أيقظوها بعد "طوفان الأقصى".. ترويج إعلامي واسع لخطة تهجير أهل غزة

الثلاثاء - 17 أكتوبر 2023

  • بايدن: نحن نتحدث مع المصريين لإخراج الأطفال والنساء من تلك المنطقة
  • مسئول صهيوني سابق: توجد مساحات لا نهاية لها في سيناء لتوطين أهالي غزة
  • "مدى مصر": هناك ميل داخل دوائر صناعة القرار السياسي في مصر إلى الموافقة
  • "و.س. جورنال": دول الخليج ستمول استضافة اللاجئين.. ووفود لإقناع القاهرة

 

إنسان للإعلام- وحدة الرصد:

يتداول الإعلام العربي والعالمي، على مدى الأيام العشرة الماضية، بشكل موسع، خطة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، التي تم إخراجها عاجلا من أدراج الصهاينة والأمريكان وعرب التطبيع، بعد أن نامت فترة، فتيقظوا لها بعد "طوفان الأقصى"، الذي أذهل الجميع.

الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، تلقى سؤالا خلال الأيام الماضية بشأن وجود أكثر من مليوني شخص في غزة تحت الحصار، نصفهم من الأطفال، فقال: "نحن نتحدث مع المصريين لإخراج الأطفال والنساء من تلك المنطقة... ولكن الأمر صعب،". (روسيا اليوم )

وأثار نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، داني أيالون، الجدل في مصر بعدما قال في تصريحات لقناة الجزيرة الإنجليزية مؤخرا: "توجد مساحات لا نهاية لها تقريبا في صحراء سيناء على الجانب الآخر من غزة ويمكنهم (الفلسطينيون) أن يتركوا (قطاع غزة) إلى تلك المساحات المفتوحة حيث سنعد نحن والمجتمع الدولي للبنية الأساسية ومدن الخيام وسنمدهم بالماء والغذاء".

كذلك تحدث كثير من الباحثين اليهود عن هذا الأمر مع قنوات تليفزيونة "لماذا لا تقبل مصر تهجير أهل غزة اليها؟(مردخاي كيدر على الجزيرة (فيديو)

ونشر المذيع أسامة جاويش فيديو على حسابه في الفيس بوك تحت عنون "تقرير خطيـ ـر للإيكونوميست يتحدث عن نية السيسي لاستقبال الفلسطينيين في سيناء!"

مصر أقرب للموافقة!

وتحدث موقع مدى مصر حول هذا الموضوع تحت عنوان (مصر تميل لقبول مشروط لأي نزوح فلسطيني تفرضه إسرائيل).. وفي التفاصيل قال الموقع: "أشارت تسعة من المصادر إلى أن مختلف الأطراف الدولية ناقشت مع مصر حوافز مختلفة لها مقابل قبول أي حركة نزوح فلسطيني تتوقعها مختلف الأطراف باتجاه سيناء. وبحسب ستة منهم، هناك ميل داخل دوائر صناعة القرار السياسي في مصر إلى الموافقة.

تحاول إسرائيل نقل هذه الضغوط إلى مصر، فقد طالب الجنرال الإسرائيلي، أمير أفيفي، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتحدث إلى السيسي من أجل فتح الحدود والسماح للمدنيين الفلسطينيين بدخول سيناء، وذلك في مقابلة على تليفزيون «بي بي سي» أمس.

وهرولت مختلف الأطراف للتعامل مع المعطى الذي فرضته إسرائيل أمرًا واقعًا لا يمكن لأي منهم زحزحته، فتحاول أمريكا والاتحاد الأوروبي الضغط على مصر من أجل قبوله، وتساهم دول عربية مختلفة فيه، بحسب أربعة من المصادر الحكومية والأمنية.

ولا تزال التفاصيل خاضعة لمفاوضات شاقة لم تنته حتى الآن، لأ مقاومة مصر لهذه الضغوط يرجع لعدد من العوامل، حسب المصادر.

العامل الأكبر عامل أمني. تختلف الآراء داخل دوائر صنع القرار المصري، بحسب المصادر، حول طرق استيعاب النزوح الفلسطيني المحتمل. المنطقة الوحيدة المتاحة هي المنطقة العازلة على الجانب المصري من الحدود مباشرة بعمق خمس كيلومترات، لكن هناك تخوفات من القدرة على استيعاب عدد كبير من الفلسطينيين في مساحة محددة كهذه، وما قد يعنيه هذا من تداعيات على سيطرة مصر على حدودها الشرقية بشكل فعلي.

إلى جانب هذا، فإن هذه المنطقة هي التي أخلتها الحكومة المصرية من سكانها في رفح المصرية خلال السنوات الماضية، ويُقدر عددهم بحوالي 100 ألف شخص، في إطار معركتها ضد تنظيم «ولاية سيناء»، وتعرضت الحكومة لضغوط كبيرة الأشهر الماضية للسماح لسكان رفح بالعودة إلى أراضيهم، بعد أن اعتصموا في أغسطس الماضي، ووعدتهم بالعودة في موعد أقصاه 10 أكتوبر الجاري، قبل أربعة أيام، وهو ما لم يتحقق بالطبع. ولهذا يقترح البعض داخل الأجهزة المعنية بالسماح للفلسطينيين بالتوزع حول محافظات مصر، وهو اقتراح لا يلقى قبولًا واسعًا.

لكن حتى إذا لم يغادر الفلسطينيون القطاع، فإن مجرد نزوح الفلسطينيين من شمال غزة وانتقالهم إلى جنوبها قريبًا من الحدود المصرية يمثل لمصر «قنبلة [أمنية] موقوتة»، بحسب أحد المصادر الأمنية.

رغم هذا، تشير المصادر إلى أن صناع القرار المصري أصبحوا أكثر ميلًا الآن لقبول الحديث عن استيعاب أي نزوح فلسطيني محتمل.

أسباب هذا الميل تتعلق أولًا بمعطيات الأمر الواقع. إذا تحرك مئات الآلاف من الفلسطينيين تجاه سيناء، بينما تدمر إسرائيل القطاع، وبالتالي لن يصبح أمام مصر سوى السماح لهم بالدخول. وفي هذه الحالة، لم يعد السؤال حول ما إذا كانت مصر ستستقبل الفلسطينيين في حالة نزوحهم. الأسئلة الآن هي كيف، ومتى، وتحت أي شروط، بحسب تعبير أحد المصادر الحكومية.

يضيف أحد المصادر الأمنية أن أحد التقديرات يشير إلى احتمالية أن يصل العدد الإجمالي للفلسطينيين المحتمل نزوحهم خلال الحرب الإسرائيلية من القطاع إلى حوالي 300 ألف شخص. «لا يمكننا السماح لكل الـ 300 ألف بالدخول»، يقول المصدر، «[لكننا] سنضطر لإدخال البعض». بحسب تقديراته، قد يبدأ الأمر بعدة آلاف قد ترتفع لاحقًا إلى 50-60 ألفًا. «لكن لا ينبغي السماح لأكثر من 100 ألف»، بحسب تعبيره. كل هذا يخضع بالطبع لـ«حسابات دقيقة وحساسة». هذه الحسابات لا تزال تقديرية، وترتبط بتطورات الوضع الميداني وحجم الدمار الذي تسببه إسرائيل خلال الفترة المقبلة.

وعلى الرغم من أن مصر تأمل في ألا يطول بقاء الفلسطينيين في حال نزوحهم أكثر من بضعة أشهر، إلا أن احتمال تمكنهم من العودة إلى غزة سيكون ضئيلًا، بحسب أحد الباحثين المقربين من أجهزة سيادية، والذي أوضح أنه لن يُسمح لهم بمغادرة المنطقة العازلة سوى للمغادرة إلى دولة أخرى، في حال عدم تمكنهم من العودة.

في المقابل، يُفترض أن تحصل مصر على مجموعة من المساعدات المادية هي في أشد الحاجة إليها وسط أزمة اقتصادية خانقة ومعدلات تضخم هائلة، وتلك تفاصيل لا تزال قيد النقاش. «مصر لا تتطلع على الإطلاق لاستضافة فلسطينيين»، يقول مصدر دبلوماسي يعمل في عاصمة غربية، «لكن إذا اضطرت مصر لهذا، لا بد أن يكون هناك تعويض مالي ما».

مصدر حكومي رفيع يشرح هذا المنطق. «أنت تواجه وضعًا ماليًا شديد الصعوبة والتعقيد، الدائنون كثر والأعباء مرتفعة جدًا والآن لديك عرض لتقليص حجمها بشكل كبير وشطب نسبة كبيرة من الديون»، فلم لا إذًا؟

الصفقة بتمويل خليجي

ذا وول ستريت جورنال نشرت أيضا تحت عنوان " مصر تدرس السماح بدخول الفلسطينيين من غزة" وفي ترجمه الخليج الجديد للموضوع وضعت عنوان ""و.س. جورنال: أموال خليجية لمصر مقابل استضافة للاجئين من غزة"، وفي التفاصيل جاء ما يلي:

قال مسؤولون إن "دول الخليج العربي، التي قاومت تقديم أموال لمصر، تطرح الآن فكرة منحها مساعدات مالية مقابل قبولها استضافة للاجئين فلسطينيين من قطاع غزة في سيناء"، بحسب تقرير لتشاو دينغ وسمر سعيد وفيفيان سلامة بصحيفة "ذا وول ستريت جورنال" الأمريكية (The Wall Street Journal).

الصحيفة لم تكشف عن موقف مصر النهائي من هذا العرض، ولم تذكر أسماء الدول الخليجية، لكن السعودية والإمارات وقطر هي أكثر دول مجلس التعاون الخليجي اهتماما بالاستثمار في مصر، مع مطالب بتخفيض قيمة العملة (الجنيه)، ووضع حد لتغلغل الجيش في الاقتصاد، بما يسمح بالتنافسية.

ولفتت الصحيفة إلى أن "الضغوط لاستضافة اللاجئين تأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانخفاض قيمة العملة (الجنيه)، والانتقادات المتزايدة للسيسي، الذي يواجه انتخابات رئاسية في ديسمبر/كانون الأول (المقبل)".

وتابعت أن "وفود إسرائيلية وقطرية زارت القاهرة في الأيام الأخيرة؛ لمحاولة إقناع السلطات باستقبال ما يمكن أن يكون مئات الآلاف من الفلسطينيين الفارين من الحرب".

الصحيفة قالت إن "معبر رفح الحدودي، الواقع في الطرف الجنوبي من غزة، هو المعبر البري الوحيد في القطاع الذي لا تسيطر عليه إسرائيل، على الرغم من أن جيشها نفذ عدة غارات جوية بالقرب منه الأسبوع الماضي".

"وقد رفض السيسي الدعوات لفتح الحدود سريعا أمام الأجانب، الذين يحاولون مغادرة غزة؛ مستخدما ذلك كورقة مساومة لتوصيل المساعدات الإنسانية للفلسطينيين الذين ينفد طعامهم ومياههم (جراء حصار إسرائيلي)، وحذر من أن تدفق سكان غزة إلى مصر سيخلق أزمة لاجئين داخل حدوده من شأنها أن تشكل تهديدات أمنية"، وفقا للصحيفة.

وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي، بحسب الصحيفة، إنه "إذا سمحت مصر بدخول بعض الفلسطينيين، فإن زيادة المساعدات الإنسانية التي يقدمها الاتحاد للفلسطينيين ثلاث مرات، والتي أُعلن عنها الجمعة الماضي، ستذهب جزئيا إلى مصر، وقد يتم تقديم مساعدات إضافية".

و"بينما تستعد مصر للسماح لبعض الأشخاص بالدخول، فإنها تقاوم بشدة فكرة الاضطرار إلى استضافة ما يمكن أن يصبح مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين"، وفقا لمسؤولين مصريين.

ومشيرةً إلى قلق مصر من احتمال عدم القدرة الفلسطينيين على العودة إلى غزة، قالت الصحيفة إن "لإسرائيل تاريخ في تهجير الفلسطينيين، ففي عام 1948 تدفق عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى مدينة رفح الحدودية المصرية، وحولوها إلى مخيم للاجئين، ثم تحولت الخيام إلى أكواخ أصبحت ببساطة مبانٍ مشيدة لاستضافة ما أصبح فيما بعد السكان المصريين الفلسطينيين".

المقابل حوافز مالية!

موقع الحرة نشر أيضا تحت عنوان "من غزة إلى سيناء.. جدل "توطين" فلسطينيين مقابل "حوافز" يعود للواجهة"

قال الموقع: "هناك قلق في مصر من احتمال تهجير سكان غزة بسبب الحصار والقصف الإسرائيلي.

وتقول مصر، كغيرها من الدول العربية، إنه يتعين بقاء الفلسطينيين على أراضيهم مع تصاعد الحرب وإنها تعمل على تأمين إيصال المساعدات لهم.

وقال الخبير في الأمن القومي المصري، اللواء محمد عبد الواحد، لموقع "الحرة" إن إسرائيل تريد توطين الفلسطينيين في سيناء على أن تعوض مصر، بتقديم حوافز مالية، لكن هذا الأمر تم رفضه سابقا "ولا أعلم إن كان يتم القبول به الآن أم لا".

ويبقى السؤال: هل ستستجيب مصر لهذه الضغوط في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد ؟  وهل الرفض هو لمزيد من الحوافز التي يريدها النظام المصري؟ أم لموقف مبدئي يتعلق بحماية مصر والفلسطينيين معا؟ ..هذا ما سوف نعرف اجابته في قادم الأيام.