الذكاء الاصطناعي في خدمة القتل| الجيش الصهيوني يطور برنامجا لملاحقة الفلسطينيين

السبت - 15 مارس 2025

إنسان للإعلام- قسم الترجمة:

كشف تحقيق صحفي مشترك نشرته صحف "الجارديان" و"Local Call"  ومجلة"+972"  عن تطوير جيش الاحتلال الصهيوني نموذجًا متقدمًا للذكاء الاصطناعي يشبه برنامج ChatGPT، يهدف إلى مراقبة الفلسطينيين عبر تدريب النموذج على ملايين المحادثات باللغة العربية.

وفقًا للتحقيق، يُنفَّذ هذا النموذج تحت إشراف الوحدة 8200، وهي وحدة النخبة المتخصصة في الحرب السيبرانية والاستخبارات الإلكترونية بجيش الاحتلال، وهي الوحدة التي تعرضت لنكسة كبيرة خلال هجوم "طوفان الأقصى"، حيث فشلت في رصد الهجوم وتم أسر عدد من ضباطها وجنودها، مما أدى إلى تسريح العديد من قادتها لاحقًا.

تحليل المحادثات

أداة المراقبة الجديدة تُعرف بأنها نموذج لغوي ضخم (LLM) قادر على تحليل البيانات، وإنشاء النصوص، وترجمتها، والتنبؤ بها، وتهدف إلى مراقبة جميع المحادثات وتحليلها آليًا، مما يمكن الجيش من تحديد "التهديدات" المحتملة من قطاع غزة والضفة الغربية.

وللمرة الأولى، تم الاعتراف علنًا بمشروع تطوير هذا النموذج من قبل الضابط الصهيوني "تشاكيد روجر جوزيف سيدوف"، الذي قدم نفسه كقائد للمشروع خلال مؤتمر DefenseML  في تل أبيب العام الماضي.

زيادة الاغتيالات

وبحسب التحقيق، يعتمد هذا النموذج على قاعدة بيانات استخباراتية ضخمة تشمل برامج التعرف على الوجه والتجسس التي طورتها جوجل وشركات أمريكية أخرى، مما يمنحه قدرة غير مسبوقة على تحليل اللهجات الفلسطينية المختلفة.

وأكدت ثلاثة مصادر أمنية "إسرائيلية" أن البرنامج سيتيح للجيش استخراج معلومات استخباراتية حول أفراد محددين (من المقاومة) في وقت قياسي، مما يسهل عمليات الاستهداف بالطائرات الحربية والمسيّرة لتنفيذ عمليات اغتيال.

كما يُتوقع أن يؤدي هذا النموذج إلى توسيع نطاق الاعتقالات والملاحقات الأمنية، استنادًا إلى تحليل أنماط السلوك، حيث ستكون الفائدة الرئيسية للجيش قدرته على معالجة كميات ضخمة من بيانات المراقبة بسرعة، مما يعزز تجريم الفلسطينيين واعتقالهم.

من جانبه، أكد مصدر استخباراتي من الوحدة 8200 أن هذه التكنولوجيا "تعزز قوة إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين عبر منحها قدرة متقدمة على مراقبتهم وإحكام السيطرة عليهم".

مخاوف حقوقية

أعرب نديم ناشف، مدير مجموعة الحقوق الرقمية الفلسطينية "حملة"، عن قلقه من أن الفلسطينيين أصبحوا "حقل تجارب" لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي العسكرية "الإسرائيلية". واعتبر أن هذه التقنيات تُستخدم لفرض السيطرة على الفلسطينيين في انتهاك خطير ومستمر لحقوقهم الرقمية والإنسانية.

ووفقًا للتحقيق، درّبت الوحدة 8200 نموذجها اللغوي على 100 مليار كلمة باللغة العربية، جُمعت عبر عمليات المراقبة الواسعة للمكالمات الهاتفية، والمحادثات على وسائل التواصل الاجتماعي، والرسائل النصية.

وقد حذر زاك كامبل، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، من أن هذه المعلومات قد تُستخدم لاحقًا لتصنيف الفلسطينيين كمشتبه بهم بناءً على استنتاجات غير دقيقة أو منحازة.

تورط شركات

يكشف التحقيق أن جيش الاحتلال استعان بخبراء في الذكاء الاصطناعي من شركات كبرى مثل جوجل، ميتا، ومايكروسوفت لتطوير هذا المشروع، خاصة بعد هجوم "طوفان الأقصى".

كما تبين أن "إسرائيل" تمكنت من الوصول إلى تقنيات OpenAI عبر خدمة Microsoft Azure، رغم عدم صدور أي تعليق رسمي من الشركة حول الأمر.

ويسعى جيش الاحتلال إلى استبدال الضباط البشريين بوكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على قراءة وتحليل المعلومات خلال دقائق، والتنبؤ بالمشتبه بهم المستقبليين. لكن التحقيق حذر من أن الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى قرارات خاطئة ذات عواقب كارثية.

وكانت تحقيقات سابقة قد كشفت عن برنامج استخباراتي "إسرائيلي" يُدعى لافندر، تم استخدامه لإنشاء "قوائم قتل" تضم عشرات الآلاف من الفلسطينيين، استنادًا إلى تحليلات الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تصفية عدد غير معلوم من المدنيين الأبرياء.

وشهد المشروع نقطة تحول بعد اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، حيث استعانت الوحدة 8200 بخبراء من شركات التكنولوجيا كجنود احتياطيين.

وأكد أوري جوشن، الرئيس التنفيذي المشارك لشركةAI21 Labs  الإسرائيلية، أن موظفيه شاركوا في تطوير المشروع أثناء خدمتهم الاحتياطية.

مشكلات في النظام

اعترف "سيدوف"، قائد المشروع، خلال مؤتمر DefenseML  بأن النظام واجه صعوبات أولية، حيث لم تكن النماذج اللغوية قادرة على معالجة اللهجات الفلسطينية العامية، ولهذا السبب، اضطرت مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إلى تطوير برنامجها الخاص لتغطية هذه الفجوة.

لكن هذا التحقيق يطرح- على كل حال- تساؤلات خطيرة حول تصاعد استخدام الذكاء الاصطناعي في المراقبة العسكرية وانتهاكات الحقوق الرقمية، حيث يتم تسخير التكنولوجيا المتقدمة لتكريس الاحتلال وتعميق القمع ضد الفلسطينيين.

كما يثير المخاوف بشأن تورط شركات التكنولوجيا الغربية في دعم مشاريع تجسس "إسرائيلية"، وهو ما يتطلب تدخلاً من الجهات الحقوقية والمجتمع الدولي لحماية خصوصية الفلسطينيين وحقوقهم الأساسية.

لقراءة التقرير من المصدر:

https://2u.pw/0I0kmgE8