"تصهين" الإعلام العربي.. ظاهرة صادمة بعد "طوفان الأقصى"
الخميس - 31 أكتوبر 2024
- بدعم وتوجيه رسمي.. الإعلاميون المتصهينون تبنوا سردية العدو حول حرب غزة ولبنان
- تقرير "MBC" حول مقتل السنوار وقيادات المقاومة كشف القناع تماما عن النظام السعودي
- الإعلام الإماراتي يعمل كرأس حربة للأنظمة التطبيعية للهجوم على الحقوق الفلسطينية
- متصهينو الإعلام المصري حولوا برامجهم لمنابر تهاجم المقاومة بكل ضراوة
إنسان للإعلام- تقرير:
أنتج انخراط بعض الدول العربية، خاصة الخليجية منها، في التطبيع مع الكيان الصهيوني، ظاهرة غير مسبوقة في الإعلام العربي بات يطلق عليها "الإعلام المتصهين".
هذا "الإعلام المتصهين" يشكل بالفعل صدمة للرأي العام العربي، الذي لم يكن يتوقع في أي وقت ظهور إعلاميين "متصهينين"، تنفق عليهم الأنظمة مليارات الدولارات؛ للهجوم على المقاومة بفلسطين ولبنان، ووصفها بـ"الحركات الإرهابية"، مع إطلاق أوصاف على قادتها وشهدائها من قاموس "صهيو-غربي"، وبذلك أصبحوا ضمن منظومة الإعلام الصهيوني، وناطقا بمفرداته.
في هذا التقرير نرصد نماذج لأداء وسائل الإعلام والإعلاميين العرب المتصهينين، وما يقومون به من تضليل للرأي العام العربي نحو القضية الفلسطينية والمقاومة. تقرير قناة "mbc"
بثت قناة "MBC" السعودية، مؤخرا، تقريرا بعنوان "ألفية الخلاص من الإرهابيين" في إطار برنامج "MBC في أسبوع"، ركز معده "محمد المشاري" على الطعن في قادة الحركات الإسلامية المقاومة للاحتلال الصهيوني، الذين قُتلوا منذ عام 2000، ومن بينهم شخصيات تنتمي لما يعرف بـ"محور المقاومة".
وخص بالتشويه أبرز القياديين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الفلسطينية وفي مقدمتهم صالح العاروري وإسماعيل هنية، ويحيى السنوار، وقيادات "حزب الله" اللبناني.
وصف التقرير القائد يحيى السنوار بأنه "كان الوجه الأخير للإرهابي مصاص الدماء وقاد العديد من الجرائم الوحشية وقد تخلص العالم من شره"، وكُتب على خلفية الشاشة "السنوار.. أنقذته إسرائيل من الموت فحاربها".
"تقرير العار"، كما وصفه الكثير من المحللين، ليس وليد اللحظة أو خطأ ممن قاموا بإعداده، لكنه ثمرة لسياسات التطبيع "العميق" من دول خليجية وعربية، رضخت طوعيا للسردية الصهيونية بل وتبنتها[1].
هذا التقرير يجسد السقوط الأخلاقي والمهني، فضلا عن سقوط القيم الإنسانية بشكل عام، إذ وصف الذين ضحوا بحياتهم دفاعا عن المقدسات والدين والأرض والعِرض بالإرهابيين ومصاصي الدماء.
ما لم تتوقعه الجهات الممولة والمسؤولة عن تلك القناة، هو أن يثير هذا التقرير المخزي، كل ردود الفعل الواسعة والمنددة، لأنها كانت تتصور، أن المقاومة انهارت وأن جمهورها رفع الراية البيضاء، بعد استشهاد بعض قادتها، لكن الأمر جاء على خلاف تصورها، فاضطرت القناة إلى حذف التقرير، والإعلان عن فتح تحقيق مع الجهات التي تقف وراءه في القناة، في محاولة للتنصل من هذا العار.
وأكد كثيرون أن القنوات "الإسرائيلية" ومنها "القناة 14" المعروفة بتوجهاتها الصهيونية المتطرفة، تبنت هذا التقرير وتوسعت في التعليق عليه، وهو ما يبين عمق "التصهين" لدى قناة MBC التي تقف وراءها دولة "تناصب المقاومة كل العداء"[2] .
