تقارير دولية: مصر تواصل التراجع في مجال الحريات الإعلامية
الأربعاء - 17 يوليو 2024
- سياسيون تورطوا في حملات تضليل واسعة النطاق بشكل منتظم لصالح الحكومة
- الإعلام ينقل صورة غير حقيقية عن الحريات ويدافع عن القوانين سيئة السمعة
- تجاهل تام للتقارير الحقوقية الدولية الفاضحة لانتهاكات الحريات العامة والصحفية
- "مراسلون بلا حدود": مصر في المرتبة 166 لحرية الصحافة في عام 2023
- تراجع مستمر بالمؤشرات الدولية للحريات الصحفية في مصر منذ عام 2014
- استغلال ما يعرف "بالحوار الوطني" للترويج للنظام رغم تصاعد الانتهاكات!!
إنسان للإعلام- خاص:
واصلت مصر التراجع في مؤشر الحرية العالمي لعام 2024، الذي تصدره منظمة "بيت الحرية" (Freedom House) سنويا، كما توالت التقارير الحقوقية التي تؤكد تراجع الحريات العامة والصحفية.
تقرير "بيت الحرية" السنوي (حرية العالم)، الذي صدر مؤخرا، صنف مصر ضمن الدول العربية الأقل حرية إلى جانب الإمارات واليمن والسودان والسعودية، بحصولها على 18 درجة فقط من أصل 100 درجة، فيما احتلت سوريا المركز الأول بدرجة واحدة، بما يعني انعدام الحرية.
جاء في التقرير أنه "تكاد لا توجد معارضة سياسية ذات معنى بمصر، حيث أن التعبير عن المعارضة يمكن أن يؤدي إلى الملاحقة الجنائية والسجن. وتخضع الحريات المدنية، بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التجمع، لقيود صارمة، حيث ترتكب قوات الأمن انتهاكات لحقوق الإنسان دون عقاب
أكد التقرير أن عسكرة الدولة المصرية مستمر، وانه في عهد السيسي، أصبحت السلطة العسكرية جزءا لا يتجزأ من العديد من جوانب الاقتصاد المصري، مع مواصلة قوات الأمن استخدام القوة غير المشروعة وإفلاتها من العقاب.
كما أكد أن الظروف بالسجون سيئة للغاية، ويتعرض النزلاء للإيذاء الجسدي والاكتظاظ والظروف غير الصحية والحرمان من الرعاية الطبية. ونظام السجون مليء بالابتزاز والرشوة والفساد، بما في ذلك التهريب المربح للمخدرات والهواتف المحمولة من قبل المشرفين ذوي الحصانة.(1)
الصحافة أول المتضررين
وعلى صعيد حرية الصحافة والرأي والتعبير، أكد تقرير "بيت الحرية" (Freedom House) لعام 2024، أن الإجراءات المتخذة من جانب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تقيّد الحرية في إصدار الصحف، خاصة ما تجلى فى لائحة الجزاءات التى وضعها المجلس، وتضمنت تعبيرات فضفاضة تتيح إمكانية سحب التراخيص ومنع البث والحجب للمؤسسات الإعلامية والمواقع الإلكترونية، وتدابير تفرض نوعًا من الرقابة غير الصحية على ما يُتداول، واتخاذ إجراءات عملية فى تفعيل ذلك من خلال حجب بعض الصحف والمواقع الإلكترونية.
كما انتقدت التقارير الدولية والاقليمية عدم إصدار قانون حرية تداول المعلومات. وبالرغم من توافر مشروعين للقانون فلم يُنظر أي منهما من جانب مجلس الوزراء، كما لم يُطرح أى مشروع آخر على البرلمان حتى الآن، مما يشكل فجوة كبيرة في توفير مقومات حرية الرأي والتعبير.
ترتيب متراجع لمصر
وفي المؤشرات الدولية لحرية الصحافة، تراجع تصنيف مصر منذ 2014 وحتى الآن، حيث قبعت في مراكز متاخرة، وكان ترتيبها في عام 2023 بالمرتبة 166 من أصل 180 دولة، وفق تقرير لمراسلون بلا حدود.
واستند التقرير إلى “مسح كمي للانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين” من جهة، و”دراسة نوعية” من جهة أخرى ترتكز على “إجابات مئات الخبراء في حرية الصحافة (صحافيون وأكاديميون ومدافعون عن حقوق الإنسان) على مئة سؤال.
وأكد التقرير أن لاعبين سياسيين تورطوا في حملات تضليل أو حملات دعائية واسعة النطاق بمصر، بشكل منتظم أو منهجي، لصالح الحكومة ورؤيتها للأحداث، دون السماح للمعارضين بالتعبير عن مواقفهم خاصة من سياسات الدولة.(2)
كما أكد تقرير مؤشر حرية الصحافة لعام 2022، الذي أصدرته منظمة "مراسلون بلا حدود"، أن الصحافة بمصر أصبحت حبيسة الرؤية الرسمية، وأنها غارقة في المصادرة والمنع، وأن المخاطر تحاصر الصحفيين وعملهم، لأسباب توزعت ما بين قيود وممارسات تشريعية، وتضييق على العمل الصحفي، والأهم القتل والتغييب القسري لكثير من الصحفيين.(3)
صورة مخالفة للواقع
وبالرغم من التردي الواضح في أوضاع الحريات الصحفية، تجاهل الإعلام المصري، بمختلف وسائله، هذا الوضع المُزري، وحاول نقل صورة مخالفة للواقع، بهدف تجميل وجه النظام القبيح، إذ أكدت المعالجات الصحفية أن مصر تنعم بحريات عامة وصحفية، وأن هناك محاولات من "قوى الشر" للنيل من مصر، وتشويه سمعتها ومن أمثلة تلك المعالجات مايلي:
- "ميرى": منظمات تطلق شائعات مغرضة حول الحريات بمصر رغم الطفرة في هذا المجال".(4)
- "الكاتب عبدالقادر شهيب: الإخوان شنوا حربا على الصحافة المصرية وحاولوا تشويهها".(5)
- "إنشاء مراكز إصلاح وتأهيل بمعايير دولية تتفق مع قيم حقوق الإنسان.. الاهتمام بذوى الهمم والإرشاد النفسى وتقويم السلوك والتوسع فى أماكن التريض".(6)
- "رئيس الوزراء أمام مجلس النواب بشأن إعلان حالة الطوارئ: نلتزم بعدم استخدام التدابير الاستثنائية إلا لضمان التوازن بين الحريات العامة الأمن القومى.. ونجاح مصر فى البقاء ومقاومة عوامل التدهور سببه صلابة الشعب".(7)
- "«الداخلية»: تعديلات قانون الجنسية لا تُهدد الحريات العامة للمواطنين.(8)
- "الحوار الوطني.. السيد جمعة: قانون حرية تداول المعلومات يقضى على فوضى الشائعات ومصر تحرص على الحريات العامة".(9)
- "مصر بلد الديمقراطية مقارنة بدول أوروبا وأمريكا وأروبا لم تصلا إلى المستوى المصري في الحريات العامة".(10)
- "الحريات في أحسن احوالها وهجوم بعض المنظمات عى مصر مغرض".(11)
- "مصر تشهد حالة من الفوضى الصحافية بسبب الإفراط في جرعة الحريات.. والإعلام في حاجة لقوانين تنظم فوضاه"!.(12)
خلاصات:
نستقرئ من النماذج السابقة مجموعة من الحقائق، منها:
- أن الصورة التي حاول الإعلام المصري نقلها عن الحريات العامة والصحفية في واد وواقع هذا الملف في واد آخر، والهدف الواضح من ذلك هو تحسين وجه النظام.
- استخدم الإعلام شماعة ما وصفهم "بأهل الشر"، مؤكدا أن هؤلاء هم من يسعون لتشويه سمعة مصر في المجال الحقوقي والحريات العامة والصحفية، وهو المنهج نفسه الذي يتبعه المستوى السياسي في مصر سواء في الرئاسة أو الحكومة.
- تعامت معظم المعالجات الإعلامية عن التقارير الحقوقية الفاضحة لانتهاكات الحريات العامة والصحفية، التي توالت على مدار العقد الماضي، وفرضت تعتيما عليها .
- دافع إعلاميو النظام عن القوانين سيئة السمعة، التي قيدت الحريات العامة والصحفية، مثل القانون الدائم للطوارئ، وقانون الإرهاب والكيانات الإرهابية، وقانون الجريمة الإلكترونية .
- استغل الإعلام المصري ما يعرف بـ"الحوار الوطني" للترويج لسعي النظام دوما لتحسين أوضاع الحريات بمصر، وان كل القضايا مطروحة من خلال مائدة هذا الحوار، على عكس الواقع تماما.
- هناك خطاب إعلامي رسمي مستمر يتحدث عن "طفرة في الحريات الصحفية"، في حين يتجاهل الإعلام سياسات الحجب للمواقع الإلكترونية، وإغلاق الصحف وفصل الصحفيين المعارضين، وملاحقاتهم قضائيا وأمنيا.
______________
المصادر:
- "مصر بذيل قائمة الدول الأقل حرية لعام 2024.. دول عربية بنفس التصنيف"، عربي21، 3مارس 2024 ، https://n9.cl/j85k6
- "مؤشر “مراسلون بلا حدود” لحرية الصحافة في 2023: الشرق الأوسط والمغرب العربي الأخطر على الصحفيين.. ومصر في المركز 166" ، موقع درب، 3 مايو، 2023، https://n9.cl/vxzv7
- "ما هو ترتيب الدول العربية في مؤشر حرية الصحافة العالمية 2022؟" ، يورونيوز ، 3 مايو 2022 ، https://n9.cl/7612uk
- ""ميرى": منظمات تطلق شائعات مغرضة حول الحريات بمصر رغم الطفرة في هذا المجال "، الدستور ، 4مايو 2019 ، https://www.dostor.org/2618380
- "الكاتب عبدالقادر شهيب: الإخوان شنوا حربا على الصحافة المصرية وحاولوا تشويهها " ، الدستور ، 30 ديسمبر 2023 ، https://www.dostor.org/4593603
- "إنشاء مراكز إصلاح وتأهيل بمعايير دولية تتفق مع قيم حقوق الإنسان.. الاهتمام بذوى الهمم والإرشاد النفسى وتقويم السلوك والتوسع فى أماكن التريض" ، اليوم السابع ، 12 مايو 2023، https://n9.cl/9ld29o
- "رئيس الوزراء أمام مجلس النواب بشأن إعلان حالة الطوارئ: نلتزم بعدم استخدام التدابير الاستثنائية إلا لضمان التوازن بين الحريات العامة الأمن القومى.. ونجاح مصر فى البقاء ومقاومة عوامل التدهور سببه صلابة الشعب" ، اليوم السابع، 01 نوفمبر 2020 ، https://n9.cl/gjnyy
- "«الداخلية»: تعديلات قانون الجنسية لا تُهدد الحريات العامة للمواطنين" ،الوطن ، السبت 23 سبتمبر 2017، https://n9.cl/mycl3
- "الحوار الوطني.. السيد جمعة: قانون حرية تداول المعلومات يقضى على فوضى الشائعات ومصر تحرص على الحريات العامة " ، الاهرام ، 11يونيو 2023 ، https://n9.cl/cg1l04
- " أحمد موسى : مصر بلد «الديمقراطية» مقارنة بدول أوروبا" ، صدى البلد، 2ديسمبر 2015 ، https://www.elbalad.news/1838088
- "نشأت الديهي عن حقوق الإنسان في مصر: «إحنا مش على راسنا بطحة» والحريات في احسن احوالها" ، موقع تحيا مصر ، 18 يوليو 2022، https://www.tahiamasr.com/711658
- "بكري :الصحافة في مصر فوضى" ، مصراوي ، 06 يوليه 2015، https://n9.cl/tg6g8