ثورة بلا إخوان.. لماذا أخفقت دعوات التغيير في مصر من 2013 إلى 2022؟
الاثنين - 12 ديسمبر 2022
جماعة الاخوان المسلمين هي صاحبة الفرصة الأكبر في إنجاح اى حراك في الشارع
إنسان للإعلام- دراسة من إعداد: أشرف الشربيني
مقدمة
محاولات استحداث ثورة فى الشارع المصرى، استنساخا من ثورة يناير 2011، لم تنقطع منذ 2014 والى 2022، لكن يجمعها جميعا أنها:
- انطلقت من غير الإخوان المسلمين (جماعة لاعسكر ولا إخوان)
- أخفقت جميعا فى تحقيق حالة حراك حقيقية
- كان الدافع لها سوء الحالة الاقتصادية
- سبقها استنفار أمنى واضح، بدرجات متفاوتة
لتنتهى جميعا بتساؤل واستنتاجين:
التساؤل: هل هذه الدعوات كانت بديلا عن حالة التنفيس التى كان يلجأ اليها مبارك طوال فترة حكمه، بمعنى أنها – بشكل او بآخر – من ترتيب النظام؟
الاستنتاج الأول: لا ثورة بموعد مسبق، واستنساخا لثورة سبقت (يناير 2011)
الاستنتاج الثانى: الشعب المصرى لن يتحرك، ما لم يجد قيادة ميدانية على الأرض، تسبقه وتتقدمه.
نتناول دعوات النزول المختلفة من خلال: خلفية وأهداف الداعين إليها، ومدى إستجابة الشعب لها، وكيف تعامل معها الانقلاب.
تمثلت تلك الدعوات في:
- انتفاضة الشباب المسلم 2014
- دعوة ثورة الغلابة 2016
- دعوات محمد على 2019-2022
أولا: انتفاضة الشباب المسلم 2014:
دعت إلى تلك الانتفاضة (الجبهة السلفية) منفردة فى 28 نوفمبر 2014، تحت راية (الدفاع عن الهوية)، وكانت الدعوة فى نفس توقيت حراك نشط وواسع لـ (تحالف دعم الشرعية).
ودعت الجبهة السلفية إلى رفع المصاحف، وتجنب نزول النساء،، باعتبار أن المعركة هى معركة المصحف.
وكانت هذه أول وآخر دعوة للتظاهر من جهة إسلامية بعد الانقلاب، بعيدا عن جماعة الاخوان المسلمين منذ انقلاب 2013.
- أحداث متزامنة:
تزامت تلك الدعوة مع موعد النطق بالحكم على مبارك، إذ سبقتها بيوم واحد، وكان اليوم التالى للدعوة هو يوم النطق بالحكم (29 نوفمبر)! وكان ذلك محل استغراب من البعض.
- موقف نظام الانقلاب:
سبق هذه الدعوة استنفار أمنى غير عادى، وتم القبض على العشرات، في ضربة استباقية ليلة يوم الفعالية، ومنهم قيادات في الجبهة السلفية. وصرح المتحدث باسم وزارة الداخلية وقتها، هاني عبد اللطيف، بأن قوات الشرطة سوف تستخدم الذخيرة الحية في حالة استخدام العنف، وظهر تسريب بذلك لوزير الداخلية وقتها محمد إبراهيم فيما بعد.
- إستجابة الشعب لها:
لم تظهر استجابة واضحة لهذه الدعوة، إذ لم يختلف مألوف يوم 28 نوفمبر عن غيره من الأيام، واستمرت مظاهرات (تحالف دعم الشرعية) في ذلك اليوم كما هي، ولم تُرفع فيها المصاحف كما دعت الجبهة السلفية! ونزلت النساء فيها كما تنزل كل مرة، على غير ما دعت الجبهة السلفية.
وبالجملة لم تنجح دعوة (الجبهة السلفية) فى جذب وحشد الناس لــ (انتفاضة الشباب المسلم) التي دعت إليها، ولم تنجح كذلك في التمايز عن مسيرات (تحالف دعم الشرعية) بمظاهرة واحدة في منطقة واحدة.
ثانيا: ثورة الغلابة 2016:
دعا إليها (ياسر العمدة)، وهو وجه غير معروف، عُرف فقط من خلال صفحة (حركة غلابة) على فيسبوك، والتي أُغلقت بمعرفة الموقع.
- أحداث متزامنة:
تزامنت مع تلك الدعوة، قرارات اقتصادية صعبة لحكومة الانقلاب، تضمنت تحرير سعر صرف الجنيه وتقليص دعم الوقود، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
- موقف نظام الانقلاب:
سبق تلك الدعوة تهديد صريح لقائد الانقلاب، السيسي، حيث قال: (فيه دولة وفيه قوات مسلحة، وفيه وزارة الداخلية، ولن يستطيع أحد أن يمس الدولة المصرية، وأنا مش بخوّف حد، بس هناك تخطيط إن الجيش يفرد في مصر خلال 6 ساعات، لحماية الدولة.. ماحدش يفتكر إننا هنسيبها تضيع مننا ونضيع الناس معانا، أنا مسؤول، أمام الله وأمامكم والتاريخ، على الدفاع عنها وحمايتها لآخر لحظة).
- إستجابة الشعب لها:
لم تحدث استجابة شعبية تُذكر، فقد كان لافتا للنظر الهدوء الذى ساد شوارع القاهرة.
ثالثا: دعوات محمد على (2019-2022):
بين ظهور مفاجئ، ثم غياب واعتزال للسياسة، ثم عودة يتبعها غياب، ثم عودة من جديد.. بين هذا وذاك كان محمد على خلال أعوام (2019-2020-2022) يدعو للتظاهر وإسقاط السيسى
كان الظهور الأول لمحمد على، مقاول الجيش السابق، من خلال مقاطع مصورة بثها أوائل شهر سبتمبر 2019، تحدث فيها عن فساد السيسي وزوجته وقيادات بالجيش، وإهدار الأموال العامة على المصالح الشخصية وبناء القصور.
تعمد توجيه إساءات لفظية حادة إلى رأس الانقلاب (السيسى) مثل "أوزعة ومعلقة وسفيه وبأف وعرص وغبي ووضيع وجبان"، إلا أنه تجنب تماما أي ذكر لثورة يناير أو فترة الرئيس الشهيد محمد مرسى، وإن حمّل أجهزة الدولة والأجهزة الأمنية جانبا من المسئولية، الا أنه كان يستثنى منها دائما (شرفاء مجهولين)، خاصة من المخابرات العامة.
وقد تفاعل مع تلك الفيديوهات ملايين المتابعين، مما دفع بزعيم الانقلاب للرد على مضامينها بقوله: "نعم أبني قصور وسأبني قصور" مبررا ذلك بأنه "من أجل مصر لا من أجله هو شخصيا"؛ ليصب بذلك مزيدا من الزيت على نار التعليقات المشتعلة على وسائل التواصل الاجتماعى.
2019.. التظاهرات الأهم
كان حراك 2019 هو الأهم منذ ست سنوات، حيث دعا محمد علي المصريين للتجمع أمام منازلهم، يوم الجمعة 20 سبتمبر 2019، في صورة مشجعين لفرقهم الرياضية في أعقاب مباراة فريقي الأهلي والزمالك، ولمَّح إلى مؤازرة عسكرية وتعاطفا شرطيا إن تصاعد الحراك. وعندما نجح هذا الحراك، دعا مرة أخرى للتظاهر في الجمعة التالية 27/9/2019 لحين إسقاط السيسى.
- أحداث متزامنة:
- انفجار في محطّة قطار رمسيس قبلها بسبعة أشهر (27/2/2019) نتج عنه مقتل حوالي ثلاثين مصريًا، ليكون هذا الحادث أسوأ كوارث البنى التحتيّة المتهالكة في مصر، وتذكر المصريّون - عقب الحادث - تصريحات للسيسي قال فيها إنه يفضّل وضع الاستثمارات المخصّصة لإصلاح البنية التحتية في البنوك لتحقيق فوائد، على استثمارها في مكانها، مما أثار غضبا شديدا نحوه.