وفي سياق ردود الأفعال، وصفت حركة المقاومة الإسلامية حماس، في بيان شديد اللهجة ما حدث من MBC بأنه "سقوط مهني وإعلامي وأخلاقي يتساوق مع الدعاية والرواية الصهيونية التي تسعى لشيطنة المقاومة ورموزها"[3].
إعلام سعودي مُتصهين
بخلاف تقرير " MBC"، تبنت وسائل الإعلام السعودية-في معظمها- خطابا معاديا للمقاومة الفلسطينية، في سياق تسريع عمليات التطبيع مع العدو الصهيوني، حيث تناولت، بشقيها المرئي والمقروء، معركة "طوفان الأقصى" بشكل سلبي، وكشف -بما لايدع مجالا للشك- حقيقة كراهية النظام السعودي للمقاومة الفلسطينية.
فلم يقتصر دور قنوات "العربية" و"الحدث" و MBC وصحيفتي "الشرق الأوسط" و"عكاظ"، على تأييد العدوان الصهيوني باستخدام مصطلحات "مائعة" تصور إبادة غزة على أنها "تصاعد للعنف في الشرق الأوسط"، لكنها سعت إلى بث روح الإحباط بأن غزة قد انتهت وعلى قادة حماس تسليم أنفسهم أو مغادرة غزة، على الرغم من أن كل المؤشرات منذ اليوم الأول لمعركة "طوفان الأقصى" كانت تدل على هزيمة العدو الصهيوني.
أيضا استخدم الإعلام السعودي مصطلحات "المسلحين" و"الإرهابيين" كأنه يستنكف تسمية مقاتلي القسام بأنهم "المقاومين" أو "المجاهدين".. وبلغ التزييف مداه بوصف ما فعلته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 بأنه "تصرف عبثي واستهتار سياسي وسياسة خاطئة وحسابات مزاجية ورهانات خاوية".
ومن أبرز الأمثلة تبني صحيفة "الشرق الأوسط" نفس أقوال المتحدث باسم جيش العدو الصهيوني أفيخاي أدرعى حول"وحشية حماس" أو وصفها بـ"داعش" وبـ"النازية"!!
كما تولت الصحيفة مهمة تشويه حركة "حماس" عبر مقالات الرأي والتقارير والأخبار، وروجت لانتصار الكيان الصهيوني، وأن حماس لم تستفد شيئا من الحرب إلا تدمير غزة.. وكان لافتا أن صحف الكيان الصهيوني أبدت إعجابها بما تفعله "الشرق الأوسط"، تماما كما فعلت مع قناتي MBC و"العربية".
كما أثارت صحيفة "عكاظ" جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب إخراجها الخاص لصفحتها الأولى يوم استشهاد يحيى السنوار بعنوان عريض "إسرائيل تلحق السنوار بهنية.. حماس بلا رأس"، حيث شن رواد التواصل هجوماً عليها.
أيضا بدا للجميع أن قناة "العربية" تتبنى وجهة النظر الصهيونية حول الحرب، حيث تصفها من البداية بأنها "عنف متبادل"، مع مهاجمة قادة حماس، ولذلك أطلق عليها بعض النشطاء لقب قناة "العبرية".
بل وصل الأمر بالقناة السعودية إلى التشكيك في عملية القصف البربري الذي طال المستشفى المعمداني في بديات الحرب، وتسبب في استشهاد ما لا يقل عن 500 شخص من المرضى والمواطنين الموجودين به ساعة القصف، مطالبة "بانتظار نتائج التحقيق"، رغم أن مراسل القناة كان بالمكان، ثم تبنت الرواية الصهيونية بأن صاروخا فلسطينيا هو الذي قصف المستشفى لا طائرات "إسرائيل"!.
وحين حاول الإعلامي المعروف داود الشريان فضح تناول قناة العربية للأحداث الجارية في غزة، ووصفها بأنها "أصغر من أن تعبر عن موقف السعودية ومشاهداتها متدنية، وتمارس دعاية سياسية بليدة وتعد سابقة في الغباء المهني"، هوجم بشدة.. ثم تراجع عن رأيه بعد أقل من 24 ساعة، وقدم اعتذاره للقناة وحذف ما قاله!، ويعتقد أن سبب تراجعه هو ضغوط تعرض لها من قبل السلطات السعودية"[4] .
