تركيا| النزعات العنصرية.. من ساحات السياسة إلى منصات الإعلام

الأربعاء - 23 آغسطس 2023

إنسان للدراسات الإعلامية- قسم الترجمة:

"لن نسمح بسريان ظاهرة العنصرية إلى مجتمعنا ولن نتغاضى عمّن يسعى لتشويه صورة شعبنا".. هذا ما قاله رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان،  ضمن خطاب ألقاه، الثلاثاء 22 أغسطس 2023، خلال مشاركته في حفل تخريج دفعة من ضباط أكاديمية الدرك وخفر السواحل التركية.

من الواضح أن كلام أردوغان جاء ردا على حملة" سلطوية" من بعض دول الخليج هدفها ضرب السياحة في تركيا، وكلها تعتمد على منصات تواصل اجتماعي لشخصيات خليجية غير معروفة، تبرز حوادث فردية تعرض لها مواطنون عرب في تركيا، ويتم التعليق عليها بأن تركيا مكان غير مناسب للزيارة بسبب عنصرية شعبها.

هذا لا ينفي تصاعد نزعة العنصرية بشكل واضح وصريح عند قطاع من المواطنين الأتراك تجاه العرب، خاصة السوريين، حيث انهم يشكلون أكبر نسبة من اللاجئين في تركيا، وهو الأمر الذي فرض نفسه على الصحافة التركية، والنشطاء الإعلاميين والسياسيين داخل تركيا، حيث علت التجاذبات بين مؤيد ومعارض، خاصة في ظل تربص المعارضة بالحزب الحاكم، واتخاذها ملف اللاجئين والمهاجرين ورقة ضغط ضد الرئيس أردوغان وحكومته.

ضد العنصرية

الكاتب التركي إرسين تشيليك، أكد في مقال بصحيفة "يني شفق"، الاثنين 21 أغسطس 2023، إنه ضد العنصرية تجاه العرب والأفارقة والمسلمين بشكل عام، وقال: "بدأ الخطاب العنصري المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي في التبلور الآن و إن خطاب الكراهية الذي نراه في الغرب ، والمخاطبون بشكل خاص من الأتراك المتشبهون بالغرب، يتجذر الآن في بلدنا".

أضاف: "السوريون الذين فروا من الحرب ولجأوا إلى بلدنا هم أول من  سوف يتبادر إلى الذهن على الفور، ولكن تم تجاوز هذه العقبة أيضًا. هناك معارضة قائمة على العداء العربي والإسلامي. العنصرية "المعادية للعرب" في تركيا ليست ظاهرة جديدة.. كانت هناك معارضة قائمة على الخطاب السياسي والأحداث الاجتماعية التي يعود تاريخها إلى أكثر من مائة عام، ومع ذلك ، فإن العنصرية القائمة على وسائل التواصل الاجتماعي التي نواجهها ليس لها خلفية تاريخية. هناك المزيد من خطاب الكراهية الذي أنشأه التفاعل  على وسائل التواصل الاجتماعي"

تابع الكاتب: "إن الأمر لم يقف إلى هنا فقط لكنه تعدى الى الطلاب الأجانب بشكل عام، والعرب منهم بشكل خاص، حتى في حفلات التخرج الجامعية تم نشر فديوهات تحتوي على سخرية واستهزاء بالعرب والدين، حين تمت إذاعة أسماء لطلاب أجانب وعرب". (رابط المقال)

في المقابل، كتب "شوكرو كارمان" في صحيفة "سامسون"، تحت عنوان "الغطرسة العربية": "لقد اصبحنا غرباء في بلادنا.. إن العرب يأتون الى البحر الأسود ويوسخون الشوارع ويلقون بالقاذورات في الطرقات..إن سكان البحر الأسود لايستطيعون فتح منافذهم من الرائحة الكريهة التي أصبحت منتشرة بسببهم" (رابط المقال)

مورد للإرهاب!من جانبه، تحدث مصطفى دستيتشي، رئيس حزب الاتحاد الكبير، لصحيفة الاناضول، فقال: "إن اللاجئين أصبحوا عبئا كبيرا على ميزانية الدولة وعلى القطاع الصحي، حيث أن طلباتهم لا تتوقف كما أنهم يشكلون موردا بشريا خصبا للتنظيمات الإرهابية خاصة حزب العمال الكردستاني" (رابط المقابلة)

وتساءلت صحيفة "Doğru haber" (الخبر الصحيح) تحت عنوان : هل حقا ما يذاع من توزيع جوائز على كل من يقتل سوريين؟وقالت: "انتقلت كراهية اللاجئين، التي يغذيها بعض السياسيين، إلى بُعد مختلف، ففي صورة المكافأة لقتل السوريين، المنشورة على موقع دارك ويب، وهناك وعد بأن أولئك الذين يقتلون السوريين في تركيا ويقطعون أيديهم أو أقدامهم سيتم تقديم  جوائز مالية لهم" (رابط الموضوع) وجاءت صحيفة " Halk "( الشعب) بعنوان "ناشر عربي يوجه الشتائم الى الاتراك  ويدعو إلى عدم الذهاب إلى تركيا"، وقالت: " الناشر العربي ، الذي لديه عشرات الآلاف من المتابعين، أهان الأتراك ودعا إلى عدم الذهاب إلى تركيا، وقال إن "تركيا والأتراك حقيرين، إنهم لا يحترمون العرب ..لا تزوروها" (رابط الموضوع)

ونشرت Yeni mesaj  المجموعة الإعلامية (القومية) الخبر من زاوية اقتصادية، موضحة أن السياح العرب يعودون حاليا إلى بلادهم، بسبب عودة المدارس والدراسة مرة أخرى، مشيرة إلى أن السائح العربي يسهم في اقتصاد الدولة التركية، وقدمت الصحيفة نسبا إحصائية مفصلة عن السياحة العربية لتركيا. (رابط الموضوع)

مستاؤون جدا

صحيفة "صوت ريزا" (المستقلة المحلية)، نشرت الموضوع بشكل مسئ للعرب وقالت: "إننا مستاؤون جدا من العرب..إنهم يلقون القاذورات في الشوارع ويتركون حفاضات أطفالهم في السيارات التي يؤجرونها.. لماذا علينا أن نرى هذا دائما؟ لانريد أن نرى يافطات باللغة العربية في المطاعم أو الفنادق. إن الطفل التركي يتضور جوعا بينما العربي بزوجاته الثلاث يسد مداخل المطعم بالطوابير على الطعام، إنهم يحتلون بلادنا.. لقد أصبحنا غرباء هنا" (رابط الموضوع)

وتحت عنوان "الخوف يتحول إلى كراهية"، قالت صحيفة الجمهورية ( اليمينية المعبرة عن الكماليين): "هناك فرق بين المهاجر واللاجئ، الذي يأتي دون معايير وفحوصات للهوية واللغة والدرجات العلمية والذي يكون من الصعب جدا استقبال عدد كبير من اللاجئين في وقت قصير.. كل هذا يشكل أزمة على الأمن والاقتصاد للدولة المستقبلة .

واقترحت الصحيفة حلولا عملية وواقعية من وجهة نظرها لحل مشكلة الهجرة غير الشرعية بأن "هناك ثلاثة خيارات أساسية في هذا الصدد: الذهاب إلى بلدهم، أو إرسالهم إلى بلد آخر، أو إذا كان من المفهوم أنهم سيبقون في البلد قلنضع سياسات للتماسك الاجتماعي، وينبغي لتركيا أن تبقي الخيارات الثلاثة جميعها على جدول الأعمال، ولكن لا ينبغي لها أن تبتعد عن الواقع إذا لم نتمكن من إدارة عملية التعامل مع السوريين وغيرهم من اللاجئين بشكل جيد، وإذا لم نتمكن من إدراج أطفالهم وشبابهم في نظام المجتمع التركي، فإن هذا يخلق منطقة خطر جسيمة، والأبحاث تقول إن 90% من المجتمع التركي يعتقد أن السوريين سيبقون في تركيا، بينما 88.5% يريدون مغادرة السوريين" (رابط المادة)

نقاط هجرة

ونقلت قناة Trt haber  بيانا لوزير الداخلية "يرلي كايا "، الذي تحدث أيضًا عن المهاجرين غير الشرعيين في إسطنبول، وقال إنه تم إنشاء نقاط متنقلة للهجرة في إسطنبول كمنطقة تجريبية ووجدنا أن 21 ألف من الأجانب الذين تم استجوابهم في نقاط الهجرة خلال فترة شهر واحد ليس لديهم الحق القانوني في الإقامة، أي أنهم مهاجرون غير شرعيين.. أخذنا هؤلاء الأشخاص، الذين صدر قرار الاعتقال الإداري بحقهم إلى مركز الترحيل، برفقة وحدات إنفاذ القانون التابعة لنا، وقاموا بتنفيذ إجراءات ترحيلهم". (رابط الخبر)

وعلى هذا النمط سارت معظم وسائل الإعلام والصحف التركية التي لم تكتف بجعل مسالة المهاجرين واللاجئين أساس ضعف اقتصاد الدولة والأمن القومي والبطالة،  بل وصل الأمر إلى  التحريض الصريح ضد الأجانب واللاجئين العرب بشكل خاص،  غير أن الصحف المحسوبة على الاتجاه المحافظ فضل السكوت عن الموضوع أكثر من غيرها.