د. عبد الرحمن السميط..رائد الدعوة والعمل الخيري الذي أسلم على يديه الملايين

الخميس - 8 سبتمبر 2022

عبد الرحمن حمود السميط، رائد الدعوة والعمل الخيري، هو طبيب وداعية كويتي، ولد بتاريخ 15-10-1947 في الكويت، و هو الابن الثالث في أسرة آل سميط .

 كان طفلاً هادئاً مجداً متميزاً بدراسته قليل الكلام محافظ على نظافته دائماً كما بدأ الصلاة صغيراً ولم يتركها أبداً حتى في أيام مرضهِ.

 يذكر أبناؤه أنهم يقيمون الصلاة ويقرأون القرآن وهو يستمع ثم يؤمن على قراءتهم مع أنه في حاله شبه غيبوبة.

قالت عنه أمه أنه كان الأسهل في التربية،  بل لم تكن تشعر بتربيته حتى أمراض الطفولة تمر عليهِ خفيفة فلا يُحس بها، و وكان لهُ في صغره غرفة في سطح المنزل جعلها عيادة طبية وروب طبيب خاطتهُ أخته الكبرى ليلعب دور الطبيب على إخوته وقرأ عن الأدوية كما قرأ عن كيفية جعل الغرفة باردة دون تكييف وحاول فعل ذلك.

 ومنذ سن الخامسة، ذهب خياله بعيدا، وتصور أنه في أفريقيا وفي الغابات، كما كانت لديه عصى يضعها بجانبه مثل العصى الخاصة بالكشافة لصيد الأفاعي، بعد أن تعلم كيف يصيد الأفاعي السامة، كما كان منذ صغره متأثراً بسيرة الرسول والصحابة والسلف ويتمنى لو يعيش حياة التقشف والإيمان مثلهم.

أكسبه اشتراكه المبكر في الكشافة قدرة على تحمل المشاق والصبر على شظف الحياة، وعُرف منذ صغره بحبه لأعمال البر.

في المرحلة الثانوية جمع هو وأصدقاؤه مبلغا ماليا من مصروفهم اليومي واشتروا به سيارة، فكان أحدهم يقوم بنقل العمال البسطاء إلى أماكن عملهم أو إلى بيوتهم دون مقابل.

لم يقتصر دوره فقط على الدعوة، إنما تجاوزها لمجالات إنسانية أخرى؛ كخدمات توفير المياه، وإقامة المنشآت الصحية والتعليمية، والتزويد بالمعينات الإغاثية التي يستفيد من خدماتها الجميع بغض النظر عن أديانهم أو عرقياتهم المختلفة، ولا يمكننا أن نأتي على ذكر الدعوة في أفريقيا دون أن نذكر بالخير رجل الدعوة وأبا الإنسانية الذي شرف بلده الكويت وتشرفت به القارة السمراء الراحل د. عبدالرحمن السميط الذي قدم للدعوة والمجال الإنساني الكثير في قارة ذات تحديات كبيرة، ولكنها كانت أقل من عزيمته التي لانت أمامها الصعاب وحققت للعمل الدعوي والإنساني بمجهوداته الخاصة ما عجزت عنه مؤسسات بأكملها.

أفكاره

تعامل د. السميط، يرحمه الله، لبعض الوقت مع بعض الجماعات الإسلامية كالتبليغ والإخوان المسلمين مما ساهم في تشكيل فكره وتكوين وصياغة طريقه وانتهى به المسار إلى احتراف العمل الخيري التنموي بعد أن شعر بلذة ومتعة مساعدة الآخرين الذين هم في أمس الحاجة إلى الحد الأدنى من ضرورات الحياة وخاصة المجتمعات المهمشة في أفريقيا .

