"كعب" الجيش أعلى ولا مجال للمنافسة.. القطاع الخاص المصري يحتضر!
الاثنين - 14 نوفمبر 2022
- أصحاب الشركات والمصانع يعيشون كارثة حقيقية بسبب استحواذ الجيش على 60% من الاقتصاد
- القطاع الخاص يعجز عن منافسة الجيش في ظل إعفاء شركاته من الضرائب وتمتعه بحوافز غير مسبوقة
- إمبراطورية الجيش توغلت في كل شئ وتشرف على 2300 مشروع يعمل بها 5 ملايين مدني بخلاف العسكريين
- القطاع الخاص يمتلك 3.741 مليون منشأة بنسبة 99.96% من الأنشطة الصناعية والتجارية بمصر
- 12.583 مليون مصري يعملون في القطاع الخاص بنسبة 93.5% من إجمالي عدد المشتغلين
- تراجع القطاع الخاص يتسارع منذ بداية عام 2020 بسبب تقليل حوافزه .. وانحسار عدد الشركات
- استمرار تراجع القطاع الخاص المصري سيجبر المزيد من شركاته على الإغلاق
- 2022 العام الأسوأ للقطاع الخاص.. أزمة طاحنة في الدولار وقيود على الاستيراد وتراجع القوة الشرائية
- بسبب الضغوط التضخمية.. القطاع الخاص غير النفطي يعاني من الركود على مدار العامين الماضيين
- ممدوح الولي : 2021 شهد انزلاق الاقتصاد في مصيدة الديون الخارجية واختناق القطاع الخاص
- حبس رجال الاعمال من أمثال صفوان ثابت والسويركي و راتب زاد من تراجع الأعمال الخاصة
- استمرار ارتفاع التضخم وبلوغه 16% أثر بقوة على نشاط القطاع وحكومة السيسي وقفت عاجزة
- انتقادات حادة للحكومة للمطالبة بفتح باب الاستيراد لمدخلات الإنتاج بعد أن تعطلت آلاف المصانع
إنسان للإعلام- خاص
مقدمة
بالرغم من الوعود البراقة التي أطلقها السيسي ورئيس حكومته خلال المؤتمر الاقتصادي الأخير بالعاصمة الإدارية في نهاية اكتوبر 2022 ، حول فتح المجال امام القطاع الخاص ليشارك بشكل قوي في الانشطة الاقتصادية، إلا ان الواقع يؤكد أن هذا القطاع يعيش أزمات غير مسبوقة، في ظل الانكماش المستمر للشهر 22 على التوالي وذلك بحسب تقرير مديري المشتريات التي تصدره "ستاندرد آند بورز" .
وقد تعرضت شركات ومؤسسات لقطاع الخاص لسلسة من القرارات الحكومية، التي جعلته يمر بأسوأ مراحله التاريخية، ومنها التعويم الثالث للجنية وانهيار العملة الوطنية وشح الدولار، واستمرار ارتفاع التضخم المصاحب للركود بالأسواق، والرفع المستمر للدولار الجمركي، وتقييد الاستيراد.
ذلك بخلاف المنافسة غير المتكافئة مع مؤسسات الجيش الاقتصادية، والتي ابتلعت أكثر من 60% من كعكعة الاقتصاد المصري.
من خلال محاور هذه الدراسة نرصد حجم مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد المصري، وكيف تأثر في عهد السيسي سلبا بالسياسات الاقتصادية، واثر التضخم عليه وعدم قدرته على المنافسة أمام النشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية.
المحاور
- حجم مساهمة القطاع الخاص بالاقتصاد المصري
- مأزق القطاع الخاص.. أزمة الدولار تهوي بالإنتاج
- ارتفاع التضخم وأثره على القطاع الخاص
- خيارات الحكومة المصرية لوقف "انهيار" القطاع الخاص
- الاقتصاد العسكري والمنافسة غير المتكافئة
- حجم مساهمة القطاع الخاص بالاقتصاد المصري
لعب القطاع الخاص دورا هاما و كبيرا في الاقتصاد المصري؛ على مر التاريخ.
وقد أكدت دراسة حديثة أعدها المركز المصري للفكر والدراسات، أن القطاع الخاص يضم نحو 3.741 مليون منشأة بنسبة 99.96% من إجمالي عدد المنشآت، ويعمل به نحو 12.583 مليون مشتغل بنسبة 93.5% من إجمالي عدد المشتغلين بإجمالي، أجور تقدر بحوالي 266.1 مليار جنيه بنسبة 74.2%، وذلك وفقًا لبيانات أحدث تعداد اقتصادي عام 2017/2018.02/09/2022
ولفتت الدراسة إلى أنه تشير بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى ارتفاع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2016/2017 وحتى عام 2020/2021، فوصلت نسبة مساهمته إلى 73.3% عام 2020/2021 بالرغم من تعرضه للضغوط وعدم قدرة المنافسة في ظل المميزات التي تستولى عليها شركات ومؤسسات الجيش الاقتصادية .
وقد شهدت مشاركة القطاع الخاص في الاقتصادي المصري، تراجعا مستمرا منذ بداية عام 2020، بسبب الضغوط المستمرة عليه، وتقليل حوافزه، وأكدت مؤسسات دولية ان الاستمرار على هذا الحال سيجبر كثير من شركات القطاع الخاص على الاغلاق . "1"
وأشارت الدراسة إلى أن العلاقة بين القطاعين العام والخاص عددًا من المراحل المتباينة؛ فخلال السنوات الأولى من الألفية الجديدة تقاربت مستويات الاستثمار بين كلا القطاعين، ثم ارتفعت نسب الاستثمارات الخاصة بشكل تدريجي ليقود القطاع الخاص النشاط الاقتصادي بدءًا من عام 2005/2006 حتى 2015/2016، ثم عادت للتراجع نتيجة توسع نشاط الجيش ، وتراجع حوافز القطاع الخاص، و أزمة جائحة كورونا.
