تركيا بعد الانتخابات: الإعلام الغربي والعربي "يتجرّع" تقدُّم أردوغان و"يجلد" المعارضة
الثلاثاء - 16 مايو 2023
- بعدما وصفت صحف الغرب أردوغان بأنه "دكتاتور يجب إسقاطه" عادت لتقول "هو أجدر بالفوز"!
- التقارب التركي العربي حوّل الإعلام من الكذب إلى محاولة الظهور بشكل محايد لكنه لم يخف انحيازه
- خبراء: تركيا أردوغان صنعت قرارها الخاص وكسرت وصاية الغرب فكانت التغطية الإعلامية فجّة
إنسان للدراسات الإعلامية- خاص:
"بلعوا الزلط للمرة الثانية" .. هكذا لخص خبير إعلامي مصري تناول الصحافة الغربية والعربية والمصرية لنتائج الانتخابات التركية، بعدما روجوا قبلها لهزيمة الرئيس أردوغان وتمنوا سقوطه، ثم فوجئوا ليس فقط بفوزه وخوضه جولة ثانية متوقع أن يفوز فيها، ولكن بسيطرة تحالفه الحزبي على البرلمان بـ 326 مقعدا من 600 مقابل 214 فقط لتحالف المعارضة السداسية.
شكّل هذا الفوز لأردوغان (رغم عدم تحقيقه نسبة 50%+1 من الجولة الأولي) صدمة للإعلام الغربي والعربي، فاضطرت وسائل إعلام عديدة لتغيير لهجتها العدائية الفجة تجاه أردوغان وبدأت تتحدث عن أزمة المعارضة ومستقبل تركيا.
فالاعلام الغربي، الذي بدأ الانتخابات بحملة عداء فجة ضد أردوغان تصفه بأنه ديكتاتور وتطالب بإسقاطه، تراجع نسبيا بعدما ظهر هذا "الديكتاتور" واقفا في صف التصويت ثم راضيا بنتائج صناديق الانتخابات التي لم تصعد به للسلطة من الجولة الأولي، وأحرجهم موقفه الديمقراطي، بعدما أشاعوا أنه لن يقبل بترك مقعد السلطة بسهولة فعادوا ليغيروا تعاملهم معه ويقولون: "أردوغان له الأفضلية في الفوز"، و"المعارضة في صدمة ومأزق"!!.
وفي حين سلّم الإعلام الغربي بالنتيجة وتوقع فوز أردوغان في الجولة التالية، وأبدى تحسرا على "تركيا العلمانية" التي أصبح الإسلام هو الموجه الرئيس لسلوك الناخبين فيها وابتعدت عن القيم الأوروبية، تباين موقف الإعلام العربي تماما في تغطيته لنتائج انتخابات 2023 مع موقفه العدائي الفج الذي ظهر حين وقع الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا ضد أردوغان صيف العام 2016، ونتيجة التقارب التركي مع الأنظمة الحاكمة، تحولت صحف السلطة في مصر والامارات والسعودية من الكلام عن "هروب أردوغان" المزعوم إبان الانقلاب إلى حالة من الموازنة بين أمنياتها في سقوط أردوغان وبين التعامل مع الأمر الواقع وهو بقاؤه في السلطة وسيطرة حزبه وتحالفه الانتخابي على البرلمان.
الإعلام الغربي يغير لهجته
قبل الانتخابات، كانت وسائل إعلامية غربية كبرى تبنت موقفاً معادياً من أردوغان وحزب العدالة والتنمية بشكل فج، لا يتفق مع الموضوعية المفترضة في العمل الإعلامي.
ورفعت صحف بريطانية وألمانية وفرنسية شعار "إسقاط أردوغان" دون مراعاة لأبسط قواعد العمل الإعلامي، في انعكاس واضح لأمنية الغرب في التخلص من الرئيس التركي وحزبه الحاكم لدعمهما عودة تركيا لتراثها الإسلامي، حيث نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية-على سبيل المثال- يوم 4 مايو الحالي عنواناً رئيسياً على صحفتها الأولى يقول: "ليسقط أردوغان من أجل تحقيق الحرية والخلاص من الخوف".
وكتبت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تهاجم أردوغان وتقول، 8 مايو 2023: "إذا هُزم أردوغان، يجب على الغرب مساعدة حكام تركيا (العلمانيين) على النجاح".
ونشرت مجلة "دير شبيغل الألمانية" على غلاف صفحتها الأولى، صورة للرئيس أردوغان جالساً على كرسي هلاله مكسور.
وكتبت بالخط العريض: "أردوغان، الفوضى أم الانقسام في حال خسارته للرئاسيات؟"، في إشارة كاذبة لرفض الاسلاميين ترك السلطة لو خسروا!
لكن بعدما شنت تلك الصحف هجوما شرسا فجا على أردوغان وابتعدت عن المهنية تماما، وهي تدعو لإسقاط أردوغان "لأنه يعادي المصالح الغربية"، اضطرت تحت وطأة الصدمة من فوز أردوغان وتحالفه الحزبي لتغيير لهجتها والاعتراف أن فرصته للاستمرار في الرئاسة هي الأفضل.
مجلة "الإيكونوميست" إحدى المجلات التي هاجمت اردوغان بعنف تراجعت وتحدثت عن "مفاجأة الرجل القوي"، وكيف أن أردوغان "أربك التنبؤات في الانتخابات التركية".(تويتر)
الإيكونوميست، التي طالبت بإسقاط أردوغان، عادت لتقول بعد انتصاره في تحليل لها، عنوانه "رجب طيب أردوغان يُربك الحسابات"، إن نتائج الانتخابات التركية أحدثت صدمة اجتاحت مراكز صنع القرار في العواصم الغربية.
قالت: إن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية "حملت في مآلها أسوأ نتيجة تصورتها قوى المعارضة في البلاد".
ألمحت لانتظار الغرب فوز المعارضة بأغلبية البرلمان، بما يسمح للأحزاب المدعومة من الغرب بتغيير الدستور التركي، وفوز كليجدار أوغلو بالرئاسة، ودعموا ذلك باستطلاعات رأي تزعم أن أردوغان وتحالفه يتأخر بينما كليجدار أوغلو وتحالفه يتصدر السباق، لكن جاءت النتائج "بمثابة الصدمة المربكة التي أفسدت مخططات الغرب وأمنياته".
أما "واشنطن بوست" فاعترفت بأن أردوغان بني صناعات عدة في تركيا تهم أوروبا مثل السيارات والأثاث والأسمنت والغذاء والأحذية وأجهزة التليفزيون وغيرها حتى أن تركيا يمكن أن يطلق عليها "الصين الأوروبية"، وفق قولها.
ولكنها تحدثت عن كيفية دعم المعارضة، التي ستستولي على هذه الإنجازات وتنسبها لنفسها، ما يشير لحقدهم على أردوغان وفساد اتهاماتهم له.
ماذا قالت صحف ألمانيا؟
كما قلنا، فوز أردوغان وحزبه، على عكس توقعات الغرب وأنظمة الثورة المضادة، سبب لهم صدمة أربكتهم وأفسدت مخططاتهم وأضاعت أمانيهم، بعدما كانوا ينتظرون فوز زعيم المعارضة وأحزابها بأغلبية البرلمان.
واليوم، نشر موقع "المركز السوري للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية" (سيرز) ملخصا لردود فعل بعض الصحف الألمانية حول الانتخابات التركية، وجاء فيه أن بعض الصحف الشعبية الصادرة، اليوم الثلاثاء 16 أيار /مايو اتفقت على أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت يوم الأحد تتسم بالنزاهة، لكن هذه الصحف لم تخف خيبة أملها من تحقيق كمال كلينجدار نسبا كبيرة للفوز على الرئيس رجب الطيب اردوغان.