والحقيقة أنه لم ينتم لأي جماعة تنظيماً بل بالقلب وبالعرفان، وقبل وفاته بأربعين سنة تقريباً انقطعت علاقته مع كل الجماعات الإسلامية وبدأ السير في خط العمل التنموي الخيري

التعليم والعمل

تخرج من الثانوية العامة عام 1963 وتقدم بطلب انتساب إلى كلية الطب في أمريكا ومصر فجاءه القبول من الجهتين وأثناء هذا سمع من بعض الطلبة يقولون كلية الطب في بغداد لا ينجح فيها أحد – وهو يحب التحدي – فقال «كلية الطب في بغداد لا ينجح فيها أحد أنا أريد أن أنجح فيها!» فذهب إلى بغداد وانتسب إلى كلية الطب فيها وتخرج منها لاحقاً بحصوله على بكالوريوس الطب والجراحة، غادر بعدها إلى جامعة ليفربول في غرب المملكة المتحدة للحصول على دبلوم أمراض المناطق الحارة في أبريل 1974 ثم سافر إلى كندا ليتخصص في مجال الجهاز الهضمي والأمراض الباطنية، ثم عمل متخصصاً في جامعة ماكجل ـ مستشفى مونتريال العام ـ في الأمراض الباطنية ثم في أمراض الجهاز الهضمي كطبيب ممارس من يوليو 1974 إلى ديسمبر 1978 ثم عمل كطبيب متخصص في مستشفى كلية الملكة في لندن من عام 1979 إلى 1980

ثم عاد إلى الكويت عاملاً فيها بعد سنين الخبرة في الخارج حيث عمل إخصائياً في أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى الصباح في الفترة من 1980 - 1983 ونشر العديد من الأبحاث العلمية والطبية في مجال القولون والفحص بالمنظار لأورام السرطان، ومنذ 1983 تفرغ للعمل في جمعية العون المباشر كأمين عام ثم رئيس مجلس الإدارة حتى 2008 ثم عمل لاحقاً كمدير مركز أبحاث ودراسات العمل الخيري في الكويت

كان السميط طبيباً إنسانيًا إذ عُرف عنه تفقده أحوال المرضى في أجنحة مستشفى الصباح - أشهر مستشفيات الكويت - وسؤاله عن ظروفهم وأحوالهم الأسرية والاجتماعية والاقتصادية وسعيه في قضاء حوائجهم وطمئنتهم على حالاتهم الصحية بعد أن ينتهي من عمله المهني رسمياً فقد أحب عمله كثيراً فهو حلم حياته منذ الطفولة ومع قلة الأطباء الكويتيين حينئذ إلا أنه لم يشعر بالتباهي قط، ولما أراد شراء سيارة للذهاب بها إلى العمل وغيره لم يطلب من والده إلا سيارة صغيرة وهي فولكس فاغن وفي هذه المرحلة بعد حصوله على عمل أحب مرضاه وأصبح يعاملهم كمسئول عنهم سواء بمرضهم أو بقضاء حوائجهم ولم يكتفِ بوقت العمل بل تعداه بأن يزورهم خارج وقت العمل رغم بعد مسافة المستشفى عن منزله كما بادله المرضى نفس الشعور بحبه وخلالها كان بإمكان السميط فتح عيادة خاصة معتمداً على إقبال المرضى فيدر ذلك عليه أموالاً كثيرة لكنه فضل الدعوة والسفر والتنقل في سبيل الدعوة

مفارقات في العراق

لم تكن الحياة السياسية في العراق كالكويت الهادئه فعرف أصناف من البشر بأنواع مختلفه من الرؤى وفي بغداد وقعت له حادثة لا بنساها أبداً حيث كان من عادته أن يصلي في بغداد في مسجد أبو حنيفه النعمان فتعرض بسبب حفاظه على صلاة الجماعة للتعذيب على أيدي أقطاب حزب البعث بعد مرور بضع سنوات من دراسته هناك.

 ولم تقف الحكاية مع رجال البعث هنا، حيث سجن مرتين كانت الأولى في بغداد عام 1970 بسبب نشاطه في المسجد وكاد يعدم والثانية وقعت عام 1990 عندما اعتقلته المخابرات العراقية أثناء غزو العراق للكويت ولم يعرف مصيره وقتها فعذب هناك في بغداد حتى انتزعوا اللحم من وجهه ويديه وقدميه.