ووفقًا لبيانات التعداد الاقتصادي لعام 2017/2018 فإن نسبة المشتغلين بالقطاع الخاص تقدر بنحو 93.4% مقابل 6.6% بالقطاع العام وقطاع الأعمال العام. ويستحوذ قطاع تجارة الجملة والتجزئة على 39.6% من العاملين بالقطاع الخاص، يليه قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 24.1%.
ومؤخرا أعلنت حكومة السيسي تخطط لتصل نسبة مشاركة القطاع الخاص إلى 65% من إجمالي الاستثمارات المنفذة خلال ثلاث سنوات، وهذا مالم يحدث بالمرة حتي الآن.
وفتحت وثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي يتم فيها تحديد الأنشطة الاقتصادية التي تتخارج منها الدولة تخارجًا كليًا، والقطاعات التي تشهد تخفيض أو تثبيت الاستثمارات الحكومية الموجهة إليها، أبواب الامل امام المستثمرين، ولكن كانت المفاجأة ان كلها توجهت الي مستثمرين خليجيين وفي مقدمتهم الإمارات والسعودية، في حين أن القطاع الخاص المصري خرج بخفي حنين من هذه التقسيمات. "2"
- مأزق القطاع الخاص وأزمة الدولار
منذ مطلع العام الجاري 2022، يعيش القطاع الخاص ازمة طاحنة، وعلى رأسها شح الدولار وانخفاض القوة الشرائية للمصريين وقيود الاستيراد. هذا الثالوث يدفع القطاع الخاص غير النفطي إلى البقاء في منطقة الركود وتراجع النشاط للشهر الـ22 على التوالي.
ووسط عجز حكومي عن وقف نزيف العملة المحلية، تراجع الجنيه المصري إلى أدنى مستوى على الإطلاق مقابل الدولار، والذي سجله عام 2017، عندما وصل إلى 19.56 جنيها، حيث فقد منذ مارس/ آذار الماضي، نحو 25% من قيمته وبلغ الدولار في السوق الرسمية نحو 19.70 جنيها.
ويتوقع محللون أن يستقر نهاية نوفمبر/ تشرين 2022 عند 25 جنيها أمام الدولار، بينما تراجعت جميع العملات الرئيسية بقوة أمام الدولار في الشهرين الماضيين، على خلفية رفع سعر الفائدة عليه 5 مرات خلال العام الجاري.
وقبل أسابيع، اندفعت الحكومة نحو تقييد الاستيراد وزيادة الاقتراض من أجل حل أزمة النقد الأجنبي، إلا أن العملة المحلية واصلت تهاويها.
وكشف مؤشر مديري المشتريات الذي تصدره "ستاندرد آند بورز"، عن ثبات المؤشر عند 47.6 نقطة لشهر سبتمبر2022 ، أقل من مستوى 50 نقطة، التي تفصل بين النمو والانكماش، بسبب الضغوط التضخمية المستمرة، والقيود المفروضة على الواردات، وضعف طلب العملاء.
وأكد المؤشر التراجع الحاد في الإنتاج وتنفيذ الأعمال الجديدة، مع ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج بمعدلات ملحوظة، وانخفاض حاد في طلب العملاء في ظل ارتفاع الأسعار وتزايد حالة عدم اليقين. وذكر المؤشر أن التحركات غير المؤاتية لأسعار الصرف مقابل الدولار الأميركي، وارتفاع أسعار عدد من مستلزمات الإنتاج، أدت إلى زيادة أسرع في أسعار مستلزمات الإنتاج الإجمالية، بما دفع الشركات إلى رفع أسعار البيع.
كان المؤشر قد رصد ارتفاعا ملحوظا في أسعار السلع، بداية من أشهر يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز وأغسطس/ آب، بعد ترحيل مديري الشركات للزيادات الطارئة على قيمة مستلزمات الإنتاج التي نتجت عن تراجع قيمة الجنيه، وزيادة الدولار الجمركي، ووجود موجات متتالية من زيادة أسعار الخدمات والطاقة والوقود، والغاز، بما رفع الأسعار بالمصانع، بمتوسط يتراوح ما بين 30 إلى 40%، عن أسعار البيع في مارس الماضي.
وقال رئيس لجنة الطاقة بجمعية رجال الأعمال المصريين محمد هلال لـصحيفة"العربي الجديد" إن جميع الشركات وخاصة الصناعية ما زالت تعاني من آثار تقييد حركة الاستيراد من الخارج، لأنه لا توجد صناعة تستطيع أن تستغني عن مستلزمات الإنتاج.
وأكد هلال أن الإجراءات التي وعد وزير المالية، محمد معيط، في سبتمبر الماضي، بتنفيذها والخاصة بالإفراج عن مستلزمات الإنتاج والسلع الحيوية التي وصلت إلى الموانئ، لم تنفذ على أرض الواقع، بما أدى إلى استمرار التحديات التي تواجهها كافة الشركات.
وأضاف أن مشكلة مصانع الأعلاف التي تحتاج لفول الصويا الموجود في الموانئ، لم تحل، رغم أن المصانع في سبيلها للتوقف تماما عن العمل. وتبلغ استثمارات صناعة الأعلاف والدواجن 100 مليار جنيه، ويعمل بها 3 ملايين نسمة.
وبين صعوبة موقف الشركات، التي تضررت وارداتها بالموانئ، من دفع غرامات وأرضيات، لشركات أجنبية، ومصروفات تنفق بشكل غير مؤسسي لا تستفيد منها الدولة، بما يضطرها إلى تحميل قيمة هذه التكاليف على المنتجات، ومع ذلك لم تخرج البضائع، إلا بطرق غير رسمية، لأن النظام المؤسسي الذي وعدت به الحكومة لم ينفذ بعد.
