"مجزرة رابعة".. أين المختفون وما مصيرهم؟ وما سر تضارب أرقام الضحايا؟
الأحد - 14 آغسطس 2022
هل تم دفن ضحايا "هولوكوست السيسي" بالجرافات في مقابر جماعية بالصحراء؟
إنسان للإعلام- خاص
عدد غير قليل من المتظاهرين في رابعة اختفوا منذ المذبحة ولا يعرف مصيرهم حتى الآن، ولا تزال أسرهم تتحدث عن عشرات اختفوا بعد فض الاعتصام برصاص الشرطة والجيش ودهس المعتصمين وحرق المسجد والمستشفى.
الأهالي والحقوقيون يتساءلون: هل هم مسجونون أم في عداد الموتى؟ وهل صحيح ما تردد عن نقل بلدوزرات مئات الشهداء لمقابر جماعية في صحراء مدينة نصر لإخفاء معالم الجريمة وتخفيض أعداد ضحايا الانقلاب؟
أسر كثيرة تعيش على أمل عودة عائلها أو أحد أفرادها ودولة العسكر بكل مؤسساتها لا تفصح عن مصيرهم، رغم تنوع وتعددت حالات الإخفاء القسري منذ رابعة الى اليوم في خرق للقانون وغياب للمحاسبة.
يوم 24 يوليو 2013 طلب الانقلابي عبد الفتاح السيسي التفويض من "الشعب" قائلا: "أنا باطلب من المصريين طلب: يوم الجمعة الجاية لا بد من نزول كل المصريين الشرفاء، الأمناء. ينزلوا ليه؟ ينزلوا عشان يدوني تفويض وأمر باني أواجه العنف والإرهاب المحتمل".
ولم يمر 21 يوما حتى اقتحمت قوات الجيش والشرطة ميداني رابعة والنهضة لتقتل ما بين 700 الي 1000 معتصم أو أكثر بحسب تقديرات حكومية وحقوقية ودولية متضاربة، وقرابة الفين وفق مستشفى رابعة قبل حرقها واعتقال وقتل من بها.
حين سأله مذيع برنامج 60 دقيقة على قناة CBS في يناير 2019 عما إذا كان قد أصدر الأمر بقتل ألف من المعتصمين في رابعة، برر السيسي قائلا: "كان هناك الآلاف من المسلحين في الاعتصام لأكثر من 40 يومًا، لقد حاولنا بكل وسيلة سلمية صرفهم".
وتابع: "عندما تكون هناك أقلية تحاول فرض عقيدتهم المتطرفة، علينا أن نتدخل بغض النظر عن أعدادهم"!! وهو تأكيد على أنه من أصدر أوامر فض الاعتصام.
ورغم بجاحة التصريح إلا أنه لم يعترض على قول المذيع "ألف معتصم قتلوا"، ما يعني انه اعتراف رسمي بعددهم وأنه قتل ألفا منهم.
ولكي يخفي معالم الجريمة تماما أصدر عبد الفتاح السيسي عام 2016 قرارا بتجريم شعار رابعة وعقوبة الحبس والغرامة "لمن يرفع أو يروج لشعارات تابعة لجماعات إرهابية"، في إشارة لشعار رابعة بعد انتشاره، كما تم تغيير أسم الميدان والمسجد.
سؤال كل عام: "كم عدد القتلى"؟
في الذكري التاسعة لمجازر رابعة والنهضة يتكرر سؤال كل عام عن العدد الحقيقي للقتلى دون إجابة، ولا تزال الارقام الحقيقية للقتلى والمجهولين غير معروفه، ونرصد هذا الارقام المختلفة والتي يبدو أن تضاربها وراءها اخفاء السلطة جثث بعض الضحايا أو دفنها في مقابر جماعية.
يوم 15 أغسطس 2013، بعد يوم واحد من الفض، أعلنت وزارة الصحة
رسميًّا سقوط 638 قتيلا و3994 مصابًا على مستوى مصر كلها، منهم 333 قتيلا مدنيا و7 ضباط سقطوا في ميدان رابعة، ثم توقفت عن إصدار بيانات منذ 16 أغسطس 2013.
وفي 28 أغسطس 2013، قال رئيس الوزراء في ذلك الحين (حازم الببلاوي)، الذي أصدر أمر فض الاعتصام بالقوة، عقب الفض، في حوار مع محطة التلفزيون الأمريكية ABC أن قتلي رابعة كانوا ألف مصري. (فيديو)
وجاء في تقرير "لجنة تقصي حقائق 30 يونيو" المشكلة بقرار جمهوري، أن عدد الضحايا 607 في ميدان رابعة العدوية، من بينهم بعض المواطنين، "قتلوا برصاص مسلحي التجمع"، بحسب التقرير، و88 قتيلا في فض ميدان النهضة.
أيضا ذكر المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) أن عدد القتلى بفض ميدان رابعة العدوية 624، فيما بلغ عدد الضحايا في النهضة أكثر من 80 قتيلا.
وقالت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية " في تقرير بعنوان: "أسابيع القتل"، إن عدد القتلى في رابعة بلغ 932 وفي النهضة 87 حالة.
وقدر موقع "ويكي ثورة" الحقوقي عدد من قتلوا في رابعة بـ 1542 قتيلا، وقال انه وثق 904 حالات قتل جمعت من أماكن عدة في محيط رابعة العدوية ومسجد الإيمان، كان من بينهم 259 جثة مجهولة الهوية.
وتحدثت صحيفة "الوطن" الخاصة القريبة من السلطة في اليوم الثالث للفض عن ارتفاع عدد قتلى "رابعة" إلى 743 بعد الانتهاء من تشريح 43 جثة جديدة.
وقامت سيدة تدعي "دينا كشك" بدفن حوالي 35 جثة لمجهولين جثثهم بعضهم متفحمة، ظلت في المشرحة اياما دون التعرف عليهم.
قبل انتهاء الفض الكامل أعلنت "مستشفى رابعة العدوية" في آخر بيانها أنها أحصت 2200 جثة، فيما قالت جماعة الإخوان المسلمين، وتحالف دعم الشرعية، بعد فض الاعتصامين، في تصريحات لأعضائها، أن عدد من سقطوا في ميدان رابعة وحده بلغ 2600 قتيل.
في 14 اغسطس 2015، ذكر تقرير هيومن رايتس ووتش أن عدد القتلى في ميدان رابعة وصل 817 حالة، وفي النهضة 87 حالة، وهناك 40 جثة كانت محترقة، وانتقد عدم احتجاز أي مسؤول حكومي أو من قوات الأمن المسؤولة عن القتل الجماعي للمتظاهرين في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة.
في 2016 طالب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بتعويض اسر 1185 من ضحايا رابعة والنهضة، ودعت للتحقيق في "واقعة القتل الجماعي للمتظاهرين في 2013".
في أغسطس 2016 نفى مكتب الأمم المتحدة في مصر صدور أي بيان على لسان الأمين العام للأمم المتحدة السابق "بان كى مون" بشأن ما نشرته وسائل اعلام حول مطالبة الأمم المتحدة بـ "تحقيقات كاملة" بمقتل مئات المصريين في فض "رابعة".
وكشف الباحث في "معهد واشنطن" "إريك تراجر"، بموقع "ذا سايفر بريف" تفاصيل مقابلة له مع رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي الذي أصدر قرار الفض، ادعى خلالها رفض وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم اقتراحا بفض تدريجي للاعتصام كان سيؤدي إلى خسائر أقل في الأرواح. (فيديو)
روايات شهود عيان
قال الحقوقي عبد الرحمن طارق إنه نزل رابعة مع صديق له لتوثيق ما سيجري في رابعة بتفويض من المركز الحقوقي الي يعمل به، بعدما أيقن أنه سيتم فض الاعتصام بعد استقالة البرادعي وحصول السيسي علي "التفويض" بهدف "معرفة الطريقة الي سيتم بها فض الاعتصام".
قال: "رابعة مجزرة .. بدأ ضرب النار وكان فيه بحر دم وناس كتير بتموت وصراخ نساء من كل الاتجاهات واطفال بتعيط ومش عارفة فين اهلها والشرطة ادعت ان فيه ممر آمن مع انهم كانوا بيقتلوا الي يمشي فيه او يقبضوا عليه".
أضاف: "بدأت اشيل الجثث من على خط الاشتباكات لعربيات تنقلها للمستشفى"، وكنوا سيعتقلونني 3 مرات وطلبوا مني الانصراف: "لم أكن اتخيل ان فيه بشر يقدروا يظلموا كمية الظلم ده ويقتلوا كم البشر ده". (رابط البوست)
روي الباحث مصطفي خضري روايته الشخصية كشاهد عيان على حرق جثامين المعتصمين برابعة على حسابه علي فيس بوك قائلا:
كان هناك سيل من الجرحى والشهداء المحمولين على أعناق الرجال في سبيلهم للخروج من جميع الاتجاهات، على دوي أصوات الرصاص الحي والانفجارات، سمعت ما يندى له الجبين عن حرق المستشفى الميداني بالمصابين والشهداء والأطباء على حد سواء
وجدت أحد ضباط الجيش برتبة عقيد، قلت له: بالله عليك ساعدنا في نقل جثامين الشهداء، أعدادنا قليلة والجثامين تملأ جميع طوابق المستشفى، كاد يبكي وتعلثم، قال لي أنه يريد أن يساعدني بأي شيء، ولكن ماذا يفعل، ذهب ولم يعد.
شاهدت بعيني ما يحدث .. الأصوات تتعالى: "ساعدونا لنقل جثث الشهداء قبل أن تلتهمها النيران"، والجنود الذين يرتدون زي القوات الخاصة يتبخترون خيلاء بين الأنقاض وكأنهم حرروا القدس، الجثث ملأت محيط المسجد، لهيب النيران يلتهم المستشفى الميداني.
هاجمتنا القوات الخاصة وأطلقت النيران الحية حتى تمنعنا من نقل الشهداء، سقط شهيداً مَن كان يحمل الشهيد، الشهداء يتساقطون، نساء يحملن معنا الشهداء، رائحة الجثث المحترقة جعلتني أشعر بالغثيان، سارعت بالخروج.
قال المصور "ابراهيم المصري" في شهادته التي وثقها بعدسته تتضمن فيديوهات للضحايا وحرق الشرطة خيم الاعتصام والمسجد واطفال يبكون على امهاتهم اللاتي قتلن، مثل الطفل "رمضان" الذي كان يصرخ في أمه القتيلة "اصحي يا ماما"، ومقابلات وشهادات بعض الإعلاميين ممن حضروا المذبحة.(رابط البوست)
كتب الناشط علاء عبد الفتاح المسجون حاليا أن "رابعة مجزرة واللي يقول غير كدة يبقي جاحد"، وظهر في فيديو وهو يصف الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي رشح نفسه للرئاسة حينئذ بعد فض رابعة بأنه "مجرم حرب".(التغريدة)
ووصف "علاء" ميدان "رابعة" بقوله: "عاش أهله أسابيع في عالم مثالي متجانس، تتنوع ملامح قاطنيه لكن لا ينغصه مخالف، فالكل محتفى بالمشروع الإسلامي مؤمن بحتميته وأستاذيته، تلاشى فيه المسيحي والعلماني واختفى منه كل ضعيف التبست عقيدته". (التغريدة)
قال الدكتور محمد محسوب، في شهادته على حسابه علي فيس بوك ، أن "السيسي" استبق المفاوضات التي كانت تجري، ونفذ المذبحة سعيا للسيطرة على الحكم.
قال "محسوب": "لم يكن هدف المجزرة فض الاعتصام وإنما إغلاق كل طريق للحل السياسي والذي كان سيضمن استمرار المسار الديموقراطي، كما استهدف تقديم نموذج قاسي للشعب يكسر إرادته ويُنهي كل طموح للإصلاح والتغيير".
كشف محسوب أن "الحل الوحيد الذي جرى طرحه في المفاوضات هو أن يفوض الدكتور مرسي رئيسا للوزراء، وفقا للدستور، يدير مرحلة تجري فيها انتخابات مع الاحتفاظ بالدستور وعودة الجيش لثكناته، ولكن السيسي لم يقبل ذلك الحل، لأنه يعيق مسعاه الشخصي للاستيلاء على السلطة.
طلب السيسي من الدكتور البرادعي تأجيل الإعلان عن الحل السياسي متذرعا برفض غالبية ضباط الجيش، وأنه يحتاج وقتا لإقناعهم، واستغل الوقت في التجهيز والإعداد للمجزرة كي تقطع كل تواصل، وتُغلق كل باب للحلول السياسية. (البوست)
قال الدكتور عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق أن ما ردده الداعية المصري الشيخ محمد حسان عن رفضهم عروض قُدمت من الفريق اول عبد الفتاح السيسي قبل فض رابعة غير صحيح.
حسان زعم في حوار أجرته مع صحيفة الوطن المصرية 14 أغسطس 2016، أن السيسي وافق على مطالب الإخوان لحقن الدماء، لكنهم رفضوا بعد أن وعدتهم كاترين أشتون ممثلة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية، بعودة الرئيس مرسى للحكم.
"كذّب" دراج عبر حسابه الخاص على فيسبوك، تصريحاته وقال "المدعو محمد حسان يكذب كما يتنفس، يدعي أني قلت له كلاماً رغم أني لم أقابله في حياتي، ويدَّعِي أن آشتون قالت لنا قبل الفض بأيام أن د. مرسي سيعود ولذلك رفضنا ما يسمى بعروض السيسي". (البوست)