مصر دمرت أكثر من 2000 نفق على حدود غزة .. لماذا ظهرت الوثائق الآن؟!
السبت - 18 مايو 2024
- النظام المصري يرد على الاتهامات "الإسرائيلية" بتسريب وثائق تبرئ ساحته وتؤكد إحكام الحصار على غزة!
- "ميدل إيست آي": مصر دمّرت أكثر من 2000 نفق على يد المهندسين العسكريين في رفح بين 2011 و 2015
- "نتنياهو" نفّذ تهديده بالسيطرة الكاملة على محور "فيلادلفيا" واحتل معبر رفح.. وجيش "السيسي" لا يحرك ساكنا!
إنسان للإعلام- قسم الترجمة:
بالتزامن مع زعم مندوب الاحتلال الصهيوني في محكمة العدل الدولية، 17 مايو 2024، وجود 50 نفقاً على الحدود الفلسطينية المصرية، وفي نفس يوم، كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني حصوله على وثائق تكشف أن الجيش المصري دمر 2000 نفق بين سيناء وغزة، ووضع خططا لإغراق الحدود بقناة مائية.
تسريب الوثائق الآن أثار تساؤلات: هل القاهرة هي التي سربتها لترد على مزاعم إسرائيل أنه لا يزال هناك أنفاق تستخدمها حماس لتهريب السلاح من سيناء إلى غزة، لتبرير عدوانها على رفح؟ أم أن الصحيفة حصلت عليها من مصادر أجنبية؟.
الموقع البريطاني قال إن الوثائق "سربها أحد المطلعين على بواطن الأمور في الجيش المصري"، وأنها تقدم نظرة نادرة على العمليات العسكرية واسعة النطاق التي يقوم بها الجيش في محافظة شمال سيناء.
وفي ديسمبر 2023، قال رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو" إن "القوات الإسرائيلية ستسعى إلى السيطرة على كامل الشريط الحدودي الذي يبلغ طوله 14 كيلومتراً، والمعروف باسم ممر فيلادلفيا، لضمان جعل المنطقة منزوعة السلاح."
وتعقيباً على ذلك، نفت مصر الاتهامات الإسرائيلية، قائلة إنها دمرت أكثر من 1500 نفق خلال العقد الماضي.
وقال ضياء رشوان، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، إن مصر قامت أيضاً ببناء جدار خرساني على طول الحدود بأكملها، بارتفاع ستة أمتار فوق الأرض وستة أمتار تحت الأرض، وهو ما قال إنه "جعل من المستحيل تهريب الأسلحة".
كما سبق للمتحدث باسم الجيش المصري أن قدر عدد الأنفاق التي تم تدميرها بحوالي 3000. وفي عام 2018، قال متحدث عسكري إن بعض الأنفاق المدمرة وصل عمقها إلى 30 متراً تحت الأرض.
وكُشفت عن هذه المعلومات بعد إغلاق معبر رفح في جنوب غزة بعد عملية جيش الاحتلال في 7 مايو، مما أثارت تساؤلات حول علاقتها بالانتقادات "الإسرائيلية" لفشل مصر المزعوم في إزالة أنفاق التهريب التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية.
2000 نفق
"ميدل إيست آي" قالت في تقريرها: إن السلطات المصرية دمرت أكثر من 2000 نفق على يد المهندسين العسكريين في مدينة رفح الحدودية مع قطاع غزة بين عامي 2011 و2015، بحسب ما كشفته وثائق عسكرية سرية حصل عليها الموقع.
أكدت أن الوثائق السرية، سردت حجم العمليات المصرية لتدمير الأنفاق بين شبه جزيرة سيناء وغزة والتي تم بناؤها للتحايل على الحصار الذي تفرضه تل أبيب على القطاع منذ عام 2006.
كشفت الوثائق أيضاً أن كبار قادة القوات المسلحة أمروا بإجراء دراسة جدوى لاقتراح حفر قناة على طول الحدود مع قطاع بالكامل كبديل آخر لتدمير الأنفاق.
وهذه العمليات في المنطقة الحدودية (رفح)، فُرض عليها تعتيم إعلامي منذ عام 2013 من قبل حكومة عبد الفتاح السيسي، حيث شنت قواته عملية وحشية ومدمرة ضد المسلحين المحليين المتحالفين مع تنظيم الدولة الإسلامية.
أنفاق تجارية
الوثائق التي حصل عليها موقع "ميدل إيست آي" كشفت لأول مرة تفاصيل محددة حول العمليات المصرية لتدمير الأنفاق.
