طرد المتعاطفين مع غزة على الهواء| "الانحياز" ينسف مهنية الإعلام الغربي
الخميس - 29 فبراير 2024
- قناة "توك تي في" المملوكة لإمبراطورية "مردوخ" تخصصت في طرد أعداء الكيان الصهيوني
- كراهية "مردوخ" للإسلام وراء انحياز مجموعته الإعلامية للكيان الصهيوني وضد الفلسطينيين
- مجموعة "مردوخ" تتدخل في سياسات العالم وتشكل الرأي العام لخدمة الأهداف الاستعمارية
إنسان للإعلام- خاص:
تكرر بصورة لافتة، تعامل مذيعين غربيين، خاصة في القنوات البريطانية، بنوع من "البلطجة" والعنصرية مع ضيوفهم الداعمين لفلسطين، وقاموا بطرد ضيوف على الهواء لمجرد أنهم انتقدوا الإبادة الصهيونية في غزة وأشادوا بصمود الفلسطينيين.
فقد طردت المذيعة البريطانية "نادين دوريس"، 16 فبراير 2024، زعيم حزب العمال البريطاني السابق "كريس ويليامسون" من برنامجها لأنه وصف "إسرائيل" بـ "الكيان الإرهابي" ورفض طلب المذيعة وصف حماس بأنها "كيان إرهابي".
وقالت المذيعة العنصرية نادين دوريس لضيفها: "إذا كنت لا تستطيع أن تصف حماس بأنها إرهابية، لا يمكنني التحدث إليك" وأمرت بطرده من اللقاء وقطعت اللقاء! (تغريدة)
وسبق أن وصفت المذيعة اليمينية المتشددة "جوليا هارتلي"، النائب "كريس ويليامسون" بأنه يدعم الإرهاب، لأنه قال لها إن "المنظمة الإرهابية الوحيدة التي أعرفها هي حكومة إسرائيل".(تغريدة)
كانت واقعة "نادين دوريس" هي الثانية خلال 10 أيام في قناة "توك تي في" Talk TV البريطانية المملوكة لرجل الأعمال "روبرت مردوخ" المؤيد للصهيونية، حيث قام مذيعو القناة بطرد أي ضيف يؤيد فلسطين، رغم ادعاء الإعلام الغربي الحيادية والمهنية، ليفضح نفسخ ويكشف عنصريته وعدم حياده.
ففي يوم 5 فبراير 2024 طرد مقدم البرامج البريطاني جيمس ويل "ستيف هيدلي" الرئيس السابق لـ RMT وهو أكبر اتحاد للعمال في بريطانيا من الاستوديو؛ بسبب دعمه لفلسطين ووصفه بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل بـ "الدول الإرهابية". قال له: "خذ كتابك واخرج وانصر فلسطين! افعل ما أطلبه منك وغادر".(تغريدة)
وفي نفس القناة، يوم 5 يناير 2024، مارست المذيعة "جوليا هارتلي" عنصرية فاضحة ضد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، حين عجزت عن وقف حديثه المنطقي الذي يدين الاحتلال فاتهمته هو وكل العرب بمعاداة النساء!!
وهو ما دعا "هيئة تنظيم الاتصالات والبث الإذاعي والتلفزيوني" في بريطانيا Ofcom لفتح تحقيق بعد أن تلقت أكثر من 15,500 شكوى خلال أقل من أسبوع ضد المذيعة "هارتلي" بسبب موقفها ضد السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي.(تغريدة)
ورغم طرد مذيعي القناة قياديين بريطانيين كبيرين، فقد أصيبا بالخرس إزاء وصف الناشط الإسرائيلي الأمريكي، "ميكو بيليد" المذيعين البريطانيين جيمس ويل وآش غولد لدعمهما "إسرائيل" بأنهما "بلا عقل" لأنه لا يهمهم سوي إدانة الفلسطينيين. قال لهما: "هل أنتما بلا عقل؟ هل تريدان إدانة الفلسطينيين؟ اللعنة والعار عليكما!" (تغريدة)
فتش عن إمبراطورية "مردوخ"
هذه "البلطجة" الإعلامية والتحامل وطرد مؤيدي فلسطين من فضائيات غربية أثارت تساؤلات حول أسباب ذلك وأن الأمر لابد وأنه سياسة ممنهجة. وجري إلقاء الضوء أكثر على إمبراطورية اليهودي "روبرت مردوخ"(93 عاما) الإعلامية، مالك قناة "توك تي في".
