وسط تحديات .. الأكاديمي الإسلامي المعتدل يفوز بانتخابات الصومال
الخميس - 2 يونيو 2022
إنسان - خاص
وسط تحديات كبيرة، وبعد أن خاض 39 مرشحا الانتخابات الرئاسية في الصومال 15 من مايو المنصرم، تمخضت النتائج عن انتخاب " حسن شيخ محمود" رئيسا للصومال، للمرة الثانية بعد الفترة التي تسبق حكم الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو، وكان من بين المرشحين امرأة واحدة هي البرلمانية فوزية يوسف حاجي آدم، وكل من الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو والرئيسان السابقان حسن شيخ محمود، وشريف شيخ أحمد، ورئيس الوزراء السابق حسن علي خيري، كما تنافس أيضا كل من رئيس ولاية غلمدغ السابق عبدالكريم حسين غوليد، ورئيس ولاية بونتلاند سعيد عبدالله دني، وثلاثة زعماء أحزاب معارضة هم زعيم حزب ودجر، عبد الرحمن عبد الشكور ورسمي، وزعيم حزب دن قرن، السفير طاهر محمود جيلي.
وسعى المجتمع الدولي للعمل على إنجاز الانتخابات في الصومال، معتبرا أن تأخيرها سيؤدي إلى الإخفاق فى مكافحة حركة الشباب التي تخوض تمردا في البلاد منذ 15 عاما.
وقد أدى نجاحه في الانتخابات إلى نوع من الاستقرار السياسي في الصومال الفيدرالي حيث كانت الفترة السابقة له مليئة بالأحداث شديدة التوتر من مجابهات قبلية واستهداف للمعارضة واختلاط الجيش بالسياسة وهو ما كان سيؤدي إلى دخول الصوماليين في نفق مسدود وحقبة جديدة من الحكم العسكري.
من هو الرئيس الجديد للصومال ؟
"حسن شيخ محمود"، المولود عام 1955 في مدينة جلالقسي بمحافظة هيران وسط البلاد، ليس بجديد على الساحة الصومالية.
فالرئيس الجديد ، ينحدرمن قبيلة هوية، وهى واحدة من كبريات القبائل الصومالية.
وهو أحد أبناء الطبقة المدنية المثقفة في البلاد، بوصفه ناشطًا اجتماعيًا وأستاذًا جامعيًا، أكمل تعليمه الأساسي في هيران قبل أن يلتحق بالجامعة الوطنية في العاصمة مقديشيو ويتخرج فيها عام 1981، ليضع أقدامه على أعتاب السلك الوظيفي معلمًا بإحدى المدارس الثانوية الفنية.
حصل على درجة الماجستير من جامعة "بي هوبل" في الهند عام 1986، ثم عاد محاضرًا بالكلية الفنية لتدريب المعلمين بالصومال، وفي عام 1988 تم ترشيحه للعمل كخبير في مشروع تنفذه منظومة "اليونيسكو" لتطوير التعليم في الصومال، وبعد اشتعال الحرب الأهلية عام 1990 نشط في القطاع المدني والتعليمي، حيث شارك مع اليونيسيف في إعادة إحياء قطاع التعليم جنوب ووسط البلاد.
ومع بداية 1995 وفي أعقاب وقف الأمم المتحدة لنشاطها في الصومال، تحول شيخ محمود إلى العمل السياسي، فكان من أبرز مؤسسي جماعات الضغط من أجل بدء حوار سياسي بين الفصائل الصومالية المتنازعة، وأسفرت تلك الجهود عن تهدئة نسبية في مستويات التوتر المتصاعدة التي دفع الصوماليون ثمنها غاليًا جدًا.
وفى عام 1999 أسس برفقة بعض زملائه فى المعهد الصومالي للتنمية والتطوير الإداري، أول مؤسسة تعليمية تعني بتكوين الإداريين والفنيين لإعادة إعمار البلاد، وأصبح أول عميد لها، كما أنجز عدة بحوث في قطاع إعادة الإعمار خلال عمله في مركز البحوث والحوار (CRD) منذ عام 2001.
ثم أصبح مديراً لمركز البحوث والحوار لشؤون المجتمع المدني عام 2004، وفي العام التالي اختير لقيادة منتدى المجتمع المدني المؤلف من مجموعة من الشبكات والائتلافات الشبابية في مختلف قطاعات الأعمال، ومنذ عام 2007 أصبح ممثل للعديد من المنظمات الدولية والمحلية داخل الصومال، منها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف والمؤسسة الدولية لتحالف بناء السلام وجامعة أكسفورد ومعهد الحياة والسلام ووزارة التنمية الدولية البريطانية.
وقد تم اختياره ضمن أكثر 100 شخص تأثيرا في الصومال خلال 2013.
وُوصف الرئيس حسن شيخ محمود بـ "الإسلامي المعتدل" وكانت تربطه علاقات قوية مع "حركة الإصلاح"، أحد أفرع جماعة الإخوان المسلمين في الصومال، كما كان قريبًا من "اتحاد المحاكم الإسلامية".
وفى عام 2010 أسس الأكاديمي حسن شيخ محمود "حزب السلام والتنمية"، ليصبح أول حزب معارض في البلاد، وخاض أول تجربة انتخابية له عام 2012 واختاره البرلمان الصومالي رئيسًا للجمهورية الصومالية في 10 سبتمبر2010.
وظل شيخ محمود رئيسًا للبلاد حتى فبراير 2017، ولكنه خسر أمام محمد عبدالله فرماجو، وتميزت فترة حكمه بالاستقرار النسبي.
وعقب خسارته أمام محمد عبد الله فرماجو، انتقل إلى صفوف المعارضة في النظام الجديد، وقاد معركة سياسية من خلال حزبه "اتحاد السلام والتنمية" داخل البرلمان، مستفيدًا من الثغرات التي وقع فيها الرئيس فرماجو وحكومته التي عززت من شعبية المعارضة ودفعت الشارع الصومالي إلى التغيير، آملًا في نظام أكثر مرونة وقدرة على إحداث الفارق وتحسين الأجواء ونزع فتيل الأزمة وتبريد التوتر السياسي بين الفصائل والقوى.
وذكر الرئيس المنتخب، حسن شيخ محمود، في برنامجه الانتخابي، أن البلاد يوجد فيها ثلاثة رؤى أو تيارات، فأحد هذه التيارات، هو التيار المتشدد، والذي استحل أتباعه جميع الحرمات الإسلامية والإنسانية، وتيار آخر يؤمن بالحكم بقوة السلاح والحلول العسكرية، بينما التيار الذي يمثله الرئيس الحالي هو التيار التوافقي الذي يعمل على إرساء الحكم بشكل مقنع وتوافقي مع المكونات السياسية الصومالية بالإضافة لمراعاة المصالح المشتركة مع دول الجوار.
كما أضاف في خضم حديثه أنه قد أنشأ العديد من المرافق الوطنية والمؤسسات الإجتماعية خلال فترة ولايته السابقة بين 2012 و2017م بالإضافة إلى المرافق الخدمية كمطار مقديشيو الدولي وغيره من المؤسسات في بقية الأقاليم.
وقد وعد الرئيس بتقوية النظام الفدرالي وأن يكون التوافق الشامل هوأساس الدولة الفيدرالية الصومالية، كما وعد بالعمل على رفع دخل الدولة بالطرق المشروعة والاكتفاء ذاتيا عن المعونات الخارجية والتي يخطط لها بأن تكون مقتصرة على مشاريع إعادة إعمار الصومال دون بقية النفقات والمصاريف الحكومية.
أما بالنسبة للسياسة الخارجية فقد أوضح الرئيس أنها ستكون قائمة على مبدأ السلام الدولي في المقام الأول حيث تعهد بأن ألا يكون هناك عدو خارجي للصومال وأن يكون الهدف الأول لهم الحيلولة دون أي تحركات قد تهدد أمن الدول من الداخل الصومالي، وأن تكون العلاقات بناءة ومهنية مع الدول الشقيقة والدول الصديقة للصومال خصوصاً مثل دولة جيبوتي الشقيقة وهو ما ينم عن السياسة التوافقية التي يتبعها الرئيس المنتخب حاليا في الشؤون الخارجية.
دلالات هامة لفوز شيخ محمود :
مثّل فوز حسن شيخ محمود بالانتخابات الرئاسية في الصومال مفاجأة لدى الكثيرين، ومن ثم تعكس هذه النتائج جملة من الدلالات المهمة، والتي يمكن عرضها على النحو التالي:
- دعم داخلي وخارجي واسع : ينتمي حسن شيخ محمود إلى عشيرة "الهوية"، إحدى أكبر القبائل الصومالية، كما أنه يقود حزب "الاتحاد من أجل السلام والتنمية"، حصل على دعم المرشح الرئاسي ورئيس ولاية بونتلاند، سعيد دني، في الجولة الثالثة، كما تمكن من حشد عدد كبير من أصوات المرشح الرابع، حسن خيري، وهو ما يكشف عن حدوث توافقات بينهما خلال الفترة الماضية.
ومن ناحية أخرى، ألمحت بعض التقارير إلى دور الخطاب التصالحي الذي تبناه حسن شيخ محمود في حشد أصوات الكثير من الحلفاء السابقين لفرماجو، خاصةً من عشيرتي "راهانوين" و"دير".
كذلك، يبدو أن هناك دعماً إقليمياً ودولياً واسعاً لشيخ محمود، حيث ألمحت بعض التقديرات إلى أن ثمة علاقات واسعة تربط الأخير ببعض القوى العربية والأفريقية التي ربما تكون لعبت دوراً كبيراً في تعزيز فرص حسمه المنافسة، فضلاً عن علاقاته الدولية الواسعة، خاصةً بالولايات المتحدة والغرب.
- تراجع دور المال السياسي: لم يلعب المال السياسي دوراً حاسماً في هذه الانتخابات، على الرغم من حصول فرماجو على أموال واسعة من قطر لدعم حملته الانتخابية، فقد أشار تقرير صادر عن مركز "أفريكا كونفيدينشيال" (Africa Confidential) إلى أن هذه الأموال مكنّت فرماجو من دفع أموال لشراء أصوات بعض النواب، بلغ بعضها 150 ألف دولار للبعض، فيما حصل آخرون على ما يتراوح بين 10 – 20 ألف دولار، بينما حصل آخرون على مبالغ أقل.
تحديات تواجه الرئيس الجديد :
هناك العديد من التحديات التي سيواجهها الرئيس الصومال الجديد، يتعلق بعضها بملف الانقسامات السياسية الراهنة، والتي أفرزتها الصراعات التي نجمت عن تمسك الرئيس السابق، محمد عبد الله فرماجو، بالسلطة، خاصةً أن هذه الانقسامات امتدت لهياكل الدولة وأجهزتها المختلفة.
كما أضحت مؤسسات الدولة تتضمن الكثير من العناصر الموالية لفرماجو، والتي يمكن أن تهدد أي سياسات يسعى شيخ محمود لتنفيذها، فضلاً عن التحديات المتعلقة بالتصاعد المستمر في نشاط حركة الشباب.
وكذا التحديات الخاصة بالسياسة الخارجية للصومال، ومحاولة تحسين علاقات الصومال مع الدول الأجنبية، التي تأثرت كثيراً في ظل ولاية فرماجو. ومن بين التحديات أيضاً التي ربما تواجه الرئيس الصومال الجديد مدى قدرته على تحقيق التوافق بين القوى السياسية المتنافسة.
حيث يعاني الصومال، منذ أواخر 2020، حالة من الاحتقان السياسي، نتيجة خلافات بين الحكومة من جهة، ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى، حول بعض التفاصيل المتعلقة بآلية إجراء الانتخابات، فقد تسبب قرارالرئيس محمد عبدالله فرماجو، بتمديد ولايته عامين بأزمة سياسية انتهت بتراجعه عن القرار.
وقد أدخل فرماجو البلاد في حالة استقطاب شديدة في ظل عدد من القرارات المتخبطة خلال العامين الأخيرين، ودخول في صدامات مع رئيس الحكومة، للإطاحة به، لكن محاولات مرفاجو، انتهت بالفشل، في ظل دعم محلي ودولي واسع لروبلي.
ويعد الوضع السياسي فى الصومال غير مستقرلحد بعيد، ويعاني من تحديات كثيرة منها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية أيضاً .
لأن البرلمان يتم انتخابه عن طريق محاصصات بين عشائرية، تعرف بصيغة 4.5؛ وتقسّم هذه الصيغة الحصص الأربع من مقاعد مجلس النواب والشيوخ على العشائرالأربع الكبرى في البلاد بالتساوي، مع منح بقية العشائر الصغيرة نصف حصة.
وكان المأمول الخروج من هذه الصيغة بانتهاء مرحلة الحكومات الانتقالية في البلاد، لكن الوضع استمر على ماهو عليه، وفرض بدوره انتخاب رئيس البلاد بطريقة غير مباشرة عن طريق البرلمان.
وبالرغم من أن الرئيس السابق ، محمد عبدالله فرماجو، خاض حملته الانتخابية عام 2016 بوعود بشعار"صوت واحد شخص واحد"، لكنه لم ينجح فى ذلك، فى ظل تعقيدات الوضع الصومالى، ولكنه وقّع فى فبراير 2020، قانون انتخابي جديد يؤسس للاقتراع العام المباشر، لكنه جهوده تحطمت على صخرة مقاومة الولايات الفدرالية، والأحزاب السياسية التي رأت أن طرح القانون فى هذا التوقيت تحركه حسابات سياسية ضيقة، وأنه لايعدو عن كونه ذريعة لبقاء فرماجو في السلطة فترة إضافية .
وللتعرف على المشهد الانتخابي الصومالي،عليك أن تعرف أن القوى السياسية فى الصومال تتنافس على أساس عشائري ومناطقي وجهوي، وليس بناء على رؤى وتوجهات سياسية.
كيف يتم انتخاب الرئيس؟
تختلف الانتخابات الرئاسية فى الصومال عن الانتخابات في دول العالم الأخرى، لأنها تعتمد على نظام المحاصصة القبلية، كأساس لانتخاب أعضاء البرلمان بغرفتيه "مجلسا الشعب والشيوخ" بدلا من التصويت الشعبي المباشر الذي أجري لآخر مرة في الصومال عام 1969 إبان الحكم المدني الذي أطاح به العسكر بقيادة الجنرال محمد سياد بري في عام 1969.
وبعد رحيل سياد برى ودخول البلاد فى نفق الحرب الأهلية، توصل الصوماليون في مؤتمر انعقد بجيبوتي عام 2000 على بناء الصومال الجديد، من خلال التوصل إلى تشكيل حكم انتقالي يعتمد على المعادلة القبلية كحل مؤقت لانتخاب أعضاء البرلمان وتوزيع المناصب، وبعد خروج البلاد من المرحلة الانتقالية عام 2012 وتبني الصوماليين دستورا مؤقتا اتفقوا على تجاوز النظام القبلي كمعيار للانتخابات.
ووفق لوائح العملية الانتخابية فإن مجلسي البرلمان الفيدرالي "الشعب والشيوخ" ينتخبان الرئيس حيث تجري الانتخابات وفق نظام معقد غير مباشر تختار بموجبه مجالس المناطق ومندوبون من العشائر وفروعها المشرعين الذين يقومون بدورهم باختيار الرئيس.
وتمرعملية انتخابات الرئيس بـ3 جولات، إلا في حالة حصول أحد المرشحين على ثقة ثلثي أعضاء البرلمان أي 218 صوتا من الجولة الأولى.
وينبغي أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب وأعضاء مجلس الشيوخ (184)، وإذا لم يحصل أي منهم على هذا المجموع في الدورة الأولى يتم تنظيم دورة ثانية يتنافس فيها المرشحون الأربعة الذين جاؤوا في الطليعة.
وإذا لم ينجح أي منهم في هذه الدورة، ينظم اقتراع جديد بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الدورة الثانية، وخلال مراحل الاقتراع، تتبدل استراتيجيات التصويت التي تؤثر عليها الانتماءات العشائرية.
وفي الجولة الثالثة والأخيرة ينتقل المرشحان اللذان حصلا على أكبر عدد ممكن من الأصوات، ثم يفوز بالمنصب المرشح الذي يحصل على نسبة 50 بالمئة +1.
وعادة ما تجرى هذه الجولات الثلاث في يوم واحد، تمهيدا للإعلان عن الرئيس الجديد.
حلم الانتخابات المباشرة:
حلم التوافق على تنظيم انتخابات مباشرة عبر صناديق الاقتراع مطلب الشعب الصومالي ومن ورائه المجتمع الدولي الذي يمول العملية السياسية في الصومال، وكن هذا الحلم لم يتحقق كما كان مقرراً لا في عام 2016 ولا في 2020.
ويرى بعض المراقبين، أن عدم إجراء الانتخابات المباشرة يعود للفشل في تحقيق جملة من الخطوات الهامة وهى إعادة صياغة الدستور، وإجراء الاستفتاء عليه، وإجراء إحصاء سكاني، وتسلم القوات الحكومية الملف الأمني من بعثة الاتحاد الأفريقي الداعمة لها منذ 2007، وتحرير كل المناطق خارج سيطرة الحكومة، إضافة إلى إقناع إقليم أرض الصومال (بالشمال) المنفصل عن الصومال منذ في 18 مايو 1991.
ارتدادات داخلية وخارجية:
من الواضح أن فرماجو تعرض لضغوطات دولية واسعة لتسليم السلطة لشيخ محمود، وهو ما ستكون له تداعيات واسعة داخلية وخارجية يمكن تفصيلها على النحو التالي:
- إعادة إحياء سياسة تصفير المشكلات: اتسمت فترة الولاية الأولى للرئيس الصومالي الجديد، حسن شيخ محمود، خلال الفترة ما بين 2012 و2017، بالاستقرار السياسي لحد كبير، وكذلك تعزيز النظام الفيدرالي في الصومال والتركيز على ملف مكافحة نشاط حركة الشباب الإرهابية، الأمر الذي تمخض عنه تحرير مناطق واسعة من سيطرة الحركة، فضلاً عن شبكة العلاقات الخارجية الواسعة التي نجح في نسجها شيخ محمود.
وفي هذا السياق، من المرجح أن يعيد الرئيس الصومال الجديد تفعيل سياسة تصفير المشكلات داخلياً وخارجياً خلال الفترة المقبلة، وهو ما سينعكس على العلاقة مع إقليم "غدو" بولاية جوبالاند، والذي شهد مواجهات حادة بين إدارة الولاية وفرماجو، حيث عمد الأخير إلى إرسال قوات إلى الإقليم للإطاحة بالإدارة التابعة لجوبالاند. وبدأت إرهاصات هذا الملف تطرح نفسها بشكل سريع، من خلال تصريحات وزير الإعلام في ولاية جوبالاند، سليمان محمد محمود، والذي طالب الرئيس الجديد بإيجاد حل لهذه الإشكالية.
- غموض العلاقة مع روبلي: يثار التساؤل حول مستقبل اتحاد مرشحي الرئاسة، والذي مثّل قوى المعارضة الرئيسة لفرماجو، ويتوقع أن تكون العلاقات بينه وبين الرئيس وثيقة بالنظر إلى كونه أحد أعضاء الاتحاد، ولذا، فمن المرجح أن ينضم جانب منه إلى هياكل السلطة الجديدة.
وفي المقابل، لاتزال هناك شكوك تتعلق بمدى استمراريته على رأس الحكومة بعد تولي شيخ محمود وهناك اتجاهان في هذا الإطار، يرى الأول أن الرئيس الجديد ربما يلجأ إلى تعيين حكومة جديدة، نظراً للعلاقات الواسعة التي يحظى بها روبلي، والتي ربما تخصم من نفوذ شيخ محمود، بيد أن هناك اتجاه آخر يرجح بأن شيخ محمود يرتبط بعلاقات قوية بروبلي، فضلاً عن إمكانية استفادة الأول من خبرات وعلاقات الثاني الداخلية والخارجية المتشعبة، ما قد تنتج عنه توافقات بين الرجلين تعزز من قوة السلطة السياسية والأمنية في مقديشو.
- إعادة هيكلة التحالفات الإقليمية: كانت بعض الأطراف الإقليمية تسعى إلى فوز فرماجو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أبرزها إثيوبيا وإريتريا، بسبب العلاقات الوثيقة التي نسجها فرماجو معهما. واتساقاً مع هذا الطرح، أشارت بعض التقارير إلى أن العلاقات التي تربط شيخ محمود بجبهة التيجراي ربما يعيد بلورة حقبة جديدة من العلاقات بين مقديشو وأديس أبابا، وذلك في مقابل احتمالات تعزيز العلاقات الصومالية – الكينية والتي كانت تراجعت كثيراً خلال فترة فرماجو.
وعزز من صحة هذه التقديرات التصريحات الأخيرة الصادرة عن زعيم الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي، ديبرتسيون جبريمايكل، والذي ألمح إلى أنه يتطلع لتعزيز التعاون المشترك مع شيخ محمود.
- تغيرات محتملة في علاقات الصومال الخارجية: يعتبر شيخ محمود رئيس توافقي، فهو يرتبط بعلاقات قوية بتركيا، لكنه في الوقت ذاته يحظى بصلات قوية مع القوى العربية الرئيسة في المنطقة، وهو ما سيفتح المجال أمام توسيع أشكال التعاون بين الصومال ومحيطه العربي، ومن ثم إعادة تحسين العلاقات بعدما تدهورت كثيراً فترة حكم فرماجو.
ومن ناحية أخرى، يرجح أن تعمد مقديشو خلال إدارة الرئيس الجديد إلى تعزيز ارتباطها بالغرب والولايات المتحدة، على حساب الخطوات التي كان فرماجو قد اتخذها مؤخراً للتقارب مع الصين، وربما يفسر هذا الأمر القرار السريع الذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بعودة الوجود العسكري الأمريكي في الصومال، من خلال إعادة نشر نحو 500 جندي أمريكي في مقديشو. وقدم الرئيس الصومالي الجديد الشكر للولايات المتحدة على قرار إعادة الوجود العسكري إلى مقديشو لمكافحة حركة الشباب.
- تراجع محتمل لنشاط حركة الشباب: نجح شيخ محمود حينما كان رئيساً للصومال، في السابق، في طرد حركة الشباب من العديد من المناطق والبلدات الصومالية، فضلاً عن الدعم الدولي الواسع الذي يحظى به شيخ محمود، والذي انعكس في القرار السريع من قبل الإدارة الأمريكية بعودة الحضور العسكري لواشنطن في مقديشو، فمن المرجح أن تفرز هذه المتغيرات تراجعاً في النشاط الإرهابي لحركة الشباب، وتراجع احتمالات توسيع نطاق انتشارها في مزيد من المناطق بالبلاد، وهو الأمر الذي كان مرجحاً خلال الفترة الماضية في ظل الانقسامات السياسية والأمنية المتزايدة.
التدخل الخارجي :
لاشك أن منطقة القرن الإفريقى تحظى باهتمام كبيرمن قبل القوى الدولية الكبرى، فهذا يجعل الصومال دائما محط أنظار هذه القوى المتصارعة، لكن الملاحظ أن دور القوى الدولية والإقليمية فى الصومال بدأ يتراجع بشكل كبير، لأن حكومة فرماجو، تعاملت بحسم مع التدخلات الخارجية فقامت بقطع العلاقات مع بعض دول الجوار، بسبب ما وصفته بالتدخل في الشأن الداخلي.
كما أن الدور الأمريكى تراجع فى الصومال بشكل كبير منذ عهد الرئيس الأمريكى السابق ترامب، وأمر في العام الأخير من عهدته بسحب قواته من الصومال.
وإن كانت إدارة بايدن، تسعى لإعادة نشر القوات الأمريكية فى الصومال مرة أخرى لكن تدخلها سيكون محدوداً .
كذلك مجموعة شركاء الصومال ، التى تتألف من بعثة الاتحاد الأفريقي"أميصوم"، وبلجيكا، والدنمارك، وإثيوبيا، والاتحاد الأوروبي، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا "إيغاد"، وأيرلندا، وإيطاليا، واليابان، وكينيا، والنرويج، والسويد،وبريطانيا ، وأمريكا، فإنها مولت العملية الانتخابية بمبلغ 36 مليون دولار من أصل 40 مليونًا من ميزانية الانتخابات، وكذلك رواتب قوات "أميصوم" التي تؤدي أدوارًا أمنية في البلاد، في ظل ضعف الجيش الوطني. ومجموعة أصدقاء الصومال تسعى للدفع نحو الاقتراع العام.
العلاقات مع المحيط العربي:
تكمن أهمية انتخابات الصومال، في الكيفية التي ستغير فيها هذه النتيجة العلاقات بين الحكومة الصومالية وبعض الدول العربية، فعلى سبيل المثال، في السنوات الخمس التي قضاها الرئيس السابق محمد عبد الله "فارماجو" في السلطة، لم تكن للصومال علاقة جيدة مع الإمارات العربية المتحدة، وبدلاً من ذلك تمتعت بعلاقة قوية مع قطر.
في يونيو/ حزيران 2017، بدأت أزمة دبلوماسية عربية، حين فرضت الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية والبحرين حصارًا جويًا وبحريًا وبريًا على قطر، وكانت الصومال عالقة في المنتصف، وعلى الرغم من أنها قالت علنًا إنها اتخذت موقفًا محايدًا، يُعتقد أن الحكومة عملت عن كثب مع قطر.
وعلى سبيل المثال، سمحت الصومال للخطوط الجوية القطرية باستخدام المجال الجوي لها، وهو أمر جيد لقطر لأنه وفر طريقًا أقصر لشركة الطيران المحاصرة في أماكن أخرى في إفريقيا والشرق الأوسط وعندما فرضت الإمارات ومصر والمملكة العربية السعودية والبحرين حصارًا جويًا وبحريًا وبريًا على قطر، سمحت للخطوط الجوية القطرية باستخدام المجال الجوي لها، وهو أمر جيد لقطر لأنه وفر طريقًا أقصر لشركة الطيران المحاصرة في أماكن أخرى في إفريقيا والشرق الأوسط.
ومع ذلك، فإن موقف الحكومة من الأزمة لم يمنع ولايات داخل الحكومة الفيدرالية من إقامة علاقات خاصة مع الإمارات، وقد تسبب ذلك في شقاق كبير وتصاعد العداء بين الحكومة الفيدرالية والولايات.
وفي 2018 صادرت الحكومة الصومالية 9.8 مليون دولار في المطار الدولي، وكانت مصدر هذه الأموال من الإمارات العربية المتحدة، ووفقًا لمصادر حكومية، كان الهدف من ذلك التأثير على تصويت بحجب الثقة عن رئيس مجلس النواب الذي كان في صراع على السلطة مع السلطة التنفيذية الرئيس ورئيس الوزراء.
وتمت الإطاحة برئيس البرلمان في النهاية، وانتهى الأمر بالمال في حساب الحكومة في البنك المركزي.
وقبل بضعة أشهر، حاول رئيس الوزراء المنتهية ولايته إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة، بل وأمر بالإفراج عن الأموال، لكن الرئيس رفض ذلك.
وتعرضت مشاريع الموانئ الضخمة في دولة الإمارات العربية المتحدة في بونتلاند وأرض الصومال لضغوط من الحكومة الفيدرالية.
لذا، فإن الرئيس حسن شيخ محمود لديه فرصة هائلة لتحسين العلاقات بشكل أكبر.
ويقول محللون إنه كان متكيفًا مع جميع الدول العربية خلال فترة ولايته الأولى، ولن يكون من الصعب عليه إقامة علاقة عمل مع الدول العربية.ام،وعدم قبول الاقتراع غير المباشر.
وبشكل عام .. لاشك أن النجاح فى تنظيم الانتخابات الرئاسية فى الصومال سيكون له ما بعده سواء من حيث الفيدرالية الصومالية الشاملة لكافة الأقاليم بمافيها صومليا لاند أومن حيث تحسن الأوضاع الاقتصادية، أومن حيث العلاقات الخارجية ، وتبقى كلها مجرد توقعات،وسيبقى تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس الجديد هو معيار النجاح أوالفشل خلال هذه المرحلة.