"الشو الإعلامي" لم يستر عجز الأنظمة| أين تبخرت قرارات القمة العربية الإسلامية؟
الأربعاء - 15 نوفمبر 2023
إنسان للدراسات الإعلامية – وحدة الرصد:
بعد 36 يوما من القصف المستمر على قطاع غزة، وبعد ارتقاء آلاف الشهداء، وتدمير كل مظاهر الحياة في القطاع، وبعد حصار وتجويع واستهداف للمشافي، وعقب 15 يومًا من دعوة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (أبو مازن) في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لعقد قمة عربية طارئة، جاءت القمة في 11 نوفمبر 2023، والتي وُصفت بالطارئة وغير العادية إسما على غير مسمى، وأثمرت سرابا!!
الأعجب أن أبواق الإعلام الموجه أخذت تمتدح القمة وتشيد بنتائجها، برغم أن الواقع لم يتغير بعدها على الأرض، بل ازدادت الأوضاع سوءًا.
نرصد في هذا التقرير ماذا قال الإعلام المستقل عن هذه القمة، كما نرصد كيف روج لها الإعلام "المنبطح"، ونوضح كيف كانت ردود فعل الجمهور على مخرجات القمة.
ماذا قدموا لدماء الأطفال؟
تساءل موقع "نون بوست": قمة الرياض “الطارئة” بعد 36 يومًا من الحرب.. ماذا يُعوّل عليها؟ وقال:"اجتمع قادة 57 دولة عربية وإسلامية لاستعراض الخطب الرنانة والتصريحات المملة، التي لم تأت بجديد، لكنها على ما يبدو محاولة من قادة الشعوب لإيجاد جواب فوري عند طرح سؤال ماذا فعل حكام العرب لغزة؟". وفي سياق مشابه، جاءت العناوين التالية:
- عربي بوست: القمة العربية بشأن غزة.. ماذا قدم هؤلاء لأجل دماء الأطفال؟
- سبوتنيك: مخرجات القمة العربية.. هل تساهم في وقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة؟
- بي بي سي: هل يمكن للدول العربية والإسلامية التوسط لوقف إطلاق النار؟
القمة فرصة لتمجيد الحكام
وكما فعلت صحف الخليج وإعلام الدول العربية كافة، بتمجيد الحكام المشاركين في القمة وامتداح كلماتهم ومواقفهم (الزائفة)، حشدت الصحف والمواقع المصرية كل مضامينها تقريبا، في يوم القمة واليومين التاليين لها، لتلميع السيسي والإشادة بكلمته وانتحال مواقف له عير حقيقية، برغم أن طوفان الانتقادات اللاذعة التي حاصرته بعد موقفه من معبر رفح وقصف الجانب المصري مرات متعددة لم يتوقف.
وفي هذا السياق (الفاضح)، نشرموقع "صدى البلد" مجموعة من العناوين، منها:
- نائبة: لقاءات الرئيس السيسي بقمة الرياض تعكس حرصه على دعم القضية الفلسطينية
- صحف ووكالات أنباء تبرز مطالبة الرئيس السيسي بوقف إطلاق النار "بلا شرط"
- خبيرة: كلمة الرئيس السيسي في قمة الرياض تناولت شقين مهمين عن فلسطين..
- برلمانية: كلمة الرئيس السيسى أمام قمة الرياض تاريخية وحاسمة
- زعيم الأغلبية: قمة الرياض أشادت برؤية مصر لدعم القضية الفلسطينية
وبدورها، نشرت صحيفة "المصري اليوم" العناوين التالية، بالتركيز على أحزاب الموالاة التي تنفذ الأوامر:
- حماة الوطن: كلمة الرئيس السيسي كشفت التخاذل الدولي تجاه جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين
- قيادي بمستقبل وطن: كلمة الرئيس بالرياض أوضحت حجم معاناة الفلسطينيين
- الإصلاح والنهضة: كلمة الرئيس بقمة الرياض جاءت مزيجا من إنسانية المواطن العربي وحكمة رجل الدولة
كما أبرز موقع "اليوم السابع" اللاءات الثلاثة من مصر لإسرائيل، حسبما قال أستاذ علوم سياسية للموقع، زعم أن كلمة السيسي أقوى من البيان الختامي للقمة كلها:
- أيمن الرقب: كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية الإسلامية أقوى من البيان الختامي
- اللاءات الثلاث ثوابت أسستها مصر فى دعم القضية الفلسطينية.. فيديو
- رئيس "قوى النواب": كلمة الرئيس السيسي بالقمة العربية خارطة طريق لإرساء السلام بالمنطقة
ردود فعل شعبية غاضبة
موجة غضب شعبية عارمة لاحقت قرارات القمة وتوصياتها، حيث لم تخرج إلا بـ"ندين ونستنكر ونشجب ونشدد ونرفض"، كما قال بعض النشطاء، وانتشرت سريعاً عبارات التهكم والسخرية من تلك القمة على مواقع التواصل الاجتماعي.
مثلا، نشر نائب الرئيس المصري السابق، محمد البرادعي، عبر حسابة على موقع إكس: "إلى الحكام العرب أنتم تفقدون مصداقيتكم في أعين شعوبكم كل يوم يمر" (رابط التغريدة)
ونشر حساب باسم "الرادع التركي": "مضت أربعة أيام منذ انعقاد القمة العربية الإسلامية في الرياض، ولم يتوقف القصف على غزة أو يفتح معبر رفح.. مازالت إسرائيل تقصف المدنيين وتقتحم المستشفيات وتغلق المعابر، ولم يتغير شيء . ذكروني ماهو النجاح الذي حققته القمة؟" (رابط التغريدة)
ونشر الكاتب القطري جابر الحرمي في حسابه على منصى "إكس": "نريد أن نذكّر بأحد قرارات القمة العربية الاسلامية قبل أن يجف حبرها .. يقول : كسر الحصار على غزة وفرض ادخال قوافل مساعدات إنسانية .. أين تنفيذ القرار من الواقع ...؟! هل عرفتم لماذا لا يحترم العالم ما يقوله العرب، ولا يعير لقراراتهم أي اهتمام ولا يعطيها أي اعتبار ...؟!!" (رابط التغريدة)
ونشر موقع "العربي الجديد"، تقريرا بعنوان: "تصعيد المقاطعة سلاح الشعب المصري بعد فشل القمة العربية".
وقد استذكر بعض الناشطين المجازر التي قام بها رؤساء بعض الدول المشاركين في القمة، مثل السيسي وبشار وغيرهم، مستنكرين وجودهم أصلا في القمة، خاصة أن جرائمهم بحق شعوبهم أسوأ من جرائم جيش الاحتلال في غزة.
ونشر حساب الكاتب الأردني من أصل فلسطيني، ياسر الزعاترة، عبر منصة "إكس": "أسوأ ما في القمة هو أن عباس سيمثّل (فلسطين)"، وقال: إذا كان من يمثّل فلسطين يطارد المقاومة في الضفة الغربية، وهي أكثر تأثيرا على أعصاب العدو من أيّ شيء آخر، فلماذا يُتوقّع من الآخرين شيئا أفضل؟"! (رابط التغريدة)
ونشر حساب باسم أحمد صورة لمجزرة رابعة بجانب صورة السيسي معلقاً: "وإن نسيتم … فنحن لا ننسى"(رابط التغريدة)
كما نشر حساب فريق ملهم التطوعي صورة بشار بجانب صور مجازره ضد السوريين معلقين: "وإن نسيتم.. فنحن لن ننسى أنه قاتل الأطفال، مغتصب النساء، منفّذ المجازر ومهجّر الملايين" (رابط التغريدة)
الأسوأ من ذلك أن حكومة الحرب الصهيونية بقيادة بنيامين نتنياهو سخرت عمليا من القمة ومخرجاتها، فواصلت عدوانها ضد الأطفال والنساء وسكان قطاع غزة، وتواصل القصف الإجرامي للمدنيين، بل تقتحم المستشفيات وتصعّد من عدوانها لمعرفتها أن القمة ليست سوى إطار نظري (مكلمة) يستحيل تحوله قراراتها لشيء عملي على أرض الواقع.
لماذا لا تنفذ قرارات القمة؟
يتساءل كثيرون: لماذا لا تنفذ بنود البيان الختامي للقمة، التى تضمنت "إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري، وكسر الحصار على غزة، والسماح بدخول قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع، ووقف صادرات الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل، ومطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح ما وصفه البيان بـ "جماح سلطة الاحتلال الاستعماري التي تنتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية"؟
وبدلا من تلقي رد مقنع على هذا التساؤل، وجدنا أن الداعي للقمة نفسه لم يقطع إمدادات البترول، في الوقت الذي يرى فيه كثيرون أن بيانها المخيب للآمال كان متوقعاً، فمن بين من شاركوا في القمة من يرون أن المقاومة في غزة إرهابية، ويدعون إلى تصفيتها.
ومن العناوين التي عبرت عن خيبة أمل الشعوب العربية في نتائج القمة، ما نشره موقع "الجزيرة"، بعنوان: "القمة العربية – الإسلامية.. ظاهرة كلامية تؤكد العجز والفشل"، وما نشره أيضا موقع "القدس العربي"، تحت عنوان: "هل حان وقت الانسحاب من الجامعة العربية؟"