مرسي يتحدى المجلس العسكري بعد ثورة بناير: "الشرعية الشعبية فوق الدستور وفوق النظام" (حلقة 3)

السبت - 1 مايو 2021

الحلقة الثالثة من كتاب "فارس الحرية.. الرئيس الشهيد د. محمد مرسي"

هذا هو الاصدار الثاني من كتاب "فارس الحرية.. الرئيس الشهيد د. محمد مرسي" لمركز " انسان للدراسات الاعلامية "، ويتناول أبعاد المؤامرة على أول رئيس مصري مدني منتخب .. ويقع في 218 صفحة، تضم 15 فصلا  تغطي رحلة حياة الرئيس مرسي من لحظة الميلاد الى لحظة الاستشهاد وما بعدها..ننشره هنا علي حلقات

الفصل الثاني: مرسى وثورة 25 يناير:

شارك د. مرسى مثل غيره من أحرار مصر في ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومهد لها بنضاله السياسي، ففى يوم الأربعاء 26 يناير 2011م، قام مكتب الإرشاد- وكان د. مرسي عضوا فيه- بوضع 12 قاعدة حاكمة لحركة أفراد الجماعة بشأن الثورة، وتم إبلاغها لجميع المكاتب الإدارية ووضع آليات محددة للتنفيذ، وتشمل النقاط التالية:

1- أهمية دعم واستمرار التظاهر الشعبي، ومنع أى محاولة لإضعافه أو إحباط الجماهير أو القضاء عليهم.

2- أهمية رمزية ميدان التحرير، وأن تسهم المحافظات فى دعمه بالحشود والاعتصام.

3- أهمية العمل فى المحافظات وتحريك المظاهرات الضخمة على التوازى مع ميدان التحرير، وبالتالى تم تقسيم الأفراد وأعضاء المكاتب الإدارية للتواجد فى كلا المجالين: (التحرير - المحافظة).

4- اتباع آلية اللامركزية لجميع الأفراد فى الحركة والتصرف السريع، وشحن الجماهير والتواصل مع الشرائح كافة، والتغطية الإعلامية فى إطار السياسة العامة التى تم اعتمادها.

5- أهمية المحافظة على سلمية الثورة وعلى سلامة المنشآت وعلى حفظ الأمن بتشكيل لجان شعبية.

6- عدم ظهور رموز الإخوان المعروفين، والاكتفاء بمن كانوا أصلا فى الشارع وفى الحراك السياسي، وعدم رفع شعارات الإخوان أو توزيع بيانات الجماعة، حتى لا يستغل النظام ذلك فى تشويه ثورة الشعب وادعاء أنها صراع بين الإخوان والنظام.

7- التركيز على المطالب العامة للثورة، وعدم فتح مطالب أو خلافات فرعية، والحرص على الوحدة والتعاون مع جميع التيارات والقوى السياسية، وعدم الرد على من يحاول أن يهاجم الإخوان.

8- القيام بالدعم اللوجستى الفعال للمعتصمين والمتظاهرين.

9- طول النفس والحرص على استمرار الثورة والذى قد يدوم شهورًا عدة، وعدم الوقوف لمجرد وعد أو إنجاز جزئي؛ فلا بديل عن إسقاط النظام.

10- التواصل الفعال مع جماهير الشعب التى لم تنزل للميادين لتوضيح الرؤية وللرد على أكاذيب الإعلام وطمأنة الخائفين.

11- توطين النفس على الصبر وأنه ستكون هناك تضحيات، ووضوح الرؤية لجميع أفراد الصف (إخوة وأخوات) وأن هذه مرحلة تحول فى حياة الأمة وتاريخ الدعوة.

12- اللجوء لله -عز وجل- واستغفاره والدعاء والتضرع إليه.

كما كان قرار المكتب هو استمرار انعقاده بشكل دائم ليلا ونهارًا طوال الثورة.

ولكن في صباح يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011م أثناء الثورة بادرت السلطات الأمنية باعتقاله مع 34 من قيادات الإخوان على مستوى المحافظات، نقلوا الى سجن وادي النطرون، لمنعهم من المشاركة في المظاهرات، ولكن بعد انهيار قوات الأمن وفتها أبواب السجون عمدا، لإرباك المشهد الثوري وإحداث فوضى، قام الأهالي بتحريرهم يوم 30 يناير، إلا أن  مرسي رفض ترك السجن وقتها واتصل بعدة وسائل إعلام يطالب الجهات القضائية بالانتقال لمقرِّ السجن والتحقق من موقفهم القانوني وأسباب اعتقالهم، قبل أن يغادر السجن؛ لعدم وصول أي جهة قضائية إليهم.

وقد  أصدر الإخوان بيانًا يوم السبت (29 من يناير) أكدوا فيه استمرارهم فى الثورة على نظام مبارك، وأكدوا أيضًا أن ما وقع من تخريب على بعض الممتلكات، العامة والخاصة، هو من صنيعة شركاء الجهاز الأمنى من البلطجية الذين سبق أن استعان بهم الأمن فى قمع الشعب وتزوير إرادته فى الانتخابات، وأعلنوا أنهم مصرون على تحقيق مطالب الشعب الأساسية وهي: إلغاء حالة الطوارئ فورًا، حل مجلسى الشعب والشورى المزورين، الإفراج الفورى عن جميع المسجونين والمعتقلين السياسيين، الإعلان عن حكومة وطنية انتقالية من غير الحزب الوطني، تشكيل لجنة وطنية للتحقيق وتقصى الحقائق فى وقائع استخدام العنف والقتل غير المبرر ضد المتظاهرين.

الشرعية الشعبية فوق الدستور

وفى صباح يوم الأحد، 6 من فبراير 2011م،  شارك  الدكتور محمد مرسى والدكتور محمد سعد الكتاتنى (عضوا مكتب الإرشاد) فى أولى الجلسات الخاصة بالحوار الذى دعا إليه عمر سليمان نائب الرئيس في ذلك الوقت، فى مقر مجلس الوزراء. وكان الإخوان قد تلقوا الدعوة أولا من المشير حسين طنطاوي، ثم من مكتب عمر سليمان.

وقد عقد مرسى والكتاتني مؤتمرًا صحفيًا مساء ذلك اليوم، بمقر الكتلة البرلمانية للإخوان بجسر السويس لتوضيح ما تم فى هذه الجلسة، أكدا خلاله أن انسحاب الجماعة من الحوار قائم إذا اكتشفوا عدم جديته، وأن استمرارهم فيه مرتبط بتنفيذ ما تنادى به ثورة 52 يناير، وقد بدأ الإخوان مؤتمرهم بالوقوف دقيقة حدادًا على أرواح شهداء الثورة. واعتبر د.محمد مرسى أن الموجودين فى ميدان التحرير هم الجمعية العمومية للشعب، وهى لاتزال منعقدة، وأن الجميع لا بد أن ينزل على مطالبها، مشيرًا إلى أن الشرعية الشعبية فوق الدستور وفوق النظام ورغباته. وأكد أن الإخوان موجودون فى الحوار لتحقيق مطالب الثورة.

وأثناء الثورة، تعرض ثلاثة من أبناء الدكتور مرسي لحوادث مدبرة، ففي يوم الأربعاء 2 فبراير 2011م، حاصر 300 من البلطجية ابنه «عبد الله» وكان معه 70 داخل مسجد، وطلبوا فدية، فدبر شقيقه «أسامة» الفدية، وسار مشيًا ومعه الفدية لعدم توفر مواصلات آنذاك، فأمسك به رجال الأمن، واعتقلوه، وربطوه في شجرة داخل معسكر أمن بالزقازيق لمدة 35 ساعة، وضربوه وكسروا عظامه وقطعوا ملابسه، وسرقوا الفدية وماله وبطاقة هويته.

في اليوم ذاته كان شقيقه عمر مشاركًا في مظاهرة، فطارده بلطجية ورجال أمن في الشارع، ووقع، فانهالوا عليه ضربًا بالهراوة، وخُيّطت له غُرز في رأسه، وجلس في البيت مدة أسبوعين.

الثورة مصرة على اقتلاع الفاسدين

وفي مداخلة هاتفية مع قناة الجزيرة مباشر مصر، يوم 13 أبريل 2012م، بعد إعلان ترشحه للرئاسة بأقل من أسبوع، وجَّه د. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة تحيةً واجبةً إلى الشعب المصري ورموز الحركة الوطنية في ميدان التحرير، مشيرًا إلى أن مليونية حماية الثورة تؤكد أن الشعب المصري مستمر في ثورته، وأن المليونية درس جديد يلقنه لكل مَن حاول أو يحاول أو يُفكِّر مجرد تفكير في تعويق مسيرة الثورة،  وقال: "هذه بداية لمسيرة كبيرة وطويلة لن تتوقف حتى تتحقق كامل أهداف الثورة".

وقال: "نعرف كم من الزمن استغرق تكوين البرلمان وكان المصريون في انتخاباته ثائرين، ويصوتون بحريةٍ تامةٍ في درسٍ للديمقراطية، والآن يخرجون إلى الميادين، وخاصةً ميدان التحرير للتعبير عن إرادتهم واستمرار ثورتهم وتصديهم لكل مَن يحاول من أذناب وجذور النظام السابق الذي اقتلع رأسه في 11 فبراير 2011م، العودة إلى المشهد السياسي من جديد".

وأضاف:"كلنا كمصريين ماضون على قلب رجل واحد في بداية لسلسة من الفعاليات لمنع أي نوع من أنواع التزوير أو التدليس أو تعويق مسار الثورة التي اقتلعت الصنم الأعظم في النظام البائد.. وأن الثورة قادرة على الاستمرار في طريقها لاقتلاع بقايا الفساد والمفسدين المشاركين في إفساد الوطن ويحاولون أن يعودوا للمشهد".

ونفى د. مرسي وجود معسكرين في المشهد السياسي المصري وقال: "لا أرى معسكرين بل أرى أحيانًا موقفين لتقدير الحالة.. والتقدير الشعبي دائمًا مع استمرار الثورة والخروج إلى الشوارع دون تعطيل الإنتاج.. إلا أن هناك أحيانًا اختلاف في تقدير الموقف من بعض القوى، ونحن حريصون على أن نكون في الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة جزءًا من الحركة الوطنية الثورية ولسنا ولن نكون أبدًا إلا ثوارًا مع الوطن، رافضين لمحاولاتِ الشرذمة والتفريق بين قوى الشعب المصري الوطنية المخلصة".

وأكد أن الشعب المصري واعٍ ويقظ جدًّا لمحاولات إنتاج النظام البائد وإن اختلفت بعض قواه أحيانًا لكنها تعود إلى الميدان كلما استدعت الضرورة ذلك، وأن المشهد الآن يقول كلنا مصريون لا مكان بيننا لفاسد.

تلاعب أمني لصالح النظام

وكشف أن هناك بعض القوى الأمنية تساند رموز نظام المخلوع الذين يريدون الترشح لرئاسة الجمهورية، وقال: "أريد أن أنصحهم أن يعوا الدرس وأنهم ملك للوطن وليس لهؤلاء الفاسدين.. وهم أبناء هذا الوطن الذي أنفق عليهم ووضعهم في هذه المكانة".

وتابع أن القوى الأمنية تم توظيفها في محاولةِ جس نبض الشارع المصري حول ترشيح عمر سليمان وعددٍ من رموز النظام السابق.. إلا أن هذا هو رد الشارع المصري على ذلك، والإخوان وحزب الحرية والعدالة وجميع القوى الوطنية يتوحدون اليوم لأنهم استشعروا جميعًا أن الواجب الوطني أعلى من كل موقف.

وقال: "لم نلم أحدًا إذا اختار أن يتظاهر لأسباب هو يقتنع بها، وكان تقديرنا في بعض المواقف مختلف، لكننا قمنا مع كل القوى الوطنية بمليونية 18 نوفمبر الماضي ضد وثيقة السلمي وأسقطناها، وكذلك في مليونية أخرى قبل انتخابات مجلس الشعب بتسعة أيام رغم أن البعض كان في صفها، وكنا نحن ضدها لأن المصلحة كانت تقتضي ذلك".

وأوضح أن ميدان التحرير لا يمكن أن يمتلئ من فصيل أو حزب أو جماعة واحدة، وأنه عندما يمتلئ فإنه يعطي رسالة واضحة أن الغالبية العظمى من الشعب المصري ترفض ترشح أذناب نظام مبارك.

وأضاف د. مرسي أن الحرص على الحضور والاستمرار في هذا الجو الحار والسلمية في التظاهر وخروج المسيرات من جميع الميادين والمساجد قالت للجميع إن هذا هو الشعب المصري.. وأنه إذا غلب الاتجاه الإسلامي على المتظاهرين فهذا أمر في السياق العام والطبيعي؛ حيث يتمتعون بأغلبية برلمانية صوت لها نحو 30 مليون مصري.

وقال: "يجب أن يدرك العالم وأصحاب القرار في مصر وبقايا النظام السابق أن المصريين مستمرون في ثورتهم، ويتوحدون في الموقف كلما كان هناك خطر حقيقي يهدد الوطن، أما في الرؤية والفعاليات البينية لا ضيرَ في أن يكون هناك تعدد يختفي ويتوحد الجميع في الرؤية الكلية".

واستبعد أن تعاند السلطة الرسمية متمثلة في المجلس العسكري إرادة الجماهير، وقال إنه إذا حدث ذلك فيكون مخطئًا إذا تحدَّى إرادة المصريين بأية كيفية.. وإذا حدث غير ذك فإن هذه الجماهير سوف تستمر في ثورتها حتى من خلال حراسة وتأمين والمشاركة بقوة في الانتخابات، مشيرًا إلى تأكيد المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس أكثر من مرة بأن المؤسسة العسكرية لا تدعم أحد المرشحين ولا تنحاز لأي منهم.

ونفى أن يكون هناك صوت مسموع يدعو للتكتل ضد المرشحين الإسلاميين وقال: هذا صوت خائن لا يُعبِّر عن الوطن ولا نسمعه في أوساط الشعب المصري العظيم، مشيرًا إلى أن 12 أو 13 نائبًا فقط من بين أعضاء مجلس الشعب هم مَن اعترضوا على القانون ليس تأييدًا للفلول".

وحول اتهامات عمر سليمان للإخوان بأنهم سرقوا الثورة قال د. مرسي: "أتعجب من هذا الحديث ماله ومال الثورة لقد شارك النظام البائد في تعويقها، وأقول له لماذا لم يقدم ما نسبه للإخوان من مخالفات إلى جهات التحقيق وسكت عنها لمدة 15 شهرًا؟".

وتابع: "هذه كلمات لا تخرج إلا ممن يحتضر ويوقن بأنه ليس لديه أرضية ومكان بين المصريين.. وأن الكل يعرفه ويعرف ماذا قال عن مبارك ومساعديه المجرمين في قفص الاتهام.. فهو لا يملك شيئًا إلا التآمر مع أعداء الوطن في الداخل والخارج".

لا تفاوض مع عمر سليمان

ونفى أن يكون الإخوان قد تفاوضوا مع سليمان خلال أحداث الثورة وقال: "جلسنا مع أكثر من 50 شخصية ممثلة للقوى السياسية أمام العالم كله وتسجيلاتنا موجودة، وقلت له أمام الجميع قبل 5 أيام من 11 فبراير 2011م: "نجلس اليوم بعد أن سقط نظام مبارك الرئاسة والحزب والبرلمان والأمن، ويجب أن تقر بذلك، ونحن نجلس معًا كقوى وطنية لنرى كيف نُدير المرحلة الانتقالية، كما قلت له إن وليي الدم الذين سقط شهداؤهم وأنت جزء من النظام لن يتركوك أبدًا".

وأضاف أن سليمان كان يحاول وقتها أن يحتوي الموقف وأخرج بيانًا على غير ما تم الاتفاق عليه، وقلنا حينها إننا لن نستمر في الحوار.. فنحن لم نتفاوض معه لأنه لم يكن يمثل سوى النظام وكنا وقتها عوامل الأمن والاستقرار في ميدان التحرير.

وأكد أن الإخوان ليسوا المسئولين في الدولة عن تقديم عمر سليمان للعدالة؛ من جرَّاء ما ارتكبه من جرائم، إلا أنهم طالبوا دائمًا السلطات وجهات التحقيق بمحاكمة المسئولين من النظام السابق.

وحول ادعاء سليمان بأنه لديه صندوقًا أسود قال د. مرسي إن هذا كلام لا يستحق التعليق، وعن ادعائه بتهديد الإخوان له بالقتل قال: "هو صاحب هذه الملفات أصلاً فليحدد هو مَن اتصل به وإن كان لديه شيء فليقدمه للنيابة العامة.. والجماعة الآن تتخذ الإجراءات القانونية ضد هذا الكلام المبعثر الذي لا يمثل قيمة ولا وزنًا".

وطالب القوى الأمنية التي ساندت سليمان بأن تراجع مواقفها، وأن تكون أدوات الأمة في مواجهة الفساد، وقال: "عودوا إلى رشدكم ووعيكم وكفوا عن دعمكم للمفسدين وإن كان المصريون صابرين فإن صبرهم لا يدوم".

وأكد أن الشعب المصري يختار مَن يشاء رئيسًا للجمهورية من المصريين الشرفاء الذين يشعرون أنهم قادرون على خدمة الوطن، وعلى الجميع أن يرتضي بنتيجة الانتخابات أيًّا كانت طالما أن مَن فاز أعلن أنه سيعمل لصالح الشعب المصري وليس فاسدًا ينتمي للنظام السابق.

وأوضح أن الحديث عن تنازلاتٍ من مرشحين إسلاميين لصالح آخرين أو توافق أمر سابق لأوانه؛ نظرًا لأننا ما زلنا في مرحلة الطعون والبت فيها، وتعلن النتائج النهائية للمرشحين الذين يكملون السباق في 26 أبريل.

وأكد أن مَن يرى الشعب المصري يخرج هكذا يكون مطمئنًا جدًا ولا يخشى من أية مؤامرة سيبوء مكر مدبريها حتمًا بالفشل.