الأذرع فشلت في مهمتها| لماذا يهاجم السيسي إعلامه طول الوقت؟
الخميس - 16 نوفمبر 2023
- السيسي جعل السيطرة على الإعلام من أولوياته بعد استيلائه على السلطة
- "تأميم" وسائل الإعلام الخاصة ووضعها تحت سيطرة المخابرات والأمن
- بمرور الوقت تحولت وسائل الإعلام المصرية إلى بوق للسيسي ونظامه
- انتقاد السيسي لإعلامه لم يتوقف رغم التزام الإعلاميين بتنفيذ كل ما يطلبه
- منذ مطلع 2023 زادت وتيرة هجوم السيسي على إعلامه لفشله في تسويقه
- خبراء: السيسي يستهدف بالهجوم على إعلامه تحميله مسئولية فشل سياساته
- حاول تحميل الإعلاميين أزماته مع دول الخليج رغم توجيهاته بالهجوم عليها!
- إعلاميون موالون يطالبون السيسي بفك القيود وفتح الأبواب لجميع الأصوات
- الإعلام المعارض نجح في نيل ثقة المصريين فطارده السيسي في بلاد المهجر
إنسان للإعلام- خاص:
كانت "الأذرع الإعلامية"، أحد أدوات عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب في مصر، في تنفيذ انقلابه على الرئيس المنتخب، محمد مرسي، في 3 يوليو 2013.
وبعد الانقلاب، دأب السيسي على تطويع الإعلام والسيطرة عليه بشكل كامل، لكن بالرغم من خضوع كل وسائل الإعلام لتوجيهاته، واستحواذ الدولة على كل الوسائل، حتى الخاص منها، بقي السيسي ينظر لإعلامه بعين السخط، ودأب على مهاجمته في المحافل العامة، والسبب هو محاولاته غسل يده من فشل سياساته المختلفة في كل المجالات، خاصة ما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية الحالية، التي يؤكد دائما أنها بسبب ثورة يناير، وعدم تعاون الشعب معه في تحمل فاتورة تدهور الوضع الاقتصادي، وسوء تعاطي الإعلام مع "إنجازاته" وعدم تسويقه هو شخصيا كمنقذ لمصر.
استخدم السيسي الإعلام أيضا لتصفية حساباته مع الدول العربية والهجوم على بعضها، وبالأخص دولة قطر، فلما تصالح معها حاول أيضا غسل يده من المسئولية واتهم الإعلام بالتقصير، برغم أن هذا الإعلام "الموجه" لا ينطق عن الهوي.
أيضا من أسباب هجوم السيسي على إعلامه، ضعف تأثير هذا الإعلام في الشارع المصري، وفشله في اقناع الشارع بسياسات السيسي، ما دفع كثير من المصريين إلى متابعة الإعلام المعارض والمستقل، مما يزيد من اتساع رقعة المعارضة له.
ولم يدرك السيسي و نظامه أن وسائل التواصل اخترقت الإعلام التقليدي وتفوقت عليه، وأن فرض القبضة الحديدية لم يعد يجدي نفعا، وأن إعلام الصوت الواحد المكرر فاته قطار الزمن.
لذلك بات الإعلام الرسمي والخاص، المؤمم المسيطر عليه "مخابراتيا"، في وضع لا يحسد عليه، وباتت كلفة تمويله عبء على أجهزة الحكم، وبات الصحفيون والإعلاميون المصريون ضحايا لهذا الوضع المتدهور.
في السطور التالية، نفتح هذا الملف، و نرصد مواقف السيسي من إعلامه، وانتقاده المستمر لأدائه، ورد فعل الإعلاميين عليه، كما نتعرض للأهداف الخفية لاستمرار هذا الهجوم، و نرصد أيضا انتقاد السيسي للإعلام المستقل الذي يُظهر فشله على كل الأصعدة.
السيسي والسيطرة على الإعلام
منذ انقلاب السيسي على الرئيس الشرعى للبلاد د . محمد مرسي، جعل تطويع الإعلام من أهم أولوياته، حتى يتحول إلى بوق شمولي بصوت واحد، يري الانجازات ولا ينتقد أبدا.
