الحقوقي محمود جابر : مصر تصدرت العالم في أحكام الإعدام.. ولابد من ضغط شعبي ودولي لوقفها
الأربعاء - 19 أكتوبر 2022
مدير "منظمة عدالة" في ندوة بمركز إنسان للدراسات الإعلامية والإنسانية:
- إنقاذ حياة إنسان واجب على الجميع.. وأصدرنا تقريرا بعنوان "الإعدام طريق ممهد بالتعذيب" ضمن حملتنا هذا العام "ضد الإعدام"
- مصر أصدرت 1600 حكم بالإعدام في قضايا سياسية خلال 9 سنوات منها 105 تم تنفيذها و95 حكما نهائيا لا تقبل الطعن
- القضاء المصري غير مستقل لشديد الأسف.. ولدينا 8 قضايا من قضاء استثنائي محكوم فيها على 48 شخصا بالإعدام
- الإعدام طريق ممهد بالتعذيب فعلا.. ومن تم الحكم عليهم تعرضوا سنين طويلة للتعذيب بأشكال مختلفة جسدية ونفسية وصحية
- نأمل في تدخل الحكومة التركية لوقف الانتهاكات بحق السياسيين المصريين .. ورفع الظلم الواقع على المسجونين
قال الحقوقي محمود جابر، مدير مؤسسة عدالة الدولية لحقوق الإنسان إن مصر تصدرت العالم في أحكام الإعدام في عام 2019 وظلت بمركز متقدم في الأعوام التالية، وأن 1600 حكم بالإعدام صدرت في قضايا ذات طابع سياسي خلال 9 سنوات، تم تنفيذ 105 أحكام منها، ومن المنتظر تنفيذ 95 حكما باتت نهائية، مؤكدا ضرورة وجود دور مصاحب للجهود الحقوقية من خلال الضغوط الشعبية والدولية لوقف تنفيذ هذه الأحكام.
أضاف، في ندوة صحفية بمناسبة الذكرى العشرين لليوم الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام، نظمها مركز "إنسان للدراسات الإعلامية والإنسانية" باسطنبول، الثلاثاء 18 أكتوبر 2022: إن إنقاذ حياة أي إنسان واجب على الجميع، مشيرا إلى أن مؤسسة عدالة أطلقت حملة هذا العام تحت عنوان "ضد الإعدام"، تضمن تقريرها معلومات تفصيلية عن الأحكام المسيسة التي صدرت في مصر طوال الأعوام التسع الماضية، وهو تقريرٌ (حقوقي/قانوني) تحت عنوان " الإعدام طريق ممهد بالتعذيب"، رصد مسار عقوبة الإعدام في مصر وبعض دول الشرق الأوسط في القضايا السياسية.
بدأت الندوة، التي حضرها عدد من الصحفيين العرب والأتراك، بكلمة ترحيبية من الصحفي التركي مصعب إسلام، الذي أدار الندوة وقام بالترجمة الفورية لها، ثم أعطى المجال للسيد محمود جابر الذي قدم الشكر لمركز "إنسان" على تنظيمه الندوة، وقال: "إن المركز له حظ من اسمه في اهتمامه بالقضايا الإنسانية في العالم كله، واهتمامه بأوضاع حقوق الإنسان، خاصة الحق في الحياة".
أضاف: "تزامنا مع اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، والذي يوافق العاشر من أكتوبر من كل عام، أطلقنا حملة جديدة في إطار سلسلة الحملات التي نطلقها على مدار الأعوام التسعة السابقة مثل "ضد الإعدام"، "إعدام وطن "، "أوقفوا تنفيذ الإعدامات " ... واليوم نختتم حملتنا لهذا العام بهذه الندوة وبإطلاق التقرير الخاص بنا عن الأحكام السياسية التي صدرت في مصر طوال هذه الأعوام" .. كما رحب بالإعلاميين والصحفيين العرب والأتراك، مثمناً اهتمامهم بحالة حقوق الإنسان في مصر.
وأكد مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، أن الحق في الحياة هو حق مصون .. وحق نصت عليه كافة المواثيق الدولية والإقليمية .. وعقوبة سلب هذا الحق، كارثة، لأنه في حكم الإعدام إذا حدث خطأ في إجراءات التقاضي أو في أي مرحلة، أو كان حكما مسيسا - كما هو الحال في مصر الآن- فمن المستحيل تداركه.
