انتخابات الصحفيين المصريين 2023.. طريق مسدود بعد التدخلات الحكومية
الاثنين - 27 فبراير 2023
- سلطة الانقلاب تسيطر على انتخابات الصحفيين من خلال دعم مرشحيها بحزمة امتيازات جديدة
- السيطرة الحكومية تمهد لعدم خروج النقابة عن مخطط الانتخابات الرئاسية المزعومة في 2024
- "ميري" المرشح لمنصب النقيب وعد بزيادة 20% بقيمة "البدل" بعد رفض الصحفيين ترشحه
- 11 مرشحا لمنصب النقيب و40 لعضوية المجلس ليس بينهم "إسلاميين" نتيجة الملاحقات الأمنية
- "البلشي" بديل التيار اليساري لمنصب النقيب بعد اعتذار "قلاش" و"الشوبكي" عن خوض الانتخابات
- ازمات مزمنة تنتظر المجلس الجديد منها البطالة في صفوف الصحفيين وملف المعتقلين
- عشرات الصحفيين المفرج عنهم محرومون من العمل ويعانون الملاحقات الأمنية والمنع من السفر
- عهد الانقلاب شهد تراكما للانتهاكات في حق الصحفيين وصلت إلى اقتحام الأمن للنقابة في 2017
- مصادرة عشرات الصحف وحجب أكثر من 600 موقع وفصل 3 آلاف صحفي خلال السنوات الماضية
- الصحافة المصرية لم تشهد حريات مطلقة إلا في أعقاب ثورة يناير وعهد الرئيس محمد مرسي
إنسان للإعلام- خاص:
في ظل محاولة مستميتة من قبل حكومة الانقلاب في مصر للسيطرة على نقابة الصحفيين، ضمن عملية التمهيد للانتخابات الرئاسية المزعومة المقبلة في 2024 ، تجري انتخابات "الصحفيين " في مارس المقبل على مقعد النقيب الذي ترشح له أكثر من 11 صحفيا، وعلى 6 مقاعد للعضوية يتنافس عليها 40 مرشحا من كتل ثلاثة رئيسية ممثلة في التيار الحكومي واليسار والمستقلين شكلا.
في السطور التالية نفتح ملف انتخابات نقابة الصحفيين، ونرصد محاولات الحكومة للسيطرة عليها، من خلال المنح التي تغدقها على مرشحيها، ومدي فرص نجاح المعارضين، وموقف الإسلاميين من هذه الانتخابات، وموقف المرشحين من ملف المعتقلين.
كما نرصد المشاكل المزمنة التى تنتظر المجلس الجديد، ونختم برصد ما لحق بالعمل الصحفي من تنكيل وتكميم للأفواه على مدار السنوات العشر الماضية.
محاولات مستميتة للسيطرة على "النقابة"
في إطار المحاولات المستمرة للنظام المصري للسيطرة على نقابة الصحفيين، وتأميم الانتخابات بشكل مقنن، من خلال التضييق على المرشحين المعارضين وإرهابهم، بالتزامن مع دعم مرشحي السلطة بالامتيازات وزيادة البدل التي وصلت لنحو 20% بقيمة 600 جنيه، أصبحت هذه الانتخابات، التي ستجري في الثالث من مارس المقبل، تحت قيود السلطة، ولن تشهد أي تغيير حقيقي في أوضاع المهنة والنقابة، بحسب ما يصف كثير من المراقبين.
وقد أغلقت اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحفيين، باب تلقى طلبات التنازل والطعون، ضد المرشحين لمنصب نقيب الصحفيين ومقاعد التجديد النصفي لعضوية مجلس النقابة في 20 فبراير 2023، وأعلنت أسماء المرشحين النهائية لمنصب النقيب وعددهم 11 مرشحًا، وعضوية المجلس وعددهم 40 مرشحا .
وكان من الأسماء التي ترشحت لمنصب النقيب ممثل الحكومة خالد ميري، رئيس تحرير جريدة الأخبار، والذي يتوقع الجميع أن تكون النقابة، في حالة فوزه، راضخة بشكل كامل لتوجيهات نظام السيسي.
"ميري" أعلن مؤخرا عن دعم مالي لبدل التدريب ليبلغ 3600 جنيه بدلا من 3 آلاف جنيه، بخلاف دعمه بأكثر من 25 مليون جنيه لزيادة المعاشات، واعتمادات مالية لمشروع العلاج.
وينافسه على المنصب مرشح اليسار خالد البلشي، المعروف عنه مناصرة قضايا الحريات وملف الصحفيين المعتقلين، في حين هناك أسماء أخري ستخوض الانتخابات دون إحداث تغيير حقيقي في طبيعة المنافسة بين مرشح الحكومة واليسار، ومنها أيمن عبدالعزيز (الأهرام) ومحسن هاشم مرشح رابطة الصحف الحزبية المعطلة، و نورا راشد المحسوبة على مؤسسة الجمهورية، وأبو السعود محمد المرشح على منصبي العضوية والنقيب."1"
ومن الأسماء التي ترشحت على مقاعد أعضاء المجلس، عضو المجلس الحالي محمود كامل، وعمرو بدر العضو السابق، والعضو الحالي هشام يونس، ومحمد الجارحي المحسوبين على اليسار المصري، والصحافي في "الأهرام" عبد الرؤوف خليفة، وريمون فرنسيس ، معتمدين على ما قدموه من خدمات.
ويميز انتخابات الصحافيين هذا العام عدم الاستقرار على مرشح لمنصب النقيب قبل وقت كاف من الانتخابات، سواء من جهة الدولة أو من جهة المعارضة، فحتى اللحظات الأخيرة قبل فتح باب الترشح، لم تحدد جبهة المعارضة من الناصريين واليساريين داخل النقابة مرشحها لخوض الانتخابات، بينما اختارت أجهزة الدولة في اللحظات الأخيرة رئيس تحرير صحيفة الأخبار ووكيل نقابة الصحافيين الحالي خالد ميري، بالرغم من ضعفه نقابيا ومهنيا، ويعتبر كثير من الصحفيين أن هذا المنصب كبير عليه، لذلك أغدقت حكومة السيسي عليه المنح.
وكانت المفاضلة في المعسكر الحكومي تنحصر بين رئيس مجلس إدارة "الأهرام" عبد المحسن سلامة، وبين ميري، لكنها حُسمت لصالح الأخير، وهو ما أثار حفيظة صحافيي مؤسسة الأهرام الذين يشكلون كتلة تصويتية كبيرة داخل الجمعية العمومية للنقابة، واعتادوا أن يكون نقيب الصحافيين من مؤسستهم، كما حدث في الدورات السابقة التي فاز بها مرتين متتاليتين ضياء رشوان، وقبله عبد المحسن سلامة.
وقالت مصادر صحافية من داخل "الأهرام" إن "عدم اختيار أحد أبناء المؤسسة للترشح لمنصب النقيب، وفي الوقت نفسه الدفع بخالد ميري، ابن مؤسسة أخبار اليوم الذي لا يتمتع بشعبية كبيرة داخل الجماعة الصحافية، جعلهم يفكرون في انتخاب أي مرشح آخر يحظى بالاحترام".
وأضافت المصادر نفسها أن "حديثاً دار بالفعل داخل المؤسسة عن ذلك، واقترح البعض انتخاب نقيب الصحافيين السابق يحيى قلاش (ناصري) ، الذي رفض الترشح . وقالت مصادر من داخل كتلة اليسار داخل النقابة إن "يحيى قلاش، برفضه الترشح لمقعد النقيب، يبدو وكأنه يخشى تكرار سيناريو الهزيمة عام 2017 أمام رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام عبد المحسن الذي كان مدعوماً بقوة من الدولة، ولذا اتفق يحيى قلاش ومجموعة اليسار على الدفع بعضو المجلس السابق خالد البلشي لمقعد النقيب، وذلك قبل يوم واحد من فتح باب الترشح ، وكانت كتلة اليسار تواصلت أيضاً مع الكاتب والباحث عمرو الشوبكي من أجل إقناعه بالترشح، لكنه رفض أيضاً.
وقال نقابي سابق وأحد وجوه المعارضة البارزين داخل مجلس النقابة -مشترطاً عدم ذكر اسمه- إن "السبب الرئيس وراء انسحاب المنتمين لصفوف المعارضة من خوض الانتخابات هو الأجواء السياسية الرديئة المحيطة بالنقابة التي أفقدتها قوتها وتأثيرها على مدار سنوات، بالإضافة إلى الإفساد المتعمد لمهنة الصحافة من خلال احتكار وسائل الإعلام من قبل النظام، ما حوّل مصر ببطء إلى بلد الصوت الواحد، عن طريق آلاف السجناء السياسيين، ومئات من ضحايا التعذيب، ووفيات لا حصر لها داخل السجون".
وأوضح هذا النقابي السابق أن "قبول جبهة اليسار بالدفع بخالد البلشي للمنافسة على مقعد النقيب يعني اعترافاً مسبقاً بالهزيمة، لأن الدولة بدأت الحشد بقوة لمرشحها خالد ميري، رغم كل ما عليه من اعتراضات، كما أن فرص المعارضين من المرشحين لمقاعد المجلس ستكون ضعيفة أيضاً، لأن الدولة ستحشد لقائمتها مع النقيب".
وقبل أسبوع، أعلن مجلس نقابة الصحافيين صرف معاش بطالة لنحو 405 صحافيين عاطلين من العمل، بقيمة 1250 جنيهاً شهرياً (40 دولاراً تقريباً)، بداية من مارس. ويعاني صحافيو مصر من أوضاع معيشية شديدة الصعوبة، دفعت الكثير منهم إلى ترك المهنة والعمل في مجالات بعيدة عن الصحافة، بسبب ضعف منظومة الأجور في الصحف الحكومية والخاصة والحزبية على حد سواء، من ناحية، والتضييق على عملهم الصحافي من مؤسسات الدولة الأمنية، من ناحية أخرى، في ظل ارتفاع غير مسبوق في أسعار جميع السلع والخدمات الأساسية، من جراء فقد العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها في غضون عام."2"
مواجهة صعبة ونتائج محسومة
وقد وصف موقع "الجزيرة"، في تقرير له مؤخرا، الانتخابات القادمة بأنها مواجهة صعبة لتيار اليسار، الذي يخوض الانتخابات أمام مرشحين حكوميين مدعومين بشكل كبير، وأكد التقرير أن المعركة الانتخابية -التي يجري فيها التنافس على 6 مقاعد عضوية من إجمالي 12 مقعدا إلى جانب مقعد نقيب الصحفيين- تنحصر بين تيار اليسار والاستقلال النقابي من جهة ، ومرشحي الحكومة من جهة اخر .
أضاف التقرير: يركز بعض مرشحي تيار استقلال النقابة على ما تسمى معركة "الكارنيه"، باهتمامهم بالدفاع عن الحريات والاستقلال، في حين يركز المرشحون المحسوبون على الحكومة على ما تسمى نقابيا معركة "الجنيه"، نسبة إلى محاولاتهم الدائمة لرفع القيمة النقدية لما يسمى "بدل التكنولوجيا" الذي يصرف للصحفيين شهريا، وتقام هذه الجولة الانتخابية تحت إشراف هيئة النيابة الإدارية، بناء على طلب رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات ونقيب الصحفيين المنتهية ولايته ضياء رشوان.
ويرى مراقبون أن نقابة الصحفيين تشهد ظروفا صعبة تستحق إجراء انتخابات مستقلة من دون تدخل حكومي، وسط توقعات من البعض بإمكانية تحقيق أعضاء الجمعية العمومية للنقابة مفاجآت في ظل الأزمة الاقتصادية بتصويت عقابي ضد بعض المرشحين المحسوبين على الحكومة.
وتؤكد الحكومة المصرية عادة أنها لا تتدخل في انتخابات النقابة ولا يمثلها أحد، غير أن التصنيف (استقلال/ حكومة) رائج في أوساط الصحفيين المصريين، بينما ينفيه المرشحون الذين يلاحقهم تصنيف الموالاة للحكومة.
وفق وصف مصدر نقابي مسؤول للجزيرة نت -الذي لا يزال عضوا بمجلس النقابة وطلب عدم نشر اسمه- إن "النقابة منذ تأسيسها قلعة للحريات، وتواجه تحديات كبيرة بسبب إصرار الحكومات على التدخل في شؤونها وإصرار الجمعيات العمومية على استقلال إرادتها، وهو ما ظهر في كافة المواقف الوطنية التي كانت النقابة جزءا منها، ويكفينا أن سلم النقابة كان مهد قيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011".
يضيف المصدر أن "النقابة في موقف صعب الآن، وتعرض مجلسها لتعطيل متعمد في الدورة الماضية بسبب رغبة مؤسسات بالدولة في وقف فعاليات النقابة، ولا نملك إلا انتظار تحرك الجمعية العمومية المقبل وإسقاط من أسهم في ذلك من المرشحين الحاليين".
في السياق نفسه، وجه نقيب الصحفيين الأسبق، يحيى قلاش، رسالة إلى الصحفيين المصريين، إذ طالبهم عبر حسابه على فيسبوك بـ"إنقاذ تاريخ يضم 82 عاما من النضال النقابي عبر مشاركةٍ تصحح المسار في الانتخابات وتنقذ النقابة".
ولم يعلن تيار الاستقلال النقابي مرشحيه في بيانات رسمية، غير أن مصدرا نقابيا مقربا منهم قال إن "عمرو بدر ومحمود كامل وهشام يونس الأوفر حظا بدعم التيار الأساسي على مقاعد العضوية، خشية تفتيت الأصوات".
وحسب مصدر نقابي آخر، يواصل المرشحون المحسوبون على الحكومة ترتيب قائمتهم وسط تنسيق مع مديري الصحف الحكومية والمواقع الإلكترونية المحسوبة على أجهزة الدولة بهدف الفوز الكامل، ومن الأسماء التي تتصدر القائمة المتداولة في أوساط الصحفيين كل من "محمد شبانة، ومحمد يحيى يوسف، وحماد الرمحي".
واضاف تقرير الجزيرة: غاب عن الترشح الصحفيون الإسلاميون، الذين كانوا أصحاب وجود مؤثر في أوقات سابقة، وهو ما أرجعه مصدر نقابي محسوب على الكتلة الإسلامية بالنقابة إلى ما وصفه بالأوضاع غير المناسبة في البلاد، قائلا: "بعضنا في المنافي، وبعضنا رهن الحبس، ويهمنا الآن إنقاذ النقابة والصحفيين، وبعض المرشحين يمثلون القيم النقابية العليا التي نتمنى فوزها".
وتركزت البرامج على الخدمات، وسط حديث أقل عن استقلال النقابة والحريات والإفراج عن الصحفيين المحبوسين، وتعددت الشعارات مع بدء دعاية المرشحين الإلكترونية، ومن أبرزها "معا لإنقاذ نقابتنا، نقابة قوية صحافة قوية، المهنة أولا، نقابتنا في خدمتنا".
وتدخلت أسر الصحفيين المحبوسين في المشهد الانتخابي، فطالبت إيمان محروس (زوجة الصحفي المحبوس أحمد سبيع) المرشحين بأن تتبني برامجهم قضية الإفراج عن الصحفيين والصحفيات المحبوسين، ومن بينهم زوجها، وذلك لإنهاء معاناة أسر الصحفيين.
من جانبه، يرى المرشح السابق لعضوية مجلس نقابة الصحفيين ورئيس المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي -في حديث للجزيرة نت- أن انتخابات نقابة الصحفيين ظلت باهتة حتى اليوم الأخير للترشح، إلى أن منحها ترشح النقابي خالد البلشي زخما مهما.
ويوضح العربي أن أوضاع الصحافة تتطلب مواجهة التدهور الذي تشهده النقابة والصحافة بصورة لم تحدث علي مدى عقود، وهو ما أثر على الصحفيين والمؤسسات الصحفية، لكنه يتوقع أن تكون نسبة المشاركة قليلة، مع إمكانية حدوث تصويت عقابي ردا على حالة الاختناق الصحفي والاختناق العام.
وتوقع "العربي" أن تحتدم المنافسة على موقع النقيب بين خالد البلشي وخالد ميري، بعدما أحجمت أسماء كبرى عن الترشح، مثل عمرو الشوبكي لإدراكه صعوبة الأوضاع الحالية التي لن تمكنه من تحقيق أي نجاح.
ويتفق مع العربي الكاتب الصحفي سليم عزوز، عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، في أن هذه الانتخابات كانت ستصبح بلا طعم وأقرب للتزكية، لولا دخول خالد البلشي للمنافسة.
ويرى عزوز -في تصريح للجزيرة نت- أن مهمة خالد البلشي تبدو انتحارية، في ظل أن أسماء من التيار ذاته قد عزفت عن خوض الانتخابات، لأنها لا تريد أن تدخل معركة مع مرشح لسلطة غاشمة، وفق وصفه، كما لا تبدو السلطة مكترثة حتى أن تختار مرشحا لامعا، لقناعتها قبل ترشح البلشي أنها معركة لا تستحق الوقوف خلف مرشحها بالأموال والامتيازات
وحول ما يثار من شعارات حول معركة "الكارنيه أم الجنيه"، يقول عزوز "لا مرشح السلطة لديه ما يقدمه تعبيرا عن أنه يمثل الجنيه، ولا مرشح الاستقلال بإمكانه أن يقدم خطابا في قوة خطاب مرشحي هذا التيار في عهد مبارك"."3"
وقد وصف موقع "رصيف 22" المصري، انتخابات نقابة الصحفيين القادمة بأنها صراع "المهنة" مقابل "السيطرة" الحكومية. وفي تقرير نشره في يناير 2023 أكد أن حكومة السيسي تخطط لاستمرار سيطرتها على النقابة، خاصة أن المرحلة المقبلة ستشهد استعداد النظام لانتخابات رئاسية مزعومة ، وانها حريصة على عدم تحرك نقابة الصحفيين في اتجاه معاكس لما تخطط له الحكومة .
واكد التقرير ان الحكومة استطاعت على مدار دورتين متتاليتين ان تسيطر عل النقابة عن طريق ضياء رشوان، الذي حاول التوزان ما بين متطلبات الحكومة والصحفيين، وكذلك من خلال مجلس نقابي يسيطر على غالبية مقاعده أسماء لا تخفي ولاءها التام للسلطات، وحصلت في مقابل ذلك على مقاعد في المجالس النيابية وعلى رأس مجالس إدارة وتحرير كبريات الصحف "الحكومية" المصرية.
تابع التقري: وبعيداً عن الصراع على الترشح لمنصب "النقيب"، فالمتابع جيداً للأوضاع النقابية يستشعر تسرب حالة من الاستسلام في الجمعية العمومية للنقابة، سببها الحديث الدائر عن أن معركة عضوية المجلس في الانتخابات المقبلة محسومة لأغلب أعضاء المجلس الموجودين حالياً. "4"
أزمات مزمنة تنتظر المجلس الجديد
وقد تراكمت على مدار السنوات العشر الماضية، كثير من الأزمات والمشاكل المزمنة التي تلاحق النقابة ، يتصدرها الإفراج عن الصحفيين المحبوسين وتحسين الظروف الاقتصادية لأبناء المهنة، وفق بيانات نقابية وتوثيق حقوقي.
ولا تزال السلطات المصرية تنفي وجود صحفيين محبوسين على خلفية قضايا نشر، لكن آخر إحصائية غير رسمية نشرها المرصد العربي لحرية الإعلام كشفت عن وجود أكثر من 55 صحفيا وصحفية قيد الحبس الاحتياطي وقضاء فترة محكوميتهم، من بينهم 3 صحفيين في قناة الجزيرة مباشر وهم: ربيع الشيخ، وبهاء نعمة الله، وهشام عبد العزيز، إلى جانب إصدار حكم نهائي نهاية مايو/أيار الماضي بسجن المذيع في قناة الجزيرة مباشر أحمد طه لمدة 15 عاما.
أضاف التقرير، أن الاوضاع الاقتصادية وتدنى دخول الصحفيين يعد من أخطر الأزمات التى يعانى منها الصحفيون بشكل عام، وأن على النقابة أن تتحرك من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية وزيادة الدخل لأرباب القلم.
ويرى مدير المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي أن الأزمات عميقة ومتجذرة في نقابة الصحفيين، إذ تبدأ من استمرار الحبس خارج إطار القانون وعدم قدرة النقابة على معالجة الملف جذريا، والاكتفاء بمسكنات دون قرار حاسم بعدم الحبس في قضايا النشر طبقا للقانون والدستور
وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف قطب العربي، الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للإعلام بمصر، أن غياب الحرية والاستقلال الكاملين واستمرار إغلاق الصحف وتردي الأوضاع المالية للمؤسسات الصحفية والصحفيين والتعسف الإداري، كل ذلك أدى إلى وجود شلل كامل لنقابة الصحفيين ومظالم كثيرة تهدد الصحفيين في أقواتهم بل وحياتهم، وليس أدل على ذلك من واقعة انتحار مدير تحرير جريدة الأهرام الصحفي عماد الفقي داخل مؤسسته، وفق رأيه.
ويضيف التقرير، أن نقيب الصحفيين السابق والقيادي في "تيار الاستقلال النقابي" يحيى قلاش يري أنه لابد من إطلاق سراح كل الصحفيين المحبوسين في قضايا النشر والرأي، والإفراج عن سجناء الرأي الذين لم يتورطوا في ممارسة العنف أو التحريض عليه، وإطلاق حرية النقد والتعبير، ووقف الحبس الاحتياطي المطول والقبض على المواطنين بسبب التعبير عن آرائهم.
وشدد قلاش على أهمية إلغاء الحجب عن المواقع الإلكترونية، وتحرير الصحافة من الحصار المفروض عليها لتكون لسان حال المواطنين، مؤكدا أهمية إدراك أن الصحافة جزء من قوة مصر وتأثيرها، وأن حريتها بمثابة قرار بتمكين محارب من النصر في أي معركة لصالح هذا الوطن."5"
وفي سياق متصل، رصد تقرير صادر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير المعاناة التي يتعرض لها صحافيون مصريون، بعد الإفراج عنهم على خلفية قضايا سياسية، على مدار السنوات الماضية وأكد أن على مجلس النقابة الجديد ان يتصدى لهذه الازمة .
وأكد التقرير أن استهداف الصحافيين لا يتوقف عند تعرضهم للحبس الاحتياطي، بل يمتد إلى ما بعد الإفراج عنهم، مشيراً إلى أن الصحافيين يواجهون انتهاكات تمنعهم من استكمال مسيرتهم الصحافية، وأن من أشكال المعاناة التي رصدها التقرير التي يتعرض لها الصحافيون بعد الإفراج عنهم: "صعوبة العودة إلى العمل والمنع من السفر، وعدم وجود قنوات أو جهات رسمية يمكن اللجوء إليها لحل النزاعات، وصعوبة استخراج الأوراق الرسمية"، مشيراً إلى أن هذه العقبات تؤدي إلى عقبات أخرى مالية وصحية ونفسية يعانون منها بعد الحبس.
كما تعد الانتهاكات الأمنية من أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون والإعلاميون بعد الخروج من الحبس، وأورد التقرير العديد من شهادات التعرض للتوقيف الأمني المباشر بعد الحبس في الأكمنة، وعدم القدرة على التنقل داخل المحافظات.
كما يقضي عدد من المحبوسين السابقين نوبة مراقبة شرطية ليلية تلزمهم بالمبيت في قسم الشرطة يوميّاً أو أسبوعيّاً كعقوبة تكميلية بعد خروجهم من السجن أو كبديل من الحبس الاحتياطي، وتعد فترة المراقبة اللاحقة شكلاً آخر للاحتجاز التعسفي الذي تمارسه الحكومة المصرية ضد عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين.
كما ان المشاكل المزمنة التى تعانى منها النقابة ملف التشريعات، خاصة فيما يخص قانون النقابة، وقانون العمل الصحفي والحصول على المعلومات وكلها ملفات مسكوت عنها من قبل المجالس السابقة على مدار السنوات العشر الماضية وليس من المنتظر أن يكون للمجلس القادم قدرة على تحريك هذا الملف."6"
جدل حول علاقة النقابة و الحكومة
ومنذ انطلاق ماراثون الانتخابات بنقابة الصحفيين ثارت حالة من الجدل حول الارتماء في احضان الحكومة، لتحقيق كثير من المكاسب، ورفض هذه التبعية، فوجدنا الكاتب محمد عبد الشكور في مقال له بموقع الجزيرة مباشر، يؤكد أنه 31 من مارس/آذار عام 1941، صدر القانون رقم 10 لسنة 1941 الذي تقدّم به رئيس الوزراء المصري حينَها، علي ماهر، إلى مجلس النواب، وكان يتضمن مشروع إنشاء نقابة للصحفيين، وبذلك تأسست نقابة الصحفيين المصرية.
وكان قد سبقها بسنوات عديدة تأسيسُ أول رابطة للصحفيين على أيدي 5 من الصحفيين، وأعلن المؤسسون حينها أن هدف الرابطة العملُ على إنشاء نقابة تضم الصحفيين المشتغلين بالمهنة.
ويقول: والغريب -ولأول مرة- هو إحجام الصحفيين ذوي الثقل الانتخابي عن الترشح على مقعد النقيب، وتخاذلهم عن خوض الانتخابات لصالح مَن عدّه البعض مرشح الدولة، مما دعا الكاتب الصحفي سليم عزوز أن يكتب قائلًا في تدوينة له “مَن لم يَخض هذه الانتخابات على موقع النقيب ممثلًا لتيار الاستقلال النقابي، لا يجوز له أن يشارك فيها عندما ينقشع الغبار، وتصبح المنافسة بدون كلفة، فالمتخاذلون فاعل أصلي في استمرار هذا المجهول الذي دخلته النقابة، لتستمر عملية تكفينها”. وأضاف “لا يجوز التعلّل بأن فلانًا مرشح السلطة؛ لأن في نقابة المهندسين سقط مرشحو الأجهزة الأمنية، ونجح مَن لم ترشحه الأجهزة، تمامًا كما جرى في نقابة الأطباء!” ، واختتم تدوينته قائلًا: “نافِس حتى من باب إجبار الآخر على بعض التراجع، أو للحصول على امتيازات للزملاء، بدلًا من انتخابات بلون التزكية!”.
ويضيف عبد الشكور ، وكأنّ هناك مَن قرأ تدوينة سليم عزوز، وأراد العمل بها، فوجدنا في آخر ساعة على إغلاق باب الترشح مَن يرشح نفسه من تيار اليسار، لتأخذ العملية الانتخابية منحنىً آخر مختلفًا، وهو شيء لا بأس به، وربما يجعل هناك منافسة حتى وإن بدت صعبة، إلا أنها ستُشعِر الصحفيين بأن هناك انتخابات فعلًا، وليس مجرد فوز بالتزكية."7"
وفي سياق متصل قال الكاتب الصحفي كارم يحيى، في مقال بموقع درب:"مع انتخابات الصحفيين المصريين هذه المرة، علينا ان نحرر النقابة من التبعية للدولة وان ترشح خالد البلشي انقذ النقابة من الغرق في التبعية المطلقة للحكومة".
كما انتقد "يحيى" اللجنة المشرفة على الانتخابات وأكد أنه كان يفترض على المجالس المتعاقبة مع مستجدات نمو عضوية النقابة وغيرها أن تتقدم للجمعية العمومية بالإضافة والتعديل على اللائحة، وبخاصة فيما يتعلق بآليات وضمانات ديمقراطية ونزاهة انتخابات نقابة أصحاب الرأي والقلم.. و” الكي بورد”، لكن يبدو في المحصلة أن أحدا لم يهتم. بل وربما كان من بين النقباء وأعضاء المجالس ومازال من اختار ويختار إبقاء العوار والثغرات على حالها ” لغرض في نفس يعقوب”. وكم ” يعقوب” من رؤساء مجالس الإدارة والتحرير المعينين من السلطة السياسية الأمنية توالوا على موقع النقيب وعضوية المجلس.
وأكد ان اللجنة المشرفة على الانتخابات بها أربعة من ثلاث صحف حزبية من ميراث عهد السادات/ مبارك. ويغيب عنها تماما أي تمثيل لما يسمى بالصحف الخاصة الجديدة أو ” المستقلة، واكد من بين المشرفين على الانتخابات اثنان من الأسماء تمثل إدارات الصحف، وبالأخص صحف تورطت في فصل زملاء صحفيين تعسفيا والتنكيل بآخرين، ولم يخل الأمر من إدانتها من نقابة الصحفيين نفسها، أو طلب التحقيق معها مع مراوغات
وأضاف "يحي" أنه من بين القائمة اسم واحد على الأقل ارتبط بممارسة الضرب والبلطجة ضد زميل صحفي خلال حملة انتخابية سابقة، و لحساب قريب له من الدرجة الأولى كان نقيبا/ رئيس مجلس إدارة وتحرير ومرشحا مزمنا على هذا المنصب طوال عهد الطاغية الفاسد وبحكم قضائي وبثورة شعب “مبارك”.
وقال : لم يعد خافيا تساؤلات جانب معتبر من الجمعية العمومية للصحفيين الآن عن مدى توافر الحياد بين المرشحين المتنافسين. وبالأصل من جانب الستة أعضاء مجلس والنقيب / رئيس هيئة الاستعلامات الحكومية، والمفترض أنهم القوام الرئيسي “للجنة الإشراف”."8"
وعل الجانب الآخر، كتب الصحفي ابراهيم الدراوى الموالي للمرشح الحكومي خالد ميري ، مقالا تحت عنوان "انتخابات الصحفيين وأوهام القطيعة مع الدولة"، مؤكدا ضرورة انتخاب نقيب للصحفيين، لديه القدرة على التواصل والتفاوض مع مؤسسات الدولة، لتعظيم مكاسب الصحفيين، مع مجلس خدمي قوي بتعدد انتماءاته ورؤاه.
وقال "الدراوي": "على وقع هذه الثنائيات، يجري في كل انتخابات، انقسام الجماعة الصحفية بين تيارين رئيسيين، الأول «تيار واقعي» يؤمن بأن عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة، والثاني «تيار حالم» يؤمن بأن الخدمات والانجازات الساخنة كبدل التكنولوجيا، يجب أن تسقط على عتبات النضال من أجل انتزاع الحقوق الكبيرة.
وأستمر الدراوي " في مغالطاته بقوله: وهنا، لا يمكن فصل انتخابات النقابة، عن نمط التفاعلات الحاكم للمجال العام وفي قلبه الصحافة، ولا عن الظرف الاجتماعي والاقتصادي للجماعة الصحفية، ولا عن الركود الذي أصاب المهنة، وإلا أصبحنا أمام حالة من الانفصال المرضي عن الواقع، واكد إن المعضلة الأساسية، أمام أي نخبة في تحقيق تغيير ما، ليست في حجم ونوعية الشعارات والآمال التي يجري رفعها في مواجهة الواقع، ولكنها تكمن في الإجابة عن سؤال: كيف يمكن إحداث اختراق لتغيير هذا الواقع؟، أو بصيغة أخرى: كيف يمكن ردم الفجوة بين النظرية والتطبيق؟، وإلا أصبحنا أمام حالة من «الطوباوية» المقيتة، التي تزيد من عزل النخبة عن المجتمع وقدرتها على تطوير هذا الواقع. "9"
حصاد مر في عهد السيسي و العسكر
وفي النهاية، علينا أن نعترف أن الأنظمة السياسية على كافة أنواعها تكره الصحافة؛ لأن الصحفيين يمتلكون شرعية دائمة لا تتجدد من صناديق الانتخابات، لذلك فشرعية رئيس الدولة وحصانة أعضاء البرلمان مهددة دائمًا بأقلام الصحفيين، وهو ما يُغضب الساسة الذين يشعرون بأنهم مراقبون دائمًا من مجموعة من الأشخاص الذين يمتلكون سلاح “الكلمة”؛ وإحدى أخطر وظائف الإعلام هى دورها التحريضي في الأزمات التي تتمثل في تجييش الرأي العام ضد الحكومة عند اتخاذ قرارات أو سياسيات ترى الصحافة أنه يجب التصدي لها إيمانًا من مسئوليتها الاجتماعية ودورها في المراقبة؛ وتعتبر حرية الصحافة هى مقياس الديموقراطية في أي بلد؛ ووفقًا لهذا التقرير فمصر تعاني أزمة صحفية هى الأسوأ في تاريخها.
وقد أكدت دراسة للشارع المصري، أنه عقب تولي المجلس العسكري إدارة شئون البلاد، عقب تنحي مبارك في 11 فبراير (شباط)، حدثت صدامات بين الصحافة وبين الجنرالات في جبهتين؛ أولهما الصراع الذي قادته الصحافة مع القوى الثورية ضد المجلس بسبب شرعيته الدستورية التي حصل عليها في عدم وجود مجلس الشعب، وحرص المجلس على تحصين صلاحياته في الدستور الجديد بما يضمن عدم المساءلة المالية أو القانونية، وأبرزها وثيقة السلمي، والإعلان الدستوري المكمل.
أما الجبهة الأخرى فكانت الأكثر اشتعالا؛ فشاركت الصحافة في نقل اعتداءات الجيش على المتظاهرين الذين رفعوا شعار “يسقط حكم العسكر” إثر احتكاكات بدت غير مقصودة، وانتهت بالرصاص الحي وكشوف العذرية، وسحل فتاة، واقتحام مسجد بالأحذية؛ والسبب الرئيسي لتدهور علاقة المجلس بالشعب هم الصحفيون الذين نقلوا مشاهد السحل والقتل، وأجبروا المجلس على الاعتذار، ثم طالبوه بالرحيل.
والصحافة -على قوتها في ذلك الوقت- لم تسلم من مصادرة أعدادها، واقتحام مكاتبها، واستهداف أبنائها، ونتيجة للشعبية التي خسرها المجلس؛ أعلن المشير محمد حسين طنطاوي، تشكيل لجنة الإعلام العسكري الوطني من أحد عشر ضابطا، مهمتهم تقديم تغطية إيجابية عن الجيش إلى وسائل الإعلام؛ في محاولة وُصفت باليائسة لإعادة عسكرة الصحافة في عهد مبارك.
الصحافة أيضًا على الرغم من أنها مارست دورًا كبيرًا في تزييف الحقائق حول الرئيس مرسي، تمتعت بحرية غير مسبوقة في التاريخ المصري، وظلت مصونة في هذا العهد .
وجاء السيسي لتشهد مصر بعد الانقلاب العسكري أسوأ مراحلها التاريخية، فبعد التعددية وحرية الرأي التي طالت الرئيس نفسه، وحرية الإصدار بالإخطار في عهد الرئيس مرسي، وفى أعقاب الثورة، وجدنا ردة صحفية حيث تحولت لصحافة الصوت الواحد، بعد الضغوط المستمرة على المهنة والنقابة .
ثم شهدت الصحافة أسوأ موجة تشريعات صبت جميعها في تكميم الأفواه ، حيث مرر برلمان العسكر قانون تنظيم الصحافة والإعلام؛ و وافق المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه، بينما اعتراض 4 نواب فقط. وترى الجماعة الصحفية أن هذا القانون يهدف لهيمنة السلطة على حرية الصحافة، كما جاء مُخالفًا في كثير من نصوصه لما تم التوافق عليه بين اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والحكومة طوال شهور من التفاوض.
وبحسب القانون الذي رفضته نقابة الصحفيين، فإن تعديل مواد تشكيل المجالس الثلاثة، يُعطي لرئيس الجمهورية الحق في تعيين ما يقرب من ربع أعضاء المجلس والهيئتين، بخلاف بقية ممثلي الحكومة والسلطة التنفيذية؛ بينما يواجه الصحفيون قانونًا آخر يتمثل في غرامة تتراوح ما بين 200 ألف و500 ألف جنيه، عقوبة نشر الأخبار الكاذبة، وكان سبب صدور القانون هو تداول أنباء ومعلومات في سيناء تختلف عن المعلومات الرسمية.
بينما الجبهة الأخيرة تتمثل في الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية للتدخل في شئون الصحافة، فهي لا تكتفي بمعاقبة الصحافة، كما يصف خبراء، و“عسكرة الصحافة” كما يراه صحفيون، ومنع الصحفيين من الظهور على الشاشة، أو وقف برامج تليفزيونية، أو مصادرة أعداد، أو حجب مقالات، بل امتدت إلى تغلل الجيش في المؤسسة الصحفية نفسها، مثل تعيين المتحدث العسكري السابق مديرًا لقنوات العاصمة، و إطلاق شبكة قنوات “dms” كذراع إعلامية للرئاسة يقودها الجيش بشكل غير رسمي.
ونتيجة للهجمات الشرسة للجبهات الثلاث، أصدرت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، ولجنة حماية الصحفيين الدوليين تقارير توثق الانتهاكات التي تنوعت بين حبس الصحفيين، ومنع ومصادرة الصحف، وغلق البرامج التليفزيونية، والتضييق على الشخصيات الإعلامية خلال عامين من فترة حكم السيسي.
ويُلاحظ أن عام 2015 شهد أكبر قدر من الانتهاكات بحق الصحفيين، بينما كان عام 2016 هو عام وضع قوانين تقيد الصحافة، والتغلغل في المؤسسات الصحفية.
ورصدت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، 782 انتهاكا تنوعت ما بين حبس السجن والحبس والحبس الاحتياطى، والتوقيف، واقتحام المنازل للقبض، وتلفيق التهم، وإصدار أحكام شديدة القسوة، والمنع من مزاولة المهنة وتكسير المعدات والكاميرات، والمنع من الكتابة أو وقف المقالات، والمطاردة القانونية واقتحام مقار صحف أو مواقع اخبارية، وتعطيل طباعة عدد من الصحف أو فرم نسخ منها، وذلك في تقريرها لعام 2015.
ومن الحوادث التى لن ينساها التاريخ الصحفي، أسوأ صدام حدث بين وزارة الداخلية والصحفيين، عندما اقتحمت الشرطة مقر النقابة لأول مرة في تاريخها عام 2017؛ بدعوى القبض على صحفيين اثنين مطلوبين أمنيا، لكونهما ضمن حملة “تيران وصنافير مصرية”، واتهامهما بنشر أخبار كاذبة ومحاولة قلب نظام الحكم.
وبعدما صعّدت النقابة الموضوع وطالبوا بإقالة وزير الداخلية، وقاموا باعتصام مفتوح، قررت نيابة وسط القاهرة، إحالة نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وجمال عبد الرحيم، السكرتير العام للنقابة وقتها، وخالد البلشي، وكيل النقابة، إلى المحاكمة، لاتهامهم بإيواء الصحفيين المطلوبين أمنيا، وأخلت النيابة سبيلهم بغرامة 10 آلاف جنيه قامت النيابة بدفعها.
كما شهد عهد السيسي مصادرة كثير من الصحف مثل جريدة الوصلة اليسارية، بخلاف حجب أكثر من 600 موقع صحفي، و فصل اكثر من 3 آلاف صحفى على مدار السنوات الست الماضية بسبب أفكارهم وانتماءاتهم السياسية، وذلك من صحف اليوم السابع والبوابة والدستور والوطن والمال والاقتصادية، كما تراجعت مصر في مؤشر حرية الصحافة الى المركز 185 من أصل 190 دولة.
المصادر:
- عاطف بدر ، "بعد غلق الطعون.. «الصحفيين» تعلن القائمة النهائية للمرشحين في انتخابات النقابة " ،المصري اليوم ، 20-02-2023 ،https://cutt.us/BK2Oj
- "انتخابات نقابة الصحافيين المصريين: معركة محسومة سلفاً" ، العربي الجديد، 17 فبراير 2023 ، https://cutt.us/EuXuD
- كريم محمود، "مواجهة مهمة لتيار الاستقلال.. ترقب لنتائج انتخابات نقابة الصحفيين بمصر" ، الجزيرة نت ،15/2/2023، https://cutt.us/UlwXF
- عرفة محمد أحمد ، "في صراع "المهنة" مقابل "السيطرة"... ماذا تخطط الدولة المصرية لانتخابات "الصحفيين"؟" ، موقع رصيف ، 10 يناير 2023 ، https://cutt.us/zXytX
- كريم محمود، "تحديات عدة ومطالبة بالحوار.. أزمات تلاحق نقابة الصحفيين في مصر" ، الجزيرة نت ، 15/6/2022، https://cutt.us/W3Ayw
- "تقرير يرصد معاناة صحافيين مصريين بعد الإفراج عنهم: "ما زالوا سجناء"، العربي الجديد، 9 فبراير 2023 ، https://cutt.us/HFPo3
- محمد عبد الشكور، "انتخابات “الصحفيين المصريين”.. 82 عاما ما بين الصراع مع السلطة والارتماء في أحضانها!" ، الجزيرة مباشر ، 20/2/2023، https://cutt.us/KHfCj
- "كارم يحيى يكتب: انتخابات الصحفيين المصريين.. ملاحظات على “لجنة” لم تعد اليوم “سرية” بالكامل" ، مودقع درب 18 فبراير، 2023 ، https://cutt.us/rhbMB
- ابراهيم الدراوي ، "انتخابات الصحفيين وأوهام القطيعة مع الدولة" ، القاهرة 2419/فبراير/2023 ، https://www.cairo24.com/1751535
- "كيف حاصر السيسي ثورة الصحفيين.. “حصاد الاستبداد”، الشارع السياسي، 27يونيو 2017، https://politicalstreet.org/14/