الفساد في عصر الانقلاب وغرق الاقتصاد المصري- دراسة تحليلية
الخميس - 25 آغسطس 2022
- مصر تراجعت في "الشفافية الدولية" منذ الانقلاب واحتلت المرتبة 117 في محاربة الفساد
- المستشار "جنينية": الفساد المالي بمصر يفوق التوقعات وتكلفته تعدت الـ600 مليار جنيه
- الفساد يهدر ثلث ميزانية الدولة.. والرشاوى تلتهم 3 مليارات جنيه يوميا في الحد الأدنى
- خسائر مصر من الفساد تزيد على 40 مليار جنيه سنويا.. وخبراء: لايمكن إحصاؤه
- أكثر من 100 ألف قضية فساد وصلت للمحاكم في 9 سنوات بخلاف الفساد المستتر
- الفساد الإداري يستشري بأجهزة الدولة في ظل تولية العسكريين للمناصب وتنحية المدنيين
- منظمات المجتمع المدنى أحصت 968 واقعة فساد عام 2016 فقط..والنصيب الأكبر للتموين
- الفساد يهدر 800 مليون جنية من أموال شركات "المخابرات الفنية ".. وما خفي أعظم
- السيسي أمر بالتستر على قضية أراضي الحزام الاخضر لتغطية فساد عشرات الجنرالات
- تصاعد وتيرة الفساد على مدار 9 سنوات أدي إلى كوارث اقتصادية أعاقت النمو وأهدرت الموارد
إنسان للإعلام- خاص
مقدمة
تعيش مصر منذ انقلاب 2013 أزهي عصور الفساد، حيث نجح العسكر بامتياز في تمكين المفسدين من المواقع المؤثرة في الدولة، واصبح حجم الفساد المنظم والمتورط فيه جنرالات العسكر غير قابل للإحصاء، وإن كان رئيس جهاز المركزي للمحاسبات أحصاه سابقا ب600 مليار جنية إلا أن الواقع والتقييمات الدولية لحجم الفساد بمصر يؤكدان أن هذا الرقم قد تجاوزه الواقع الحالي.
ولعل تتابع قضايا الفساد على مدار السنوات التسع الماضية خير دليل على ذلك، كما أن مقال الكاتب عماد أديب الذي أثار جدلا كبيرا بمصر مؤخرا حول اقتراب سقوط السيسي ونظامه، جعل من اهم المسببات توغل سرطان الفساد في جسد الدولة.
ومن خلال سطور هذه الدراسة نحاول نقل صورة مبسطة عن حجم الفساد في مصر وأثره علي المستقبل الاقتصادي لهذا الوطن المخطوف من قبل العسكر.
محاور الدراسة
- تراجع مستمر لمصر في تقرير الشفافية الدولية
- حجم الفساد المالي بمصر فوق كل الحسابات
- الفساد الإداري وعرقلته لتقدم الدولة المصرية
- نماذج من قضايا الفساد المتصاعد بمصر
- توابع الفساد وتأثيراته المستقبلية على الاقتصاد المصري
- نتائج وتوصيات
- تراجع مستمر لمصر في تقرير الشفافية الدولية
منذ عام 2014 وتشهد مصر تراجعا كبيرا في تقارير الشفافية الدولية ومحاربة الفساد ، حيث احتلت المركز 94 في قائمة تضم 175 دولة، في مكافحة الفساد، التي تضمنها «مؤشر مدركات الفساد » الذي صدر عن منظمة الشفافية الدولية في نهاية عام 2014 ، وعلق التقرير على مصر بان الفساد أستشري في كل قطاعات الدولة . وفي عام 2015 أعلنت منظمة الشفافية الدولية مؤشر مدركات الفساد المختص بترتيب الدول حول العالم حسب مدى انتشار الفساد بين الموظفين وكبار متخذي القرارفي مصر، واحتلت المركز 88، حيث أكد التقرير أن المواطن يتحمل فاتورة صناعة الفساد في مصر، حيث يعتبر المواطنون انتشار الفساد في مصر، واضاف أن من البديهيات التي لا يمكن تفاديها، ويتعامل معها المواطنون والحكومة بلا خجل أو دهشة، بدءا من رشاوى المواطنين لصغار موظفي الدولة في صورة “إكراميات” وانتهاءً بإكراميات الدولة لكبار موظفيها في صور “مكافآت أو حوافز أو جهود”.
ومن الجدير بالذكر أن مصر تراجعت من 37 إلى 36 نقطة من أصل 100 درجة (الاعلى أكثر شفافية)، ولكن نتيجة تفشي الفساد في دول مثل المغرب وبيرو وأرمينيا والجابون، وتراجع ترتيب تلك الدول، فقد تغير مركز مصر من 94 إلى 88 والذي بالطبع لا يعبر عن انتصار جهود محاربة الفساد في مصر، بقدر ما يعبر عن انتصار الفساد نفسه في تلك الدول.
وفي عام 2016، تراجعت مصر للمركز 108 في مؤشر الفساد ، الذي أعلنته "منظمة الشفافية الدولية"، حيث اكد التقرير في هذا العام أن تدهور وضع مصر على مؤشر الفساد إذ سجلت 34 نقطة، مقابل 36 العام السابق، وهو ما يؤكد تراجع معدل الشفافية في البلاد، وتفاقم الفساد، حيث إنه كلما اقتربت درجة الدولة على المؤشر، الذي يقيس مستويات النزاهة سنوياً في مختلف دول العالم، من صفر، كلما دل ذلك على أن تلك الدولة أكثر فساداً، وكلما اقتربت من 100 كلما عكس ذلك زيادة نزاهتها ، وقالت "الشفافية الدولية" في تقريرها: "يبقى الفساد مستشرياً في مصر في ظل غياب أي إرادة سياسية حقيقية وجادة لمكافحته".
وفي عام 2017 واصلت مصر الاتراجع في مؤشر الشفافية العالمي ، حيث سجلت 32 نقطة، مقابل 34 العام السابق ، واحتلت مصر المركز 117 في مؤشر الفساد من بين 180 دولة شملها المؤشر في 2017.
وقبعت مصر أيضا في ترتيب متأخر في السنوات التالية، بحيث كانت في المركز 106 عام 2019، والمركز 105 عام 2018.
وفي عام 2020 ، نجد أن مصر، بالرغم من ادعاءات السيسي ونظامه محاربة الفساد، أصبح تقييمها 33 نقطة من أًصل 100، وأستمرت بالمركز الـ117 من أصل 180 دولة، فيما أصبح ترتيبها الـ11 على الدول العربية.
