الترسانة النووية الإسرائيلية تتحدى العالم .. لماذا التواطؤ الأمريكي الغربي؟
السبت - 12 نوفمبر 2022
- إسرائيل تمتلك 90 رأسا نوويا وترفض الكشف عن ترسانتها أو التعليق على التقارير الدولية
- القرارات الأممية بشأن سلاح إسرائيل النووي يتم تجديدها سنويا ويضرب بها عرض الحائط!
- لماذا تمر قرارات إدانة امتلاك اسرائيل لسلاح نووي مرور الكرام في حين تعاقب إيران ودول أخرى؟
إنسان للإعلام- خاص
في 28 أكتوبر 2022، صوت أغلبية الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مشروع قرار قدمته 19 دولة عربية بينها مصر، يطالب إسرائيل للتخلص من جميع أسلحتها النووية ووضع مواقعها النووية تحت سلطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بحسب جريدة "جيروزاليم بوست" 30 أكتوبر2022.
انتهى التصويت الأولي لصالح القرار، الذي قدمته مصر، بأغلبية 152 صوتًا، مقابل خمسة أصوات معارضة للقرار هي كندا وإسرائيل وميكرونيسيا وبالاو والولايات المتحدة الأمريكية فيما امتنعت 24 دولة عن التصويت، بما في ذلك أعضاء الاتحاد الأوروبي.
واعتمدت اللجنة الأولى التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، المعروفة باسم DISEC أو C1، بالأغلبية، القرار الذي يطالب الكيان الصهيوني بضرورة التخلص من أسلحته النووية، وإخضاع مواقعها لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بحسب وكالة "قدس برس" اللندنية.
واللجنة الأممية DISEC أو C1، هي إحدى اللجان الست للمنظمة الدولية التي تهدف إلى دراسة ومراقبة قضية الأسلحة النووية في العالم.
دعت اللجنة إسرائيل إلى "الانضمام إلى المعاهدة دون مزيد من التأخير، وعدم تطوير أو إنتاج أو اختبار أو الحصول على أسلحة نووية بأي شكل آخر، والتخلي عن حيازة الأسلحة النووية، ووضع جميع منشآتها النووية غير الخاضعة للضمانات تحت النطاق الكامل لضمانات الوكالة كإجراء مهم لبناء الثقة بين جميع الدول في المنطقة وكخطوة نحو تعزيز السلام والأمن".
طلب سنوي وفشل مستمر!
هذا الطلب تقدمه مصر سنويا كل عام للأمم المتحدة وتتم الموافقة عليه، ومع هذا لا يحدث شيء ويفشل النظام العالمي في نزع سلاح الكيان الصهيوني النووي ولا يتم فرض عقوبات عليها كما يجري مع برنامج إيران النووي خاصة أن إسرائيل تنفي ملكيتها سلاح نووي، ويبقي الحال على ما هو عليه.
في كل عام يجري النص على أنه "من المهم ان تنضم اسرائيل الى المعاهدة وتضع كل منشآتها النووية تحت الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية"، لكن الوثيقة يجري القاؤها في صفيحة القمامة بعد المؤتمر!
كم قنبلة نووية تمتلكها إسرائيل؟
مراكز أبحاث تري أن ملكية إسرائيل أسلحة نووية لم يعد محل تساؤل، ولكن السؤال هو: كم سلاح أو قنبلة نووية تمتلكها إسرائيل؟ وهل يمكنها بالفعل استخدامها دون خطر ارتداد الغبار النووي عليها؟
يوم 15 يونيو 2020 كشفت دراسة للمعهد الدولي لدراسات السلام -ومقره في السويد-أن إسرائيل تمتلك 90 رأسا حربيا نوويا، وهو ما يشير إلى زيادة في هذا النوع من الأسلحة، عمّا كانت تمتلكه عام 2019.
وقال المعهد في الدراسة إن إسرائيل كانت تمتلك في العام 2019 نحو 80 رأسا حربيا نوويا، ولكنها أصبحت تمتلك 90 خلال عام 2020
وترفض إسرائيل الكشف عن ترسانتها النووية، كما ترفض التعليق على التقارير الدولية التي تؤكد امتلاكها للأسلحة النووية، وهو ما أكدته الدراسة التي أشارت إلى أن تل أبيب تنتهج سياسة طويلة الأمد بعدم التعليق بشأن ترسانتها النووية.
أسطول موسع للغواصات النووية
وحين وصلت إسرائيل خامسة غواصة ألمانية حديثة يوم 12 يناير 2016 وأقيم لها حفل استقبال مهيب بمشاركة القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل حرص رئيس الحكومة "نتنياهو" حينئذ على ركوب الغواصة والتأكيد أن "أسطول غواصاتنا الهدف منه ردع أعدائنا الذين يتطلعون إلى تدميرنا".
وفسر المعلق العسكري الاسرائيلي "يوسي ميلمان" في صحيفة معاريف"، 12 يناير 2016 اهمية هذه الغواصة لإسرائيل قائلا: "نتنياهو لم يكن قادراً على ضبط نفسه، فألمح إلى ما يعرفه العالم كله منذ عقدين تقريباً، وهو أن أسطول الغواصات الذي تملكه إسرائيل جرى بناؤه من أجل أهداف الردع، ومن أجل هدف أساسي واحد تحدثت عنه التقارير الأجنبية هو منح إسرائيل القدرة على توجيه ضربة نووية ثانية"
قال إنه وفقاً لما نشرته مصادر أجنبية، تقوم إسرائيل بتحسين هذه الغواصات من أجل أن تستطيع إطلاق رأس متفجر نووي من فتحات صواريخ الطوربيد التابعة لها.
وأشار إلى أن قرار "اسرائيل" بناء أسطول موسع للغواصات، جاء نتيجة تفكير استراتيجي واستغلال للفرص، ونبع من خشية تسلح الشرق الأوسط بسلاح نووي ولمنع إيران من الوصول إلى سلاح نووي".
السيسي في خدمة إسرائيل
لماذا تمر قرارات إدانة امتلاك اسرائيل لسلاح نووي مرور الكرام دون اهتمام عالمي، في حين مجرد الشك في دول عربية أو إيران يتبعه حصار وعقوبات؟
لماذا تحرص مصر ودول عربية سنويا على استصدار قرار ادانة لإسرائيل ومطالبتها بتدمير مخزونها النووي والانضمام لمعاهدة حظر السلاح النووي التي ترفض الانضمام لها؟ هل لتذكير العالم فقط أم لامتلاكها معلومات حول خطر وحجم هذه الترسانة النووية الصهيونية؟ ولماذا انسحبت مصر – لأول مرة وفي العام الوحيد الذي تولي فيه الرئيس الراحل محمد مرسي – من المشاركة في محادثات معاهدة حظر الانتشار النووي في جنيف 29 أبريل/ نيسان 2013 احتجاجا على عدم تنفيذ قرار 1995 الخاص بجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، ولم يتكرر هذا الموقف بعد تحسن العلاقات بين السيسي وإسرائيل؟
حينئذ وفي وجود حكم ديمقراطي يمثل الشعب، قالت القاهرة إنها قررت الانسحاب من هذه المحادثات، لتبعث برسالة قوية تؤكد فيها "عدم قبولها بإنعدام الجدية في التعامل مع مسألة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط".
وأن هذا الانسحاب إشارة ضمنية إلى إسرائيل التي لا تؤكد ولا تنفي امتلاكها أسلحة نووية ولم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي. وتقول الدول العربية وإيران وأن الترسانة النووية التي يعتقد أن إسرائيل تملكها تمثل خطرا على السلام والأمن في الشرق الأوسط.
حماية أمريكية غربية
الحقيقة في استمرار عدم محاسبة إسرائيل هي أن أمريكا والدول الغربية تحمي هذه الترسانة النووية الصهيونية بينما تثير ضجة وأزمات دولية حين يشاع أن دولة عربية أو إسلامية تسعي لمجرد امتلاك تقنية نووية سلمية.
تجاهل امتلاك إسرائيل للسلاح النووي هو نمط ملازم لكل الإدارات الأميركية منذ عهد الرئيس نيكسون. هذا التجاهل يصل الى حد التواطؤ مع إسرائيل في التستر على وجود سلاح نووي فيها، كونها الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي ترفض الانضمام لمعاهدة حظر الأسلحة النووية، ولا يزور أي من المفتشين الدوليين مفاعلاتها النووية ولا يطالبها أحد في الغرب عموماً بذلك.
التواطؤ أيضاً يصاحبه عادة التآمر على دول المنطقة لمنع أي منها من امتلاك أسلحة رادعة لإسرائيل. لذلك باركت أميركا قيام الأخيرة بتدمير المفاعل النووي العراقي العام 1981 والسوري العام 2007، وقامت أميركا نفسها بمحاصرة ليبيا لأكثر من عشر سنوات الى أن سلمت الأخيرة مفاعلها النووي لها العام 2003.
منذ تم الكشف عن قصة امتلاك اسرائيل سلاح نووي، في عهد الرئيس نيكسون (20 يناير 1953 – 20 يناير 1961) ثم سياسة الولايات المتحدة تجاه امتلاك إسرائيل لهذا السلاح التي بدأت في عهد الرئيس كينيدي (20 يناير 1961 – 22 نوفمبر 1963)، ظل موقف أمريكا ثابتا حتى جاء الرئيس أوباما في عام 2009 وقرر الحفاظ على «الحصانة الذرية» لإسرائيل ضد التفتيش بحسب صحيفة «واشنطن تايمز» التي قالت إنه تعهد بالحفاظ على سرية الترسانة النووية الإسرائيلية، وتمتعها بالحصانة ضد أعمال التفتيش الدولية، تنفيذاً لاتفاق سرى بين بلاده وإسرائيل منذ نحو خمسة عقود.
نقلت الصحيفة عن الكاتب الإسرائيلى المتخصص فى الشؤون العسكرية «أفنير كوهين»، مؤلف كتاب «إسرائيل والقنبلة»، قوله إن إعادة التأكيد على الاتفاق، تؤكد وجهة النظر القائلة إن أمريكا شريك فى سياسة الغموض النووي التي تطبقها إسرائيل.
وانتقدت منظمة «حرية المجتمع الأمريكي الإسلامي»، ما سمته «النفاق السياسي الواضح» من جانب الادارات الأمريكية المتتالية كما انتقدت التناقض بين موقفها مع إسرائيل، ونقيضه ضد إيران.
سياسة الإخفاء المتعمد
المشكلة الحقيقية هي أن أمريكا وقعت على اتفاق تفاهم مع اسرائيل منذ عام 1969، تمتنع بموجبه الولايات المتحدة عن الضغط على إسرائيل للكشف عن ترسانتها النووية أو لتوقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
وذلك مقابل "أن تقبل الولايات المتحدة بالتستر على البرنامج النووي الإسرائيلي، طالما فرضت الدولة الإسرائيلية نطاقاً من السرية التامة على قدراتها النووية وعدم إجراء أي تجارب نووية ط.
ومنذ توقيع هذا الاتفاق التزمت تل ابيب بما يسمي (سياسة الإخفاء المتعمد) فيما يخص برنامجها النووي وظلت ترفع شعار السرية حول اي حديث عن نشاطها النووي بطلب واشنطن، وهو ما أفادها ضمنا في تشكيل سياسة ردع ضد العرب حيث تخيفهم بترسانتها النووية التي تسرب أخبار عنها للصحف العالمية كلما اشتدت الأزمات وتصاعدت الحروب، في حين لا يعلن مسئولوها شيئا رسميا سوي التزامهم بهذه السياسية السرية وفق الاتفاق مع أمريكا.
ولهذا فكل ما يثار من فرحة وأعراس وهمية أن الدولة الصهيونية سوف تكشف عن ترسانتها النووية عن طيب خاطر لأن 189 دولة من دول الامم المتحدة الـ 192 طالبوها بذلك، هو وهم كبير أو فرحة أخذها الغراب الأمريكي وطار بها لإسرائيل ووعدها باستمرار الحماية لبرنامجها النووي!