وفي عام 2016، وصفت مجلة "إيكونوميست" البريطانية أداء وسائل الإعلام المصرية "بالخنوع لكل ما يستهدفه السيسي ونظامه"، كما وصفت ما تقدمه برامج "التوك شو" اليومية بـ "السخافةالإعلامية"، والإعلاميين بأنهم "أبواق السيسي".
وضربت المجلة مثلا بما يقدمه الإعلامي أحمد موسى، حيث أكدت أن برنامجه "على مسؤوليتي" يلخص سخافة البرامج المصرية، مضيفه أن موسى وعمرو أديب وغيرهم من الإعلاميين المحسوبين على نظام السيسي يتلقون أوامرهم وتوجيهاتهم من الأجهزة السيادية، وأن أحمد موسى اعترف في وقت سابق لصحيفة “الجارديان” بأنه “سيقول كل شيء يقوله له الجيش من منطلق القيام بواجبه واحترام المؤسسة”، في حين يخلط البعض الآخر بين المؤامرة والتملق، مثل عمرو أديب الذي أبدى قلقه من أن “المخابرات الأجنبية التي تحاول تخريب البلاد قد تغتال السيسي وانه لابد من حمايته والدفاع عنه و عن الوطن”!.
وأكدت "ايكومنست" أن السيسي يسمح فقط لمن يدعمه بالاستمرار، وأنه اعتقل كل الصحفيين من أصحاب الآراء الحرة ، كما أغلق كل المؤسسات الإعلامية المؤيدة للإخوان المسلمين. (1)
وفي السياق نفسه، نشرت صحيفة الاخبار اللبنانية تقريرا مطولا بعنوان "الإعلام المصري في زمن السيسي: «ما بعد التطبيل»!"، أكدت فيه أن الإعلام المصري استسلم بشكل كامل لكل مطالب السيسي، وانحرفت كل وسائله المختلفة عن كل القيم المهنية، ورغم ذلك لم تلق القبول لدي السيسي ونظامه، الذي يري أنه لا صوت في الإعلام يعلو فوق صوت توجيهات الأجهزة الأمنية ومصالحها.
وأكدت "الصحيفة" أن الصحف المصرية المطبوعة لم تعد قادرة على الصمود أكثر من ذلك، سواء كانت خاصة أم حزبية، لعوامل منها ما يتعلق بالتضييق ومنها ما يتصل بالأوضاع المالية، و أما الصحف القومية، المملوكة للدولة، فجري العمل على تقليص دورها المهني، مما تسبب في التراجع المستمر في توزيعها بعد أن فقد الشارع المصري الثقة فيها، في ظل اختفاء الحقائق من صفحاتها. (2)
هكذا يهاجم السيسي إعلامه
بالرغم من تنفيذ الإعلام المصري كل ما تطلبه منه "الجهات السيادية"، فإن السيسي يواصل انتقاده لهذا الإعلام منذ انقلاب 3 يوليو 2013، ربما بهدف جعله يعمل تحت ضغط، أو لإتعدام تأثيره على الشارع المصري، خاصة أن معظم التقارير المخابراتية تؤكد له نجاح الاعلام المعارض والمستقل بالداخل والخارج في جذب الكثير من المصريين.
والحقيقة أن السيسي يرى وظيفة الإعلام هي "التبرير والتلميع"، وهي رؤية شمولية سلطوية عفا عليها الزمن، في عالم السماوات المفتوحة بالترددات الفضائية والإنترنت.
وكان أول انتفاد صريح وعلني من السيسي للإعلام المصري في 2 نوفمبر 2015، بعد غرق محافظة الإسكندرية في مياه الأمطار والسيول وقتها، وقول المذيع الموالي للسيسي، خالد أبو بكر، وقتها، إن السيسي مشغول بالجلوس المتكرر مع الشركات الأجنبية، وخاصة شركة سيمنز الألمانية، ولا ينظر إلى أزمة غرق الإسكندرية في مياه الأمطار.
في حينه، علَق السيسي على "أبى بكر" بقوله: إن السنوات الماضية كان لها تأثير كبير على قدرة الدولة وأجهزتها وبنيتها الأساسية، واستطرد موجهًا حديثه للإعلاميين عامة: "هو أنت عشان قدام منك كلام عاوز تقوله تعمل كده في بلدك ولا إيه؟ إحنا لازم نتعامل مع الموضوعات بالفهم اللازم، وأحد الإعلاميين بيقول: الرئيس قاعد مع بتوع سيمنز وسايب إسكندرية تغرق، ما يصحش كده، هذا أمر لا يليق، إنتو بتعذبوني إني جيت هنا ولا إيه؟".
أردف السيسي غاضبًا: "فيه بعض الناس في الإعلام مش عارفة ولا فاهمة حاجة، حاطة ميكروفون قدامها وبتتكلم منه، إحنا مش بندوس على الزرار ونخلص، ونقول كل حاجة فيها كارثة، طيب يعني الإعلام مفيهوش كوارث ولا إيه؟".
استرسل السيسي: "أنا مش زعلان، بس عاوز حد يقولي أنا أسأت لمين، أتحدى إن حد يطلع أي تعبير غير مناسب أنا قلته لأي حد حتى للناس اللي بتسيء لينا وتتآمر علينا، المرة الجاية أنا هشتكي للشعب المصري منكم"، موجهًا حديثه لبعض الإعلاميين..(3)
بعدها اختفى المذيع خالد أبو بكر عن الشاشات لسنوات، حتى عاد للظهور في 11 أكتوبر 2023، والتزم حدوده المرسومة.
كانت ثاني محطات انتقاد السيسي لإعلامه علانية، في 26 أكتوبر 2016، عندما قال: "الإعلام وبرامج التوك الشو (الحوارية) منفصلون عن الواقع وبيزيفوا وعي الناس حول حجم التحديات التي تواجه مصر ، وأضاف أن "الناس بتتكلم كتير وده كويس بس لازم نحط كل الموضوعات في إطار منين وبكام"، وذلك خلال كلمات متفرقة له في أول أيام المؤتمر الوطني للشباب بمدينة شرم الشيخ السياحية وقتها.
وأشار السيسي إلى أنه "مسؤول عن الحفاظ على الدولة من السقوط، وأن تعيش وبها تعليم وصحة جيدة وفرص عمل وإسكان، وان الإعلام لا يساعده على ذلك".
ووجه أمرا لكل إعلامي من أتباعه: "لا تفصل نفسك عندما تتحدث في مشكلة واحدة مثل التعليم عن باقي التحديات التي تواجه الدولة والحكومة".(4)
في عام 2016 أيضا، اتهم وسائل الإعلام بالإساءة لمصر وتوتر العلاقات مع بعض الدول، وطالب الإعلاميين والصحفيين "بنقل المعلومة بشكل صحيح"، مشيرًا إلى أن "وسائل الإعلام كانت أحد أسباب رفع سعر الصرف لأنها نشرت أخبارا غير صحيحة"، وأبدى رغبته بألا يصدر لفظ مسيئ لأي شخص في العالم من قبل إعلامه، "لأن علاقة مصر ببعض الدول تأثرت بسبب ما تبثه بعض القنوات المحلية".(5)، حسب قوله.
وخلال الأعوام من 2017 إلى 2019، دفع السيسي الأجهزة السيادية لشراء كل وسائل الإعلام المصري الخاصة، وأسس لهذا الغرض شركات متعددة تم دمجها جميعا في "الشركة المتحدة للإعلام" التي تستولى الآن على 95% من وسائل الإعلام المصرية.
رغم ذلك لم تتوقف أنتقادات السيسي للإعلام، فهاجم في 13 يونيو 2022 وسائل الإعلام مجددا، خلال لقائه بعدد من الإعلاميين والصحفيين، على هامش افتتاح مجمع الثروة الحيوانية والألبان في مدينة السادات وقتها، وانتقد محاولات البعض لإثارة المشاكل حول تقصير بعض الأجهزة الحكومية وقال : «لو فيه مشاكل؟ ممكن، أنا موافق، تعالوا نشوف الموجود من البيانات، ونشوف المشكلة مع المختص ونتحرك فيه».
