مصر تجدد أزمتها الاقتصادية| هكذا تعامل الإعلام مع قرارات تعويم الجنيه ورفع الفائدة

الأربعاء - 13 مارس 2024

  • الجنيه يخسر 60% من قيمته أمام الدولار في أحدث تعويم.. والإعلام يصف التراجع بـ"العبور الاقتصادي"!
  • الجنيه شهد خمس مراحل للتعويم بدأت في 2016 بقيمة 8 جنيهات للدولار وانتهت في 2024 بـ 51 جنيها 
  • إجراءات البنك المركزي شملت زيادة الفائدة على العملة المحلية بنسبة 6% دفعة واحدة لتقفز إلى 27.25%
  • خبراء: السيسي لن يغير سياساته النقدية.. ومصر مقبلة على كارثية نتيجة لقرارات البنك المركزي الأخيرة
  • الإعلام يبشر المصريين بانفراجة اقتصادية جديدة ويتجاهل الآثار السلبية لعملية التعويم ورفع الفائدة 
  • تهديدات بحملات أمنية على السوق الموازية للدولار ومطالبة المقيمين بالخارج بضخ أموالهم إلى البنوك

 

إنسان للإعلام- خاص:

الأربعاء 6 مارس 2024، كان يوما فارقا في تاريخ الاقتصاد المصري، حيث شهد الجنية أكبر تراجع له في تاريخه، وخسر أكثر من 60% من قيمته، بعد حزمة الإجراءات التي أعلنها البنك المركزي، ومنها تحرير سعر الصرف، ورفع أسعار الفائدة 600 نقطة، وذلك استجابة لكل شروط صندوق النقد الدولى الذي وافق بعد هذه القرارت على قرض بقيمة 8 مليارات دولار لنظام السيسي، ليقفز الدين المصري الخارجي إلى ما يقارب 190 مليار دولار.

وبالرغم من حجم الكارثة التي ستظهر آثارها على حياة المصريين قريبا، هلّل الإعلام المصري لهذه القرارت، وبشّر المصريين بإنفراجة اقتصادية غير مسبوقة، في حملة تضليل غير بريئة.

في هذا التقرير، نرصد الآثار الكارثية لهذه القررات على المصريين، ونكشف كيف أدار الإعلام حملة تضليل الرأى العام المصري .  

5 انهيارات للجنيه منذ 2016

في خطوة جديدة من خطوات تدمير الاقتصاد المصري، والانبطاح الكامل لشروط صندوق النقد الدولي، قرر البنك المركزي المصري إجراء تعويم جديد للجنيه وتحرير سعر الصرف الأجنبي وتركه لقوى العرض والطلب، مع زيادة سعر الفائدة على العملة المحلية بنسبة 6% دفعة واحدة لتقفز إلى 27.25%.

وفي أعقاب قرار تحرير سعر الصرف الذي أعلنه البنك المركزي، تراجع سعر الجنيه مقابل الدولار في البنوك الرسمية من 30.95 جنيهاً إلى 50.3 جنيهاً، بنسبة انخفاض قدرها 60%.

وهذا التعويم الجديد هو الرابع منذ مارس 2022 والخامس منذ أكتوبر 2016. وعقب قرار التعويم شهد الجنيه المصري تراجعا واسعا في البنوك، حيث انخفض صباح الأربعاء، 6 مارس، وخلال فترة وجيزة من 31 أمام الدولار إلى حوالى 50.3 جنيهاً (أي أكثر من 60% من سعره الأول).

سابقا، كسر الدولار لحاجز 70 جنيها بالسوق الموازية، قبل أن يتراجع لأقل من 40 جنيها خلال الأيام الماضية بدعم من ضخ سيولة دولارية، بعد سلسلة من صفقات البيع المشبوهة، وعلى رأسها بيع منطقة "رأس الحكمة " في الساحل الشمالي الغربي لمصر بمحافظة مطروح، كما شهدت مصر تشديد القبضة الأمنية على سوق الصرف.(1)

في الوقت نفسه، طرح أكبر بنكين في مصر، وهما الأهلي المصري ومصر، شهادات ادخارية بسعر فائدة 30% سنوياً، عقب قرار البنك المركزي المصري زيادة سعر الفائدة على العملة المحلية بنسبة 6% دفعة واحدة.

وقبل قرار تعويم الجنيه مباشرة، كشف البنك المركزي المصري عن تفاقم إجمالي عجز صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية، شاملةً البنك المركزي، ليسجل مستوى تاريخياً جديداً عند 28.96 مليار دولار نهاية يناير الماضي، بزيادة 6.5% عن الشهر السابق، وفق بيانات نُشرت على الموقع البنك مؤخرا.

وبذلك يكون صافي عجز الأصول الأجنبية لبنوك مصر ارتفع خلال شهر واحد فقط بنحو 1.77 مليار دولار، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه القطاع المصرفي المصري.

وبدأ صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي المصري رحلة التراجع في أكتوبر 2021، أي قبل الحرب الأوكرانية، ثم تحوّل إلى قيمة سالبة تسارعت عقب هروب ما يقرب من 23 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر، ما يعني أن الالتزامات بالعملات الأجنبية تجاوزت الأصول التي يمتلكها من غير العملة المحلية، وذلك بدايةً من شهر فبراير 2022، بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية. (2)

رحلة الانهيار في عهد السيسي

شهدت قيمة الجنيه المصري تراجعا مستمرا منذ انقلاب السيسي على الرئيس الشرعي محمد مرسي،  حيث كان سعر صرف الجنية أمام الدولار الواحد 6.5 جنيه قبل انقلاب السيسي، وبدأت الخسائر المتوالية  بعد ذلك، فمنذ عام   2016 وحتى اليوم عاش الجنيه سلسلة من الانخفاضات أمام الدولار، حيث تراجع إلى 8.88 جنيه للدولار، ثم واصل التراجع حتى وصل في يناير 2023 إلى 32 جنيها للدولار، إلى أن سجل حاليا 51 جنيهًا أمام الدولار.

وجاءت رحلة تحريك سعر صرف الجنيه المصري منذ عام 2016 على النحو التالي:

  • نوفمبر 2016   انخفض الجنيه من مستويات 8.88 جنيه دولار إلى 15.77 جنيه للدولار بتراجع 78%
  • مارس 2022   انخفض الجنيه من مستويات 15.77 جنيه للدولار إلى مستويات 19.7 جنيه للدولار بتراجع 25%
  • أكتوبر 2022   انخفض الجنيه من مستويات 19.7 جنيه للدولار إلى مستويات 24.7 جنيه للدولار بتراجع 25.4%
  • يناير 2023     انخفض الجنيه من مستويات 24.7 جنيه للدولار إلى مستويات 32 جنيها للدولار بتراجع 30%
  •  مارس 2024  انخفض الجنية من 32 الي 51 بتراجع 60% . (3)

تعويم كامل مقابل قرض!

في إعقاب إعلان مصر "التعويم الكامل للجنيه"، أعلن صندوق النقد الدولي توقيع اتفاق قرض مع مصر بقيمة 8 مليارات دولار.

وأتت موافقة الصندوق على القرض الذي طال انتظاره بزيادة عن 3 مليارات دولار كان يجري الحديث عنها سابقاً، وقالت إيفانا فلادكوفا هولر، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولى: "وافقنا على قرض بقيمة ٨ مليارات دولار لمصر"، مضيفة أن "مصر اتخذت العديد من الخطوات والإجراءات لتحسين الاقتصاد"، فيما يعد إشارة واضحة لاستجابة السيسي وحكومته لكل مطالب صندوق النقد.

وأكدت المديرة التنفيذية لصندوق النقد أنه سيتم تقديم البرنامج قبل نهاية مارس الجاري لمجلس إدارة صندوق النقد الدولي.(4)

آثار كارثية على المصريين

بعد اتخاذ البنك المركزي المصري قراراته الأخيرة، أصبح من المتوقع ترتب آثار كارثية على الاقتصاد المصري، ومستوى معيشة المصريين .

وكان أول تأثير لهذه القرارات، تهاوي قيمة الجنيه ليتخطى معدل الـ50 جنيها رسميا، وارتفعت مؤشرات البورصة في منتصف جلسة الأربعاء 6 مارس، وسط مشتريات من المؤسسات المحلية بقيمة 408.9 ملايين جنيه.

في الوقت نفسه، انتعشت سوق السندات المصرية، ولكن حدث شبه توقف في البيع والشراء بسوق الذهب الذي أصابه ارتباك كبير، وتوقفت حركة البيع في سوق السيارات بشكل كامل لحين ثبات أسعار الدولار في البنوك مقابل الجنيه، وفق مواقع محلية.

وفي تعليقه، على قرار مرونة سعر الصرف أو التعويم الرابع في عهد السيسي، وتأثيره على الاقتصاد، والأسواق المحلية، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب:"أعتقد أنه قد يؤثر بشكل سلبي على الأسعار التي تراجع بعضها أو كان يُنتظر أن تتراجع، بل إنها قد ترتفع من جديد، خاصة أسعار السلع الغذائية في مقدمتها اللحوم والدواجن والبقوليات".

وأضاف: "أيضا قد تؤدي هذه السياسات إلى تأجيل بعض مشروعات الاستثمار وخاصة الأجنبي المباشر منها؛ لحين بيان الموقف حتى وصول رسالة صندوق النقد الدولي، ويعلن أنه تمت المراجعات بنجاح والإفراج عن الشريحة الثانية والثالثة من القرض المقرر لمصر منذ نهاية 2022، أو حتى الإعلان عن اتفاق جديد مع الصندوق".

وفي قراءته لتأثير قراري رفع سعر الفائدة بهذه النسبة الكبيرة، وطرح بنكي الأهلي ومصر شهادة جديدة بفائدة 30 بالمئة، على الاقتصاد المصري، يعتقد الخبير المصري، أن "الكم الموجود حاليا لدى الناس من أموال لاستثماره في هذه الشهادات لن يكون بنفس الحجم الذي كان موجودا بشهادات 27 و25 بالمئة".

وقال: إن "الجهاز المصرفي المصري يعتقد أو لديه أمل أنه بعد تخفيض قيمة الجنيه أن تتجه الأرصدة الدولارية لدى الأفراد إلى الجهاز المصرفي الرسمي للاستفادة من سعر الصرف، وهذا قد يوفر سيولة من النقد المصري ما قد يذهب ببعض هذه السيولة للاستثمار بتلك الشهادات، خاصة أن العائد 30 بالمئة وهو عائد كبير بشكل واضح".

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد ذكرالله: "بالطبع هناك مصادر دولارية؛ إما دخلت بالفعل الاقتصاد المصري أو منتظر أن تدخل، وبغض النظر عن كميتها، فقرار "المركزي" ليس تعويما بالمفهوم الكامل، ولكنه تعويم مدار كما حدث من قبل في 2022، بمعنى أن هذا الانخفاض في سعر الجنيه سيكون مدارا من قبل الحكومة، وأنها لن تسمح بتعويم كامل على إطلاقه، لاسيما أن الموارد الدولارية الجديدة لم تدخل حتى الآن السوق المصري".

ولفت إلى أنه "من المنطقي أن يتوازى مع ذلك قرار برفع سعر الفائدة لكي لا تحدث عملية جديدة من عمليات الدولرة أو تحويل الودائع المصرية من الجنيه إلى الدولار"، مضيفا أنه "بالتالي نحن أمام متوالية لا نهائية بين خفض الجنيه ورفع سعر الدولار، ثم النزول بشهادات بنكية جديدة بقيم فائدة أعلى".

ويعتقد "ذكر الله"، أن "كل هذا لن يحل المشكلة الاقتصادية في مصر؛ فالمشكلة أعمق من هذه الإجراءات التي ربما تساهم في الحلحلة أو في حل على المستوى الجزئي، وربما تخفيف الأزمة الحالية بشكل أو بآخر حتى لا تكون المعضلة الكبيرة التي

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت تلك القرارات الكثير من الجدل خاصة مع ما عانى منه المصريون من أزمات مالية ومعيشية بعد التعويم الأول في عهد السيسي، نوفمبر 2016، وما تبعه من تفاقم لأسعار جميع السلع والخدمات بنسب تاريخية لم تتوقف عن الصعود منذ ذلك الحين.

وكتبت صفحة "جمال مبارك رئيسا لمصر": "البقاء لله في الجنيه.. شكرا البنك المركزي".

وقال الكاتب الصحفي جمال سلطان، عبر موقع "إكس": "الاقتصاد لا ينهض بالترقيع، وإنما بحزمة إجراءات متكاملة وشجاعة، لذلك لا أنتظر أي انفراجة في أزمة الدولار في مصر بعد تحرير سعر الصرف، القرار اتخذ فقط لتمرير اتفاق صندوق النقد الدولي، وليس لحل أزمة، إجراء مرحلي، الترمومتر أن تذهب إلى البنك وتشتري الدولار بالسعر المعلن في البنك نفسه".(5)

وصلات "تطبيل" لقرار التعويم!

رغم ان معظم الاقتصاديين المستقلين أكدوا أن الاقتصاد المصري مقبل على آثار كارثية، بعد حزمة الاجراءات التي أتخذها البنك المركزي، سابقت الصحف والفضائيات المصرية بعضها في تبشير المصريين بحل كل مشاكلهم الاقتصادية، وخفض الأسعار!.

ومن أمثلة مانشره موقع صحيفة "الأهرام" في قوالب صحفية متنوعة، ومنها مايلي:

  • "عصام خليل: قرارات المركزي والإفراج الجمركي يعزّزان الثقة في الاقتصاد المصري والمستفيد المواطن".(6) 
  • "محافظ البنك المركزي: الاتفاق على تحسين السياسة النقدية بما يسهم في صلابة الاقتصاد المصري". (7) 
  • "خبراء: قرارات البنك المركزي تواجه التضخم وتجذب الاستثمارات الأجنبية وتزيد تحويلات المصريين في الخارج". (8)
  • "خسائر للمضاربين وخفض تدريجي للأسعار.. «الغرف التجارية» تكشف الآثار المتوقعة لقرارات البنك المركزي". (9)

ونلحظ من معالجات "الأهرام" أنها ركزت على تبشير المصريين بالأثار الإيجابية لقرار التعويم، وأن المرحلة  القادمة ستشهد الكثير من الاستقرار الاقتصادي الذي سيعود على المواطن بخفض الأسعار، في حين لم تتعرض الصحيفة لأي من الأثار السلبية لهذا القرار.

أما صحيفة "اليوم السابع" فركزت على التأكيد على انتهاء ظاهرة السوق السوداء للدولار بمصر بعد هذه القرارات، وأيضا بدأت حملة لتشجيع المصريين بالخارج لضخ اموالهم بالبنوك، ومن أمثلة معالجاتها مايلي:    

  • "شهادة وفاة سوق الدولار الموازى بمصر..التسعير العادل للجنيه ضرب السوق السوداء فى مقتل..تدبير العملات الأجنبية للاستيراد من خلال البنوك سيخفض الطلب بالسوق الموازي.. وتوقف التداول على الدولار خارج المنظومة الرسمية" . (10) 
  • "ضربة قاضية للسوق السوداء.. الأحزاب ترحب بقرارات البنك المركزي وتؤكد: تساهم في استقرار السوق وكبح جماح التضخم.. خطوة جادة نحو دعم القطاع الخاص.. والمؤتمر: تعمل على زياد تحويل أموال المصريين من الخارج" . (11)

"المصري اليوم" سارت أيضا على نمط  معالجات اليوم السابع، وبشرت بالقضاء على السوق السوداء  وانتعاش الاقتصاد المصري، ومن أمثلة هذه المعالجات خبر بعنوان "رئيس بنك مصر: السوق السوداء ستختفي.. وبعض البنوك بدأت في بيع الدولار للعملاء"(12) ، وخبرأخر بعنوان "خبير اقتصادي عن قرار التعويم: هدفه القضاء علي السوق الموازية وحرمان تجار العملة من التلاعب في سعر الدولار" (13) .

أما صحيفة وموقع "الدستور" فبشرت المصريين بتراجع التضخم وانخفاض الأسعار، ومن أمثلة ذلك خبر بعنوان "تراجع التضخم لأدنى مستوياته.. توقعات متفائلة بشأن تبعات قرارات "المركزى""(14) .

موقع "صدى البلد"، حمل صوت الأمن، فحاول من خلال معالجاته تهديد المتلاعبين في تجارة العملة، بالتأكيد على أن الأجهزة الأمنية ستلاحقهم بكل قوة، ومن أمثلة ذلك خبر بعنوان "بعد قرار البنك المركزي.. غرامة مالية كبيرة تنتظر تجار العملة خارج البنوك والصرافة" (15)، وتقرير بعنوان "ضربات متتالية للسوق السوداء.. الحكومة تفرض كلمتها على المضاربين بأسعار الدولار| ماذا فعلت؟" (16).

بدورهم، حول إعلاميو النظام برامجهم، مساء يوم الأربعاء 6 مارس، الي وصلات مدح في قرارات البنك المركزي، زاعمين أنها "عبور جديد للاقتصاد المصري".

الإعلامي المقرب من الجهات الامنية، أحمد موسي، قال في حلقة برنامجه "على مسئوليتي" على قناة "صدى البلد": "إن إجراءات البنك المركزي اليوم بشأن سعر الفائدة، جاءت قوية وحدثت لأول مرة"، مشيرا إلى أن "محافظ البنك المركزي أكد أنه لأول مرة نري موارد بحجم كبير تدخل إلى السوق المصرفية".(17)

يذكر أن "موسى " قال في حلقة برنامجه بتاريخ 7 فبراير 2024، إن مصر لن تخوض غمار التعويم، وإن الاستثمارات التي حصلت عليها من رأس الحكمة ستكفي لاستقرار سوق الدولار بمصر!.(18)

أما الإعلامي عمرو أديب فعلق على قرار تحرير سعر الصر ورفع الفائدة، وعلى رد فعل المواطنين بعد هذه القرارات بتدوينة عبر صفحته الرسمية بمنصة «إكس»، قائلا: «كلكوا كنتوا مع التعويم! كلكوا كنتوا متوقعين! كلكوا كنتوا فاهمين! على رأي المعلم رضا عجبت لك يا زمن»!.(19)

نشأت الديهي، زعم أن "حزمة الإجراءات التي أتخذها البنك المركزي تعد عبورا اقتصاديا، وان مصر مقبلة على نهضة اقتصادية واستقرار في سوق العملة"، وذلك في برنامجه بالورق والقلم، المذاع على قناة "تن".(20)

وأكد خالد أبو بكر، في برنامجه "كل يوم" المذاع على "قناة ON" أن قرارات البنك المركزي "إنقاذ للاقتصاد المصري، واختبار حقيقي لمدى صلابته"، وأشاد بالقرارات مدعيا أنها "ستعيد الاستقرار الاقتصادي لمصر"!.(21)

ومن خلال معالجات الصحف والفضائيات،  نستقرئ كثيرا من الدلالات منها أن الأجهزة السيادية، التي توجه هذه الوسائل، استهدفت تهديد السوق الموازية لتجارة العملة، وتبشير المصريين بانخفاض التضخم وما سيترتب عليه من خفض الأسعار، وأيضا استهدفت تشجيع المصريين بالخارج لضخ أموالهم عبر البنوك المصرية، كما كان من الواضح أن هناك تعليمات بعدم التطرق لأي من الآثار السلبية لقرار تحرير سعر الصرف، وعدم نشر أي مواد تنتقد حزمة الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي.

في هذا السياق، لوحظ أيضا عدم استضافة الفضائيات لأي رأي مخالف أو ناقد لهذه الإجراءات، وكان معظم الضيوف في ليلة تحرير سعر الصرف من المؤيدين والداعمين للقرارت، وكلهم تقريبا بشروا المصريين بانفراجه اقتصادية وتراجع للتضخم. كما برزت لغة التهديد بإبراز الدور الأمني في ملاحقة تجار العملة، ومزيد من التشديدات تجاه هؤلاء.

نستخلص مما سبق أن نظام السيسي مصمم على تكرار سيناريوهات التعويم السابقة، وأنه متمسك بنفس السياسات الاقتصادية الفاشلة التي أغرقت الاقتصاد المصري، وأن أبواقه الإعلامية، التي بشرت المصريين بانفراجه اقتصادية تلوح في الأفق، ستعود من جديد، وربما في القريب العاجل، إلى مطالبة المصريين بالتحمل من أجل وطنهم.. إنها الدائرة الملعونة التي فرضها السيسي ونظامه على المصريين، ولا مخرج من متاهاتها إلا برحيله .

المصادر:

1-      "الجنيه المصري يهبط 60% بعد قرار التعويم.. واتفاق وشيك مع صندوق النقد" ، العربي الجديد، 06 مارس 2024، https://n9.cl/tvgg5

2-      "مصر: البنوك الحكومية تطرح شهادات بالجنيه بعائد 30%" ، العربي الجديد، 06 مارس 2024، https://n9.cl/g2tdc

3-      "الجنيه المصري والدولار.. رحلة خفض القيمة من 2016 إلى قرار تحرير الصرف اليوم" ، المصري اليوم ، 6 مارس 2024 ، https://n9.cl/740on

4-      "قرض جديد من صندوق النقد لمصر بقيمة 8 مليارات دولار" ، العربي الجديد، 06 مارس 2024 ، https://n9.cl/zwplbv

5-      "كيف سيؤثر "التعويم الرابع" للجنيه في عهد السيسي على المصريين؟" ، عربي21 ، 6 مارس 2024 ، https://n9.cl/h3fxc

6-      "عصام خليل: قرارات المركزي والإفراج الجمركي يعزّزان الثقة في الاقتصاد المصري والمستفيد المواطن" ، الأهرام ، 6مارس 2024 ، https://n9.cl/queux

7-      "محافظ البنك المركزي: الاتفاق على تحسين السياسة النقدية بما يسهم في صلابة الاقتصاد المصري" ، الأهرام ،6 مارس2024، https://n9.cl/rypy1

8-      خبراء: قرارات البنك المركزي تواجه التضخم وتجذب الاستثمارات الأجنبية وتزيد تحويلات المصريين في الخارج" ، الأهرام ، 6-36 مارس2024، https://n9.cl/f9hu6

9-      "خسائر للمضاربين وخفض تدريجي للأسعار.. «الغرف التجارية» تكشف الآثار المتوقعة لقرارات البنك المركزي" ، 6 مارس 2024 ، https://n9.cl/esz4l

10-    "شهادة وفاة سوق الدولار الموازى بمصر..التسعير العادل للجنيه ضرب السوق السوداء فى مقتل..تدبير العملات الأجنبية للاستيراد من خلال البنوك سيخفض الطلب بالسوق الموازي.. وتوقف التداول على الدولار خارج المنظومة الرسمية" ، اليوم السابع ، 06 مارس 2024، https://n9.cl/k96v0

11-    "ضربة قاضية للسوق السوداء.. الأحزاب ترحب بقرارات البنك المركزي وتؤكد: تساهم في استقرار السوق وكبح جماح التضخم.. خطوة جادة نحو دعم القطاع الخاص.. والمؤتمر: تعمل على زياد تحويل أموال المصريين من الخارج" ، اليوم السابع ، 06 مارس 2024، https://n9.cl/86sax

12-    "رئيس بنك مصر: السوق السوداء ستختفي.. وبعض البنوك بدأت في بيع الدولار للعملاء" ، المصري اليوم، 06-03-2024، https://n9.cl/8jqva

13-         "خبير اقتصادي عن قرار التعويم: هدفه القضاء علي السوق الموازية وحرمان تجار العملة من التلاعب في سعر الدولار" ، المصري اليوم ، 6 مارس 2024، https://n9.cl/d25a6

14-    "تراجع التضخم لأدنى مستوياته.. توقعات متفائلة بشأن تبعات قرارات "المركزى"" ، الدستور ، 6مارس 2024 ، https://www.dostor.org/4652512

15-    " بعد قرار البنك المركزي.. غرامة مالية كبيرة تنتظر تجار العملة خارج البنوك والصرافة" ، صدى البلد ، 6مارس 2024 ، https://www.elbalad.news/6132321

16-    "ضربات متتالية للسوق السوداء.. الحكومة تفرض كلمتها على المضاربين بأسعار الدولار| ماذا فعلت؟"، صدى البلد  ، 6مارس 2024، https://www.elbalad.news/6132306

17-    "أحمد موسى يعلق على قرارات البنك المركزي" ، مصراوي، 06 مارس 2024، https://n9.cl/zlf9u

18-    "حزمة الحماية الاجتماعية.. أحمد موسى: مفيش تعويم قريب" ، الشروق ، 7 فبراير 2024، https://n9.cl/ifv46u

19-    "عمرو أديب عن رد فعل المواطنين بعد تحرير سعر الصرف: عجبت لك يا زمن" ، الشروق ، 6 مارس2024 ،  https://n9.cl/bf75l

20-    "ماذا قال نشأت الديهي عن قرارات البنك المركزي المصري؟" ، الفجر،  6مارس 2024 ، https://www.elfagr.org/4898825

21-    "خالد أبو بكر: قرارات البنك المركزي إنقاذ واختبار حقيقي للاقتصاد المصري" ، اليوم السابع، 6 مارس 2024 ، https://n9.cl/aa4ji