دراسة أمريكية: البرامج التليفزيونية متحيزة بشكل فاضح "لإسرائيل" على حساب غزة

الأحد - 18 فبراير 2024

  • شيوع التحيز في البرامج الحوارية الشهيرة في القنوات الأمريكية لصالح الاحتلال الصهيوني
  • تأطير الحرب كصراع بين "إسرائيل" و حماس لصرف الانتباه عن العقاب المنهجي للفلسطينيين
  • تجنب الإشارة إلى مطلب وقف إطلاق النار في غزة رغم أنه السائد في حركة الاحتجاج الأمريكية

 

إنسان للإعلام- قسم الترجمة:

كان أمرا متوقعا أن ينحاز الإعلامي الأمريكي والغربي لدولة الاحتلال الصهيوني، حتى وهي تُبيد غزة في حرب وحشية بسبب سيطرة الفكر الصهيوني على الميديا الغربية وإرهاب اللوبي اليهودي لمن يعارضون الاحتلال بحجة "معاداة السامية".

لكن تحول الانحياز هذه المرة إلي دعم للإبادة بصورة فجة دفعت أمريكيين للتظاهر أمام الصحف والتلفزيونات الأمريكية الكبرى احتجاجا على انحيازهم للاحتلال، ما لفت أنظار باحثين قام بعضهم بوضع دراسة تحليلية توثق هذا التحيز المفضوح للإعلام العربي.

الأكاديمي الأمريكي "ويليام لافي يومانز"، وهو أستاذ مشارك في كلية الإعلام والشؤون العامة بجامعة جورج واشنطن، ومدير معهد الدبلوماسية العامة والاتصالات العالمية، رصد في دراسة تحليلية تفاصيل هذا التحذير من جانب البرامج الحوارية التلفزيونية الأمريكية "لإسرائيل".

وثق في الدراسة التحليلية، التي نشرها على موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت"، التابع لمعهد "كوينسي" لفن الحكم المسؤول في واشنطن، مدى انحياز صانعي الأخبار والنخبة في أمريكا وانفصالها عن الواقع عندما يتعلق الأمر "بإسرائيل".

رصد مدى شيوع التحيز غير المفاجئ في البرامج الحوارية الرئيسية في القنوات الأمريكية NBC، وCBS، وABC، وFox نحو دولة الاحتلال، لا سيما منذ هجوم "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023، وما تبعه من حرب "إسرائيلية" مدمرة وبدعم أمريكي على غزة.

استعرضت الدراسة التحليلية المحتوى الذي قدمته أهم منصات برامج التحليل السياسي على شاشات التلفزيون في الولايات المتحدة، وهي البرامج الحوارية الإخبارية التي تبث صباح كل أحد على الشبكات الرئيسية، NBC، وCBS، وABC، وFox.

وأسماء هذه البرامج المألوفة لدى الأمريكيين هي: Meet the Press (NBC)، وFace the Nation (CBS)، وThis Week (ABC)، وFox News Sunday (FOX)

وهذه البرامج تحظى بتقييمات عالية نسبيًا، تتراوح من 908 آلاف مشاهدة على قناة Fox إلى 2.78 مليون مشاهد على قناة "ان بي سي" حسب استطلاعات سبتمبر 2023.

والسمة الأساسية لشكل البرامج الحوارية هي المقابلات مع الضيوف، الذين يشملون صانعي الأخبار والأفراد البارزين والمسؤولين الحاليين والسابقين، تليها موائد مستديرة إخبارية أو حلقات نقاش تضم مسؤولين وصحافيين وخبراء.

انحياز أعمي ضد غزة

بحسب الدراسة،"عندما يتعلق الأمر بغزة، توضح هذه البرامج مدى انحياز وانعزال صناع القرار ووسائل الإعلام الرائدة في أمريكا"! "الطريقة التي يناقشون بها قضايا اليوم تعكس أولويات وتحيزات النخبة السياسية، الأمر الذي يخاطر بترك الجماهير غير مطلعة وغير معرضة لمجموعة من وجهات النظر في العالم"، كما يقول صاحب الدراسة "ويليام لافي يومانز".

قال إنه حلل ضيوف البرامج، الذين بلغ عددهم 140 (مع استبعاد الضيوف الذين يعملون كمراسلين في تلك الشبكات أو محللين منتظمين لديها) وملاحظاتهم خلال الأشهر الثلاثة التي أعقبت هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023 مباشرة، فوجد هذه المفارقات التي تؤكد التحذير الأعمى:

  • أن الغالبية العظمى من الضيوف (120 من أصل 140) أمريكيين، ولم يكن أي منهم من أصل فلسطيني أو حتى عربي أمريكي، ما يثبت التحيز بداية بإظهار وجهة نظر أمريكية داعمة للاحتلال والتحيز الكبير لصالح الاحتلال "الإسرائيلي" ضد الفلسطينيين.
  • كان ثلاثة ضيوف أمريكيين من أصول إسلامية من جنوب آسيا، لكن اثنين منهم فقط عبروا عن وجهات نظر مؤيدة للفلسطينيين، أما الثالث فكان يعمل في مركز أبحاث أمريكي محافظ وكان أكثر تعاطفا مع "إسرائيل" في تعليقاته من الاثنين الآخرين.
  • شكل الإسرائيليون الجنسية الثانية الأكثر شيوعًا، حيث ظهر 10 ضيوف.
  • برنامج واحد فقط، وهو برنامج (واجه الأمة) Face the Nation  الذي تبثه قنا  CBS، كان يضم مواطنين عربا كضيوف، لكنهم كانوا ممثلين بشكل محدود في هذا البرنامج، حيث شكلوا 11% من جميع الضيوف الذين ظهروا.
  • كان هناك مواطن فلسطيني واحد فقط ضيفًا، وهو حسام زملط، رئيس البعثة الفلسطينية لدى المملكة المتحدة كان في برنامج “واجه الأمة” في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
  • كانت الآراء، التي عبر عنها الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات، مؤيدة بأغلبية ساحقة "لإسرائيل" وكان هؤلاء الضيوف أكثر تعاطفا مع "إسرائيل" بأكثر من الضعف مقارنة بالفلسطينيين.
  • كانت قناة "فوكس نيوز" الأكثر تحيزا للاحتلال، حيث أعرب 96% من الضيوف عن آراء مؤيدة "لإسرائيل" ولم يتم التعبير عن وجهة نظر واحدة مؤيدة للفلسطينيين.
  • في البرامج الأخرى، أعرب ما بين 60 و65% من الضيوف عن آراء مؤيدة لإسرائيل. باختصار، كانت وجهات النظر المؤيدة "لإسرائيل" أكثر تكراراً بخمسة أضعاف من المؤيدة للفلسطينيين في جميع البرامج التي تم بثها.
  • 82% من الضيوف كانوا مسؤولين حاليين أو سابقين في الحكومة الأمريكية، ما يشير إلى أنهم مثلوا بشكل مبالغ فيه آراء مجموعة ضيقة من النخبة السياسية في الولايات المتحدة، ونظراً للطبيعة غير المتوازنة للسياسة الخارجية الأمريكية باعتبارها مؤيدة لإسرائيل بشكل حازم، لهذا كان من المتوقع أن يعكس التأطير في هذه البرامج الحوارية هذا الموقف بشكل غير متناسب، كما يقول الباحث.

لا يقولون "احتلال"!!

أكد الباحث أنه وبسبب التحيزات في السياسة الخارجية الأمريكية وندرة وجهات النظر الفلسطينية والعربية، كانت السياقات الرئيسية التي تحدد المشاكل العميقة في السياسات الإسرائيلية غائبة تقريبًا.

على سبيل المثال، تم ذكر الاحتلال 15 مرة فقط في البرامج التي مدتها 51 ساعة والتي تم تحليلها، وكان معظم الضيوف العرب هم من فعلوا ذلك.

وفي المقابل، نطق الضيوف كلمة "رهائن" 529 مرة، أي بمعدل 35 إشارة مقابل إشارة واحدة لكلمة "احتلال".

وتم ذكر الأسرى الفلسطينيين 17 مرة فقط، خلال تلك البرامج، مقابل الترويج بكثافة إلى فكرة أن  حماس وبقية فصائل المقاومة أسروا "إسرائيليين". وكانت إحدى النتائج المفاجئة التي توصل إليها الباحث هي قلة عدد الضيوف الذين تحدثوا عن الفلسطينيين على الإطلاق.

بالمقابل، ذكر الضيوف كلمة "إسرائيل" 2,282 مرة، في حين تم ذكر "حماس" بمقدار النصف (1108 مرات)، كما أن فلسطين أو الفلسطينيين – الذين تحملوا وطأة الحرب الإسرائيلية على غزة – استحقوا 456 إشارة فقط، أي أقل من نصف عدد مرات الإشارة إلى حماس.

وأكد الباحث أن هذا يدل على "التأطير المفضل للحرب على أنها صراع بين إسرائيل وحماس، وهو ما يصرف الانتباه عن العقاب الإسرائيلي المنهجي للمدنيين الفلسطينيين".

وعلى الرغم من أن مطلب وقف إطلاق النار في غزة هو السائد لحركة الاحتجاج الأمريكية النابضة بالحياة، بما في ذلك عدد متزايد من المشرعين الأمريكيين والعديد من زعماء العالم، إلا أنه لم تتم مناقشته إلا نادرًا خلال البرامج!!

وتم طرح "وقف إطلاق النار" 94 مرة فقط في جميع برامج "التوك شو" الأمريكية، وأكثر من نصف هذه الإشارات كانت على برنامج (فوكس نيوز صنداي)، حيث عارض الضيوف الفكرة بشدة.

لا إبادة جماعية!

وجدت الدراسة أن الأكثر ندرة من مصطلح وقف إطلاق النار كان مصطلح "الإبادة الجماعية"، الذي نطق به الضيوف 23 مرة فقط، ولم يتم تطبيقه إلا مرة واحدة على سلوك إسرائيل في غزة، على الرغم من الاهتمام واسع النطاق به من قبل الباحثين والمحامين الدوليين والحكومات، فيما يتعلق بالحصار الإسرائيلي وقصف غزة.

ينتهي التحليل، الذي أعده الأكاديمي الأمريكي، إلى  أن عدم تضمين البرامج الإخبارية يوم الأحد على قنوات ABC وNBC وFOX ضيفا فلسطينيا واحدا، بينما كان لدى CBS ضيفًا واحدًا فقط، "يعد فشلًا ذريعًا".

قال: لا ينبغي أن تكون أي نقطة بيانات مثيرة للقلق مثل حقيقة أن المسؤولين في إدارة بايدن والمشرعين الديمقراطيين كانوا من بين المنتجين الرئيسيين للرسائل المؤيدة لإسرائيل التي لم تأخذ في الاعتبار – على الإطلاق – الحقائق على الأرض في غزة.

فجوة نابعة من العنصرية

وكانت مجلة "ذا نيشين" نشرت مقالا لآدم جونسون، يوم 8 ديسمبر 2023، قال فيه إن سردية "قنص حماس" في الولايات المتحدة تخفي وراءها الخطط الحقيقية لإسرائيل في غزة.

قال إن الإعلام الأمريكي والنخبة السياسية تحلل وتناقش وتشكل السردية في غزة بطريقة تختلف عن تلك التي يناقشها الإعلام الإسرائيلي وبين قادة إسرائيل أنفسهم.

أوضح الكاتب أن الفجوة نابعة من العنصرية الثقافية والسذاجة المتعمدة والاصطفاف الذي يعكس موقف الحكومة الأمريكية، بشكل يخلق فشلا إعلاميا بطريقة لم نر مثلها منذ التحضيرات التي سبقت حرب العراق.

أضاف جونسون أن "إسرائيل" تعمل على عملية ترانسفير ضخمة وعملية إخلاء غزة من سكانها، وكل شيء تفعله يجب فهمه من خلال هذه العدسات.

قال: كانت الحكومة الإسرائيلية واضحة منذ البداية في خطة التهجير، إلا أن الإعلام الأمريكي ظل يؤطر كل فعل يقوم به الجيش الإسرائيلي في شمال غزة وكأن كل هدف يحاول تنظيفه هو جزء من عملية مدروسة "لتصيد حماس"!

هنا رابط الدراسة الأمريكية