يقول الشئ وعكسه بشأن العدوان على غزة.. الإعلام يفضح تناقضات السيسي

الأربعاء - 25 أكتوبر 2023

إنسان للإعلام- جهاد يونس:

بعد مرور 19 يوماً من العدوان الصهيوني على غزة عقب عملية "طوفان الأقصى"، وبعد دعوة السيسي شعب مصر لتفويضه للحفاظ على أمن مصر والقضية الفلسطينية، يجد أهالي غزة أنفسهم كل لحظة تحت قصف صهيوني وخذلان عربي، خصوصاً من الدولة الملاصقة لهم وهي مصر.

خلال هذا الأسبوع، كرر الإعلام المصري تنديداته بما يحدث في غزة ودعت الجرائد والقنوات والمنصات الإلكترونية التابعة لإعلام الانقلاب الى وقف إطلاق النار ومساندة أهالي غزة لكن دعواتهم لم تنتقل إلى أرض الواقع، رغم لعبة التفويض المحببة للسيسي.

بدا واضحاً للمصريين أن السيسي لايريد التورط في الحرب ولا بشيء قليل دفاعاً عن غزة، ولكن ما صدمهم بشدة هو القصف الإسرائيلي الذي استهدف برج مراقبة مصري وأسفر عن إصابة 9 مصريين، وهو ما دفع الأنظار الى الجيش المصري الذي اكتفى بالتصريح عن ان الأمر "كان بالخطأ" وأن "الطرف الأخر اعتذر"!

تلميع السيسي وتبرير أفعاله

رغم هذا العدوان وهذا الموقف المصري السلبي حد الخيانة، كان دور الإعلام– كالعادة- هو تضخيم مواقف السيسي أو تبرير ها، بحسب ما يستدعي الأمر.

من ذلك، ما نشرته صحيفة الشروق تحت عنوان (سمير راغب: القصف الإسرائيلي لموقع مصري بالخطأ من نقطة يعاني جنودها من انهيار عصبي)  في محاولة لتبرير سكوت الجيش على ضرب جيش الاحتلال الصهيوني لبرج مراقبة في منطقة كرم أبو سالم وقال وإصابة 9 عسكريين مصريين.

وبرر موقع "المصري اليوم" فشل قمة القاهرة للسلام، فنشر أنه كان من المتوقع عدم الخروج ببيان ختامي بسبب انحياز عدة دول غربية لإسرائيل (المصري اليوم: لماذا لم يخرج بيان ختامي عن قمة القاهرة للسلام ؟.. أستاذ علوم سياسية يوضح)

وضمن محاولات إظهار صورة إيجابية لأداء السيسي، وبعد الإفراج عن المحتجزتين الصهيونيتين المسنتين من غزة، بوساطة قطرية مصرية،  نشر موقع "مصراوي" تحت عنوان (برلمانية: الإفراج عن محتجزتين بغزة دليل على قوة وتأثير مصر )

ونشر اليوم السابع: (القوى الإسلامية في غزة تشكر الرئيس السيسي وتناشد بدخول المصابين لتلقي العلاج)، برغم أن مصر لم تستقبل حتى الآن جرحى من سكان غزة، وتصر على إغلاق المعبر في الاتجاهين.

ونشر أيضا: (ضياء رشوان: قمة القاهرة للسلام تعكس دور مصر فى حل القضية الفلسطينية).

وفي خبر ثالث نقل على لسان عمرو موسى (قمة "القاهرة للسلام" بداية موفقة لإنهاء العدوان الإسرائيلى).

ونشر موقع "الأهرام" ما قاله السيسي خلال تفقد الجيش الثالث الميداني («مصر تتعامل مع الأزمات بعقل وصبر دون تجاوز».. أبرز تصريحات الرئيس خلال تفقد إجراءات تفتيش حرب الفرقة الرابعة)

كما نشر موقع "فيتو " عن ما سماه الموقف الإيجابي لمصر ، بعنوان (السيسي: مصر بذلت دورًا إيجابيًا في احتواء التصعيد بغزة على مدار 5 جولات صراع)

متلازمة السيسي "سأفعل عكس ما أقول"