وعن تقييم الصحافة الغربية لدور الإعلام السعودي "المتصهين"، أكد تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أن محاولات الإعلام السعودي مثل (عكاظ) و(MBC) و (العربية) و(الحدث) ، بخلاف الذباب الالكتروني، فشلت في تغيير صورة الذهنية عن بطولة المقاومة الفلسطينية وقياداتها وفي مقدمتها السنوار، الذي أكدت الصحيفة أنه حظى بدعم أوسع مما كان عليه في حياته"[5].
رأس الحربة الصهيونية
المتابع للإعلام في دولة الإمارات يلاحظ بجلاء كيف ينشط "لشيطنة" المقاومة الفلسطينية، ويحاول تلميع صورة الاحتلال الصهيوني؛ خدمة لمسار التطبيع بين أبوظبي و "تل أبيب".
وجاء حدث قتل جيش الاحتلال زعيم حركة "حماس"، يحيى السنوار، مؤخرا في قطاع غزة ليكشف حدة انحياز إعلام الإمارات للرواية الصهيونية وحنقه على المقاومة الفلسطينية ورموزها.
في ظل هذه البيئة الإماراتية المتصهينة، توالت الرسائل الإعلامية التي تساوي بين الجلاد والضحية، ولا تفرق بين عمليات التحرر الوطنية ضد الاحتلال، والتمردات الداخلية ضد السلطات في الدول.
ومثالا على ذلك، نشرت صحيفة "الاتحاد" مقالاً بعنوان "شعب غزة.. وثالوث الظلم"، يقول كاتبه: "طرفَا الحرب يحرقان هذا الشعب بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، أحدهما عدو كاسح هو "إسرائيل" التي أثبتت أنها لن تتهاون في أي مساسٍ بأمنها وسلامة مواطنيها حتى ولو أحرقت الأخضر واليابس، والثاني قريبٌ يحرق هذا الشعب في مجامر الأيديولوجيا التي يؤمن بها ولا يؤمن بها الشعب، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة!"[6].
وكان من بين المروجين للرواية الصهيونية نائب رئيس شرطة دبي الأسبق، ضاحي خلفان تميم، حيث مرر عشرات التغريدات عبر حسابه على منصة "X"، يشيطن فيها حماس، مثل: "انتفاضة المقدسيين.. خربها هنية وخالد مشعل.. بدل ما يقف الرأي العام العالمي مساندًا لهم.. يقف الآن مهاجمًا لحماس وصواريخها.. وهذا دور حماس قلب القضية لصالح “إسرائيل” صنعت كتنظيم له هذا الدور”.
ومنهم أيضا الداعية الأردني الذي يحمل جنسية الإمارات، وسيم يوسف، الذي مارس هوايته المفضلة في الهجوم على حركة "حماس"، مؤيدًا استهداف القوات الصهيونية لأهالي قطاع غزة، متهمًا المقاومة بإطلاق الصواريخ من مساكن ومنازل الناس، وأنها حولت غزة إلى "مقبرة للأبرياء"، وتلقفت وسائل الإعلام الإماراتية تغريدة "يوسف"، ونشرتها على نطاق واسع.
وأفردت الصحافة الإماراتية مساحات لكُتٌاب متصهينين من أمثال: هانى مسهور وحسين الحنشي، وسعيد بكران، وأسامة الشرماني، ووضاح عطية، وصلاح بن لغبر ومختار اليافعي، ونافع كليب، ووضاح الهنبلي[7].
كما يسوّق الإعلام الإماراتي الادعاءات الصهيونية، وينشر ما يصدره الجيش الصهيوني من تبريرات. وإمعانًا في حملة التبريرات التي يقوم بها الإعلام الإماراتي بهدف غسل يد الإسرائيليين من دماء الفلسطينيين، ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن مستخدمي منصة "X" في الإمارات يحرّفون -بدعم ضمني من الدولة- الحقائق، ويعيدون صياغة وقائع محددة لخدمة "إسرائيل" على حساب الفلسطينيين.