وفي عام 2021 احتلت مصر المركز 117 عالميًا -من أصل 180 دولة- في مؤشر مكافحة الفساد لعام 2021، وقد حصلت مصر على 33 درجة.(1)
- حجم الفساد المالي بمصر يفوق كل الحسابات
إذا حاولنا أن نقدر حجم الفساد في مصر في الانقلاب العسكري، لن نكون قادرين على النجاح في هذه المهمة بسبب الكم الغير مسبوق من قضايا لافساد التي شهدته كمصر في هذه الفترة، وليس هناك حصر دقيق أو بيانات رسمية لقضايا الفساد أو حجم الأموال التي المهدرة بسبب الفساد في الاقتصاد المصري، يعرف الفساد اقتصاد مصر بأكثر من طريقة، ففي حين تتلقى الأعمال الكبيرة ذات الشعبية معاملة مميزة، تضطر الأعمال المتوسطة إلى تبني الكذب، والابتزاز، والإختلاس، والرشوة. هذا التفضيل يجبر الأعمال على أن تحظى بشبكات قوية لكي تنجو. رغم تواجد القوانين لتجريم هذه الأفعال، إلا أنه من النادر تنفيذها بشكل مناسب.
الفساد تعدي تكلفته الـ600 مليار
وقد قدر رئيس الجهازالمركزي للمحاسبات السابق حجم تكلفة الفساد ب600 مليار جنية ، وقد نقلت شبكة (CNN) تصريحات جنينة ومعظم الشبكات الأخبارية العالمية وقتها ، كما نقلت وسائل إعلام مصرية بيانا صادرا من نيابة أمن الدولة العليا بأن تصريحات هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن الـ 600 مليار جنيه تكلفة الفساد في مصر خلال عام 2015 غير منضبطة، وأن الجهاز المركزي للمحاسبات غير معنى بتحديد الفساد.
ووقتها وصف البرلماني السابق والمعارض المصري مصطفى النجارالمختفي قسريا للعام الثالث حاليا، قرار اعتقال جنينة وإزاحته عن منصبه بالمخالفة للدستور، بالصادم وقال إنه "يلقى بظلال من الشك حول جدية الدولة في مكافحة الفساد، وفى نفس الوقت لم نرى نفس القوة في ملاحقة الفاسدين الحقيقين ولكن تم عقاب الكاشفين عن الفساد ، وأضاف في تصريحات خاصة لموقع CNN بالعربية، أنه لا يجوز عزل رئيس المركزي للمحاسبات. (2)
الفساد يهدر ثلث الميزانية والرشاوى تلتهم 3 مليارات جنيه يوميا
في السياق نفسه، قال الكاتب المصري المقيم في ألمانيا، يسري علي، في مقال منشور الجمعة 13 مايو 2022، بموقع "عربي بوست": من أخطر الأوبئة التي أصابت الدولة المصرية وتسببت في انهيارها وتقزمها وإراقة دماء أبنائها، هو وباء الفساد والخلل الاجتماعي والاقتصادي الذي أصاب جسد الدولة وأنهكها ودفع بها إلى المنحدر الخطير الذي تمر به الآن ، وأن الفساد يهدر ثلث الميزانية والرشاوى تلتهم 3 مليارات جنيه يوميا
وأضاف أن حجم الفساد في مصر في العام 2022 يفوق الخيال، وحاليا لا يستطيع مواطن مصري قضاء أي مصلحة أو إجراء أي معاملة في الدولة إلا بدفع رشوة، فالفئات العمرية بين 20 و 70 عاما يصل تعدادا الى نحو 60 مليونا من السكان، وهي الفئة التي تتعامل يوميا مع أجهزة الدولة، فلو افترضنا أن 25 من هؤلاء فقط يجري معاملة رسمية كل يوم، أي 15 مليون مواطن يدفع كل منهم متوسط 200 جنيه رشوة ، فإن تكلفة الفساد اليومي في مصر في حدها الأدنى تصل الى 3 مليارات جنيه... هذه تكلفة الرشاوى فقط،، ناهيك عن فساد العمولات والإتاوات، والفساد الإداري في مشروعات الدولة، حيث تم تعديل قوانين مهمة مثل قانون "المزايدات والمناقصات" الذي أتاح حرية الإسناد للمناقصات والصرف للمال بضوابط يسهل الخروج عليها، من أي مسؤول لا يتحلى بالانضباط الأخلاقي.
كما تعجبت المستشارة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الشفافية الدولية كندة حتَر قائلة: إن عدم تغيير الحال عما كان عليه قبل ثورات الربيع العربي، هو رسالة بحد ذاته، فهناك قوانين تغيرت وقواعد وضعت، مع ذلك لا يوجد تغيير حقيقي في المنظومة الحاكمة للفساد والثقافة السائدة المحيطة به!. (3)
فاتورة الفساد: "مصر الأولى عربيًا والرابعة دوليًا أمام التحكيم الدولى"
وبسبب الفساد المستشري في كل قطاعات الدولة، أصبحت مصر في المركز الأول عربياً والرابع عالمياً في قائمة الدول الأكثر تعرضاً لدعاوى التحكيم بالمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار"الإكسيد"، وفقاً لقواعد بيانات المركز نفسه، والموقع الإلكتروني لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"
"قد تضطر الخزانة العامة سداد تعويضات نتيجة الفصل في قضايا التحكيم المرفوعة على الحكومة المصرية أو تسويتها ودياً"، عبارة جاءت في البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة المصرية لعام 2021 - 2022 تحت بند المخاطر المالية من دون الإشارة إلى المبالغ المخصصة لها.
جدير بالذكر أن مصر من الدول التي تلتزم بدفع التعويضات المترتبة عليها فى قضايا التحكيم الدولي، وفقا لدراسة بعنوان: "امتثال الدولة لتعويضات منازعات الاستثمار"، نشرت عام 2020 في دورية "ICSID Review".
الأمر نفسه ينطبق على عدم إعلان قيمة التسويات التى قدمتها مصر كتعويضات للمستثمر الأجنبي مقابل إنهاء قضايا التحكيم، والتى وصلت إلى 37 قضية، وفقاً لقطاع التحكيم والتسويات الدولية في وزارة العدل و11 من تلك القضايا رفعت بمركز "إكسيد"، الذي نظر في 26 قضية منذ عام 2011، بنسبة 68 في المئة من مجمل عدد القضايا المقيدة ضد مصر، بحسب بيانات المركز نفسه منذ عام 1984.
وأسباب الزيادة المطردة لقضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر في "الإكسيد" خلال العقد الأخير يمكن حصرها في عاملين، الأول: القرارات الحكوميّة سواء تلك التي جاءت بناءً على التغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد إبان الثورة المصرية أو غير ذلك، وتمثل 12 قضية. والثاني: الدعاوى القضائية التي رفعها نشطاء وأشخاص بصفتهم ضد هيئات حكومية بسبب صفقات شابها الفساد، وأخرى طالبت بعودة شركات ومصانع إلى ملكيّة الدولة عقب خصخصتها وعددها 7 قضايا.
وتتعدد جنسيات المستثمرين الأجانب أصحاب قضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر في"الإكسيد" بعد عام 2011، نتيجة لاتفاقيات الاستثمار التي وقعتها مصر مع دول أجنبية وعددها 115 اتفاقية، تتيح بنودها للمستثمر حق اللجوء إلى التحكيم الدولي لتسوية النزاع مع البلد المضيف.
38 في المئة من إجمالي قضايا "الإكسيد" ضد مصر -بعد 2011- البالغ عددها 26 قضية ما زالت قيد التحكيم، بينما حسمت 12 في المئة فقط من القضايا لصالح مصر، بواقع ثلاث قضايا
ما يقرب من نصف عدد القضايا أيضاً تمّ تسويتها، من بينها 5 قضايا سحبت قبل أو بعد صدور حكم لصالح المستثمر، الأمر الذى فسره مستشار التحكيم التجاري الدولي فاتح جابي أن "القضية لا تسحب إلا بعد التفاوض على حل ودي، والتفاوض يتيح للمحكم احترام المبادئ الأساسية للتقاضي، وقد يقوم باستبعاد قواعد قانونية، أو قواعد مراكز التحكيم".
ويرى جابي أن سبب زيادة قضايا التحكيم ضد مصر هو التفريط في الموارد والأصول عند إبرام العقود مع المستثمر الأجنبي، مع عدم الشفافية وبيروقراطية الجهاز الإداري الحكومي واستشراء الفساد .
وقد سجّل مجال الغاز الطبيعي والمحاجرالنسبة الأعلى من مجموع قضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر بعج عام 2013 بواقع 23 في المئة، تلاه قطاعا البناء والصرف الصحي بنسبة 15 و11 في المئة لكل منهما.
قضية "يونيون فينوسا جاز الإسبانية" Unión Fenosa -شركة مشتركة بين "Naturgy ناتورجي" 50% و"Eni إيني" 50%- واحدة من أشهر قضايا قطاع الغاز الطبيعي، وتحمل رقم (ICSID Case No. ARB/14/4).
تتهم الشركة الإسبانيّة مصر في دعوى "الإكسيد" بالإخلال بمبدأ المعاملة العادلة بعد وقف إمدادات الغاز الطبيعي عام 2012 لمصنع إسالة دمياط الذي تملك الشركة نسبة 80 في المئة منه، لصالح سد عجز السوق المحلي.
صدر الحكم لصالح المستثمر عام 2018 بتغريم مصر 31 مليار جنيه (2 مليار دولار أمريكي). وخلال عام 2020 توصل الجانبان إلى اتفاق تسوية من دون الإعلان عن قيمته، إلا أن شركة "نتاروجي" أعلنت انسحابها من شركة "يونيون فينوسا" مقابل تعويض من الحكومة المصرية يصل إلى 9360 مليون جنيه (600 مليون دولار أمريكي)، إضافة إلى وضع يدها على الأصول الخاصة بالشركة خارج مصر بقيمة 4680 مليون جنيه (300 مليون دولار أمريكي).
أما "إيني" فزادت من حصتها في مصنع إسالة دمياط من 40 إلى 50 في المئة لتعزز من وجودها في السوق الأوروبي، وخلال شهر آذار/ مارس 2021 شهد مصنع دمياط استئناف العمل بعد توقف دام ثماني سنوات.
ينبغي الإشارة هنا إلى انتقادات وجهها تقرير حقوقي صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "فساد تعاقدات الغاز في عصر مبارك" للحكومة المصرية، بسبب إخفاء قيمة عقود بيع الغاز للشركات الأجنبية من ضمنها "يونيون فيونسا" قبل حلها، إضافة إلى العقود طويلة الأجل التي يعقدها الجانب المصري مع الجانب الأجنبي.
كل ماسبق ما هو إلا عينة من الفساد المستشري في قطاع التعاقدات الدولية وخسائر المليارات من قوت المصريين . (4)
مركز حقوقي: خسائر مصر من الفساد تزيد على 40 مليار جنيه سنويا
توالت خلال السنوات الماضية وقائع فساد الكبار في مصر بشكل يزكم الأنوف، والمخفي منها أكثر من الظاهر، خاصة بين المقربين للنظام، حيث شهدت النيابات والمحاكم أكثر من وقائع فساد متتالية سرق فيها أكثر من 30 مليار جنية. وقال المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية: إن خسائر مصر من الفساد تكلف أكثر من 40 مليار جنيه سنويا. (5)
خبراء: حجم الفساد فى مصر لا يمكن إحصاؤه
وقد نشرت جريدة الوفد المقربة من النظام المصري تقريرا عن الفساد في عام 2017 ، أكدت فيه أن حجم الفساد فى مصر لا يمكن إحصاؤه ، وأن خبراء شككوا مكافحة الفساد فى التقارير التى نشرتها عدد من منظمات المجتمع المدنى بأن عام 2016 شهد 968 واقعة فساد، وأن النصيب الأكبر من الفساد بين الوزارات أحتلته وزارة التموين بواقع 200 قضية، ومحافظة القاهرة حصلت على النصيب الأكبر بين الحافظات بواقع 257 قضية فساد،وأن الفساد حجمه اكبر من ان يحصي .
وأكد الخبراء للجريدة أن المنظمات وعلى رأسها مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، اعتمدت فى تقريرها على ما نشر فى وسائل الاعلام فقط، دون الاعتماد على آلية معينه تثبت بها مدى صدق أرقامها أو منظمة إحصائية تقوم برصد حجم الفساد خلال العام، كما أنها لم تقم بعم الدور المنوط بها بعرض رؤيتها وطرقها لمكافحة الفساد.
وقالت الدكتورة غادة موسى، رئيس مركز الحوكمة ومكافحة الفساد، للوفد إنه من الصعب الاعتماد على تقارير لم يتضح لها مرجعية ثابته، لافته إلى أنه لا يجوز أن يتم اعتبار ما نشر من دفتر أحوال مصر بمثابة حصر صادق لقضايا الفساد التى شهدها عام 2016.
ومن جهته، رأى الدكتور أحمد صقر عاشور، الأستاذ بجامعة الاسكندرية، والخبير الدولة فى الحوكمة ومكافحة الفساد، أن الفساد فى مصر فى ازدياد مستمر لغياب أساليب العلاج وعدم الاعتماد على الطرق الدولية الحديثة التى تعتمد عليها الدولة المتقدمة فى هذا الجانب، مثل فنلندا وإيسلندا وسنغافورة
وأكد أن دور الرقابة الإدارية فى الشهور السابقة كان جيدا ولكنه غير كاف لانه لا يتناسب مع أشكال وانماط تغلغل الفساد فى كل أجهزة الدولة، مشيرًا إلى أن المشكلة لا تكمن فى إحصائيات تنشر عن حجم الفساد وانما فى ضعف أجهزة الدولة التى تحتاج إلى تغير شامل للمنهج الذى يتم به التصدى للفساد.(6)
- الفساد الإداري وعرقلته لتقدم الدولة المصرية
ومن أخطر ما تواجه مصر من أنواع الفساد ، ظاهرة الفساد الاداري والمالي والتى تعد آفة مجتمعية فتاكة وقد زادت وتيرتها في ظل نظام السيسي الذي أعطي الضوء الاخضر لها ، هناك أكثر من 100 ألف قضية فساد وصلت للمحاكم في 9 سنوات بخلاف الفساد المستتر .
وأصبحت ظاهرة الفساد الإداري تتداخل في كل قطاعات المجتمع وعلاقاته، ابتداءً من الدولة بمؤسساتها الرسميــة التشريعيــــــــة والتنفيذية والقضائية ومؤسسات الثقافة والاعلام، وانتهاءاً بالأفراد في تعاملاتهم اليومية وأصبحت تؤثر في نسيج المجتمعات وسلوكيات الأفراد مما يكون له آثارمعاكســة واضحـــة ومباشرة علـــى التنميـــــــة الاقتصادية وتخلفها، واصبح من أشكالها في مصر:
- الرشوة بجميع وجوهها وفي القطاعين العام والخاص والاختلاس بجميع وجوهه وإساءة استغلال الوظيفة والثراء غير المشروع وعدم التقيد بالقوانين والانظمة ، وعدم تقديم الخدمة بعدالة ومساواة .
- الاستغلال غير المشروع من قبل الموظف للصلاحيات الإدارية او المنصب الحكومي المخول له وفق القانون، وقد يكون هذا الاستغلال لإغراض شخصية او نفعية او لميول او قبلية و كل ما يدخل تحت نمط المحسوبية و مما يخل بعدالة العمل الحكومي الإداري ، وكذلك استخدام مال التعجيل ويسمى بالعمولاتcommission وهو المال الذي يدفع لموظفي الحكومة لتعجيل النظرفي أمر خاص للغير.
- استغلال الفساد الحكومي او الإداري من قبل القطاع الخاص، ومن امثلة هذا الفساد تسليم مشاريع اقتصادية لشركات معينة خارج إطار المناقصات، مقابل مادي او نفعي مما يؤثر على نزاهة العملية ويضر بالصالح العام او اشتراك بنوك معينة في عمليات مالية مشبوهة مثل تمويه الأرصدة .
- المخالفه للقوانين واللوائح والقيم والأخلاق ، خاصة بعد توسع الجيش في ترسية الصفقات والمشروعات بالأمر المباشر .
- السرية التامة في ممارسة الفساد وبطريقة غير مباشرة والاعتماد على التحايل والخديعة في التعامل خاصة بين جنرالات الجيش ولعل التسريبات المستمرة لجنرالات تورطوا في الفساد خير دليل .
- ومن أهم مسببنات الفساد في القطاع الإداري، الروتين في عمل دوائرالدولة ووضع العراقيل في طريق مصالح المواطنين والتقاعس عن اداء الواجب.
- الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل المالي في الدولة ومؤسساتها ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية المختصة بفحص ومراقبة الحسابات والاموال،ويمكن ملاحظة مظاهره في : الرشاوى والاختلاس والتهرب الضريبي وتخصيص الأراضي والمحاباة وتفشي المحسوبية .
- وما يتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الإدارية والوظيفية أوالتنظيمية وتلك المخالفات التي تصدرعن الموظف العام إثناء تأديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية. وهنا تتمثل مظاهره في الامتناع عن أداء العمل أو التراخي وعدم تحمل المسؤولية، وإفشاء أسرار الوظيفة ، والمحسوبية في التعيينات الوظيفية، ومظاهره متعددة ومتداخلة وتكون سببا في انتشار بعض المظاهر الأخرى .
- والفساد الأخلاقي : ويتمثل بمجمل الانحرافات الأخلاقية والسلوكية المتعلقة بسلوك الموظف الشخصي وتصرفاته، كالقيام بإعمال مخلة بالحياء في أماكن العمل أو أن يجمع بين الوظيفة وأعمال أخرى خارجية دون أذن أدارته، أو أن يستغل السلطة لتحقيق مآرب شخصية له على حساب المصلحة العامة أو أن يمارس المحسوبية بشكلها الاجتماعي دون النظر إلى اعتبارات الكفاءة والجدارة .
- الفساد التراكمي : أهم ما تعانيه ادارات الدولة هو الفساد التراكمي نتيجة غياب الرقابة الادارية الصارمة وغياب مبدأ الثواب والعقاب، فالتجاوزات القانونية والمالية للمسؤول يشجع كل موظف في مؤسسات الدولة على ارتكاب تجاوزات مماثلة، مما يؤدي إلى تراكم الفساد، وزيادة انتشاره في ادارات الدولة. ومن انواعه الرشوة ، الاختلاس ،والسرقة ، و المحسوبية .
اسباب عديدة للفساد الإداري بمصر
ويعد الفساد الإداري من الجرائم صعبة الاكتشاف وغالباً ما يتم الفساد عن طريق وسطاء ولايكون مباشراً، وله أسباب وانعكاسات عديدة يمكن ملاحظتها في:
- أسباب سياسية تؤدي الى تفشي ظاهرة الفساد هو ضعف الممارسة الديمقراطية و شيوع حالة الاستبداد السياسي والدكتاتورية في العديد من البلدان يسهم بشكل مباشرفي تنامي هذه الظاهرة وفي النظم الديمقراطية تكون هناك جهة رقابية خارج سيطرة السلطة التنفيذية تستطيع المحاسبة على أية تجاوزات مالية وإدارية ، كما ان قلة الوعي السياسي وعدم معرفة الآليات والنظم الإدارية التي تتم من خلالها ممارسة السلطة بالاضافة الى عدم وجود عامل الخبرة والكفاءة لإدارة شؤون الدولة يزيد من ظاهرة انتشار الفساد.
