تصاعد معدلات الانتحار لفشل الدولة وقهرها لمواطنيها .. مصر الأولي عربيا

الثلاثاء - 21 سبتمبر 2021

شهدت مصرعلى مدار الأيام القليلة الماضية تصاعدا خطيرا في إقبال المصريين علي الانتحار ، وقد دفعت هذه الظاهرة مؤسسة الأزهر إلى إطلاق حملة "لا تيأس.. لا للانتحار"،  لإنقاذ الشباب المصري من هذه الحالة ، والمجلس الأعلى للإعلام يضع قيود على نشر الأخبار عن هذه "الظاهرة ، ومن خلال سطور هذا التقريرنفتح ملف الانتحار في مصر ، وأسبابه ، وأثر محاربة الدولة للتدين في هذا الجانب ، كما نستعرض أثر القهر والاستبداد على تفاقم هذه "الظاهرة" ، وكذلك مراودة فكرة الانتحار لعدد من المعتقلين في السجون المصرية..

بعد اجتياح الفقر والقهر للمصريين  .. تشهد مصر تصاعدا في معدلات الانتحار لتحتل المركز الأول عربيا .. وفق تقرير لمنظمة الصحة العالمية حيث شهدت 3799 حالة انتحار في عام 2016

و شهدت الأيام القليلة الماضية عددا من حالات الانتحار .. حيث شهدت عدد من المحافظات خلال الأسبوع الماضي أكثر من 20 محاولة انتحار..ومنها إقدام طالب بكلية الطب على الانتحار.. و ستيني يلقي  بنفسه أسفل عجلات مترو الأنفاق في محطة المعادي .. و طبيبة أسنان حديثة التخرج تلقي بنفسها من الطابق السادس في مركز تجاري شهير بحي مدينة نصر  ..

وهناك حالات غير ناجحة حيث تم إنقاذ من حاولوا الانتحار في محافظة الدقهلية واسيوط والمنوفية والأسكندرية والمنيا وبني سويف والفيوم والبحيرة  ..

الأرقام المفزعة عن الانتحار في مصر تؤكد تصاعد "الظاهرة" .. و مؤسسات حقوقية كشفت عن بلوغها ما بين 30- 35 حالة شهريا .. و أن المعدلات ترتفع في بعض المناسبات  خاصة مراحل الامتحانات

وبعد تفاقم تلك الظاهرة، أطلق الأزهر حملة " لا تيأس.. لا للانتحار"  ..  وجاء في حملة الأزهر: "أنت غالٍ علينا ونحن جميعا نُحبك لا تيأس، أو تقنط، أو تفقد الأمل أبدا؛ بل واجه الحياة بيقين في كرم الله، وبقوة وصلابة، وتجاوز تحدياتها وعقباتها، وسيأتي يوم عليك تتذكر فيه أيام المِحَن بعد أن وفقك الله في تجاوزها، وستكون مجرد ذكرى. فقط، اصبر، وحاول"

 

المنظمات الحقوقية أكدت أن  محافظات القاهرة الكبرى خاصة القاهرة والجيزة في أعلى المعدلات..  تليها محافظات الدلتا ثم محافظات الوجه القبلي  .. ,وأن أغلب الحالات لشباب في  العقد الثالث  

 تقرير لـ«المؤسسة العربية لحقوق الإنسان» أكد أن مصر شهدت 78 حالة انتحار خلال الثلاثة شهور الأولي من العام الجاري .. وأنه  في الـ 6 شهور الأولى من هذا العام بلغت الحالات 201 حالة

لافتا إلى أن  شهر مايو  الماضي كان الأعلى في هذه الفترة بـ 36 حالة بنسبة 64.36 ٪ .. يليه شهر يونيو  بـ 29 حالة بنسبة 33.3٪ .. ثم شهر أبريل  بـ 22 حالة انتحار بنسبة 25.28٪

وبحسب «المؤسسة العربية" ، جاءت محافظة الدقهلية في المركز الأول بمعدل 18 حالة بنسبة 20.6٪ .. تليها محافظة القاهرة في المركز الثاني بـ 12 حالة بنسبة 13.8٪ .. وفي الترتيب الثالث  جاءت محافظتا الجيزة والغربية بـ 9 حالات بنسبة 10.34٪ .. ثم محافظة القليوبية في المركز الخامس بـ 7 حالات انتحار بنسبة 8٪ .. وفي المركز السادس جاءت محافظات(الفيوم، سوهاج، قنا) بـ 5 حالات لكل منها بنسبة 5.74 ٪ .. ثم محافظة أسوان بـ 4 حالات بنسبة 4.6٪ .. ثم محافظة المنوفية في الترتيب التالي بـ 3 حالات بنسبة 3.44 ٪

