تأثير الاخوان المسلمين على مستقبل مصر – قراءة فكرية

الثلاثاء - 14 فبراير 2023

  • الإخوان المسلمون هم الهيكل التنظيمي الأهم كمثال يحتذى به لمسلمي العالم
  • خلال 10 سنوات من التأسيس أصبح للإخوان 3000 شعبة في أنحاء مصر
  • من المتوقع أن يجدد الإخوان المسلمون أنفسهم ويقفون من جديد لقيادة مسلمي العالم

 

ترجمة- إنسان للإعلام:

لجماعة لإخوان المسلمين أهمية كبيرة، حيث أنها تؤثر على العديد من الحركات الإسلامية السياسية في المنطقة. واجهت الدول الإسلامية مشاكل سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، لذلك لا ينبغي أن يساء فهم جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست كمتنفس لهيمنة الغرب على الدول والشعوب الإسلامية، حيث لها تأثير عام في الشرق الأوسط ومصر؛ لأن الإخوان المسلمين هم الهيكل التنظيمي الأهم لهذا القرن كمثال يحتذى به لمسلمي العالم.

 في هذا السياق، أثرت الحركة السياسية للزعيم المؤسس للحركة البنا، على ما يقرب من عشرين دولة، أهمها الأردن واليمن والجزائر والكويت والعراق وسوريا ولبنان والسودان والمغرب والمملكة العربية السعودية وفلسطين.

جماعة الإخوان المسلمين تنظيم اجتماعي وسياسي إسلامي يستخدم أسلوب الإرشاد والدعوة؛ لشرح مبادئ الحياة الإسلامية وتعميم هذه المبادئ في كل لحظة من الحياة، بشرط الابتعاد عن الأنشطة المسلحة. هذه الحركة أسسها حسن البنا باسم "جمعية الإخوان المسلمين"، وفي فترة وجيزة لا تتجاوز عشر سنوات، وصلت إلى مستوى من شأنه أن يؤثر على سياسة مصر كلها.

ساعدت بيئة الاحتلال في مصر والموقف التعاوني للحكومة مع الغرب على زيادة تأثير خطاب البنا على الناس، مما جعله يتحول إلى قوة سياسية ودعوة وإرشاد. كان تمكينه يتناسب طرديا مع وعي الشعب المصري. بدأت صحوة الشعب المصري تقلب كل حسابات القوى الاستعمارية وأنصارها الأصليين. وبحلول الأربعينيات بلغ عدد فروع التنظيم في مصر ثلاثة آلاف، وبلغ عدد المنتسبين إليه مئات الآلاف.

أطروحات البنا

رأى البنا في أطروحاته (رسائله)، وهي من أهم أعماله، أن المشاكل السياسية للمسلمين أثرت على المجتمع بشكل سلبي، فابتعد المجتمع عن ذاته، أي عن الهوية الإسلامية ، وانتشرت كارثة تقليد أوروبا بين الناس، ورأى أن المجتمع يجب إصلاحه بشكل عاجل. ووفقا له ، فإن هذا الإصلاح لن يكون ممكنا إلا إذا لجأ المجتمع إلى القرآن والسنة. وما يقصده بالرجوع إلى القرآن ليس قراءته عند المقابر أو العزاء، على حد قوله، فإن قراءة كلمات القرآن وحفظها ثم إدارة ظهرك لأحكامه تعني أن القرآن لا يُفهم حقًا.

 أصر البنا على أن ما قصده بالعودة إلى القرآن هو أن تعود أحكام القرآن. ووفقًا له، يجب أن يُنظر إلى القرآن على أنه مرشد ومعلم وصديق.

حسن البنا زعيم مسلم قام بأشياء عظيمة في حياته القصيرة التي دامت 43 عامًا. يجب أن يُنظر إلى تأثيره الأكثر أهمية في العالم الإسلامي لمساهمته في فهم الإسلام في العصر الحديث. إن خطاب البنا ، الذي حاول التأثير ليس فقط على الناس ولكن أيضًا على حكام مصر في ذلك الوقت، جعله أكثر قابلية للفهم من خلال تقديم الإسلام لهم بشكل جديد. سهلت هذه اللغة على الطبقات الحاكمة والمثقفين فهم وتبني النموذج الإسلامي. في واقع الأمر، سينضم عشرات المثقفين والبيروقراطيين والسياسيين ورجال الدولة في ذلك الوقت وفي السنوات التالية إلى صفوف الإخوان المسلمين.

في المعترك السياسي

بدأ وجود التنظيم على الساحة السياسية بكلمات حسن البنا في مؤتمر الطلاب عام 1938.. في نهاية حديثه في المؤتمر قال إن القوى الإمبريالية حاولت حصر الإسلام في قوالب ضيقة، ذكر البنا أن المجال السياسي سيُستغل أيضًا في النضال من أجل بناء أسلوب حياة يهيمن عليه الإسلام، في جميع المجالات.

قرر المشاركة مباشرة في انتخابات عام 1941، مما أعطى إشارات على حركة سياسية ذات إيديولوجية دينية. برز الإخوان المسلمون في نهاية الانتخابات، كلاعبين جدد في الحياة السياسية في مصر.

فضل التنظيم، الذي أظهر موقفاً معارضاً قوياً ضمن هذه المؤثرات، البقاء بعيداً عن السياسة بين 1954-1980 بسبب المشاكل مع الحكومة. استمرت الجماعة، التي واصلت أنشطتها السياسية بعد عام 1980، في إلهام شعوب البلدان الأخرى. وكان الحدث الأكثر وضوحا الذي ظهر فيه وجود الجماعة على الساحة السياسية هو انتخاب رئيس من أبنائها.

 كان محمد مرسي مرشحًا لرئاسة الجمهورية عن حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وانتخب رئيسًا بـ 51.73 % صوتًا في انتخابات 2012 نتيجة الإرادة الحرة للشعب. كان وصول مرسي إلى السلطة أملًا في تحسين الحقوق والعدالة في البلاد، لكن مرسي تعرض لردود فعل على أساس أنه لا يستطيع توفير حل مناسب لحاجة الناس إلى الديمقراطية، خاصة أولئك الذين دافعوا عن إدارة مبارك بدأوا في التعبير عن ردود أفعالهم ضد الرئيس الجديد على كل منصة، ونتيجة لفيض من ردود الفعل، تُركت إدارة مرسي في موقف صعب أمام المجتمع الدولي.

ما بعد الانقلاب العسكري

أسفرت التطورات عن انقلاب عسكري، وأطيح بإدارة مرسي، ورغم أن مرسي، الذي لم يقبل الانقلاب، دعا الشعب المصري إلى مقاومة هذا الانقلاب، فقد حكم على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالسجن والإعدام، وحكمت المحكمة على محمد مرسي بالإعدام في 16 مايو / أيار 2015. وفي 17 يونيو 2019، توفي أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، محمد مرسي (67 عاما) في قاعة المحكمة.

و قال محامي مرسي، عبدالمنعم عبدالمقصود، إن الرئيس مرسي انتقد عملية المحاكمة في آخر خطاب له​​، وهو في قفص الاتهام بقاعة المحكمة، حيث قال: "لا أفهم ما يجري في المحكمة حتى الآن. انا لا ارى محام. لا أرى وسائل الإعلام. لا أرى هيئة المحكمة. لن يكون لدى المحامي المعين من قبل المحكمة المعرفة للدفاع عني".

أضاف عبد المقصود أن مرسي قال في آخر كلماته: "بلادي وإن جارت علي عزيزة  وأهلي وإن ضنوا علي كرام".

التأثير على المستقبل

كيف سيكون للإخوان المسلمين، وهم نموذج لمسلمي العالم، تأثير على مستقبل مصر؟

 لقد تحولت الحركة، التي بدأت بحسن البنا، من هيكل جمعية بسيطة إلى حركة سياسية نشطة تدير البلاد. هل القوى الغربية هي التي قادت الانقلاب للإطاحة بالإخوان المسلمين؟ أم عدم قدرة الإخوان على تطبيق خطابها الإسلامي سياسياً؟

محمد مرسي، تصرف مع الغرب خلافا لتوقعات الولايات المتحدة، وحاول تعزيز علاقته بإيران، وسببت زيارته لطهران، كأول رئيس مصري منذ عام 1979، في خيبة أمل في الغرب والمجتمع العربي. . والأهم هو أن عدم تمكن الإخوان من تلبية التوقعات كان بسبب عدم قدرتها على السيطرة على البنية داخلها، بضبط العلاقة بين حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، والأخطاء التي ارتكبت بالمعنى السياسي.

ونتيجة لذلك، ظهر الهيكل الاستبدادي في البلاد بعد أن تولى عبد الفتاح السيسي السلطة، وتمت مواجهة الإخوان المسلمين، أقوى هيكل سياسي مدني في البلاد، لتواجه الجماعة مشكلة وجودية خطيرة.

 من دواعي الفضول التساؤل عن كيف سترسم الحركة الإسلامية الأكثر تجذرًا في العالم الإسلامي طريقها بعد الانقلاب؟. لكن المتوقع أن يجدد الإخوان المسلمون أنفسهم ويقفون من جديد، مستغلين إمكانيات البنا في تأسيسه الأول، ويوجهون مصر أولاً ثم جميع مسلمي العالم.

*****

المصدر: موقع مدرسة الفكر العلمي (IDM)- تركيا

تاريخ النشر: 03.02.2023

رابط الموضوع الأصلي باللغة التركية