وعرض الموقع، أمثلة لدعم الإمارات لعنف الشرطة "الإسرائيلية" المفرط ضد المتظاهرين الفلسطينيين، والتآزر الإيديولوجي مع المواقف "الإسرائيلية" اليمينية المتطرفة، حتى قبل اتفاقيات ما يسمى "أبراهام".
أشار الموقع إلى أن المحللين السياسيين، توقعوا أن تستمر أبوظبي في غض الطرف عن معاناة الفلسطينيين، لكن المفاجأة، أن الإماراتيين ذهبوا إلى أبعد من ذلك وقاموا بتبني الدعاية الصهيونية ضد الفلسطينيين بالكامل.
وقد ظهر ذلك مبكرا في عام 2021 ، فبالتزامن مع إلقاء رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، كلمة له بعد قصف المقاومة لمدن بالأراضي المحتلة في معركة "سيف القدس"، اختارت قنوات إماراتية، على رأسها "سكاي نيوز عربية"، نقل كلمة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو التي يهدد بها الفلسطينيين، ثمّ كلمة رئيس أركان جيش الاحتلال، ووزير حرب الاحتلال، وفتحت الهواء لتوجيه التهديدات الصهيونية المباشرة للفلسطينيين.
هذا التعامل مع العدوان، تكرّر على صفحات صحفٍ ومواقع إماراتية أخرى، تجاهلت بشكل كبير المواجهات التي تحدث في القدس والعدوان على غزة، مثل مواقع "العين"، و"الإمارات اليوم"، بالتوازي مع حملات إلكترونية من بعض الحسابات المنسوبة لمشاهير، تهاجم الفلسطينيين، أو تعبّر عن عدم تعاطفها مع ما يحصل سواء في غزة أو القدس المحتلة[8].
الرقص على حبال الصهيونية
واتصالا بما سبق، شهد الخطاب الإعلامي المصري منذ انقلاب يوليو 2013، تصاعدا للعداء للمقاومة الفلسطينية، وبخاصة حركة حماس، فنالتها اتهامات الإرهاب، وادعاءات أنها اقتحمت الحدود المصرية بعدثورة يناير .
ومع إنطلاق معركة "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر 2023، حاول الإعلام المصري إظهار التعاطف مع الفلسطينيين، بتوجيهات رسمية، لكن بمرور الوقت، ونتيجة الصمود الأسطوري للمقاومة، تغيّر الموقف الرسمي إعلاميا، مع مشاركة نظام السيسي فعليا في حصار غزة، وظهرت بشكل تصاعدي أصوات متصهينة في الإعلام المصري، سُمح لها بالظهور دون مواربة.
أبدت هذه الأصوات انحيازا للكيان الصهيوني، وشنت حربا لا هوادة فيها على المقاومة الفلسطينية، بتحميلها مسئولية كل المجازر التي تشهدها غزة، ومن أمثلة هؤلاء: إبراهيم عيسي، و هالة سرحان، وداليا زيادة، و خالد منتصر، وريهام سعيد وخيري رمضان، وعدد من نشطاء وسائل التواصل في مقدمتهم وائل غنيم.
كما تفننت بعض القنوات، ومنها "القاهرة والناس" و "تن" و"صدى البلد"، في الهجوم على قيادات المقاومة الفلسطينية، ولعبت دور رأس الحرب في الهجوم على المقاومة الفلسطينية[9].
وفي حلقات متعددة من برنامجه "حديث القاهرة"، المذاع على قناة "القاهرة والناس "، مارس إبراهيم عيسى تحريضا علنيا ضد المقاومة، وصل حد وصف "حماس" بأنها "أكبر خائن للقضية الفلسطينية".
واعتبر "عيسى" أن ما تنفذه حركة حماس منذ بداية العدوان الإسرائيلي أضر بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وزعم أن "حماس حركة انتحارية وليست مقاومة فلسطينية"، وقال:"هم أحرجوا إسرائيل أمنيًا، إلا أنها كحماس مقاومة غير عاقلة وغير رشيدة".