ووجَّه السيسي حديثه للإعلاميين قائلا: «بالمناسبة مش مطلوب خالص أنكم تتكلموا بشكل إيجابي عشان تدعم حد، أنا عاوزك تشوف الحقيقة وتقولها للناس، فبناء فهم حقيقي للقدرات والتحديات هو ده اللي هيخلي المواطن اللي موجود في الشارع مستعد يتحمل، ويتكون عنده حصانة ومناعة من الحراب الدائرة دي، إحنا كرئيس وحكومة لما نيجي نتكلم، يبقى نتكلم بصدق، والإعلاميين لما ييجوا يتكلموا يبقى بالفهم» !.(6)
وفي 9 سبتمبر 2022، خرج السيسي مرة أخرى ليهاجم الإعلام الرسمي علانية ويتهمه بالفشل في تسويق المشروعات والإنجازات المحققة.
واتهم السيسي، أثناء زيارته لمنطقة قناة السويس، وسائل إعلام خارجية ومواقع التواصل بتشويه الإنجازات ومحاولة بث اليأس لدى المصريين، وأن الأذرع الإعلامية فشلت في الرد وطالبها بتفنيد ادعاءاتهم، وقال: "ضحكونا عليهم وردوا ع اللي بيقولوه".(7)
ومنذ مطلع العام الجاري 2023، زادت وتيرة انتقادات السيسي لوسائل إعلامه، فاتهم في 23 يناير 2023 وسائل إعلامه بعدم توضيح أبعاد الأزمة الاقتصادية للناس، وقال : "زي ما الأزمة الاقتصادية بتمس العالم كله وتضر العالم كله، نحن مضارين منها، طيب نصمد لها ولا؟ بالمناسبة أنا ليا عتاب على الإعلام، إنتو ليه بتصوروا المصريين على إنهم مرعوبين على الأكل والشرب، مايصحش، والله ما يصح إنك تبينا إننا مرعوبين على الأكل والشرب، لأ مايصحش كده وكأن آخر الدنيا، وأنا مش بقول إن ده كلام مش صحيح، لأ، بس بقول مش ده آخر الدنيا في مصر"، محاولا تعليق فشله في إدارة الازمة الاقتصادية على إعلامه. (8)
وفي 9 فبراير 2023، خرج السيسي ليقول إن الإعلام لم يكن على قدر المسئولية في الدفاع عن سياسات الدولة في بيع بعض أصولها، وذلك بعد ساعات من إعلان رئيس وزرائه، مصطفى مدبولي، أن حكومته ستطرح 32 شركة بينهما شركتين مملوكتين للجيش في البورصة أو لمستثمر استراتيجي، على مدار عام كامل، بدءًا من الربع الأول من عام 2023، وحتى الربع الأول من عام 2024، وذلك بالرغم من ان معظم الصحف والإعلاميين المحسوبين على نظام السيسي سخّروا منابرهم الإعلامية للترويج للخطوات الحكومية في التفريط في ممتلكات الشعب، ولكن من الواضح أن السيسي كلما استشعر أن الشعب يرفض سياساته المُفرّطة في أصول الدولة، لايجد أمامه سوى الإعلام ليحمله عدم اقناع الشارع بما يتخذه من خطوات اقتصادية !. (9)
وفي 2 أكتوبر 2023، هاجم السيسي الإعلام مجددا خلال جلسة «السياسة الخارجية والأمن القومي»، في إطار ما يعرف بـ(مؤتمر حكاية وطن «بين الرؤية والإنجاز»)، والذي عقد في العاصمة الإدارية الجديدة، بمشاركة وزراء وسياسيين وشباب وإعلاميين للترويج لترشحه لولاية جديدة، ووجه حديثه للإعلاميين بقوله: «أنا مش باحب طولة اللسان.. ولا باحب الإساءة أبدا.. يعني إنت تفضل تسيء ليا وتطول لسانك عليا وأنا أسكت؟ أيوه.. يعني إنت تفضل تمكر بيا وأنا أدافع؟ أيوه» ، وتابع: «كل ما تغضب تشتغل أكتر.. كل ما يجرحوك تشقى أكتر.. كل ما يطولوا لسانهم عليك تنجح أكتر.. حوّل الإساءة لوقود نجاح».
واستطرد: «إنتوا هتقعدوا تشتموا في الإعلام.. وتقولوا مش عارف إيه؟، أنا لا أشوّه لساني بالإساءة أبدا.. مكنتش قادر أقول كده وأقولهم يا جماعة محدش يسيء.. منتكلمش غير في قضايانا ومشاكلنا ومنشتمش حد ولا نسيء لحد»!.
ثم حمّل وسائل الإعلام مسئولية تفاقم المشاكل مع السعودية والتلاسن بين البلدين، برغم أن هذا يتم بتوجيه صريح منه ومن "الجهات السيادية". (10)
عندما فاض الكيل بالإعلاميين
ونتيجة تصاعد وتيرة هجوم السيسي على وسائل الإعلام، خلال الشهور الماضية، ظهر عمرو أديب مدافعا عن موقف الإعلاميين المصريين، في برنامجه "الحكاية" على قناة "mbc مصر" السعودية، ويؤكد التزامهم بالدفاع عن بلدمهم ونظامهم.
ووجّه "أديب" رسالة للسيسي، بتاريخ 3 أكتوبر 2023، أكد فيها أن الإعلام المصري "لا يُسيء إلى أحد بل يدافع عن وطنه ضد الهجمات التي يتعرض لها". وأضاف: "تريد إعلامًا مميزًا... تريد إعلامًا مساندًا... كنت دائما في كلام حضرتك تحسد الرئيس الخالد جمال عبدالناصر على إعلامه... في وقت الرئيس جمال عبدالناصر كان هناك إعلام واحد، وكان هناك صحفي واحد، رحمه الله، الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل".
وقال عمرو اديب للسيسي: لو عايز إعلام كويس سيبنا نشتغل وكل الأصوات تتكلم ، في اعتراف واضح منه بمدي القيود والتوجيهات المفروضة عليهم. (11)
وفي السياق نفسه، خرجت زوجة عمرو أديب، لميس الحديدي، لتطالب السيسي بفك القيود عن وسائل الإعلام حتي يكون على المستوي الذي يتحدث عنه وقالت، خلال برنامج "كلمة أخيرة" المذاع علي قناة "أون": "نريد من الرئيس السيسي في الفترة المقبلة عهدا جديدا في الإعلام ومساحة للكلام وأن نفتح الأبواب وأن نستقبل الجميع، ونريد أن نكون سلطة رابعة كما يقول الدستور والإفراج عن الصحفيين".
وأضافت: "نتمنى أن يعود الإعلام لقوته مرة أخرى، نبراسا للتنوير، والاستماع لصوت وكلمات الناس، وهذا ما نريده في المرحلة المقبلة".
تابعت: "أمام السيل من الأكاذيب والافتراءات محتاجين شفافية، والرقابة، والحقيقة، وليس الثقة بس، وما زلنا ننتظر رئيس الحكومة يطلع علينا يقولنا ما هو الطريق للخروج من الأزمة والنفق".(12)
الاعلام المعارض..صداع مزمن
بعد أن استولي السيسي على السلطة بالانقلاب، بدأ السيسي هجومه على الإعلام المعارض له وناصبه العداء. ولهعد تنصيبه رئيسا لمصر عام 2014 بانتخابات مزورة، قاد هجوما صريحا على كل المواقع والفضائيات المناهضة لنظامه، ففي أغسطس عام 2014 ، هاجم موقع "العربي الجديد" وقناة "مصر الآن" الفضائية، إلى جانب قنوات "الجزيرة"، مؤكّداً أن "هذه القنوات والمواقع الصحافية تتبنى أفكاراً هدّامة من شأنها الإساءة لسمعة مصر والعبث بمقدرات شعبها وضرب استقرارها".(13)
وزعم السيسي، خلال لقائاته برؤساء تحرير وسائل إعلام مصرية، وقيادات المجلس الأعلى للصحافة، أكثر من مرة أن هناك تحالفا من أطراف ودول مختلفة يسعى الآن، لـ"بث الفوضى". وادعى أن "قطر، وتركيا، والتنظيم الدولي للإخوان، أسسوا عدة شركات وصحف ومواقع إلكترونية، ورصدوا مئات الملايين من الدولارات لتحقيق هذا الهدف".(14)
و لا يمكن حصر المناسبات والمرات التي هاجم فيها السيسي إعلام المعارضة، باعتباره يهدد استقرار البلاد، ويبخس قيمة مشروعاته القومية، على حد وصفه.
ودأب السيسي على تحذير المصريين من مغبة الإنصات لإعلام المعارضة والانسياق وراءه، منتقدا تشكيك هذا الإعلام فيما وصفه "بالإنجازات الكبيرة" التي يحققها النظام المصري، ومهددا "بالشكوى إلى الله يوم القيامة". وكثيرا ما يكرر السيسي انتقاده لقنوات المعارضة بتهمة بث الشائعات والتشكيك في إنجازاته.
والحقيقة أن السيسي يعلم أنه رغم نجاح الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المصرية، في إسكات أي صوت معارض بالداخل، وملاحقة الإعلاميين والصحفيين والحقوقيين واعتقال المئات منهم خلال السنوات الماضية، وكذلك الضغط على الإعلاميين والقنوات العاملة في الخارج، فإن وسائل الإعلام والمواقع الصحفية المعارضة بالخارج نجحت في اختراق الموانع، وكشفت خيانات السيسي وفشله، ما شكّل هاجسا وصداعا دائمين له ولنظامه.(15)
المصادر:
1- سامح ابو الحسن ، "إيكونوميست”: الإعلام المصري سخيف وليس أكثر من بوق للسيسي" ، المجتمع الكويتية ، 8 مارس 2016، https://mugtama.com/08/87054/
2- رمزي باشا ، "الإعلام المصري في زمن السيسي: «ما بعد التطبيل»!" ، الأخبار اللبنانية ، 11 أيار 2019 ، https://al-akhbar.com/Egypt/270298
3- "السيسي ينقلب على إعلامه.. وعيسى: يعني مطلوب مننا نطبل وبس!" ، موقع رصد، 2 نوفمبر 2015، https://rassd.com/163424.htm
4- محمد محمود ، "السيسي يهاجم برامج "التوك شو" ويطالب بوقف الاحتجاجات" ، وكالة أنباء الأناضول ، 26 أكتوبر 22016، https://cutt.us/6Xknf
5- "السيسي يحمل الإعلام المصري مسؤولية توتر العلاقات الخارجية" ، العين الإخبارية، 26 أكتوبر 2016 ، https://cutt.us/1c50V
6- محمود البدوي ، "السيسي يوجه رسالة للإعلاميين: مش مطلوب تتكلموا بشكل إيجابي لدعم أحد"، الوطن ، 13 يونيو 2022، https://cutt.us/sbcn7
7- السيسي ينتقد الإعلام الرسمي ومصريون يتكهنون بالأسباب" ، موقع العالم ، ٠٩ سبتمبر ٢، ٠٢٢ https://cutt.us/jTOjR
8- "السيسي ينتقد تغطيات الإعلام للأزمة الاقتصادية.. و«الأعلى للإعلام» في رسالة للرئيس: حفظكم الله قائدًا للمسيرة نحو المجد والرفاهية" ، موقع درب ،23 يناير، 2023 ، https://cutt.us/QN1Ci
9- تامر هنداوي، "السيسي ينتقد الإعلام: لا يصح الحديث كثيرا عن توافر الطعام في التلفزيون" ، القدس العربي ، 9 فبراير 2023 ، https://cutt.us/g4ZJR
10- أحمد علاء، " السيسي: لم أرضَ بنسبة 100% عن طريقة تناول الإعلام لمشكلات الدولة مع الآخرين" ، الشروق المصرية ، 2 أكتوبر 2023، https://cutt.us/g3koc
11- "عمرو أديب يوجه رسالة للسيسي: لم نكن نسيء لأحد بل ندافع عن بلدنا" ، سي ان ان عربي ، 3 أكتوبر 2023، https://cutt.us/9D060
12- "بعد عمرو أديب، لميس الحديدي توجه رسالة للسيسي بشأن حرية الإعلام" ، فيتو ، 2أكتوبر 2023 ، https://www.vetogate.com/4987515
13- • "السيسي يهاجم وسائل الاعلام المناهضة ل"نظامه""، alyaoum24، 24 أغسطس 2014 ، https://alyaoum24.com/180892.html
14- "السيسي يهاجم مؤسسات إعلامية عربية" ، موقع المدن ، 24 أغسطس 20214 ، https://cutt.us/ZbQMd
15- "إعلام الخارج.. يخشاه السيسي لكنه يدفع المصريين لمتابعته" ، الجزيرة نت ، 13أكتوبر 2020، https://cutt.us/Ou3ru