فصحيفة "ميتيل دويتشيه تسايتونغ" التي تغطي وسط المانيا و تصدر بمدينة "هالِّ" توقعت فوز أردوغان بالجولة الثانية من الانتخابات، لكنها ذهبت إلى أن "أردوغان يتسم بالديكتاتورية وعندما يتم انتخابه بالجولة الثانية فسيمارس انتقاما من معارضيه"، متوقعة "وقوع حرب أهلية في تركيا، وعلى ألمانيا ضبط نفسها لتدفق المزيد من الأتراك كلاجئين عليها"!.
وأعربت صحيفة "نورد فيست تسايتونغ"، التي تغطي منطقة شمال غرب ألمانيا وتصدر بمدينة "أولدينبورج" الساحلية، عن دهشتها حول ردود فعل الاوروبيين حول الانتخابات الرئاسية التركية التي لم يفز فيها أحد من المرشحين الرئيسيين، ورأت أن "الجولة الأولى من الانتخابات أثبتت أن الاتراك لا ينتمون إلى أوروبا"، موضحة أن "جل المنتخبين انقسموا إلى عاملي الدين والقومية فقط ولم يصدر عن المرشحين الرئيسيين تصريحات تؤكد حرصهم على الانتماء الاوروبي وطموحاتهم بإدخال تركيا عضوية الاتحاد الأوروبي، ولذلك فعلى الاتحاد الاوروبي عدم الاهتمام بتركيا".
وأبدت صحيفة "زود فيست"، التي تصدر بمدينة أولم، إحدى مدن ولاية بايرن، مخاوفها من "ابتعاد تركيا عن أوروبا أكثر من ذي قبل؛ نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أثبتت عدم انتماء الأتراك الى أوروبا، فالعامل الديني والقومي كان طاغيا على الانتخابات"، وقالت: "بالرغم من أن العامل الديني كان أكثر قوة من العامل القومي إلا أن الانتماء إلى أوروبا كان مختفيا"، مؤكدة يقين أردوغان بالفوز بالجولة الثانية في الانتخابات، وأن حلف الناتو يتحمل مسؤولية ابتعاد انقرة عن أوروبا وبقاء أردوغان على رأس السلطة لمدد طويلة.
إلا أن صحيفة "فرانكفورتر الجماينه تسايتونغ"، التي تعتبر مستقلة بعض الشيء، رأت أن نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات التي لم يفز بها أحد من المرشحين الرئيسيين فاجأت الغرب.
وقالت: "لقد تسبب أردوغان ببعض الأضرار في بلاده مؤخرًا..ومن الواضح أن هذا لا يكفي لجعل العديد من الناخبين لا ينسون ما بذله أردوغان من إنجازات في بلاده، فهو ساهم الى حد كبير بالتحديث الاقتصادي في تركيا حتى أصبح يضاهي الاقتصادين الأوروبي والدولي".
أضافت الصحيفة أن "دور أردوغان- في نظر الأتراك الواعين- على الصعيد الوطني، ومقاومته الاستفزازية غالبًا للغرب، والتي تزعج شركائه في الناتو على وجه الخصوص، هو ما يميزه عن غيره من المرشحين للرئاسة التركية، ولا سيما غريمه كيليتشدار أوغلو الذي سيصعب عليه تحقيق ما حققه اردوغان".
وكيف كان رد فعل صحف فرنسا؟
أما "لوبوان" الفرنسية، التي شبهت أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل الانتخابات، فقالت إن الرئيس التركي سيخوض جولة ثانية مواتية لفوزه بفترة رئاسية جديدة.
وأشارت إلى أن أردوغان تصدر نتائج الجولة الأولى بشكل واضح وعليه خوض الدور الثاني ضد أبرز مرشحي المعارضة كليتشدار أوغلو في 28 أيار/ مايو الجاري.