كما زعم أن "حكومة حماس رخصت موت شعبها ولم تنجز شيئا للقضية الفلسطينية"، واصفا قادة الحركة بأنهم "عصابة وشيوخ منسر وأكبر خونة للقضية الفلسطينية وما تفعله هو تصفية للقضية الفلسطينية"[10].
داليا زيادة، مديرة ما يسمى "المركز المصري للدراسات الديمقراطية الحرة (غير حكومي)، كانت أيضا من بين الوجوه التي هاجمت المقاومة الفلسطينية، وأعلنت صراحة دعمها للكيان الصهيوني في حربه على غزة.
وصفت المقاومة الفلسطينية بـ"الإرهاب"، وقالت -في تصريحات متلفزة- إن "إسرائيل" ستظل في نظرها جار وصديق وشريك مهم جدًا لمصر، متابعة: "نعم كان بيننا حرب في يوم من الأيام، لكن أيضًا بينا سلام عمره أكثر من 40 سنة "[11].
كذلك ضمن الإعلاميين المتصهينين، هالة سرحان، التي شنت في أول أيام الحرب على غزة، هجوما حادا على حركة "حماس" والمقاومة الفلسطينية، ونشرت عبر حسابها على منصة "X" مقطع فيديو، قالت فيه: "وشهد شاهد من أهلها.. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس شخصيا يعلن للمرة الأولى أن حركة حماس هربت إلى سيناء في سيارات الإسعاف.. كانت تختبئ تحت الأقبية وتترك الفلسطينيين، والأطفال تًقتل ويقولون مقاومة؟"[12].
أخيرا، ومع استشهاد "السنوار" بهذا الشكل النضالي، ونعي الأزهر له بكل كلمات الفخر والعزة، خرج من مصر ذاتها إعلاميون يهاجمونه بشدة، في مقدمتهم أحمد موسى، الذي زعم أن "السنوار قاد ميليشيات ارتكبت عمليات إرهابية على أرض مصر"، متسائلا عن "حق الشهداء الذين ضحوا بحياتهم دفاعا عن أرض الوطن".
وخلال برنامجه "على مسؤوليتي" عبر قناة "صدى البلد"، قال "موسى" يوم استشهاد السنوار : "من يريد أن يقاوم فليقاوم في بلده، يدافعوا ويحرروا بلدهم؛ لكن من يأتي إلى مصر وينفذ عملا إرهابيا على أرض مصر ويدخل بلدنا ويقتحم الحدود ويقتل شهداءنا الأبطال، هو إرهابي".
والنتقد "موسى" "بيانات بعض النقابات ومن نعوا "السنوار"، متسائلا عن "حق الشهداء المصريين في سيناء". وقال بانفعال مصطنع: "أنت لا تعرف وأنت تقول ذلك، أن هناك أسرا عندها شهداء قتلوا فأين حق أولادنا وأبطالنا؟".
ومن الإعلاميين المتصهينين، أحمد الطاهري، رئيس قطاع الأخبار في الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، الذي كتب على صفحته على "فيسبوك"، بعد استشهاد السنوار مباشرة : "رحم الله شهداء هذا الوطن في سيناء، قالوا نموت ولا يدخل مصر خسيس وجبان، المجد لشهداء قواتنا المسلحة".
وزعم عمرو أديب، خلال برنامجه "الحكاية" على قناة “إم بي سي مصر”، رؤيته لمواطنين من قطاع غزة "سعداء بسبب وفاة السنوار ".
ووجه أديب سؤالا لمراسل قناة "العربية"، في قطاع غزة عن مشاعر المواطنين تجاه استشهاد السنوار، وقال "إن البعض يعتبره مسؤولا عن الدمار الذي شهده القطاع"[13].
بالطبع هؤلاء الإعلاميين لايقدحون من زنادهم، بل هي تعليمات تصدر لهم من "جهات سيادية"، تترجم توجه النظام الحاكم ورغبته في "شيطنة" المقاومة، وهو ما اتضح جليا بعد أن فضح الصحفي الأمريكي "بوب وودورد" هذا التوجه، في كتابه "الحرب"، الصادر مؤخرا، موضحا أنه بعد أن التقى "أنتوني بلينكن" وزير خارجية أمريكا، في جولته الأولى بالمنطقة عقب اندلاع "طوفان الأقصى" في الأسبوع الثاني من أكتوبر 2023 "، عبدالفتاح السيسي رئيس النظام المصري، التقى بلينكن وفريقه بوزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس المخابرات عباس كامل، الذي قدم لبلينكن وفريقه معلومات وخرائط جمعتها المخابرات المصرية عن أنفاق غزة.
وفي رسالة موجزة من كامل لوزير الخارجية الأمريكي، والتي أخبره أن ينقلها إلى نتنياهو، نصح قائلًا: “يجب على إسرائيل أن لا تدخل غزة بريًا دفعة واحدة، بل على مراحل، وأن تنتظر حتى يخرج قادة حماس من جحورهم، وعندها يقطعوا رقابهم”، وأدرك بلينكن وفريقه أن كامل لم يكن يمزح، وبالفعل نقل معلومات أنفاق غزة ورسالة كامل إلى نتنياهو.
يتضح مما سبق أن تصهين الإعلام العربي أمر مقصود ومدبر، حيث تفنن الإعلاميون في قلب الحقائق، وحولوا أبطال المقاومة لإرهابيين، والقتلة سفاكي الدماء مغتصبي الأرض من الصهاينة لدعاة سلام وأصحاب حقوق في ظل بيئة تطبيعيه تبنتها هذه الأنظمة الاستبدادية.
المصادر:
[1] "أثار الغضب: تقرير تلفزيوني لـ«m b c» يصف قادة حماس وحزب الله بالإرهابيين" ، موقع التغيير ، 21 اكتوبر 2024، https://2cm.es/M1lF
[2] "الإعلام العربي المتصهين " ، موقع قناة العالم ، ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٤، https://goo.su/zbZx
[3] "حماس" تندد بتقرير لقناة "أم بي سي""، موقع الخبر، 18 أكتوبر 2024، https://2cm.es/M1lX
[4] "الإعلام السعودي.. مُتصهين أكثر من الصهاينة.. وخصومة للمقاومة بلغت حد الفُجور!" ، موقع وكالة الأنباء اليمينة ، 22 أكتوبر 2024 ، https://goo.su/yZpinط
[5] "بشهادة وول ستريت جورنال .. حملات الذباب وإعلام بن سلمان ضد “السنوار” يؤدي لتعاطف السعوديين !" ، بوابة الحرية والعدالة، 22 أكتوبر، 2024، https://2cm.es/OnI7
[6] "إعلام الإمارات يشيطن المقاومة الفلسطينية خدمة لـ "إسرائيل"" ، موقع " السياسية" ، 21 اكتوبر 2024 ، https://www.alsyasiah.ye/404856
[7] "شيطنة المقاومة.. سلاح الإمارات لتجميل صورتها المشوهة فلسطينيًا" ، نون بوست ، 17 مايو 2021 ، https://www.noonpost.com/40695/
[8] "كيف تعامل الإعلام الإماراتي وإعلام دول التطبيع مع ما يحدث في فلسطين؟" ، مركز جزيرة العرب للدراسات والبحوث، 2مايو 2021، https://2cm.es/OnJE
[9] محمد أحمد ، "تحول لافت في الخطاب الإعلامي المصري من الحرب على غزة"، عربي21، 27 اكتوبر2023، https://cutt.us/9L6b6
[10] "إبراهيم عيسى يتجاوز نتنياهو في صهيونيته ويصف حماس بأكبر خائن للقضية الفلسطينية "، موقع وطن، 24 أكتوبر 2023، https://cutt.us/W9VxY\
[11] "حقوقية مصرية متهمة بالتخابر مع إسرائيل تغادر القاهرة.. ماذا قالت؟" ، الخليج الجديد ، 17 نوفمبر 2023 ، https://cutt.us/H1ibk
[12] "هالة سرحان تهاجم المقاومة وتدافع عن أطفال غزة.. ماذا قالت؟" ، الخليج الجديد ، 5 نوفمبر 2023 ، https://cutt.us/QLct1
[13] " إعلاميون يهاجمون السنوار بعد استشهاده" ، القدس العربي ، 20 أكتوبر 2024 ، https://2cm.es/OnHx