المنظومة التعليمية الانقلابية..وتدمير الهوية المصرية

الأربعاء - 18 آغسطس 2021

تفاصيل مشروع السيسي لتفريغ المناهج من القيم الدينية والإنسانية

إعداد: مركز إنسان للإعلام

مقدمة

يمثل هذا البحث محاولة لكشف المؤامرة التي يديرها النظام الانقلابي في مصر على التعليم بكل مؤسساته، العام منها والديني، بهدف خلق أجيال منفصلة تماما عن الواقع، بعيدة عن هويتها العربية الإسلامية، مؤمنة بأن العدو الصهيوني هو الصديق، وأن الإسلاميين بكافة توجهاتهم هم العدو، لا تعرف من الوطنية إلا "الولاء التام" للنظام الاستبدادي الحاكم.

يفسر البحث، الذي يحتوى على سبعة فصول، أسباب الهجمة على المناهج الدراسية في كافة المراحل، ويفضح عمليات الحذف غير المسبوقة التي طالت هذه المناهج منذ انقلاب 3 يوليو 2013م وحتى الآن، تحت دعاوى "نبذ العنف" و "محاربة التطرف"، ويسلط الضوء على الدور الأمريكي والصهيوني في التلاعب بالمناهج المصرية، وكيف أن أمريكا استطاعت أن تتغلغل داخل وزارة التعليم المصرية وتنشئ مركزا لتطوير المناهج لتتحكم بشكل كلي فيما يتم تدريسه للطلبة المصريين.

ويقدم البحث بيانا واضحا حول الدور الذي يلعبه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في تشويه المناهج وتقليص ميزانيات التعليم، ومحاولات "تدجين" الأزهر، وتفكيك مؤسسته، بدعوى "نبذ العنف والتطرف" و"محاربة الإرهاب".

كما يقدم تفسيرا حول أسباب تدهور العملية التعليمية منذ عهد مبارك وحتى الآن، وكيف أن السيسي جاء بمشروع واضح لنزع الهوية الإسلامية من المجتمع المصري، والقضاء عليها تماما، ليكون "ورقة الغرب والكيان الصهيوني الرابحة" في مواجهة المد الإسلامي الذي أفرزته ثورات الربيع العربي.

الفصل الأول: الهجمة على المناهج الدراسية...لماذا؟

"تنطلق الحملة الشرسة على المناهج الدراسية في مصر والعالم العربي والإسلامي من فرضية مؤداها أن التعليم العام والشرعي يغذي الإرهاب".

هذه الخلاصة تحدث عنها الباحث التربوي اللبناني الراحل الدكتور محمد منير سعد الدين، في ورقة بحثية قدمها لمؤتمر تربوي عام 2005م، تحت عنوان " الهجمة على مناهج التعليم في العالم العربي والإسلامي"، موضحا أن "المطروح حول تطوير المناهج مفروض من الخارج ولا ينبع من عقيدتنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا"

ويتساءل: من المستفيد من الهجمة على المناهج؟ ويجيب: حين يتحدث الغرب- وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية- عن تنقية المناهج مما يغذي الإرهاب فإنهم لا يتحدثون عن نوع محدد من الإرهاب، بل يسعون إلى تنقية المناهج من كل ما يعارض مصالحهم ونفوذهم.(1)

إن ما تقدم يضع أيدينا مباشرة على الدور المشبوه الذي يقوم به النظام الإنقلابي في مصر حاليا من فرض حالة غير مسبوقة من "تجريف المناهج" وتفريغها من أي محتوى يعزز الهوية العربية الإسلامية للبلاد، خدمة للمشروع الصهيو- أمريكي.

كيف بدأ تغيير المناهج في مصر؟

إن قضية تغيير المناهج التعليمية في المنطقة العربية والإسلامية لم تفتر منذ معاهدة كامب ديفيد، التي وقعها الرئيس المصري الأسبق أنور السادات مع مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل عام 1979، مروراً باتفاقيات مدريد وما تلاها، إلا أنها طفت على السطح وازدادت زخماً في ظل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال الربط الأمريكي بين المناهج التعليمية المقررة في عدد من الدول، ومن بينها مصر، وبين ما تسميه الولايات المتحدة إرهاباً، وزاد حجم التركيز خاصة على التعليم الديني.

ولأن مصر هي القائد التربوي، كما أنها المخطط والمنفذ في الماضي والحاضر للسلوك الاقتصادي والاجتماعي في الشرق الأوسط، فهي مستهدفة، وحيث أن المناهج التعليمية هي ما يشكا عقل المصريين ووعيهم ووجدانهم فقد أصبحت هدفا أول للتلاعب الغربي والصهيوني، وسوف يأتى شرح ذلك بعد قليل.(2)

وقد تعرضت كتب التربية الدينية والوطنية والتاريخ والفلسفة والمنطق والاجتماع وعلم النفس وكل ماله صلة بالعلوم الإنسانية  لعملية حذف واختزال وتشويه فيما يتصل بحقائق الدين الإسلامي وقيمه، مما دفع بعض المربين والمؤرخين الإسلاميين أمثال د. جمال عبدالهادي والأستاذين علي لبن و حسن جوده في بداية تسعينات القرن الماضي إلى التصدي لهذا العبث وفضح مراميه، فأصدروا سلسلة من الكتب تحت عنوان "الغزو الفكري في المناهج الدراسية"، شرحوا فيها كيف تم تشويه المناهج ورصدوا عمليات الحذف التي جرت على نطاق واسع، وبخاصة ما يتعلق باليهود وفريضة الجهاد في الإسلام. (3)

ونبه عدد كبير من علماء الإسلام المعاصرين إلى أبعاد وأهداف هذا الغزو الفكري، وكيف أنه عندما تولى العسكر شؤون بلادنا قادوها إلى هزيمة فكرية وثقافية ومعنوية، قبل الهزيمة المادية.

يقول الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله- في كتابه "الغزو الثقافي يمتد في فراغنا": "إن نابليون كان أسلم فطرة وأصدق قيلا من بعض العسكر الذين ظهروا في تاريخ أمتنا الحديث، فكرهوا الإسلام وهاجموا تعاليمه وأهانوا أهله، هؤلاء القادة لا يرتفعون إلى مستوى نابليون من الناحية الحربية أو الإدارية، وقد ورثوا الإسلام عن آبائهم فلم يقدروه حق قدره، فكانت عقباهم الحرمان من توفيق الله وإصابة أمتهم في مقاتلها" (4)

وتبعا للمشهد الانقلابي الذي حدث في مصر 3 يوليو 2013م، بدأ مشروع تسييس المناهج وأدلجتها بما يناسب الحكم العسكري الدكتاتوري، وتماهيا مع المشروع الصهيو أمريكي، الذي يستخدم العسكر كأداة لإسقاط مصر والقضاء على هويتها العربية الإسلامية.

يتم هذا المشروع، وامتدادا لما حدث في عصر مبارك، عبر مؤسسات أمريكية وصهيونية لها مهام ظاهرة معلنة، ومهام مستترة خفية، وتتقدم بمشاريع ومساعدات ومنحٍ في مجالات متعددة، ومراكز تخطيط تربوي ومعلوماتي، وتطوير للمناهج، ومؤسسات للأبنية التعليمية ومراكز أبحاث وجامعات، كما هو حال مشروع أولبرايت الأمريكي، ومنح السلام، ومنح مؤسسة الفورد فونديشن، ومنح إم - آي - تي، ولجنة الكونغرس الأمريكي، وهيئة المعونة الأمريكية، ومؤسسة ليجاسي الأمريكية وغيرها.(5)

مركز "تخريب" المناهج الأمريكي

في عام 1988م، أنشأت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (usaid)  مركز تطوير المناهج في مصر، وهو مركز يهدف إلى "مراجعة وتطوير المناهج والكتب الدراسية وغيرها من المواد التعليمية، ووضع خريطة للمدى والتتابع لجميع المقررات الدراسية من الروضة حتى الصف الثاني عشر"، حسب الملف التعريفي الموجود على موقعه الإلكتروني.

وفي خطاب تنفيذ المشروع الذي وجهته الوكالة الأمريكية إلى مدير المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية في فبراير 1989 بأن تنشأ في إطار هذا المركز وحدة لتطوير المناهج، ختم مدير مكتب الوكالة الأمريكي خطابه إلى مدير المكتب القومي بعبارة: "من فضلك أشر إلى موافقتك بالتوقيع أسفل"، بما يعني أن الشروط وضعت بمعرفة الجانب الأمريكي الممثل في الوكالة، وأن مهمة الجانب المصري التوقيع فقط، وبالفعل وقع المدير المصري في 28 فبراير 1989.

واشترط الجانب الأمريكي في حالة التعارض بين قوانين الحكومة المصرية وتعليمات الوكالة أن تطبق تعليمات الوكالة، ومعنى هذا ألا تطبق القوانين المصرية في مصر، وفي أمور تخص مركزاً يتعامل مع التعليم المصري!.

وفي تقرير عن هذا المركز الأمريكي لتطوير المناهج يقول سماح رافع محمد رئيس قسم التدريب بمركز البحوث التربوية: "من المهازل التي ابتليت بها مصر في نظامها التعليمي التغلغل الأمريكي تحت ستار العلم والمساعدات الأخوية الأمريكية لمصر... والتي هدفها إحكام السيطرة الأمريكية على تربية الشباب المصري، وتيسير الاختراق الغربي لعقول الأجيال الجديدة من أبناء مصر، وذلك تدريجياً من خلال النظام التعليمي ودون أن يدري المسؤولون شيئاً عن أخطار ذلك المخطط في المستقبل، وما سوف يؤدي إليه من تقلص مشاعر الانتماء عند الشباب نحو وطنهم وعروبتهم وإسلامه".(6)

ويروي الأستاذ علي إسماعيل، الباحث السابق بمركز تطوير المناهج أنه كان ضمن فريق العمل المختص بتطوير مادة التربية الدينية، وأنه كان متضايقاً من وجود الخبراء الأمريكيين واليهود معهم في لجنة تطوير مادة الدين ويقول: في إحدى الجلسات اعترضت الباحثة الأمريكية د. (ليندا لامبرت) على آيات وأحاديث عن الخمر ووقائع عن الحروب الصليبية، فحاولت أن أقنعها أن تحريم الخمر وعداءنا للحروب الصليبية نابع من عقيدتنا الإسلامية وشرحت لها ذلك شرحاً مفصلاً إلا أنها قالت لي: تلك الآيات والأحاديث والأحداث التاريخية تعوق الإبداع عند الطلاب وتحرمهم لذة العيش مع العالم الجديد، وقالت لي: إن هناك نظاماً دولياً جديداً يقوم على الحرية واحترام حقوق الإنسان، ولا داعي لأن نملأ عقول الأطفال بالحروب الصليبية!!

يضيف علي إسماعيل قائلاً: لم أقتنع وطلبت منها عدم حذف تلك الآيات والأحاديث والوقائع التاريخية، وفي النهاية بعد انتهاء الجلسة فوجئت بقرار من د. كوثر كوجك مدير مركز تطوير المنهج باستبعادي من لجنة تطوير التربية الدينية"(7)

الفصل الثاني: السيسي يقود خطة "تدمير التعليم"

بعد شهرين تقريبا من الانقلاب العسكري في مصر، كان التعليم هو المحطة الأولى للحرب على الهوية الإسلامية، وبيت القصيد في تسييس المناهج ومحاولة تثبيت أركان حكم العسكر، فبدأت سياسة "الحذف بالجملة" من مناهج 2013-2014، وإدخال دروس ومقررات لتزييف وعي الطلاب حول ما جرى وما يجري منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن على أرض مصر.

وقبل عام ونصف تقريبا، وتحديدا في 16 أغسطس 2014 استقبل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الأسبق، في لقاء استمر قرابة خمس ساعات لاستعراض ما قالت عنه وسائل الإعلام بأنه "اِستراتيجية تطوير التعليم في مصر للفترة (2014 ـ 2030) ومرحلتها التأسيسية (2014 – 2017) ، والوقوف على مدى التقدم الذي تم إحرازه فيما يتعلق بتطبيق البرامج التنفيذية للنهوض بكافة عناصر العملية التعليمية، والتي تشمل الطالب والمعلم والمناهج الدراسية والأبنية التعليمية.

وقال هانى كمال المتحدث باسم وزارة التربيه والتعليم وقتها: إن اِستراتيجية تطوير التعليم مقسمة إلى 3 مراحل: الفترة القصيرة من 2014- 2017، والمتوسطة من 2017-2022، والطويلة من 2022-2030م، موضحا أن المرحلة من 2014-2017 تشمل: إنشاء مدارس وتغيير مناهج وتغيير منظومة التعليم الفني والاهتمام بالمعلم، ثم إطلاق قناة تعليمية تليفزيونية لمحاربة الدروس الخصوصية، مشيرا إلى أنه تم تغيير 30 في المائة من المناهج التعليمية في مرحلة أولى وباقي 70% يتم تطويرها على مدى 3 سنوات. (8)

وحول الخطة ذاتها قال الوزير أبو النصر: إنه وضع خطة إستراتيجية لتغيير المناهج وتطوير التعليم العام والفني، وتم عرضها على الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن الخطة تركز على تدريب المعلم وتطوير المناهج وتقليل الكثافة في الفصول.(9)

وأوضح أبو النصر أن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن "عدم مواكبة المناهج المصرية للعصر الحديث" كان قبل تسلمه مقاليد الأمور بالوزارة ، مشيرًا إلى أن تاريخ التقرير من أول يوليو 2012 وحتى يوليو 2013م.وأضاف أن الوزارة بالتعاون مع الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، ومنظمة اليونسيف تسعى إلى تطبيق معايير الجودة على مدارس التعليم المجتمعي.(10)

و قال محمود أبو النصر: إن هناك لجنة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف تساعد في تعديل وتغيير مناهج التربية الدينية، مؤكدا أن الوزارة تثق في الأزهر ووزارة الأوقاف والكنيسة المصرية في تعديل مناهج التربية الدينية وتدريب المعلمين.(11)

وفي 23 يونيو 2015 اجتمع الانقلابي عبد الفتاح السيسي بالدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم الأسيق، واستعرض الوزير خلال الاجتماع لائحة الانضباط المدرسي التي تهدف إلى "مكافحة العنف والإيذاء البدني والنفسي بين الطلاب وزملائهم، وبين الطلاب والمعلمين"، بما يحدد ويضمن حقوق وواجبات الطلاب والمعلمين، ومسئوليات أولياء الأمور وإدارة المدرسة، على حد قوله.

وعرض الوزير عدداً من الإجراءات تشمل عقد ورش عمل وجلسات حوار للتوصل إلى حلول للقضاء على ظاهرة العنف في المدارس، ودورات تدريبية لتوعية المعلمين ومديري الإدارات التعليمية، وتطوير وتنقية المناهج الدراسية من أى موضوعات تحض على العنف.(12)

وأعاد وزير التعليم الهلالي الشربيني السابق الكلام نفسه نهاية العام 2015، فقال: لدينا ثلاث خطط متتالية، الأولى مؤقتة تعمل خلال العام الحالى، والثانية متوسطة حتى عام ٢٠١٧ والثالثة ممتدة إلى عام ٢٠٣٠ وتشمل التطوير فى الإدارة والمناهج والامتحانات، وتدريب المعلمين وزيادة الميزانية.(13)

واعترف الوزير، وبشكل غير مباشر بتدخلات القيادة السياسية في المناهج، حيث قال: القادة السياسيون يقومون بتقديم المقترحات التى تساعد على النهوض بالعملية التعليمية فقط.

وأضاف: يجب أن تكون هناك رقابة على تدريس اللغة العربية والدراسات الاجتماعية وفق التاريخ والجغرافيا المصرية، إضافة إلى ضرورة احترام العلم المصرى والنشيد الجمهورى.(14)

كما اعترف الشربيني بتدني المنظومة الأخلاقية داخل المدارس في السنوات الأخيرة، قائلا: لست راضيًا عن المنظومة.. والانفلات الأخلاقى مسئولية أولياء الأمور"

وحول حصول مصر على المركز قبل الأخير فى مستوى التعليم عالميا قال: تقارير التنافسية العالمية تتحدد بناء على مخرجات كثيرة، منها عدد السكان والبنية الأساسية للدولة والحالة الاقتصادية والسياسية وعدد المدارس والميزانية المقدمة للتعليم، ولكل تلك الاعتبارات حصلت مصر على هذا المركز المتدني. ونفى أن تكون هناك نية لإلغاء هيئة ضمان جودة التعليم بعد التقرير الأخير.وعزا ارتفاع نسبة العنف والبلطجة فى المدارس إلى عدم المتابعة المستمرة من القائمين على المدارس.(15)

وفي احتفالية يوم الشباب 9 يناير 2016 م، أمر الانقلابي عبدالفتاح إبراهيم السيسي بتشكيل لجنة متخصصة تشتمل على الوزارات المعنية والمجالس التخصصية، لتحديث المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسية، لتراعي مجموعة من الأهداف منها: مواكبة أحدث المناهج العالمية وترسيخ القيم والأخلاق في مختلف المراحل التعليمية، على أن تنتهى من عملها خلال 3 شهور. (16)

وعقد الهلالي الشربيني وزير التعليم وقتها اجتماعا الأحد 7 فبراير 2016 داخل ديوان الوزارة بحضور وزراء الشباب والرياضة ، التعليم العالي والبحث العلمي ، الثقافة ، ورئيس المجلس التخصصي للتعليم التابع للرئاسة د.طارق شوقي.

وصرح الوزير بأن هذه اللجنة الوزارية ستكون مهمتها إشرافية فقط، ويعطون آراءهم حول أساليب التطوير، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء سيتابع هذه اللجنة بنفسه.(17)

و أكد الشربيني أنه سيتم تطوير مناهج العلوم والرياضيات طبقا للمعايير العالمية والدولية على رأسهم دولة ألمانيا وبعض الدول الأخرى، إضافة إلى وصول الكتب التى يتم التطوير طبقا لها من خلال السفارات المصرية الموجودة فى تلك الدول.(18)

وحسب الوزير جاء الاتفاق على تعديل المناهج بعد عدة لقاءات مع أعضاء المجلس القومى للمناهج، وتم الاتفاق على الاستعانة بالتجربة السنغافورية بناء على رغبة القيادة السياسية، كما تمت مناقشة مقترح لتدريب ٣٠ ألف معلم لغة إنجليزية، وقال: قررنا تشكيل لجنة قومية تضع أمامها المناهج الخاصة بدول إنجلترا وفنلندا وفرنسا وألمانيا فى مجال العلوم والرياضيات، وخاطبنا رؤساء الجامعات حتى يتم موافاتنا بأعضاء اللجنة المتخصصين.(19)

ثم جاء الوزير الحالي طارق شوقي، ليحول التعليم الى حقل تجارب ويخلط الأوراق الى حد مخيف.

الفصل الثالث: تغيير المناهج أهم أولويات الانقلاب

وقال مصدر مسئول بمركز المناهج والبحوث التربوية، الثلاثاء 19 يناير 2016م، إن الوزارة تستعد للبدء فى تطوير مناهج العلوم والرياضيات لجميع الصفوف، مؤكدا أن 120 أستاذ جامعة يعقدون ورش عمل بالمدينة التعليمية تستمر لمدة 3 أيام.(هذا بعد أن انتهت الوزارة خلال العامين الماضيين من تغيير مناهج العلوم الإنسانية).

وأضاف أنه بجانب أساتذة الجامعات سيشارك أيضا أعضاء من المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى ومركز الامتحانات.

وفي 2 فبراير 2016 قال الدكتور طارق شوقى رئيس المجلس التخصصى للتعليم التابع للرئاسة وقتها: إن تطوير المناهج حلم جميع الشعب المصرى، وقد أصبح أحد أولويات الرئيس "عبدالفتاح السيسى" ولذلك عمل على تكوين لجنة لتطويرها.

وأشار شوقى إلى أن جميع الوزرات تتعاون من أجل هذا التطوير مؤكدا أنه يوجد سلسلة للتطوير أهمها المناهج وتدريب المعلمين وإكتساب طرق جديدة للمعرفة.(20)

وقبل ذلك في 16 ديسمبر 2015 ، كشف الدكتور حازم راشد، مدير مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية التابع لوزارة التربية والتعليم، تفاصيل خريطة المناهج التي سيتم تطويرها وطرحها للتأليف العام الدراسي القادم، مشيرا إلى أن المركز انتهى من وضع مصفوفة المدى والتتابع وأنها في مرحلة المراجعة وأنه لا تسييس للمناهج، موضحًا أن العبث بتأليف المناهج وكتب التاريخ قد انتهى، وأن المركز يعمل على ربط المناهج بالوطنية والمشروعات القومية.

وقال: تم التحرك في خطة وفق معايير ومؤشرات خاصة للمناهج من الصف الأول الابتدائي حتى الصف الثالث الثانوي، وقد انتهينا بالفعل من وضع مصفوفة المدى والتتابع والتي تحدد الصورة التي يبنى عليها المنهج في كل مادة وما يدرسه الطالب في الصف الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي، ويراجع تلك المصفوفة أساتذة جامعيون متخصصون، وتعد بمثابة دستور المناهج.

وأضاف أن المجتمع يموج بأفكار وصراعات بين نزعة دينية عالية عند البعض ونزعة علمانية مرتفعة عن آخرين، وهذا يكون له حساسية في نظرة البعض للدروس المقررة على الطلاب، ومن ثم يتم توجيه أشياء في غير وجهتها الموضوعة لها.

وقال: أنا ضد تسييس المناهج، ومن أنصار ربط المناهج بالوطنية المصرية، وإن تدريس موضوعات حول المشروعات القومية ليس تسييسًا للمناهج كما يدعي البعض؛ بل هو ربط للطلاب بوطنهم؛ لأننا عندما نتحدث عن مشروع مثل قناة السويس فإننا نتحدث عن مشروع قومي ومثل تلك المشاريع ستبقي للبلد وليس للأشخاص، والوطن هو الباقي ونحن نتفهم ذلك جيدًا، ثم لماذا يقتنع البعض بأن نظام الحكم بعيد عن فكرة الوطنية، هذه رؤية خاطئة.

وأوضح أنه سيتم طرح مناهج التربية الدينية للتأليف، بالاستعانة بمشيخة الأزهر في حالة التربية الدينية الإسلامية أو الكنيسة في حالة التربية الدينية المسيحية. (21)

حذف دروس الفتوحات والجهاد وجرائم الصهاينة

بدأت وزارة التربية والتعليم من العام 2013/2014 أي بعد الانقلاب مباشرة، بحذف عشرات الدروس والنصوص من مواد العلوم الإنسانية، وخاصة اللغة العربية والتربية الإسلامية، حيث

شملت محذوفات التربية الإسلامية في ذلك العام ما لايقل عن 4 دروس لكل صف من الصفوف من الأول الابتدائي وحتى الثالث ثانوي، وكلها مما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق، مثال "سور القدر والتين وقريش ونشيد الصلاة" من مقرر الصف الأول الابتدائي ومعظم وحدة "وأقيموا الصلاة" ودرس "أبو جهل" للصف الثاني الابتدائي، و"المسلم المتعاون" و "مراعاة حقوق الآخرين" للصف الثالث، وقصة "أصحاب الأخدود" من الصف الرابع ونشيد "ربنا الله" من الصف الخامس، و "حج البيت" للصف السادس، و"الإسلام وتنمية المجتمع" للصف الثاني الإعدادي و "الإسلام والحضارات الأخرى" للصف الأول الثانوي.(22)

ومن ذلك أيضا التوصية للصف الرابع الابتدائي بأن "الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة الواردة في نهاية موضوعات القراءة للقراءة والفهم وليست للحفظ"(23)

والأخطر من كل ذلك أن قامت الوزارة بحذف بعض الفقرات التي تتهم الكيان الصهيوني بالإرهاب من كتاب (خواطر إسلامية) في منهج التربية الدينية الإسلامية للصف الثالث الإعدادي.

وأيضا من الصفحات المحذوفة بنفس الكتاب صفحات تحث المسلم علی الإيجابية نحو مجتمعه كعدم السكوت عن رؤية المنكر والخطأ، والقيام بالدور الطبيعي للمسلم ومنها آيات وأحاديث موجودة بالكتاب كغيرها من عشرات السنين.

وحذفت أيضا عبارات تحكي عن تاريخ اليهود وإرهابهم مع مسيحيي نجران عندما حفروا لهم الأخدود وألقوا بأكثر من عشرين ألف نصراني متبع لدين عيسی في النيران، مما يدلل علی تطرف اليهود وإرهابهم الفكري.

وقامت بحذف عبارات تتهم أوروبا بالوقوف في صف الكيان الصهيوني كدولة ترهب الشعب الفلسطيني.(24)

وباستقراء خطة توزيع مقرر الدراسات الاجتماعية للعام الدراسي 2013/2014 وللصفوف من الأول الابتدائي وحتى الثالث ثانوي، لاحظنا أنه تم تجميد معظم الدروس المتعلقة بالشخصيات التاريخية الإسلامية وكذلك ما يتعلق بالتوجهات السياسية وحركات التحرر والثورات (25)

و في المواد الفلسفية والتربية الوطنية للمرحلة الثانوية، قررت الوزارة حذف دروس "التفكير الإنساني" و "عقول مصرية وإنجازات عالمية" من مقررات الصف الأول الثانوي، و"فلسفة الثورات...نموذج تطبيقي على ثورة 25 يناير 2011" من الصف الثالث الثانوي.(26)

وفيما يخص مناهج علم النفس والاجتماع للعام ذاته، قررت الوزارة حذف فصول بأكملها من كتب الثانوي العام والتجاري، ومن ذلك موضوعات "الإدراك" و "التعلم وأسس الاستذكار"و"بيئة التعلم الآمنة" من الوحدة الثالثة لكتاب علم النفس للصف الثاني الثانوي، وموضوعي "الوقت" و "هجرة العقول" من الوحدة الثانية لمقرر علم الاجتماع للصف ذاته، وكذلك حذف الفصل الرابع والخامس من الباب الثالث لكتاب علم النفس و الفصل الثاني من الباب الثالث المعنون بـ"قضية المياه في مصر وتهديد الأمن القومي" بالصف الثالث الثانوي عام، والفصول الخامس والسادس والثامن من كتاب علم النفس التجاري للصف الثانث تجاري، والفصل السادس من كتاب علم النفس التجاري للصف الثالث تجاري.(27)

وفي الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 2014-2015 حذفت الوزارة دروسا جديدة لمعظم المراحل الدراسية.

وقالت الوزارة في بيان: إنه "تم حذف الموضوعات التي يمكن أن تحث على العنف أو التطرف، أو تشير إلى أي توجهات سياسية أو دينية أو أي مفاهيم يمكن أن تستغل بشكل سيء".

صلاح الدين الأيوبي و عقبة بن نافع..خارج المناهج

وكان من بين المحذوفات درس صلاح الدين الأيوبي بالوحدة الأولى للصف الخامس الابتدائي، و الذي يتحدث عن فتوحات القائد العسكري مؤسس الدولة الأيوبية، وكذلك حذف ستة فصول من قصة "عقبة بن نافع"، فاتح إفريقيا، والمقررة في اللغة العربية على الصف الأول الإعدادي، وهي: الفصل الحادي عشر عن "عبقرية عقبة الحربية"، والفصل الثاني عشر بعنوان "ماء فرس"، والفصل الرابع عشر بعنوان عزل عقبة، والفصل الخامس عشر بعنوان "عودة عقبة للقيادة"، والفصل السابع عشر بعنوان "يوم مشهود"، والفصل الواحد والعشرون بعنوان "عقبة على شاطئ الأطلنطي".(28)

كما أصدر وزير التربية والتعليم، محمود أبو النصر، قرارا بحذف بعض المواد في منهج اللغة العربية في الصفوف الأول والثالث الابتدائي، والأول الثانوي، حيث ألغى الوزير موضوع "ثورة العصافير" في الصف الأول الابتدائي، ودرس "نهاية الصقور" في الصف الثالث الابتدائي، بجانب درس "رحلة إلى المزرعة" و"بقرة جدي" في الصف الأول الابتدائي، و"الهدم والبناء" في الصف الأول الثانوي.

و"ثورة العصافير".. اسم الدرس الثالث الذي قرر على الطلبة في الصف الأول الابتدائي، تحديدا في مادة اللغة العربية، ويشرح قصة الثورة بشكل يتلاءم مع عقلية الأطفال، تحت شعار "انظر وعبر"، القصة تتحدث عن ملك يحبس العصافير، يمنع عنها الطعام، حتى صرخت بصوت أزعج الملك. استمر توقف الطعام واستمر ضرب الحارس، حتى مات عصفور، وحزنت العصافير، صرخت "ارحل ارحل"، فهرب الملك، فاحتفل الثوار، ليجسد الدرس فكرة الثورة.

أما درس "نهاية الصقور"، فهو عبارة عن قصة قصيرة في مادة اللغة العربية بالصف الثالث الابتدائي، تتحدث عن ملك العصافير والطيور، يضع خطة معهم من أجل حرق الصقور الأشرار، فيستدرجهم داخل الخيمة الصغيرة، ويحرقهم، ثم تغرد الطيور نشيد "بلادي بلادي".

وفي منهج اللغة العربية الخاص بالثانوية العامة، قرر وزير التربية والتعليم أيضا حذف أدب المسرحية، مع النص المقرر عليها، وهو مشهد من مسرحية "كليوباترا"، من ص 184- ص 204، وكذا حذف الوحدة السابعة من النحو من ص 266- 268، وما يتعلق بها من تدريبات.

و جاء قرار وزير التربية والتعليم بحذف بعض هذه المقررات الدراسية بناء على تقرير لجنة مشتركة، مشكلة من مدير عام تنمية مادة اللغة العربية بالوزارة، وخبراء من مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية.

وفي ذات السياق، صرح المشرف على قطاع التعليم العام، محمد سعد، في بيان صحفي، أن ذلك يأتي في إطار تنقيح المناهج الدراسية وإزالة أي أمور مغلوطة قد تؤدي إلى تشتيت أفكار الطلاب، وجاري حاليا إرسال تعميم إلى جميع المديريات التعليمية بذات الشأن.(29)

وشملت الأجزاء المحذوفة من اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي درس "الرسم" بالوحدة الثانية و"القوة والحيلة" بالوحدة الثالثة، وفي الصف السادس الابتدائي "درس أهلا وسهلا بالوحدة الأولي، وتحققت المعجزة بالوحدة الثانية"

ولاحقا قالت المتحدثة باسم وزارة التربية والتعليم، أماني ضرغام، لوكالة "أنباء الشرق الأوسط": إن "الأجزاء التي تم حذفها تم وضعها من قبل الاخوان وتدعو للعنف، وتأتي في إطار إلغاء الحشو من المناهج، وتخفيف الضغط على الطالب.

و أكدت ضرغام أن "حذف عدد من الفصول من قصة عقبة بن نافع لن يؤثر على مسار القصة للطلاب، بعد مراجعة مستشاري المادة للمحذوفات". وأضافت أن "العام الدراسي 2015/2016  سوف يشهد أسلوبا جديدا للمناهج التعليمية، حيث تم تشكيل لجنة مكونة من العالم المصري الشهير الدكتور أحمد زويل وكبار العلماء في مصر، لوضع تصور لتطوير المناهج".(30)

في الاتجاه ذاته قالت مدير مركز تطوير المناهج، ثناء جمعة: إن حذف تلك المواد نتيجة لتنقيح المناهج التعليمية، بعد أن تم عرض تلك المناهج بالكامل على مستشاري المواد وأعضاء مركز تطوير المناهج.

وأضافت أن خطوة التنقيح اتخذتها الوزارة في ضوء وجود قائمة من الدروس التي يمكن تأويلها بشكل خاطئ، لاحتوائها على توجهات سياسية ودينية، يمكن لمدرس المادة بداخل الفصل أن يستغلها سياسيا، مثل التشبيه بـ"داعش"، موضحة "التعديل ركز على التمسك بالثوابت التي لا تثير المشكلات بين الطلاب".

وأكدت أن حذف عدد من الفصول من قصة عقبة بن نافع للصف الأول الإعدادي لن يؤثر على مسار القصة للطلاب، بعد مراجعة مستشاري المادة للمحذوفات، مضيفة أن المركز لا يزال يراجع عددا من المواد الدراسية".(31)

وواصلت الوزارة عمليات الحذف في العام الدراسى 2016. فأعلنت تنقيح المناهج من بعض الموضوعات، " التى تحث على العنف والإرهاب".

وقال مصدر مسئول بالوزارة: تم حذف بعض الموضوعات، من الكتب، بالإضافة إلى حذف فقرات ووحدات غير متناسبة للمرحلة العمرية للطلاب.

وقد أقرت لجنة مراجعة مناهج اللغة العربية للتعليم قبل الجامعي حذف 22 درسا بالمرحلة الابتدائية للفصل الدراسي الثاني 2015/2016، بحجة أن بعضها "قد يفهم منه أنه يثير العنف" أو "للتخفيف" والحقيقة أن منها دروسا لها علاقة مباشرة بالحديث عن الثورة أو مقاومة الاستبداد، فأبقت على حذف الدروس التى سبقت الإشارة إليها، بجانب دروس "كيف تصلح حياتك" و "الدين المعاملة" و "كيف تحققت المعجزة" للصف السادس.

وفي الصف الأول الثانوي تم حذف درس "الهدم والبناء" وفي الصف الثالث تم حذف درس "سقط القناع" بحجة أنه "قد يساء فهمه وأنه يؤصل للعنصرية" (32)

كما تم حذف دروس "مخاطر التعصب الكروي" و "التعاون" و "من قصص القرآن" و"رحلات تاريخية" من كتاب اللغة العربية للصف الأول الإعدادي، ونص "الملك العادل" بالصف الثاني الإعدادي ودروس "سفينة نوح عليه السلام" و "كن إيجابيا" و "رسالة ودرس" من مقرر الصف الثالث الإعدادي  للعام المشار إليه

كذلك تم حذف دروس "الثورة الحقيقية" و "صناعة المستقبل" من الصف الأول الثانوي ودروس "الأدب في الأندلس والمغرب العربي" و "الأدب والثقافة في مصر الإسلامية" من الصف الثاني الثانوي، و "سيد قرارك" من الصف الثالث الثانوي.(33)

الفصل الرابع: ودخل العسكر الأزهر..لضرب منظومته التعليمية

في 27 مايو 2015 استقبل  قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي شيخ الأزهر أحمد الطيب، لمناقشة ما أسموه "جهود الأزهر في مواجهة التطرّف".

وبعد انتهاء اللقاء، أصدرت الرئاسة المصريّة بياناً جاء فيه: "أكّد الرئيس السيسيّ أهميّة مواصلة الأزهر دوره في هذه المرحلة الدقيقة عبر تصويب الخطاب الدينيّ، وتنقيته من أيّ أفكار مغلوطة لمكافحة التطرّف والإرهاب".

وأضاف البيان أنّ "الطيّب استعرض خطوات بدأتها مؤسّسته لإصلاح التعليم الأزهريّ، وتعديل المناهج بما يتضمّن مواكبتها للعالم المعاصر".

وأشار الطيب إلى عقد العديد من المؤتمرات الدولية، ومن بينها مؤتمر الأزهر لمواجهة التطرف والإرهاب بمشاركة رجال الدين الشيعة ورؤساء الكنائس الشرقية وممثلي الفاتيكان، فضلاً وفود من 120 دولة، وقد صدرت عن المؤتمر وثيقة الأزهر لنبذ العنف والإرهاب وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والتي تجري ترجمتها حالياً إلى عدة لغات مختلفة بالتعاون مع دولة الإمارات الشقيقة.(34)

وفي 10 فبراير 2016، استقبل السيسي شيخ الأزهر للمرة الثانية في غضون ثمانية أشهر، وتناول معه- بحسب السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية- الجهود التى يبذلها الأزهر لتصحيح صورة الإسلام وتنقيتها مما علق بها من أفكار مغلوطة، فضلاً عن التعريف بصحيح الدين. (35)

والمطالبة بتطوير المناهج الأزهريّة ليس بجديد، ولم يكن وليد لقاء السيسيّ بشيخ الأزهر، فقد أشار قائد الانقلاب إليه خلال لقائه وفدا من الإعلاميّين أثناء زيارته إلى الكويت في يناير 2015، حيث قال: "سيأخذ التغيير وقتاً، ويجب أن نصلح الأزهر ولا نهدمه، وأن نصل إلى لغة دينيّة تبني العقول بعيداً عن التطرّف". (36)

حملة منظمة على مناهج الأزهر

وقالت وسائل إعلام موالية للانقلاب: إن لقاء السيسي بالطيب فتح الباب مرّة أخرى أمام الحديث حول "صلاحيّة مناهج الأزهر للعصر الراهن"، ومدى تضمّنها آراء قد تدفع دارسيها إلى اعتناق أفكار متطرّفة، وأشار إعلاميون انقلابيون في ذلك الحين إلى أن مناهج الأزهر تؤسّس لـ"الإرهاب".

من بين هؤلاء الإعلاميين، إبراهيم عيسى، الذي قال: "إن الأزهر يوفر بيئة حاضنة للإرهاب، وكذلك يوسف الحسيني، الذي قال إن أعضاء جامعة "بوكوحرام" المتطرفة في نيجيريا خريجو الأزهر.(37)

وقبل ذلك وفي فبراير 2014 أصدر وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان قرارا، بالعمل على دراسة المقرارات والمناهج الدراسية التى يوجد بها تكدس، وذلك من خلال توجيهات شيخ الأزهر لإعادة صياغة المناهج بشكل كامل.

وأكد شومان لوسائل الإعلام، أن هناك مشكلة كبيرة تواجه مرحلة التعليم ما قبل الجامعى، فيما يخص المناهج الدراسية، مشيراً إلى أن المناهج منفصلة عن الواقع الذى نعيش فيه حاليا، فالطالب يدرس فى المرحلة الإعدادية والثانوية 19 مقررا، والكثير منها لا يعود على الطالب بإفادة من الناحية العملية.

وأضاف وكيل الأزهر، أنه تم تشكيل لجنة من خبراء التعليم والمناهج من أساتذة جامعات عين شمس والأزهر لإعادة النظر فى مناهج التعليم قبل الجامعى وإعادة صياغته مشيرا إلى أن مناهج الأزهر ضعف مناهج التربية والتعليم.

وأوضح أن هناك مقترحات من خبراء التعليم بدمج بعض المواد وتخفيف عدد النماذج فى مادتى الحديث والتفسير والعمل على مطابقة مناهج الأزهر للعصر الذى نعيش فيه، على حد قوله.

و توصلت اللجنة بعد عقد اجتماعها مع المجلس الأعلى للأزهر برئاسة أحمد الطيب إلى دمج بعض المواد كـ (النحو والصرف)، و(الحديث والتفسير)، و(الخط والإنشاء والإملاء)، واستبدال بعض الكتب التراثية كشرح الخريدة، وبعض كتب الفقه بكتب أخرى.

ووافق المجلس من حيث المبدأ على ما اقترحته اللجنة بخصوص المقررات التى سيتم دمجها، وطالب بمزيد من الدراسة حول الكتب المقترحة من كتب التراث.(38)

في 20 فبراير 2015 قال وكيل الأزهرعباس شومان لـ "اليوم السابع": بعد اكتمال خارطة المناهج التى ترتب عليها تخفيف كبير فى عدد المواد دون حذف لأى مادة، حيث ضمت فروع العلم الواحد فى مادة واحدة؛ كالنحو والصرف والخط والإملاء فى المرحلة الإعدادية هى اللغة العربية، أو فروع العلوم ذات التخصص الواحد؛ كالحديث والتفسير والسيرة والتوحيد لتكون مادة أصول الدين، مع الحفاظ على المحتوى الضرورى لهذه الفروع، وحذف التكرار وما لا تمس الحاجة إليه، أو غير المناسب للمرحلة العمرية للتلاميذ، وبهذا يمكن التغلب على حاجز نفسى عند أولياء الأمور، حيث يحجمون عن إلحاق أبنائهم بالأزهر لكثرة المواد المقررة، حيث أصبحت المواد الشرعية والعربية فى المرحلة الإعدادية هى: (القرآن، واللغة العربية، وأصول الدين، والفقه) فقط، إضافة للمواد الثقافية التى تدرس فى التربية والتعليم، فإذا ما روعى أن المواد الثقافية التى تدرس فى الأزهر والتربية والتعليم سيتم تخفيفها بالتنسيق مع التربية والتعليم لتكون مناهج الأزهر أخف ولو قليلا عن مناهج التربية والتعليم مراعاة للمواد الأزهرية التى يدرسها طلاب الأزهر، فسيصبح العبء متساويًا تقريبًا بين الأزهر والتربية والتعليم، ويقتصر هذا الدمج الكبير على المرحلة الإعدادية دون المرحلة الثانوية، التى نالها التطوير والتخفيف ولكن بصورة مختلفة تناسب المرحلة العمرية للطلاب، وإن كان تطويرها لا يخلو من بعض الدمج والحذف، ولكن ليس بالقدر الذى اتبع فى المرحلة الإعدادية.

وأوضح أن التخفيف الأكبر سيكون من نصيب المواد الثقافية دون الإخلال بالقدر المؤهل لالتحاق أبنائنا بالكليات التى يلتحق بها زملاؤهم فى التربية والتعليم؛ ولذا نحرص على التنسيق التام مع وزارة التربية والتعليم فى هذا الشأن، وقد تقرر أن يبدأ التطبيق التجريبى للمناهج التى انتهت اللجنة من صياغتها بالفعل هذا العام وهى تنحصر فى مادتى الفقه وأصول الدين للمرحلة الإعدادية، لتتبقى مادة اللغة العربية تطبق بداية العام المقبِل، أما المواد الثقافية التى تبحثها اللجنة مع خبراء من التربية كيفية تطويرها وتحديثها. بالإضافة إلى مقررات المرحلة الثانوية التى يجرى إعدادها فى ثوبها الجديد الآن لتطبق العام المقبل، لتكون جميع المقررات الأزهرية فى التعليم ما قبل الجامعى قد تم تطويرها وتتبعها المواد الثقافية، وبذلك تتخلص المناهج الأزهرية من الزيادات والاستطرادات التى نؤتى من قبلها فى الحرب الممنهجة على الأزهر، رغم أنها لا تدرس أصلا، بل يتم حذفها عند توزيع المناهج على الشهور الدراسية، وبإدخال معالجات للقضايا المعاصرة كالإرهاب والإلحاد وتحديث مفاهيم: الدولة، والمواطنة، والجهاد، ونظم الحكم، وإبراز القيم السلوكية فى حياتنا اليومية كاتباع قواعد السير والتعامل مع الطرق، والتسامح مع الآخر، وبهذا تنقضى إشكالية الخطاب الدينى الذى يحمل ظلما أكثر مما يحتمل، وهذه المناهج سيجرى إعادة النظر فيها كل ثلاث سنوات لإدخال المستجدات فيها، واستبعاد ما لا حاجة للمجتمع فيه.

كما نشرت اليوم السابع في اليوم ذاته،  تصريحا لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قال فيه: إن الأزهر الشريف يعيد النظر فى المناهج الأزهرية كافة، ليس بالأزهر فقط بل على مستوى الدولة بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم..(39)

حذف باب الجهاد ودمج المناهج الشرعية

وفي يوم الاثنين 2 مارس 2015، نشر "اليوم السابع" أيضا ما ادعى إنه انفرادا حول التغيرات التى أدخلها  الأزهر على مناهج التعليم الأزهري، حيث أكد وكيل الأزهر أنه تم حذف باب الجهاد من المرحلة الإعدادية وترحيله إلى المرحلة الثانوية، حيث تكون العقلية لدى الطالب الثانوى أكثر استيعابا من طالب المرحلة الإعدادية.

وقال: إن مناهج المرحلة الثانوية تم الانتهاء من إعدادها، مشيرا إلى أن جميع المناهج الشرعية تم تطويرها وستكون فى أيدى طلاب المرحلة الثانوية بدءًا من العام 2015/2016، مضيفا أنه بذلك يكون قد تم تطوير مناهج جميع المراحل الدراسية بالأزهر الشريف.

وأوضح أنه تم حذف أبواب كانت موجودة بالفعل لكنها لم تكن تدرس على الطلاب مثل "أكل لحم الأسير"، وكذلك الأسرى عند الإمام الشافعى، وكذلك "الغنائم"، مشيرا إلى أنه تم حذف مثل تلك الأبواب تخفيفًا على الطلاب، وكذلك لأنها لا تناسب العصر.

وكشف وكيل الأزهر الشريف أنه تم استبدال الأحاديث التى قد تفهم خطأ لدى أصحاب النوايا غير السليمة كأحاديث على سبيل المثال "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله"، مشيرا إلى أن تلك الأحاديث قد يفسرها البعض خطأ، فتم حذف كل ما قد يفهم فى غير معناه، كذلك تم استبدال مسميات بعض الدروس وإدخال بعض المعالجات التى تناسب العصر، مثل باب الإفساد فى الأرض وهو ما يعنى الآن "الإرهاب" فتم استبداله بهذا الاسم، كذلك تم استبدال درس البغى بمسمى "حكم الخروج على الحاكم" وهو لا يجوز، كذلك ما يجب على الحاكم وحقوق الرعية والتظاهر السلمى، وكيف يتعامل الحاكم معهم إذا خرجت المظاهرات عن إطار السلمية، كذلك تم إضافة درس عن الإلحاد.

وأضاف أنه تم تقسيم المراحل التعليمية فى الأزهر بحيث يتم التركيز على اللغة العربية فى المرحلة الابتدائية، أما المرحلة الإعدادية فتم التركير على الشرح، أما المرحلة الثانوية فتم التركيز على المتون والشرح، وأن الأزهر سينتهى من تقديم ملاحظاته لوزارة التربية والتعليم، بعد الانتهاء من مراجعة التربية الإسلامية لجميع المراحل (40)

وفي 27 يونيو 2015 أعاد وكيل الأزهر عباس شومان القول بأنه "تم تخليص المناهج من بعض الحشو، أو الاسترسال فى موضوعات لم تعد مرتبطة بعصرنا منها مسائل تتعلق بالعبيد، وتم عصرنة الجهاد"

وأضاف: "شكلنا لجنة لإصلاح مناهج التعليم الأزهرى فى مراحله قبل الجامعية، من أكثر من 100 خبير فى المناهج وطرق التدريس من جامعة الأزهر وقطاع المعاهد الأزهرية ومن خارج الأزهر أيضا، وعملت هذه اللجنة لمدة سنة وثلاثة أشهر بشكل متواصل، وبعد استقرار اللجنة على الشكل النهائى لمناهج الأزهر بمراحله التعليمية قبل الجامعية تم عرضها وإقرارها من هيئات الأزهر المعنية، ومنها مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء والمجلس الأعلى للأزهر، لإقرارها واعتمادها فى ثوبها الجديد شكلا ومضمونا، وقد انتهت اللجنة من تجديد وتحديث المناهج فى التعليم قبل الجامعى بالكامل"

وأوضح أن "عصرنة الجهاد" تعني بيان كيفيته فى الإسلام وأنه شُرع ليس بهدف الاعتداء على الناس، ولكن لرد الاعتداء، وهذا هو أصل الجهاد فى الإسلام، والتأكيد على أن كل ما ورد فى تراثنا لا يحث على الإرهاب أو العنف، وقال: ربطنا المناهج بالعصر الذى نحن فيه، وسيتم استحداث كتاب جديد يعالج الموضوعات والقضايا الجديدة التى ظهرت على الساحة الفكرية والثقافية، مثل ظاهرة الإلحاد، والتكفير، والإرهاب، ونظام الحكم، ويصحح المفاهيم التى حرفتها الجماعات المتطرفة مثل الخلافة الإسلامية، والدولة فى الإسلام".

وأضاف: "هذه المناهج طبقنا بعضها هذا العام على المرحلة الإعدادية، منها كتاب أصول الدين الذى دمجت فيه عدة مواد من باب التخفيف على الطلاب، وهذه المواد هى التفسير والحديث والسيرة والتوحيد، والمنهج الآخر الذى تم تطبيقه هو منهج الفقه، حيث أصبحت كتب الفقه خالية تماما من الأمور التى تثير الجدل، وهى بالمناسبة ليس فيها شىء خاطئ كما يتصور البعض، ولكنها أمور لا ترتبط بالعصر، وجار إعداد الكتب الأزهرية بعد أن انتهت اللجنة من تجهيزها فى ثوبها الجديد الذى يناسب العصر والخالى من أى مدخل لإحداث فتنة هنا أو هناك"

وانتهى إلى القول: "نحن على يقين أن إصلاح المناهج التعليمية هو البداية الصحيحة لتجديد الخطاب الدينى".(41)

مطالبات بدمج التعليم الأزهري والعام

وتماهيا مع هذا الخط المعادي للأزهر والتعليم الأزهري، طالبت أصوات بدمج التعليم الأزهري مع العام وتفريغ المناهج من أي شأن سياسي، ومن هؤلاء الدكتور كمال مغيث، الباحث بمركز البحوث التربوية وعضو مجلس إدارة المعاهد القومية، الذي طالب بإعادة العلاقة بين التعليم العام والأزهري ووضع قوانين لحظر الدعاية السياسية والدينية لضمان مدارس بعيدة عن الصراعات السياسية وحتي لا يتم العبث بعقول أبنائنا، على حد قوله.(42)

وقال مغيث: "لم تؤلّف مقرّرات الأزهر لتكون مناهج دراسيّة أصلاً، ولكنها كتبًا دينية تم تأليفها قديمًا، في بيئات إسلامية بأواسط آسيا والعراق، وليس في عصرنا هذا".

وأضاف: "يجب أن تعدّ المناهج الدراسيّة داخل الدولة التي تدرّسها وفقاً للعصر الراهن، والأهداف الوطنيّة للدولة، وهو ما يغيب عن مناهج الأزهر".

وأكد أنّ مناهج الأزهر لا تخلو من أفكار التطرّف والإرهاب، مضيفاً: "أقرّ شيخ الأزهر الراحل سيّد طنطاوي كتاباً دراسيّاً ينبذ التطرّف باسم الوسيط في الفقه الميسر، إلّا أنّه بمجرّد وفاته، ألغى شيخ الأزهر الحاليّ الطيّب هذا الكتاب، وأعادوا تدريس كتب تشجّع على التطرّف".

واستبعد مغيث أن يأتي التغيير في المناهج الأزهريّة بنتائج إيجابيّة، قائلاً: "لقد تمّ السكوت عليها فترة طويلة، وساعدت على إنتاج متطرّفين".(43)

من جانبه نفى المتحدّث الإعلاميّ باسم جامعة الأزهر الدكتور أحمد زارع أنّ تكون المناهج الأزهريّة داعمة للتطرّف، وقال: "تدرّس مناهج الأزهر منذ أكثر من 1000 عام، ولم يظهر الإرهاب إلّا أخيراً".

وأضاف زارع "الحديث حول أنّ المناهج الأزهريّة فيها أفكار إرهابيّة، ما هو إلّا حملة إعلاميّة تستهدف تقزيم دور الأزهر، بل والإسلام نفسه، لا سيّما وأنّ العديد من قادة العالم والمفكرين درسوا هذه المناهج الأزهرية حينما كانوا طلابًا".

ولم ينف زارع احتواء مناهج الأزهر على أفكار لا تنتمي إلى العصر قائلاً: "في التراث روايات لا تنتمي إلى هذا الزمن، ولا داعي إلى وضعها في المناهج". (44)

أما الدكتور محمد سالم أبو عاصى، عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر وعضو لجنة تطوير المناهج فقال: إن مناهج الجامعة فى حاجة إلى تطوير وتعديل لكن الخوف فى مناهج الجامعة لدى المجتمع ليس كالخوف من من مناهج التعليم الابتدائى والإعدادية والثانوى لأن تشكيل العقلية يكون فى هذه المرحلة أما مرحلة الجامعية هى دراسة اقرب للفكر النقدى والإبداعى.

وأضاف: إن مناهج الأزهر تعتمد على القرآن الكريم الذى علمنا أنه لا يجوز إكراه أحد على الدخول فى الإسلام، وعلى السنة المطهرة التى تبث روح التسامح والحب بين أبناء الوطن، مشيرا إلى أن مناهج الأزهر الشريف لا تقف على النص، فهذا شأن الفكر السلفى والجهادى، نافيا أن يكون الأزهر قد تأثر بالفكر السلفى؛ فالأزهر يتبنى المنهج الأشعرى، ويلتزم الفكر الوسطى المعتدل.(45)

الدكتور محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أدلى بدلوه في الموضوع فقال: لا يمكن أن يقبل الأزهر الشريف استدعاء نصوص من سبعة قرون لتكون حاكمة فى هذا العصر، وإلا ما استمر الأزهر صامداً مرناً يجمع بين الأصالة والمعاصرة لمدة تزيد عن ألف وخمسين عاماً(46)

الفصل الخامس: تقليص موازنة التعليم.. وتدهور العملية التعليمية

كشفت موازنة العام المالى 2015-2016 زيادة لا تتجاوز 2 مليار جنيه عن العام المالى 2014 - 2015، وبنسبة 2.5% حيث وصلت ميزانية 2015 - 2016 إلى 76 مليارا و70 مليونا و533 ألف جنيه، مقابل 74 مليارا و100 مليون و787 ألف جنيه في العام السابق.(47)

أما في عهد الدكتور محمد مرسي، فقد زادت ميزانية التعليم بنسبة 25%، حيث قفزت من 49.9 مليار جنيه عام 2012/2013 إلى 62.7 مليار جنيه في ميزانية 2013/ 2014م.(48)

ونتيجة التدهور المالي والإداري عاني التعليم في السنوات الماضية من تدهور شديد نتيجة للعديد من السلبيات المتراكمة والتي لم تسع الحكومات المتعاقبة الي حلها، فعانت المدارس من نقص الخدمات والمرافق، وضعف الميزانية المخصصة للتعليم، في الوقت الذي يصل فيه عدد المدارس الي 50 ألف مدرسة يتعلم فيها ما يقرب من 18 مليون طالب وطالبة، ويعمل بهما نحو مليون و800 ألف عامل ومدرس.

وقد تعمد الرئيس الأسبق "حسني مبارك"، إفساد التعليم في مصر بخطة واضحة ومتعمدة ومحددة، تهدف إلى فصل التعليم في مصر إلى نوعين، الأول به 4% وفيه يكون التعليم كفء وكان يتمثل في المدارس الدولية والخاصة لأبناء الأثرياء، فكان تعليمهم صحيحا كي يحافظوا على مشروعاتهم مستقبلا، فيما يتمثل النوع الثاني في 96% وهو تعليم الطبقة الوسطى والفقيرة، وكان يتم بالمجهود الذاتي لمن استطاع دفع المصاريف لأبنائه من أجل الدروس الخاصة.

ويقول الخبير التربوي الدكتور كمال مغيث: استطاع النظام البائد أن يقطع علاقة التعليم بالعمل مما أفقد التعليم أهميته، مشيرا إلى أن الأسباب الأساسية حاليا لتدهور التعليم تعود أيضا إلى تدهور الكفاءة والامكانية ففي مصر نحو 120 ألف طالب يسقطون في مادة الاملاء، وهناك أيضا 304 آلاف طالب يحصلون على صفر في الامتحانات، كما حصلت مصر على المركز قبل الأخير تعليميا.(49)

ولم يقتصر سوء حالة المدارس علي تدهور الأبنية وضعف الخدمات فقط بل انتشرت الأمراض والأوبئة وتساقط العديد من الضحايا نتيجة للإهمال الذي ساد أغلب مدارس الجمهورية.

ويؤكد الدكتور حسني السيد، الخبير التربوي وأستاذ تطوير المناهج بالمركز القومي للبحوث التربوية، أن الفساد الذي تعيشه مصر بدأ من التعليم، وما رأيناه من فساد جعل من المهم جدا البحث عن تطوير المعلم أولا وتدريبه على المناهج الجديدة، ولكن الأمر تحول فجأة إلى "سبوبة" لا إلى تعلم وتطوير فكري في ظل الفترة التي عشناها من فساد وقد تم عمل المناهج على سيديهات وكانت أيضا بلا قيمة.

 وأشار "سيد" إلى أنه يجب تطوير المناهج التعليمية التي تدرس والحد من تبعية التعليم للسياسة موضحا خطورة الأمر، مستشهدا بما يفعله كل وزير جديد للتربية والتعليم فالجميع يبحثون عن إستراتيجيات جديدة دون جدوى أو تغيير لشيء، وكثيرين يتولون المنصب ومن حولهم المجاملين لا المصلحين مما يؤثر بالسلب على العملية التعليمية، ومنهم أيضا من قاموا بصرف الملايين على التعليم لكن بلا جدوى، فلم يتطور شيء.

من جانبها صرحت الدكتورة إلهام عبدالحميد أستاذ مناهج التدريس ووكيل معهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة، بأنه يحدث يوميا تغيير في المناهج ولكن بلا تغيير في التعليم والمضمون التربوي، فالمدرس نفسه لا يعلم ما يحدث في المناهج المتغيرة والمتجددة، وما يحدث مجرد حشو وإضافة، وطالبت بالبحث عن ما نستطيع ترجمته من سياسات ذات أساسات حكيمة على أرض الواقع.(50)

وعلق علي ذلك أيمن البيلي وكيل النقابة المستقلة للمعلمين سابقا، فقال: هناك ثلاثة قوانين أساسية تحتاج لتعديل، الأول هو قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981، والقانون الثاني هو قانون الهيئة القومية للاعتماد والجودة، والقانون الثالث هو قانون النقابة رقم 79 لسنة 1969.

وإذا نظرنا للقانون الأول نجد أنه يمثل البناء التشريعي الحاكم لمنظومة التعليم في مصر، ومع الأسف أصبح هذا القانون لا يستر جسد التعليم المصري بسبب سياسة الترقيع وعدم اعتماده كمرجع، بل الاعتماد علي مجموعة من القرارات الوزارية فقط، أما القانون الثاني وهو القانون رقم 82 لسنة 2006 والخاص بالهيئة القومية للاعتماد والجودة والصادر في عهد مبارك، فقد رسخ لفكرة خصخصة التعليم في مصر، عن طريق ما يسمي بالجودة فنجد أن من بين مواد القانون إلزام المدارس الحكومية بشهادة الجودة بتسديد مبلغ 20 ألف جنيه للدولة، رغم كونها تابعة للحكومة كما ينص القانون علي أن تؤول إدارة المدارس التي لا نستطيع الحصول علي تلك الشهادة لأقرب مدرسة حصلت علي الاعتماد، رغم أن الجودة معايير وتحتاج المدارس الي نفقات كثيرة لتصل إلى الجودة وهذا الأمر غير متاح في المدارس الحكومية ويتاح بالمدارس الخاصة فقط.

 ويستكمل قائلا: القانون الثالث الذي يحتاج لتعديل هو قانون النقابة رقم 79 لسنة 1969، فنجد أن القانون به مادة تنص علي أن يكون عضو النقابة يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة،

كما ينص علي أن يكون عضوا بالتنظيم السياسي الأول وهو الاتحاد الاشتراكي، وهذا الأمر لم يتم تداركه حتي الآن، وهناك مادة أخري تجعل وزير التعليم رئيسا للنقابة، مما يفقد النقابة استقلاليتها، لذا تحتاج أغلب القوانين التي تحكم العملية التعليمية الي نسف وإعادة وضع قوانين جديدة بحسب قوله.(51)

الفصل السادس: التسلط والاستبداد وراء هجمة النظام على المناهج

سبق عملية الحذف من المناهج وصاحبها حملة إعلامية مسعورة لأبواق النظام الانقلابي، حيث انتقد إبراهيم عيسى وجود قصة "عقبة ابن نافع" في برنامج على قناة "أون تي في"، معلقا أن القصة تروج للجهاد في سبيل الله بغزو إفريقيا، قائلا: "هل الوزارة عايزة تعلم أولادنا الجهاد بفتح إفريقيا"، مشيرا إلى أن فترة الطفولة تحتاج التربية على العلم وليس الجهاد ونشر الإسلام، مضيفا "عيل عمره 12 سنة لما يقرا قصة عقبة بن نافع هيسأل ليه ما نغزوش أمريكا زي عقبة بن نافع؟".

وفي 12 مارس 2015 نشر موقع "البديل" تحت عنوان "عقم المناهج والسيطرة الأمريكية أهم أسباب فشل التعليم"، أن المشكلة الحقيقية التي يواجهها المجتمع بشأن ملف التعليم، تكمن في تخلف وعقم المناهج الدراسية ومحتوياته، بالإضافة إلي الأساليب القديمة التي لا تواكب التطور والأنظمة الحديثة فى تلقي المعلومات، مؤكدين أن ما يحدث بمصر، يعد هدما للعقول، وقتلا للإبداع، وإضاعة أجيال متتالية من الشباب.

وحمل هذا التحقيق اتهاما صريحا للإسلاميين بتدمير المناهج، فقال الدكتور كمال مغيث، أستاذ التربية والمناهج: نظراً للتدخل من قبل المتشددين الإسلاميين بالدولة لفرض مادة تعليمية ربما تكون قريبة من الفكر المتطرف، وذلك بعد اكتشاف درس يحض علي حرق الأعداء فى منهج الصف الثالث الابتدائي، أو كما هو الحال في منهج الأزهر، عندما تقرر خلال الفترة الأخيرة إلغاء درس خاص بأكل لحم الأسير، ذهبت كل محاولات التطوير والتحديث أدراج الرياح.

كما طالب سالم الرفاعي، الخبير التعليمي، بوضع خطة من قبل رئيس الجمهورية بمعاونة الخبراء في شكل برامج حقيقية لتطوير قطاعات التعليم ومتابعتها علي أرض الواقع من قبل المسئولين وليس تركها حتي تغطيها الأتربة كما هو الحال مع الأبحاث العلمية التي تحتل أرفف الوزارة، بالإضافة إلي الاستفادة من البعثات الخارجية لاكتساب الخبرات. (52)

وكتب ضياء الدين يسري تحت عنوان "نظام التعليم في مصر" في 17 أكتوبر 2015، حول المناهج فقال إنها تعتمد على الحفظ و التلقين فقط ، حتى فى المواد العلمية الإحصاء و الرياضيات و مسائل الفيزياء .وعدم ملائمة المناهج للتطور العلمى المستمر فالمناهج قديمة وليس هناك أى تحديث للكتب التى ندرسها من حيث الكيف وإن كان هناك بعض التحديث الشكلى .وأخيرا الفجوة الواضحة بين محتويات المناهج ومتطلبات سوق العمل.(53)

في المقابل يقول الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث: إن حذف الدروس من المناهج جاء استجابة للنظام العالمي الجديد الذي بدأت الولايات تنادي به بداية التسعينيات.

ويضيف أن الحكومة الأمريكية وقتها رأت أنه ينبغي تخفيف دراسة البطولات التاريخية في مناهج التاريخ، لأن البطل لشعب هو عدو بالنسبة لشعب آخر، فـ"صلاح الدين الأيوبي" هو بطل إسلامي وعربي وعدو للصليبيين، بجانب منع تدريس الدين في المدارس أو في دور العبادة ويبقى فقط في كتب التاريخ.

ويوضح أستاذ التاريخ أنه وفقا لهذا الأساس استجابت وزارة التربية والتعليم في مصر لهذه الفكرة بحذف الدروس، وهو ما تم من قبل عندما قررت أن تكون مادة التاريخ مادة اختيارية للطلاب في الثانوية العامة عام 1994، وفي ذلك العام لوحظ أن نسبة اختيار المادة بين الطلبة لم تتجاوز 10%، وانتقد كثير من الكتاب وقتها مثل نعمات أحمد فؤاد، وتراجعت الوزارة في العام التالي.

ويتابع الدسوقي، أنه يمكن للوزارة أن تحذف قصصا من وحي الخيال، مثل درس "ثورة العصافير والصقور"، لما تراه ترويجا لتنظيم داعش، والتي تبيح فكرة محاسبة المخطئ بالحرق، لكن الأمر يختلف مع وقائع تاريخية ثابتة لا يمكن حذفها.(54)

و قال راضي سعد، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر: إن "هذا الحذف يشوه التاريخ، وإنه يمكن لوزارة التعليم أن تحذف قصصا نتجت من وحي خيال المؤلف، لكن مع (عقبة بن نافع والأيوبي) الأمر مختلف، حيث يحتويان على وقائع تاريخية ثابتة لا يمكن حذفها»، مضيفا أن «وقائع التاريخ ثابتة ولا يمكن حذفها، خاصة أن أحدهما حرر القدس المغتصبة حاليا وثانيهما فتح أفريقيا(55)

على جانب آخر، يقول الدكتور جمال فرويز، الاستشاري النفسي، إن مشكلة التعليم بدأت منذ التدخل الأمريكي بالمناهج التعليمية وتحديدها ما يدرس للطلاب وذلك كشرط لتقديم المعونة للدولة المصرية، الأمر الذى ساهم في تدهور الحال والوصول لتلك المرحلة الحرجة من السقطة التعليمية.

ويؤكد الاستشاري النفسي عدم قدرة وزراء التعليم متتابعين على تطوير المناهج بما يتناسب مع الوضع الداخلي للبلاد وما يحتاجه المجتمع من مواهب وتخصصات، متابعا: "نخدع أنفسنا بتحسن الحال، وهو عكس حقيقة الأمر، فما يحدث حالياً يقضى علي منظومة التعليم وليس تطويرها كما يدعي البعض"

من جانبه، لفت  الدكتور عبد الحفيظ طايل، مدير مركز الحق في التعليم، إلي الدور السلبي الذي تلعبه الدولة بإخضاع عقل الطالب لفكرتها السلطوية والاستبدادية، باعتبار أن اللحظة الحالية التي تمر بالبلاد هي الأفضل وأن النظام الحالي هو المنقذ، وتدريس التاريخ باعتباره تمجيداً للماضي ولأحداث محددة بعينها كي تصل لرسالة مفادها أنك يجب أن تلتزم بما جاء بالكتب والتاريخ لوطنك الذي تدرسه وتعرفه، وتسعي لإقصائه عن التفكير بالمستقبل ومنعه من الإبداع ومحاولة التغيير للأفضل.(56)

وكان الصحفي محمد جمال عرفة قد كتب في موقع "التقرير" تحت عنوان "ثورة العصافير الإرهابية"، الخميس 5 مارس 2015 ما نصه: هتفت العصافير في المناهج الدراسية "ارحل ارحل"؛ فألغت وزارة التعليم المصرية "الدرس" المقرر على الطلاب؛ لأنها اعتبرته يحض على "الثورة" على السيسي الذي جاء بانقلاب عسكري، وأعلن في أكثر من حوار أنه لن يسمح بتغيير الحكم مرة أخرى (يقصد بثورة)؟

وقال عرفه: هذه حقيقة مأساوية تؤرخ للحقبة التي تعيشها مصر والدول العربية بعدما انطفأت أنوار الربيع العربي، وحل شتاء الثورات المضادة المظلم.

وأضاف: العصافير -التي تمثل دور الشعب هنا- كانت تطالب الحاكم (في صورة الصقر) بالرحيل؛ بسبب ظلمه وحرمانها من الطعام وتعذيب السجانين لها، ونجحت بثورتها في النهاية في إقصاء هذا الحاكم الظالم (الصقر) فرحل عنها أخيرًا وأصبحت حرة، ولكن "العسس الأمني" و"العسس الإعلامي" الذي يخشى أي دعوة للحرية اعتبر القصة جرمًا، وتحركت أجهزة الدولة، فألغت الدرس وبعض الدروس الأخرى؛ بحجة أن بعض الدروس تشجع على تبني أفكار تنظيم "داعش"، برغم أن القصة قديمة وظهرت عقب ثورة 25 يناير في المناهج الدراسية، ولكنهم - ضمن ما حذفوه من تاريخ الحركات الإسلامية وتشويهها وشيطنة الثورة- سعوا لتجفيف ينابيع كل ما يتعلق بالثورة والخروج على الحاكم الظالم من أذهان حتى أطفال المدارس الصغار، بعدما أصبحت الثورة والثوار من "الإرهابيين"، وباتت عبارة "ارحل" من أعباء الماضي التي لا يرغبون في أن تتكرر على لسان الغاصبين الجدد من الحكم الجديد.

ويقول عرفة: بعدما تقمص السيسي دور "مارتن لوثر المسلم" وطالب الأزهر بثورة دينية كانت نتائجها الفورية هي فصل العشرات من علماء الأزهر وتعديل مناهج التعليم الأزهرية، ومطالبة ممثلات بتقديم القدوة الحسنة عن الإسلام، وانتقال وسائل إعلام ومثقفين ليبراليين ويساريين من محاربة الإخوان إلى محاربة الإسلام نفسه، تارة بالثورة على "نصوص" وتارة بمهاجمة ابن تيمية وغيره، وتارة بإعلان رئيس الرقابة السينمائية أنه لن يتم بعد الآن حذف المشاهد الجنسية من الأفلام، وأخيرًا بمطالبة المصريات علنًا بخلع الحجاب "إثباتًا لرفضهن للإسلام السياسي وتياراته في مصر"، حسب تعبير بعضهم!

ويمضى قائلا: الوزارة المصرية لم تكتف بذلك؛  بل ألغت درسًا آخر، هو"نهاية الصقور"، بدعوى أنه يروج لمنهج داعش في "الحرق"، حيث تدور فكرة الدرس الجديد عن صراع بين العصافير والصقور انتهى بأن قامت العصافير بوضع خطة لاستدراج الصقور وخداعهم، بدعوتهم ليقدموا لهم أبناءهم الصغار قربانًا داخل خيمة، ثم تركوهم داخل الخيمة، وقاموا بإشعالها وحرق الصقور وسط صراخهم وصيحاتهم، وغناء العصافير والطيور نشيد "بلادي بلادي"، احتفالًا بحرق الصقور.

حملة شرسة هايفة قادها من يدعون حماية النشء استنكرت فيها صحف ومذيعون وجود مثل هذا الدرس بالمناهج الدراسية، بدعوى أنه يكرس فكرة الحرق للانتقام على طريقة "داعش"، ورضخت لهم وزارة التربية والتعليم واعترفت بوجود ما يشير إلى "إمكانية عقاب الحي بالحرق"، في درس "نهاية الصقور" في كتاب اللغة العربية للصف الثالث الابتدائي.

ويواصا عرفه: الدكتور إسماعيل عبد العاطى، رئيس قسم اللغة العربية بمركز تطوير المناهج، كشف أن درس نهاية الصقور" بمنهج الصف الثالث الابتدائي، الذي أثار غضب البعض موجود في المناهج منذ عام 2008، والكتاب مقرر منذ عام ونصف قبل ظهور تنظيم "داعش" والجماعات الإرهابية، ومع هذا وجد الإعلام ما يشغل به المصريين المطحونين اقتصاديًا بقصص أطفال المدارس، أو العريس الذي كان يفكر في طريقة جديدة للاحتفال بزفافه فاختار الزفاف داخل قفص يشبه أقفاص داعش التي أحرقوا فيها “الكساسبة”، بينما نفاجأ بهامات فنية ومثقفين حقيقيين يتسولون في الشوارع مثل الفنان "عبد العزيز مكيوي" الذي مثل دور محارب الفساد الحكومي في فيلم “القاهرة 30″، فانتهى به الحال شحاتًا يجلس في الشارع يتوسل في القاهرة 2015!

وينتهي محمد جمال عرفه إلى القول: الهدف من حذف درس "ثورة العصافير" من منهج اللغة العربية للتعليم الأساسي، واضح لا يحتاج إلى فلسفة، فهو جزء من تجفيف ينابيع الثورة والحرب على ثورة 25 يناير، في سياق تصفيتها تمامًا حتى من عقول طلاب المستقبل، ومع هذا يقولون إن "الحذف ليس له علاقة بالسياسة، وإن الأمر مجرد تخفيف على الطلاب".

"الصقور" لا يريدون لـ "العصافير" أن تتجمع مرة أخرى وتتوحد، وتقود الثورة ضد الحاكم الظالم الذي جوعها وترك حراسه يقتلونها في الشوارع، ويحبسونها في الأقفاص، الصقور يخشون من العصافير لو توحدت وتوحد هتافها "ارحل.. ارحل"، ولكن، العصافير لن تحتمل الجوع ولا بطش وقتل "حراس" الصقور الظالمة لهم، وسيأتي عليها وقت تصرخ فيه -كما في الدرس- "ارحل .. ارحل". (57).

الفصل السابع: السيسي ورقة  الغرب الرابحة في تغيير الهوية

"كتبت إيناس علي في مجلة المجتمع الكويتية بتاريخ أبريل 2015 : "السيسي جاء للمنطقة كلها، وليس للإخوان فقط أو مصر".. تلك كلمات أسرَّ بها أحد القيادات العسكرية لقيادي بتحالف الشرعية الرافض للانقلاب العسكري، عقب أحداث 3 يوليو 2013م.

وحسب مراقبين، تكشف تلك الكلمات ما يجري على أرض الواقع، في عدد من الملفات الإقليمية التي يتفاعل بها النظام المصري في عهد "عبدالفتاح السيسي".

ويشير هؤلاء إلى أنه برزت في الفترة الأخيرة دعوات تجديد الخطاب الديني وتعديل المناهج الدراسية ودعوات تطوير الأزهر والمؤسسات الدينية، بل ووقف القنوات والبرامج الدينية، وآخرها شراء رجل الأعمال وصاحب الاستثمارات الواسعة في المجال الإعلامي محمد الأمين، المقرب من النظام الحاكم، لقناة "الناس" الدينية وإسناد رئاستها للمفتي السابق علي جمعة، صاحب الفتاوى المثيرة للجدل.

وقال هؤلاء: إن الأمر تجاوز ذلك كله، بإسناد "السيسي" مهام تطوير الخطاب والثقافة الدينية في مصر لمثقفين علمانيين، بل ولا دينيين، كفاطمة ناعوت، وإبراهيم عيسى الذي يواصل عبر صحف وببرامج تلفزيونية مهاجمة الصحابة والتابعيين والتشكيك في السيرة النبوية وصحيح السُّنة، في الفترة الأخيرة؛ كمعركة تشويه صحيح البخاري، وزواج النبي وطلاقه للنساء، وتشويه صورة الصحابة والخلفاء الراشدين.

ويأتي هذا كله إلى جانب استمرار هجمات مقدمي البرامج المشوشة عقائدياً، كالمدعو إسلام البحيري ببرنامجه على قناة "القاهرة والناس"، والذي دأب على التشكيك في قدرة الله عز وجل والإساءة لثوابت الدين.(تم وقف البرنامج وإحالة البحيري للمحاكمة فيما بعد)

مهاجمة السيسي لتراث الإسلام

ولعل حديث "السيسي" مباشرة عن مواقفه السلبية من المسلمين، يأتي كشهادة مرور إلى أعماق الغرب، حيث احترف "السيسي" توجيه سلسلة من الانتقادات للمسلمين، واتهامهم بالخطأ في تقديم صورة مسيئة عن الإسلام، بقوله خلال حواره مع "إذاعة القرآن الكريم" المصرية، في ذكرى تأسيسها الـ51، الأربعاء 25 مارس: إن مصر بحاجة إلى ثورة دينية ضد الأفكار المشوشة والمغلوطة عن الدين الإسلامي، فالمسلمون أصبحوا يمثلون مصدر إساءة لدينهم ونبيهم حول العالم، مشيراً بذلك إلى الهجوم الذي استهدف صحيفة "شارلي إبدو" الفرنسية التي تنشر رسوماً مسيئة للإسلام ولنبيه.

وعلى المستوى المحلي، سعى "السيسي" ونظامه لمواجهة تمدد التيار الإسلامي، وقد كان "السيسي" واضحاً في هذا التوجه من أول يوم استولى فيه على السلطة، حينما قال لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مبرراً سبب الانقلاب على الرئيس "محمد مرسي": إن معضلة "مرسي" أنه ذهب لبناء مصر، مستنداً إلى أيديولوجية استعادة بناء الإمبراطورية الإسلامية.

وأوضح وزير الخارجية السابق نبيل فهمي حقيقة عزل "مرسي"، مشيراً إلى أنه ضد التوجه الإسلامي لحكم الرئيس "مرسي"، عندما قال في حوار أجراه مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية: إن الرئيس "محمد مرسي" أراد تطبيق نظام إسلامي في مصر، وهو ما لم نكن لنسمح به؛ ولذلك لجأنا للجيش للتخلص منه.

وحسب المراقبين، فإن حرب "السيسي" ونظامه على الإسلام، حظيت بترحيب عالمي؛ حيث استغلت بعض القوى الغربية حاجة "السيسي" للدعم السياسي والمالي لتفرض أجندنها على مصر، وتجلى ذلك عقب زيارته فرنسا، وجاءته التكليفات لينفذها سريعاً باستقبال رئيسة جمهورية أفريقيا الوسطى، في وقت سابق، وتوقيع اتفاقات مع مؤسسة الأزهر لتعليم المسلمين ببلادها الدين الإسلامي الوسطي، الذي تستطيع من خلاله فرض سيطرتها على الأغلبية المسلمة المستباحة الدماء.

نشر الإباحية ومحاربة التدين

وفي سياق نظرة "السيسي" للإسلام والمسلمين، استغلت أطراف المعادلة السياسية في مصر، الحرب على الإرهاب، والعداء للإخوان في الطعن في الإسلام وأصوله، وتسارعت مساعي استئصال التدين تماماً من مصر ونشر الإباحية والعداء لكل مظاهر التدين ومحوها، سواء كانت مدارس إسلامية أو مساجد أو صحف أو أشخاص.

حتى وصل الأمر، بأن يقوم بعض مؤيدي "السيسي" لتقليد وتحريف آيات وسور تشبه القرآن الكريم لمكايدة الإسلاميين الرافضين للانقلاب، فقام ملحدون بتحريف آيات القرآن أكثر من مرة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فبدلوا آيات سورة "يس" بكلام به تمجيد لـ"السيسي" وأسموها سورة "السيسي"، واستمراراً لنفس هذا المسلسل الخاص بالعداء للإسلام وتحريف القرآن والإساءة له عبر تأليف عبارات مسيئة كبديل لآيات في القرآن، قامت فتاة تدعى حنان زكي أيضاً بتأليف سورة بديلة لـ"الفاتحة" تحت عنوان "سورة الفاتحة الجديدة" على صفحتها على "فيسبوك"، مستبدلة لفظ الجلالة باسم "السيسي"، وكتبت تمجد "السيسي" فوصفته بأنه "إله"، وقالت في العبارات التي حرفتها على غرار سورة "الفاتحة": إن "السيسي أكبر"، "لا إله إلا السيسي"، و"إياه (السيسي) نعبد وإياه نستعين"، و"لا إله إلا السيسي ومحمد مش رسول الله". (تعالى الله عما يقولون)

وبدَّل البعض آيات سورة «يس» بكلام به تمجيد لـ"السيسي" وأسموها سورة «السيسي»، وجاء النص المحرف عن سورة "يس" : "سِ سِ"، وحرف آخرون سورة "الزلزلة".

فيما قال أحد قـياديي حركة "تمرد" التي تدعم "السيسي": إن مشكلتهم ليست هي الإخوان، وإن مشكلتهم هي مع الإسلام كحل سماوي لمشكلات العصر، ثم مـزق نسخة من الـقـرآن الـكريم علناً على الهواء في فيديو منشور له وهو يسبه ويلقي به في سلة القمامة، ويقول: إن الـقرآن الكريم "هو أصل الكارثة"، وإن "هذا القرآن هو منبع الشر" (حاشا لله)

كما قام بعض أقباط الخارج بتأليف ما أسموه "قرآن رابسو" -  وهو اسم لنوع من مساحيق الغسيل المصرية - في شكل كلمات على وزن لغة القرآن، بغرض السخرية من القرآن الكريم وسوره وآياته.

وفي السياق ذاته، ألغت "لجنة الخمسين" التي شكلتها سلطة الانقلاب 32 مادة من مواد دستور 2012م المعطل، وعدلت 143 مادة أخرى من مواد دستور 2012م الـ236 الذي وافق عليه 64% من شعب مصر، تلك المواد الملغاة هي مواد تحض على رعاية الأخلاق والآداب وحماية الأديان والرسل من التعدي عليهم بالسب والقذف، وإحياء نظام الوقف الخيري وإنشاء مفوضية لمكافحة الفساد؛ ما يعني ضمناً السماح بازدراء الأديان وسب الرسل والأنبياء، وزعموا أن هذه مواد جرى حذفها لأن الإخوان هم الذين وضعوها في الدستور، بينما الحقيقة أن حذف هذه المواد هدفه ترسيخ العداء للإسلام في دستور مصر، والسماح لمن يشاء أن ينشر الانحلال والفجور ويهاجم الرسل والأنبياء، ويتطاول على الذات الإلهية.

وعقب إعلان لجنة الخمسين التعديلات، وفي 22 أكتوبر 2013 برَّأت محكمة مصرية كرم صابر إبراهيم، المحامي وعضو اتحاد الكتاب، الذي سبق أن حكمت عليه محكمة بني سويف بالسجن 5 سنوات عام 2011م بتهمة ازدراء الأديان وإهانة الذات الإلهية في مجموعة أدبية أصدرها بعنوان "أين الله؟"، كما تطاول على الذات الإلهية في قصته "ست الحسن" حيث وصف الخالق جل شأنه على لسان البطل بـ"المقامر" الذي يقامر على قلوب البشر، بقوله: "أيها الرب المقامر على أفئدة الملايين المؤمنة"! (تعالى الله)

بل كتب يقول: "إنه شاهد الرب في قصره يجلس كملك متوج بالنصر يدخن البانجو والحشيش على شيشة كبيرة تصل لألف متر ويتشح بملاءات بيضاء وحمراء والملائكة تضع أكوام النار فوق حجر الشيشة الممتلئ بالمخدرات"، وفي (ص 87، 88) قال: "صمتت الملائكة بعد أن كوت كلمات ست الحسن الرب الرحيم بجوار حائط القصر ونظر لعرشه الشامخ الذي تهتز له السماوات السبع وتعجب من رفض امرأة لأوامره وبكى حزناً على جهل عباده"، وفي نهاية القصة (ص89)، يقول الكاتب الذي أفرج عنه، والعياذ بالله: "الرب يبكي حزيناً على رفضها كل العز والملك من أجل عبد يعمل عنده ويعيش بحارة فقيرة من ملكه". (تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً)

اضطهاد المسلمين المتدينين

كما تضرب المجتمع المصري حملة اضطهاد في الشوارع ومحطات المترو للمنتقبات ومطلقي اللحى، وبات مظهر توقيف ضباط الشرطة والجيش للشباب الملتحي قائدي الدراجات منتشراً في مصر بعد الانقلاب، ومشهد التعدي على المحجبات والمنتقبات في المسيرات والاحتجاجات ونزع حجابهن وتوجيه عبارات سب وإباحية لهن وتكبيلهن بالقيود الحديدية وإلقاؤهن في سيارات الشرطة غير المجهزة، أمور مباحة على نطاق واسع.

وتكرر في بعض المدارس والجامعات طرد طالبات محجبات أو منتقبات، مثلما فعلت د. سحر العوامري، أستاذة الفسيولوجيا الطبية بكلية طب جامعة القاهرة، التي طردت طلبة ملتحين وطالبات منتقبات، وقالت في محاضرة للطلبة: إنه "يجوز شرب دم الإخوان"، وعندما رفع لاعبون ولاعبات مصريات شعار رابعة العدوية في الملاعب عقب فوزهن بنصر رياضي ليس تأييداً للإخوان ولكن دعماً للإنسانية والشهداء الذين لم يُعاقب أحد على قتلهم حتى الآن، جرى التنكيل بهم بصورة عجيبة، وخرجت صحف ومسؤولون رياضيون ليقولوا: إنه يجب تنقية الفرق الرياضية المصرية من "المتدينين".

وفي هذا السياق تزايدت حالات اعتقال أئمة المساجد أو منعهم من الخطابة ومحاربة وزارة الأوقاف كل من يتحدث عن الظلم، بل وصل الأمر بوزير الأوقاف أن يطلب من الخطباء الموقوفين التوقيع على براءة من أفكار الإخوان أو سبهم ولعنهم.

وفي السياق ذاته، سيطرت أجهزة حكومات "السيسي" على مقرات الجمعيات الإسلامية؛ بدعوى أنها من أموال الإخوان، كالجمعية الشرعية، والجمعية الطبية الإسلامية، والتي تعالج ملايين المصريين بأسعار زهيدة، بجانب الاستحواذ على آلاف الجمعيات الأهلية.

ولم تنج المدارس الإسلامية من الحرب الطاحنة التي تتبدل شعاراتها من وقت لآخر، وتحت شعار "محاربة الإخوان" صادرت الحكومة أكثر من 400 مدرسة، قالوا: إنها مدارس إخوانية، وجرى اعتقال العديد من مسؤولي هذه المدارس واقتحام قوات من أمن الدولة والقوات الخاصة للعشرات من المدارس الإسلامية بدعاوى البحث عن سلاح، مثل مدرسة المدينة المنورة بالإسكندرية، وتهديد مدرسيها، ومنع تدريس بعض الكتب، وزعم وزير تعليم الانقلاب أن هناك بعض المدارس تدرس في مناهجها تعاليم حسن البنا، بالإضافة إلى أن لديهم نداءات أخرى مثل جهادي جهادي، ومن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله في تحية العلم، بدلاً من "بلادي بلادي"!

المناهج والخطاب الديني

ولعل ما يحدث على أرض الواقع يشي بمزيد من التدهور الأخلاقي والثقافي والسلوكي في ضوء دعوات التجديد الديني، التي استبدلت الحوار بالفرض من قبل السلطة الحاكمة، حيث إن كل دعوات تجديد الخطاب الديني السابقة اعتمدت مبدأ الحوار والطرح الفكري، أما الدعوة الجديدة فتزامنت مع قرار حكومي، نشرته الجريدة الرسمية، ينصّ على تحذير مَن يتصدّى للخطابة والوعظ بالسجن والغرامة، إلا إذا كان ينتمي للمؤسسة الدينية الرسمية، مع منح وعاظ الدولة حق الضبطية القضائية!

كما استلهم الإعلام دعوات الخطاب الديني الفضائي المنتظر والمعتدل، من غير الإسلاميين، وهم يعلنون آراءهم بكل حرية، من دون مؤاخذة من أي جهة، ومن دون أي سقف أو تحوط؛ فمنهم مَن تصدّى لانتقاد المناهج الدينية، وأوصى بضرورة حذف آياتٍ قرآنيةٍ، حتى لا تشوّه عقول الطلاب! ومنهن مَن افتعلت خصومةً مع "دعاء السفر" النبوي، وقالت: إنه يناسب عصر الجمل، وأخرى هاجمت الاعتكاف في شهر رمضان، ووصفته بأنه مزعج، وسخرت من عبارة: "قدّر الله وما شاء فعل"، وتقول: "دي أسلمة للغة يجب محاربتها".. وهكذا.

كما أن تعديل الهوية التعليمية الثقافية التي تتبعها أمريكا تجاه الدول العربية هي جزء من خطوات جرى اتخاذها بالفعل لإنجاز المشروع الثقافي الأمريكي الصهيوني، والذي رصدت واشنطن لتنفيذه مليارات الدولارات، وبدأ المشروع بالعراق، عقب احتلالها في عام 2003م، خاصة وأن أمريكا لديها اعتقاد صارم بأن برامج التدريس المدعومة بالجرعات الدينية ودروس الفقه والآداب العربية والإسلامية من أهم أسباب انتشار الفكر الديني المتطرف حسب زعمهم، وأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر قام بها شباب تشبعوا بهذه الطريقة في الفكر.

ولعل ما ينذر بأخطار توجهات "السيسي" الدينية، في الفترة المقبلة، الاستخدام السياسي للدين بصورة مقيتة تخدم السلطة القائمة؛ ما يدفع نحو صراعات دينية في مجتمع مأزوم منذ 3 يوليو 2013م.(58)

------------------------

المصادر:

(1) " الهجمة على مناهج التعليم في العالم العربي والإسلامي"، ورقة بحثية للدكتور محمد منير سعد الدين،  موقع شبكة المعارف الإسلامية، بدون تاريخ.

(2) المصدر السابق.

(3) "الغزو الفكري في المناهج الدراسية"، علي لبن وآخرون، دار الوفاء للطباعة والنشر، 1992.

(4) "الغزو الثقافي يمتد في فراغنا"، الشيخ محمد الغزالي، ص11، دار الشروق، طبعة 1997.

(5) " الهجمة على مناهج التعليم في العالم العربي والإسلامي"، مصدر سابق.

(6) المصدر السابق

(7) المصدر السابق

(8) "السيسي يستعرض اِستراتيجية تطوير التعليم بالفترة المقبلة"، برنامج صباح أون، موقع أون تى في، 17 أغسطس 2014.

(9) مداخلة هاتفية  لوزير التعليم محمود أبو النصر، برنامج "صباح أون"، فضائية "أون تي في"، الخميس 25 ديسمبر 2014.

(10) "فيديو.. أبوالنصر: وضعنا خطة لتغيير المناهج وتطوير التعليم"، أماني صبحي ، بوابة الوفد،  الخميس 25 ديسمبر 2014.

(11) "التعليم: لجنة ثلاثية لتعديل مناهج التربية الدينية، الإعلامي عمرو عبد الحميد، برنامج "الحياة اليوم"، قناة الحياة، الجمعة 20 فبراير 2015.

(12) "مناهج دراسية جديدة لنبذ العنف والتطرف"، شادى عبدالله زلط، موقع "الأهرام" 23 يونيو 2015م.

(13) "الهلالي الشربيني: الانفلات الأخلاقى مسئولية أولياء الأمور"، علا حسنين، موقع "البوابة" الخميس 3 ديسمبر 2015م.

(14) المصدر السابق

(15) المصدر السابق

(16) السيسي يصدر قراراً بتحديث المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسية خلال 3 شهور، ياسمين محمد، موقع "مصراوي"، 9 يناير 2016.

(17) "5  وزراء يشرفون على تطوير المناهج"، فاتن زكريا، موقع "أخبار مصر"، الخميس 4 فبراير 2016م.

(18) "التعليم تستعين بـ120 أستاذ جامعة لتطوير مناهج العلوم والرياضيات"، محمود طه، اليوم السابع، الثلاثاء 19 يناير 2016م

(19) "وزير التعليم: الانفلات الأخلاقى مسئولية أولياء الأمور"، علا حسنين، مصدر سابق.

(20)"شوقي: تطوير المناهج أصبح حلم الشعب المصري"، ريم محمود، موقع "فيس مصر"، 2 فبراير2016م.

(21) "مدير تطوير المناهج: لا تسييس للمقررات وربطها بالوطنية المصرية"، محمود علوان ، موقع بوابة "فيتو"، الأربعاء 16ديسمبر2015 م.

(22) "المحذوف من محتوى منهج التربية الإسلامية 2013/2014"، الموقع الرسمي لوزارة التربية والتعليم- مصر.

(23) الأجزاء المحذوفة من المقررات الدراسية من الصف الأول الابتدائى إلى الصف الثالث الثانوى، الموقع الرسمي لوزارة التربية والتعليم- مصر

(24) "فضيحة جديدة: الانقلاب يواصل تدمير المناهج التعليمية ويحذف "تطرف اليهود"،  نافذة مصر، 28 مارس 2015م.

(25) "خطة توزيع مقرر الدراسات الاجتماعية 2013/2014"، الموقع الرسمي لوزارة التربية والتعليم- مصر

 (26) "بيان محذوفات المواد الفلسفية والتربية الوطنية للمرحلة الثانوية 2013/2014"، الموقع الرسمي لوزارة التربية والتعليم- مصر

(27) "الموضوعات المحذوفة من مناهج علم النفس والاجتماع للثانوي العام والفني 2013/2014"، مكتب مستشار علم النفس، الموقع الرسمي لوزارة التربية والتعليم- مصر

(28) لماذا حذفت التعليم "عقبة بن نافع" و"صلاح الدين" من المناهج؟، يسرا محمد، دوت مصر، 20 مارس 2015م.

(29) ثورة عصافير ونهاية صقور...يوم الحذف في مناهج التعليم ، يسرا محمد، موقع دوت مصر، 18 مارس 2015م.

(30) "إسلاميون: الحذف من المناهج الدراسية يشوه التاريخ"، كرمينا لوقا، موقع "ميداني"، 23 مارس 2015م.

(31) المصدر السابق

(32) " قائمة المحذوفات الكاملة لمناهج اللغة العربية لجميع صفوف عام 2016 "، محمود طه حسين ، اليوم السابع، الإثنين 30 مارس 2015م.

(33) الأجزاء المحذوفة من المقررات الدراسية من الصف الأول الابتدائى إلى الصف الثالث الثانوى، الموقع الرسمي لوزارة التربية والتعليم- مصر

(34) " السيسي يطلب من شيخ الأزهر مكافحة الفكرالمتطرف وتعديل المناهج"، شهاب العلكي، المسائية 27 مايو 2015م.

(35) الأزهر يطوّر المناهج الدراسيّة بعد اتّهامات بتأصيلها للتطرّف، اسماعيل الخولي، موقع "المونيتور"- القاهرة - في 27 مايو 2015م

(36) المصدر السابق

(37) المصدر السابق

(38) "الأزهر..دمج مواد الحديث والتفسير واستبدال بعض الكتب التراثية"، مى مجدى، اليوم السابع ، الخميس 6 فبراير 2014.

(39) الأزهر يحذف أبواب الرق والعبيد وكل ما لا يناسب العصر، لؤى على، اليوم السابع الجمعة، 20 فبراير 2015.

(40) "المحذوف والمضاف لمناهج الأزهر"، لؤى على، موقع اليوم السابع،  الإثنين 2 مارس 2015م.

(41) "شومان: حذفنا العبيد من مناهج الأزهر.. وتم عصرنة الجهاد"، خالد موسى، موقع "الشروق "، السبت 27 يونيو 2015 م.

 (42) "سياسة الترقيع.. وراء تدمير التعليم"، أماني زايد، الوفد- الجمعة, 19 ديسمبر 2014م.

(43) الأزهر يطوّر المناهج الدراسيّة بعد اتّهامات بتأصيلها للتطرّف، اسماعيل الخولي، مصدر سابق.

(44) المصدر السابق

(45) المصدر السابق

(46) المصدر السابق

(47) " بالأرقام.. موازنة التعليم الجديدة تكشف: زيادة 2 مليار جنيه عن 2014"، محمود طه حسين ، اليوم السابع، السبت 1 أغسطس 2015.

(48) "التعليم: 25% زيادة في ميزانية الوزارة في العام المالي"، ياســـمين بدوي، موقع "صدى البلد"، الإثنين 20 مايو 2013م.

(49) "استمرار فساد التعليم في مصر مسئولية من؟"، حسام عبدالرحيم، موقع "البوابة"، الأحد 13ديسمبر 2015م

(50) المصدر السابق.

(51) "سياسة الترقيع.. وراء تدمير التعليم"، أماني زايد، مصدر سابق

(52) "عقم المناهج والسيطرة الأمريكية.. أهم أسباب فشل التعليم"، خالد علي، موقع البديل الخميس 12 مارس 2015 م.

(53) "نظام التعليم في مصر، مقال ضياء الدين يسري، صفحة "نتعلم"، 17 أكتوبر 2015م

(54) لماذا حذفت التعليم "عقبة بن نافع" و"صلاح الدين" من المناهج؟، يسرا محمد، دوت مصر، 20 مارس 2015م.

(55) "إسلاميون: الحذف من المناهج الدراسية يشوه التاريخ"، كرمينا لوقا، مصدر سابق.

(56) "عقم المناهج والسيطرة الأمريكية.. أهم أسباب فشل التعليم"، خالد علي، مصدر سابق.

 (57) ثورة العصافير الإرهابية، محمد جمال عرفة، موقع "التقرير"، الخميس 5 مارس 2015م

 (58) "السيسي ورقة  الغرب الرابحة في معركة تغيير الهوية الدينية"، " إيناس علي، مجلة المجتمع الكويتية، 4 أبريل 2015