مصر وخطر الموت عطشا.. كوارث سد النهضة وتواطؤ عصابة العسكر

الثلاثاء - 5 يوليو 2022

  • الانقلاب العسكري فوّت على مصر العديد من الفرص وأوراق الضغط ضد إثيوبيا
  • موافقة السيسي على بناء السد دون شروط أكبر كارثة حلت بمصر في تاريخها
  • الموت عطشا أو غرقا.. كلاهما يمثل تهديدا وجوديا للدولة المصرية مع بدء تشغيل السد
  • دعم صهيوني غير محدود لإثيوبيا.. ودور سعودي- إماراتي مشبوه.. ومؤامرات لدول المنبع
  • كاتب سعودي يقترح توصيل مياه النيل إلى "إسرائيل" مقابل توسطها  لدى إثيوبيا لحل الأزمة

 

مركز إنسان للإعلام- خاص

سد النهضة الإثيوبي يمثل أخطر التحديات المائية لمصر في تاريخها، إذ أن إتمام بناء السد وتشغيله يعني "موت مصر عطشا".

 ورغم بدء إثيوبيا الملء الثالث لبحيرة السد مع بداية يوليو 2022، ورغم خطورة الأمر وما يمثله من تهديد وجودي لمصر، فقد باع قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي هذه القضية بلا ثمن بحثا عن شرعية مزيفة، وبصم على وثيقة تتيح لإثيوبيا استكمال بناء السد وتشغيله، دون النظر إلى الأضرار التي سوف تحيق بالبلاد والعباد.

وفي غياب تام للمسئولية، ارتجل السيسي كلمات في حفل توقيع " اتفاق مبادئ سد النهضة" يوم 23 مارس 2015 بالخرطوم، قال فيها إن "الثقة المتبادلة بين مصر وإثيوبيا أفضل من التوقيع على وثائق"! وهو ما يعني أن توقيع السيسي لم يكن بناء على قراءة دقيقة للاتفاق، بل لمجرد رغبة منه في اكتساب اعتراف به كرئيس من الجانب الإثيوبي دون النظر إلى مصالح مصر العليا.

سد النهضة يمثل قمة التصعيد الدراماتيكي من إثيوبيا ضد مصر، بعد أن طوقت دول حوض النيل، ومنها إثيوبيا، مصر باتفاقيات لتقاسم مياه النيل، وسمحت للكيان الصهيوني بالعبث في منابعه، وخضعت لضغوط إقليمية ودولية لحصار مصر مائيا لأسباب جيواستراتيجية، فمن المعروف أن مصر فقيرة مائيا لوقوعها في حزام الصحراء الأفريقية الكبرى، ومنع مياه النيل عنها يؤدي بالضرورة إلى نتائج وخيمة، أبرزها هلاك الحرث والنسل، وحدوث خلخلة سكانية غير مسبوقة تخدم الكيان الصهيوني وأطماع المستعمرين في المقام الأول.

و الاتفاق، الكارثة، تناول فقط التأثيرات المحتملة لسد النهضة على دولتى المصب، وليس من المنظور القانوني الذي يتعلق بتنظيم استخدامات مياه النيل باتفاقيات دولية كانت قائمة ولم يتم المساس بها، حيث لم يتعرض الاتفاق من قريب أو بعيد لتلك الاتفاقيات أو لاستخدامات مياه النيل.

هذا الملف يحكي قصة سد النهضة وتداعيات بناء هذا السد على الأمن القومي المصري، ويعرض للموقف المصري الرسمي من تطورات العمل في السد، فضلا عن الاتفاقيات التاريخية المتعلقة باستخدام مياه النيل، والدور الصهيوني في تحريض الدول الأفريقية، وخصوصا دول حوض النيل ضد مصر وتشجيع بناء مشروعات تحد من حصة مصر المائية، إضافة إلى الدور الإثيوبي والإقليمي والدولي في التلاعب بمياه النيل، وأخيرا عرض الحلول الممكنة لقضية سد النهضة.

ويهدف الملف بالدرجة الأولى إلى بيان خطورة التلاعب بمياه النيل وتداعياته الكارثية على مصر، والدور المشبوه الذي تقوم به القيادة الانقلابية في تحقيق أهداف العدو الصهيوني والقوى الإقليمية والدولية في خنق مصر مائيا، ليعرف كل مصري خطورة استمرار وجود هذا النظام على وجود مصر ذاتها.

وقد اعتمدنا في إعداده على عدة مصادر، تتنوع بين بحوث ومقالات على الشبكة العنكبوتية، وكتب منشورة لباحثين  متخصصين.

ونأمل أن يكون هذا الملف قد سلط ضوءا قويا على قضية سد النهضة ومياه النيل، وما يستتبع التهاون فيها من مخاطر جمة على مصر والمصريين، وما تتطلبه من رفع مستوى الوعي بها، والتصدي لمحاولات التهاون فيها، خصوصا في ظل هذه الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، وبعد إخفاق نظام الانقلاب العسكري في التوصل إلى أي حلول تحفظ حقوق مصر مع الجانب الأثيوبي

الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل:

مرت الاتفاقيات التاريخية المنظمة لاستخدام مياه النيل، وتقسيمها بين الدول الواقعة على حوض النهر، وعددها 11 دولة، بعدة محطات تاريخية نوجزها فيما يلي:

1- بروتوكول روما 15 أبريل 1891م

وقعته كل من بريطانيا وإيطاليا، التي كانت تحتل إريتريا في ذلك الوقت ــ بشأن تحديد مناطق نفوذ كل من الدولتين في أفريقيا الشرقية-، وقد تعهدت إيطاليا في المادة الثالثة من الاتفاقية بعدم إقامة أية منشآت لأغراض الري على نهر عطبرة يمكن أن تؤثر على تدفقات مياه نهر النيل إلى الدول الأخرى.

2- اتفاقية أديس أبابا مايو 1902م

وقعتها بريطانيا نيابة عن مصر وإثيوبيا، وأهم ما فيها المادة الثالثة التي تنص على أن: " الإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني يعد بألا يبني أو يسمح ببناء أي أعمال على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو السوباط من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل، إلا بموافقة الحكومة البريطانية والحكومة السودانية مقدمًا"

3- اتفاقية لندن مايو 1906م

وقعتها كل من بريطانيا والكونغو، وهي تعديل لاتفاقية كان قد سبق ووُقعت بين ذات الطرفين في 12 مايو 1894م، وينص البند الثالث منها على أن تتعهد حكومة الكونغو بألا تقيم أو تسمح بقيام أي إشغالات على نهر السمليكي أو نهر أسانجو أو بجوارهما يكون من شأنها خفض حجم المياه التي تتدفق في بحيرة ألبرت ما لم يتم الاتفاق مع حكومة السودان.

4- اتفاقية لندن ديسمبر 1906م

وجرى التوقيع عليها بين كل من بريطانيا (نيابة عن مصر) والكونغو من جهة،  وفرنسا وإيطاليا من جهة أخرى. وينص البند الرابع منها على أن "تعمل هذه الدول معا على تأمين دخول مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أية إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي".

5- اتفاقية روما 1925م

وهي عبارة عن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا، تعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليهما من شأنها أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي.

6- اتفاقية 1929م

جاءت هذه الاتفاقية بين مصر وبريطانيا - التي كانت تنوب عن السودان وأوغندا وتنزانيا - متناغمة مع جميع الاتفاقيات السابقة، فقد نصت على أن "لا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أية أعمال ري أو كهرومائية أو أية إجراءات أخرى على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها".

7- اتفاقية 1953م

موقعة بين مصر وبريطانيا. تعهدت بريطانيا في تلك الاتفاقية (نيابة عن أوغندا) بأن "إنشاء وتشغيل محطة توليد الكهرباء لن يكون من شأنه خفض كمية المياه التى تصل إلى مصر أو تعديل تاريخ وصولها إليها أو تخفيض منسوبها بما يسبب أى إضرار بمصلحة مصر."

8- اتفاقية 1959م

تم توقيع هذه الاتفاقية في 5 نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهي الرغبة في إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.

وقد حددت هذه الاتفاقية -لأول مرة- كمية المياه لكل من مصر والسودان، بحيث تكون لمصر 55.5  مليار متر مكعب سنويا وللسودان 18.5 مليارا.

9- اتفاقية "منظمة الأندوجو" 1983م

قادت مصر الدعوة إلى إنشاء منظمة للتعاون الإقليمي بين دول حوض النيل "منظمة الأندوجو" التي أنشئت عام 1983.

ورغم أن هذه المنظمة لم تحقق أهدافها، فإن مصر بمعاونة بعض دول الحوض، قامت في ديسمبر 1992 بتوقيع وثيقة مشروع "التيكونيل" الذي يستهدف مساعدة دول الاتفاقية في إدارة مواردها الاقتصادية والحفاظ على مياه النيل، وتم إنشاء مجلس وزاري من وزراء الأشغال والموارد المائية من دول حوض النيل يجتمع سنوياً.

10- اتفاقية 1991م

وقعها الرئيس المصري الأسبق مبارك والرئيس الأوغندي موسيفيني ومن بين ما ورد بها: أن "السياسة التنظيمية المائية لبحيرة فيكتوريا يجب أن تناقش وتراجع بين كل من مصر وأوغندا داخل الحدود الآمنة بما لا يؤثر على احتياجات مصر المائية".

11- إطار تعاون يوليو 1993م

تم توقيعه في القاهرة أول يوليو 1993 بين كل من الرئيس المصري آنذاك حسنى مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبي ــ في ذاك التوقيت ــ ميليس زيناوي، وكان من بين بنوده:

- عدم قيام أى من الدولتين بعمل أى نشاط يتعلق بمياه النيل قد يسبب ضرراً بمصالح الدولة الأخرى.

- التشاور والتعاون بين الدولتين بغرض إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقليل الفواقد.

12- اتفاقية "عنتيبي" 2010م

في أبريل 2010، بشرم الشيخ، فشلت دول حوض النيل في التوافق حول اتفاقية الإطار التعاوني، التي تعيد توزيع مياه النيل مرة أخرى، بسبب الخلاف بين دول المصب ودول المنبع.

وفي 14 مايو 2010، قادت أثيوبيا، التي تتزعم دول المنبع، انقلابًا في العلاقات بين دول حوض النيل، في اجتماع عُقد في العاصمة الأوغندية، عنتيبي، أسفر عن توقيع خمس دول على الاتفاقية الإطارية، هي أثيوبيا، أوغندا، رواندا، تنزانيا وكينيا، ثم تبعتهن بوروندي، ليكون بذلك عدد الموقعين 6 دول من أصل 9 دول، زادوا إلى 10 بعد انفصال دولة جنوب السودان.

وكانت الفكرة الأساسية في هذه الاتفاقية تقوم على إعادة توزيع حصص مياه النيل بين دول المنبع والمصب، بما يرفع من حصص دول المنبع ويقلل حصص دول المصب (مصر والسودان)، ولم تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ لرفض مصر والسودان التوقيع عليها.

13- إعلان مبادئ سد النهضة

في 23 مارس 2015 وقع قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسى، وهايلى ديسالين رئيس وزراء إثيوبيا، والرئيس السودانى عمر البشير، ما يسمى وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة"، بالعاصمة السودانية الخرطوم.

وكان أخطر ما في هذا الإعلان هو الاعتراف المصري بحق إثيوبيا في بناء وتشغيل السد، دون وضع أي ترتيبات تحد من تأثير تشغيل السد على حصة مصر من المياه، وإحالة هذا الملف الخطير إلى مكاتب استشارية أجنبية لتجري دراسات فنية تكسب بها إثيوبيا مزيدا من الوقت، ولا تحصل مصر منها على شيئ يذكر.

وعموما فإن الطابع الرئيسي للاتفاقيات المتعلقة بمياه النيل أنها كانت اتفاقيات ثنائية ولم تكن جامعة لكل دول الحوض، كما أن معظمها تم توقيعه في عهد الاستعمار.

سد النهضة..القصة كاملة:

النيل هو أطول أنهار العالم، يمتد من الجنوب إلى الشمال بطول 6695 كلم وينبع من بحيرة فيكتوريا، وتشترك فيه عشر دول هي: إثيوبيا والكونغو الديمقراطية (زائير سابقا) وكينيا وإريتريا وتنزانيا ورواندا وبوروندي وأوغندا والسودان ومصر. وإذا كان السودان يشكل مجرى النيل فإن مصر تمثل مجراه ومصبه بينما الدول الأخرى تكون منبعه وحوضه. وتعتبر مصر أكثر الدول احتياجا إلى نهر النيل لموقعها الصحراوي وندرة الأمطار فيها.

لذلك فقد دافعت مصر تاريخيا وبكل قوة عن حقها في مياه النيل إلى أن أتى مشروع بناء سد النهضة في أثيوبيا على النيل الأزرق ليمثل كابوسا، وتحديا حقيقيا لمصر..فما قصة هذا السد وما حجم التحديات التي تواجه مصر بسببه؟

سد النهضة أو سد الألفية الكبير (بالأمهرية) يقع على النيل الأزرق بولاية بنيشنقول- قماز بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، وعند اكتمال إنشائه سنة 2022، سوف يصبح أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء.

وتقدر تكلفة إنشاء السد بنحو 4.8 مليار دولار أمريكي، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيد لغرض توليد الطاقة الكهرمائية في إثيوبيا.

قصة قديمة

وقصة إنشاء السد قديمة نوعا ما، فقد تم تحديد الموقع النهائي لسد النهضة الكبير الإثيوبي في عام 1964  بواسطة مكتب الولايات المتحدة للاستصلاح (أحد إدارات الخارجية الأمريكية) خلال عملية مسح للنيل الأزرق أجريت بين عامي 1956 و1964 دون الرجوع إلى مصر حسب اتفاقية 1929.

وفي أكتوبر 2009 و أغسطس 2010 قامت الحكومة الإثيوبية بعملية مسح للموقع، و تم الانتهاء من تصميم السد في نوفمبر 2010.

وفي 31 مارس 2011، وبعد يوم واحد من الإعلان عن المشروع، تم منح عقد قيمته 4.8 مليار دولار، للشركة الإيطالية  Salini Costruttori، دون تقديم عطاءات تنافسية.

وفي 2 أبريل 2011 وضع رئيس وزراء إثيوبيا السابق ميليس زيناوي حجر الأساس للسد و تم انشاء كسارة للصخور جنبا إلى جنب مع مهبط للطائرات الصغيرة للنقل السريع.

وفي 15 أبريل 2011، أعاد مجلس الوزراء الاثيوبى تسمية السد بـ "سد النهضة الإثيوبي الكبير"، وفي مايو 2011، أعلنت إثيوبيا أنها سوف تتقاسم مخططات السد مع مصر حتى يمكن دراسة مدى تأثير السد على المصب.

وفي مارس 2012، أعلنت الحكومة الإثيوبية عن ترقية لتصميم محطة توليد كهرباء السد، و زيادتها من 5250 ميجاوات إلى 6000 ميجاوات.

مخاطر تشغيل سد النهضة:

بعدما دخل سد النهضة مرحلة التشغيل يتوقع أن يحجز هذا السد العملاق نحو70 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق، ويعتبر النيل الأزرق الرافد الرئيسي لنهر النيل، فهو يمد النيل بنحو 86% من مياهه، أي ما يعادل نحو 72 مليار م3.

ويمكن تصور حجم الضرر إذا أخذنا في الاعتبار أن كمية المياه الواردة لمصر والسودان تبلغ نحو 84 مليار م3.. بمعنى أن ملء خزان السد بالمياه يمكن أن يحرم مصر والسودان لعدة أعوام من مياه النيل الأزرق أو على أقل تقدير سيؤدى الى استهلاك نحو ثلثي المخزون الاستراتيجي في بحيرة ناصر.

ويتوقع أن يؤدى انخفاض منسوب النيل إلى تأثر توربينات السد العالي، وبالتالي تفاقم أزمة الطاقة التي تضرب البلاد.

وثمة توقعات بأن تقل نسبة الطاقة المتولدة من توربينات السد العالي بسبب انحسار منسوب النهر وتذبذب معدل جريانه.

وأشارت مصادر إلى انخفاض الطاقة المولدة من السد العالي بنسب تصل إلى 40%.هذا الى جانب تأثر الثروة السمكية والملاحة النيلية وما يتعلق بها من سياحة وتجارة داخلية.

ومما يزيد الأمر سوءاً أن مصر دخلت بالفعل مرحلة الفقر المائي، حيث نصيب المواطن المصري من المياه (630 م3) والذي يقل عن المعدلات الدولية وهى 1000م3 سنوياً، وقد كان نصيب الفرد المصري 2500 متر مكعب فى عام1950، أضف إلى ذلك أن هناك حاجة ملحة لاستصلاح ملايين الأفدنة لاستيعاب الزيادة السكانية المتفجرة وسد فجوة الغذاء التي تستنزف العملة الصعبة، فمصر الأولى عالمياً في استيراد القمح على مدار عقود، بالإضافة الى استيراد اللحوم والألبان والزيوت والسكر والشاي، ويتوقع أن يصل العجز المائي في مصر الى 80% بحلول عام 2030.

احتمالات تصدع السد

والأسوأ من حجز مياه النيل هو مخاطر تعرض سد النهضة للتصدع والانهيار، مما يؤدى الى غرق بلاد النيل في مياهه وطمرها تحت طميه، كما حدث في حوادث مشابهة، فبناء السد من الكتل الخرسانية والتي قد تتعرض الى خطر التصدع والانهيار بسبب الهزات الأرضية، أو ضغط الطمي المتراكم أمام السد أو الاندفاع الشديد للمياه نتيجة الفيضانات العارمة أو الانهيارات الجبلية أو تسرب المياه في بنية السد والمنطقة الحاضنة له مما يؤدى الى انجراف التربة وما عليها.

هذا بالإضافة الى مخاطر وجود عيوب في التصميم والتنفيذ والارتفاع المبالغ فيه، فسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق تزيد في بعض الأحيان على نصف مليار متر مكعب يوميا، وبارتفاع يصل أحياناً الى 600 م.

ومما يعزز المخاوف من انهيار السد هو تضارب المعلومات حول سعته (كانت 18 مليار م3 في البداية)، وارتفاعه وضعف الدراسات الجيولوجية والفنية له، أضف الى ذلك، عدم وجود ضمانات أمان، وشيوع فشل المشروعات التنموية في أثيوبيا، علاوة على تجارب العالم القاسية من كوارث عظيمة من جراء انهيار السدود.

ووفق دراسة أجرتها جامعة إكستر البريطانية حول سد النهضة، ونشرتها في فبراير 2013، من المتوقع أن يصل حجم المياه الممنوعة من السد 115 مليار متر مكعب، قابلة للزيادة، وليس 74 مليارا كما هو معلن في الإعلام، حيث يحتجز فعليا 85 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى 25 مليارا فاقدا نتيجة التصدعات الخاصة بطبيعة الطبوغرافيا، و 5 مليارات نتيجة التبخر.

19 سدا إثيوبيا

وقال الدكتور حسن مكي، الخبير الدولي السوداني في العلاقات الإفريقية ورئيس جامعة إفريقيا العالمية السابق: إن سد النهضة خطر على مصر في حالة استمراره بسعته التخزينية الحالية البالغة 74 مليار متر مكعب، والتي تحرم مصر من مياهه لمدة 5 سنوات متواصلة.

وأكد أن مشكلة النيل ليست في سد النهضة، ولكن في الخطط الإثيوبية لإنشاء 19 سدًا على روافد الأنهار الصغيرة التي تغذي النيل الأرزق الذي يمد مصر بأغلبية حصتها من مياه النيل؛ حيث يوجد الآلاف من الروافد التي تغذي النيل.

من جانبه أكد الدكتور خالد أبو زيد- المدير الإقليمي للموارد المائية بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا (سيداري) أن السد بعد تشغيله سوف يستقطع 14,8 مليار متر مكعب من التخزين الاستراتيجى فى بحيرة السد العالى على مدار سنوات الملء، وهى تمثل كمية المياه اللازمة لعملية التخزين الأول لبحيرة السد الإثيوبى.

وقال: إن ملء البحيرة يحتاج لتسرب المياه وتشبع تربة بحيرة سد النهضة جيداً، وهو ما يطيل فترة الامتلاء، وستكون هناك مشكلة حقيقية إذا ما قررت إثيوبيا سحب مياه البحيرة لأغراض استهلاكية أخرى، وليست استخدامية كتوليد الكهرباء، وهو ما يؤثر بدوره على نصيب مصر والسودان دون شك، فضلا عن تأثر العمليات الزراعية فى مصر وأنشطة الملاحة فى نهر النيل .

وأوضح أن دول حوض النيل لديها غناء بالأمطار طوال العام، بما فيها جنوب السودان، بينما تفتقر مصر والسودان لهذه الامطار، مشيراً إلى أن حجم الأمطار المتساقطة بدول الحوض تبلغ سنوياً نحو 7 آلاف مليار متر مكعب، فيما يبلغ نصيب الحوض ذاته 1660 مليار متر مكعب تساعد على جريان نهر النيل.

وأشار إلى أن حجم تصرفات سد النهضة يبلغ 50 مليار متر مكعب تمثل 68% من حصة مصر والسودان.

وقال إن نحو 207 ملايين طن من الطمي سيتم اعتراضها سنويا بوجود سد النهضة وهو ما يهدد سلامة السد مستقبلا، كما أن هذه الكمية الكبيرة ربما تتسبب في تحول مسار النهر إلا أن ذلك يظل احتمالا بحاجة لدراسة.

ونوه إلى أن إثيوبيا تعمل على بناء سد مساعد لتبلغ السعة التخزينية الكاملة لسد النهضة 74 مليار متر مكعب أي ما يساوي حصة مصر والسودان من مياه النيل تقريبا.

سيناريوهات مفزعة

بحسب تقرير موقع منظمة "إعلاميون حول العالم"، بعنوان "الموت عطشاً أم غرقاً؟ سد النهضة القصة الكاملة"، فإن الدراسات الجيولوجية حول السد غير وافية والشكوك كبيرة و إثيوبيا تخفيها وترفض إطلاع مصر عليها أو إشراكها في الدراسات أو السماح لها بعمل دراسة مستقلة أو إخضاع المشروع لمراقبة بيوت خبرة محايدة.

و للسد سيناريوهان أساسيان أولهما نجاحه و صموده و ثانيهما انهياره، وكلاهما كارثة على مصر.

أ‌- السيناريو الأول "الموت البطيء":

بحساب المدة التي حددتها أثيوبيا لملء بحيرة السد، وهي 3 سنوات، سيتم حرمان مصر من نصيب ضخم من حصتها المائية سيضرب زراعتها في مقتل و يتسبب في تصحر ما بين 3- 4 ملايين فدان من جملة 8 ملايين، أي نحو نصف المساحة الزراعية في مصر، و إفقار مصر مائيا إلى درجة خطيرة و سيبدأ السيناريو الكارثي التالي:

1-  مع بداية نقص المياه ستبدأ حتماً صراعات قاتلة بين الفلاحين و اضطرابات عظيمة تبدد السلم الاجتماعي.

2-  مع شح المياه سيبدأ الفلاحون في مصر بعمل آبار لسحب المياه الجوفية و مياه الصرف بكثافة بماكينات الري مما يؤدي لتلويث الأرض بزيادة نسبة الملوحة و تركيز السموم في التربة نتيجة تسرب و تراكم المبيدات و بقايا الأسمدة النيتروجينية، التي استخدمها الفلاحون سابقاً على مدى عشرات السنين، إلى المياه الجوفية و مياه الصرف.

3- مع البخر و النسبة التي يمتصها النبات في كل إعادة استخدام لهذه المياه الملوثة تقل كمية المياه و تزيد نسبة ملوحتها و سميتها على النبات و الإنسان و الحيوان.

4- مع انخفاض منسوب المياه في النيل ستفشل المزارع السمكية في النيل و ملحقاته و ستنخفض كمية الأسماك الطبيعية في النيل و تضيع أرزاق قطاع كبير من الصيادين.

5- سوف تأسن العديد من الترع و المصارف نتيجة عدم تجدد المياه و ستنبعث منها الروائح و الحشرات و تكون سبباً مباشراً في تفشي أوبئة و أمراض خطيرة.

6- مع انكشاف النيل ستنتهي السياحة النيلية و ستضرب السياحة في أسوان وغيرها من المناطق التي يشكل النيل جزءً من مقاصدها السياحية.

7- ستفنى كمية المياه الجوفية بسرعة قياسية نتيجة عدم التجديد بعد أن فقدت خاصية التجديد التي كانت تتسرب إليها سنويا من الترع و المصارف.

8- بتبوير ملايين الأفدنة، سوف تنضم الأسر إلى فئة معدومي الدخل، مما يهدد بمجاعة كبرى لن تجدي معها أي مساعدات خارجية أو أي إجراءات تقشف داخلية.

9-  ستنخفض الثروة الحيوانية ربما إلى النصف أو أكثر فلن يعد هناك مجال لزراعة و إنتاج الأعلاف.

10- مع جفاف الأراضي و انعدام الماء في مناطق شاسعة من الوادي سيزداد المناخ سوءاً و تتقدم الصحراء تجاه الأراضي الخصبة و تزداد نسب العواصف الرملية التي يتضرر منها مزيدٌ من الأراضي و الزراعات.

11- سيؤدي ضعف مصر وعجزها الاقتصادي و انكفائها على الكارثة الداخلية إلى تجرؤ الخصوم على انتهاك سيادتها الوطنية و الطمع في أراضيها و ما تبقى من حقوقها و مواردها و التنصل من أي اتفاقات أو معاهدات لا تحقق مصالحهم..

إن تداعيات الانخفاض الخطير في حصة مصر المائية بسبب سد النهضة الأثيوبي لا تقتصر على ما ذكر، فتفاعلات نقص المياه أعقد من أن يتم حصرها و التنبؤ بها كاملة.

إن مصر مقبلة على سيناريو الصومال، لاسيما إن بقي النظام الانقلابي الحالي بفشله و غبائه و عجزه عن إدارة الدولة قبل الكارثة، فضلاً عن إدارة أزمة بهذا الحجم و تلك الخطورة.

ب‌- السيناريو الثاني "الموت السريع":

الأرض التي يبنى عليها السد و بحيرة التخزين تقع فوق فالق جيولوجي عظيم، شديد الخطورة يعطي فرص كبيرة لانهيار السد مستقبلا بتأثير وزن 74 مليار طن تمثل وزن ماء البحيرة المزمع إنشاؤها أو تكونها طبيعيا أثناء عملية التخزين، بخلاف وزن الإنشاءات العملاقة للسد، وهو ما يعني أن اندفاع المياه بهذا الوزن الهائل سوف يؤدي إلى إغراق مساحات شاسعة في السودان ومصر ومحو مدن وقرى بأكملها.

ويكفي لتصور تداعيات انهيار سد النهضة بعد اكتمال سعته التخزينية، أن نعرف أن فيضان النيل قبل بناء السد العالي الذي كان يرسل إلى مصر أقل من بضع وثلاثين مليار متر مكعب على مدى الصيف، بمعدل 2- 4 مليارات متر يوميا، كان يغرق قرى الصعيد و تختفي معه جزر النيل الصغيرة تحت الماء و أجزاء واسعة من الدلتا، فكيف يمكن أن نتصور اندفاع 74 مليار متر مكعب من الماء دفعة واحدة؟

هذا بالحسابات البسيطة كفيل بنسف السد العالي. وإذا أضفنا إلى الأربعة وسبعين مليار متر  مكعب مخزون بحيرة ناصر بنحو 200 مليار متر، فإن هذه الكمية الخيالية تشبه طوفان نوح و هي بالتأكيد كافية لمسح وادي النيل مع منشآته و سكانه من على الخريطة.

الموقف المصري إلى كارثة:

تعامل النظام المصري - ومازال- بكثير من اللامسئولية في ملف نهر النيل، مما فتح الباب على مصراعيه لتوغل الكيان الصهيوني  في دول حوض النيل.

اكتفت الحكومات المصرية المتعاقبة منذ 1952 وحتى الآن بالتمسك باتفاقيات تم توقيعها في عهد الاستعمار، ولم تشمل دول الحوض مجتمعة، ولم يدرك النظام المصري أن استخدامه لهذه الاتفاقيات كحجة يجعل دول المنبع ترى فيه مستعمرًا، على الأقل لنهر النيل.

إذن الحكومات لم تتعامل بشكل جدي مع ملف النيل ومع دول حوض النيل، ولم تواكب التطورات التي حدثت في هذه الدول، ولا العوامل الخارجية التي تدفعها للمطالبة بإعادة توزيع المياه، وظل الحُكم في مصر يستند إلى ما يُسميه بـ«حقوق مصر التاريخية» في مياه النيل، استنادًا إلى اتفاقيات تم توقيعها مع بعض دول حوض النيل بينما كانت لا تزال مُستعمرَة.

ولم يختلف إلى حد كبير موقف النظام المصري بعد ثورة 2011 عن ما قبلها، فالتعامل المصري مع أزمة النيل يتم بنفس الطريقة، مُضافًا إليها، نفس سياسات التقليل من شأن أي إنشاءات تقوم بها دول حوض النيل على مجرى النهر، باستثناء عام حكم الرئيس محمد مرسي، حيث أعطى أولوية لهذه القضية وجمع ممثلي القوى السياسية لمناقشة أفضل السبل للتعامل مع ملف سد النهضة، وكان مما قاله الرئيس الراحل " إن جميع الخيارات مفتوحة للحفاظ على حقوق مصر التاريخية من مياه نهر النيل".

وبحسب الكاتب سليم عزوز، كان الرئيس مرسي على مستوى التهديد، وكان مدركا لقيمة نهر النيل والخطر الذي يتعذر تداركه إذا تم بناء سد النهضة بقرار منفرد من إثيوبيا!

سياسات الطمأنة

جاء السيسي بانقلاب عسكري، فاتبع سياسات الطمأنة والتقليل من حجم الكارثة، ورهن مستقبل مصر المائي باسترضاء دول المنبع، وفي مقدمتها، أثيوبيا لشراء الاعتراف به كرئيس، بعد أن كان الاتحاد الأفريقي جمد عضوية مصر فيه عقب الانقلاب،  وكان الثمن هو إغفال السيسي لحقوق مصر القانونية في مياه النيل، والتوقيع على بياض لإثيوبيا بمشروعية بناء السد لأول مرة عندما أمضى الاتفاقية الاطارية في الخرطوم، حيث قدم مصلحته الشخصية على مصلحة الوطن، ولم يكن هناك أي  إجماع وطني حول واحدة من أهم القضايا وأخطرها على مستقبل الوطن بأكمله، وهي قضية المياه، بل لم تعرض الاتفاقية أساسا على ممثلي الشعب في المجلس النيابي الصوري الذي يعمل مع السيسي، ولم تنشر نصوصها على أي مستوى حتى الآن.

والأزمة الحالية ما هي إلا ميراث من سياسات نظام سابق أسقطته ثورة 25 يناير، كان قد استبعد الدائرة الأفريقية من دوائر اهتمامات وأولويات السياسة الخارجية، وترك القارة تماماً لتملأ الفراغ دول أخرى مثل الكيان الصهيوني والصين وإيران، بل إنه في عام 1996 لم يعترض النظام السابق على تمويل البنك الدولي أثيوبيا لإقامة عدد من السدود لتوفير 180 مليون متر مكعب من المياه تم خصمها من حصة مصر والسودان مناصفة، وكذلك موافقة النظام الأسبق عام 2001 على طلب أثيوبي آخر لبنك التنمية الإفريقية لتمويل عدد آخر من السدود الإثيوبية على نهر النيل.

وكانت كينيا قد أعلنت نيتها الانسحاب من معاهدة حوض النيل التي أبرمت أو وقع عليها عام 1929. ومرر البرلمان الكيني الخميس 11 ديسمبر 2003 بيانًا يطلب من الحكومة إعادة التفاوض على معاهدة حوض النيل.

وبدا وقتها أن النظام المصري لديه بقية من إحساس بالمسئولية، فقال وزير الري والموارد المائية وقتها محمود أبو زيد: "هذا عمل خطير جدا من جانب طرف واحد... إنه (يرقى) إلى إعلان حرب.

وتفجرت قضية حصص مياه النيل وبقوة خلال اجتماع في نيروبي عام 2004، وذلك بعد أن أطلقت برلمانات كل من كينيا وتنزانيا وأوغندا في ديسمبر من العام 2003 دعوتها بضرورة إعادة النظر في توزيع حصص مياه النيل وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التاريخية المنظمة للعلاقة بين دول المنبع ودولة المصب.

موقف قوي لحكومة مرسي

في عهد الدكتور محمد مرسي، كان موقف الحكومة أقوى بكثير، وعندما تحدثت وسائل الإعلام عن قضية "سد النهضة"، أكد الدكتور محمد بهاء الدين‏,‏ وزير الموارد المائية و الري حينها لـ "الأهرام‏":‏ ان مصر لن توافق علي أي قرار لتقسيم مياه النيل لم تشارك فيه وسيتم استخدام الآليات الدولية المناسبة في حينها.

 وقال: إن الري تضع جميع التخوفات السلبية من انشاء السد الاثيوبي في الحساب.. ومصر لن توافق علي أي شيء ضد مصالحها القومية ومستقبل شعبها، كما أن مصر والسودان لن يوقعا علي الاتفاقية الاطارية- التي وقعها السيسي فيما بعد-  بدون نص صريح علي الحقوق التاريخية والاخطار المنبثقة عن المشروعات، والتصويت بالاجماع في اتخاذ اقرارات.

وعقد الرئيس مرسي اجتماعا على مستوى الخبراء والقوى السياسية  في 3 يونيو 2013، كما أشرنا سابقا، اقترحت فيه قيادات سياسية طرق لتدمير السد، بما في ذلك دعم المتمردين المناهضين للحكومة.

و في 10 يونيو 2013، قال الدكتور مرسي: إن "الأمن المائي في مصر لا يمكن أن ينتهك على الإطلاق"، موضحا أنه " لا يدعو إلى الحرب " ولكنه لن يسمح أن تكون إمدادات المياه لمصر "مهددة بالانقراض". 

تنازلات السيسي وتعطيش البلاد

أما في ظل حكم السيسي، فقد تبدل الموقف المصري إلى حد التنازل عن الحصة التاريخية من مياه النيل وعدم الاكتراث بما سيواجهه الشعب المصري من "عطش مميت" في السنوات المقبلة، ففي 23 مارس 2015 وقع عبد الفتاح السيسى، وهايلى ديسالين رئيس وزراء إثيوبيا، والرئيس السودانى عمر البشير، وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة"، بالعاصمة السودانية الخرطوم.

وكان أخطر ما في هذا الإعلان هو الاعتراف بسد النهضة كأمر واقع، والتعاون مع أثيوبيا في ملء الخزان الخلفي للسد بالمياه، والذي يستغرق مدة قد تصل من ثلاث إلى سبع سنوات.

وتعتبر موافقة السيسي على بناء سد النهضة الأثيوبي دون شروط أكبر كارثة حلت بمصر في تاريخها، فمبوجب هذه الموافقة تم إعفاء أثيوبيا من أي التزام تجاه مصر مستقبلا و الإقرار بحق أثيوبيا المطلق في منع المياه عن مصر، و سيصبح من حق أثيوبيا عمل سدود جديدة على المنبعين الفرعيين في أراضيها، وهما نهر السوباط وعطبرة، لتصل حصة مصر من المياه الإثيوبية إلى صفر بمعنى موت المصريين جوعاً.!!!

كذلك سيصبح من حق أثيوبيا قانوناً بعد امتلاء السدود بيع المياه لمصر أو غيرها أو صبها في البحر كما تشاء وتقرر، وهنا يجب الإشارة إلى الدور الصهيوني الذي قدم دعما غير محدود لإثيوبيا، وصل حد إقامة منظومة دفاعية حول السد كما ذكرت بعض التقارير الإعلامية، والهدف هو  "خنق مصر مائيا" وتركيعها استراتيجيا بإملاء أي تنازلات مستقبلية.

بهذا فإن توقيع السيسي على اتفاقية سد النهضة في الخرطوم قدم اعترافا رسميا بهذا السد وأسقط حقوق مصر التاريخية في مياه  نهر النيل، ...وهكذا، وقفت مصر عارية من أي دعم عربي إقليمي أو دولي .. فقد فشل نظام نظام العسكر ( مبارك ومن بعده السيسي )  في  صياغة استراتيجية مصرية سودانية موحدة للتعامل مع الملف في المفاوضات مع بقية دول الحوض والإسراع في بدء مشاريع تنمية مياه النيل بين الدولتين وبخاصة مشروع قناة جونجلي.

وقد تسببت المواقف المعادية من نظام مبارك ثم السيسي للسودان في تخلي السودان بأسلوب غير مباشر عن التعاون مع مصر في هذه الملف والانطلاق وحدها للتركيز علي مصالحها في مياه النهر .

بتوقيع السيسي تلقت مصر الضربة الأولي في جولة مريرة من جولات حرب المياه التي تدور رحاها قبل عقود في صمت علي شواطئ بحيرة فيكتوريا.. والقادم أخطر .

إن نجاح السد أو انهياره يهدد وجود مصر والسودان ويعيد تشكيل المنطقة عندما يسفر عن هجرة الملايين خارج وادي النيل. والخلاصة أن الانقلاب العسكري قد فوت على مصر العديد من الفرص وأوراق الضغط التي كان يمكن أن تمارسها على إثيوبيا.

أثيوبيا تتعمد خلط الأوراق:

اختلف تعامل كل من مصر وأثيوبيا في أزمة مياه النيل، وفي إدارة ملف أزمة الاتفاقية الإطارية، بشكل كبير، ففيما لجأت الأخيرة إلى الرهان على الحاضر والأمر الواقع والطموح، لجأت مصر إلى التاريخ، بالاستناد على «حقوقها التاريخية» في مياه النيل، دون أن تهتم بالحاضر ولا حتى بمستقبل علاقاتها بدول الحوض.

على مدار سنوات كان محصلة هذه المعادلة تساوي صفرًا، إلا أن تطوير أثيوبيا للطريقة التي تدير بها الأزمة، جعل المعادلة في السنوات الأخيرة تميل لصالح أثيوبيا، وهو ما ظهر في نجاحها في إقناع خمس دول بالتوقيع على اتفاقية الإطار، وانتهاء باتفاقية إعلان مبادئ سد النهضة.

استغلت أثيوبيا طوال الوقت سياسة التعالي التي اتبعها النظام المصري- ومازال- مع الدول الإفريقية في زيادة غضب أنظمة هذه الدول، المرتبطة بعلاقات وثيقة هي الأخرى بإسرائيل.

تعمدت أثيوبيا، وبتوجيه صهيوني، خلط الأوراق وتعقيد المسألة بإشراك لاعبين إقليميين و دوليين في سد النهضة في مقدمتهم السعودية، والإمارات ، والكيان الصهيوني، والصين و فرنسا، و هولندا، علاوة على الدور الأمريكي المنحاز دائماً للمصالح الصهيونية ضد مصر.

لقد تلاعبت أثيوبيا بالمصريين و كسبت الوقت حتى انتهت تقريباً من أعمال سد النهضة، ولم تعد تبالي بما يصدر عن القاهرة من تصريحات أو حتى تهديدات.

سوء نية الجانب الأثيوبي

ومن دلائل سوء نية الجانب الأثيوبي ومن يقفون خلفه:

1- السد الذي كانت تطمح له أثيوبيا كان ارتفاعه 90 متراً وسعته التخزينية 14.5 مليار متر مكعب من المياه بهدف توليد الكهرباء، و فجأة غيرت الخطة من سد الألفية إلى سد النهضة العظيم الذي يبلغ ارتفاعه 145 متراً وسعته التخزينية 74 مليار متر مكعب، و كان آخر قرار بتعلية ارتفاع السد قرار سياسي مباشر من الرئيس الإثيوبي و ليس قراراً فنياً من متخصصين.

2- لا توجد لدى أثيوبيا أزمة مياه تحتاج معها لتخزين كل هذه الكمية المهولة من المياه.

3- تم اختيار موقع السد على بعد 45 كم فقط من الحدود الإثيوبية السودانية، بحيث لا يؤثر على إثيوبيا عند انهياره، مما يعني علمهم بالاحتمالات الكبيرة لانهيار السد.

4- يمكن لأثيوبيا الحصول على نفس الطاقة الكهرومائية التي ستجنيها من سد النهضة ببناء عدد من السدود الصغيرة تكون أسهل في التحكم و الإدارة و أسهل في تدبير التمويل و بتكلفة أقل و بدون مخاطر سد النهضة، فلماذا أصرت على الخيار باهظ التكلفة، والذي سيسبب أضرارا مؤكدة على مصر والسودان؟!

5-  صممت أثيوبيا السد بدون بوابات تصريف سفلية و اكتفت ببوابة الفائض العلوية التي تفتح فقط عندما يزيد الماء عن الحد الأقصى لامتلاء بحيرة السد مما يعني أنه ليس في نيتهم حل وسط أو متدرج و أن مصر لن تحصل على قطرة مياه من النيل الأزرق المقام عليه السد قبل امتلاء بحيرته التي قد تستغرق اثني عشر عاما.

إن سبب إصرار أثيوبيا على بناء سد النهضة معناه ببساطة أن أثيوبيا قد مُنحت الضوء الأخضر للتحكم في الرافد الأساسي لنهر النيل، ومن ثم منع الماء أو منحه أو بيعه لمن تريد أو بالأحرى من يريده الكيان الصهيوني.

موقف إثيوبي محرض ومتمرد

وعلى مدار عقود اتخذت أثيوبيا موقفًا متمردًا ضد ما يُعرف بـ "استحقاقات مصر التاريخية من المياه"، حيث ترى دولة المنبع الأكبر أن دولتي المصب تحصلان على أكثر من حقهما في المياه، وأنها لا تعترف باتفاقية عام 1959 لأنها لم تكن طرف فيها، وأن جميع الاتفاقيات التي تم عقدها حول مياه النيل لا تلزم سوى أطرافها، وأن جميع دول الحوض يجب أن تحصل على حقوق متساوية من مياه النهر، بموجب اتفاقية إطارية تشمل الجميع، وشهدت حقبة التسعينيات تصعيدًا في اللهجة الأثيوبية تجاه مصر، وتجددت مطالبها بإعادة توزيع مياه النهر، متزعمة بذلك دول المنبع.

ونجحت أثيوبيا في تأجيج مشاعر دول المنبع تجاه دول المصب، ونجحت في النهاية في توقيع 6 دول على اتفاقية الإطار في عنتيبي.

لعبت إثيوبيا هذا الدور مدعومة بشكل كبير من الكيان الصهيوني، الذي ساهم في إقامة سدود على النيل في إثيوبيا لتوليد الكهرباء وضبط حركة المياه في اتجاه مصر والسودان، إضافة إلى تقديم شركات استثمارية صهيونية، يملكها جنرالات موساد متقاعدون عروضًا للمساهمة في مشاريع بناء السدود على منابع نهر النيل في الأراضي الأثيوبية أو في مشاريع زراعية أخرى.

وإلى جانب الدعم الصهيوني المباشر وغير المباشر في تقوية إثيوبيا أمام نظرائها من دول المنبع، الذين بدأوا في السير تحت رايتها، نجحت أثيوبيا أيضًا، بينما هي تقود حملة التمرد على مصر، في اجتذاب العديد من الاستثمارات الخليجية إليها، وبلغت الاستثمارات السعودية فقط، في عام 2011، حوالي 13.3 مليار دولار، تركزت معظمها في المجالات الزراعية.

ونجحت أثيوبيا من خلال هذه الاستثمارات الخليجية والمشاريع الصهيونية، في إثبات أنه من الممكن الحصول على تمويل لإقامة سدود ومشاريع على حوض النيل في بقية دول المنبع، على عكس الرهان المصري على أن هذه الدول لن يكون بمقدورها الحصول على تمويل لأي من المشاريع التي تريد إقامتها على النيل دون دعم مصري، وهو ما دعم موقف أثيوبيا ضد مصر.

الكيان الصهيوني..الرابح الأكبر:

هناك أطماع أجنبية ترنو لتحويل النيل إلى مشروع تجاري كبير يتم فيه بيع مياهه متراً متراً. وأخطر ما في هذه الأطماع هو التغلغل الصهيوني في حوض النيل لتحقيق أهداف استراتيجية، من أهمها: تجويع شعب مصر وضرب بنيته الديموغرافية في مقتل، فعندما تقل المياه المتدفقة إلى مصر ستعاني مصر زراعيا وصناعيا وسيؤدي ذلك إلى خلخلة في بنيتها السكانية التي تمثل خطرا مباشرا بالنسبة للكيان الصهيوني، ولذلك تسعى منذ سنوات لعقد معاهدات وصفقات مع دول منابع النيل لاستغلال مياه النيل ومنعها من الوصول إلى مصر.

وقد التقط الصهاينة، بدعم من الأمريكان، رغبة دول  حوض النيل في استثمار مياهه لصالحهم، ودفع الصهاينة والأمريكان  وساعدوا بل وحرضوا تلك الدول على السعي لمشاغبة مصر والعمل على تقليص حصتها من مياه النهر في وقت تتزايد فيه حاجتها لمزيد من مياهه تبلغ وفق أقل التقديرات ستة عشر مليار متر مكعب سنويا زيادة علي حصتها المقررة .

الصهيونية تغزو أفريقيا مبكرا

تعود العلاقة بين الكيان الصهيوني وأفريقيا - وتحديدًا دول حوض النيل- إلى بدايات الحركة الصهيونية نفسها، حينما وضع المؤتمر الصهيوني الأول، الذي عُقد في مدينة بازل السويسرية، الكونغو كأحد الدول المتاحة لإقامة الدولة الصهيونية فيها.

بعد ذلك بسنوات، وفي عام 1903، تقدم مؤسس الحركة الصهيونية، تيودور هرتزل، بمشروع للحكومة البريطانية للحصول على جزء من مياه النيل، وتحويلها إلى صحراء النقب عبر سيناء، إلا أن المشروع فشل.

ومع قيام الكيان الصهيوني في عام 1948، سعت قياداته إلى إقامة علاقات مع دول أفريقية، إلا أن العلاقات الصهيونية- الأفريقية لم تتوسع كما توسعت في أعقاب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ونتيجة لحالة الفقر المائي التي يعاني منها الكيان، عمل على التركيز على دول حوض النيل، من خلال إثارة فكرة أن حصص توزيع المياه على دول الحوض غير عادلة، وأن الكيان الصهيوني قادر على زيادة حصص دول المنبع من خلال تزويدها بتقنيات تمكنها من ذلك.

 وأوضح "أرنون سوفير"، الأستاذ بجامعة حيفا، "أن لإسرائيل مصالح استراتيجية مع دول حوض النيل، لذلك فإنها تنسق مع إثيوبيا وباقي دول الحوض من خلال سياسات ومصالح استراتيجية".

مشاريع ودراسات صهيونية

ولتحقيق أهدافه المتعلقة بمياه النيل، أعد الكيان الصهيوني عدة مشاريع ودراسات، من بينها مشروع إليشع كالي، الذي طُرح عام 1974، ويتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة كمية المياه فيها، ونقلها إلى سيناء ومن ثم إلى دولة الكيان، عن طريق سحارة أسفل قناة السويس. ومشروع شاؤول أولوزوروف، عام 1979، الذي اقترح نقل مليار متر مكعب من مياه النيل، تخصص منها 150 مليونًا لقطاع غزة، عبر 6 أنابيب تمر تحت قناة السويس.

ويلاحظ أن هذا بالضبط ما ينفذه "السيسي" قائد الانقلاب العسكري منذ توليه رئاسة مصر في 2014 وحتى اليوم.

وفي تقرير نشره موقع منظمة "إعلاميون حول العالم"، كتب الصحفي محمد عبدالعزيز، تحت عنوان " الموت عطشاً أم غرقاً ؟ سد النهضة القصة الكاملة".

 إن أحد العاملين بسيناء أفاد بوجود منشأة محطة رفع مياه تم تجهيزها ناحية رفح قرب الحدود المصرية مع غزة من أيام السادات تحسباً لتنفيذ اتفاق مع مصر في وقت ما بتوصيل مياه النيل إلى إسرائيل، و لم يخبر المصدر كاتب التقرير بالطرف الذي أنشأها، وقال الكاتب: "أكاد أجزم أن الهدف الرئيسي من شق ترعة الشيخ جابر بسيناء أيام مبارك هو تجهيز البنية الأساسية لإمكانية توصيل مياه النيل لإسرائيل تحت غطاء تنمية سيناء".

وأخيرا انتشر فيديو على مواقع التواصل يتحدث فيه مهندس مصري من داخل أحد الأنفاق التي يتم إنشاؤها تحت قناة السويس، مؤكدا أنه أحد ستة أنفاق (سحارات) لنقل المياه.

آليات صهيونية للتعامل مع أفريقيا

واتبع الكيان الصهيوني في سبيل تحقيق هدفه في محاصرة مصر مائيا، وأطماعه في مياه النهر، ثلاث آليات:

 الأولى، تشجيع جيل جديد من القادة الجدد في دول المنبع، والذين ينتمون للأقليات في بلدانهم ويرتبطون بالكيان بعلاقات وثيقة، مثل ميليس زيناوي رئيس الوزراء الأثيوبي الأسبق في إثيوبيا، و أسياسي أفورقي رئيس إريتريا، وجون جارانج ، الرئيس السابق لما يسمى " الحركة الشعبية لتحرير السودان"، ويوري موسيفيني رئيس أوغندا.

الثانية، إقامة تحالفات مع الدول والجماعات العرقية المعادية للعرب.

الثالثة، اتباع سياسة المنح والتدريب.

وكشف الدكتور حسن مكي، الخبير الدولي السوداني في العلاقات الإفريقية ورئيس جامعة إفريقيا العالمية السابق عن أن دولة الاحتلال الصهيوني تسيطر على 80% من العقارات المحيطة ببحيرة فيكتوريا، وأن وجود ها في إثيوبيا يركز على مجال الزراعة ومجال التدريب والتعليم.

وذكر تقرير منسوب إلى المخابرات الفرنسية نشرته صحيفة البيان الإماراتية في أكتوبر 2002 أن "إسرائيل" زودت جيشي رواندا وبورندي بالأسلحة القديمة دون مقابل لكسب ود السلطات الحاكمة في البلدين حتى تتمكن من التغلغل في منطقة البحيرات العظمى.

ويقدر عدد الخبراء الصهاينة في منطقة القرن الأفريقي ودول حوض النيل بنحو ثمانية آلاف خبير، منهم عدد من رجال المخابرات. ويقيم الكيان الصهيوني علاقات تجارية مع هذه الدول يقدر حجمها بنحو ملياري دولار مقابل تبادل بين العرب والأفارقة نسبته 5% من حجم التبادل التجاري لأفريقيا مع العالم الخارجي.

التغلغل في حوض النيل

وكتب حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في مجلة "السياسة الدولية"، العدد 135 الصادر في يناير 1999م، أن "إسرائيل" تلعب دوراً غير مباشر في صراع المياه بين دول حوض النيل مستغلة نفوذها الكبير في دول مثل إثيوبيا وكينيا ورواندا.

ورغم أن حجم الجاليات اليهودية في القارة السمراء خارج دولة جنوب أفريقيا متواضع فإن وضعها الاقتصادي في بعض دول أفريقيا الواقعة جنوب حزام الصحراء -مثل كينيا- يتسم بالقوة والتأثير.

ولا يخفى على أي باحث أن للكيان الصهيوني خطة توسعية كبرى تنشد وطنا من النيل إلى الفرات لها علاقة وطيدة بانفصال جنوب السودان و بناء سد النهضة الأثيوبي، ولها في ذات الوقت خطة مرحلية مصغرة، تتمثل في الحصول على مياه النيل، لدعم نشاطها الزراعي الموسع، وقد طالبت بذلك أثناء محادثات "كامب ديفيد"، حيث لم تكتف بسرقة المياه الجوفية للضفة وغور الأردن، و سيناء، و من قبل مياه نهر الليطاني جنوب لبنان فترة احتلال الأراضي اللبنانية.

وفي مقال بعنوان "قروض المياه الصهيونية للعرب"، منشور في مجلة المجتمع الكويتية في 1 أغسطس 2006، قال الكاتب الصحفي شعبان عبد الرحمن: سعت إسرائيل لخنق مصر و تدميرها بقطع شريان حياتها من خلال حصار منابع النيل وتدمير أي مشروع مصري لتنمية موارد النيل حتى تبقى مصر تحت خط الفقر المائي و تعجز عن التوسع و التنمية الزراعية.

تأثير المشروعات الصهيونية على النيل

وحذر تقرير صدر 6 سبتمبر 2008م عن مركز "الأرض" لحقوق الإنسان،  من تأثيرات مشاريع المياه الصهيونية على مياه النيل، عبر حفر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية.

وقال التقرير: إن "إسرائيل" حفرت آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية، وتعمل من خلال مشروع "اليشع كالي" على نقــل مياه النيل إلى "إسرائيل"، عن طريــق سحـارة (أصبحت 6 سحارات الآن في عهد السيسي) أسفل قناة السويس، كما يقوم مشروع "يؤر" بنقــل مياه النيل إلى "إسرائيل" عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس، وبإمكان هـذا المشروع نقل مليار م3، لري صحراء النقب، منها 150 مليون م3، لقطــاع غزة، وهو ما يؤثر على موارد مصر المائية مستقبلا.

وذكر التقرير أهم المؤامرات الصهيونية على منابع النيل و مشروعات مصر المائية وهي:

1- مؤامرة "إسرائيل" على مشروع قناة جونجلي:

 منطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل بجنوب السودان تضيع فيها مليارات الأمتار المكعبة من مياه النيل القادمة من المنطقة الاستوائية هدرا دون فائدة، وقد تمخضت الدراسات والبحوث الاستشارية إلى حفر قناة تستوعب المياه الزائدة من المستنقعات وكميات المياه التي كانت تتبخر سنوياً دون الاستفادة منها، و جاءت التوصيات بحفر خط مائي يربط بين منبع القناة ببلدة جونجلي وحتى المصب لتصب عند فم السوباط بالقرب من ملكال لتضيف إلى مياه النيل 55 مليار متر مكعب إضافية سنوياً أي ما يعادل حصة مصر السنوية كاملة، على أن تكون الإضافة الجديدة مشاركة بين مصر و السودان، كما تؤدي القناة إلى تجفيف مليون ونصف فدان من أراضي المستنقعات الصالحة للزراعة لإقامة مشروعات زراعية واعدة.

و بدأ تنفيذ المشروع بتمويل أوروبي كان جزء منه منحة للسودان، لحفر القناة من منطقة بور إلى ملكال بطول 360كم، و بعد أن نفذ منها الجزء الأكبر حيث تم حفر 260 كيلومتراً توقف الحفر عند قرية كونقر نتيجة نشوب الحرب عام 1983 بين الحركة الشعبية بقيادة جون جارنج، والتي وقفت خلفها (إسرائيل) و دعمتها ضد الحكومة المركزية السودانية حتى تمت المؤامرة بانفصال جنوب السودان و ذهب المشروع أدراج الرياح، و ضاع على مصر و السودان نحو 100 مليون دولار أي ما يعادل 1.7 مليار جنيه مصري بسعر 2019، أدراج الرياح.

والعجيب أن حسني مبارك، لم يستغل سنوات الهدنة الستة بين اتفاق نيفاشا للسلام 2005، و الاستفتاء على انفصال الجنوب 2011، في استكمال المائة كيلومتر الباقية و التي كانت تحتاج لنحو 300 يوم فقط من الحفر، ليخلق واقعاً جديدا لصالح مصر، و كذلك لم يتحرك لوضع إطار للمشروع داخل المعاهدة، كما لم يتدخل للحيلولة دون انفصال جنوب السودان بل دعمه و شجع عليه، و ليثبت أنه كان حقاً "كنز إسرائيل الاستراتيجي". بهذا تمكن الكيان الصهيوني من غلق باب المنابع الاستوائية ثم اتجه إلى المنابع الإثيوبية.

2- سد النهضة، القنبلة المائية و مؤامرة الصهاينة الكبرى على مصر النيل:

الهوية الرسمية لإثيوبيا مسيحية أرثوذكسية و يشكل المسيحيون 66.5% مِنْ سكانِ البلادِ (43.5 % أرثوذكسي أثيوبي، 19.3% طوائف أخرى كالبروتستانت والكاثوليك، و يبلغ عدد المسلمين 30.9%، وممارسو المعتقداتِ التقليديةِ 2.6%، بالإضافة لنسبة صغيرة من اليهود، و لكن كالعادة لهم تأثير كبير و تواصل مباشر وتنسيق مع الكيان الصهيوني، من خلال مجموعة يهود "بيت إسرائيل"، والتي تولت سابقاً تنظيم هجرة يهود إثيوبيا (الفلاشا) لإسرائيل.

لقد أمد الكيان الصهيوني إثيوبيا بتكنولوجيا زراعية حديثة، وخبراء عسكريين ودرب قواتها و تعاون معها وشجعها على مخالفة بنود اتفاقيات مياه النيل و تحدي مصر و أحيا لدى سياسييها فكرة الاستئثار بمنابع النيل الموجودة في أراضيها.

 و لا يوجد أدنى شك في أن الكيان الصهيوني هو المستفيد الأكبر و المحرك الرئيسي لبناء سد النهضة الإثيوبي بمواصفاته المحددة.

اتفاقية السلام وخضوع مصر

وفي مقال له تحت عنوان " حرب العطش ضد مصر ... القادم أخطر "، منشور بموقع عربي 21  الأربعاء، 25 مارس 2015 ، قال الكاتب الصحفي شعبان عبدالرحمن:

أدرك السادات أن الصهاينة لن يكفوا عن العبث بأمن مصر، وخاصة أمنها المائي ومع ذلك أقدم على اتفاقية سلام مشئومة معهم ولم يملك يومها سوى القول قبل توقيعه لاتفاقية "كامب ديفيد"   مع بيجين : " إن المسألة الوحيدة التي قد تزج بمصر إلى الحرب مرة أخرى هي المياه" .

وتدرك كل من أثيوبيا والكيان الصهيوني حاجة كل منهما للأخرى، فدولة الكيان تحتاج للأولى كقاعدة كبيرة في شرق أفريقيا، وإحدى أهم دول منبع نهر النيل، التي تستطيع من خلالها التحكم في مياه النيل التي تصل إلى مصر والسودان، والضغط على قراراتهما السياسية، أو التوصل إلى اتفاق من شأنه توصيل المياه للكيان، عبر طرق مختلفة، سواء عبر مصر، أو عبر تصديرها من أثيوبيا، أو غيرها، لذلك يعمل الكيان الصهيوني على تقوية أثيوبيا عبر تقوية تعاونها معها في مشاريع متعددة ومختلفة، وهو ما تحتاجه أديس أبابا من تل أبيب.

بهذا نجح الكيان الصهيوني في توثيق علاقاته بشكل كبير مع إثيوبيا في التسعينيات، وهي نفس الحقبة التي شهدت مطالبات أديس أبابا بإعادة توزيع مياه النيل، والتي شهدت توقيع اتفاقيات أمنية وعسكرية بين الجانبين، ومنح إثيوبيا أسلحة ومعدات عسكرية في مقابل السماح بالتواجد الاستخباراتي والعسكري في الأراضي الأثيوبية.

 كما عقد الكيان عدة اتفاقيات مع إثيوبيا من شأنها أن تقوي موقفه فيها، وأن تقوي موقف إثيوبيا أمام دول المنبع، ليكون من السهل على أديس أبابا قيادتهم أمام مصر.

ومن بين الاتفاقيات التي تم توقيعها ما هو خاص بالري، والاستفادة من موارد المياه غير الصالحة للشرب، والمشاريع الزراعية، والأنشطة التنموية، إضافة إلى الاتفاقيات التجارية والاقتصادية، حيث أشار تقرير رسمي صادر عن المعهد "الإسرائيلي" للصادرات والتعاون الدولي أن حجم الصادرات لإثيوبيا بلغ في 2012 حوالي 18 مليون دولار، وبلغت حجم الواردات "الإسرائيلية" في نفس العام 46 مليونًا.

وسواء صمد السد أو انهار فإن الكيان الصهيوني هو الرابح الأكبر، حيث يتحقق له من بناء السد:

1- التحكم في وصول المياه لمصر و مساومتها على توصيل مياه النيل إلى الكيان الصهيوني مقابل أن يستخدم نفوذه لدى أثيوبيا للسماح بمرور الماء إلينا.

2- في حال اكتمال سد النهضة فسيتمكن الكيان الصهيوني من تدمير مصر بشكل كامل في أي وقت بدون شبهة وبلا ثمن، فاكتمال السد يعني حصول الكيان على قنبلة مائية و سلاح فتاك لا تدانيه أي قنبلة نووية أو حتى هيدروجينية، فبإمكان الموساد بعملية مخابراتية بسيطة زرع متفجرات شديدة الانفجار في أماكن معينة من سد النهضة وتفجيره بعد امتلائه لمحو سكان مصر من على الخريطة و استلام مصر أرضاً نظيفة مكسوة بالطمي الخصب بعد القضاء على المصريين لتستلم مصر "أرضٌ بلا شعب، لشعبٌ بلا أرض" وفق النظرية الصهيونية، لتستكمل حلمها من النيل إلى الفرات..

تدخلات إقليمية لتركيع مصر:

تكمن الخطورة أيضا في الأصابع الأجنبية التي تساند الدول الإفريقية في مطالبها بهدف الضغط على مصر لتركيعها تماماً بالتجويع والتعطيش، فقد اندلعت أزمة مشابهة لأزمة سد النهضة في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، فجرتها إثيوبيا في وجه مصر، وحملت نفس المطالب، وثبت أن مفجرها كانت الأصابع الصهيونية والأمريكية، الضاغطة على مصر، وقد نجحت مصر في وقف تلك الأزمة التي عاودت الظهور مرة أخرى.

ومنذ سنوات طويلة تسعى بعض حكومات دول حوض النيل، بدعم من واشطن والكيان الصهيوني، إلى إلغاء اتفاقيتي  عامي 1929م  و1959م، والاتفاقية الأخيرة تقضي بحق مصر في 55 مليار ونصف المليار متر مكعب من مياه النيل سنويا وحق الاعتراض على إقدام أي من دول الحوض على بناء أية مشاريع مائية يمكن أن تؤثر على حصة مصر...ورغم تعثر تلك التحركات إلا أن هذه الدول لم تكف عن مساعيها، وقد قوي من عزيمتها التحريض الغربي والصهيوني الذي تزامن مع إغراءات ووعود بالمساعدات .

وفي الثاني  من  يناير عام 2004م  كشف تقرير ياباني من العاصمة الأوغندية كمبالا أن دول شرق إفريقيا التي تضم داخل حدودها بحيرة فيكتوريا، أكبر بحيرة للمياه العذبة في إفريقيا والمنبع الرئيس لنهر النيل، تخطط لفرض المزيد من سيطرتها على منابع النيل والحصول على حق بيع المياه إلى مصر .. وأن طلباً بذلك تم تقديمه في شكل اقتراح إلى برلمان دول شرق إفريقيا الذي يتكون من أوغندا وتنزانيا وكينيا في يونيو من عام 2003م.

وبالتزامن مع السعي لبيع مياه النيل لمصر، سعى برلمان دول شرق إفريقيا من جديد لإعادة النظر في اتفاقية عام 1929م.  

هذا التقرير مر- في حينه -  دون أن يتوقف عنده الإعلام المصري  وربما لم يتم الالتفات إليه، رغم أنه لا يقل في ثقله عن التهديد بموقعة حربية في إطار الصراع من أجل الحياة التي تمثل قطرة المياه حجر الزاوية فيها.

والخطورة لا تكمن- مثلا- في تحميل الخزينة المصرية بأعباء شراء المياه من أوغندا فقط وإنما الخطر الأكبر يكمن في أنه في حال نجاح أوغندا في ذلك ـ بدعم دولي استعماري بالطبع ـ فإنه لن يكون من حقها فقط بيع قطرات مياه النيل لمصر فقط وإنما الامتناع عن ذلك أي التحكم بصنبور الحياة.

وغني عن البيان هنا أنه في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، وفي بدايات عهد مبارك الذي حاول تقديم نفسه بصورة أجمل من سابقه، اندلعت أزمة مشابهة أكثر عنفاً، فجرتها إثيوبيا في وجه مصر، وحملت نفس المطالب، وثبت أن وراء تفجيرها الأصابع الصهيونية والأمريكية، الضاغطة على مصر لتوصيل مياه النيل للكيان الصهيوني، وقد نجحت مصر في وقف تلك الأزمة ... لكن نظام مبارك انهمك بعد ذلك في فساده ودكتاتوريته وبالتالي تبعيته منشغلا عن سعي دول حوض النيل الدؤوبة لتحقيق ما تريد بدعم صهيو/ غربي .

دور إيران في سد النهضة

في مقال بموقع "دنيا الوطن"، منشور في 31 ديسمبر 2015 تحت عنوان " دور إيران في سد النهضة"، كتب د.عادل عامر:   تقدم إيران نفسها للعالم العربي باعتبارها دولة إسلامية تشارك الأمة همومها، وتتعاون معها لمجابهة كل التحديات والمؤامرات التي يحيكها الأعداء، لكن السياسات الإيرانية خلال العقود الثلاثة الماضية كشفت عن استمرارية في الغايات الإستراتيجية التي كان ينتهجها الشاه محمد رضا بهلوي، وأن التحول لم يتجاوز الآليات والجهة المستفيدة وهي جماعة الملالي بدلاً من عائلة الشاه.

وعند النظر خارج الدائرة العربية تكشف السياسات الإيرانية في المحيط الإقليمي بوضوح حقيقة الدور الإيراني المُقلد للإستراتيجيات الغربية و"الإسرائيلية"، والمتعارض كليا مع الأمن القومي العربي.

 ومن أهم المناطق التى تعبث بها إيران القرن الإفريقي، و إثيوبيا تحديدا، وهي الدولة ذاتها في "المبدأ المحيطي الإسرائيلي"، فكيف يتجلى ذلك؟ إذا كان صمت إيران على مشروع سد النهضة وعدم اعتراضها عليه كحد أدنى يفرضه التضامن الإسلامي حسب خطابها المعلن، أو التدخل واستثمار علاقتها مع الحكومة الإثيوبية والتوسط دبلوماسيا لحل القضية، فهذا يعنى عدم اهتمامها بالأمن المصري، وأن خطابات المسئولين الإيرانيين على مدار العقود الماضية مجرد "بيع كلام".

إن علاقة جمعية الأحباش بإيران تكشف التواطؤ المباشر أو الضمني أو تبادل الأدوار بين "إسرائيل" وإيران، نقيض ما تدعي طهران تماما.

 ومن جانب آخر إذا كانت "إسرائيل" تعتبر إيران والقوى الشيعية الموالية لها تهديدا حقيقيا فكيف تمكنها من مد أذرعها في إثيوبيا؟

المصريون بين العطش والتلوث

تعتمد مصر على نهر النيل في توفير 95% من احتياجاتها المائية، وتتوزع حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا  على: ري الأراضي الزراعية بنحو 49.7 مليار متر مكعب، و3.1 مليار متر مكعب في استخدام المنازل، و4.6 مليار متر مكعب في الصناعة، و 2.8 مليار متر مكعب لضمان احتياجات الملاحة والكهرباء أثناء السدة الشتوية، و2 مليار متر فاقد بالبحر من شبكة الري.

واستنادا إلى التقارير العلمية، فإن استهلاك الفرد في مصر من المياه بلغ في المتوسط 140 لترًا يوميًا، وتستهلك القاهرة وحدها ما يعادل 57% من جملة استهلاك مدن مصر مجتمعة، و46% من جملة استهلاك القطر كله.

وأشار تقرير مركز الأرض لحقوق الإنسان المعنون بـ"مشكلات المياه في مصر" إلى أنه يوجد نحو 30 مليون مصري لا يجدون المياه النقية ويشربون مياه ملوثة، وأن المياه غير الصالحة للاستهلاك الآدمي قد تسببت في زيادة الأمراض بنسبة لا تقل عن20%، مثل التيفود والفشل الكلوي وأمراض الكبد التي تصيب الفلاحين، وأرجع تلوث مياه النيل إلى السفن والفنادق العائمة في النيل، بالإضافة إلى الصرف الصناعي من مئات المنشآت الصناعية والمصانع المقامة على النيل.

ومع تهديد سد النهضة لحصة مصر من مياه النيل، التي لا تكفي الاحتياجات أصلا، فسوف تتفاقم هذه الأوضاع.

ثلاث كوارث و حـَـلٌ وحيد:

الأزمة مركَّبة ونتيجةُ إهمال مصر لملف المياه في حوض النيل لأكثر من 20 عاماً؛ كان لا بد من إيجاد حلول مرحلية وحلول أخرى بعيدة المدى تعالج المشكلة مستقبلاً، ومن ثم لا بد من تصور الأخطار الناتجة عن بناء سد على مجرى رافد يمدّ مصر بـما يقارب 60% من المياه.

وحتى يكون لمصر كلمة مسموعة في مسرح العمليات بدول الحوض، لن يتحقق ذلك إلا بالفاعلية السياسية المتواصلة.

ووفق تقرير موقع منظمة "إعلاميون حول العالم"، الذي سبق الإشارة إليه، فإن الوقت يمر و إذا وصل بناء السد و تخزين الماء خلفه إلى حد معين، فلن يمكن لمصر بعد ذلك فعل شئ.. وأمام المصريين الآن 4 مسارات لا خامس لها:

1- مواجهة كارثة الجفاف و بوار ملايين الأفدنة (3- 4 ملايين فدان من أصل 8 ملايين)، وتشريد ملايين المصريين و ربما يصل الأمر للمجاعة في مصر.

2- عمل عسكري ضد السد الأثيوبي و هذا ما تنتظره أمريكا و إسرائيل لفرض عقوبات دولية على مصر واستدراجها لفخ و نفق مظلم لا نعلم نهايته.

3- تقاسم حصتنا مع الكيان الصهيوني ألد أعداء مصر و الإسلام و العروبة مقابل توسط الكيان  لدى الجانب الإثيوبي، لتصبح مصر رهينة للقرار الصهيو/ أمريكي ، ذلك أنه بهذا القبول المُهين تشارك مصر أعداءها في مقدراتها و تفقد كرامتها واستقلالها، و من المفارقات الغريبة أن اقترح  الكاتب السعودي "داوود الشريان" في صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ: 28  ديسمبر 2015م، أن تعقد مصر مع الكيان الصهيوني اتفاقاً يقضي بتوصيل مياه النيل إلى الكيان، على أن يقف الكيان بما له من نفوذ ضد إثيوبيا فيما يتعلق بملف السد.!!!

4- "الحل الوحيد"، و يتمثل في سقوط الانقلاب في مصر، فسقوط الانقلاب هو المخرج القانوني والسياسي الوحيد للأزمة انطلاقاً من القاعدة القانونية "ما بُنِيَ على باطل فهو باطل"، و بذلك تفقد أثيوبيا الحجة القانونية لبناء السد و يكون من حق مصر طلب وقف بناء السد من مجلس الأمن، وإلزام أثيوبيا بالتنسيق مع مصر للتوصل لحل يجنب مصر مخاطر استكماله، و في حال رفضت أثيوبيا يكون لدى مصر المبرر والمسوغ الشرعي للقيام بعمل عسكري ضد السد.

إلى كل مصري بقي له شيء من الفهم: أفيقوا و لا تتبعوا عميانكم فتهلكوا ويهلكون.

الذين باعوا الوطن لأعدائه حصلوا على مبالغ تكفيهم لشراء وطن بديل، أما أنتم فأين تذهبون؟؟؟

--------------

المصادر:

1- "سد النهضة.. الاختبار الأصعب لمصر"، الأربعاء 13 يناير 2016، موقع الجزيرة مباشر.  

2- "أبرز الاتفاقيات التاريخية بين مصر وإثيوبيا ودول حوض النيل" 23 مارس 2015، موقع دوت مصر.

3- " مصر تحذر كينيا من حرب مياه "، 14-12-2003 ، موقع إسلام أون لاين.نت.

4- "حرب العطش ضد مصر ..القادم أخطر"، شعبان عبدالرحمن، الأربعاء، 25 مارس 2015، موقع عربي 21.

5- "قروض المياه الصهيونية للعرب !"، شعبان عبد الرحمن،  أول أغسطس 2006م، مجلة المجتمع الكويتية.

6- "إسرائيل والصراع المصري- الأثيوبي على مياه النيل"، ‏أحمد بلال، 26 مايو، 2013‏، فيسبوك، صفحة "عين على العدو".

7- " مصر في معركة على مياه النيل مع إثيوبيا "، مصطفى اللباد.. جريدة السفير، بيروت 18 مارس 2013.

8- " الصراع المائي بين مصر و دول حوض النيل: دراسة في التدخلات الخارجية"، صفا شاكر إبراهيم محمد، الأربعاء, 01 سبتمبر 2010، موقع "خبير المياه".

9- "الوجود الإسرائيلي في دول حوض النيل"، د. طارق فهمي، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية. القاهرة. 2013.

10- "دور إيران في سد النهضة"، د.عادل عامر، 31 ديسمبر 2015، موقع "دنيا الوطن".

11- "أبرز الاتفاقيات التاريخية بين مصر وإثيوبيا ودول حوض النيل"، 23 مارس 2015، موقع "دوت مصر".

12- "مشكلات المياه في مصر"،  6 سبتمبر 2008م، تقرير صادر عن "مركز الأرض لحقوق الإنسان".

13- " الموت عطشاً أم غرقاً؟ سد النهضة القصة الكاملة"، محمد عبدالعزيز ،بدون تاريخ، موقع منظمة "إعلاميون حول العالم"

14- تصريحات لوزير الري والموارد المائية الأسبق د. محمد بهاء الدين، 17 أبريل 2013 ، موقع "بوابة الأهرام".

15- "تقرير: 30 مليون مصري لا يجدون المياه النقية... وإسرائيل تسرق مياه النيل"، أحمد حسن بكر ومجدي رشيد، 7 سبتمبر 2008، موقع "المصريون".

16- الموسوعة الحرة (ويكيبيديا)

17- “the grand Ethiopian renaissance dam and the blue nile” discussion paper 1307, February 2013 - University of Exeter- united kingdom.

18- "توقعات بانخفاض الطاقة المولدة من السد العالي بنسبة 40%"، 31 يناير 2016، بوابة الأهرام.

19- " آبي أحمد تعليقا على ازمة سد النهضة مع مصر: مستعدون لحشد مليون شخص للحرب"، وكالة أنباء الأناضول، 22 أكتوبر 2019م. https://bit.ly/2WedJ9k