- ترافق مع محمد على، ظهور الناشط السيناوي مسعد أبو فجر (ممثل سيناء في لجنة الخمسين لوضع دستور الانقلاب)، حيث اتهم زعيم الانقلاب، السيسى، بالخيانة العظمى والتآمر لقتل جنود الشرطة في 2012 لإزاحة طنطاوي وعنان، وتضليل الجيش، ليصبح هو وزيرا للدفاع، لكن لم تلق تلك الاتهامات نفس الاهتمام الذى لقيته اتهامات محمد على. (1)
- كان لافتا للنظر أن يغادر السيسي مصر في اليوم نفسه متوجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والسبعين، وذلك قبل أيام من افتتاحها!
- موقف نظام الانقلاب:
تمثل رد فعل الانقلاب في: اعتقالات واسعة، ثم محاولة امتصاص غضب الشارع ، مع أنه فتح الميادين للمتظاهرين منذ البداية، وبدا في هذا السلوك الأخير ما يمكن تسميته بـ"تعارض اتجاهات صانعي القرار داخل الدولة"، إذ كان يبدو أن هناك جهات، كوزارة الداخلية على سبيل المثال، تعوّل على قيام تظاهرات قوية جارفة، بيد أنها اضطرت للقيام بدورها القمعي المعتاد بعد ضعف مشهد بداية التظاهرات، وبالأخص في ميدان التحرير بوسط القاهرة.
- تجنب استخدام الرصاص الحى:
تجنبت الشرطة الاحتكاك المباشر بالمتظاهرين، وعدم استخدام الرصاص الحي، في مشهد أقل عنفاً مما مارسته في عهد مبارك، أعوام 2005 و2008 و2010 في التظاهرات الشعبية التي اعتبرت مقدمة لأحداث ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وكانت أيضاً أقل قمعاً من النهج الانتقامي في التعامل مع معارضى نظام الانقلاب، خاصة "الإخوان المسلمين" في الفترة بين 2013 و2015، عندما كان استخدام الرصاص الحي اعتيادياً في وسط العاصمة وفي ضوء النهار. (2)
- اعتقالات واسعة:
المحاولة العنيفة من قِبل الشرطة، لمنع تحول المظاهرات إلى اعتصام، نتج عنها اعتقال حوالي أكثر من 1000 متظاهر خلال خمسة أيام من 20 الى 25 سبتمبر (بيان النيابة العامة المصرية بتاريخ 3 أكتوبر 2019) (3)
بينما قدرت (المفوضية المصرية للحقوق والحريات) عدد المقبوض عليهم بحوالي 4321 مواطن (منهم 165 امرأة) (4)
- محاولة امتصاص غضب الشارع
قررت حكومة الانقلاب صرف المواد التموينية لمن تم حذفهم سابقا، مع وعود بإصلاحات سياسية وإعلامية وحزبية، بالإضافة إلى تغير لغة إعلام الانقلاب تجاه دعم تلك الوعود والتبشير بها! (5)
- استجابة الشعب لها:
لم يتعامل الشعب المصرى مع محمد على كقائد، إنما تعامل مع معلوماته ووعوده بعدم تدخل الشرطة والجيش ضده كفرصة:
- استجاب المصريون بالنزول في الميادين الرئيسية والقرى
- لم يلتزم المصريون بتعليمات محمد على بالنزول أمام البيوت، بصفتهم مشجعين لكرة القدم..
- لم يستجب المصريون لدعوة محمد على بالنزول في الجمعة التالية 27/9/2019، لما عاينوا القمع الأمنى وحالات القبض الكثيرة.
- المفاجأة الكبرى كانت في أعمار ووظائف وانتماءات المعتقلين، فعلى خلاف ثورة يناير، التي عرفت بشبابها وتراوح متوسط عمر المشاركين فيها بين 20 و35 سنة، فإن العشرات من معتقلي انتفاضة 20 سبتمبر تزيد أعمارهم على 30 عاماً، مع مشاركة مكثفة للرجال فوق 40 سنة، ما يرجح أن الخروج العفوي يعود لأسباب اقتصادية في المقام الأول. (6)
- المتظاهرون (غير تنظيميين)، وبدا ذلك من طريقة الهتاف والتحرك. ولذلك كان التعامل الأمني مع التجمعات سريعاً وسهلا، والتي كانت تتراوح من 10 إلى 50 شخصاً تقريباً متفرقين. وفى أقل من 15 دقيقة من بداية الهتاف أو التجمع، يتم القبض العشوائي أو التفتيش، الذى يتم من خلال المخبرين والشرطة السرية في لباس مدنى.
2020.. واعتزال السياسة:
بالتزامن مع احتجاجات المواطنين على قانون التصالح في مخالفات البناء، أطلق محمد علي دعوة إلى التظاهر في الذكرى التاسعة لثورة يناير2011
- أحداث متزامنة:
تزايد السخط الشعبى جراء فرض نظام الانقلاب غرامات على عدد كبير من المباني غير المرخصة، وأتي قانون التصالح في مخالفات المباني، ليضيف مزيدًا من الأعباء المالية على المواطنين، خاصة مع تضاعف تردِّي الأوضاع الاقتصادية بعد حزمة من الإجراءات الاقتصادية القاسية، التي شملت رفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات الأساسية، وكذلك الركود الناتج عن جائحة كورونا عالميًا.
- موقف نظام الانقلاب:
استنفر النظام قواه الأمنية، وأغلق الكثير من المقاهي وسط القاهرة، وزرع آلاف الكاميرات الخفية لمراقبة الشوارع، ولاحق النشطاء والمشتبه في مشاركتهم في المظاهرات، كما قرر تخفيض ساعات العمل في اليوم الموعود ليعود الموظفون إلى بيوتهم باكرا، ولتتمكن الشرطة من المواجهة بسهولة بعيدا عن زحام الموظفين.
تخطَّى إجمالي عدد المقبوض عليهم 1920 شخصًا (منهم 10 سيدات)، وجاءت محافظة الجيزة أكثر المحافظات التي حدثت بها وقائع قبض، حيث سجلت فيها ما لا يقل عن 135 واقعة، تليها القاهرة والمنيا والإسكندرية بواقع 70 ، 46 و31 واقعة على الترتيب. (7)
- إستجابة الشعب لها:
دعوة محمد علي الثانية للتظاهر ، في سبتمبر 2020 ، لم تلق استجابة شعبية كسابقتها، وان نزل مصريون في أطراف العاصمة والقرى، وكان أبرز حدث في تلك المظاهرات استشهاد المواطن عويس الراوى.
وعلى إثر النزول الضعيف – مقارنة بما حدث في 2019 - أعلن محمد علي اعتزاله العمل السياسي! على إعتبار أن الشعب إما أنه راض عن نظام السيسى، واما أنه خائف، وقد رجح محمد – ضمناً – الاحتمال الأول!(8)
2022.. لم ينزل أحد:
تضامن في الدعوة لتظاهرات 11/11/2022 مع محمد على عدد كبير من نجوم السوشيال ميديا، ومن أشهرهم عبد الله الشريف، بالإضافة إلى ضباط سابقين وآخرين لهم ارتباط ببعض أجنحة سلطة الانقلاب، إلا أن الاستجابة الشعبية لها كانت تقريبا معدومة!
تقييم ورؤية
كانت أشهر دعوات التظاهر خلال الفترة (2014 – 2022) هي دعوات محمد على، وأكثر دعوة لمحمد على تمت الاستجابة لها كانت دعوة 2019.
طبيعة الدعوات وأهدافها
- إنتفاضة الشباب المسلم:
لم تقدم أية معركة على (الهوية) مكاسب تُذكر، سواء للتيار الاسلامى أو للثورة، وقد سبق أن خاض حزب النور معركة حول المادة 219 في دستور 2012، وقاد حملة "الحرب على الشيعة"، ومعركة الضباط الملتحين.