- عدم استقلالية القضاء يؤدي الى انتشار ظاهرة الفساد بمستوى عالي ، حيث يلاحظ في معظم البلدان المتقدمة استقلالية القضاء عن عمل وأداء النظام السياسي وهو ما يعطي أبعاداً سليمة تتمثل بالحكم الصالح ، فاستقلالية القضاء مبدأ هام يستمد أهميته من وجود سلطة قضائية مستقلة نزيهة تمارس عملها بشكل عادل وتمتلك سلطة رادعة تمارسها على عموم المجتمع دون تمييز وإشاعة العدل بين أفراد المجتمع .
- أسباب اجتماعية تتمثل في التركيبة السكانية والولاء العائلي، مما يؤثر على انتشار الواسطة وهي تنتشر في المجتمع المصري وذلك لان الحياة الاجتماعية تتقبلها ولا تعتبرها فساداً ، بل يتم تقديم العون على استمرارية مثل هذا النوع من الآفات وإيجاد المبررات الشرعية لها .
- انعدام التنظيم للوحدات الادارية وتتمثل في تشابك الاختصاصات التنظيمية للوحدات الإدارية وغياب الأدلة الإجرائية المنظمة للعمل وعدم وضوح الاختصاصات والمسؤوليات الوظيفية والاعتماد على الفردية والشخصية في العمل، مما يؤدي إلى اسغلال الوظيفة العامة ،وعدم عدالة توزيع المناصب .
- ضعف الدور الرقابي على الأعمال : يظهر الفساد في حالة ضعف الدور الرقابي و عدم القدرة على ممارسته ، وعدم تطبيق القانون بالاضافة الى عدم تفعيل صلاحيات الأجهزة الرقابية على أعمال الجهاز التنفيذي ومحاسبة المقصر على المخالفين وضعف المسؤولية الإدارية عن الأعمال الموكلة لها أو المحاسبة عليها ، والقصور الحاد في استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة في نظم الرقابة .
- التخلف البنيوي في الهياكل المعنية بإدارة الإقتصاد و التخلف التكنولوجي في الدولة .
- ضعف دور وسائل الاعلام ومحدوديتها وعدم قدرتها على فضح الفساد، وعدم وجود الشفافية في بيئة العمل وعدم الحرص على المعلومة الصحيحة وكشفها بعد سيطرة الدولة واجهزتها السيادية عليها. (7)
- نماذج من قضايا الفساد المتصاعد بمصر في عهد السيسي
توالت على مدار الاعوام التسعة الماضية ، العديد من قضايا الفساد في مصر ولا تستطيع المنظمات المعنية بإحصاء هذه القضايا، ولكن سنتعرض لنماذج سريعة لهذه القضايا التي طفحت على الواقع المصري ومنها مايلي :
- المحاكمات للعديد من كبار المسؤولين خلال الأعوام الأخيرة في مصر، من أبرزهم وزير الزراعة السابق صلاح هلال بعد استقالته في سبتمبر 2015، بعد اتهامه بالفساد وتلقي رشاوى وهدايا لتسهيل أعمال غير قانونية لرجال أعمال، كما اطيح بوزير التموين السابق خالد حنفي، على خلفية اتهامات بإهدار المال العام وفضيحة فساد القمح، وقُبض على أمين عام مجلس الدولة وائل شلبي، وانتحاره في ظروف غامضة في أواخر 2016 وأوائل 2017. (8)
- القبض على الدكتور هشام عبد الباسط محافظ المنوفية ورجلي أعمال، لتورطهم في قضية رشوة.
- محكمة جنايات القاهرة قضت بمعاقبة جمال اللبان مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، بالسجن المؤبد، وتغريمه مليوني جنيه، وعزله من وظيفته، ومصادرة مبلغ مليون و239 ألفا و155 جنيها، وإعفاء كل من رباب أحمد عبد الخالق، وزوجها مدحت عبد الصبور شيبة، ومحمد أحمد شرف الدين "الوسيط " من العقوبة.
- كما تمكنت هيئة الرقابة الإدارية بالبحيرة، من ضبط رئيس قسم أملاك الدولة السابق لمركز ومدينة كفر الدوار، لاتهامه بتسهيل الاستيلاء على 18 فدانًا بنطاق عزبة زهرة بنطاق قرية الأمراء بكفر الدوار وتسليمها لمواطن يدعى "عاطف محمد"، وحاول رفعها من أرض أملاك دولة إلى أراضي خاصة بالشهر العقاري، وتقدر قيمتها بـ 72 مليون جنيه.
- ضبط نائب محافظ الإسكندرية، سعاد الخولي، و5 من رجال الأعمال، بتهمة تقاضيها عطايا مادية ومبالغ مالية منهم على سبيل الرشوة، تجاوزت مليون جنيه.
- في يناير 2017 أعادت هيئة الرقابة الإدارية 9 ملايين ونصف المليون جنيه لخزينة الدولة، عقب القبض على بعض المسؤولين بالإدارة المحلية بمحافظة الفيوم في قضايا فساد، حيث أسفرت التحريات عن ضلوع كل من رئيس مركز ومدينة طامية السابق، ومدير الأملاك بمجلس المدينة، ومدير التنظيم لتسهيلهم الاستيلاء على أرض أملاك دولة بمدينة طامية تقدر قيمتها بملايين الجنيهات وإصدار تراخيص بناء بالمخالفة.
- في نهاية يناير 2017 تم إلقاء القبض على مستشار وزير المالية عقب تقاضيه رشوة مليون جنيه، من أصل 4 ملايين جنيه، من صاحب شركة مقاولات مقابل التلاعب في تقدير قيمة أرض قرية سياحية، ما كان سيهدر مبلغ 500 مليون جنيه على الخزانة العامة للدولة.
- كما ضبطت الرقابة الإدارية الدكتور حازم القويضي، محافظ حلوان الأسبق، لحصوله على سيارة مرسيدس 350 قيمتها حوالي مليون جنيه (رشوة)، مقابل تخصيص قطعة أرض مساحتها 800 م، بشارع 9 بالمعادي لشركة سيارات، بدلاً من طرحها بالمزاد أثناء فترة شغله منصب المحافظ.
- في أواخر 2017 أعلنت الرقابة الإدارية عن ضبط "م. ش" رئيس إحدى شركات الدواء الكبرى المحتكرة استيراد "البنسلين" لتورطه في حق وكالة استيراد 42 مستحضرًا طبيًا إلى شركة خاصة يمتلكها باستخدام أساليب احتيالية وحصوله على ملايين الجنيهات أرباحًا استولى عليها هو وأسرته وآخرين مما تسبب في عجز المسئولين بوزارة الصحة عن توفير هذه المستحضرات الحيوية ومنها مستحضر البنسلين وتسببه في نقصه بالأسواق.
- ضبطت الرقابة الإدارية أمين عام مساعد الشهر العقاري بالقليوبية و4 موظفين من معاونيه بالشهر العقاري ومديرية المساحة لتلاعبهم في مستندات ملكية قطعة أرض مساحتها 10 أفدنة بشبرا الخيمة قيمتها 260 مليون جنيه مملوكة للشركة القومية للتشييد والتعمير بغرض نقل ملكيتها لأحد الأشخاص المتعدين.
- الفساد المستمر في الصناديق الخاصة هي أوعية موازية في الوزارات أو الهيئات العامة، وتنشأ بقرارات جمهورية، لتستقبل حصيلة الخدمات والدمغات والغرامات وغير ذلك من الموارد لتحسين الخدمات التي تقدمها الهيئات العامة، هذه الحصيلة لا تدخل إلى خزينة الدولة ولا علاقة للموازنة العامة بها، وبالتالي لا يناقشها مجلس الشعب، ولكنها تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات .
- صفقات تسليح مشبوهة أضاعت اموال المصريين، حيث تورط النظام الحالي للسيسي في قضايا وصفقات وصفها الكثيرون بالمشبوهه، إستكمالا لحالة الفساد التي أنتابت مصر لسنوات طويلة وأستمرت بعد ثورة 25 يناير 2011، ومن أشهر تلك الصفقات:
- محطات توليد الكهرباء الألمانية، وقد وصف رئيس شركة سيمنز الألمانية العقد الذي أبرمته الشركة مع مصر – 4 يونيو 2015- لإنشاء محطات توليد كهرباء تعمل بالغاز والرياح بلغت قيمتها 8 مليار يورو (9 مليارات دولار) بأنه لا مثيل له.
- في 12 يونيو 2015 ذهب السيسي إلى المجر لعقد اتفاق قرض مع دولة المجر بقيمة 900 مليون يورو لتمويل توريد 700 عربة قطار. كان هذا جزءًا مما كشفه تحقيق أجرته صحيفة (المصري اليوم) في 11 أكتوبر 2015، الذي جاء تحت عنوان بالمستندات: إهدار 13 مليار جنيه في شراء «قطارات مجرية» تصنع محليًّا، وكشف عن مستندات رسمية عن سعي وزارة النقل للحصول على قرض بقيمة مليار يورو (10 مليارات جنيه) من أحد البنوك التجارية المجرية، بفائدة تتراوح ما بين 2.25% و3.30%، لتمويل شراء 700 عربة درجة ثانية، و16 قطارًا كاملًا، على الرغم من عدم وجود دراسة فنية، أو اطلاع على المصنع المجري الذي سيصنع تلك العربات، كما أن الهيئة العربية للتصنيع لديها إمكانيات تفوق المصانع المجرية، في هذا الشأن، وبإمكانها توريد تلك العربات بأسعار أقل كثيرًا، بحسب الصحيفة.
- صفقة طائرات رافال من فرنسا، والتي تعد هي الأولى التي تبيعها فرنسا من هذا النوع من الطائرات بعد فشل مستمر لبيع ولو “طائرة واحدة” منها بعد ثلاثة عقود من بدء تطويرها وعقد واحد من بدء استخدامها في فرنسا في عام 2004، وانتقدت الصفقة – بشدة- نظرًا لتعدد الدول التي رفضت شراءها سلفًا ، فالمغرب رفضت صفقة قوامها 24 طائرة في عام 2007 برغم العلاقات المغربية الفرنسية القوية، لتعقبها البرازيل التي رفضت شراء الطائرة وفضلت عليها طائرات (جربن) السويدية، بالرغم من أن رئيس فرنسا حينها، فرونسوا أولاند، قام شخصيًّا بالترويج لها في زيارة رسمية له للبرازيل في ديسمبر 2013.
- الطائرات الرئاسية، فبالرغم مما تعانيه مصر من مشكلة اقتصادية، ذكرت صحيفة (لاتريبون) الفرنسية إن مصر اشترت أربع طائرات خاصة من طراز (فالكون 7 أكس) من شركة داسو الفرنسية بنحو 300 مليون يورو (338 مليون دولار)، لتجديد الأسطول الذي تستخدمه الحكومة المصرية والذي يتألف حاليًا من طائرات أميركية. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصفقة تأتي بعد أن باعت الشركة الفرنسية نفسها للقاهرة 24 طائرة حربية من طراز رافال في فبراير/شباط 2015.(9)
- الحزام الأخضر، وهي القضية التي تستر عليها السيسي ونجله لحماية سمعة جنرالات الجيش، شركاؤه في الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب.
هذه القضية تناولها موقع "عربي21" وعرض فيها معلومات تفصيلية من مصدر مطلع داخل جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة المصرية تكشف جوانب خفية في أكبر قضية فساد بمصر، حيث قام عبدالفتاح السيسي بنفسه بالتستر عليها إرضاء للعديد من أجهزة الدولة الرقابية والسيادية، وبتدخل مباشر من نجله مصطفى الذي يعمل حاليا مسؤولا كبيرا في هيئة الرقابة الإدارية.
كشف المصدر المطلع، بحكم عمله داخل مشروعات أراضي الجيش، تفاصيل الحلقات المفقودة في القضية المعروفة إعلاميا بـ"الحزام الأخضر"، التي حوكم فيها وزير الإسكان الأسبق، محمد إبراهيم سليمان، ورجل الأعمال سمير زكي عبدالقوي، وثلاثة من مسؤولي هيئة المجتمعات العمرانية، بتهمة التربح والإضرار بالمال العام، وذلك عن طريق بيع مساحات كبيرة من الأراضي بأقل من سعرها.
وكان "رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق المستشار هشام جنينه كتب تقريرا حول تلك الجريمة الكبرى، وأوضح كل تفاصيلها، وكيف تغيرت الأراضي من هذا إلى ذاك"، مطالبا بالكشف عن الوثائق والمستندات الخاصة بهذه القضية، والكشف عن الأسماء التي حصلت على الأراضي.
وقد اورد موقع "عربي21" بعض الأسماء التي حصلت على أراض بالحزام الأخضر بالمخالفة للقانون ولقواعد التخصيص، ومنهم:
- اللواء عبدالحميد عبدالعزيز الهجان- سكرتير اللواء هتلر طنطاوي سابقا، ويشغل حاليا منصب محافظ قنا
- اللواء محمد صلاح أبو هميلة- مساعد رئيس هيئة الرقابة الإدارية السابق ونائب رئيس ائتلاف دعم مصر حاليا
- اللواء أمين يحيى زكريا متولى- وكيل سابق بهيئة الرقابة الإدارية وكان مسؤولا عن المصاريف السرية لهتلر طنطاوي
- اللواء أحمد عبد الحميد عبد اللطيف رضوان- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء أيمن سالم أحمد سالم- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء أحمد حسنين أحمد حلة- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء محمد الشافعي حسن السيد- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء محمد سعيد حافظ- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء هشام بيومي على حسن- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء علاء عباس فهمى عثمان- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء فيصل محمد عبد الله عبود- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء أحمد ممدوح إسماعيل أبو العزم- وكيل بهيئة الرقابة الإداري
- اللواء حسن مصطفى حسن مصطفى- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
- اللواء محسن الدرديري ثابت حسن- وكيل بهيئة الرقابة الإدارية
وهذه بعض الأسماء التي وردت بالتقرير السري للجهاز المركزي المحاسبات، ومعها أكثر من 300 اسم آخر من جهاز الرقابة الإدارية، بالإضافة إلى الكثيرين من أمن الدولة، والنيابة العامة، والداخلية، والقضاء، والمخابرات.(9)
- "دراما رمضان ".وفساد للركب
وصل الفساد لدراما رمضان حيث أكد التحقيقات أن شركات "المخابرات الفنية "سرقت أكثر من 800 مليون جنية من المال العام في عام 2021 ، وتم القبض على حسام شوقي المشرف العام على الإنتاج الدرامي والمدير المالي أحمد وجيه.. بتهمة إهدار مال عام.
وقد فتحت اللجنة المشكلة ملف مسلسل "خالد بن الوليد" بطولة عمرو يوسف، والذي بدأ التصوير فيه بالفعل مطلع العام 2020.. لكن الخلافات بين بطل العمل والمخرج رؤوف عبد العزيز الذي يرتبط بصلة قرابة لرئيس المجموعة المتحدة السابق، تامر مرسي، وصلت لحد الشتم فتوقف المسلسل.
لجنة التحقيق المخابراتية فتحت أيضا ملف مسلسل "نسل الأغراب" .. والذي تخطت ميزانيته 100 مليون جنيه واعتبره المسؤولون إهداراً للمال العام، كما تجاوز مخرج العمل محمد سامي في الميزانية بسبب التعديلات التي أدخلها على السيناريو لصالح بطلة العمل -زوجته مي عمر-.. وهو ما أغضب نجمي العمل الآخرين أحمد السقا وأمير كرارة.
- ملف فساد وزارة "الصحة" التي ظهر مؤخرا وتورط فيه زوج وزيرة الصحة كانت أحد فضايح النظام ، وإغلاق وصيدليات "1911" بعد ضياع 7 مليارات جنيه على البنوك.
- هروب صاحب شركة مقرب من دائرة السيسي بعد استيلائه على 10 مليارات جنيه من 4 بنوك مصرية
- موظف بالبنك الأهلي مرتبط بشخصيات نافذة في الدولة يستولي على 22 مليون جنيه ويحولها إلى أمريكا!
- قضية فساد قاضي بورسعيد القاضي سامي محمود الذي حكم عليه ب24 عام ن وكان متهم بالحصول على رشاوى من تجار مخدرات وأسلحة مقابل تبرئتهم
- إسناد المشروعات بالأمر المباشر وسيطرة الجيش على أغلبها ومنحها لمقاولين من الباطن يضاعف تكلفتها
- قضية الآثار المحكوم فيها على حسن راتب بالسجن 5 سنوات كشفت النهب الرسمي المنظم للقطع الأثر.
- استقالة رئيس مجلس العاصمة الإدارية بمصر اللواء عابدين استقالته بعد إهدار 50 مليار دولار على العاصمة الغدارية دون ادني محاسبة .(10)
- توابع الفساد وتأثيراته المستقبلية على الاقتصاد
حذر المخلصون لهذا الوطن من الآثار العميقة للفساد على الاقتصاد المصري، فآفة الفساد تُعد المعوَّق الأكبر لكافة محاولات التقدم، والمقوَّض الرئيسي لكافة دعائم التنمية، مما يجعل آثار الفساد ومخاطره أشد فتكاً وتأثيراً من أي خلل آخر، إذ لا يقتصر دوره المخرب على بعض نواحي الحياة دون البعض الآخر، بل يمتد إلى شتى كل جوانب الحياة الاقتصادية والإجتماعية والسياسية.
وقد أدي الفساد وتصاعده على مدار السنوات التسع الماضية إلى كوارث أقتصادية منها مايلي:
- إعاقة النمو الاقتصادي مما يقوض كل مستهدفات خطط التنمية طويلة وقصيرة الأجل.
- إهدار موارد الدولة أو على أقل تقدير سوء إستغلالها بما يعدم الفائدة المرجوه من الإستغلال الأمثل.
- هروب الاستثمارات سواء الوطنية أو الأجنبية لغياب حوافزها ولعل خروج اكثر من 20 مليار دولار من حصيلة الاستثمار الاجنبي خلال الربع الاول من عام 2022 بمصر خير دليل علي ذلك .
- الإخلال بالعدالة التوزيعية للدخول والموارد وإضعاف الفعالية الاقتصادية وإزدياد الهوة بين الفئات الغنية والفقيرة ، ولعل سقوط مصر في براثن الفقر حيث اكدت إحصائيات البنك الدولي أن أكثر من 60% من المصريين يقعون تحت مظلة الفقر ، خير دليل على الآثار المدنر للفساد بمصر.
- إضعاف الإيرادات العامة للدولة نتيجة التهرب من دفع الجمارك والضرائب والرسوم باستخدام الوسائل الإحتيالية والإلتفاف على القوانين النافذة.
- التأثير السلبي لسوء الإنفاق العام لموارد الدولة عن طريق اهدارها فى المشاريع الكبرى، بما يحرم قطاعات هامه مثل الصحة والتعليم والخدمات من الإستفادة من هذه الموارد
- تدني كفاءة الإستثمارات العامة وإضعاف مستوى الجودة في البنية التحتية العامة بفعل الرشاوي التي تدفع للتغاضي عن المواصفات القياسية المطلوبة
- تشويه الدور المطلوب من الحكومة بشأن تنفيذ السياسة العامة للدولة وتحقيق مستهدفات خطط التنمية.
- انهيار وضياع هيبة دولة القانون والمؤسسات بما يعدم ثقة الأفراد فيها.
- إضعاف كل جهود الإصلاح المعززة للديمقراطية بما يتزعزع معه الاستقرار السياسي.
- إقصاء الشرفاء والأكفاء عن الوصول للمناصب القيادية بما يزيد من حالة السخط بين الأفراد ونفورهم من التعاون مع مؤسسات الدولة.
- إعاقة وتقويض كافة الجهود الرقابية على أعمال الحكومة والقطاع الخاص
- انهيار النسيج الاجتماعي وإشاعة روح الكراهية بين طبقات وفئات المجتمع نتيجة عدم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
- ساهم الفساد في تدني كفاءة الاقتصاد العام ،حيث انه يحد من الموارد المخصصة للاستثمار ويسيء توجيهها أو يزيد من كلفتها ، وكذلك أضعاف مستوى الجودة في البنية التحتية العامة . (10)
- في ظل الفساد المستشري في مصر، نجد أن الواقع الحالي لهذا الوطن يؤكد وصول سفينته لقاع الانهيار، وقد دفع الفساد مصر إلى فقدان سمعتها الدولية، والخوف من الاستثمار فيها، بل أصبح للفساد أثر مباشر في حجم ونوعية موارد الاستثمارالأجنبي، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدولة لاستقطاب موارد الاستثمار الأجنبي لما تنطوي عليه هذه الاستثمارات من إمكانات نقل المهارات والتكنولوجيا، يكون الفساد قد اضعف هذه التدفقات الاستثمارية ويعطلها كما يمكن أن يسهم في تدني إنتاجية الضرائب وتراجع مؤشرات التنمية البشرية فيما يتعلق بمؤشرات التعليم والصحة.
- كما نتج عن الفساد تردي حالة توزيع الدخل والثروة، من خلال استغلال أصحاب النفوذ لمواقعهم المميزة في المجتمع، مما يتيح لهم الاستئثار بالجانب الأكبر من المنافع الاقتصادية .
- الفساد تسبب في عرقلة واضحة للتنمية الاقتصادية والتقدم الحضاري ، وأدي الى انهيار المجتمع وعدم إيمان المواطن بالتالي بالدولة وحكومته، بالاضافه الى انه يؤدي الى ايجاد تفاوت طبقي.
- وتسبب آلة الفساد في الدولة رفع درجة عدم التيقن في الاقتصاد وتزيد من عدم فعاليته، حيث انه يصيب بشكل مباشر النواحي الاقتصادية والسياسية لأي بلد، كما أن معدلات النمو الاقتصادي تتأثر بشكل كبير بدرجات الفساد .
- ومن أهم الآثار الاقتصادية المترتبة على الفساد هي الزيادة المباشرة في التكاليف التي ينقل عبئها إلى طرف ثالث قد يكون المستهلك أو الاقتصاد القومي ككل أو كليهما معًا، فالمبالغ التي يدفعها رجل الأعمال إلى الموظف الحكومي مقابل الحصول على تسهيل معين، يتم نقل عبئه عن طريق رفع الاسعار لتعويض الرشوة المدفوعة وقد تتحملها ميزانية الدولة إذا كانت الحكومة هي التي تشتري السلعة، وقد يؤدِي استيراد هذه السلعة إلى زيادة الطلب على العملة الأجنبية، وتخفيض قيمة العملة المحلية ، وهذا يعني أن الاقتصاد القومي هو الذي يتحمَّل عبء هذه الرشوة .
- كما أن هناك علاقة عكسية مابين الفساد والكفاءة الاقتصادية للأجهزة الحكومية، فانتشاره يقلل الكفاءة الاقتصادية ويؤثرعلى فاعلية وكفاءة البنية التحتية والانتاجيـــة للاجهزة الحكومية و يتسبب في إيقاف نموها وتطويرها والتي هي تكون الأساس في إعادة بناء المجتمع على المدى الطويل، بالإضافة الى أن الفساد يزيد من معدلات الجريمة والفقر والتخلف لأنه يهدد الأحكام القانونية الموجودة.
- ومن الآثار السلبية إغراق مصر في الديون التي تعدت حجمها الحقيقي 165 مليار دولار وعجز الدولة عن سدادها، ورهن ممتلكات مصر لدول خليجية وأجنبية.
6. توصيات
وإذا أردنا انقاذ سفينة الوطن من الغرق في قاع الفساد علينا ان نتخذ عددت خطوات جادة وسريعة، ومنها مايلي :
- إعادة هيكلة الجهاز الإداري بالدولة واستبعاد كل القيادات الفاسدة
- إخراج الجيش من الحياة الاقتصادية وكل امتيازاته خاصة كارثة "عقد الصفقات بالأمر المباشر"
- تغير الاوضاع السياسية التى نتج عنها الفساد بشكل مباشر.
- عودة الأجهزة الرقابية "الجهاز المركزي للمحاسبات ، الرقابة الإدارية، المؤسسات القضائية " لدورها الحقيقي في الرقابة النافذة
- تغليظ التشريعات القانونية وتفعيل الدستوري ومواده المتعلقة بالفساد والمفسدين
- تبني الدولة منظومة قيمية وأخلاقية تعيد صياغة الضمير الجماعي للوطن ، بعد محاولات جادة لتغيبه على مدار 9 سنوات مضت .
- رفع الأعباء الاقتصادية عن الطبقات الفقيرة التى تتورط في قضايا الفساد تحت الحاجة وسد المطالب الضرورية .
- عودة الشرفاء لمناصبهم وتعزيز مكانتهم
- تغير السياسات الاقتصادية وحل مشكلة الاستدانة المتراكمة
- تنمية قيم الانتماء للوطن وتعظيم دور المواطنة على قدم المساواة
المصادر:
- مؤشر الشفافية العالمي
- موقع CNN بالعربية
- موقع "عربي بوست"
- دراسة بعنوان: "امتثال الدولة لتعويضات منازعات الاستثمار"، نشرت عام 2020 في دورية "ICSID Revie
- تقرير للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- تقرير لجريدة الوفد
- تقرير لقدس برس
- تقارير من صحف محلية مصرية
- تقرير لموقع "عربي 21"
- دراسة حول الأثار الاقتصادي للفساد على مصر للمركز المصري للدراسات