وسبق أن نشرت مجلة نيويورك تايمز ماجازين تحقيقا ضخما، يوم 3 أبريل 2019، شرحت فيه كيف أطاحت إمبراطورية مردوخ بحكومات في قارتين (أوروبا وأمريكا) وزعزعت استقرار أهم ديمقراطية على وجه الأرض (بريطانيا).
من أمثلة ذلك، أن "مردوخ" قال في عام 1991: "إذا أراد توني بلير (رئيس وزراء بريطانيا من 1997 إلى 2007) أن يفوز بالانتخابات: "فعليه أن يحضر إليّ هنا في أستراليا للاجتماع مع الموظفين الإعلاميين التابعين لي". وفعلا بعد أيام استقل توني بلير طائرته الخاصة، ونفذ الأمر وذهب للاجتماع مع إعلاميي مردوخ، وحظي لاحقا بدعم الرجل وإعلامه، ثم فاز بالانتخابات.
لذلك حين تنحى "مردوخ" عن منصب رئيس مجلس إدارة مجموعتي "فوكس كورب" و"نيوز كورب"، يوم 22 سبتمبر 2023 منهيا مسيرة مهنية تجاوزت 70 عاما أسس خلالها إمبراطورية إعلامية امتدت من أستراليا إلى الولايات المتحدة، أثيرت التساؤلات حول من سيقوم بهذا الدور؟ وهل يستمر؟
وهل سيقوم ابنه "لوكلان" الذي عهد له بتولي مسئولية إمبراطوريته الإعلامية بنفس الدور في استغلال إعلام مؤسساته لترويض الأنظمة السياسية في العالم والسيطرة عليها ويغير توجهها أم تستمر نفس السياسات؟
ويمتلك مردوخ مجموعات إعلامية أميركية وعالمية، توصف بأنها "لوبيات" مؤثرة في السياسة الداخلية والخارجية لبريطانيا والولايات المتحدة، ولا يخفي دعمه "لإسرائيل".
وبعد إعلان روبرت مردوخ تنحيه عن منصبه في إدارة إمبراطوريته الإعلامية، بشكل مفاجئ، وتسليم المهمة لنجله لوكلان، اتجهت الأنظار نحو ذلك الابن، وتم نفي حدوث أي تغييرات على سياسات القنوات التابعة لإمبراطورية مردوخ.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، 22 سبتمبر 2023، إن "لوكلان" مردوخ الأبن ذو الميول اليمينية المحافظة، يسيطر فعليا على الشركة الأم لعملاق الأخبار منذ عام 2019، عندما تم اختياره لمنصب الرئيس التنفيذي، وبالتالي فنفس السياسات مستمرة ومنها بالطبع دعم اليهود و"إسرائيل"، وهو ما يعني ضمنا أن تنحي مردوخ، بعد 70 عاما من السيطرة لمجموعاته الإعلامية، وتولي نجله قد لا يسفر عن تغيير جوهري في التوجه الفكري والعقيدي للمجموعة الاعلامية اليميني المحافظ المؤيد للكيان الصهيوني والمعادي للإسلام والعرب.
وقد يستمر دور المجموعة في التدخل في سياسات العالم وتشكيل الرأي العام بما يخدم أهداف استعمارية وغسيل العقول، وفق محللين.
معاداة الإسلام هي الأساس
و روبرت مردوخ مسيحي صهيوني مؤيد لنظريات التيار الانجيلي المسيحي الذي لا يختلف في إيمانه عن اليهود.
ويوم 8 مارس 2023 ذكرت صحيفة "ديلي بيست" أن روبرت مردوخ مسيحي كاثوليكي، لكن صحيفة "كاثوليك هيرالد" قالت إن روبرت مردوخ ليس كاثوليكيا وانه تابع للكنيسة المشيخية (البروتستانتية) الإنجيلية.
أوضحت أنه أثناء استجوابه في تحقيق ليفيسون (فضيحة قرصنة إحدى صحفه للهواتف المحمولة لمشاهير في بريطانيا عام 2012)، قال مردوخ إنه يتمتع بجذور "مشيخية" قوية.
وفي مقابلة سجلها عام 1992 نيكولاس كوليردج في كتابه "النمر الورقي" (1993)، قال مردوخ له: "يقولون إنني مسيحي مولود من جديد ومتحول إلى الكاثوليكية، وما إلى ذلك".
تابع: "أنا بالتأكيد مسيحي ممارس، أذهب إلى الكنيسة قليلاً ولكن ليس كل يوم أحد وأميل إلى الذهاب إلى الكنيسة الكاثوليكية، لأن زوجتي كاثوليكية، لكنني لم أتحول رسميًا، ولست متدينًا بشدة كما يصفوني أحيانًا".
وفي 10 يناير 2015 وعقب تفجيرات جرت في باريس ونُسبت لتنظيم الدولة، نشر "مردوخ" تغريدة على "تويتر" قال فيها: "ربما يكون معظم المسلمين مسالمين، ولكن حتى يحاصروا سرطانهم الجهادي المتنامي ويدمروه، يجب أن يتحملوا المسؤولية".(تغريدة)
وبعد 4 أيام حاول توضيح تعليقاته بتغريدة: "بالتأكيد لا أقصد جميع المسلمين المسؤولين عن هجوم باريس، ولكن يجب على المجتمع المسلم أن يناقش التطرف ويواجهه"، معتذرا ضمنا عن لغته السابقة، بعدما هاجمه كثيرون دفاعا عن الإسلام.(تغريدة)
وقد كشفت دراسة عن عداء إمبراطورية روبرت مردوخ الإعلامية للإسلام، بعد تحليل محتوى ست صحف مملوكة لمردوخ في أستراليا، أظهر نشرها ثماني قصص سلبية عن الإسلام أو المسلمين يوميًا، وهذا مجرد جزء صغير من الإمبراطورية الإعلامية العالمية للملياردير.
الدراسة، التي جاءت بعنوان "الإسلام في الإعلام" وجدت 2891 قصة سلبية عن الإسلام كدين، والمسلمين في فترة 12 شهرا خلال عام 2017 فقط، أي بمعدل 8 قصص يوميا.
أوضحت أن القصص السلبية عن المسلمين والإسلام نُشرت على الصفحات الأولى من 152 طبعة يومية لصحف مردوخ.
وخصص ستة من "المعلقين الأكثر إثارة للجدل في وسائل الإعلام الإخبارية الأسترالية" ما يقرب من ثلث مقالات الرأي الخاصة بهم لتشويه سمعة المسلمين وعقيدتهم الدينية.
وعلق موقع التلفزيون التركي (TRT) في تقرير نشره، 20 مارس 2019، قائلا: إن إمبراطورية مردوخ الإعلامية تنشر في كل مكان وعلى مدار الساعة الأفكار العنصرية والمعادية وتروج للقومية المتطرفة والتآمرية والدعاية المضادة للواقع والمعلومات المضللة.
أضاف: تمثل الصحف المملوكة لمردوخ 59% من إجمالي مبيعات الصحف اليومية في أستراليا، حيث تبيع ما مجموعه 17.3 مليون صحيفة أسبوعيًا، لذا يحمل كثير من الأستراليين وجهات نظر سلبية حول المسلمين، بسبب ما تنشره صحفه من سلبيات تلصقها بالمسلمين.
ذكر أن قناة مردوخ التلفزيونية اليمينية في الولايات المتحدة (فوكس نيوز) ساهمت في دفع الأميركيين إلى التطرف ودفعهم إلى تنفيذ أعمال إرهابية مناهضة للمسلمين.