المشكلة الحقيقة هي الدعم الأمريكي للبرنامج النووي الصهيوني وحمايته بل والتعاون مع تل ابيب في تطوير صواريخ بعيدة المدي تطال غالبية الدول العربية والاسلامية، ثم بعد هذا خداع العالم والحديث عن نووي ايراني لا أثر له وبرنامج صاروخي ايراني هو حق لها لحماية نفسها من المغامرات الصهيونية والأمريكية
والعجيب ان تظل هذه الحماية الأمريكية للنووي الصهيوني في الوقت الذي تتكشف فيه كل يوم خفايا البرنامج النووي الصهيوني، مثل ما كشفته صحيفة «الجارديان» البريطانية، عن وثائق مفرج عنها لحكومة جنوب أفريقيا العنصرية السابقة تؤكد أن الرئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز، حاول عندما كان وزيرا للدفاع، بيع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قنابل نووية، عام 1975 ، ما يعني أن الصهاينة لديهم قنابل نووية منذ السبعينات وربما الستينات، وهو تاريخ التعهد الأمريكي بحمايتهم مقابل سياسة الغموض النووي الصهيونية.
وكشف الباحث الأميركي ساشا سورانسكي لصحيفة الجارديان البريطانية حينئذ أن شمعون بيريز، أدار اتصالات متقدمة مع وزير الدفاع الجنوب أفريقي بي في بوتا، في موضوع التعاون النووي بين الدولتين، وأن الوزير بوتا طلب من بيريز أن يزود بلاده برؤوس متفجرة نووية، وأن بيريز أقترح عليه تزويد بلاده بـ «ثلاثة أحجــام» وأن المسئولين وقعا على اتفاق تعاون أمني نووي سري.
سياسة الغموض النووي
وقد نشر "رؤوفين بداتسور المحلل سياسي بصحيفة "هآرتس"، 28/5/2013 دراسة أميركية قال إنها تقترح على إسرائيل التخلي عن سياسة الغموض النووي، لردع إيران عن التزود بالسلاح النووي ما يؤكد علم أمريكا واعتراف اسرائيل بامتلاكها سلاحا نوويا.
قال: "توصلت لجنة مقربة من الرئيس باراك أوباما في دراسة بعنوان (في حال فشل الخيارات كلها: تحديات تحول إيران إلى دولة نووية)، إلى خلاصة مفادها أنه "سيكون من غير الصائب وقوف واشنطن ضد انتقال إسرائيل إلى تبني سياسة نووية علنية". ويبدو أن هذه المرة الأولى التي تظهر فيها رسالة من واشنطن تعبر عن تفهم الإدارة الأميركية للردع الإسرائيلي العلني في مواجهة إيران وتشجيعها له.
وتكمن أهمية هذا الكلام في أنه صادر عن "مركز الأمن الأميركي الجديد" المسئول عن وضع استراتيجية أميركية في مواجهة إيران.
ومما جاء في الدراسة، أنه "في حال فشلت الولايات المتحدة في منع إيران من التزود بالسلاح النووي، لن يكون هناك من مفر أمام إسرائيل سوى التخلي عن سياسة الغموض النووي والانتقال إلى سياسة الردع النووي، أي تهديد ايران بسلاح نووي بوضوح"!!
وبهدف تبديد الشكوك بشأن قدرات إسرائيل النووية، تحدث واضعو البحث بالتفصيل عن كل ما يعرفونه عن مخزون السلاح النووي في إسرائيل (امتلاكها ما بين 100 وحتى 200 قنبلة)، وعن الوسائل التي تملكها لإطلاق هذا السلاح (طائرات أف-15، وأف-16، وصاروخ يريحو)، وغواصات دولفين المزودة بصواريخ بحرية نووية من طراز "بوباي" و"توربو"، التي تدخل ضمن قدرة إسرائيل على "توجيه الضربة الثانية.
واوصي واضعو الدراسة إسرائيل بالتخلي عن سياستها الحالية لأن "سياسة الغموض قد تعتبرها إيران فرصة، ويجب التشديد على خطوط حمراء واضحة من شأنها أن تخدم بصورة أفضل الردع النووي."
بيد أن السؤال الأساسي الذي طرحته هذه الدراسة، والذي ما زال الإسرائيليون يترددون بشأنه هو: "هل في الامكان ردع إيران، وأن تعلن بصوت عال بأنها دولة نووية تملك مخزوناً كبيراً من القنابل. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستردع نظام آيات الله عن التفكير باستخدام السلاح النووي، لكن هذا لا يعني بحال قدرة العرب وإيران معا على ردع إسرائيل.