 ويقول عـن ذلك:« كنت على يقـين مـن أنني لن أموت إلا في اللحظة التي كتبها الله لي» ولم تكن بغداد دائمة السواد فبسبب وجوده هناك في بغداد خلال دراسته للطب استلهم فكرة زيارة أفريقيا وحدث بها أسرته لكنه لم يفصح عن هدف هذه الزيارة هل كان لاكتشافها كرحلاته الكشفية أم للعمل في الميدان الإنساني التنموي والدعوي فيها

ولم ينس السميط بغداد في أزمتها فبعد أن وضعت الحرب الأنجلو أمريكية أوزارها ضد العراق عام 2003 قام بمهمة خيرية لإعانة الشعب العراقي وكانت جمعية العون المباشر قد خصصت مليوني دولار لدعم الطلاب العراقيين الفقراء وإغاثة الأسر المتعففة، وألقى محاضرة في ندوة في قاعة المركز الثقافي الملحق بملجأ العامرية في بغداد وفي تلك الأثناء تعرض إلى حادث مروري في منطقة الكوت - 160 كيلومترًا جنوب شرق بغداد - بعد أن اصطدمت السيارة التي كانت تقله ومرافقيه بشاحنة توقفت فجأة وهو ما أسفر عن إصابته بكسور وجروح متفرقة عولج خلالها في أحد مستشفيات الكوت ثم نقل إلى مستشفى الرازي بالكويت لاستكمال علاجه وخرج لاحقاً من المستشفى معافاً

كندا

استغل السميط ذهابه إلى جامعة ماكجيل لدراسة الجهاز الهضمي في كندا في التعرف على المقيمين من المسلمين من أهل البلد أو المهاجرين من جميع الجنسيات وجميع المستويات وكذلك الطلبة الدارسين في مونتريال واستطاع أن يساهم في إنشاء تجمع يربط هؤلاء وكثيراً ما استضافهم في بيته أو في رحلات عائلية أو جماعية كونت روابط بين المجموعات وأثرت تلك التجمعات في مجالات حياتهم وأنشطتهم وصارت قراءة كتب العلوم الإسلامية أصلاً في كل لقاء، كما استطاعت المجموعة إنشاء مسجد فاطمة القديم بتبرع من تاجر و تم ترميمه بسواعدهم ليصبح مكاناً لتجمع المسلمين، ومازال على المسجد شاهد بمن تبرع به وساهم بترميمه

بريطانيا

في سبيل إكمال السميط تعليمه العالي شد رحاله إلى بريطانيا ومعه انتقلت الهمة إلى هناك أيضاً حيث ساهم بإنعاش مركز إسلامي باللقاءات والدروس والرحلات – مركز الرعاية الإسلامية – حيث تلتقي فيه الجنسيات المختلفة من المسلمين وتجمعهم المودة رغم اختلاف المستويات العلمية والإجتماعية.

 وخلالها زارالسجون والتقى بالمساجين من المسلمين وكم تألم لأحوالهم مهما كان سبب سجنهم أو الذي قاموا به، فقد تكون الظروف المجتمعية حولهم هي الدافع كما رأى، أو قد يكونون مدفوعين من آخرين وهؤلاء قد يفهمون معنى الوطنية فهماً خاطئاً. كما كان السميط يزور مركزاً للأيتام و يستقبل طلبة فلسطينين ليربطهم بأصلهم وأخلاقهم ودينهم حتى لا ينسلخوا عنها بسبب إقامتهم بتلك البلاد

جمعية العون المباشر

ترك الحياة الرغيدة، واتخذ قرار أن يحمل هم القارة السمراء على عاتقه، فتنقل من مدينةٍ لأخرى، ومن منطقةٍ لأخرى، ومن غابةٍ إلى غابة، لا يعود إلى الكويت إلا لزيارة أهل بيته لبضعة أيام، ثم يعود إلى موطن عمله.