- (ثورة) الغلابة:
دعوة صدرت من شخص محدود الشهرة، ولم يعبأ بها أحد.
- دعوات محمد على:
ربما كون محمد على خرج من رحم نظام الانقلاب وتغذى على فساده المالى، بالإضافة إلى قِصر نَفَسه (الثورى)، وتردده أكثر من مرة.. فكل ذلك خصم من رصيده كثائر ضد نظام الانقلاب.
وبعد أول دعوة في 2019، أفصح محمد على عما في رأسه، فقد تعامل كزعيم وقائد، وقال إن "المرحلة القادمة ستتطلب اهتماماً أكبر بالشق الاقتصادي.. وخطتي تقوم على اختيار 50 شخصاً من أبناء كل محافظة.. يجتمعون داخل مجلس النواب للتوافق على القرارات المتعلقة بالشعب" وبيّن أن "على رجال الدين الابتعاد عن المشهد السياسي" (9)
موقف القوى السياسية
نفرق هنا بين قوى المعارضة بالخارج، وبين قوى الشرعية وتحديدا جماعة الاخوان المسلمين.
- قوى المعارضة:
تبنت أغلب هذه القوى اتجاه (لاعسكر ولا إخوان)، وهذه القوى اندفعت في تأييد دعوات محمد على للنزول، بل صنعوا منه زعيما، وعلى سبيل المثال: عشية الخامس والعشرين من يناير 2020، قدم المعارض الدكتور حمزة زوبع حلقة كاملة من برنامجه رؤية محمد علي لمصر ما بعد السيسي!. في المقابل رأى البعض أنه كان من الأجدر تخصيص ذلك الوقت الحرج لمناقشة خطة التظاهر وآلية الإطاحة بالسيسي أولا. (10)
في السياق نفسه، ظهرت (مكايدات) ضد الاخوان المسلمين، على اعتبار أن محمد علي نجح فيما فشل فيه الاخوان! بالإضافة الى أن بعضهم اعتبر أن قضيته مع السيسى! وليس مع نظامه الانقلابى! وبدا أكثرهم كما لوكان مهيأ ليكون غطاء مدنيا لانقلاب على الانقلاب! وهو دور مشابه لما سبق أن وقعت فيه أغلب تلك القوى في 30 يونيو 2013.
- الاخوان المسلمون:
وقف الإخوان وحدهم- طول الوقت- في معسكر (الشرعية) الذى يرفض الاعتراف بالانقلاب، كما يرفض تدويره. وقد تعامل الاخوان المسلمون بحذر مع كل الدعوات، فلم يؤيدوها ولم يرفضوها، وكان خطابهم واضح، أنهم صدى لقيادتهم في الداخل، والذين ربطوا نزولهم بنزول شعبى.
وفى دعوة 2022، عبرت مجموعة الأستاذ إبراهيم منير رحمه الله (مجموعة من إخوان الخارج) عن أنها ستتعامل بإيجابية – حسب وصية الأستاذ إبراهيم منير قبل وفاته - مع دعوة النزول في 11/11 (عبر عن ذلك الإعلامى أسامة جاويش في قناة مكملين)، إلا أن الاخوان المسلمين في الداخل رفضوا هذا الاتجاه وسجلوا موقفهم المعروف بأنهم "مع الشعب..لا يتقدمون عليه ولا يتأخرون عنه".
موقف الانقلاب
بالنظر إلى الأحداث التي تزامنت مع دعوات التظاهر في 11/11/2022، يمكن القول إن هذه التظاهرات صبت في صالح الانقلاب، فقد بلغ درجات الاستعداد القصوى أمنيا، فلم ينزل أحد .. واعتبر الانقلابيون هذا الخوف الشعبي انتصارا، ومن ثم سيتم قمع اى حراك محتمل بحجة تلك التظاهرات.
والمحصلة النهائية الملموسة هي أن دعوات تظاهر 2022، بدت كتمهيد لانقلاب ناعم، ربما تعقبه مفاوضات وتفاهمات بين مكونات النظام نفسه،
أو كانت محاولة لتنفيس الغضب المكتوم جرَّاء سخط الشارع من سياسات الانقلاب.. ثم أعقبها رسالة تيئيس وإجهاض لأي حراك محتمل.
إستجابة الشعب لمحاولات التغيير
تمثلت الاستجابة الوحيدة لتلك الدعوات السابقة، في دعوة محمد على 2019، وكانت الاستجابة مشروطة بأمان الناس ووجود قيادة ميدانية على الارض، فخرج الناس في 2019 عندما وجدوا قدرا من الأمان، لم يكن ذلك على ترتيب محمد على (الخروج أمام البيوت)، انما كان في الميادين. وفى 2020 ونتيجة لحالات القبض الكثيرة، خرج الناس في القرى وعلى الأطراف دون الميادين أو العاصمة، وعندما تكرر الاعتقال، لم يخرج الناس في 2022.
- ارتبط نزول الناس بعامل الأمان، فلما بدا أنه متوفر في 2019، نزل الناس، ولما ظهر عدم صدق وعود محمد على بعدم تعرض الشرطة والجيش، أحجم الناس عن تلبية دعوته بالنزول في 27/9/ 2021 ولم يلب دعوته أحد في 2020، ونزل الناس في 2021 في القرى وأطراف المدن، حيث يكون عامل الأمان النسبى أعلى.
- كما ارتبط حجم وكثافة النزول بوجود قيادة ميدانية على الأرض، يعرفونها ويثقون بها، فمن نزل الميادين في 2019، لم يعرف كيف يتصرف بعد ذلك، وتم احتواؤهم بسرعة من قبل الامن.
خلاصات مهمة
- أي نزول للشارع بدون قيادة ميدانية على الأرض، سيسهل إجهاضه أو توظيفه لصالح نظام الانقلاب
- ظهر أن القوى السياسية الموجود بالخارج (باستثناء جماعة الاخوان المسلمين) تتمتع بقدر كبير من السطحية في التعامل مع ألاعيب نظام الانقلاب.
- لكي ينجح الحراك، لابد من تنظيم الساخطين قبل أن يتحرّكوا، فلا يمكن للجماهير أن تتحرّك من دون قيادة وتنظيم وبديل، كما يقول الدكتور عماد الدين شاهين.
- المعركة الحقيقية في مصر هي معركة وعي، تتأسس على مكتسبات ثورة يناير في المقام الأول
- ظهر أن جماعة الاخوان المسلمين هي صاحبة الفرصة الأكبر في إنجاح اى حراك في الشارع، فهى تمتلك التنظيم و تمتلك البديل.
المصادر:
1) الجزيرة نت، بعد محمد علي.. ناشط سيناوي يفجر قنبلة بوجه السيسي: هذه حقيقة حرب الإرهاب في سيناء، https://bit.ly/3gO0nPE
2) العربي الجديد، دلالات الانتفاضة تباغت السيسي: تحولات بالدوافع والمشاركين والتعامل الأمني https://bit.ly/3OW3ZLZ
3) بيان النيابة العامة المصرية ، فيسبوك، https://bit.ly/3gQHw67
4) خالد البلشى، تغريدة، https://bit.ly/3fyZsSq
5) الجزيرة نت، شكرا محمد علي.. هل تراجع السيسي اقتصاديا وسياسيا تحت ضغط الاحتجاجات؟ https://bit.ly/3H0Ljc0
6) العربي الجديد، مصدر سابق
7) مؤسسة حرية الفكر والتعبير، احتجاجات الهامش.. تقرير عن وقائع القبض على المواطنين في تظاهرات 20 سبتمبر 2020، https://bit.ly/3FH0OVZ
8) أبو الفتوح قنديل، مدونات الجزيرة، انتهت اللعبة وبقيت الثورة.. محمد علي في الميزان، https://bit.ly/3GR4rJC
9) العربي الجديد، محمد علي يدعو إلى مليونية حاشدة الجمعة المقبلة "لإسقاط السيسي"، https://bit.ly/3W2PjNN
10) أبو الفتوح قنديل، مصدر سابق.