تلميع كاذب وتبرير للفشل.. الإعلام المصري يسقط في "أتون الحرب السودانية"

الأربعاء - 26 أبريل 2023

إنسان للدراسات الإعلامية- خاص:

في تغطيتها للحرب السودانية، وخاصة المتابعة للجالية المصرية في الولايات السودانية، تتجه المنظومة الإعلامية المصرية لسياسة التلميع والإخفاء المتعمد.

ففي ظل أوضاع في غاية السوء يواجهها المصريون في السودان بعد اندلاع المواجهات بين الجيش النظامي بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حميدتي، وتعرضهم للخطر، تتجاهل الدبلوماسية المصرية نداءاتهم ولا تكترث إليهم، في وقت يقوم الإعلام المصري فيه بمحاولة تلميع كاذبة عبر مجموعة من تصريحات بعض المسؤولين داخل مصر ، تشيد بأداء دور غير موجود على الأرض، يرافقه مجموعة من اللقطات التليفزيونية لبعض الوفود السودانية التي تمكنت من الدخول إلى لأراضي المصرية؛ بهدف تكملة الصورة

في مقابل ذلك يغض الإعلام المصري الطرف بإخفائه نقل المناشدات من المصريين في السودان للمسؤولين وطاقم السفارة هناك؛ من أجل تلبية نداءات الاستغاثة وإنقاذهم من الحالة الصعبة، يصاحب هذا التجاهل مجموعة من التبريرات غير الأخلاقية من مؤيدي النظام، تتهم أغلب الموجودين بالسودان بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين.

نماذج "تلميعية" صارخة

من النماذج التلميعيةالصارخة خبر في المصري اليوم، الثلاثاء 25 أبريل، بعنوان "«برلمانية الوفد» بـ«الشيوخ»: مصر لا تنسى أبناءها في الخارج.. ولن تدخر جهدًا في حمايتهم"، حيث نقلت الصحيفة على لسان الدكتور ياسر الهضيبى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشيوخ، أن "الدولة المصرية نجحت بامتياز في إجلاء المصريين من السودان بعد الأحداث التي شهدتها مؤخرا"!

وزعم السفير محمد العرابي،  رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية بإدارة الدولة المصرية، أن "مصر أدارت أزمة المواطنين العالقين في السودان باحترافية"، بحسب "الوطن نيوز"!

ونقلت بوابة "الأهرام "، على لسان مواطن سوداني قوله إننى "اتجهت مع عائلتي إلى مصر لأنها آمنة "، وذلك عن  استطلاع لكاميرا "القاهرة الإخبارية" لآراء مواطنين سودانيين سهلت لهم الحكومة المصرية إجراءات العبور إلى معبر أرقين البري  بين مصر والسودان.

وقال موقع " الوطن  نيوز ": إن "دولا أعلنت التنسيق مع مصر لإجلاء رعاياها من السودان، هي باكستان وإيطاليا واليونان.

وزعم مراسل القاهرة الإخبارية أن 250 حافلة دخلت مصر من معبر أرقين خلال 26 ساعة، وفق ما نقله موقع "اليوم السابع" عن القناة

وبالطريقة الدعائية ذاتها، تحدث موقع " القاهرة 24 " عن  "كواليس إجلاء عشرات الأوكران من السودان إلى مصر"   

أزمات تواجه المصريين

في المقابل، رصدت صحيفة "العربي الجديد" مجموعة من الأزمات التي يتعرض لها المصريون في السودان، أهمها: وفاة طالب مصري وإصابة آخر في السودان، و محاولات العالقين هناك الخروج بجهودهم الذاتية دون أدنى مساعدة من الحكومة المصرية.

ومن أمثلة ما قالته "العربي الجديد" تحت عنوان "وسط صمت رسمي.. وفاة طالب مصري وإصابة آخر في السودان": لم تنجح مناشدات أهل أحد الطلاب المصريين، الذي توفي الاثنين في السودان، من إجلاء جثمانه ودفنه في بلاده، فيما تتواصل مناشدات متكررة من أصدقاء طالب آخر مصاب بتدخل السفارة المصرية لمتابعة تطورات حالته الصحية، وسط صمت رسمي حتى الآن.

وتحت عنوان "المصريون في السودان... عالقون يحاولون المغادرة بجهود ذاتية" قالت " العربي الجديد" أيضا: "في معرض تبرير إرجاء الإجلاء، يقول بعض مؤيدي النظام إن السبب يعود إلى "دواع أمنية"، إذ تخشى الحكومة المصرية من كون كثير من الموجودين في السودان من المعارضين، أو ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، رغم أن القاهرة لطالما طالبت الخرطوم بضرورة تسليم المعارضين والمطلوبين"

و يحاول المصريون الاعتماد على جهودهم الشخصية للفرار إلى الشمال، ويتواصلون معاً بشأن توفير الحافلات، ومناطق التجمع، كما يواصلون الاطمئنان على بعضهم بعضاً، وتبادل المساعدات المعنوية والمادية بعدما تقطعت بهم السبل، ونفدت أموال كثيرين منهم، وخصوصاً الطلاب الذين يدرسون بالجامعات السودانية، وسط تساؤلات عن غياب أي دور للسفارة المصرية".

تضارب التصريحات المصرية

تزامن مع هذه المعالجات الإعلامية، تضارب التصريحات لدى المسؤولين المصريين، والتي ظهرت جليه في أحداث الاثنين 24 إبريل، حول إعلان مقتل دبلوماسي إداري،/ محمد الغراوي مساعد الملحق الإداري بسفارة مصر في الخرطوم، فبعد ساعتين فقط من نفي السفير المصري للخبر عبر بيان رسمي تناقلته القناة المحسوبة على المخابرات المصرية "إكسترا نيوز" وكذلك موقع "اليوم السابع"، صدر قرار بإعلان مقتل الدبلوماسي عبر وزارة الخارجية المصرية، رغم أن  السفير المصري في الخرطوم هاني صلاح، أكد أن "جميع أعضاء البعثة الدبلوماسية المصرية بخير، بما في ذلك أعضاء مكتب الدفاع..واستمرار  البعثة والمكاتب الفنية المصرية فى القيام بمهامهم وسط ظروف في غاية التعقيد"، وبعد أن صحح الجيش السوداني المعلومة بأن المقتول مساعد إداري وليس عسكريا، اضطرت الخارجية للاعتراف بمقتله.