وفقاً للوثائق السرية، تبين أن جميع الأنفاق التي تم تدميرها خلال الفترة التي تغطيها، كانت مخصصة لأغراض تجارية أو أنفاق نقل.
وتقدر وثيقة مؤرخة في 5 فبراير 2015، موقعة من المقدم أحمد فوزي عبد العزيز، عدد الأنفاق التي تم تدميرها بين أغسطس 2011 وفبراير/شباط 2015 بـ 2121 نفقاً.
وشمل التدمير إغراق 813 نفقا بالمياه و 1181 نفقا تم تدميرها باستخدام الأدوات الهندسية؛ و127 انهارت بالمتفجرات.
وتتضمن الوثائق أيضاً مراسلات تتعلق بفكرة مقترحة لإنشاء قناة مائية تكون بمثابة منطقة عازلة لمنع إنشاء الأنفاق وتخفيف التربة المحيطة بها.
وبحسب الوثائق، فقد أشرف على الاقتراح محمد فريد حجازي، الأمين العام لوزارة الدفاع آنذاك، وكان اقتراح القناة سرياً للغاية ولا يوجد دليل على أنه تم تنفيذه بنجاح.
وفي عام 2015، عندما كانت الفكرة قيد النظر، شوهدت الجرافات وهي تحفر على طول أجزاء من الحدود في مقطع فيديو مسرب لما تردد أنه مشروع لبناء قناة لإغراق الأنفاق بمياه البحر.
وأدى ذلك إلى إدانة المسؤولين الفلسطينيين، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، لهذا العمل، كما حذر صبحي رضوان، رئيس بلدية رفح في غزة آنذاك، من أن القناة ستتسبب في انهيارات أرضية وانهيار البنية التحتية في غزة.
وتظهر الوثائق أن حجازي كلف في ديسمبر 2014 هيئة المياه بالقوات المسلحة بإجراء دراسات بالتعاون مع الكلية الفنية العسكرية لاختبار التربة على طول الحدود وتحديد جدوى القناة.
وأجرت مصلحة المياه والكلية العسكرية 40 مسباراً لقياس عمق طبقات التربة وتحديد مستويات الرطوبة. وخلصت الدراسة إلى أن التربة على طول مسار القناة المقترحة شديدة المقاومة للمياه وأن "تشبع التربة لن يحدث إلا بعد فترة تصل إلى عدة سنوات.
وتعليقاً على النتائج، قال حجازي في رسالة مؤرخة في 17 يناير 2015، إن رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع أمرا الهيئة الهندسية والكلية الحربية "بإجراء دراسة لبدائل محددة للتعامل مع الأنفاق غرب الحدود الشرقية عند بعمق أكثر من 20 متراً"
كما ضم حجازي خبراء من المعهد القومي لبحوث الفلك والجيوفيزياء (NRIAG)، الذين أوصوا بطريقة علمية لتحديد مواقع الأنفاق التي يزيد عمقها على 20 متراً.
تدمير مباني رفح
وكشفت الوثائق عن زيادة ملحوظة في الجهود المبذولة لتحديد مواقع الأنفاق وتدميرها بعد وصول السيسي إلى السلطة في يوليو 2013.
وأفادت إحدى الوثائق المؤرخة في 2 مايو 2013 أن إجمالي عدد الأنفاق التي دمرتها الفيضانات حتى ذلك التاريخ بلغ 124 من إجمالي 276 نفقاً تم اكتشافها، مما يشير إلى أنه تم اكتشاف المزيد من الأنفاق في فترة ما بعد عام 2013.
وخلال العقد الماضي، دمرت القوات المصرية بالكامل تقريباً مدينة رفح المصرية في شمال سيناء؛ لإنشاء منطقة عازلة بطول خمسة كيلومترات، خلال حربها ضد الأشخاص المحليين المرتبطين بتنظيم داعش.
وبين يوليو 2013 وأغسطس 2015، وثّقت "هيومن رايتس ووتش" تدمير الجيش لـ 3255 مبنى مدنياً في رفح، بما في ذلك منازل ومبانٍ مجتمعية. وأدت الحملة إلى تهجير آلاف السكان وتدمير نحو 685 هكتاراً من الأراضي الزراعية.
وقالت مصر إنها تهدف إلى تدمير الأنفاق العابرة للحدود التي تستخدم المباني المدنية كنقاط دخول وخروج فوق الأرض.
وفي ذلك الوقت، قال المسؤولون إنهم سعوا للدفاع عن مصر ضد "الإرهاب"، لكن "هيومن رايتس ووتش" قالت إن الحملة كانت عشوائية وانتهكت القانون الإنساني الدولي.
مرسي فتح الحدود
تقول "ميدل ايست آي": مع اقتراب انقلاب السيسي، أمرت محكمة مصرية في فبراير 2013 حكومة الرئيس مرسي باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتدمير أنفاق التهريب بين غزة وسيناء، والتي يقدر عددها في ذلك الوقت بنحو 1200 نفق.
وقال عصام الحداد، مستشار الأمن القومي للرئيس مرسي، لرويترز وقتها، إن عدداً من الأنفاق غمرها الجيش بالمياه في وقت سابق من شهر فبراير لمنع تدفق الأسلحة في الاتجاهين بين غزة وسيناء.
وأوضح الحداد أن الحكومة خفّفت القيود التي فرضتها الحكومات السابقة على حركة الأشخاص والبضائع عبر معبر رفح، وبالتالي لم تعُد الأنفاق ضرورية كما كانت.
وأضاف: "الآن يمكننا القول إن الحدود مفتوحة إلى حد كبير – ولا يزال من الممكن تحسينها وتسمح بدخول احتياجات سكان غزة"..وفي ذلك الوقت، ذكرت العديد من وسائل الإعلام، أن الجيش المصري غمر الأنفاق بمياه الصرف الصحي.
ونقل الموقع عن أحد كبار مساعدي مرسي، شريطة عدم الكشف عن هويته: "كان الرئيس مرسي يهدف إلى تحقيق التوازن بين المصالح المتنافسة المتعددة.. لقد فهم أن الأنفاق تشكل تهديداً للأمن القومي المصري لكنه على العكس من ذلك، رفض أن يكون متواطئاً في تجويع الفلسطينيين وحصارهم."
وساهمت حكومة مبارك، بعد سيطرة حماس على غزة في عام 2007، في حصار غزة، من خلال فرض قيود شديدة على الحركة عبر معبر رفح. كما دمرت "آلاف الأنفاق"، بحسب شهادة مبارك أمام المحكمة عام 2019.
ومع ذلك، رفض مبارك أيضاً اتفاقية أمنية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" في عام 2009 لوقف تهريب الأسلحة إلى غز، وفي خطاب ألقاه عام 2009، أشار إلى أن الأنفاق كانت تجارية في المقام الأول وأنها نتيجة حتمية لسياسة الحصار الإسرائيلية.
وقال مبارك للمحكمة: إن الأنفاق كانت موجودة قبل حكمه الذي بدأ عام 1981، وإن حكومته دمرت الأنفاق في السنوات التي سبقت ثورة 2011 التي أطاحت به.
ووصف الأنفاق بفتحة واحدة، ولكن يصل عددها إلى 30 نفقاً فرعياً، مع نقاط دخول وخروج في المنازل والمزارع وقال إن الأنفاق بُنِيت دون علم السلطات.
وأضاف: "لقد دمرنا آلاف الأنفاق"، مؤكداً أنه طلب من وزارة الدفاع "حلاً جذرياً" للأنفاق، موضحاً: "اتفقنا مع وزارة الدفاع على القيام بإجراء معين للتخلص من الأنفاق".
ورفض مبارك الإدلاء بمزيد من التفاصيل بشأن الأساليب التي تم الاتفاق عليها، والتي قال إنها معلومات سرية.
وأضاف أن أي عملية لإغلاق الأنفاق أو تدميرها هي عملية محفوفة بالمخاطر للغاية، وغالباً ما يهاجمها مسلحون من غزة.
هكذا كشف تقرير "ميدل ايست أي" حجم التعقيد الذي يحيط بقضية الأنفاق وأن مبارك كان يسمح بعملها أو يغض الطرف عنها بحدود، أما الرئيس مرسي فقد كان مع فتح المعبر كليا وإغلاق الأنفاق تدريجيا، ولما جاء السيسي بانقلابه عمل مع الصهاينة يدا بيد وسابق الزمن لإغراق وإغلاق الأنفاق وتدميرها وأحكم الحصار على غزة، ومع ذلك لم يسلم من انتقادات الكيان الصهيوني وإلقاء اللوم عليه في حصار غزة وتجويع أهلها!!
مصدر التقرير:
- Egypt has destroyed more than 2,000 Gaza tunnels, secret files reveal https://2h.ae/Etpu