الغطرسة الصهيونية تتحدى| الإعلام يفضح عجز مصر عن إدخال المساعدات إلى غزة

الثلاثاء - 31 أكتوبر 2023

إنسان للدراسات الإعلامية- عبدالله راشد:

مع دخول الحرب على غزة أسبوعها الرابع، تقف الإنسانية عاجزة أمام الغطرسة الصهيونية، والدعم المتواصل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي للكيان الصهيوني بغير حساب .

غزة تباد حرفيا، محاصرة برا وبحرا وقصفها جوا ، و العدو المحتل يرتكب  على مدار الساعة كل أنواع الجرائم ضد أبناء غزة.

كل حكومات العالم تقف متفرجة، إلا قليلا ممن يدين أو يشجب أو يستنكر،  ويتوقف دعمه عند حدود المكسب والخسارة، لكن العجز العربي هو  الكارثة الفعلية في هذا المشهد.

اثنتان وعشرون دولة عربية، لكل منها جيش وسيادة، وتنفق مليارات الدولارات على التسليح سنويا، وعندها أجهزة سيادية ووزراء خارجية، ورغم كل ذلك لا يستطيعون إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر المنكوا.

بل عندما  يدخل القليل جدا من المساعدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لا يمر هذا القليل إلا بموافقة العدو، وبعد أن تمر  الشاحنات بمراحل تفتيش وإذلال وإهدار لكل القيم والأعراف.

نحن أمام نكبة من أكبر النكبات العربية ..دول بإمكانها مساعدة إخوانهم في الدين والإنسانية والعروبة، وتقف  عاجزة متفرجة على من يموتون جوعا وقصفا وقهرا!

بل وصل حال بعض الحكومات العربية أن تمنع المظاهرات المؤيدة لغزة، أو أن تخرج المظاهرات بموافقة محدودة، وبعضها تعتقل المتظاهرين، وهناك دولة عربية وصفت مندوبتها في مجلس الأمن هجوم المقاومة على الكيان بأنه "بربري"! (مندوبة الإمارات بمجلس الأمن تصف هجمات حماس بـ “البربرية والشنيعة")

كل هذه المشاهد والسيناريوهات المخجلة كانت حديث الإعلام هذا الأسبوع، خاصة ما يتعلق بمعبر رفح بين مصر وغزة والذي أغلق تماما مع بداية الهجوم الصهيوني على غزة، ظهيرة يوم السبت 7 أكتوبر 2023.

فقد نشر موقع "الحرة" الأمريكي تصريحات لوزير الخارجية المصري حول عدم سماح إسرائيل بإدخال المساعدات لقطاع غزة المحاصر، تحت عنوان "وزير الخارجية المصري: لم نحصل على "إذن" لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة"، جاء فيها على لسان سامح شكري وزير خارجية مصر: "نقوم بالتنسيق مع الأمم المتحدة ووكالة الأونروا لتقديم طلب الإذن بمرور هذه الإمدادات عبر معبر رفح".

في المقابل، قالت إسرائيل- متحدية- إنها لن تعلق حصارها لقطاع غزة لدخول المساعدات أو إجلاء أشخاص حتى تحرير جميع المختطفين، وذلك في الوقت الذي تحث فيه واشنطن على حماية المدنيين ويحذر الصليب الأحمر من وقوع كارثة إنسانية في القطاع، وفقا لرويترز.

وبعد جهد جهيد وضغوط متواصلة، من الشرق والغرب ومن الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، سمح الكيان المحتل بدخول المساعدات، ولكن ليس كل أنواع المساعدات، بل "بالقطارة"، فالقطاع كانت تدخل إليه 500 شاحنة يوميا، بينما الآن تدخل إليه أقل من 20 شاحنة.

تزامن ذلك مع قصف معبر رفح لمنع دخول المساعدات، وسكت الجيش المصري الذي كان قبلها بيومين يجري تفتيش حرب، ويستعرض اصطفاف قواته وجاهزيتها، بينما يُتعدى على سيادته، ويسكت ويقبل اعتذار العدو في تعديه على أرضه وإصابة جنوده.

قصف مهين للسيادة المصرية

قبل بدء إدخال المساعدات، نشر موقع الشرق الأوسط تحت عنوان "الجيش الإسرائيلي يقصف «بالخطأ» موقعاً مصرياً... وإغلاق معبر رفح"، وجاء فيه: صرح مصدر أمني مصري (الأحد 22 أكتوبر)، بأنه تم إغلاق معبر رفح البري الحدودي مع غزة نتيجة لقصف إسرائيلي لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني، وفق ما أفادت به «وكالة الأنباء الألمانية».

ونقلت الوكالة عن مصدر فلسطيني أن عملية إدخال شاحنات مساعدات إنسانية إلى غزة من مصر أُلغيت في اللحظات الأخيرة بعد غارات إسرائيلية قريبة من معبر رفح.

يأتي ذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي أن إحدى دباباته أصابت «عن طريق الخطأ موقعاً مصرياً» بالقرب من الحدود مع قطاع غزة. وقال الجيش في بيان: «الحادث قيد التحقيق، وملابساته تخضع للفحص. الجيش يأسف لهذا الحادث».

مناشدات لإدخال المساعدات وعجز مصري

ونشرت "الأناضول" تحت عنوان: "الفصائل تدعو مصر لفتح معبر رفح فورا لإنقاذ غزة من "إبادة جماعية"، جاء فيه: دعت الفصائل الفلسطينية مصر، الأحد، إلى فتح معبر رفح البري لنقل الجرحى وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لإنقاذ القطاع من "الكارثة الإنسانية وحرب الإبادة الجماعية".

وقالت الفصائل، في بيان مشترك: "ندعو الأشقاء في جمهورية مصر العربية لفتح معبر رفح فورًا لنقل الجرحى وإدخال المساعدات الإنسانية وإنقاذ قطاع غزة من الكارثة الإنسانية وحرب الإبادة الجماعية".

وبوتيرة يومية، تدخل قوافل مساعدات إنسانية منذ أيام إلى غزة من معبر رفح مع مصر، لكن السلطات المحلية في القطاع ومنظمات إغاثية تقول إن المساعدات محدودة جدا ولا ترتقي إلى مستوى الكارثة الإنسانية.

والآن وبعد ثلاثة أسابيع، تناشد جميع الفصائل الفلسطينية مصر فتح المعبر والسماح بدخول المساعدات بشكل أكبر تلبية لحاجات الفلسطنيين في غزة، وانقاذهم من كارثة محققة، فهل يستجيب أهل الحكم في مصر أم ما زالوا ينتظرون الإذن من حفدة القردة والخنازير؟

هل يعقل أن تكون مصر، أكبر الدول العربية سكانا وأكثرها محاربة للصهاينة بعد فلسطين، بهذا القدر من الضعف والهوان وغياب السيادة؟

رحم الله الرئيس الشهيد محمد مرسي، الذي قال وقت العدوان الصهيوني على غزة عام 2012: "لن نترك غزة وحدها"، وأرسل رئيس وزراء مصر ومعه الطواقم الطبية والمساعدات لأهل غزة.

 وقد دفع الرئيس مرسي منصبه، بل وحياته ثمنا لهذا الموقف، وكما يقولون: الرجال مواقف، وليس رجلا من ينتظر إذنا من العدو ليساعد الأشقاء.