تابع: "نحن نعمل في منظمة عدالة على ملف الأحكام السياسية التي صدرت بالإعدام في مصر .. نحاول مناصرة هؤلاء الضحايا في كل مناسبة .. ونخص الندوة اليوم بهذا التقرير وعنوانه "الإعدام طريق ممهد بالتعذيب" وهو تقريرٌ (حقوقي/قانوني)، يعمل على رصد عقوبة الإعدام في مصر وبعض دول الشرق الأوسط، في القضايا السياسية، فالحق في الحياة، وإنقاذ حياة إنسان واجب على الجميع.
وقال جابر إن "الحملة التي أطلقناها هذا العام تحت عنوان #ضد الإعدام، بدأت في يوم السابع من أكتوبرالجاري، ونختتمها اليوم بهذه الندوة وإصدار هذا التقرير"
واستطرد الحقوقي المصري: "قد يتساءل البعض لماذا أنتم ضد الإعدام؟ أليس هناك محاكمات تمت حتى صدرت هذه الأحكام.. وهناك قضاء في مصر ؟، وهنا نقول: "مصر باتت تصنف بأنها الأولى عالميا في أحكام الإعدام في عام 2019.. ثم لعامين متتالين احتلت مكانة متقدمة أيضا، فصنفت في المركز الثالث عالمياً في تنفيذ أحكام الإعدام .. كما تم إصدار 1600 حكم بالإعدام بالقضايا السياسية خلال 9 سنوات،105 تم إعدامهم في قضايا سياسية جائرة و95 ينتظرون تنفيذ أحكام إعدام.
ثم ضرب محمود جابر أمثلة عن بعض النماذج المرموقة في مصر، التي صدر ضدها أحكام بالإعدام منهم السياسي والنائب السابق د. محمد البلتاجي، والمتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين د. أحمد عارف، وزير الشباب الأسبق د. أسامة ياسين، عميد كلية أصول الدين د. عبدالرحمن البر.. وقال:"هناك أمثلة كثيرة لمحكومين بالإعدام، كلهم ذوو مكانة علمية.. ولكن القضاء المصري غير مستقل للأسف.. واستقلال القضاء ضمانة مهمة وأساسية في إصدار الأحكام".
وتساءل: "هل يعقل أن يصدر قاض واحد مئات الأحكام في قضية واحدة ؟ أيضا كيف يمكن أن يصدر قضاء عسكري أحكاما بالإعدام في قضايا مدنية ؟!
وقال: "لدينا 8 قضايا من قضاء استثنائي تم الحكم فيها على 48 شخصا بالإعدام .. والمشكلة في الأحكام التي تصدر من المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة طوارئ أنه لا يمكن الطعن عليها، فهي أحكام باتة ونهائية .. أما عند الحديث عن التعذيب، فحدث ولا حرج ، فالإعدام طريق ممهد بالتعذيب فعلا، هؤلاء من تم الحكم عليهم بالإعدام تعرضوا للتعذيب سنين طويلة بأشكال مختلفة جسدية ونفسية ومنع من العلاج والتريض وغيرها".
وفتح جابر المجال للصحفيين لطرح الأسئلة .. فسأل الصحفي التركي"بكر شيرين" من صحيفة ميللي جازيت التركية: "هل يمكن أن يفتح التقارب بين مصر وتركيا باباً للتوسط في وقف أحكام الإعدام"؟
أجاب مدير مؤسسة عدالة:"نحن نُثمن التقارب التركي المصري .. ونأمل في تدخل الحكومة التركية خاصة أنها على علم بهذه الانتهاكات .. والظلم الواقع على المسجونين والانتهاكات التي يتعرضون لها .. وأن يكون لها دور في رفع هذا الظلم، وقد وجهنا حملتنا للحكومات والدول التي يمكن أن تتدخل لرفع عذا الظلم ووقف مثل هذه الأحكام" .
وتساءلت الصحفية اليمنية د. نبيلة السعيد حول إذا ما كانت هناك بالفعل جهود بذلت من قبل المؤسسة وتكللت بالنجاح وتم إلغاء الأحكام أو تخفيفها على الأقل، فقال محمود جابر:"كما أشرت في البداية هناك أحكام صدرت بحق 1600 مواطن، لكن حاليا هناك 200 حكم فقط، فالجهود الحقوقية نجحت في تخفيف هذه الأحكام..ليس من خلال منظمة عدالة فقط، ولكن من خلال لوبي حقوقي قوي، حيث نتحرك سويا في كل المناسبات الدولية، وطفنا دولا كثيرة منها سويسرا وبلجيكا وقدمنا شكاوى عديدة .. ورفعنا قضايا أمام المنظمة الأوروبية لحقوق الانسان وهناك قضايا عديدة مرفوعة أمام اللجنة الإفريقية، وفي لاهاي وأمام المحكمة الأوروبية وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.. وهناك بالفعل صداع حقوقي يلاحق الرئيس المصري عندما يذهب في أي زيارة أوروبية ويتم سؤاله عن الإعدامات وعن حالة حقوق الإنسان المتردية .. مثلا: البرلمان الأوروبي أصدر 6 بيانات ضد هذه الانتهاكات، بناءً على بياناتنا .. أيضا هناك بعض القضايا تم تخفيف الأحكام من الإعدام إلى المؤبد .. ونأمل أن تخفف كل الأحكام وتنتهي قريبا"
كما سأل الصحفي المصري محمد المصري، قائلا : "بالحديث عن القضاء المصري أعتقد أنه ليس بهذا السوء .. وذكرت أن هناك بعض القضاة تنحوا عن القضايا السياسية، هل يمكن الاستعانة بهذه الوقائع- يُبنى عليها في كشف الزيف - في رفع بعض القضايا الدولية لوقف أحكام الإعدام بما أنها مسيسة؟".. وهنا أضاف صحفي تركي: "هل هناك قضاة فعلاً يعترضون على الأحكام المسيسة؟"
أجاب محمود جابر: " هناك معركة يقودها تيار استقلال القضاء في مصر منذ سنوات ومن أيام مبارك، وهناك إيجابية من بعض القضاة عندما تنحوا بالفعل عن نظر مثل هذه القضايا، مما دفع النظام للجوء لدوائر استثنائية، ومحاكم عسكرية، بالمخالفة للدستور..كما تم حبس قضاة، وعزل أكثر من 50 قاضيا .. وإذا فتح مجال للحرية يمكن أن يعبر القضاة عن عدم رضاهم"
وقال أبو بكر خاطر، من تلفزيون وطن: "من الواضح ليس هناك ضمانات لوقف تنفيذ الأحكام .. حتى الاتحاد الأوروبي بعد ما أصدر 6 بيانات إدانة، تراجع نتيجة صفقات السلاح .. فما هي الطريقة التي تجعله يتراجع عن التنفيذ وهناك 95 بني آدم أحكامهم نهائية ينتظرون فقط العفو الرئاسي لوقف التنفيذ؟"
أجاب محمود جابر: "إن دورنا هو بذل العناية وليس تحقيق النتيجة.. نبذل كل جهدنا لوقف الأحكام أو تخفيفها .. والأحكام لا تسقط بالتقادم.. وللأسف الشديد، حقوق الإنسان ضحية المواءمات السياسية للأسف لتحقيق مكاسب السياسية..والنظام المصري ليس له جهة عالمية تلزمة بوقف التنفيذ، ماعدا اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان ونحن لم نترك قضية إلا وقدمنا شكوى لهذه اللجنة بخصوصها، وهي أيضا بدورها تتعاطى إيجابياً مع شكوانا .. وهناك حالة نجاح بالفعل في بعض القضايا تم وقف التنفيذ لحين إعادة المحاكمة .. إذن كل الوسائل القانونية الممكنة دوليا او داخليا نحن نُسأل عنها .. ولكن لابد أن يكون هناك دور مصاحب للجهود الحقوقية.. لابد أن يكون هناك تعاطف شعبي ودولي وهذا ما نستهدفه بحملاتنا المستمرة .. أن تتبنى الشعوب مثل هذه الحملات، خاصة وأن مصر صنفت عالميا بأنها تمارس التعذيب وجميع أشكال الانتهاكات، من إخفاء قسري أو تعذيب أو غيره".
شارك في تغطية الندوة عدد من الصحف والوكالات التركية مثل: وكالة إيلكا خبر، وصحيفة دوغرو خبر، وصحيفة يني شفق، وصحيفة ميللي جازيت، وصحفيين مصريين.
وبثت الندوة قناة وطن الفضائية على الهواء مباشرة، كما بثتها مؤسسة عدالة عبر منصاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي.