قضاء مصر.. من "شرف المنصة" إلى هاوية الفساد

الاثنين - 19 سبتمبر 2022

  • الانقلاب العسكري حرف مسار العدالة واختار قضاة ملوثي السمعة لتصفية حسابات سياسية
  • السيسي أغرق القضاء في وحل "التسييس" ولطخ سمعته واستخدم "التقنين" لإخضاع المؤسسات
  • في 2017 أصدر السيسي قرارا بتعيين رؤساء الهيئات القضائية وفي 2019 أنهى عهد استقلال القضاء
  • عسكرة المحكمة الدستورية بتعيين لواء جيش نائبًا لرئيسها وحرمان مجلس الدولة من صياغة القوانين  
  • إخضاع محكمة النقض عبر تعديل قانون السلطة القضائية ليختار السيسي رئيسها من "المرضي عنهم"
  • السيسي خطط للإجهاز على القضاء بالتحكم الكامل في العناصر المُختارة للتعيين في الهيئات القضائية  
  • جهاز المخابرات وأكاديمية التدريب يهيئان جيلا مسيسا من القضاة بعد اختيارهم بالرشوة والمحسوبية
  • التوريث كان من أكبر أبواب إفساد القضاة وحرم أبناء الشعب من حقهم في الالتحاق بالهيئات القضائية
  • الرشوة والابتزاز الجنسي وتجارة المخدرات جرائم تورط بها قضاة على مدى الشهور الماضية
  • الفساد القضائي أوجده عبدالناصر ونما أيام السادات وترعرع مع مبارك وازدهر في عهد السيسي
  • تعيين أبناء القضاة في الهيئات القضائية ومنع غيرهم من أبناء الشعب أخطر أبواب الفساد المقنن
  • 35 % من تعيينات النيابة في 2014 كانت لأبناء قضاة وتزايدت النسبة حتى 70% في 2021   
  • مصر قبعت في المراكز الأخيرة في  مؤشر سيادة القانون العالمي  منذ عام 2014 وحتي 2021  
  • 65 منظمة أكدت أن معايير المحاكمة العادلة يتم انتهاكها بشكل روتيني وأن استقلال القضاء في تآكل بشدة
  • ظاهرة "التطوع القضائي لخدمة السلطة" أسفرت عن تنفيذ الإعدام بحق 105  وإصدار 1600 حكم بالإعدام
  • القضاء الفاسد في عهد السيسي أصدر أكثر من 100 ألف حكم جائر على المعارضين وحبس احتياطيا 35 ألفا  

 

إنسان للإعلام- خاص

شهد القضاء المصري في العقد الأخير ظواهر لطخت سمعته أمام المؤسسات الدولية، تمثلت في كم هائل من الأحكام المسيسة، بعد اختيار السيسي وعسكر الانقلاب قضاة بعينهم أصحاب سمعة ملوثة، لترؤس دوائر مخصوصة أطلق عليها "دوائر الإرهاب" لإصدار أحكام جاهزة على المعارضين السياسيين.

السيسي سعى من أول يوم تولى فيه المسئولية لإفساد الهيئات القضائية وتقنين تحكمه باختيار قياداتها، حتى أصبح هو الرئيس الفعلي للسلطات القضائية، وأخضعها تماما لسلطاته.

كما شهدت السنوات الأخيرة سقوط أعضاء الهيئات القضائية في وحل الرشاوي والابتزاز الجنسي والتجارة في الآثار والمخدرات، وقد توالت على مدار هذا العقد سلسلة من  القضايا التي تورط فيها قضاة وصدرت أحكام على بعضهم وصلت حد الإعدام.

في هذا الملف نرصد صورا من وقائع فساد القضاة بمصر والانحراف عن شرف "المنصة"  والسقوط في هاوية الفساد ونبين كيف أثر ذلك  على سمعة القضاء محليا وأدى إلى تراجع ترتيب مصر في مؤشرات سيادة القانون والعدالة في العالم.

السيسي وتقنين مستمر لإخضاع القضاة

حرص السيسي من أول يوم تولي فيه السلطة عبر انقلاب 3 يوليو 2013 على إخضاع السلطة القضائية ، وتوالت على مدار السنوات التسعة الماضية، عمليات تقنين سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ، وكانت أشد هذه التعديلات ،  التعديلات الدستورية  في عام 2019 ، والتي جاءت مكرسة لتحكّم رئيس الجمهورية الكامل بالقضاء المصري، ومهدرةً ما كان متبقياً من استقلاله.

والتعديلات أكدت، في الحقيقة، التبعية المطلقة للهيئات القضائية لرئيس الجمهورية ، وتضمنت التعديلات، ، عودة النصّ على "استقلال الموازنات الخاصة بالهيئات القضائية" إلى المادة 185، مع حذف عبارة أن تدرج كل موازنة في الموازنة العامة للدولة "رقماً واحداً" ، ويعني هذا الأمر الاستقرار على حل وسط بين تبعية الموازنات لوزارة العدل واستقلال كل هيئة بموازنتها وعدم تمكن البرلمان والحكومة من مراقبتها. وستتم مراقبة جميع الموازنات بتفاصيلها الداخلية وتصرفات الهيئات المختلفة فيها، وبالتالي ينتهي عهد استقلال كل هيئة قضائية بموازنتها ونأيها عن الرقابة الداخلية.

وتتحقق بذلك أهداف السيسي، والتي حاول تنفيذها منذ 4 سنوات، عندما أصدر سلسلة من القوانين والقرارات لإخضاع القضاة للحد الأقصى للأجور ولم يكن متمكناً من تنفيذها على نحو كامل بسبب استقلال الموازنات على النحو المقرر في دستور 2014.

السيسي حصّن القانون الذي أصدره وجعله صاحب القرار الأخير في تعيين رؤساء الهيئات القضائية"ويضفي النص النهائي، حماية دستورية على القانون الذي أصدره السيسي في إبريل/ نيسان 2017، ويجعله صاحب القرار الأخير في تعيين رؤساء الهيئات القضائية من بين أقدم 7 قضاة، مما أدي  إلى انتفاء جدوى الطعون المرفوعة وقتها  أمام المحكمة الدستورية العليا على قانون تعيين رؤساء الهيئات، باعتبار أن النصوص المشكوك في دستوريتها ستغدو دستوراً بحد ذاتها، وينتفي أساس الطعن فيها.

كما تضمنت التعديلات التعديل النهائي للمادة 185 على أن يفوض رئيس الجمهورية أحد رؤساء الهيئات (وليس رئيس المحكمة الدستورية العليا بالذات كما كان يطالب القضاة) لرئاسة هذا المجلس الأعلى في غيابه، وبالتالي تم استبعاد وزير العدل تماماً من عضوية المجلس.

وتضمنت المادة عدداً من البنود التي تؤكد تحكّم رئيس الجمهورية بالمجلس، في شكل كامل ، وأصبح المجلس يضم كلاً من رئيس المحكمة الدستورية ورئيس محكمة النقض ورئيس مجلس الدولة ورئيس النيابة الإدارية ورئيس هيئة قضايا الدولة، بالإضافة إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام؛ وهؤلاء جميعاً في الوقت الحالي معينون باختيار شخصي من السيسي.

وبالتالي، فإنه من خلال تحكّم السيسي المطلق بتعيينات رؤساء الهيئات القضائية، بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا بعد التعديل الحالي، سيكون هو الذي يختار بشكل مسبق أعضاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية، الذين ستوكل إليهم ـ وفق النص الدستوري - مناقشة الشؤون المشتركة للهيئات وأعضائها والتعيينات فيها وإبداء الرأي في تعديلات القوانين المنظمة لها.

لكن النص يتضمن ما هو أبعد من ذلك، حتى لا يترك أي فرصة لتمرير قرار أو موقف ضد إرادة السيسي، فعند أخذ التصويت على قرارات المجلس الأعلى، ولدى تساوي عدد الأصوات، سيتم ترجيح كفة رئيس الجمهورية أو من يفوضه لرئاسة المجلس الأعلى. علماً بأن المجلس الأعلى سيكون له أمين عام، سيعينه أيضاً رئيس الجمهورية لمدة يحددها القانون الذي من المنتظر أن يكون على رأس أعمال الدورة البرلمانية المقبلة.

وتضمن التعديل أن رئيس  الجمهورية سيختار رئيس المحكمة الدستورية  ومن يليه من بين أقدم 5 نواب لرئيس المحكمة، ويعين عضو المحكمة الجديد من بين اثنين تُرشِّح أحدهما الجمعية العامة للمحكمة ويُرشِّح الآخر رئيس المحكمة، ويعين رئيس هيئة مفوضي المحكمة وأعضاءها بناء على مقترح من رئيس المحكمة بعد أخذ رأي جمعيتها العامة.

من خلال التعديلات الدستورية  ضمن السيسي التحكّم بمنصب النائب العام  من خلال المادة 189 الخاصة بالنائب العام  التي نصت على ان  يصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيينه بعدما يختاره من ثلاثة قضاة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، وهو الأمر الذي كان يتم من قبل التعديلات بصورة عرفية، لكن النص الدستوري الجديد سيكسبه صفة دائمة وقاعدية، حتى تظل الرئاسة متحكّمة بهذا المنصب الحيوي المهم.

وفي ما يتعلق بالمادة 190 الخاصة بمجلس الدولة، فقد أدخلت على التعديل المقترح تغييرات بسيطة تمثلت في استمرار المجلس في مهمته بمراجعة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية في العموم، لكن مع حذف سلطة المجلس في "صياغتها" والتي كان منصوصاً عليها في دستور 2014، كما تم تقليص سلطة المجلس في مراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفاً فيها، بحيث يلزم النص الجديد بإصدار قانون يحدد قيمة العقود التي يراجعها مجلس الدولة، وبالتالي لم تعد مراجعة العقود من اختصاصه بشكل عام، فضلاً عن إلغاء السلطة الحصرية للمجلس في الإفتاء في المسائل القانونية."1"

إخضاع محكمة النقض لرغبات الرئاسة!

وعلى غرار القضاء  الإداري والمحكمة الإدارية العليا في مصر، اكتسبت محكمة النقض المصرية مكانة مرموقة في تاريخ القضاء المصري على مدار العقود الماضية؛ ذلك أنها كانت تحرص على الاستقلالية عن مواقف السلطة السياسية، وكم من أحكام قضائية أصدرتها أنصفت فيها متهمين على غير رغبة من السلطة، وامتدت هذه الأحكام حتى سنتين أو ثلاثة لما بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م.

وحتى منتصف 2015 وصولا إلى 2017م، حيث بدأت تحولات ضخمة في بنية المحكمة مثلت انقلابا على مبادئها التي أرستها عبر عقود طويلة، وخلال المرحلة التي تلت ذلك أصدرت المحكمة أحكاما مسيسة وأيدت إعدام العشرات من المعتقلين السياسيين على ذمة قضايا سياسية بالأساس، وما كان لمحكمة النقض المصرية أن تحكم بكل هذه الأحكام الجائرة من إعدامات جماعية وأحكاما بالمؤبد لمئات المعتقلين السياسيين لولا عمليات الإخضاع التي مارسها عبدالفتاح السيسي للقضاء كله وعلى رأسه محكمتي النقض  والإدارية العليا.

من هنا بدأ تسييس القضاء

عندما شعر السيسي، منذ أواخر 2013، بتردّد القضاء في إصدار مئات أحكام الإعدام غير المبرّرة، أوعز إلى الحكومة التي كانت تدير مصر شكلياً تحت وصاية الجيش بإنشاء “دوائر إرهاب” خاصة، وعيّنت لها قضاة منتقين، عملوا بشكلٍ موازٍ للمحاكم العسكرية.

وهو الإجراء الذي يدفع ببطلان الأحكام الصادرة عن هذه الدوائر باعتبارها دوائر انتقائية لقضايا معينة وهو ما يعصف بشرعية أحكام هذه الدوائر من الأساس وفق القواعد القضائية المعتبرة.

في ديسمبر 2016م، دفعت أجهزة السيسي الأمنية إلى عدد من النواب في البرلمان بتعديلات لقانون السلطة القضائية؛  تقضي بتعديل آلية اختيار رؤساء الهيئات القضائية، واقترحت أن يكون التعيين من ثلاثة نواب يختار رئيس الجمهورية أحدهم لتعيينه رئيسا لكل هيئة. وهو ما رفضته الهيئات القضائية ونادي القضاة والنيابة الإدارية ومجلس الدولة وقضايا الدولة، خلال بيان رسمي مشترك عن رفضهم المشروع، واعتباره يمس استقلال القضاء بشكل مباشر ، خاصة وأن التعديلات تخالف نص المادة 83 من قانون مجلس الدولة، التي تقضي بتعيين رؤساء الهيئات القضائية عن طريق جمعية عمومية خاصة بالمجلس .

ورغم الاعتراضات الواسعة من جميع مكونات السلطة القضائية إلا أن السيسي لم يكترث وفي 27 أبريل 2017م صدّق على مشروع التعديلات بقرار رئيس الجمهورية رقم 13 لسنة 2017، وبمجرد تصديق عبدالفتاح السيسي على القانون، عدلت تلك الجهات عن اعتراضها، معلنة التزامها بتطبيقه، وهو ما حدث فعليا من ترشيحات تلك الجهات للسيسي؛ ليختار من بينها رؤساء الهيئات القضائية. وبذلك يكون القانون الخاص بالسلطة القضائية هو آخر مسمار في نعش استقلال القضاء المصري، الذي انسحق أمام توغل السلطة التنفيذية

في أعقاب تمرير مشروع السلطة القضائية، تمكن السيسي من تعيين من اختارتهم أجهزته الأمنية على رأس الهيئات القضائية متجاوزا الأعراف القضائية القائمة على أساس الأقدمية، ولمزيد من إخضاع الهيئات القضائية وفي مقدمتها محكمة النقض فرض النظام عدة إجراءات، منها ما تم في 29 يونيو 2017م، حيث اختار السيسي مجدي أبو العلا لرئاسة محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى، مستبعدًا القاضي أنس عمارة المحسوب على تيّار استقلال القضاء – أقدم القضاة – الذي رشحه مجلس القضاء الأعلى على رأس قائمة من 3 مرشحين. واختير أيضًا القاضي حسين عبده خليل رئيسًا لهيئة قضايا الدولة متخطيًا القاضيين محمد ماضي ومنير مصطفى، وجاءت القاضية رشيدة فتح لله لرئاسة هيئة النيابة الإدارية، وقد رفع المستشار أنس عمارة دعوى ضد السيسي بهذا الشأن واعتمد في دعواه على سببين أساسيين، الأول أن القرار الجمهوري الصادر بتعيين المستشار مجدي أبو العلا رئيسا لـ”النقض” تخطى مبدأ الأقدمية، حيث أنه لا يجوز اختيار الأحدث وتخطى الأقدم. والسبب الثاني، أن التعديلات التي طرأت على القانون 13 لسنة 2017، بشأن اختيار رؤساء الهيئات القضائية الأخيرة غير دستورية. وجرى رفع الدعوى للبت فيها من جانب المحكمة الدستورية التي وضعها في الأدراج ولم تبت فيها حتى اليوم.

وفي أعقاب تعيين المستشار مجدي أبو العلا رئيسا لمحكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى في تجاوز سافر للأعراف القضائية وتجاوز الأقدم والأكثر كفاءة، اعتمد مجلس القضاء الأعلى حركة تغييرات واسعة في مختلف الهيئات القضائية شملت نقل وترقية “2000” قاض ورئيس محكمة ومحامين وهي الحركة القضائية الأكبر في تاريخ البلاد من أجل تمكين النظام من السيطرة الكاملة على الهيئات القضائية والوصول إلى مرحلة الإخضاع الكامل للسلطة القضائية.

هذه الحركة طالت في بدايتها محكمة النقض، باعتبارها الهيئة الأهم التي تنظر بشكل نهائي في أحكام الإعدام والسجن المؤبد المتعلقة بقيادات وعناصر المعارضة والتيار الثوري عموما، حيث تم تعيين 24 نائبا لرئيس محكمة النقض في أكبر حركة قضائية في تاريخ المحاكم.

ولمزيد من الهيمنة والإخضاع لمحكمة النقض، أصدر السيسي القرار رقم 91 لسنة 2021م في شهر مارس 2021م بتعيين 58 قاضيا نائبا لرئيس محكمة النقض.

وبالتزامن مع تمرير تعديلات قانون السلطة القضائية، أجرى النظام تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية والطعن بالنقض بشأن تقييد سماع الشهود أمام محكمة بسلطة تقديرية للمحكمة وإلزام محكمة النقض بالتصدى لموضوع الطعن من المرة الأولى دون إعادة والاعتداد بحضور وكيل عن المتهم أو المدان الغائب أو الهارب ليصبح الحكم الصادر ضده حضوريا وواجب النفاذ، وهى التعديلات التى صدرت بالقانون 11 لسنة 2017م.

ومعنى ذلك أن محكمة النقض أضحت جهة فصل فى الموضوع وليست لنظر قانونية الحكم فقط، وبالتالى يتعين عليها الفصل في القضايا وعدم إعادتها للاستئناف مرة أخرى، وبالتالي وجدت المحكمة نفسها في ورطة كبيرة؛ إما أن تلتزم بصحيح القانون وعدم الاعتداد بالتحريات الأمنية فقط كدليل إدانة وهو ما استقرت عليها أحكامها، أو تتخلى عن هذه المبادئ القضائية المستقرة لأن الالتزام بصحيح القانون سوف يدفع بها إلى صدام غير مأمون العواقب مع النظام، فاختارت المحكمة الإذعان والخضوع للسلطة ولم تتمسك بمبادئ العدالة والنزاهة والإنصاف فسقطت وسقط معها أي معنى للدولة والقضاء والعدالة  التي جرى نحرها على منصات القضاء المسيس على النحو الذي نراه."2"

تضييق مستمر بعد حكم تيران وصنافير

تخوّف السيسي منذ البداية من وجود "جيوب ثورية" أو "مستقلة" داخل الجسد القضائي تستغلها المعارضة السياسية والحقوقية لتحقيق أهدافها، أو أن تساهم الأحكام الصادرة عن تلك "الجيوب" في إشعال حراك ضد النظام، تحديداً بعد توقيعه اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع السعودية في 8 أبريل/نيسان 2016، حينها تلقت محكمة القضاء الإداري بعد ساعات من التوقيع دعاوى قضائية لبطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وأسفر الحراك القانوني عن حكمين تاريخيين ببطلان التنازل صدرا عن القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا في يونيو/حزيران 2016 ويناير/كانون الثاني 2017،  وهما قراران دعما بشدة أصوات معارضي السيسي في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وميادين التظاهر، ما مثل في حينه أزمة كبرى هددت تماسك النظام وسيطرته، إلى أن استطاع بتدخل استثنائي من المحكمة الدستورية العليا وقف هذا المد، بقرار أصدره رئيسها  وقتها عبد الوهاب عبد الرازق   في يونيو 2017 بوقف تلك الأحكام، وتبعه حكم صريح بإلغاء آثارها في مارس/آذار 2018 أصدره رئيسها حنفي جبالي (رئيس مجلس النواب الحالي).

واتخذ السيسي بعد أزمة تيران وصنافير قراراً استراتيجياً بالتعامل مع القضاء بشكل مختلف. وكان أول شأن قضائي خالص سعى للسيطرة عليه هو تعيينات رؤساء جميع الهيئات، ووضع حد لنظام الأقدمية المطلقة التاريخي، الذي كان يوصل أحياناً شخصيات مناهضة للأنظمة الحاكمة المتتابعة منذ الخمسينيات من القرن الماضي. وكان يتسبب في إطلاق يد رؤساء الهيئات في اختيار مساعديهم ورؤساء الدوائر، مستغلين سلطاتهم الإدارية التي لا يراجعهم فيها أحد، كوضع قضاة أصحاب أفكار ثورية ليبرالية أو يسارية أو ناصرية على رأس دوائر هامة. كما حدث في الأحكام السابق ذكرها وقضية تيران وصنافير، فضلاً عن القلق من إمكانية أن تؤدي قاعدة الأقدمية المطلقة المعمول بها في القضاء المصري، منذ نشأته إلى وصول ذوي الرأي والأفكار إلى رئاسة الهيئات كما كان سيحدث مع المستشار يحيى دكروري، صاحب حكم بطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير في مجلس الدولة، والمستشار أنس عمارة عضو تيار الاستقلال في محكمة النقض، والمستشار محمد خيري طه في المحكمة الدستورية العليا، وغيرهم."3"

"عسكرة" المحكمة الدستورية العليا

وفي خطوة خطيرة من خطوات إخضاع الهيئات القضائية  للعسكر، عيّن عبد الفتاح السيسي في 17 يوليو 2022،  اللواء صلاح الرويني نائبًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وهو رئيس هيئة القضاء العسكري المصري السابق، وهي سابقة تحدث لأول مرة في تاريخ مصر منذ تأسيس المحكمة عام 1979.

قضاة ونشطاء اعتبروا أن هذا القرار معناه أن تصبح المؤسسة العسكرية على بعد خطوة واحدة من رئاسة المحكمة الدستورية، أعلى المحاكم المدنية المصرية وأن ما حدث هو "عسكرة القضاء" بعد السيطرة عليه ، وأثار التعيين الأخير تساؤلات حول تمدد سيطرة القوات المسلحة على سلطات مختلفة بما فيها القضاء، وإخضاع الجهات القضائية لسيطرة اللواءات بدلًا من القضاة.

قال قضاة لموقع "مدي مصر" إن القرار سيؤدي لعسكرة المحكمة الدستورية، ولن يكون الرويني هو أول عسكري يدخلها بعدما عدل السيسي الدستور عام 2019.

أكد أحدهم، دون ذكر اسمه، أن قانون المحكمة الدستورية العليا يعطي الأولوية في التعيين فيها لرئيس هيئة المفوضين بها، وهو المستشار عماد البشري، نجل المستشار طارق البشري، النائب الأول الأسبق لرئيس مجلس الدولة ورئيس لجنة تعديل الدستور بعد ثورة 25 يناير.

وأن اللواء الرويني جاء إلى المحكمة على حساب البشري الابن، الرئيس السابق لهيئة المفوضين بـ«الدستورية» نفسها، لأنه كان عليه الدور في الانتقال للتعيين بالمحكمة، قبل أن تعلن المحكمة، في فبراير 2022 تصعيد المستشار عوض عبد الحميد بدلًا منه في رئاسة هيئة المفوضين، قائلة وقتها إن البشري قد غادر البلاد دون توضيح تفاصيل.

وكشف المتحدث باسم «الدستورية»، المستشار محمود غنيم، لموقع «مدى مصر»، أن رئيس المحكمة، المستشار بولس فهمي، هو من رشح الرويني لعضوية «الدستورية»، وأن فهمي هو من عرض على الرويني أن يترك وظيفته كرئيس للقضاء العسكري وينتقل للعمل عضوًا بالدستورية، ليكون أحدث أعضائها في ترتيب الأقدمية."4"

التحكم في الهيئات القضائية من خلال التعيينات

خطط السيسي للتحكم الكامل بالعناصر المُختارة للتعيين في القضاء بعد إكمال دراستها الجامعية وتغيير خلفياتها الثقافية والمعرفية بشكل كامل،  بالتالي أصبح الجسد القضائي أقرب للعسكري والشرطي، في إطار رؤية السيسي له كذراع للسلطة التنفيذية ومرفق خدمي، وليس كسلطة مستقلة تعمل لصالح الشعب وتراقب السلطتين الأخريين وترشد عملهما.

وتمّ إخضاع جميع الهيئات بإلحاق المرشحين الناجحين في المقابلات الشخصية تمهيداً للالتحاق بالعمل بالهيئتين، للدراسة في الأكاديمية الوطنية للتدريب التابعة للمخابرات، بل واستخدام الأكاديمية كأداة ترشيح أخيرة ونهائية لاختيار القضاة، شأنهم في ذلك شأن المتقدمين للعمل الدبلوماسي والوظائف الحكومية الأخرى.

ورضخ مجلس الدولة ومجلس القضاء الأعلى لهذا التوجه بعد تلقيهما تأكيدات بأنه "من المستحيل التصديق على تعيين قضاة جدد أو أعضاء بالنيابة العامة من دون إخضاعهم للدورات التدريبية"، ويعني هذا الأمر تقليص سلطة إدارة الهيئات في الاختيار، وأن الآلية التي فرضت على مجلس الدولة تكمن في إبلاغ أسماء المقبولين الذين اجتازوا الاختبارات والمقابلات الشخصية، ثم ترشيحهم من قبل الجهات الأمنية والسيادية والرقابية، قبل إلحاق المجازين أمنياً منهم بالأكاديمية، وفي النهاية لا يتم تعيين إلا من اجتازوا هذه الدورة.

وفي التعيينات الأخيرة بمجلس الدولة تحديداً، أجريت للمرشحين دورات تدريبية بالأكاديمية الوطنية التابعة للمخابرات العامة، وبعد ظهور النتيجة أعيد إجراء التحريات الأمنية والرقابية على أقارب الخريجين المقبولين، حتى الدرجة الرابعة، في مخالفة لأحكام سابقة من المحكمة الإدارية العليا بحظر مؤاخذة المتقدمين بأفعال وجرائم ارتكبها أقارب لهم، أو بتصنيفات أمنية مزعومة للأقارب.

 ونتج عن هذه العملية، بحسب المصادر، استبعاد نحو 60 شخصاً من المقبولين، ومنهم أبناء بعض القضاة المصنفين من قبل الأمن الوطني كمعارضين للنظام، بل شارك أحدهم في كتابة حكم أول درجة في قضية تيران وصنافير."5"

و جاء قرار السيسي بحظر قبول الخريج الواحد في أكثر من هيئة، ليمثل خطوة  على طريق السيطرة الكاملة على جميع تعيينات القضاء. وكانت الخطوة الأولى تمثلت في إخضاع جميع الهيئات لقرار السيسي بإلحاق المرّشحين الناجحين في المقابلات الشخصية؛ تمهيدا للالتحاق بالهيئات، للدراسة في الأكاديمية الوطنية للتدريب، التابعة عمليا للمخابرات العامة، بل واستخدام الأكاديمية كأداة ترشيح أخيرة ونهائية لاختيار القضاة، شأنهم في ذلك شأن المتقدمين للعمل الدبلوماسي والوظائف الحكومية الأخرى.

وبموجب تطبيق القرار الجديد، الذي نصّ على "عدم تكرار أسماء المقبولين للتعيين اعتبارا من دفعة عام 2018 بالنسبة لمجلس الدولة والنيابة العامة، ودفعة 2013 بالنسبة للنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة"، على القرار السابق بالتدريب في الأكاديمية، فالأقرب للتنفيذ الواقعي أن يتم ترشيح أسماء المقبولين في جميع الجهات ابتداء من أقرب دورة لاختيار الأعضاء الجدد، بواسطة الأكاديمية الوطنية للتدريب ذاتها، والتي ستكون المنُوطة بجمع أسماء المرشحين للعمل القضائي؛ بُغية إخضاعهم للدورات التدريبية.

ويدعم هذا الاتجاه أن الأكاديمية تملك سلطة استبعاد بعض الخريجين الذين اجتازوا بالفعل الاختبارات والمقابلات الخاصة بالجهة القضائية ذاتها، حيث يتم إبلاغ أسماء المقبولين الذين اجتازوا الاختبارات والمقابلات الشخصية، ثم يتم ترشيحهم من قبل الجهات الأمنية والسيادية والرقابية، ثم يتم إلحاق المرشحين المُجازين أمنيا بالأكاديمية، وفي النهاية لا يتم تعيين إلا من اجتازوا هذه الدورة بنجاح، وكان النظام المعمول به سابقا يتيح صدور قرار قبول الخريج في أكثر من هيئة قضائية، على أن يتم تعيينه بموجب أول قرار جمهوري يصدر بذلك، ويُسمح له بالتحويل إلى هيئة أخرى بحسب رغبته، طالما تمّ قبوله. أما الآن، فلن يُقبل تدريب مقبول واحد في الأكاديمية تبعا لأكثر من هيئة قضائية، وبالتالي لن يتكرر اسم مقبول واحد في أكثر من قرار جمهوري بالتعيين.

ومقابل هذا التقليص الواضح لسلطة كل الهيئات في اختيار أعضائها الجدد، تتوسع الأكاديمية في إجراءاتها تدريجيا. وفي هذا الإطار، باتت مدة الدورة الواحدة أربعة أشهر ونصف الشهر، تُجرى بعدها الاختبارات النهائية في أربعة أيام، على أن تكون مدة الدراسة ثماني ساعات يوميا، وتدرّس المواد في صورة "حصص تدريبية متلاحقة" في مجالات الإدارة والأمن القومي وحروب الجيلين الرابع والخامس ومواجهة الشائعات والتطرف وتنظيم الدولة (داعش) والنظم السياسية، وتم تخصيص مجموعة محاضرات استثنائية في المجال القانوني للمرشحين للهيئات القضائية.

وشهدت الدفعات المُعيّنة مؤخرا في النيابة العامة وهيئة قضايا الدولة ومجلس الدولة استبعاد عدد من المقبولين؛ بسبب آرائهم وتوجهاتهم الشخصية التي ظهرت في آدائهم خلال الدورة، وهو ما يؤكد أنها ليست مجرد محاضرات علمية؛ بل وسيلة للتصفية عن قرب بإخضاع المرشح لظروف دراسية ونقاشية مختلفة، وبحسب مصادر خضعت لبعض المحاضرات القانونية بالأكاديمية، فهي تركز على الاهتمام بحجم الإنجاز وعدد القضايا والاعتبارات ذات المعايير الكمية في نفوس القضاة الشباب، ما يكون له آثار بالغة السلبية على مستقبل جميع الهيئات القضائية وطريقة إدارة مرفق العدالة.

وكانت عدة دراسات ألمحت إلى ظهور مؤشرات سلبية في نوعية الإنجاز في العديد من المحاكم، نتيجة تسابق القضاة، وخصوصاً الشباب منهم، على إنجاز أكبر قدر من القضايا. ومثال ذلك، ارتفاع نسبة الأحكام الصادرة بعدم القبول والشطب إلى ما يتعدى 70% في بعض الهيئات، وارتفاع نسبة الأحكام الصادرة برفض دعاوى المواطنين إلى مستويات غير مسبوقة في مجلس الدولة تحديدا، فضلا عن زيادة نسبة الأحكام الصادرة بنماذج موحدة للحيثيات في قضايا الموظفين والأحوال الشخصية والنزاعات المدنية الأخرى، مع ظهور أخطاء فنية عديدة فيها، نتيجة غياب التدقيق وضعف مستوى الفحص بعد كتابتها."6"

  منظمات حقوقية: استقلال القضاء تآكل بشدة

وقد أكدت  منظمات حقوقية مصرية ودولية، إن استقلال القضاء "يتآكل بشدة في مصر في عهد السيسي ، مما يعني انتهاك الحق في محكمة مستقلة ومحايدة في جميع القضايا التي تشمل محامين حقوقيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين وسياسيين معارضين ومنخرطين في أي شكل من أشكال التعبير المستقل".

وقالت المنظمات إن التقارير "تؤكد وجود مجموعة واسعة من الانتهاكات المنهجية للحق في محاكمة عادلة في البلاد، بما في ذلك الاعتقال التعسفي أو الاعتقالات أو محاكمة المعارضين أو من يفترض النظام أنهم معارضون".

وأضافت: "كما أن هناك إخفاق في المقاضاة والمعاقبة بشكل فعال على الجرائم التي ارتكبتها القوات التابعة للدولة، مثل القتل غير القانوني أو العشوائي – بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء – والاختفاء القسري والتعذيب وحالات المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"

ولفتت إلى أن "هذا الإفلات من العقاب يرقى إلى مستوى انتهاك حقوق ضحايا هذه الجرائم ولا يرقى في حد ذاته إلى انتهاك حقوق المحاكمة العادلة، إلا أنه يمثل دليلا إضافيا على أن الشرطة والمدعين العامين وغيرهم من المسؤولين فشلوا في أداء واجبهم من حيث إجراء تحقيقات فعالة ومستقلة ودعم سيادة القانون"

وأكدت المنظمات أنه تم التعرف على هذا الوضع المأساوي في عدد من التقارير من المنظمات الحقوقية البارزة، وتم تصنيف الدولة على أنها "غير حرة" من قبل منظمة فريدوم هاوس، مما يؤكد – وفقًا للتصنيف بحسب سيادة القانون – على قضايا خطيرة متعلقة بحقوق المحاكمة العادلة، علاوة على ذلك، فإن مؤشر سيادة القانون لعام 2021 الصادر عن مشروع العدالة العالمية يصنف مصر في المرتبة 136 من أصل 139 دولة.

وتشير التقارير إلى أن السلطة التنفيذية وقطاع الأمن في مصر يمارسان نفوذاً كبيراً على المحاكم، التي تحمي عادة مصالح الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية، وغالبًا ما تتجاهل الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات الأساسية الأخرى في القضايا المرفوعة ضد المعارضين السياسيين للحكومة، والمحامين الذين يمثلون ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وغيرهم، وحيث تفترض الدولة وجود معارضة، حسب المنظمات التي لفتت إلى أن التعديلات الدستورية التي أُجريت في عام 2019 عززت من نفوذ الرئيس المصري على القضاء وقوضت استقلاليته.

وأشارت في هذا السياق، إلى أن التعديلات "سمحت للرئيس بتعيين رؤساء الهيئات والسلطات القضائية الرئيسية، لتحل محل النظام السابق الذي بموجبه لا يوافق الرئيس رسميًا إلا على القضاة الذين تم اختيارهم داخليًا بالفعل من قبل كل هيئة قضائية على أساس مبدأ الأقدمية".

ويحكم القانون رقم 162 لسنة 1958 "قانون الطوارئ" في مصر ويؤسس محكمة أمن الدولة طوارئ للفصل في الجرائم التي تنتهك شروط حالة الطوارئ. وحُوكم العديد من منتقدي الحكومة وشخصيات المعارضة المحتجزين في محكمة أمن الدولة العليا منذ إعلان حالة الطوارئ في عام 2017. تم تجديد حالة الطوارئ مرارًا وتكرارًا وبقيت سارية حتى أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2021، وقرارات محكمة أمن الدولة العليا ليست قابلة للاستئناف ولكنها بدلاً من ذلك تخضع لتصديق السلطة التنفيذية، حيث يمكن للرئيس تعليق أي من أحكامهم والأمر بإعادة المحاكمة.

وفي قرار صدر في أكتوبر 2021، خلصت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى أن قانون الطوارئ المصري يتعارض مع الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وطالبت الحكومة بإصلاح القوانين المحلية لمنع تكرار انتهاكات حقوق الإنسان. على الرغم من أن القرار تعلق باعتقال واحتجاز مقدم الطلب منذ عدة سنوات، وجدت اللجنة، في وقت قرارها، أن القانون الذي كان لا يزال ساريًا ويستخدم كذريعة لتبرير الانتهاكات المنهجية المستمرة لا يتماشى مع الميثاق الأفريقي.

وفي يناير/كانون الثاني 2022، صدر بيان عن 65 منظمة حقوقية أكدت أن معايير المحاكمة العادلة يتم انتهاكها بشكل روتيني في المحاكمات أمام محاكم أمن الدولة العليا، بما في ذلك الحق في الدفاع الكافي والحق في جلسة استماع علنية. مُنع محامو الدفاع من التواصل مع موكليهم على انفراد ومنعوا من الوصول الكافي إلى ملفات القضايا ولوائح الاتهام والأحكام.

إلى ذلك، أكدت المنظمات أنه منذ 2013، حولت السلطات المصرية على نحو متزايد الحبس الاحتياطي إلى أداة عقابية لإسكات المعارضة.

ودعت المنظمات الموقعة، السلطات المصرية إلى تنفيذ الخطوات التالية لضمان الحماية الكاملة للحق في محاكمة عادلة في البلاد وخلق بيئة تمكن من الحماية الفعالة لمبادئها الأساسية، وهي الالتزام بالميثاق الأفريقي، والمبادئ والإرشادات التوجيهية بشأن المحاكمة العادلة، وإعلان حرية التعبير، والأدوات الأخرى التي انضمت مصر طرفًا إليها أو يجب أن تراعيها."7"

الإعدامات المسيسة والأحكام الجائرة

في ظل تدخلات السيسي المستمرة في القضاء المصري،  أصبح من الطبيعي ان  يشارك بعض القضاة في التنكيل بالخصوم السياسيين فيما سمي بظاهرة "التطوع القضائي في خدمة السلطة"، فبعد انقلاب الثالث من يوليو 2013، توسع القضاء في إصدار أحكام جائرة تفتقد لأدني معايير العدالة مما يؤكد على الفساد بكل أشكاله في هذه المؤسسة .

فنجد ان حصاد الأحكام الجائرة حتى تاريخ 10 مارس 2022، أقدم النظام على تنفيذ الإعدام بحق 105 مواطنين في 25 قضية ملفقة، وأصدرت محاكمه المخصوصة (ما يسمى بدوائر الإرهاب) أكثر من 1600 حكم بالإعدام خلال ثماني سنوات، منها 95 حكما نهائيا باتا تنتظر التنفيذ، بخلاف ما تم تنفيذه فعلا.

كما نتج عن اختلال العدالة وفسادها في مصر تعرض أكثر من 35 الف معارض سياسي للحبس الاحتياطي الذي تحول لعقوبة في ظل تواطؤ القضاة ، كما أصدر المحاكم المصرية أكثر من 100 ألف حكم جائرة مسيس على المعارضين السياسيين ، خلال السنوات التسعة الماضية ، كما تعرض أكثر من 14 الف مصري للأختفاء القسري ، ذلك بخلاف تغاضي المؤسسات القضائية عن ألاف من قضايا التعذيب الذي تورط فيها ضباط الشرطة ، وقتل فيها أكثر من 90 معتقل على مدار السنوات التسعة الماضية .  

وتحدث تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في عام 2018، عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في مصر، بين أعوام 2014 إلى 2017، حيث حاكمت السلطات ما لا يقل عن 15500 مدني أمام محاكم عسكرية، بينهم أكثر من 150 طفلا. "8"

قضاة مصر والانحراف عن شرف  "المنصة"

على مدار الشهور القليلة الماضية لم تتوقف الفضائح التي تلاحق عددا من قضاة مصر، بسبب تورطهم في قضايا رشوة أو فساد أخلاقي، وكانت أخر هذه الفضائح إدانة قاضٍ بقتل زوجته التي كانت مذيعة تلفزيونية، و شريكه له في ارتكاب جرائم تتعلق باستغلال النفوذ والرشوة، وفق ما ذكرته وسائل إعلام حكومية.

ونقل موقع بوابة الأهرام الحكومي أن "محكمة جنايات الجيزة (غرب القاهرة) قضت بالإعدام شنقًا للقاضي أيمن عبد الفتاح محمد حجاج والمقاول حسين محمد إبراهيم الغرابلي، في اتهامهما بقتل زوجة الأول الإعلامية شيماء جمال، عمدًا مع سبق الإصرار" ، ومنتصف الشهر الماضي، أحالت المحكمة الجانييْن إلى مفتي البلاد لأخذ الرأي في إعدامهما ، وتبيّن من التحقيقات أن المتهميْن "عقدا العزم وبيّتا النية على إزهاق روح الإعلامية شيماء جمال، ووضعا لذلك مخططًا اتفقا فيه على استئجار مزرعة نائية لقتلها بها وإخفاء جثمانها بقبر يحفرانه فيها"."9"

وقد أثبتت التحريات أن هذا القاضي تورط في قضايا رشاوى، وتلاعب بأحكامه لصالح من يدفع، وان زوجته المذيعة كانت ضمن سلسلة من المشاهير الذين تورطوا في تسهيل حصول هذا القاضي على الرشاوي . "10"

الحكم بالمؤبد على قاض مرتش

في السياق نفسه، تم الحكم بالسجن المشدد والغرامة على قاض تولى محاكمة مئات المعارضين المصريين بأحكام قاسية، لاتهامه بتقاضي رشوة وحيازة مخدرات وسلاح وذخائر، ما يكشف مدي توغل الفساد في الهيئات القضائية.

 وقضت محكمة جنايات القاهرة، الشهر الماضي ، بالسجن المشدد 24 عاما وغرامة 3 ملايين و610 آلاف جنيه، بحق المستشار سامي محمود عبد الرحيم، الرئيس السابق للدائرة الأولى في محكمة جنايات بورسعيد، كما أصدرت المحكمة الاقتصادية في وقت سابق قرارا بمصادرة ممتلكاته وجميع أفراد أسرته، وعزل نجله من النيابة العامة والحكم بعدم صلاحيته بسبب والده المرتشي.

وتضمن الحكم على القاضي السجن المشدد 10 سنوات، وغرامة مليوني جنيه عن تهمة الرشوة، والسجن المشدد 5 سنوات، وغرامة مليون جنيه في قضية رشوة ثانية، والسجن المشدد 3 سنوات وغرامة 500 ألف جنيه في قضية رشوة ثالثة، والسجن المشدد 3 سنوات وغرامة 10 آلاف جنيه عن تهمة حيازة سلاح ناري، والسجن المشدد 3 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه عن تهمة حيازة الحشيش والأفيون الشخصي بغير قصد الاتجار أو التعاطي.

ومن بين تلك القضايا طلب القاضي من المتهم مبلغ مليون جنيه، مقابل إخلاء سبيل أحد المتهمين أمامه في القضية رقم 765 لسنة 2017 إداري ميناء بورسعيد المنظور أمر مد حبسه فيها أمام الدائرة رئاسته، وهي قضية متعلقة بجلب مواد ممنوعة من خارج مصر.

وأصدر القاضي المتهم أحكامًا في عدد من قضايا كبرى وشهيرة خلال السنوات الماضية، منها القضية المعروفة بـ"أحداث قسم شرطة العرب"، التي حكم فيها بالسجن المؤبد 25 عامًا على مرشد جماعة الإخوان محمد بديع، والقيادي محمد البلتاجي، والداعية صفوت حجازي، و 92 آخرين.

كما أصدر القاضي عندما كان رئيس دائرة بمحكمة جنايات الزقازيق (دلتا مصر) حكمًا بإعدام عادل محمد إبراهيم الشهير بعادل حبارة؛ لاتهامه بقتل مخبر شرطة في وحدة مباحث أبو كبير بمحافظة الشرقية عمدا مع سبق الإصرار والترصد بسلاح ناري، وهو ما نفاه المتهم عام 2016."11"

قضاة مصريون من "المنصة" إلى السجون

تعددت حالات السقوط في الجرائم الجنائية من أعضاء بالسلطة القضائية في السنوات الأخيرة، وهو ما يثير النقاش حول دلالتها،  ومع استمرار هذه الحوادث أصبحت ظاهرة .

ومن نماذج الفساد الصارخة في  الهيئات القضائية ، الفساد الاخلاقي الذي أطاح بالمستشار رامي عبد الهادي رئيس محكمة جنح مستأنف مدينة نصر في عام 2015 من منصة القضاء بعد أن طلب رشوة جنسية ، وكان من أبرز الأحكام المثيرة للجدل التي أصدرها عبد الهادي قبول تظلم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك على قرار حبسه في قضية الاستيلاء على المال العام والتربح والكسب غير المشروع، وإخلاء سبيله.

وفي عام 2016، صدر قرار جمهوري باستبعاد القاضي ناصر عبد الرحمن جابر من القضاء عبر التقاعد بعد نشر عدة صور فاضحة له في ملهى ليلي، تنفيذا لحكم مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة (محكمة القضاء الإداري).

وفي عام 2017، كان اسم المستشار أيمن شلبي، أمين عام محكمة القضاء الإداري السابق يملأ وسائل الإعلام المصرية، عقب القبض عليه من قبل هيئة الرقابة الإدارية (أعلى الهيئات الرقابية بالبلاد) في القضية المعروفة إعلاميا بـ"قضية الرشوة الكبرى"، وذلك قبل أن ينتحر.

وما زال اسم القاضي السابق طارق محمد زكي مرتبطا إعلاميا باسم "قاضي الحشيش"، والذي أيدت محكمة النقض (أعلى محكمة بالبلاد) في عام 2020 الحكم الصادر ضده من محكمة الجنايات بمعاقبته بالسجن المؤبد 25 عاما، لإدانته بالاتجار وحيازة الحشيش وسلاح غير مرخص، وتأليف تشكيل عصابي.

وفي يوليو/تموز من العام الماضي2021 ، قضت محكمة جنايات بني سويف (جنوبي مصر) بالسجن المشدد 10 سنوات والعزل من الوظيفة على القاضي أحمد عمر توفيق رئيس محكمة باستئناف القاهرة، لاستيلائه على أوراق 3 قضايا جنائية من محكمة استئناف بني سويف، وانتحاله صفة مستشار بالتفتيش القضائي."12"

 صفحات من تاريخ الفساد القضائي بمصر

تم الكشف  عن قضايا رشوة كبرى تورط فيها 6 قضاة فى قضايا مختلفة بصورة مباشرة وقضاة آخرون بصورة غير مباشرة.

 فى القضية الأولى بدأت الواقعة ببلاغ من "سعاد التابعى حسن"، مدرسة مقيمة ببورسعيد، ضد قاض بمحكمة طنطا، رئيس دائرة بإحدى دوائر الجنايات ، وأفاد البلاغ بأنه طلب 50 ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل استغلال نفوذه لدى نيابة بورسعيد، للإفراج عن ابنها "عباس أحمد عباس"، المحبوس على ذمة القضية 6648 لسنة 2009 جنايات قسم العرب مخدرات، وبعد استئذان النيابة تم ضبط المتهم، متلبسا بالصوت و أثناء تسلمه مبلغ الرشوة.

والقضية الثانية تحمل رقم "919"، حصر أمن الدولة العليا، حيث بدأت ببلاغ من "محمد إبراهيم عبدالعال"، مقيم فى بورسعيد، ضد قاض بمحكمة دمياط يتهمه بطلب رشوة مقابل استغلال النفوذ للحصول على قطعة أرض تابعة للأوقاف بدمياط، وتم استصدار إذن تسجيل، وضبط القاضى متلبسا أثناء تقاضى مبلغ الرشوة، وكشفت تحقيقات القضية عن 11 واقعة رشوة أخرى، متورط فيها 21 متهما بالرشوة والتوسط فيها واستغلال النفوذ، مقابل إنهاء بعض مصالح فى المحاكم.

وفى القضية رقم 13 حصر تحقيق مكتب فنى، تبين أن "أحمد عبدالغفار محمد فوزى"، صاحب شركة، قدم بلاغاً ضد قاض بمحكمة الاستئناف يتهمه بطلب وتقاضى مبلغ 143 ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل استغلال نفوذه لدى أعضاء الهيئة القضائية، لاستصدار أحكام لصالح صاحب الشركة فى منازعات قضائية بينه وبين شريكه، فى عدة مشروعات، من خلال مكتب شقيقه الذى يعمل بالمحاماة ولديه مكتب استشارات قانونية شهير بشارع رمسيس، تم استصدار إذن تسجيل ومراقبة بمعرفة مباحث الأموال العامة، وضبط القاضى متلبسا فى حضور قاض آخر، وقدم المتهم استقالته، ولاتزال النيابة تباشر تحقيقاتها فى القضية.

وبدأت القضية رقم 937 حصر أمن دولة عليا، ببلاغ من سعد شعبان زكى، ضد قاض بمحكمة الإسكندرية، وشقيق زوجة القاضى، وأمين سر بمحكمة الأسرة، بتهمة طلب الأول بوساطة الثانى والثالث، مبلغ 250 ألف جنيه رشوة مقابل استصدار حكم لصالحه فى الدعوى رقم 1653 لسنة 2010 مدنى كلى الإسكندرية المرفوعة منه بطلب تعويض، وذكرت التحقيقات أن القاضى حصل على 10 آلاف جنيه دفعة مقدمة و5 شيكات بمبلغ 250 ألف جنيه تستحق عقب إصدار القاضى الحكم بالتعويض لصالحه، بالحكم بمبلغ 6 ملايين جنيه، بعد أن صدر حكم أول درجة بتعويضه بمبلغ 730 ألف جنيه.

تم استصدار إذن تسجيل وضبط أمين السر، حال تقاضيه 50 ألف جنيه من إجمالى المبلغ 250 ألف جنيه، وتم تسجيل محادثات بين القاضى وأمين السر وشقيق الزوجة، واعترفوا بارتكاب الواقعة.

وقدم محمود عبدالواحد حنفى، صاحب شركة مقاولات ومقيم بالعجوزة شارع محمد رشدى، بلاغا ضد قاض بمحكمة الجيزة، يفيد بطلب القاضى مبلغ 100 ألف جنيه مقابل استغلال نفوذه لتسهيل حصول المبلغ على إيصالات أمانة مزورة مرفوعة ضده بمحكمة العمرانية، بملايين الجنيهات وتم ضبطه متلبساً بمبلغ بـ100 ألف جنيه وتم تسجيله وتصويره.

أما القضية رقم 7 حصر المكتب الفنى، فبدأت ببلاغ من عصام سعيد زكى، رجل أعمال مصرى يحمل الجنسية الفرنسية مقيم بالزقازيق محافظة الشرقية، ضد قاض بمحكمة بالشرقية، يتهمه بطلب مبلغ 3 مليون ونصف مليون جنيه، لاستغلال نفوذه بحفظ تحريات كسب غير مشروع ضده، وتم استصدار إذن وتم ضبطه متلبساً بمبلغ 150 ألف دفعة مقدمة"13"

وفي عهد مبارك تعددت قضايا الفساد في القضاء ، فقد أحال المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام المصري في عام 2001  ثلاثة قضاة للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة العليا بتهمة تقاضي مبالغ مالية وهدايا عينية وخدمات جنسية علي سبيل الرشوة .. مقابل الإخلال بوظائفهم وإصدار أحكام لصالح بعض المتقاضين بالبراءة أو التأجيل، والقضاة المتهمون هم: عبد الناصر محمد نجم الدين (38 سنة) رئيس محكمة جنح النزهة الجزئية.. صلاح يوسف مهران (34 سنة) رئيس محكمة جنح مصر الجديدة.. علاء مأمون يحيي اسماعيل (39 سنة) رئيس محكمة بمجمع محاكم شمال القاهرة."14"

وفي عام 2008 تم عزل 26 قاضياً فى عام واحد، وكان ضمنهم مستشار ثبت  أنه يعمل فى ثلاث لجان حكومية واخر أدين بالرشوة  و ثالث لأسباب أخلاقية.

 وبحسب جريدة الوقائع الرسمية، صدرت عام 2007 قرارات بنقل قضاة لوظائف غير قضائية لأنهم أرتكبوا ما يخالف القانون وخلال عام 2008 صدرت قرارات جمهورية مماثلة بنقل قضاة ووكلاء نيابة لوظائف غير قضائية، منها القرار رقم 135 بعدم صلاحية «م. ع. م. ب»، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، لشغل وظيفته القضائية، وإحالته للمعاش، وآخر بنقل «ع. أ. ع. أ» وكيل النيابة الإدارية من الفئة الممتازة."15"

تعييين أبناء القضاة أحد أبواب الفساد

أحد أبواب الفساد المقنن داخل الجهاز القضائي هو تعيين أبناء القضاة ومنع غيرهم حتى وإن تفوقوا، عملاً بقاعدة فاسدة هي «من تربى في بيت قضائي فالقضاء أولى به».

وكانت جريدة الشروق المصرية قد كشفت في تقرير سابق لها عن استحواذ أبناء القضاة على نسبة 35 % من تعيينات النيابة في يوليو / تموز 2014، حيث كشفت الجريدة أن 168 من أبناء القضاة ضمن 485 شملهم القرار الجمهوري رقم 202 لسنة 2014، دون احتساب الأصهار وأبناء العمومة. "16".

هذه النسبة تصاعدت في الأعوام التالية حتى وصلت الى 70% من التعيينات في عام 2021 .  

تراجع ترتيب مصر في  مؤشر سيادة القانون

وفي ظل انحراف العدالة عن مسارها في مصر، تراجع ترتيب مصر في مؤشرات سيادة القانون والعدالة بصورة مستمرة على مدار السنوات التسع الماضية، حيث أكد مؤشر سيادة القانون الذى يصدره مشروع العدالة العالمى  أن ترتيب  مصر فى المرتبة 125 من بين 128 دولة فى مؤشر سيادة القانون، في عام 2021 وهو ترتيب متدن لأقصي درجة بالنسبة لتاريخ مصر القضائي . "17"

وجاء ترتيب مصر في نفس المؤشر عام  2020  في المركز 125 عالميًا أيضا من بين 128 دولة في مؤشر سيادة القانون الذي يصدره مشروع العدالة العالمي."18"

كما أكد المؤشر العالمي لسيادة القانون لعام 2018- 2019، الصادر عن مشروع «العدالة العالمي (WJP)»، والذي يقيس سيادة القانون في 126 دولة في العالم،  أن الدنمارك في صدارته، فيما كانت من مصر في المرتبة  121 ، وموريتانيا في ذيل الترتيب العربي، ومؤخرة الترتيب العالمي."19"

وفي عام 2017  جاءت مصر أخيرا عربيا  بترتيب 110 من أصل 113 دولة  تلتها لبنان برتيب 87، ثم المغرب بترتيب 67، ثم تونس بواقع ترتيب 54، والأردن بترتيب 42، والأولى عربيا كانت الإمارات بواقع 32 من أصل 113 دولة. "20"

كما احتلت مصر في عام 2016 المرتبة الأخيرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمركز الـ 110 من 113 دولة عالميًا في مؤشر سيادة القانون، حيث جاءت الإمارات في المركز الأول في المنطقة تلتها الأردن."21"

وفي عام 2015 ، احتلت مصر المرتبة رقم 86 من بين 102 دولة، شملهم تقرير “مشروع العدالة العالمي”  ، وجاء ترتيب مصر ليكون قبل الأخير في قائمة دول الشرق الأوسط."22"

المصادر

  1. العربي الجديد نشر بتاريخ  18 ابريل 2019
  2. موقع الشارع السياسي نشر بتاريخ 29  يونيو  2021
  3. العربي الجديد نشر بتاريخ  3 أكتوبر 2021
  4. موقع مدي مصر نشر بتاريخ 20 يوليو 2022
  5. العربي الجديد نشر بتاريخ  3 أكتوبر 2021
  6. بوابة الحرية والعدالة نشر بتاريخ 17 يونيو، 2021
  7. العربي الجديد نشر بتاريخ 20 يونيو 2022
  8. موقع صحيفة الاستقلال نشر بتاريخ  23 أبريل 2022
  9. موقع  الجزيرة مباشر نشر بتاريخ  11/9/2022
  10. موقع عربي بوست تم النشر بتاريخ  11/9/2022
  11. موقع رصد نشر بتاريخ   26 أغسطس 2022
  12. الجزيرة نت نشر بتاريخ 4 /7/2022
  13. موقع جريدة   نشر بتاريخ 2- 3- 2014
  14. موقع إيلاف  29 أكتوبر 2001  
  15. اليوم السابع  17 أكتوبر 2008
  16. موقع  إضاءات  نشر بتاريخ  /04/2017
  17. موقع فيتو نشر بتاريخ  2يناير/2022
  18. موقع تلفزيون العربي نشر بتاريخ 21 أبريل 2021
  19. موقع  ساسة بوست نشر بتاريخ   03 مارس 2019
  20. موقع "عربي21 " نشر بتاريخ   22 يوليو 2018
  21. موقع مدى مصر نشر بتاريخ  20 أكتوبر 2016
  22. الجزيرة مباشر نشر بتاريخ  23/6/2015