ودعا هلال إلى سرعة حسم الحكومة في إخراج خامات المصانع، محذرا من توقفها لأن المصنع الذي يتوقف عن العمل يصعب تشغيله مرة أخرى بسهولة.
ويفسر عضو الشعبة العامة بالغرف التجارية، عمرو عصفور، تراجع الصادرات وفقا لمؤشر مديري الشركات، بأنه نتيجة طبيعية في ظل استمرار القيود المشددة على الواردات، وعدم توفير مستلزمات الإنتاج، وخاصة للمصانع.
وقال عصفور لصحيفة "العربي الجديد" إن الصناعات الغذائية على سبيل المثال تستورد ما بين 80% - 85% من مستلزماتها من الخارج، حتى المنتجات النهائية تأتي أغلب مكوناتها من السوق الدولية، فمن أين تنتج المصانع، لتوفر حاجات السوق المحلية وتدفع بحصص إضافية للسوق الدولية؟
في السياق ذاته، أوضح تقرير مديري المشتريات التي تصدره "ستاندرد آند بورز" تدهور أداء الموردين، وزيادة مواعيد التسليم للمنتجات، بشكل شهري، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، مبينا أن الشركات ربطت تأخير التوريد بالقيود المفروضة على الموانئ ونقص المواد والمخزون.
ورغم تحسن النظرة المستقبلية لنشاط الأعمال غير النفطي، وفقا للمؤشر، فقد ظل مستوى الثقة أقل بكثير في الاتجاه طويل المدى، ومن بين أضعف المستويات في تاريخ سلسلة التقارير التي تصدرها "ستاندرد آند بورز"، بما يدعو إلى ضرورة تحسين ظروف الاقتصاد الكلي، في الأشهر المقبلة."3"
وأكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي أن عام 2021 شهد انزلاق الاقتصاد المصري في مصيدة الديون الخارجية، حتى أصبح يقترض لسداد أقساط وفوائد القروض السابقة، كما توسع في الاقتراض الداخلي من خلال سندات الخزانة، وحافظ على استمرار سعر الفائدة المرتفع جذبا للأجانب لشراء أدوات الدين الحكومي، وهو ما أدى إلى زيادة فوائد الدين الحكومي حتى أصبحت تستحوذ على نسبة 40 من مصروفات الموازنة الحكومية، مما أثر بشكل عام على القطاع الخاص .
كما شهدت البورصة أداء ضعيفا بالمقارنة بأداء البورصات العربية والأوروبية خلال العام، واستمرت ظاهرة الخروج الطوعي للشركات من القيد بالبورصة، حتى أصبح عدد الشركات المقيدة 218 مقابل 222 شركة قبل خمس سنوات، ويستعد بنك الكويت الوطني للشطب الاختياري. ونفس الانخفاض كان لعدد الشركات المقيدة ببورصة الشركات الصغيرة (النيل) لتصبح 27 مقابل 32 شركة، وعادت الطروحات الخاصة والعامة لتساهم في رفع القيمة السوقية للأسهم المقيدة.
وظلت الثقة ضعيفة في البيانات الحكومية في ظل المناخ البوليسي الذي يهيمن على البلاد، والذي هاجم بضراوة أحد أبرز خبراء الاقتصاد عندما شكك في معدلات النمو التي تعلنها الحكومة، والتي تتناقض مع الانكماش الذي يعيشه القطاع الخاص، وانتقاده استمرار سعر الفائدة المرتفع من أجل جذب الأموال الساخنة على حساب الاستثمار المحلي، ووصل الأمر إلى حد المطالبة بمحاكمته لولا أنه كان شقيقا لوزير قطاع الأعمال العام الحالي. وهو الهجوم الذي طال أحد كبار رجال الأعمال عندما انتقد المنافسة غير المتكافئة في السوق، بين الجيش والقطاع الخاص، حيث ذكر أن الجيش لا يدفع ضرائب ولا جمارك ويستخدم عمالة رخيصة.
ومن هنا، فقد أحجمت جمعيات رجال الأعمال أو المراكز البحثية أو الإعلام الاقتصادي عن التعليق على معدلات النمو التي زُعم أنها حققت 9.8 في المائة بالربع الثالث من العام، وبلوغ معدل البطالة 7.5 في المائة بالربع الثالث من العام رغم حالة الركود بالأسواق انخفاض القوى الشرائية، والزعم ببلوغ نسب التضخم في الحضر 5.6 في المائة بشهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، وهو ما يتنافى مع ارتفاع الأسعار عالميا وانتقال ذلك الأثر محليا، والذي أدى إلى زيادة الحكومة لأسعار عدد من سلع البطاقات التموينية، ورفع سعر البنزين ثلاث مرات خلال العام، ورفع سعر أسطوانات الغاز المنزلية والتجارية وسعر الغاز الطبيعي للسيارات ولعدد من الصناعات، وسعر المازوت، كما زاد سعر الكهرباء، مع استمرار الجهات الحكومية في رفع رسوم الخدمات التي تقدمها واستمرار فرض الضرائب، كما حدث مع أجهزة التلفون المحمول والتجهيز لفرض ضريبة قيمة مضافة على عدد من الخدمات.
وظلت حالة الانكماش تهيمن على نشاط القطاع الخاص حسب مؤشر مدير المشتريات ، واستمر تحفظ القطاع الخاص في ما يخص التوسعات بالشركات وكذلك بالاستثمارات الجديدة، مع استمرار حبس عدد من كبار رجال الأعمال ، ومنهم الرئيس السابق لشركة جهينة، وكذلك صاحب جامعة سيناء، أيضا صاحب محلات التوحيد والنور التجارية، وبالطبع ساعد ذلك في تراجع قيمة الاستثمار الأجنبي في النصف الأول من العام وهي آخر بيانات متاحة
وربما كان ذلك سببا في تغير لهجة الجنرال المصري عن القطاع الخاص، بعد أن كان يشيد بأداء الجيش بما لديه من انضباط وسرعة في التنفيذ، حيث أشاد بدور القطاع الخاص بالمقارنة بأداء قطاع الأعمال العام، ودعاه للمساهمة في المشروعات، وصدرت تعديلات لقانون المشاركة الذي يسمح للقطاع الخاص بإقامة مشروعات البنية التحتية.
كما تم دفع أحد المستثمرين الموالين للنظام لبيع حصته بشركة حديد المصريين المملوكة للجيش إلى رجل الأعمال أحمد عز، صاحب عدد من شركات الحديد والسيراميك، خاصة بعد الخسائر التي تعرضت لها مصانع الأسمنت بسبب زيادة المعروض عن الطلب، وإسناد الجنرال مهمة تنفيذ عدد من الطرق لشركات خاصة على الهواء في أحد الاحتفالات."4"
وقد اكد تقرير لموقع "DW" الالماني إن سياسة الاعتماد على القروض الخارجية ينبغي أن تكون أكثر حذرا في المستقبل لصالح تشجيع القطاع الخاص المصري على استثمار أمواله في مشاريع الدولة وممارسة مختلف أشكال النشاط الاقتصادي فيها، بما في ذلك المشروعات الكبيرة التي تساهم في تحديث البنية التحتية. ومن المفارقات هنا أن الحكومة المصرية تؤكد في مختلف المناسبات على ضرورة تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد من 30 إلى 50 بالمائة خلال سنوات قليلة، غير أن سياسات العراقيل المتبعة تجاهه حتى الآن لا تسمح بذلك. وهنا يطرح السؤال التالي نفسه، كيف للقطاع المذكور أن يساهم في 50 بالمائة إذا بقي نشاطه خارج القطاعات الرئيسية؟ "5"
وفي يوليو 2022، أوضح التقري الصادر لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أن الشركات شهدت تراجعا في الطلب بسبب الارتفاع الحاد في الأسعار وانخفاض سعر الجنيه ونقص المواد.
في الوقت نفسه، أشارت أحدث بيانات تقرير مؤشر مدراء المشتريات إلى أسرع ارتفاع في تكاليف مستلزمات الإنتاج في ما يقرب من 4 سنوات، مما أدى إلى تسارع ملحوظ في معدل تضخم أسعار البيع، وفقا لبيان الشركة.
وقال التقرير إن الشركات قللت بشكل كبير من نشاطها ومشترياتها من مستلزمات الإنتاج مع انخفاض الأعمال الجديدة بشكل حاد، والتقارير التي تفيد بأن الظروف الجيوسياسية المعاكسة قللت من توافر السلع الأساسية، وسجل مؤشر مدراء المشتريات الرئيسي "PMI" في مصر 45.2 نقطة في شهر يونيو مقابل 47 نقطة في مايو الماضي، وكانت هذه القراءة هي الأدنى منذ شهر يونيو 2020 خلال الموجة الأولى من جائحة كوفيد 19، وأقل من متوسط السلسلة البالغ 48.2 نقطة ، وانخفض اثنان من أكبر مكونات مؤشر مدراء المشتريات، وهما مؤشرات الإنتاج والطلبات الجديدة، إلى أدنى مستوياتهما منذ الربع الثاني من عام 2020 في شهر يونيو، مسجلين تقلصات ملحوظة في كل من النشاط والمبيعات، بحسب التقرير
أوضح التقرير إنه نتيجة لذلك، ارتفعت أسعار المنتجات بأقوى معدل منذ شهر فبراير 2017، مع زيادة التضخم على أساس شهري هو الأكبر منذ شهر أبريل 2011.
وقال ديفيد أوين الباحث الاقتصادي في ستاندرد آند بورز ماركت: "عانت الشركات المصرية من تباطؤ حاد في الأعمال الجديدة في شهر يونيو 2022، مما أدى إلى أقوى تدهور في الظروف الاقتصادية منذ تطبيق إجراءات كوفيد 19 في الربع الثاني من عام 2020".
وأضاف: "جاء الانخفاض الحاد في معدل الطلب بسبب ارتفاع التضخم وتشديد السياسة النقدية، حيث أدى قرار البنك المركزي في شهر مايو بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، استجابة لارتفاع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلى زيادة تكلفة استيراد السلع"
وذكر أوين: "نتيجة لذلك، رفعت الشركات أسعار البيع بأسرع معدل منذ شهر فبراير 2017، في مقابل زيادات متواضعة في الأشهر الخمسة الأولى من العام. وأشار الارتفاع الحاد إلى أن الشركات كانت مستعدة لنقل جزء أكبر من تكاليفها إلى العملاء وسط تراجع الآمال في أن تؤدي الخصومات إلى تحفيز انتعاش الطلب".
وأشار التقرير أن الشركات المصرية استمرت في مواجهة قيود العرض في شهر يونيو، حيث أدت الحرب في أوكرانيا وعمليات الإغلاق في الصين إلى تفاقم الصعوبات في الحصول على المواد الخام ، وأشار إلى أنه نتيجة لذلك طالت مواعيد تسليم الموردين إلى أقصى حد منذ شهر فبراير 2017، في حين ارتفعت الأعمال المتراكمة لأول مرة منذ 6 أشهر."6"
- ارتفاع التضخم وأثره على القطاع الخاص
من أخطر ما يواجه القطاع الخاص في مصر مؤخرا ، ارتفاع معدلات التضخم ، الذي تسبب في ارتفاعًا حادًا في تكاليف مواد الخام، مما دفعها لرفع أسعار بيع المنتجات وهو ما أدى لخفض الطلب على منتجاته .
وتظهر بيانات الحكومة أن أسعار المبيعات ارتفعت بشكل حاد منذ منتصف الربع الرابع في 2021 مع ارتفاع التضخم .
وكان معدل التضخم السنوي بلغ 7.3%في نهاية العام الماضي 2021، بينما ارتفع الان الي قرب 16% .
وفي ظل تراجع المبيعات بسبب الأثار التضخمية لجأت الشركات إلى تخفيض النشاط الشرائي مرة أخرى، وأدت مشاكل الإمداد العالمية إلى تدهور أداء الموردين لأول مرة منذ شهر يونيو 2022.
وبدأت أعداد العمالة في الانخفاض في منتصف الربع الرابع من العام 2022 ، وأشارت الشركات إلى أن الانخفاض المستمر في الطلبات الجديدة قلل من أعباء العمل ودفعهم لترك الوظائف الشاغرة كما هي.
وأدى ارتفاع توقعات التضخم إلى أن يكون النشاط الاقتصادي خلال العام 2022 طفيفًا، كما تراجع مستوى الثقة بشكل عام للشهر الثاني على التوالي ووصل إلى أدنى مستوياته في 12 شهرًا."7"
- خيارات الحكومة المصرية لوقف انهيار القطاع الخاص
وفي ظل ما يعانيه القطاع الخاص المصري من أزمات جعلته عاجزا عن مقاومة الأزمات الاقتصادية المتسارعة والتي جعلت منه صورة مصغرة من القطاع العام الذي تهالك وتردى حتى قررت الدولة التخلص منه، وذلك في ظل التهميش المستمر له ، لصالح شركات الجيش.
ومع تغول شركات خليجية وعالمية على أهم قطاعات وأعمال السوق بكافة قطاعاته، أشارت أحدث بيانات صادرة عن دراسة "مؤشر مدراء المشتريات" إلى ارتفاع في تكاليف مستلزمات الإنتاج فيما يقرب من 4 سنوات، مما أدى إلى تسارع ملحوظ في معدل تضخم أسعار البيع.
كما تعاني الشركات المصرية الخاصة مع قرارات حكومية تزيد من أعبائها مثل رفع قيمة الدولار الجمركي من 17 جنيها لعدة سنوات إلى 24 جنيها، وكذلك فرض الرسوم والجمارك والضرائب.
وفي 7 حزيران/ يونيو 2022، وافق مجلس النواب المصري، على قرار رئيس النظام عبد الفتاح السيسي رقم 218 لسنة 2022، بإصدار التعريفة الجمركية، والذي يقضي بزيادة الضريبة الجمركية للعديد من السلع المستوردة.
وفي السياق، تعاني شركات القطاع الخاص من أزمات كبيرة في الحصول على العملات الصعبة لتوفير مستلزمات الإنتاج والقيام بعمليات الاستيراد أو شراء قطع الغيار، إذ تضع البنوك شروطا قاسية لفتح الاعتمادات المستندية، ما يدفعها لشراء الدولار من السوق السوداء.
وفي ظل قرارات التخصيص بالأمر المباشر التي تفاقمت مع الانقلاب العسكري منتصف 2013، وتعاظم كعكة شركات الجيش المصري والجهات السيادية؛ قلت بالتالي نسب حصول القطاع الخاص على الأعمال الحكومية وظل دورها كمنفذ تابع لجهة أعلى تتحكم في أعماله وموارده.
وكان صندوق النقد الدولي قد أكد في 27 شباط/ فبراير 2022، على دور القطاع الخاص في تعزيز الاقتصاد المصري، الذي يواجه تحديات وصعوبات خارجية وداخلية، مطالبا الدولة بأن تسانده وتكون مكملة له.
وعن طرق إنقاذ القطاع الخاص في ظل تهميش وبيع القطاع الحكومي وقطاع الأعمال العام، يعتقد خبراء ، أن "إنقاذ القطاع الخاص يحتاج إلى مناخ سياسي جديد، ونظام ديمقراطي يحترم أولويات الشعب، ويحقق التوازن بين السلطات، ويحد من تدخل الجيش والأجهزة الأمنية بالاقتصاد".
وأضافوا "ثم يأتي دور السياسات النقدية والمالية المحفزة للقطاع الخاص من خلال رسم أولويات الاستيراد واستبدال ما يمكن منها بإنتاج محلي وتشجيعها على التصدير".
وأكدوا أن "هذا لا يتم إلا برؤية مالية جديدة تقلل الأعباء المالية، وتوجه إنفاقات الدولة باتجاهات دعم الصناعة والزراعة والإنتاج بشكل عام"، متوقعا أن "ينعكس ذلك على زيادة موارد الدولة ومعدلات الفقر والتشغيل وتوافر الدولار".
وفي رؤيته أشار الخبير الاقتصادي، حسني كحله، لخطورة تراجع القطاع الخاص المصري على اقتصاد البلاد، لكنه في الوقت ذاته أكد أن "تهميش دور الدولة ليس في صالح نشاط القطاع الخاص"، في إشارة لضرورة تكامل القطاعين لصالح الاقتصاد والبلد والمواطن.
وفي حديثه لـصحيفة"عربي21"، أكد أن كل ما ذكرته تلك المؤشرات عن تداعي القطاع الخاص المصري وأزماته "هي تداعيات طبيعية، نتيجة لاتباع (الحكومة) السياسات الاقتصادية المحلاة من صندوق النقد الدولي".
الباحث في الاقتصاد السياسي يرى أن الحل لكي يستعيد القطاع الخاص المصري دوره بعدما فقد القطاع العام دوره وجرى بيعه، "غير موجود"، موضحا أن "تلك الدورة التي يعيشها الاقتصاد المصري ستأخذ مداها وبعد تعاظم ردود الفعل؛ سيأتي الحل".
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، رصد الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، تدهور نصيب القطاع الخاص من الاستثمارات الجديدة في مصر في 10 سنوات وتراجعه من 64 بالمئة في 2011/2012، إلى 26 بالمئة عام 2020/2021.
وتحدث عن أصل الأزمة مؤكدا أن "الدولة تتوسع على حساب القطاع الخاص، والمنافسة تنكمش مقابل الاحتكار، والسوق تنزوي في ركن ضيق أمام تغول الحكومة وإدارة الاقتصاد بالأمر المباشر".
الكاتب علاء عواد، رأى أن "هذه الأرقام السلبية تدفع الاقتصاد المصري تجاه الركود، وتدل على أن النمو والثقة بالاقتصاد غير النفطي سيعاني ضغوطا"."8"
وتعالت نبرات الغضب من قبل المصنعين والموردين، عقب استقالة طارق عامر محافظ البنك المركزي، وعقب السماح بنشر الانتقادات في القنوات المحلية التي تسيطر عليها أجهزة الأمن السيادية، فيما اعتبر البعض أنها بمثابة مؤشر على وجود حلول للأزمة التي تمر بها البلاد منذ 6 أشهر
لكن مصادر صناعية وصفت قرار وزارة المالية بالمتأخر في ظل تراجع التشغيل بنسبة تصل إلى 90% في المصانع، وارتفاع جنوني في الأسعار، يتزايد بسبب ندرة الواردات ومدخلات الإنتاج، بالتوازي مع معدلات التضخم المحلية والعالمية، التي تقفز، منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا.
- الاقتصاد العسكري والمنافسة غير المتكافئة
ومن المخاطر التي أحاطت بالقطاع الخاص على مدار السنوات التسعة الماضية ، توغل الجيش في الحياة الاقتصادية ، حيث ابتلع أكثر من 60% من كعكة الاقتصاد المصري ، وقد أكد تقرير لمركز دراسات كارنيجي أن صندوق مصر السيادي في مصر، وقع اتفاقية تعاون في 3 شباط/فبراير 2020، مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، في محاولة من القوات المسلحة لتهيئة بعض الأصول التابعة للجهاز للاستثمار المحلي والأجنبي، وتوسيع قاعدة ملكيتها.
وتأسس جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، أثناء قيادة الرئيس الراحل أنور السادات، لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتي من احتياجات القوات المسلحة، مع طرح فائض انتاجه بالسوق المحلى والمعاونة في مشروعات التنمية الاقتصادية بالدولة كمشروعات البنية الأساسية والمشروعات التنموية بالمحافظات الحدودية.
وفي عهد السيسي توسعت صلاحيات الجهاز وأصبح المحرك الأكبر لاقتصاد البلاد من خلال مشاركته في كافة المجالات الحياتيه ومنافسته للقطاع الخاص .وبفضل مرسوم صادر، فإن الصندوق المُوقع حديثا على الاتفاقية، محمي من الطعون المدنية. فقط من أجل تعزيز خطط السيسي لخلق اقتصاد عسكري مصون.
وأكد التقرير أن المرسوم أو القانون رقم 177 لعام 2018، الذي صدق عليه السيسي، يستهدف تنمية موارد الدولة واستغلال أصولها، بما في ذلك الشركات والمصانع الحكومية المغلقة أو غير المستغلة التي تحقق أرباحًا منخفضة.
وفي 26 كانون الأول/ديسمبر 2018، وافق مجلس الوزراء على تعديلات على القانون، تمنح السيسي الحق في نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة للدولة إلى الصندوق، مع قصر الطعن على قرارات الرئيس على المالك أو الصندوق الذي ينقل ملكية ذلك الأصل فقط - دون الآخرين. ووفقًا للتعديلات، لا يُسمح لأي شخص بتقديم مطالبات بطلان العقود التي أبرمها الصندوق. وتلتزم المحاكم من تلقاء نفسها بعدم قبول الطعون أو المطالبات المتعلقة بهذه النزاعات. ويحق أيضا للصندوق، بقرار من الرئيس، امتلاك الشركة أو المصنع بالملكية المنقولة حديثاً، وبيعه لأي مستثمر أجنبي دون أي صعوبات. بمعنى آخر، إذا تم تحويل ملكية أي شركة حكومية إلى الصندوق، ثم قام الصندوق ببيع الشركة إلى مستثمر أو وضعها في البورصة، فلا يحق لأي مواطن الاعتراض أو الطعن على ذلك.
وسبق للبنك المركزي، أن أعلن عن تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بنحو 1.8 مليار دولار، وبنسبة انخفاض 23 في المائة خلال العام المالي 2018-2019، مسجلًا 5.902 مليارات دولار، مقارنة بـ 7.719 مليارات دولار في العام المالي السابق له 2017- 2018، وفي المؤتمر الاقتصادي الاخير ، أعترف رئيس وزراء السيسي بأن هناك 25 مليار دولار خرجت من محيط الأستثمار بمصر .
ووفقا للتقارير الرسمية الصادرة عن البنك المركزي، ارتفع الدين الخارجي بنحو 16.1 مليار دولار، ليصل إلى 108.7 مليار دولار في نهاية يونيو 2019، بزيادة 17.3 في المائة عن نهاية يونيو 2018. ودفع هذا الوضع الاقتصادي المتدهور، النظام إلى إعادة بناء سمعة الجهاز، التي تأثرت كثيرا من الحملة الشرسة التي دشنها المقاول محمد علي.
والاقتصاد السري للقوات المسلحة، ليس جديدا. منذ عقود، كان يعمل الجيش في سرية غير محدودة تحيط بنشاطه الاقتصادي، فيما يتعلق بأرباحه ومدى مدفوعاته الضريبية، وحجم استثماراته، ورأس ماله. والأكثر من ذلك، لم تتمكن أي جهة رقابية من تحديها، بما فيها الجهاز المركزي للمحاسبات، أعلى سلطة رقابية في مصر.
و خلال مقابلة تليفزيونية عام 2012، قال المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات آنذاك، إنه عاجز عن رقابة المنشآت الاقتصادية للقوات المسلحة التى لا علاقة لها بالأمن القومى والتى لا تتطلب السرية الشديدة.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك قيام القوات المسلحة بتأجير قاعات للأنشطة المدنية، مثل حفلات الزفاف وأعياد الميلاد، مقابل مبالغ مالية دون أي رقابة. وقال جنينه، "ليس مقبولا أن لا يستطيع الجهاز المركزى للمحاسبات مراقبة قاعات الأفراح التابعة للقوات المسلحة. متسائلا ما علاقة قاعات أفراح القوات المسلحة بالأمن القومى؟"
وفي 2018، أصدرت الحكومة أيضًا "قانون التعاقد" رقم 182 لعام 2018، الذي يسمح للجيش والشركات العسكرية بالإعفاء من الرقابة والمحاسبة. وينص على أن تنفيذ العقود، دون اتباع المناقصة العامة، بهدف "حماية الأمن القومي"، ما يسمح لهذه الجهات بالسرية المطلقة في عقود البيع أو الشراء أو الأرباح، ما يؤدي إلى غياب الشفافية وانعدام المنافسة مع القطاع الخاص. وهذا يعني أن الشركات العسكرية، تحت ستار الأمن القومي، قادرة على الحصول على الشركة أو قطعة الأرض دون الكشف عن سعرها للمستثمرين الخارجيين.
ويسمح القانون في نهاية المطاف لهذه الشركات بالسرية المطلقة في شرائها وبيعها وتحقيق أرباح عامة من العقود. ويؤدي ذلك بالطبع إلى انعدام الشفافية والمنافسة مع مع القطاع الخاص. وفي حين أن هذه الممارسات مستمرة قبل عام 2018، إلا أن هذا القانون عزز من عدم القدرة على مراجعة الشركات المملوكة للجيش، مما جعل هذه الممارسة غير قانونية في نهاية المطاف.
وفي عهد السيسي، زادت إمبراطورية الجيش الاقتصادية، وأصبح يعمل الآن في تجارة الألبان والأدوية ووسائل النقل، وأصبح يشرف على نحو 2300 مشروع، يعمل بها 5 مليون موظف مدني، في مجال الصناعات الثقيلة والمتخصصة، وقطاعات الزراعة، والمزارع السمكية، والمحاجر والمناجم، والمقاولات، والبنية التحتية وغيرها من المشروعات العملاقة في الدولة، بحسب المتحدث العسكري للقوات المسلحة العقيد تامر الرفاعي.
إن إصرار السيسي على الطرح في الاكتتاب العام، وهو يعلم جيدا صعوبة تنفيذ ذلك، يشير إلى رغبته في غسل سمعة المؤسسة العسكرية، وتبرئة ساحتها من اتهامات الفساد وإهدار المال العام، والسيطرة غير الخاضعة للمساءلة على اقتصاد الدولة."10"
واكدت دراسة للمعهد الدراسات المصري ، أنه يمكن حصر مؤسسات الجيش التي أثرت على السوق المصري واستوعبته مما أثر بقوة على القطاع الخاص، ومنها:
- أولًا: جهاز مشروعات الخدمة الوطنية
تم إنشاؤه بقرار رئيس الجمهورية رقم 32 لسنة 1979 عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي من الاحتياجات الرئيسية للقوات المسلحة، لتخفيف أعباء تدبيرها عن كاهل الدولة مع طرح فائض الطاقات الإنتاجية في السوق المحلي، والمعاونة في مشروعات التنمية الاقتصادية في الدولة من خلال قاعدة صناعية إنتاجية متطورة .
المهمة المعلنة للجهاز “كما هو مدون على الموقع الرسمي للجهاز” هي تنمية الناتج القومي بالتعاون مع المؤسسات المدنية، مع التركيز على مشروعات البنية التحتية خصوصًا المشروعات التنموية في المحافظات الحدودية، كشمال وجنوب سيناء والوادي الجديد، ويتبع الجهاز عدد “21 شركة” تغطي مجموعة واسعة من القطاعات من البناء والنظافة إلى الزراعة والمنتجات الغذائية، وتباع السلع التي تنتجها هذه الشركات والتي تفيض عن حاجة الجيش في السوق المحلية.
1ـ في مجال استصلاح الأراضي هناك الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي “تعمل في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني في شرق العوينات”، بالإضافة إلى “جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة”، حيث تعتبر القوات المسلحة مالكة لأكثر من 97% من إجمالي مساحة الأراضي في مصر وفقًا للقانون .
2- في مجال الأمن الغذائي يمتلك الجهاز شركة مصر للتصنيع الزراعي التي تمتلك 7 مصانع لإنتاج “صلصة طماطم – منتجات ألبان – أعلاف الماشية والأسماك – البصل المجفف”، وشركة كوين لإنتاج المكرونة، إضافة إلى قطاع الأمن الغذائي الذي يمتلك عددًا كبيرًا من المزارع والمجازر للحيوانات والدواجن إضافة إلى وحدات إنتاج الألبان ومجمعات إنتاج البيض وغيرها .
(3) في مجالات الصناعة الكيماوية والتعدين، يمتلك الجهاز ممثلًا في قطاع التعدين – الذي تندرج تحته عدة الشركات الصغيرة – معظم المناجم التعدينية في البلاد مثل مناجم الجبس والمنجنيز والرمل الزجاجي والطَفل والزلط، إضافة إلى الشركة الوطنية للمياه “صافي” التي تعد أحد أكبر شركات إنتاج المياه في مصر .
(4) في مجال البتروكيماويات والكيماويات الوسيطة هناك شركة النصر للكيماويات الوسيطة “المنظفات الأسمدة – مكافحات الحشرات”، وشركة العريش للأسمنت وشركة إنتاج المشمعات البلاستيك .
(5) في مجال الحراسة والصيانة: كما تمتلك الهيئة أيضًا شركة النصر للخدمات والصيانة “كوين سيرفيس” والتي تقدم خدمات الأمن والحراسة وإدارة الفنادق إضافة إلى خدمات أخرى، إضافة إلى الشركة الوطنية للبترول التي تدير محطات بنزين «وطنية» وتنتج العديد من المنتجات البترولية .
(6) في قطاع المقاولات: تتنافس شركتان كبيرتان تابعتان للجهاز هما الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات، والشركة الوطنية للطرق والكباري، حيث تحتكر الشركتان حصة الأسد من سوق الإنشاءات في مصر .
تبلغ ميزانية الجهاز وفقًا للأرقام المعلنة عام 2013مليارو625 مليون جنيه بصافي أرباح بلغ 63 مليون جنيهًا وفقًا للأرقام المعلنة في الجريدة الرسمية، وبالطبع لا تخضع تفاصيل هذه الميزانية لأي جهة رقابية
- ثانيًا: الهيئة العربية للتصنيع
تركّز الهيئة العربية للتصنيع على توفير احتياجات القوات المسلحة المصرية من المعدات الدفاعية، وتوسع نشاطها ليشمل مشروعات مدنية إضافة إلى مشروعاتها العسكرية، حيث تدير الهيئة 11 مصنعًا وشركة في مصر تعمل في العديد من المجالات في الصناعات العسكرية والمدنية، منها مصانع صخر وقادر وحلوان للصناعات المتطورة ومصنع سيماف الذي ينتج عربات السكك الحديدية والقضبان وغيرها والذي حصلت عليه الهيئة من القطاع العام عام 2002، إضافة إلى مصانع للمنتجات الإلكترونية تقوم بإنتاج وتجميع الشاشات الإلكترونية وشاشات العرض الكبرى إضافة إلى الشركة العربية لإنتاج الطاقة المتجددة التي تدير عدة مشروعات للطاقة المتجددة في مصر وشركة السماد العضوي ومصنع أبو زعبل للأخشاب والذي ينتج أثاث المنازل والفنادق والقرى السياحية، وتمتلك الهيئة شراكات مع مؤسسات عالمية في مجالات التصنيع المدني مثل “جنرال إلكتريك” و”لوكهيد مارتن” وميتسوبيشي” وغيرها
- ثالثًا الهيئة القومية للإنتاج الحربي
تأسست الهيئة عام 1984، بهدف الإشراف على المصانع الحربية، تمتلك الهيئة حاليًا أكثر من 18 مصنعًا للصناعات العسكرية والمدنية منها مصانع “أبو قير – أبو زعبل – شبرا – حلوان” للصناعات الهندسية، إضافة إلى مصنع حلوان للأثاث ومصنع حلوان لمحركات الديزل ومصنع حلوان للصناعات غير الحديدية، وفي الصناعات الكيماوية تمتلك الهيئة مصانع “أبو زعبل وقها وهليوبوليس” وفي الصناعات الإلكترونية هناك مصنع بنها للصناعات الإلكترونية، كما تمتلك الهيئة أسهمًا في شركات أخرى مثل “ثروة البترول” و”إيبيك” العالمية لصناعة المواسير وهي أكبر منتج لأنابيب النفط والغاز في المنطقة، كذا الشركة العالمية لصناعة الكمبيوتر المنتج الأوحد لأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية في مصر بالشراكة مع مجموعة ناصر الخرافي ). "11"
المصادر
- أمين صالح ، " دراسة: القطاع الخاص يضم 3.741 مليون منشأة ويعمل به 93.5% من المشتغلين" ،اليوم السابع ، 01 سبتمبر 2022 ، https://bit.ly/3GeTv8r
- أمين صالح ، "مصر تخطط لزيادة مساهمة القطاع الخاص بنسبة 65% من إجمالى الاستثمارات " ،موقع اليوم السابع ، 02 سبتمبر 2022 ، https://bit.ly/3g52RJa
- عادل صبري،" مأزق القطاع الخاص وأزمة الدولار تهوي بالإنتاج " العربي الجديد ، 6 أكتوبر 2022، https://bit.ly/3hA7pHL
- ممدوح الولي ، "الاقتصاد المصري 2021.. ضخامة الديون واستمرار انكماش القطاع الخاص" ، عربي 21 ، 02 يناير 2022 ، https://bit.ly/3UyTgJG
- ابراهيم محمد، "تحديات الاقتصاد المصري والنمو المستدام في عام 2022" ،"dw" الألماني، https://bit.ly/3O4I8le
- مصطفى عيد ، " نشاط القطاع الخاص في مصر عند أضعف مستوياته خلال عامين " مصراوي ، الأربعاء 06 يوليه 2022، https://bit.ly/3EqwHQD
- ياسمين سليم ، "ارتفاع التضخم.. كيف تأثر نشاط وإنتاج القطاع الخاص في مصر؟"، موقع مصراوي ، 05 ديسمبر 2021، https://bit.ly/3g4qykM
- "خيارات الحكومة المصرية لوقف "انهيار" القطاع الخاص؟" ،عربي21 07 يوليو 2022 ، https://bit.ly/3G9B7xE
- عادل صبري، "إجراءات استثنائية لحلحلة أزمة الواردات لانقاذ القطاع الخاص" ، العربي الجديد ، 31 اغسطس 2022، https://bit.ly/3WZViUI
- محمود خالد، " توسيع الاقتصاد العسكري في مصر" ، كارنيجي، 26 مارس 2020، https://carnegieendowment.org/sada/81378
- مصطفي إبراهيم ، " الإمبراطورية الاقتصادية للجيش المصري" معهد الدراسات المصري ، يونيو، 2018، https://bit.ly/2ATX3tt