واعتبرت "لوبوان" أن الرئيس أردوغان حصل على نتائج إيجابية للغاية خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في تركيا.
في المقابل، قالت المجلة الفرنسية إن الخصم الرئيسي لأردوغان لم يكن بوسعه أن يحصد أكثر من 45 بالمئة من أصوات الناخبين.
واستدركت بالقول: "لكن تقدم رجب طيب أردوغان بأكثر من مليوني صوت على منافسه المباشر يبدو كافياً لحسم الدور الثاني لصالحه دون عناء كبير".
أما مجلة "ليكسبرس" الفرنسية التي خصصت ملفا كاملا للانتخابات التركية ومستقبل أردوغان السياسي على المستوى الداخلي والدولي وشبهت أردوغان ببوتين وكليتشدار أوغلو ببايدن، فقالت إن "موجة المد المناهضة لأردوغان لم تحدث".
وأشارت إلى أن التضخم بنسبة 44٪، والعملة التي انخفضت قيمتها بمقدار النصف خلال عامين، والإدارة الكارثية لزلزال 6 شباط/ فبراير الماضي كلها أمور لم تكن كافية لإزاحة أردوغان.
وزعمت أن "موجة المد المناهضة لأردوغان المتوقعة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لم تحدث، حيث تحصل الرئيس التركي على 49٪ من الأصوات، ما يجعله في وضع جيد للجولة الثانية، خلال أسبوعين".
وأضافت: "هذا على الرغم من أن استطلاعات الرأي كانت لصالح منافسه كمال كليتشدار أوغلو، لكن قاعدة أردوغان الانتخابية صلبة".
ومعروف أن أكثر الصحف الشعبية الألمانية والاوروبية تتبع مجموعة "أكسيل شبرينجر" الإعلامية، بوق الصهيونية في المانيا وأوروبا.
سر عداء الإعلام الغربي
وفسر الدكتور إبراهيم غانم الأستاذ بالمعهد القومي للبحوث، سر العداء الإعلامي الغربي، لأردوغان وتمني سقوطه، بأربعة أسباب هي:
- لأنه بنى قوة عسكرية محلية تكاد تخرج عن سيطرة الناتو.
- لأنه فكك نمط التنمية المركزية وأحل محله نمطا لا مركزيا يصعب استتباعه للاقتصاد الأجنبي.
- لأنه وقف موقفاً محايداً في حرب روسيا وأوكرانيا، ولم يكن جزءا من موقف حلف الناتو.
- لأنه لم يتردد في تغيير محافظ البنك المركزي التركي كلما وجد أنه لا يلتزم بالسياسة العامة للدولة مما جعل هذا المنصب تابعا للقرار الداخلي أكثر من تبعيته لقرارات المؤسسات المالية الدولية التي تهيمن عليها المراكز الغربية.
لهذا تحوّل الإعلام العربي
في عام 2016، حين وقع الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، روج إعلام الأنظمة العربية الانقلابية -كذبا- لهروب أردوغان ولجوئه إلى ألمانيا، وخروج الشعب لتحية المنقلبين، قبل أن يتعرض هذا الإعلام الذي تديره أجهزة المخابرات، لصفعة كبيرة حين أفشل الشعب الانقلاب ونزل للشارع واعتقل، مع الشرطة، العسكريين الذين قاموا به.
لم يتعلم بعض إعلام الثورة المضادة، وخصوصا إعلام الإمارات والسعودية، من درس 2016، وعاد في انتخابات الرئاسة والبرلمان التركية، 14 مايو 2023، ليكرر نفس الأخطاء والموقف العدائي لأردوغان، لكنه هذه المرة اختلف من دولة لأخري في درجة عدائه لأردوغان خشية تكرار الخيبة وهو ما حدث بفوز أردوغان رغم تأجيل الحسم الي 28 مايو.
القنوات التابعة للإمارات والسعودية خصوصا بثت أخبارا منحازة مؤيدة للمعارضة، ومعادية لأردوغان وحزب العدالة، بينما تغير تناول إعلام المخابرات المصري للانتخابات إلى هدوء نسبي بسبب التقارب الأخير بين البلدين.
لذلك قال الصحفي جمال سلطان إنه لم يكن ينقص القنوات التليفزيونية العربية، خاصة من الإمارات والسعودية، في تغطيتها للانتخابات التركية ورسائل مراسليها، وترويجهم لخطاب المعارضة ضد أروغان، سوي أن يضعوا شارة على صدورهم في لجان التصويت تقول: "لا تنسوا مرشحنا كمال كليشدار اوغلو !!"
فقد استمرت قناة سكاي نيوز عربية الممولة إماراتيا في التهجم على اردوغان وبث أكاذيب حول خسارته وانتصار بث المعارضة. (تويتر).
وزعمت سكاي نيوز، نقلا عن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو زعمه أنه "وفق الأرقام التي لدينا فإن كيليجدار أوغلو هو رئيس تركيا المقبل".(تويتر)
ومثلما خرجت هذه القناة بفضيحة كبري في انقلاب 2016 حين زعمت كذبا أن أردوغان هرب والانقلاب نجح، عادت لتكرر فضائحها في انتخابات 2023 حين ادعت كذبا أنه صفع طفلا على وجهه وهو يدلي بصوته، لتشوية صورته، بينما الحقيقة أن الرئيس أردوغان كان يداعب حفيده وليس أي طفل، لكن القناة التي فقدت مصداقيتها قالت: "أردوغان يصفع طفلا في مقر تصويته في الانتخابات"، قبل أن تحذفها عقب الهجوم على أكاذيبها!!(تويتر)
وكان للذباب الإلكتروني الإماراتي، دور في دعم المعارضة التركية في الانتخابات عبر بث أكاذيب، مثل حساب "الأحداث الأمريكية" الذي دافع عن كمال أوغلو وأبرز تصريحاته عن "التغيير"، فيما وصف أردوغان بأنه "ديكتاتور".(تويتر)
وحين قال أردوغان إنه يتبع كلام الله الوارد في القرآن، شوه هذا الحساب الإماراتي ما قاله، زاعما أن أردوغان قال "اتلقى تعليماتي من الله"، ما دفع نشطاء للرد على الحساب قائلين: "لا تحملكم العداوة على الكذب"!.
أيضا شوهت قناة "العربية" الحملة الختامية لأردوغان في الانتخابات، وبدلا من الاشارة إلي أنه اختتم حملته الانتخابية بأداء صلاة المغرب في جامع آيا صوفيا، وتلاوته مطلع سورة البقرة، زعمت كذبا أنه اختتم حملته بـ "الغناء"!. (تويتر)
وكانت تغطية مراسلة قناة "العربية" السعودية للانتخابات فاضحة، حيث ذهبت إلي أحد اللجان المعروفة بأنه معقل للمعارضة وظلت تروج أن الناخبين الأتراك يختارون بكثافة مرشح المعارضة كمال أوغلو. (تويتر)
وحين بدأت تظهر النتائج ويبدو فوز أردوغان واضحا ظهرت نفس المراسلة وكأنها عضو في المعارضة حزينة وتتحدث عن النتائج المخيبة للآمال من جانب المعارضة.(تويتر)
وقال أكاديمي سعودي إن قناة "العربية" تعمدت اختيار تصوير بطاقات اقتراع تظهر فيها عبارة "EVET" (نعم)، لمرشح المعارضة، كمال كليجدار أوغلو، كنوع من الدعاية له.(تويتر)
وأغضبت تغطية القناة السعودية المغردين الأتراك المؤيدين لأردوغان فانتقدوا القنوات العربية التي تتبني نهج القنوات الغربية في الهجوم على أردوغان.(تويتر)
وسعت صحف ممولة من السعودية في الخارج، مثل صحيفة "العرب" في بريطانيا لتشوية صورة أردوغان بالادعاء أنه "يستدعي المشاعر الدينية عشية الانتخابات لإنقاذ موقفه في ظل "تزايد مؤشرات الغضب الشعبي ضد سياساته"!. وزعمت أنه "أخفق" و"لم ينتصر منافسه"، وأظهرت انحيازا فجا يعادي التيار الإسلامي في صورة أردوغان.(تويتر)
الإعلام المصري أقرب للحياد
كان لافتا قصر إعلام السلطة في مصر في تناوله لانتخابات تركيا علي بث أخبار الوكالات دون التدخل لصالح المعارضة بفجاجة كما فعل إعلام الإمارات والسعودية، وذلك على عكس الوضع حين رقص الإعلام ذاته بعد انقلاب تركيا الفاشل عام 2016 والذي وصفه المذيع أحمد موسي بأنه "ثورة للجيش"!!