لذلك ، أقام جمعية العون المباشر، لتكون المنظمة الكبرى في فتح مجاهل إفريقيا للدعوة الإسلامية

رأى أن الدعوة والتربية ينبغي أن يسبقها: تأمين الغذاء والحفاظ على الصحة ونيل الاحتياجات الأساسية.

لمس بفكره النيِّر أن الناس مجبولون على فطرة الإسلام: فإقناعهم بدخول الإسلام سهل إذا كانت حاجاتهم مؤمنة.

كان يحفر البئر قبل المسجد، وهذا من فقه الواقع لدى عبد الرحمن السميط.

لم يتعرض لمشاعر المبشرين، ولم يتعد على التقاليد ومظاهر الشرك لدى سكان القارة، سعى لبناء المدارس لمحاربة الجهل بالعلم والحسنى.

لم يكن يقدم المال للمحتاجين إلا نادرًا، بل يقيم لهم المشروعات التنموية التي تدر عليهم دخلًا ثابتًا، ويطبق بحنكة ومهارة المبدأ الإسلامي (التنمية المستدامة).

كان يركز على الجانب التربوي باعتباره أهم وسيلة لتحقيق الهدف من بناء الإنسان، لما سُئِل عن استراتيجيته في العمل الأفريقي، قال: (التعليم ثم التعليم ثم التعليم).

انجازات عبدالرحمن السميط

أسلم على يديه (11) مليون إنسان بمعدل (1000) كل يوم.

قام ببناء أكثر من (5700) مسجد، و(840) مدرسة قرآنية، ورعاية عشرات الآلاف من الأيتام.

بنى (860) مدرسة تضم نصف مليون طالب.

أنشأ أربع جامعات، ودفع رسوم (95) ألف طالب ليتم دراسته.

درب أكثر من (4000) داعية ومعلم، ودفع لهم الرواتب.

قام بتوزيع (160) ألف طن من الغذاء والدواء والملابس.

حفر أكثر من (9500) بئر ارتوازي.

وزع أكثر من (51) مليون نسخة من القرآن الكريم في أفريقيا، و(600) مليون كتيب عن الإسلام بعدة لغات.

أنشأ أكثر من مئتي مركز إسلامي.

أنشأ سبع إذاعات ومحطات تلفزيونية.

مؤلفاته

  1. كتاب لبيك أفريقيا.
  2. كتاب دمعة أفريقيا ( مع آخرين ).
  3. كتاب رحلة خير في أفريقيا ” رسالة إلى ولدي “.
  4. كتاب قبائل الأنتيمور في مدغشقر.
  5. كتاب ملامح من التنصير دراسة علمية.
  6. إدارة الأزمات للعاملين في المنظمات الإسلامية ( تحت الطبع ).
  7. السلامة والإخلاء في مناطق النزاعات.
  8. كتاب قبائل البوران.
  9. قبائل الدينكا.
  10. دليل إدارة مراكز الإغاثة.
  11. كتاب قبائل الغبراء ( تحت الطبع )
  12. كتاب قبيلة الميجيكندا فى شرق كينيا
  13. كتاب حقيبة مسافر ( تحت الطبع )

وفاته

توفي د. عبد الرحمن السميط يوم الخميس 8 شوال 1434 هـ الموافق 15 أغسطس 2013م بعد مُعاناة طويلة مع المرض، ومسيرة حافلة في مجال الدعوة الإسلاميَّة والأعمال الخيريَّة، يشار إلى أن نبأ وفاته كان قد أشيع أكثر من مرة، إلا أن نجله - صهيب - أكد الخبر هذه المرة،  تم دفنه وتشييع جثمانه في بلده الكويت في مقبرة الصليبيخات ظهر الجمعة يوم 16 أغسطس 2013م الموافق 9 شوال 1434 هـ وخرج عدد مُهيب من الكويتيين وعدد من الوافدين من جميع الطوائف والتيارات وفئات المجتمع لحمل جثمان عبد الرحمن السميط في جنازة مُهيبة لم يُرى آخرها مِن كثرة المُشيّعين حيث حضر جنازته جمع غفير من الناس والكثير من الشخصيات البارزة

المصادر: