينسف القانون الذي قامت عليه المؤسسات العلاجية نسفا تاما، ويناقض الفلسفة التي قامت على أساسها المؤسسات العلاجية.
الملاحظة الخامسة، يدعي المتحدث باسم الوزارة أن هذه الشراكة (خصخصة المستشفيات) ستحقق فوائد عديدة سواء للدولة أو القطاع الخاص، لأن القطاع الخاص سيستغل المستشفى الموجود بالفعل ولن يتكلف مبالغ إضافية لإنشاء المستشفى أو استحداث الخدمات، كما أن خدمات هذه المستشفيات ستكون مفيدة للمواطنين الذين يرغبون في الاستفادة بخدمة علاجية اقتصادية مرتفعة نسبيا ولا يستطيعون تحمل تكاليف مستشفيات القطاع الخاص.
لكن هذه التصريحات متناقضة؛ لأن هذه الصروح الطبية تقدم بالفعل خدمة طبية متميزة تضاهي ما تقدمه كبرى مستشفيات القطاع الخاص والاستثماري، ولم يشك أحد من تدني الخدمة الطبية بها، بخلاف أنها تؤدي هذه الرسالة من خلال مواردها الذاتية؛ لأنها حسب المتحدث باسم الوزارة ـ لا تتلقى أي دعم من الدولة؛ فلماذا يريد السيسي بيعها؟!
الملاحظة السادسة، أن الوزارة التزمت الصمت حيال الانتقادات الموجهة لها وللحكومة كلها، لكن إحدى الفضائيات التابعة للسلطة وصفت ذلك بالشائعة التي أطلقها ما وصفته بــ«الإعلام المعادي» ومواقع التواصل الاجتماعي حول خصخصة المؤسسات الطبية والمستشفيات الحكومية وبيعها لدول الخليج وتسعير الخدمات وفقًا لأسعار ليست في متناول المواطنين.
والحقيقة المؤكدة هي أن خصخصة هذه المستشفيات سوف يرفع تكاليف العلاج إلى مستويات تفوق قدرة هؤلاء المواطنين القادرين على العلاج بها حاليا وفق الأسعار الحالية.
وحتى كتابة هذه السطور لم يتم حسم النقاش حول إذا ما كان سيتم الطرح بنظام حق إدارة فقط أم تطوير"2"
2- تحديات خطيرة بخصخصة أكبر 8 مستشفيات عامة في مصر
وفي السياق نفسه، حذرت دراسة جاءات بعنوان "خصخصة مستشفيات المؤسسة العلاجية بمصر.. التداعيات المحتملة" ونشرها موقع "الشارع السياسي" هذه المستشفيات قدمت رعاية طبية وعلاجية لـ82 ألفا، و838 مريضا، خلال الربع الأول من عام 2022، مؤكدة أن هذه المستشفيات الثمانية فقط تقدم خدمة علاجية ــ بأسعار اقتصادية معقولة ـ لنحو 350 ألف مصري في العام.
وأشارت إلى أنه في 2021 تم تأهيل تسع مستشفيات وتطويرها ومدها بالأسرة والمعدات والأجهزة الطبية اللازمة، وأنه تردد على عيادات هذه المستشفيات خلال سنة 2021 نحو 734765 مواطن.
واعتبرت الدراسة أن أكبر مخاطر هذه الخطوة أنها تعكس إصرار نظام السيسي على خصخصة القطاعات الحيوية بالدولة (الصحة ـ التعليم ـ الكهرباء ـ مياه الشرب ـ وسائل النقل ــ المواني ــ وغيرها) حتى لو كانت ناجحة ومربحة؛ بمعنى أن النظام انتقل من دائرة خصخصة شركات قطاع الأعمال منذ تسعينات القرن الماضي بدعوى أنها خاسرة إلى بيع أصول الدولة في عهد السيسي حتى لو كانت مربحة؛ بدعوى تقديم خدمة جيدة للمواطنين دون النظر إلى ما تمثله هذه الخطوات من مخاطر على الأمن القومي المصري.
واكدت أن "بيع هذه الأصول والصروح الطبية العملاقة يعني خسارة كبيرة للغاية للشعب المصري المالك الحقيقي لهذه الأصول؛ فما الذي يعود على الشعب بالنفع من انتقال ملكيته لهذه الصروح الطبية العملاقة ومنحها لحيتان رجال الأعمال والمستثمرين الخليجيين؟!
أما الأكثر خطورة وفق الدراسة أن "رقابة الحكومة على المستشفيات الاستثمارية والخاصة يكاد يكون منعدما؛ وهو غياب رقابة إدارة العلاج الحر على المستشفيات الخاصة على مستوى الجمهورية، وتحول أغلبها إلى مشروعات استثمارية هدفها تحقيق الأرباح، وليس تقديم الخدمات العلاجية، والتخفيف عن آلام المرضى.
وأردفت أن “الإشكالية الكبرى تتمثل باحتجاز المريض لإجراء عملية جراحية، لأن فاتورة العلاج تبلغ في هذه الحالة مئات الآلاف من الجنيهات، الأمر الذي يمثل أزمة كبيرة للمواطنين، ولا سيما مع غياب الرقابة على المستشفيات الخاصة".
وأشارت الدراسة ثالثا إلى "زيادة وتيرة الاندماجات والاستحواذات في القطاع الصحي الخاص، الذي أصبح جاذباً بشكل كبير لمستثمري الخليج، نتيجة الأرباح والعوائد الضخمة التي تحققها المستشفيات الخاصة، لتحتل الاستحواذات المالية في هذا القطاع المرتبة الثانية من إجمالي القطاعات الاقتصادية المصرية".
وكشفت عن تزايد "القلق بشأن التكتلات الاحتكارية في القطاع الطبي الخاص، الذي يشكو أغلب المصريين من انفلات أسعار خدماته، إثر استحواذ شركة “أبراج كابيتال” الإماراتية على مجموعة من المستشفيات الكبرى مثل كليوباترا والقاهرة التخصصي والنيل بدراوي، وأكبر سلسلتين من معامل التحاليل في البلاد، وهما “البرج” (926 فرعاً و55 معملاً بيولوجياً)، و”المختبر” (826 فرعاً).
وأبانت أن مجموعة علاج الطبية السعودية، فاستحوذت على 9 مستشفيات كبرى، منها الإسكندرية الدولي وابن سينا التخصصي والأمل والعروبة، بالإضافة إلى معامل “كايرو لاب” للتحاليل الطبية واسعة الانتشار في مصر، ومراكز “تكنو سكان” للأشعة التي تمتلك بدورها 24 فرعاً في محافظات مختلفة.
وأكدت الدراسة أن السيسي يصر "على بيع أصول مصر وصروحها الطبية العملاقة في سياق سياسات النظام المرنة تجاه إملاءات صندوق النقد الدولي".