هذا الهدوء النسبي في تعامل إعلام مصر مع انتخابات تركيا كان متوقعا في ظل حالة التحسن النسبي في العلاقات ولقاء السيسي مع أردوغان في قطر علي هامش كأس العالم نوفمبر 2022، وزيارة وزيري خارجية البلدين لبعضها والترتيبات الجارية لتبادل السفراء.
وهو ما أكده الباحث الفلسطيني، محمود سمير الرنتيسي، المحاضر في قسم العلوم السياسية بجامعة "إسطنبول ميديبول"، الذي أرجع ذلك إلى المصالحات التي بدأتها تركيا منذ عامين مع عدة دول عربية، ما أدى إلى تقليل التوتر وتوقع استمرار صفحة جديدة إيجابية من العلاقات، وفق مقاله في "العربي الجديد"، 14 مايو 2023.
وأيضا بسبب صعوبة التنبؤ بنتيجة هذه الانتخابات ومن ثم اختيار إعلام مصر ودول أخري معادية لتركيا الترقب وانتظار النتيجة وعدم المخاطرة بأي موقف مسبق قد يكون له أثره السلبي.
وحاولت قناة "القاهرة الإخبارية" التابعة للمخابرات المصرية الظهور بموقف حيادي، ونشر ت تصريحات الطرفين، لكنها اهتمت بتشكيك المعارضة في النتائج، وحرصهم على تأكيد أنهم هم من فازوا لا أردوغان.(تويتر)
مع هذا استمرت صحف مصرية، مدعومة إماراتيا، مثل "البوابة نيوز"، 14 مايو 2023، في بث أخبار ضد أردوغان، وإدعاء "تزوير الانتخابات لصالح أردوغان".
وحرصت "البوابة نيوز" على نشر ما تروجه صحف المعارضة التركية بشأن وجود انتهاكات في الانتخابات ومزاعم العثور على أكياس بها أوراق اقتراع لا تحمل أي أختام من هيئة الانتخابات.
والمفارقة أن هذا الخبر نشرته أيضا صحف تركية لكنها كشفت أنها أوراق تم ضبطها في سيارة عضو بحزب الشعب العلماني المعارض مجهزة للتزوير لصالح كمال أوغلو لا أردوغان!
وأبدت صحيفة "المصري اليوم"، التي تشرف المخابرات علي خطها التحريري، ترحيبها الضمني بتوقع هزيمة أردوغان، لأنه داعم لرئيس وزراء ليبيا "الدبيبة" الذي لا تعترف به مصر.
نقلت عن البرلماني الليبي عادل الخطاب قوله، 15 مايو 2023 ، أن "هزيمة أردوغان قد تشكل تحديًا للدبيبة وأنصاره".
وزعمت أن "عناصر الإخوان وحلف حكومة الوحدة الوطنية منتهية الصلاحية يتخوفون من خسارة رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية".