المسلمون فى إقليم سنجق
الثلاثاء - 7 سبتمبر 2021
السنجق :هو إقليم يقع في منطقة البلقان اقتسمته خلال الحرب الأولى جمهورية صربيا والجبل الأسود من البوسنة والهرسك، واليوم تنقسم أراضي السنجق بين جهمورتي صربيا والجبل الأسود لكن معظمه يقع ضمن الأراضي الصربية ومدينة "نوفي بزار" هى عاصمة الإقليم .
وتسكن أقليم سنجق أغلبية مسلمة، حيث يعيش فيه أكثر من 600 ألف نسمة، أغلبهم مسلمون بوسنيون أو بوشناق حيث يشكل المسلمون87% من عدد سكان وهنالك أيضاً المسيحيون الأرثوذكس والكاثوليك بنسبة ضئيلة من عدد سكان الإقليم..
الموقع والمساحة :
يقع إقليم سنجق ضمن جمهورية صربيا تحده من الغرب جمهورية البوسنة والهرسك، ومن الشرق إقليم كوسوفا، ومن الشمال صربيا، والجبل الأسود من الجنوب.
وتبلغ مساحة إقليم سنجاق حوالي 8687 كيلومترا مربعا
تاريخ دخول الإسلام إلى إقليم سنجق:
دخل الإسلام إلى السنجق على يد السلطان المظفر الفاتح محمد الفاتح وذلك قبل فتحه لجمهورية البوسنة والهرسك الحالية في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي.
وخلال الحكم العثماني الذي دام ما يناهز الخمسة قرون وحتى قبل ذلك كان السنجق تابعاً للبوسنة والهرسك وعاصمتها سراي بوسنة التي تعرف اليوم بسراييفو.
وبعد احتلال النمسا للبوسنة والهرسك فصلت إقليم السنجق عن البوسنة والهرسك واقتطعته لصربيا ويرزح الإقليم الآن تحت الحكم الفاشي الصربي.
الهيئات الإسلامية:
توجد عدة هيئات إسلامية بالإقليم هي: الحزب الإسلامي ويرأسه الدكتور سليمان أوغليانين، وجمعية الشباب المسلمين، ويرأسها عمروفيتش، وجمعية النهضة الثقافية الإسلامية، ويرأسها تنديرفيتش، وجمعية "مرحمت" الخيرية الإسلامية ويرأسها قوزيه موريتش
معاناة المسلمين فى سنجق تحت حكم الصرب:
خلال الحرب البلقانية 1912 - 1913 اقتحمت جيوش صربيا والجبل الأسود أراضي السنجق وكوسوفا، وتم اقتسام السنجق مناصفة بين الدولتين. كما تم أيضًا اقتسام كوسوفا بينهما. ومع هذا الاقتسام - الذي أدى إلى توسع وتجاور صربيا والجبل الأسود - مارست الدولتان سياسة عنيفة ضد المسلمين هناك لدفعهم إلى الارتداد عن الإسلام واعتناق الأرثوذكسية أو الهجرة من السنجق.
إقليم سنجق فى ظل يوغسلافيا:
ومع تشكيل يوغسلافيا في 1918، جرى صهر السنجق وكوسوفا في التقسيمات الإدارية الجديدة حتى تضيع هوية الإقليم، واستمرت الضغوط على المسلمين هناك، حيث هاجر عشرات الآلاف إلى تركيا.
يحاول سكان إقليم سنجاق نيل حقوقهم، واسترداد كيانهم الإسلامي، وحقوقهم السياسية والثقافية التي سلبها الصرب، وقابلت السلطات الصربية هذه المطالب العادلة بالبطش، والتنكيل بالأبرياء، وصبت على السنجاقيين صنوفا من العذاب، والقتل الجماعي، مما دفع الكثير منهم إلى الهجرة الإجبارية فرارا من المذابح الوحشية ولقد كرر هذا البطش عدة مرات، فبعد الحرب العالمية الثانية قتل الصربيون والمنتنجريون عشرات الآلاف من مسلمي سنجاق.
عودة الاضطراب بعد وفاة تيتو :
وعلى الرغم من أن المعارضة السياسية للنظام الملكي (بقيادة تيتو) اعترفت بالهوية المميزة للسنجق وكوسوفا، وسمحت بتشكيل قيادة مستقلة في "حرب التحرير الشعبية" خلال الحرب العالمية الثانية - مما كان يوهم بالاعتراف بهما خلال الفدرالية المقترحة - فإن القيادة اليوغسلافية الجديدة أقرت تقسيم السنجق من جديد بين صربيا والجبل الأسود. وهو ما كان مقترحًا أيضًا بالنسبة لكوسوفا التي نجت في اللحظة الأخيرة من هذا المصير.ولكن بعد وفاة تيتو في 1980 عاد الوضع إلى الاضطراب بصعود المد القومي الصربي، الذي اعتبر أن الاعتراف بالبشانقة/ "المسلمين" - كشعب - "بدعة" تيتوية لتحجيم نفوذ صربيا في يوغسلافيا.
إقليم سنجق بعد الحرب على البوسنة والهرسك:
وبعد اندلاع العدوان على المسلمين في البوسنة والهرسك، قررت القيادة السياسية لمسلمي السنجق المحتل الانسحاب من البرلمانين المعاديين، تمشيا مع ما تمليه وحدة المصير مع مسلمي البوسنة والهرسك وعدم الجلوس تحت قبة واحدة مع جزاري المسلمين في البلقان. وعلى إثر خروج القيادات السياسية الإسلامية من البرلمانات المذكورة احتجاجا على العدوان الصربي ضد المسلمين، قامت السلطات الصربية بعدة إجراءات منها، طرد الدكتور سليمان من السنجق وسجن بقية القيادات، وهم الآن ومنذ 1992م، يرزحون تحت الأغلال داخل الزنازين الصربية ويبلغ عددهم 47 قيادياً من مختلف التخصصات الأكاديمية وهم الآن يقضون عقوبة السجن لأنهم قالوا لا للعدوان مع العلم أن الإعلان عن الأحكام صدر في سنة 1995م.
أثناء قصف الناتو لأهداف داخل صربيا سعت السلطات الصربية للتخلص من المسلمين في السنجق فنشرت الرعب بينهم وأحاطت الدبابات والمدافع الصربية بنوفي بازار عاصمة السنجق وحوصر المسلمون أرضاً وجواً فلجأ الآلاف من أهل السنجق المسلمين 45000 إلى البوسنة والهرسك وتهجير 70000 مسلم في بداية التسعينات خطوة على طريق المخطط الصربي لتفريغ السنجق من أهله المسلمين وإحلال الصرب محلهم.
وضع المسلمين اليوم فى إقليم سنجق:
يهدد الصربيون المسلمين فى الإقليم بالإبادة الجماعية لهم، ولقد أصيب المسلمون في الإقليم بالتخلف نتيجة حرمانهم من كثير من الحقوق المدنية، وحرمانهم من الوظائف الحكومية، ونقل الصرب قوات من الجيش الصربي إلى الإقليم، ولقد فر من الإقليم 62 ألف مسلم من المسنين والنساء والأطفال.
طالب رئيس المجلس الوطني للبوشناق سليمان أوغلانين سلطات صربيا والاتحاد الأوروبي بإجراء انتخابات محلية ومنح الحكم الذاتي لمسلمي صربيا (البوشناق) في منطقة سنجاق جنوب غرب صربيا.
وقال أوغلانين في مؤتمر صحفي عقده في مدينة نوفي بازار ، "على صربيا والاتحاد الأوروبي أن يقوما بشكل مشترك بتحديد موعد إجراء انتخابات لإدارة سنجاق.. ويجب كذلك تحديد موعد نشر قوات أمن أوروبية وأجهزة قضائية أوروبية في سنجاق، إضافة إلى تحديد موعد انسحاب الشرطة والجيش والاستخبارات ومؤسسات القضاء الصربية".
واتهم زعيم مسلمي صربيا السلطات وأجهزة الأمن التابعة للعاصمة بلغراد بالتمييز ضد البوشناق.
من جهتها أعلنت بيلانا بوبكوفيتش إيفكوفيتش، نائب وزير الداخلية الصربي، أن "مواطني صربيا يجب ألا يقلقوا، لأن سليمان أوغلانين لا يمكن أن يشكل خطرا على أمن المواطنين واستقرار البلاد".
أبرز المشكلات التي تواجه المسلمين فى سنجق:
- أبرز المشكلات محاولات الحكومات الصربية القيام بتهميش دور المسلمين في الحياة السياسية بل وممارسة بعض أشكال التمييز ضدهم، حيث يشعر المسلمون، فى سنجق بعدم تمتعهم بحقوق المواطنة كاملة مما زاد الهوة بينهم وبين بقية مواطني صربيا .
- هناك مشكلات أخرى أبرزها صعوبة التصريح ببناء المساجد لأداء الشعائر، حيث لا يتناسب عددها إطلاقاً مع التواجد الإسلامي ، وكذلك ضرورة السماح بإعداد مقابر بحرية مثلما هو حق لبقية أتباع الأديان، وأحياناً يتم السماح لبعض أعداء الوجود الإسلامي ببث سمومهم ضدالمسلمين كالسماح بنشر كتاب عنوانه "لؤلؤة المدينة" رغم ما فيه من تجريح لمشاعر المسلمين لما يتضمنه من إساءة لمشاعر المسلمين من خلال التطاول على أم المؤمنين عائشة، بزعم حرية التعبير، كذلك ما يتعرض له بعض المسلمين في بعض المناطق من التضييق على حقوقهم الدينية، وعدم إعطائهم الحرية التامة في تدريس دينهم في المدارس.
- تدمير الآثار الإسلامية وقام الاحتلال الصربي بتدمير الآثار، خاصة بعد خروج الأتراك من المنطقة، حيث استضعفوا المسلمين أصحاب الأرض الأصليين الذين بقوا في أرضهم رغم محاولة الصرب اقتلاعهم منها، وقبل مائة سنة تقريباً شهدت الآثار الإسلامية أوج الاعتداءات العدوانية الصربية. فأغلبية المساجد التاريخية وقع تدميرها وقد حصل ذلك في جميع المدن في «نوفي بازار» و «برييوي» وغيرها، ومن ذلك مسجد «أوطون عالم» (يعني المسجد الذهبي) ويعتبر قمة في الفن المعماري و«ططيك جامع» و«جامع تيقلا» وغيرها من المساجد والتكايا والمدارس. لقد عمل الصرب على قطع مسلمي السنجق عن ماضيهم وجذورهم وجعلهم شعباً بدون ذاكرة أي بدون تاريخ وبدون مستقبل، وإيهامهم تارة بأنهم طارئون على المنطقة، وتارة بأنهم من الصرب، ولكنهم أسلموا فهم صرب مسلمون.
- العدوان الاقتصادي تختلف الأوضاع الاقتصادية في السنجق الآن عما كانت عليه قبل الحرب، إذ كان المسلمون بإمكانهم الحصول على حاجتهم تقريباً وكان مسموحاً لهم بالنشاط التجاري رغم أن ثروات يوغوسلافيا كانت تعطى فيها الأولوية للصرب ثم للكروات ويأتي المسلمون في المرتبة الأخيرة، وبعد الحرب واستبدال الشيوعية بالأرثوذكسية أو الصربية أصبح ينظر للمسلمين بشكل أكثر عدوانية ودموية وانسحب ذلك بالطبع على مجمل الأوضاع بما في ذلك الوضع الاقتصادي، حيث اتخذت ضد المسلمين إجراءات تعسفية منها:
- مصادرة مئات الآلاف من الهكتارات الصالحة للزراعة (2350 هكتارا).
- طرد آلاف العمال من مقار أعمالهم الوظيفية وفي المصانع (15000 نسمة).
ـ فرض ضرائب مرتفعة على المسلمين لإفقارهم وإلجائهم للهجرة بحثاً عن لقمة العيش بعد ان سد الصرب في وجوههم مصادر الدخل بالطرد أو بالتضييق.
- الاعتداء على متاجر المسلمين ومصادرة ما فيها أو هدمها بحجة عدم استيفاء الشروط القانونية وفي معظم الأحيان لا يبدون أي أسباب.
إن هذه التصرفات الصربية تسعى إلى إفقار المسلمين والاعتداء على أملاكهم وسرقة أغنامهم وأبقارهم أثناء غيابهم عن ديارهم أثناء قصف الناتو إبان الأزمة الكوسوفية.
الوضع الاقتصادى لإقليم سنجق:
للأسف الأوضاع الاقتصادية سيئة؛ حيث إن البنية التحتية متهالكة أو غير موجودة، والبطالة منتشرة بين الشباب، ولذلك يتجهون للعمل في أوروبا الغربية، ولكن فرص الاستثمار كبيرة في إقليم السنجق الذي يتمتع بأجواء جميلة وطبيعة خلابة، خصوصاً في البنى التحتية، إلا أنها تحتاج إلى استثمارات ضخمة.