وأكدت أن السيسي يسرع في بيع هذه الصروح الصحية العملاقة من أجل توفير شيء من السيولة يمكنه من سداد ما عليه من التزامات وأقساط ديون وفوائد تصل إلى نحو (1,655 تريليون جنيه) وفقا لأرقام الموازنة الحالية (2022/2023)، بينما لا تصل كل موارد الدولة بحسب أرقام الموازنة إلا إلى (1.517) تريليون جنيه فقط!"3"
3- تسليع الرعاية الصحية بالخصخصة
أكد موقع "مدى مصر" في تقرير له أن غرفة مقدمي الرعاية الصحية بالقطاع الخاص تلقت رسالة فحواها أن خطة الدولة المستقبلية في المجال الصحي ليس من ضمنها بناء أي منشآت طبية حُكومية جديدة في الوقت الحالي، والتي يبلغ عددها 652 مستشفى حكوميًا (تشمل المستشفيات العامة والجامعية) في مقابل 1130 منشأة طبية خاصة، بحسب آخر إحصاء صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في 2021، رصد أعداد المنشآت عن عام 2019.
خطوات السيسي تتسق تماما مع خطوات نظام مبارك؛ الرامية إلى خصخصة قطاع الصحة؛ ففي سنة 2007م أصدر أحمد نظيف رئيس الوزراء آنذاك، قراراً بتحويل هيئة التأمين الصحي إلى شركة قابضة، كخطوة في طريق خصخصة القطاع الصحي بأكمله، كما وصفها ناشطون في المجال الصحي و20 منظمة من منظمات المجتمع المدني، والتي تصدت لرئيس وزراء مبارك، وأقامت دعوى قضائية لإبطال القرار ووقف ما وصفوه بكارثة التجارة في مرض الشعب.
وفي سبتمبر/أيلول من عام 2008، انتصر القضاء الإداري لحق أفراد المجتمع في الحصول على رعاية صحية آدمية، والتأكيد على واجب الدولة الأصيل في كفالته، وقام بإلغاء قرار رئيس الوزراء الذي اعتبره تجارة في حق أصيل للإنسان ولصيق بحقه في الحياة الذي لا يجب أن يخضع للتجارة وقوانين السوق.
ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة واﻹحصاء، انخفض عدد المستشفيات في مصر من 1446 مستشفى سنة 2008 إلى 659 سنة 2014. وأرجع الجهاز هذا الانخفاض إلى تحويل مستشفيات التكامل إلى وحدات صحية.
من جانبها، استنكرت نقابة اﻷطباء مقترح بيع مستشفيات التكامل. واعتبر إيهاب الطاهر، اﻷمين العام لنقابة أطباء مصر وقتها، أن الخطوة بداية لخصخصة قطاع الصحة، معتبرًا أن هذا المقترح سيؤدي إلى ارتفاع سعر الخدمة الطبية، بحسب تصريحات نقلتها عنه صحيفة المصري اليوم.
وفي 15 يناير 2018م، صادق السيسي على قانون “التأمين الصحي الشامل” والذي يقنن إجراءات خصخصة المستشفيات الحكومية على نحو أسوأ مما كان عليه الأمر في عهد مبارك، فالقانون يحول الخدمة الصحية إلى سلعة ترتفع تكاليفها بناء على رغبة المستثمرين أصحاب المستشفى.
وهو القانون الذي يزيد الأعباء على المواطنين، حيث يطلب من المواطن دفع مصاريف تصل إلى 10 بالمائة على رسوم التحاليل والأدوية، عند حاجته للخدمة الطبية، بالرغم من أنه يخصم من راتبه شهريًا اشتراكه في التأمين الصحي.
تزامناً مع إصدار مسودة هذا القانون، قام مجلس الوزراء بإصدار قرار بإنشاء هيئة التدريب الإلزامي للأطباء، بدعوى تطوير مستوى التدريب الطبي السريري لخريجي كليات الطب وامتحانهم للتحقق من استيفائهم التأهيل الكافي للممارسة الطبية الآمنة، وفق القرار.
وهو قرار كان ظاهره الرحمة وباطنه العذاب؛ فالهدف الحقيقي وراء إنشاء هذه الهيئة هو تحرير الخدمات الصحية، عبر فتح الباب للأطباء من أي جنسية لمنافسة الأطباء المصريين في فرص العمل، وهو ما يعد جزءا من خطة تحرير الخدمات كجزء من اتفاقية “الجات” المرجع الأساسي للنظام الحاكم في كثير من تصرفاته الاقتصادية، وهو أيضاً ما هاجمه مجلس نقابة الأطباء ورفضه رفضاً قاطعاً.
خلاصة الأمر، يصر نظام السيسي العسكري على بيع أصول مصر وصروحها الطبية العملاقة في سياق سياسات النظام المرنة تجاه إملاءات صندوق النقد الدولي، وعرض نظام السيسي مستشفيات المؤسسة العلاجية للبيع رغم نجاحها وتحقيقها الاكتفاء الذاتي دون تلقي أي دعم من الدولة، ما هي إلا محطة من محطات خصخصة الخدمة الصحية وتحويل الرعاية الطبية التي تعتبر واجبا دستوريا على الدولة إلى سلعة؛ وهي سياسات تهدد تماسك المجتمع ووحدته وتضع عشرات الملايين من المصريين في مهب الريح في ظل موجات عاتية من الغلاء والتضخم عصفت بالناس عصفا وتركتهم فقراء .
نظام السيسي يبدي أكثر صور الإذعان والخضوع أمام حيتان البيزنس ورجال الأعمال والشركات العابرة للقارات التي تحتكر القطاع الطبي الخاص في مصر، فالحكومة فشلت في إلزام المستشفيات الاستثمارية والخاصة في توفير رعاية صحية بأسعار مناسبة، تتناسب مع دخول معظم المصريين.
وهو ما يناقض ما نصت عليه المادة (18) من دستور 2014م، التي تنص على أن «تجريم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة»، فإصرار تلك المستشفيات على تسليع الخدمة الصحية والتمسك بالأسعار الخرافية التى تطبقها لا يعدّ استغلالا للأزمة الراهنة وانتهاكا لرسالة الطب السامية، أو تكسبا من دماء المرضى فحسب، بل تحديا صارخا للقوانين واللوائح المنظمة؛ فالقانون رقم 51 المنظم لعمل المنشآت الطبية الصادر سنة 1981، فرض على تلك المستشفيات التقيد بالحد الأقصى لأسعار الخدمات الطبية الذى تضعه لجنة مختصة تضم ممثلين من وزرارة الصحة ونقابة الأطباء، فضلا عن المحافظ المختص، وفى حال مخالفة لائحة الأسعار التى تحددها تلك اللجنة، توضع المستشفى تحت إشراف وزارة الصحة مباشرة.
لكن السيسي يقف عاجزا عن حماية أمن مصر القومي لأنه ببساطة يتسول من هذه الدول التي تحتكر سوق الرعاية الصحية الخاصة بمصر."4"
4- تراجع مستمر في عدد المستفيات الحكومية
بلغ إجمالي عدد المستشفيات بقطاعي الحكومي والخاص بالمحافظات لعام 2018 نحو 1848 مستشفى موزعة على محافظات الجمهورية، كما سجل إجمالي عدد الأسرّة بقطاعي الحكومي والخاص نحو 131 ألف سرير.
وتشير الإحصاءات الواردة في النشرة الصحية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن حصة القطاع الحكومي من المستشفيات بلغت 691 مستشفى، مقابل 1157 مستشفى تتبع القطاع الخاص، كما كانت حصة القطاع الحكومي من الأسرة نحو 95 ألف و683 سريرا، مقابل 35 ألف و320 سريرا.
وقدرت النشرة بلغ عدد هيئة التمريض نحو 217 ألفا و105 ممرضين، كما يبلغ عدد الأطباء البشريين نحو 126 ألفا و197 طبيبا، ويصل عدد الصيادلة نحو 54 ألفا و73 صيدليا، وبلغ عدد المنتفعين بالتأمين الصحي 55.6 مليون فرد، كما بلغ عدد سيارات الإسعاف نحو 2912 سيارة، وعدد مراكز الإسعاف 1464 مركز، وعدد المستشفيات الجامعية 89 جامعة، بزيادة 2.3% في عدد المستشفيات الجامعية عام 2018. "5"
وأغلقت الحكومة المصرية -عبر سلسلة قرارات- 476 مستشفى حكومياً، فضلاً عن خروج 60 مستشفى حميات أو مما اصطلح على تسميتها "مستشفيات الفقراء" من الخدمة، بعدما تحولت إلى مجرد أقسام تابعة للمستشفيات المركزية، مع بدء تنفيذ خطة الإصلاح الصحي نهاية تسعينيات القرن الماضي.
هذا الانخفاض سَبب معاناة آلاف المصريين في الحصول على رعاية صحية مناسبة ، على إثر الارتفاع المتزايد في تكلفة العلاج، في ضوء ارتفاع نسبة الفقر بين السكان إلى 32.5 في المئة، بحسب بيان الدخل والإنفاق الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء 2019.
وتحتل مصر المرتبة 84 من بين 89 دولة في مؤشر الرعاية الصحية الذي تُوفره لمواطنيها، وفقًا لبيانات مجلة CEOWORLD للرعاية الصحية لعام 2019.
الدكتور محمد حسن خليل، المنسق العام لبرنامج الدفاع عن الحق في الصحة -منظمة حقوقية صحية- يرجع أسباب انخفاض المستشفيات الحكومية إلى برامج الخصخصة التي بدأت الحكومة تُطبقه.
ويقول إن برنامج الإصلاح الصحي الذي بدأته وزارة الصحة بالتعاون مع البنك الدولي عام 1998، اشتمل على تحويل الخدمات الصحية لتُصبح "ربحية" بدلاً من كونها بسعر التكلفة.
وانخفض معدل عدد الأسرّة في مصر من 22 سريرًا لكل 10 آلاف فرد عام 2005 إلى 13.5 سريرا عام 2019، بحسب بيانات صادرة عن منظمة الصحة العالمية 2020. كما كشف بيانات النشرة الصحية الصادرة عن جهاز التعبئة والإحصاء 2019، أن متوسط عدد الأسرّة هو سريرٌ واحدٌ لكل 778.6 أشخاص وهذا أقل من المتوسط العالمي، حيث أوصت منظمة الصحة العالمية بأن يتراوح عدد الأسرّة بين 3 إلى 5 أسرّة لكل 1000 فردٍ. في حين يصل إجمالي عدد الأسرّة في مصر إلى 131.03 ألف سرير، فيما أنه من المُفترض أن يكون عدد الأسرّة بين 300 إلى 500 ألف سرير، بحسب توصيات المنظمة العالمية.
ويعرَّف المعهد المصري للدراسات، مستشفيات الحميات بأنها "خط الدفاع الأول" للتصدّي للأمراض المعدية والوبائية، ومنها فيروس كورونا، بالإضافة إلى إمكانية تخصيصها لعزل مصابي الفيروس.
ويُضيف في دراسته الصادرة في آذار/ مارس 2020 أن مستشفيات الحميات تُعاني نقصًا في التجهيزات جعلتها عاجزة عن استقبال مصابي كورونا. وكانت وزارة الصحة خصصت نحو 370 مستشفى للعزل، ليس من بينها أيٌ من مستشفيات الحميات الـ60 التي تحولت إلى أقسام."6"
5- ميزانية القطاع الصحي حجر عثرة في طريق التطوير
وتتعلق الفجوة في الحالة المصرية بشكل واضح بالإنفاق على الصحة، حيث تخبرنا الأرقام بحقائق مرعبة. يبلغ المتوسط العالمي للإنفاق على الصحة كنسبة من الناتج المحلي حوالي 7% بينما لم تتجاوز تلك النسبة في مصر في السنوات الأخيرة حاجز 2% من الناتج القومي الإجمالي (رغم تحديدها دستوريا بنسبة 3%). وفي حين تستحوذ الصحة على متوسط 20% من الإنفاق الحكومي في دول العالم الأخرى، لا تزيد تلك النسبة في مصر على 5%. أما بمقياس متوسط نصيب الفرد فالمشكلة أكبر. فالمواطنون المصريون يحصلون على 176 دولارا سنويًا من الإنفاق الحكومي على الصحة، وهو خُمس المعدل العالمي المقدر بـ904 دولارات.
كذلك، هناك انعدام مساواة وتفاوتات كبيرة في مستوى الخدمات الصحية بين الريف والحضر، وبين حضر المحافظات والقاهرة وبين المناطق الفقيرة ومناطق الطبقة الوسطى والطبقات الأغني في القاهرة. العاصمة وحدها لديها في المتوسط 2.9 سرير لكل ألف مواطن، وهو أكثر من أربعة أضعاف محافظة مثل الفيوم مثلًا. أيضًا تعاني الوحدات الصحية في الريف من نقص مزمن في الأطباء والأطقم التمريضية، بالإضافة لضعف الإمكانات وغياب المخصصات التمويلية والاستثمارية اللازمة لتلك الوحدات والمستشفيات الصغيرة في الريف.
تلك الأوجه العديدة للتفاوت في الخدمات الصحية يُعيد القطاع الخاص إنتاجها، بل وتعميقها بشكل مباشر عن طريق الاستثمار في المناطق الجديدة للطبقة الوسطى العليا. بالتالي، سوف يحصل هؤلاء فقط على خدمات صحية سريعة بفضل ما يدفعونه من أموال، في حين سيضطر ملايين الفقراء للانتظار لكي يحصلوا على أدنى قدر من الرعاية الصحية.
الضعف المستمر في الإنفاق الحكومي كان يعني اضطرار كل المواطنين المصريين للإنفاق من الجيب على الصحة.
تخبرنا أرقام بحث الدخل والإنفاق حقائق مفزعة حول التباين في إنفاق المصريين على الصحة بين شرائح الدخل المختلفة. ففي حين ينفق الفرد من أفقر 10% في مصر متوسط 386 جنيهًا للفرد سنويًا على الرعاية الصحية، ينفق الفرد من أغنى 10%، في المتوسط، 3484 جنيهًا، أي أكثر من 10 أضعاف الرقم تقريبًا. وفي حين يصل متوسط إنفاق الفرد في الشريحة العشرية الأدنى من الإنفاق على خدمات العيادات الخارجية حوالي 106 جنيهات سنويًا، فإن الفرد في الشريحة الأغنى ينفق حوالي 931 جنيهًا أي حوالي تسعة أضعاف.
تلك الأرقام رغم فجاعتها، إلا أن الواقع يمكن أن يكون أسوأ بكثير، لأن أرقام بحث الدخل والإنفاق تقيس الأغنى أو الأكثر إنفاقًا في مصر بمتوسط إنفاق 79.8 ألف جنيه سنويًا وما فوق. لذلك فهي تعتبر متوسط الدخل الشهري عند 6600 جنيه ومن يصل دخله لمليون جنيه سنويًا شريحة واحدة ضمن الأغنى في مصر. لذلك يمكننا القول إن هذه الأرقام هي صورة مخففة عن واقع أكثر مرارة.
هناك أيضًا عامل مهم جدًا في سوق الخدمات الصحية المصري، وهو ضعف التغطية التأمينية بشكل عام في مصر. يبلغ عدد من يتمتعون بتأمين صحي عام أو خاص في مصر ما يقرب من 55 مليون فقط. نصف هؤلاء تقريبًا هم طلاب المدارس، ولا يغطي التأمين الصحي لهم أي شيء ذو قيمة تقريبًا.
ضعف التغطية التأمينية وتقلص الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية، خصوصًا مع زيادة الطلب على الخدمات الصحية الخاصة بفعل معدلات النمو السكاني، يمثل فرصة كبيرة للقطاع الخاص."7"
وفي عام 2020 كشف البيان المالي لمشروع الموازنة المصرية مخالفة نصوص المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور للعام الخامس على التوالي، والمتعلقة بالتزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 3% من الناتج القومي لقطاع الصحة .
ولم تخصص موازنة العام المالي 2020-2021 سوى نحو 3.65% من المخصصات الدستورية لكل قطاعت التعليم والصحة والبحث العلمي ، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي البالغ 6 تريليونات و858 ملياراً و730 مليون جنيه ، وبلغت اعتمادات قطاع الصحة في هذه الموازنة 93 ملياراً و544 مليون جنيه، متضمنة مخصصات وزارة الصحة ومديريات الشؤون الصحية بالمحافظات، وخدمات المستشفيات، والمستشفيات المتخصصة، ومراكز الأمومة، وخدمات الصحة العامة، والبحوث والتطوير في مجال الشؤون الصحية، وهيئة البحوث الدوائية، والمجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان.
وجاء قطاع الصحة في المرتبة الخامسة في أولويات الإنفاق الحكومي في موازنة العام 2022/2021، وبلغ حجم إنفاق الدولة على قطاع الصحة 108.8 مليارات جنيه، وهو مبلغ لا يتجاوز 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة، وهي نصف النسبة التي حددها الدستور.
ويعتمد تمويل النظام الصحي في مصر بشكل كبير على الإنفاق الذاتي للمواطنين، إذ تتراوح نسبة المدفوعات المباشرة لهم للإنفاق على النظام الصحي بين 60 و70%.
ويسهم ذلك -وفق خبراء اقتصاديات الصحة- في زيادة نسب الفقر وخلخلة كفاءة النظام الصحي وعرقلة وصول المواطنين إليه، خاصة في ظل ضعف نظم التأمين الصحية العامة التي لا تغطي الفئات المهمشة والأكثر فقرا."8"
6- تبرعات المصريين تنقذ حياة آلاف المرضى
وفي ظل التراجع المستمر في الانفاق على القطاع الصحي بمصر ، لعبت تبرعات المصريين للمستشفيات الحكومية خاصة المعالجة للسرطان دورا كبيرا في انقاذها من التوقف عن العمل، وتجدد الأمل لدى أسر آلاف المرضى في إمكانية إنقاذ أبنائها بعدما شهدت مصر ما تشبه الملحمة الشعبية، حيث جمع المصريون خلال أيام معدودة أكثر من 45 مليون جنيه لإنقاذ حياة الطفلة رقية التي تحتاج حقنة العلاج الجيني "زولجينزما" بتكلفة تبلغ أكثر من مليوني دولار.
لا يجد المصريون سبيلا إلا إطلاق حملات لجمع التبرعات لإنقاذ الحالات الحرجة من المصابين بالأمراض النادرة، مثل ضمور العضلات، أو الأمراض الخطيرة كالسرطان والقلب.
ومنذ بدء الحملة رسميا في يوليو/تموز 2021 وحتى بداية يونيو/حزيران 2022 حصل 36 طفلا على العلاج الجيني من بين أكثر من 12 ألف حالة تم عرضها على العيادات المخصصة لاستقبال مصابي الضمور العضلي من الأطفال، وفق كالة أنباء الشرق الأوسط (حكومية).
والعام الماضي 2021 نجحت حملة مماثلة لإنقاذ الطفل رشيد بعدما حازت حالته على اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمشاهير، وتبرع له المصريون بنحو 34 مليون جنيه مصري لبدء العلاج.
وخلال السنوات الماضية أطلقت مصر عدة مبادرات صحية تحمل صفة "الرئاسية" مثل حملة "100 مليون صحة" للكشف عن فيروس "سي" (C) والأمراض غير السارية، والاكتشاف المبكر لمرض سرطان الكبد وعلاجه، وإنهاء قوائم انتظار العمليات الجراحية، ومبادرة دعم صحة المرأة المصرية وغيرها.
وفي هذا السياق، تلعب تبرعات المصريين الموجهة للإنفاق الصحي دورا تكافليا كبيرا في توفير الرعاية الصحية والعلاج لآلاف المرضى، وتساعد في استمرار العديد من المؤسسات العلاجية القائمة التي تقدم خدمة صحية مجانية أو منخفضة التكاليف.
وتساهم العديد من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية القائمة على تبرعات المواطنين المصريين في تقديم الرعاية الصحية لآلاف المرضى، ومن بينها مؤسسة مرسال التي ترعى 43 ألف مريض، وتقدم أدوية شهرية تصل قيمتها إلى 14 مليون جنيه، وفق تصريحات مؤسستها هبة راشد."9"
7- العجز في الأطباء والامكانيات يهدد المستشفيات الحكومية
وفي ظل تردي الأوضاع المالية للعاملين بالقطاع الصحي ، تعاني المستشفيات الحكومية المصرية من عجز حاد في أعداد الأطباء، ويتفاقم العجز بسبب هجرة الآلاف منهم، التي تزايدت بعد جائحة كورونا، ما دفع وزارة الصحة إلى إقرار تكليف الخريجين الجدد لسد العجز، لكن صيغة القرار أغضبت الكثير من الأطباء.
وشهدت مصر هجرة عدد كبير من الأطباء إلى الدول الخليجية والأوروبية، وخاصة بعد انتشار فيروس كورونا، وخلال السنوات الثلاث الماضية، استقال أكثر من 11,500 طبيب ممارس، حسب الأرقام الصادرة عن نقابة أطباء مصر.
وتشير دراسة أعدتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع وزارة الصحة، إلى أن مصر تمتلك 8.6 طبيب لكل 10 آلاف مواطن، بينما المعدل العالمي 23 طبيباً لكل 10 آلاف مواطن. "10"
وفي أبريل 2022، أصدرت النقابة العامة لأطباء مصر تقريراً حديثاً تضمّن "أرقاماً مفزعة" بحسب وصفها، رصدت فيه "عدداً هائلاً" من استقالات الأطباء من القطاع الحكومي خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إذ استقال 11 ألفاً و536 طبيباً منذ بداية عام 2019 وحتى 20 مارس/ آذار من عام 2022.
وأفادت النقابة في تقريرها بأنّه في عام 2019، أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان في البلاد، دراسة حول مدى احتياجات مصر للأطباء البشريين ومقارنتها بالمعدلات العالمية. وقد قدّرت الدراسة عدد الأطباء البشريين الحاصلين على ترخيص لمزاولة مهنة الطب حتى آخر عام 2018، من دون الأطباء المحالين على المعاش، بـ 212 ألفاً و835 طبيباً، علماً أنّ عدد الذين كانوا يعملون حينها فعلياً في مصر بالجهات المختلفة التي تشمل وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة وجامعة الأزهر والمستشفيات الشرطية هو 82 ألف طبيب فقط، أي بنسبة 38 في المائة من القوة الأساسية المرخّص لها بمزاولة مهنة الطب.
أضافت الدراسة أنّه استناداً إلى هذا العدد، يكون معدّل الأطباء في مصر 8.6 أطباء لكلّ 10 آلاف مواطن، في حين أنّ المعدّل العالمي هو 23 طبيباً لكلّ 10 آلاف مواطن. لكنّه بعد ثلاثة أعوام (مدّة الدراسة)، أشارت نقابة الأطباء إلى أنّ الواقع ما زال سيئاً، مع زيادة عزوف الأطباء عن العمل في القطاع الحكومي وتزايد سعيهم إلى الهجرة من البلاد.
وقد أوصت الدراسة الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان، بتبنّي الدولة بكلّ مؤسساتها خطة لاسترجاع الأطباء للعمل في القطاع الحكومي المصري، والتي تقوم على رفع المستوى التدريبي المقدّم للأطباء وتأمين بيئة العمل المناسبة لهم ورفع المستوى المادي والاجتماعي للأطباء. ومن شأن ذلك أن يؤدّي في الأعوام الخمسة المقبلة إلى عودة 60 ألف طبيب للعمل في القطاع الصحي الحكومي.
وبحسب البيانات المتعلقة بالأعوام التي سبقت الإعلان عن تلك الدراسة، فإنّ أعداد الأطباء الذين تقدّموا باستقالاتهم من العمل الحكومي المصري والذين حصلوا على شهادة طبيب حرّ من نقابة الأطباء أتت على هذا الشكل: في عام 2016، كان عدد المستقيلين من الأطباء 1044 طبيباً، وفي عام 2017 كان العدد 2549 طبيباً، وفي عام 2018 كان العدد 2612 طبيباً.
أمّا في الأعوام التي تلت إعلان دراسة الاحتياجات، فقد استقال 3507 أطباء في عام 2019، و2968 طبيباً في عام 2020، و4127 طبيباً في عام 2021، وهو العدد الأكبر من المستقيلين من العمل الحكومي. كذلك كشفت بيانات الأشهر الأولى من عام 2022 وحتى يوم 20 مارس منه، عن استقالة 934 طبيباً، وهو ما يعني إجمالي 11 ألفاً و536 طبيباً مستقيلاً منذ الأوّل من عام 2019
وبحسب سجلات نقابة الأطباء، فإنّ عدد الأطباء المسجّلين في النقابة والمرخّص لهم بمزاولة المهنة دون الأطباء المحالين على المعاش، بلغ حتى 20 مارس2021 228 ألفاً و862 طبيباً، بعد ثلاثة أعوام من دراسة الاحتياجات التي أصدرتها وزارة التعليم العالي، أي بزيادة قدرها 16 ألفاً و27 طبيباً، استقال منهم 11 ألفاً و536 طبيباً وطبيبة، ليكون عدد الأطباء العاملين في القطاع الحكومي 93 ألفاً و536 ألف طبيب تقريباً، وتكون نسبة الأطباء في القطاع الحكومي إلى عدد الأطباء المرخّص لهم بمزاولة المهنة دون المحالين إلى المعاش 40.8 في المائة، أي بزيادة 2.8 في المائة فقط مقارنة ببداية عام 2019. ويزداد معدّل الأطباء نسبة إلى المواطنين ليبلغ 9.2 أطباء لكلّ 10 آلاف مواطن بدلاً من 8.6 في بداية عام 2019، إلا أنّه يظل بعيداً من المعدّل العالمي المقدّر بـ23 طبيباً لكلّ 10 آلاف مواطن.
من جهة أخرى، عند مقارنة رواتب الأطباء في مصر بالرواتب في خارج البلاد شهرياً، أشارت نقابة الأطباء إلى أنّ الطبيب المقيم في صربيا يتقاضى ما يعادل 12 ألف جنيه. أمّا الجرّاح في الصومال فيتقاضى ما يعادل 91 ألف جنيه مصري، وفي السويد يتقاضى الطبيب الممارس العام ما يعادل 30 ألف جنيه، وفي ماليزيا يتقاضى الطبيب حديث التخرّج ما يعادل 22 ألف جنيه مصري. كذلك فإنّ متوسّط راتب الطبيب الشهري في تركيا يعادل 22 ألف جنيه مصري، ومتوسّط راتب الطبيب الشهري في روسيا يعادل 21 ألف جنيه مصري، والحدّ الأدنى لراتب الطبيب الشهري في السعودية يعادل 22 ألف جنيه مصري. كذلك أشارت النقابة إلى أنّ الحدّ الأدنى لأجر الطبيب الشهري في قطر هو ما يعادل 67 ألف جنيه، فيما متوسّط راتب الطبيب المقيم في مصر 3700 جنيه، ومتوسّط معاش الطبيب بعد نحو 35 عاماً من العمل في القطاع الحكومي 2300 جنيه مصري. وقد بيّنت هيئة التأمين الصحي أنّ متوسط راتب الطبيب في نظام التأمين الصحي الشامل الذي يُطبّق في بعض محافظات مصر هو 17 ألف جنيه."11"
8- التوسع مستمر في القطاع الخاص الصحي بمصر
أصبح من الواضح ان النظام المصري يستهدف التوسع في فكرة التخلي عن دوره في دعم القطاع الصحي، وقد أكد مستشار السيسي للشؤون الصحية، محمد عوض تاج الدين،مؤخرا في حديث خاص مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن القطاع الخاص سيساهم بشكل فاعل في منظومة التأمين الصحي الشامل التي تنفذها مصر، مشيرا إلى سعي مصر لجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية في كافة خدمات الرعاية الصحية خاصة في مجال تصنيع الأدوية.
وأضاف مستشار السيسي بأن جميع الخدمات الطبية والدوائية متاحة أمام استثمارات القطاع الخاص، مشيرا إلى أن مدينة الدواء التي دشنتها مصر العام الماضي الباب أمام جميع الشركات المحلية والعالمية الراغبة للاستثمار في قطاع الدواء.
وحول دور القطاع الخاص في منظومة التأمين الصحي الشامل التي بدأت مصر تطبيقها بشكل تدريجي، أكد تاج الدين أن القطاع الخاص سيلعب دورا هاما في هذه المنظومة، حيث ستحصل هيئة التأمين الصحي على الخدمات الطبية اللازمة من مختلف مقدمي الخدمات سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، مؤكد أن معظم هذه الخدمات سيوفرها القطاع الخاص."12"
و بلغت استثمارات القطاع الخاص خلال العام المالي 2019/2018 في قطاع الرعاية الصحية 9.3 مليار جنيه، ما يمثل 42% من إجمالي استثمارات القطاع خلال نفس العام، وفقا للبيانات الحكومية. ومن المتوقع أن تزيد تلك الاستثمارات في السنوات العشر المقبلة، كما يتضح في صفقات الدمج والاستحواذ الكبيرة في مجال الرعاية الصحية خلال عام 2020 والربع الأول من العام 2022 . وتعد السوق المصرية جاهزة لاستيعاب خدمات الرعاية الصحية، في ظل عدد السكان الكبير في البلاد وانتشار الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي) سابقا.
وواصلت الاستثمارات في قطاع الرعاية الصحية الارتفاع منذ 2015. وزاد إجمالي الاستثمارات الخاصة المنفذة في القطاع بأكثر من 1.5 مرة بين 2016/2015 و2019/2018 بالقيمة الاسمية، لتصل إلى 9.3 مليار جنيه من الاستثمارات الخاصة، بينما بلغت الاستثمارات العامة 9.8 مليار جنيه في 2019/2018، وفقا لتقرير مشترك صدر في فبراير من دي كود للاستشارات الاقتصادية والمالية والجامعة الأمريكية في القاهرة .
و رصدت إنتربرايز 19 صفقة في مجال الرعاية الصحية خلال 2020، ليأتي القطاع في المركز الثاني في قائمة القطاعات الأكثر نشاطا في صفقات الدمج والاستحواذ، بعد القطاع المصرفي والمالي والذي شهد 32 صفقة. وبين أبرز الصفقات استحواذ الأهلي كابيتال على مستشفى الندى واستحواذ صندوق ازدهار مصر على حصة أقلية في مجموعة التيسير الطبية ورفع مجموعة التيسير الطبية لحصتها في مركز المنصورة الطبي وزيادة ألتا سمبر كابيتال للاستثمار المباشر حصتها في ماكرو القابضة وغيرها. كما تتنافس العديد من الشركات للاستحواذ على حصة 51.4% التي يمتلكها بنك أبو ظبي التجاري في شركة الإسكندرية للخدمات الطبية. وأعلن مؤخرا عن توقف صفقة، كانت لتكون هي الأكبر في القطاع، للاندماج بين مجموعة مستشفيات كليوباترا ومجموعة ألاميدا للرعاية الصحية.
الدور الموسع للقطاع الخاص في مجال الرعاية الصحية يتضح أكثر عندما ننظر إلى حصته في السوق في السنوات العشر الماضية. واعتبارا من عام 2019، استحوذت منشآت الرعاية الصحية التابعة للقطاع الخاص على ما يزيد قليلا على ربع أسرة المستشفيات في مصر، أي ما يعادل 36 ألف سرير تقريبا، طبقا لتقرير دي كود. وإلى جوار هذا، زادت مستشفيات القطاع الخاص بنسبة 20% من 942 مستشفى إلى أكثر من 1100 مستشفى بين عامي 2009 و2019، مما أدى إلى زيادة حصتها في السوق من 58.8% إلى 63.4%. وارتفع عدد الأسرة الخاصة من 21 ألف سرير في 2009 إلى ما يقرب من 36 ألف سرير في عام 2020، بنمو قدره 70% تقريبا."13"
وقد أكدت دراسة أجرتها مجموعة شركات كليوباترا المصرية عن سوق الرعاية الصحية المصري،أن هناك 133 ألف سرير في مستشفيات ومراكز مصر الصحية، و قدَّرت عدد الأسرة العلاجية بنحو 1.3 سرير لكل ألف مواطن ، وان القطاع الخاص المصري يملك 35 ألف سرير علاجي بنسبة 26.3%
وأظهرت البيانات التي تضمَّنتها دراسة عن أثر استحواذ مستشفيات كليوباترا على "ألاميدا" بمصر، أنَّ السوق يضمَُ 1484 مستشفى تابعة للقطاع الخاص، تتضمن 35 ألف سرير، إذ تشكِّل حوالي 26.3% من الأسرة العلاجية بالبلاد، مقابل 98 ألف سرير تابعة للقطاع العام.
وتعدُّ مستشفيات مجموعة كليوباترا صاحبة أكبر حصة سوقية منفردة تصل إلى 8%، تليها مستشفيات ألاميدا بنسبة 7% من الأسرة العلاجية، ثم المستشفى السعودي الألماني، ومركز العلاج الطبي بنسبة 4% لكل منهما، ومن بعدهما تأتي مستشفى أندلسية التي تملك 2% من أسرة القطاع الخاص، في حين يمتلك ويدير عدد كبير من المستشفيات 75% من الأسرة العلاجية التابعة للقطاع الخاص في مصر، إذ تتفتت الملكيات بينهم.
كانت دراسة أعدَّتها شركة "كوليرز إنترناشيونال" قبل عامين قد قدَّرت حجم الفجوة الاستثمارية في القطاع الصحي المصري بما يتراوح بين بين 34.8 و60.5 مليار دولار مع حلول عام 2050، لسد احتياجات المواطنين.
وقالت الدراسة التي حملت عنوان "التقرير السابع حول القطاع الصحى"، إنَّ قطاع الرعاية الصحية المصري ينطوي على فرص مربحة للمطوِّرين، والمستثمرين خلال السنوات المقبلة، نظراً لما يحتاجه من خدمات رعاية أساسية على مستوى عدد الأسرة، والعقارات الطبية، والتجهيزات المطلوبة.
تناولت الدراسة الفجوة المتوقَّعة فى الطلب على الخدمات الصحية، من ناحية عدد الأسرة الطبية، والعقارات الصحية، والتجهيزات الطبية، والعيادات، والأطباء، والاستثمارات المطلوب تنفيذها للارتقاء بتلك الخدمات على المدى القصير (2020)، والمتوسط (2030)، والطويل (2050).
وذكرت أنَّ مصر كانت تمتلك متوسطاً يبلغ 1.5 سرير لكل ألف نسمة بين عامي 2010-2014، لكن تلك النسبة انخفضت إلى 1.46 سريراً لكل ألف مواطن في 2015، و1.36 سريراً في 2016، وهي نسبة منخفضة جداً بالمقارنة مع المتوسط العالمي الذي يقدَّر بـ2.7 سرير لكل ألف نسمة.
ووقَّعت مجموعة مستشفيات كليوباترا، التي تمتلك 6 مستشفيات بمصر، اتفاقية للاستحواذ على مجموعة مستشفيات ألاميدا للرعاية الطبية في مصر، التي تملك وتدير 3 مستشفيات عاملة، ورابعة ينتظر افتتاحها العام الحالي، ليمتلك الكيان الجديد الناتج عن الصفقة نحو 1450 سريراً علاجياً، بواقع 671 سريراً لمجموعة ألاميدا، و780 سريراً لمجموعة كليوباترا، بما يشكِّل 15% من الأسرة العلاجية المملوكة للقطاع الخاص في مصر."14"
9- الإمارات والأستيلاء على القطاع الصحي في مصر
أصبحت الشركات الطبية الإماراتية صاحبة الكلمة الأهم في سوق القطاع الصحي الخاص بمصر ، حيث عادت شركة أبراج كابيتال الإماراتية لبسط نفوذها على المؤسسات الصحية في مصر تدريجيًا، وذلك بعدما تمكنت من شراء سلسلتي معامل البرج والمختبر وما يزيد على 15 مستشفى خاصًا من بينها النيل بدراوي والنخيل وكليوباترا والقاهرة التخصصي وفي طريقها للاستحواذ على النزهة الدولي .
ففي مارس 2015 الماضي، أعلنت شركة “أبراج كابيتال” الإماراتية أنها قامت بتأسيس مجموعة استثمارية للرعاية الصحية في مصر وتونس باسم مجموعة مستشفى شمال أفريقيا القابضة باستثمارات تصل إلى 200 مليون دولار .
وأضافت أن المجموعة يتم تأسيسها بالشراكة مع عدد المؤسسات المالية التنموية ومنها البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير (EBRD) ، والوكالة الألمانية للاستثمار والتنمية (DEG) ، ومؤسسة الترويج والمشاركة من أجل التعاون الاقتصادي (PROPARCO) ومؤسسات أخرى.
وأبراج كابيتال التي تتخذ من دبي مقرًا لها، هي شركة تعمل في تقديم خدمات استثمارية متخصصة في الملكية الخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وتركيا وآسيا الوسطى، ولديها أكثر من 25 مكتبًا موزعًا على ست مناطق في اسطنبول، مكسيكو سيتي، دبي، ومومباي ونيروبي وسنغافورة .
وتصل قيمة الأصول التي تديرها “أبراج كابيتال” حاليًا إلى نحو 7.5 مليار دولار، عبر أكثر من 20 صندوقًا في الأسهم والعقارات الخاصة، موزعة على أكثر من 30 دولة في جميع الأسواق الناشئة، و200 استثمار يدار من قبل فريق يضم أكثر من 300 خبير استثماري .
وبدوره، قال الدكتور خالد سمير، عضو النقابة العامة للأطباء، ورئيس لجنة الصحة بحزب المصريين الأحرار، إن شراء شركة أبراج كابيتال الاقتصادية الإماراتية لأكثر من 122 مستشفى خاصًا علاوة على استحواذها على معامل تحاليل مثل المختبر والبرج يمثل خطرًا شديدًا على منظومة الصحة والأمن القومي المصري .
وأشار إلى أن خطورة سيطرة شركة أبراج كابيتال للمؤسسات الصحية في مصر يمثل سياسة احتكارية للسوق بالكامل والتحكم في الأسعار مما يؤدي لتقليل الاستثمار في مصر نظرًا لعدم قدرة صغار المستثمرين على مواكبة ظروف السوق وبالتالي التحكم في حجم ومستوى الخدمة الصحية وفقًا لأجندات سياسية أو حزبية أو دينية مما يثير القلق الشديد تجاه ذلك .
وأفاد أن استحواذ تلك الشركة على المؤسسات الصحية في مصر بهذا الشكل يثير علامات الاستفهام سواء من الناجية الإجرائية أو القانونية أو السياسية .
ونشرت صحيفة «المصرى اليوم» مضمون تقرير سري أصدرته هيئة الرقابة الإدارية، بخصوص استحواذ شركة أبراج «كابيتال» الإماراتية على القطاع الصحى الخاص بمصر، بعد شراء عدد من المؤسسات الصحية الخاصة، ما يهدد الأمن القومي المصري، وفقا للتقرير.
محذرا من وجود شبهة «غسيل أموال» نتيجة طبيعة تأسيس شركة «كريد هيلثكير ليمتد» المملوكة بشكل غير مباشر لشركة أبراج كابيتال، ومديرها التنفيذى باكستانى الجنسية، بينما المساهمون فيها مجهولون، وأكد التقرير وجود شبهات حول الغرض من الشراء .
ويحمل المستند الرسمى توقيع «محمد عمر وهبى، رئيس هيئة الرقابة الإدارة السابق، والصادر بتاريخ 23 مارس/آذار 2015 بقيد رقم 2398 وموجه إلى عادل عدوى، وزير الصحة السابق، وطالب الوزير حينها بتنفيذ توصيات الرقابة الإدارية بشكل عاجل، والتى طالبت بوضع ضوابط لإلزام الشركات المؤسسة وفقا لقوانين أجنبية بالحصول على الموافقة الأمنية اللازمة قبل إجراء أى تصرف قانونى بشأن المستشفيات ومصانع الأدوية الخاصة .
كما عرض رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية بتاريخ 18 أغسطس/آب 2014، مذكرة على وزير الصحة تضمنت بيع 54% من أسهم مستشفى القاهرة التخصصى بالبورصة، وبيع مستشفى كليوباترا لـ«كابيتال» الإماراتية، وبيع أسهم بنك مصر 9.5%، وأسهم البنك الأهلى 9.5%، بمستشفى دار الفؤاد إلى الدكتور فهد خاطر، وانتهت المذكرة بطلب مخاطبة نقابة الأطباء بعدم تغيير المالكين إلا بموافقة الوزارة، ومخاطبة الهيئة العامة للاستثمار وتم اعتماد التوصيات .
وتبين أن عمليات التداول التى نفذتها «أبراج كابيتال» على الأوراق المالية للشركات العاملة فى مجال قطاع الرعاية الصحية والأدوية من خلال البورصة تشمل: «استحواذ (CREED HEALTHCARE LTD) ، بتاريخ 9 يوليو/تموز 2014، من خلال شركة (CARE HEALTHCARE) المملوكة لها بالكامل على نسبة 52.7116% من أسهم شركة مستشفى القاهرة التخصصى، وبتاريخ 24 يوليو/تموز 2014، اشترت الشركة نسبة 100% من أسهم شركة مستشفى كليوباترا، وفى 5 أغسطس 2012، اشترت شركة INTEGRATED DIAGNOSITICS HOLDINGSLIMITED)) ، المالكة لنسبة 90.05% من إجمالى الأسهم المصدرة لشركة معامل البرج، نسبة 9.24% من الأسهم، وبتاريخ 21 أغسطس/آب 2012، اشترت شركة المختبر للتحاليل الطبية نسبة تبلغ 99.99 من إجمالى الأسهم ».
كما أن الشركات المقيدة بالبورصة المصرية والعاملة بمجال الرعاية الصحية والأدوية هي 17 شركة ويساهم الأجانب فى 16 شركة منها .
ومن جانبها، وصفت الدكتورة منى مينا، وكيل أطباء مصر، هذا الاستحواذ بـ”الكارثة” وأنه في الوقت الذي يسعى مشروع خصخصة التأمين الصحي الجديد لفتح المستشفيات العامة للقطاع الطبي الخاص في مصر، تستولي شركة أبراج الإماراتية على المستشفيات الخاصة الأكبر في مصر بالتدريج .
وأوضحت أن شركة أبراج متعددة الجنسيات مقرها في المنطقة الحرة بالإمارات، وقانون إنشائها يمنع الإعلان عن المساهمين فيها سواء أفراد أو حكومات، لافتة إلى أنها اشترت حتى الآن بشكل أكيد مستشفيات كليوباترا والقاهرة التخصصي والنيل بداروي والنخيل .
وتابعت مينا: “وتوقفوا عن إعلان المستشفيات المشتراة حديثًا بعد الضجة التي أثارتها النقابة حول الموضوع وأن هناك ضغوط مستمرة لشراء النزهة الدولي، قائلة: يعني إحنا حاليًا بنسعى لفتح مؤسساتنا الصحية والتحكم في كل المنظومة الصحية في بلادنا للمجهول، وضع مرعب بجد” . (المصدر مصر العربيه 26 يناير 2016)
وتُظهر الإحصائيات الصادرة من البنك المركزي المصري، احتلال دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الأول، من حيث الاستثمارات العربية المباشرة الموجودة بمصر، بقيمة 401.2 مليون دولار.
وكانت من أهم الأثار السلبية لسيطرة الإمارات على السوق الصحي بمصر ارتفاع أسعار الخدمات الطبية.. كما أسهمت الشركة الاحتكارية في القضاء على مسألة تطوير القطاع العام، الذي كان مؤهلًا لهذا الدور الذي تلعبه الشركة الإمارتية المرتفع فيها تكلفة العلاج، لأن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه، هو رفع أرباحها المالية
وللدلالة على ذلك فان قانون التأمين الصحي، الذي تعكف لجنة حكوميه على إعداده، يُتيح ضمن أحد بنوده، سياسة الخصخصة للمستشفيات التي تتبع هيئة التأمين الصحي."15"
وفي واحدة من أكبر صفقات الرعاية الصحية في أفريقيا والشرق الأوسط، تسعى مجموعة مستشفيات كليوباترا، أكبر شركة إدارة مستشفيات خاصة في مصر من حيث عدد الأسرّة، لإبرام صفقة اندماج مع مجموعة ألاميدا للرعاية الصحية المنافسة، والمالكة مستشفيات السلام الدولي في المعادي والقطامية، ودار الفؤاد في 6 أكتوبر ومدينة نصر، ومعامل "يوني لاب"، و"إلكسير للمناظير".
فيما يتزايد القلق بشأن التكتلات الاحتكارية الإماراتية - السعودية في القطاع الطبي الخاص، الذي يشكو أغلب المصريين من انفلات أسعار خدماته، لا سيما أثناء جائحة كورونا.
وتستحوذ شركة "أبراج كابيتال" الإماراتية على مجموعة من المستشفيات الكبرى في مصر، مثل كليوباترا والقاهرة التخصصي والنيل بدراوي، علاوة على سيطرة الشركة على سلسلتين من أكبر سلاسل معامل التحاليل، وهما "البرج" التي تضم 926 فرعاً و55 معملاً بيولوجيا، ومعامل "المختبر" التي تضم 826 فرعاً في كافة المدن والمراكز المصرية.
أما مجموعة علاج الطبية السعودية فتستحوذ على 9 مستشفيات كبرى، منها الإسكندرية الدولي، وابن سينا التخصصي، والأمل، والعروبة، بالإضافة إلى معامل "كايرو لاب" للتحاليل الطبية واسعة الانتشار في مصر، ومراكز "تكنو سكان" للأشعة التي تمتلك بدورها 24 فرعاً في محافظات مختلفة.
ومع تنامي نفوذ الإمارات في القطاع الصحي ، والتوسع في خصخصة القطاع الصحي ، والذي أصبح من أهم ضحاياه فقراء مصر ، فرض الأمر نفسه على برلمان السيسي، حيث تقدّم عضو لجنة الشؤون الصحية في مجلس النواب المصري فريدي البياضي مؤخرا بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير التعليم العالي القائم بأعمال وزيرة الصحة خالد عبد الغفار، بشأن موقف الحكومة من تزايد الاستثمارات الخاصة في القطاع الصحي مشيرا الى الاستثمارارت الإماراتية، ومخاطر احتكار القطاع الخاص الخدمات الطبية صحياً وأمنياً. "16"
المصادر
- العربي الجديد نشر بتاريخ 17 سبتمبر 2022
- موقع الشارع السياسي نشر بتاريخ 30 سبتمبر 2022
- نافذة مصر نشر بتاريخ 6 أكتوبر 2022
- موقع الشارع السياسي نشر بتاريخ 30 سبتمبر 2022
- اليوم السابع نشر بتاريخ 20 أبريل 2020
- موقع شبكة اريج نشر بتاريخ 12/11/2020
- موقع مدي مصر نشر بتاريخ 22 ديسمبر 2021
- العربي الجديد نشر بتاريخ 21 ابريل 2020
- الجزيرة نت نشر بتاريخ 30/6/2022
- العربي الجديد نشر بتاريخ 4 أكتوبر 2022
- العربي الجديدنشر بتاريخ 22 ابريل 2022
- سكاي نيوز عربية نشر بتاريخ 16يونيو 2022
- موقع انتر برس نشر بتاريخ 26 مايو 2021
- موقع الشرق نشر بتاريخ 18 يناير 2021
- المعهد المصري للدراسات دراسة للدكتور السيد رأفت العابد نشرت بتاريخ 21 نوفمبر 201 1
- العربي الجديد نشر بتاريخ 24 فبراير 2022