وكان المدير التنفيذي السابق لقناة فوكس نيوز "جوزيف عزام" أعلن إنه استقال "بسبب خطاب فوكس المناهض للمسلمين"، حسبما قال لشبكة الإذاعة الأمريكية (NPR) يوم 21 مارس 2019.
كما تركت منتجة أخبار مسلمة شركة سكاي نيوز أستراليا، التابعة لمردوخ "بسبب تغطيتها المعادية للمسلمين في أعقاب المذبحة التي وقعت في مسجدين في نيوزيلندا وقتل فيها أكثر من 50 مسلما، وتحميل المسلمين (الضحية) المسئولية!
800 شركة في 50 دولة
وتمتلك إمبراطورية مردوخ أكثر من 800 صحيفة وقناة في أكثر من 50 دولة، وتقدر أصولها بالمليارات، فيما تقدر ثروة مردوخ بـ 17 مليار دولار، بحسب وكالة الأبناء الفرنسية، 22 سبتمبر 2023.
وقدرت مجلة "فوربس" ثروة مردوخ الأب بنحو 17,3 مليار دولار، عند الإعلان عن تسليم القيادة لابنه.
وخلال السنة المالية 2023 أعلنت شركة "نيوز كورب" عن أرباح قدرها 149 مليون دولار من إيرادات بلغت 9.9 مليار دولار، وأعلنت شركته الأخري "فوكس" عام 2023 عن أرباح قدرها 1.3 مليار دولار من إيرادات قدرها 14.9 مليار دولار.
وتتألف إمبراطوريته من شركتين هما: "فوكس كوربوريشن" التي تملك عدة محطات أهمها القناة الإخبارية "فوكس نيوز" المفضلة لدى المحافظين الأميركيين، و"نيوز كورب".
وكانت بداية روبرت مع الإعلام عندما ورث صحيفة أديلايد في أستراليا عن والده عام 1952، لينتهي به المطاف ليبني إمبراطورية إعلامية إخبارية ترفيهية مهيمنة في الولايات المتحدة وبريطانيا.
وكانت بداية إنشاء إمبراطوريتيه بشراء صحيفتين محليتين، وتأسيس أول صحيفة على المستوى الوطني "ذا أستراليان" التي منحته دفعة قوية في التعامل مع الحكومات لدفعها لتخفيف القيود التنظيمية على الإعلام.
وفي غضون سنوات سيطر على ثلثي سوق الصحف الوطنية، لتصبح قاعدة في بناء مجموعته الإعلامية في أستراليا، وينتقل بعدها إلى بريطانيا ويستحوذ على صحف "ذا صن" و"ذا نيوز أو ذا ورلد"، ويواجه ضغوطا رسمية بعدها برفض استحواذه على صحيفة "التايمز"
وسعى مردوخ إلى الدخول لمجال التلفزيون في بريطانيا، ولكنه خسر مناقصة الحصول على رخصة البث عبر الأقمار الصناعية الوحيدة للحكومة البريطانية.
ولكن الحكومة تغاضت حينها عندما أنشأ تلفزيون "سكاي" الذي كان يبث البرامج إلى بريطانيا من لوكسمبورغ.
لكنه انتقل لأمريكا في الثمانينيات واستخدم قواعد اللعبة ذاتها في الولايات المتحدة، بعد الحصول على الجنسية الأميركية، ما منحه الحق في شراء محطات تلفزيون لتبدأ إمبراطوريته الإعلامية هناك والتي توجت بتأسيس "فوكس نيوز" في منتصف التسعينيات.
وبنى مردوخ، على مدى 60 عاماً صرحاً إعلامياً خارج نطاق موطنه أستراليا، جامعاً منظمات إعلامية رئيسة تمتد عبر ثلاث قارات، في مسيرة تخللتها أيضاً فضائح عدة.
وقد كان التحيز "المبدئي" من مردوخ ضد الإسلام والمسلمين سببا في اصطباغ امبراطوريته الإعلامية بصبغة الكراهية لكل ما هو إسلامي، لذلك كانت هذه المعالجات السلبية تجاه القضية الفلسطينية والانحياز الأعمى للكيان الصهيوني.