كما لفت التقرير أن  معدل الانتحار للذكور جاء أعلى بكثير من الإناث بـ 49 حالة بنسبة تقارب56.32٪ ... بينما بلغت حالات انتحار الإناث 28 حالة انتحار بنسبة 32.18 ٪

فيما بلغت نسبة العاطلين  في معدلات  الانتحار 10.34٪ .. و انتحار العمال بعد إغلاق مصانعهم  مثل نسبة  4.6٪ من حالات الانتحار

وأشارت منظمات حقوقية إلى أن  مصر شهدت انتحار 8 تلاميذ بسبب نتائج الثانوية العامة خلال العام الجاري .. بسبب النظام الفاشل الذي حول أبناء المصريين لحقل تجارب ..

موضحة أن الانتحار أصبح أيضا  يراود "مظاليم" مصر في السجون .. و  وكان أخرهم علاء عبد الفتاح الذي أكد أمام النيابة أثناء التحقيق معه أنه ينوي الانتحار بسبب الانتهاكات التي تدمر حياته داخل محبسه

الشبكة المصرية لحقوق الإنسان : الناشطان السياسيان عبد الرحمن طارق الملقب بـ "موكا" ومحمد إبراهيم الملقب بـ "أكسجين" .. حاولا الانتحار داخل السجن  .. و فكرة الانتحار تراود معتقلين كُثراً اليوم في ظل نظام عدالة بائسة.

ومن جانبه أشار مركز "النديم لتأهل ضحايا العنف والتعذيب"  : المعتقل خالد حسن لم يكن أول من يحاول تنفيذ محاولة انتحار.. بل الرقم 5 في سجن طرة تحديداً.. و انتحر المدرس في جامعة الأزهر المحكوم عليه بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات أسامة مراد، في 22 إبريل  2019 داخل العنبر "ألف" بسجن استقبال طرة

 وبعد خراب مالطة ...  المؤسسات الرسمية تتحرك.. ووزير الأوقاف يصرح : "المنتحر قاتل  و الانتحار لا تعقبه راحة  بل عذاب أليم وهو جريمة في حق الإنسانية  "

  كما أعلن "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"  مناقشة كود جديد لتغطية حوادث الانتحار..  تمهيداً لإصداره خلال أسبوعين و يتضمن بنوداً مثل عدم تغطية حوادث الانتحار أو النظر لها على أنها أمر عادي أو طبيعي أو إيجابي  بل يجب دوماً بث رسالة صحافية أو إعلامية على أنها أمر سلبي ومرفوض ومضر .

من جانبها أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى مؤخرا أكدت فيها إن "الانتحار معصية عظيمة، ومن كبائر الذنوب إلا أن المنتحر المسلم ليس كافراً..  ولا يخرج من الملّة؛ بل يظل على إسلامه، ويُصلى عليه، ويُغسل، ويكفن، ويُدفن في مقابر المسلمين"

ويرى خبراء أن السياسات الاقتصادية و محاربة التدين بحجة الإرهاب .. فاقمت الانتحار بمصر

 يقول رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" مصطفى خضري: بالرغم من عدم وجود حروب أو نزاعات مسلحة في مصر..  إلا أن هناك تزايدا في حالات الانتحار بشكل غير عادي.. و حالات الانتحار تمثل 07.% من حجم الوفيات بمصر في آخر 5 سنوات ..  بمعدل يبلغ  11 حالة انتحار يومي تقريبا

متابعا أن هناك أسباب أدت لتفاقم "الظاهرة" مثل ضعف الوازع الديني.. واليأس نتيجة الظروف الاقتصادية.. والأمراض النفسية.ز  والضغوط الحياتيه

مؤكدا إلى أن الإجراءات السياسية والاقتصادية الفاشلة لنظام  السيسي ساهمت في انتشار اليأس بين الشباب.. والبحث عن الهجرة، حتى ولو كانت غير شرعية.. ومنذ استيلاء السيسي على السلطة  وهناك حالة من العداء بينه وبين الدين الإسلامي

وقالت الكاتبة المتخصصة بشؤون الأسرة والمجتمع فاطمة عبدالرؤوف: "هناك علاقة وثيقة بين ضعف المشاعر الإيمانية وارتفاع معدلات الانتحار..  فالمنتحر إنسان تعرض لضغوط نفسية أو أسرية أو صحية أو اقتصادية شديدة ولم يمتلك الطاقة النفسية لمواجهتها .

.