مراسلون بلا حدود: عشرية السيسي السوداء كانت الأسوأ على حرية الصحافة

الأحد - 2 يوليو 2023

  • مصر تراجعت ثمانية مراكز في التصنيف العالمي لحرية الصحافة منذ 2013
  • سجن 170 صحفيا ومئات الإعلاميين وحجب 500 موقع في عشرة أعوام

 

إنسان للدراسات الإعلامية- وحدة الترجمة:

بالتزامن مع استعداد قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي للاحتفال بالذكرى العاشرة لاستيلائه على السلطة، أصدرت منظمة "مراسلون بلا حدود" تقريرا مهما، قبل يومين، يرصد "الأساليب التي لا هوادة فيها التي استخدمها لإعادة تشكيل المشهد الإعلامي المصري خلال 10 سنوات وتحويل مصر إلى واحدة من أكثر دول العالم قمعا للصحفيين"، وفق التقرير.

تقرير "مراسلون بلا حدود"، الذي أصدرته بمناسبة مرور 10 سنوات على تمثيلية 30 يونيو 2013، التي كانت تمهيدا لانقلاب 3 يوليو 2013، أكد أن مصر باتت واحدة من أكثر الدول قمعاً للصحفيين في العالم، واستعرض حصيلة القمع المستمر منذ عام 2013 وإعادة صياغة المشهد الإعلامي في البلاد في ظل الحكم الاستبدادي.

قال: "في تمام التاسعة ليلاً من يوم 3 يوليو 2013، ظهر الفريق عبد الفتاح السيسي على الشاشات مرتديا قبعة عسكرية، وهو يعلن تعليق العمل بالدستور وإزاحة الرئيس محمد مرسي من كرسي الرئاسة، بينما كانت قوات الأمن التابعة له تهاجم في الوقت نفسه مكاتب قنوات إسلامية والجزيرة والجزيرة مباشر في القاهرة.

أسفرت العملية مساء نفس اليوم عن اعتقال صحفيين من القنوات فضلاً عن تعليق نشاط ثلاثة منابر إعلامية بتهمة قربها من الإخوان المسلمين، حزب الرئيس مرسي واعتقال مديريها".

المنظمة أضافت: "تلك الأحداث لم تكن سوى عربوناً ومقدمة لما كان السيسي ينوي الإقدام عليه من ملاحقة شرسة ضد الصحافة والصحفيين".

قتل 6 صحفيين

واصلت المنظمة: "إن السيسي قتل ما لا يقل عن ستة صحفيين، كان أولهم أحمد سمير عاصم السنوسي، مصور جريدة "الحرية والعدالة"، الذي وافته المنية يوم 8 يوليو 2013 عندما أطلق الجيش النار عليه عمدا مع متظاهرين وقتل 51 شخصاً، حيث كان المصور يغطي مسيرة مؤيدة للرئيس مرسي أمام مبنى الحرس الجمهوري بالقاهرة."

عقبت المنظمة قائله: إذا كان حُكم السيسي بدأ بمطاردة الإخوان المسلمين، فإن عواقب تلك الحملة بلغت مدى أبعد بكثير، حيث استغل النظام معركته "التطهيرية" هذه ليستهدف وسائل الإعلام الأجنبية أيضاً، إذ سرعان ما تعالت الانتقادات ضد مراسلي فرانس 24 ودويتشه فيله والغارديان، لتتحول إلى تُهم رسمية بـتخصيص "تغطية إعلامية منحازة للإخوان المسلمين".

وقام النظام حينئذ بمطاردة صحفيين أجانب وترحيل البعض وهرب آخرون بسبب احتمالات اعتقال سلطة الانقلاب لهم لتغطيتهم القمع الواسع وقتل المتظاهرين ضد الانقلاب.

وطالت تلك الحملة الشعواء -بحسب المنظمة- صحفيي الجزيرة بمختلف قنواتها، إذ أوضح مراسل القناة السابق في القاهرة، الأسترالي بيتر غريست: "بالنسبة للسلطات، إذا كانت قطر تدعم الإخوان المسلمين وتمول قناة الجزيرة، فإن صحفيي الجزيرة مذنبون بالضرورة"، وهذا هو المنطق الدائري الذي تم الاستناد إليه للزج به في السجن في يناير 2014، حيث ظل خلف القضبان لأكثر من عام مع زميليه محمد فهمي ومحمد بدر، وفق المنظمة.

أضاف بيتر غريست: "كان اعتقال صحفيي الجزيرة أمراً مواتياً للسلطات من الناحية السياسية، لكن هذه الأخيرة أرادت أيضاً أن ترسل إشارة مفادها أن كل الصحفيين باتوا في خطر".

اعتقالات الصحفيين ممارسة منهجية

ولفتت المنظمة إلى أن الاعتقالات في صفوف الصحفيين، باتت ممارسة منهجية خلال سنوات حُكم السيسي، بعدما كانت ظاهرة شائعة في عهد حسني مبارك،  إذ باتت موجات الاعتقالات مصاحبة لكل حدث عام تُثار فيه شكوك حول شرعية السيسي في تولي رئاسة الجمهورية أو كل مسيرة أو مظاهرة أو وقفة احتجاجية تندد بفساد حكومة السيسي".

تابعت: "لم يعد هناك من مكان آمن يمكن فيه ممارسة أي شكل من أشكال التجمع أو العمل الجماعي، ففي 1 مايو 2016، اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين لأول مرة منذ إنشائها في عام 1941، حيث اعتقلت صحفيين اثنين على خلفية تغطيتهما لمظاهرات مناهضة للسيسي قبل شهر من ذلك التاريخ".

وواصلت المنظمة، في استعراضها لأوضاع الصحافة في مصر: "في الوقت ذاته، أصبحت بعض المواضيع محرمة تماماً، كما اتَّضح من خلال قضية مؤسس مدونة أكسجين مصر، محمد إبراهيم، الذي أعيد إلى السجن عام 2019 بسبب استمراره في تغطية الاحتجاجات المناهضة للفساد، وقضايا أخرى، بعد أشهر فقط من إطلاق سراحه."

انتقاد الجيش مستحيل!

وتقول منظمة مراسلون بلا حدود: "بات من المستحيل انتقاد الجيش أو حتى مجرد التعليق على العمليات العسكرية، إذ حُكم في هذا السياق بالسجن 10 أعوام على إسماعيل الإسكندراني، الصحافي والباحث المتخصص في شؤون سيناء بتهمة إفشاء أسرار الدولة والانتماء إلى جماعة محظورة."

وبحسب المنظمة، لم يكتف نظام السيسي بحبس الصحفيين وإساءة معاملتهم، بل كثَّف آلته القمعية تدريجياً من خلال تشديد الإطار التشريعي بما يتيح له خنق الصحافة، حيث سن قانون الجرائم الإلكترونية عام 2018، ليُصبح أداة تشرِّع فرض الرقابة على المواقع الإلكترونية.

ولفتت المنظمة إلى ما يواجه موقع "مدى مصر"، وأحد آخر القلاع الإعلامية المستقلة في البلاد، من عدة دعاوى قضائية، كما تم حجبه في مصر بينما طال الاحتجاز رئيسة تحريره، لينا عطا الله، التي زُج بها خلف القضبان ثلاث مرات خلال العقد الأخير.

قبضة أمنية على الصحافة

قالت: "فرضت السلطات المصرية قبضتها على المنظومة الإعلامية، وسيطرت تدريجياً على عدد من المنابر الإعلامية، فمنذ مطلع عام 2019، باتت جميع المؤسسات الإعلامية تقريبا خاضعة لسلطة الحكومة، إذ باتت تسيطر عليها الدولة مباشرة أو تعمل تحت أوامر أجهزة المخابرات أو أضحت مملوكة لرجال أعمال وأثرياء مقربين من النظام".

وختمت المنظمة: "لم تكن حرية الصحافة تحظى بالاحترام الواجب إبَّان حكم حسني مبارك"، وزعمت أنها أيضا لم تكن كذلك خلال ولاية محمد مرسي القصيرة!!، لكنها قالت إن السنوات التي قضاها عبد الفتاح السيسي في السلطة حتى الآن أثبتت بما لا يدع أي مجال للشك أنها "أسوأ سنوات شهدتها حرية الصحافة في مصر".

قالت: تراجعت مصر خلال هذه الفترة بما لا يقل عن ثمانية مراكز في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، حيث باتت تقبع في المرتبة 166 (من أصل 180 بلداً) في جدول ترتيب عام 2023.

نص التقرير هنا