التناقض هو عنوان عمل السيسي، يفعل عكس ما يقول دائما، فبعد دعوته الشعب إلى  النزول لمساندة الشعب الفلسطيني، ألقى القبض على شباب متظاهرين ولفق إليهم تهم الانضمام لجماعة محظورة، وعكس الإعلام ذلك في صورة أخبار، مثل:(صدى البلد: السيسي: ملايين المصريين مستعدون للتظاهر)، (العربي الجديد: حبس المزيد من متظاهري نصرة غزّة في مصر وإخلاء سبيل 17 آخرين)

وبعد دعوته الكيان الصهيوني تهجير الفلسطينيين إلى النقب والقضاء على المقاومة عاد وردد ما دعا لعكسه سابقا، بعدم تهجير الفلسطينيين أو تصفية القضية الفلسطينية. وظهر ذلك في صحف و وسائل مستقلة، كما في (الحرية والعدالة: السيسي أكثر صهيونية من الصهاينة .. لماذا طالب بالقضاء على المقاومة وتهجير الفلسطينيين إلى النقب)، (الأناضول: السيسي: نرفض تهجير غزة إلى سيناء وتصفية قضية فلسطين)

وبعد تشديده على أمن مصر القومي، يفاجأ الشعب بقصف رفح 4 مرات واستهداف لموقع مصري وإصابة 9 مجندين ويكون الرد المصري " قبلنا اعتذاركم". وظهر ذلك في (الشرق الأوسط: السيسي: لا تهاون أو تفريط في أمن مصر القومي تحت أي ظرف)، و (القاهرة الإخبارية: إسرائيل تعتذر لمصر عن قصف بالخطأ لموقع قرب الحدود)

يد مغلولة وتحكم صهيوني في معبر رفح

في الوقت نفسه لم يملك السيسي اتخاذ  قرار بإدخال المساعدات المتراكمة في مطار العريش من دول عديدة لصالح أبناء غزة، وترك للكيان الصهيوني التحكم فيما يدخل وما يخرج من معبر رفح، فمنعت دخول الوقود والمستلزمات الأشد احتياجاً كالمسكنات، ولم يسمح  الصهاينة سوى بنقطة في بحر الاحتياج المتفاقم بسبب الحرب، وهو ما يجعلنا نتساءل عن أي سيادة يتكلم السيسي وعن أي طرف يجب ان يحميه ولا يعتدي عليه؟

ولم يرشح في الإعلام عن هذا الموقف المتخاذل سوى خبر عن أن مجموعة من السياسيين والحقوقيين دعوا  إلى إطلاق عريضة تطالب بموقف دبلوماسي يليق بدور مصر ، وهو الخبر الذي نشرته وسيلة غير مصرية (العربي الجديد: عريضة تطالب بموقف دبلوماسي من القضية الفلسطينية "يليق بدور مصر")

إعمال القوة مع المصريين فقط

واليوم الأربعاء، وقف السيسي وسط قوات الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميداني في السويس، الذي من المفترض أن يرد بدلاً من حماس -التي ردت برشقات صاروخية على موقع إسرائيلي استهدف موقع أمني مصري- قائلاً: "إن الجيش يصون ولا يعتدي" وشدد على "ضرورة الحفاظ على جاهزية القوات المسلحة".

وعليه استدعى نشطاء آخر مرة قام الجيش المصري بعمل جدي، فذهبت الذاكرة إلى مذبحة رابعة، حيث قام السيسي بعكس ما يقوله تماماً، فاعتدى على شعبه وقتله ولم يصن أو يحمي.

أما عندما يستدعى الأمر التدخل العسكري، سواء في قضية أمن مصر مع الكيان الصهيوني، أو قضية سد النهضة الإثيوبي، فإن الحديث يكون عن "ضبط النفس وعدم التعدي أو التجاوز".

وبمجرد ما انتهى السيسي من زيارة اليوم للجيش الثالث، بدأت موجة الإشادة وإبراز ما قاله، فنشر اليوم السابع: (الرئيس السيسي: الجيش المصرى يبنى ويصون ويحمى ولا يعتدى)، وقالت "المصري اليوم": (السيسي: نتعامل مع كل الأزمات بعقل وصبر دون تجاوز).

كل هذه التناقضات، بقدر ما تظهر  تواطؤ السيسي الواضح مع الصهاينة ضد سكان غزة،  تنعكس على اضطراب أداء الإعلام المصري، بقول الشئ وعكسه في نفس الوقت.