ثورة شعبية قادمة.. الصحافة الغربية تتنبأ بإفلاس مصر وسقوط السيسي

الخميس - 2 مارس 2023

  • "ميدل إيست آي": مصر على شفا ثورة جديدة  والانقلاب العسكري اقتربت نهايته
  • "وورلد بوليتيكس ريفيو": السيسي يجلس على برميل بارود من الغضب الشعبي
  • "فاينانشال تايمز": دولة السيسي الجديدة التي وعد ببنائها فشلت ومستقبلها على المحك
  • "إيكونوميست": المصريون فقدوا الثقة في النظام ويحلمون بالتخلص منه في أقرب يوم  
  • ستيف هانكي: مصر تواجه مخاطر الإفلاس والشعب لن يصبر طويلا على السيسي   
  • يزيد صايغ: الائتلاف الحاكم بين الجيش والشرطة والقضاء سيشهد سيولة تؤدى لانهياره
  • "معهد الشرق الأوسط ": النظام المصري يسير على حبل مشدود.. ويكاد يسقط
  • "فورين بوليسي": مصر تتجه للمصير اللبناني.. والسيسي يهدد وجود دولة العسكر
  • "نيوز ري": مصر مهددة بربيع عربي جديد.. و"شكري" طالب موسكو بإنقاذ الاقتصاد
  • صحف صهيونية: رغبة شعبية عارمة للخلاص من السيسي.. والفقر سيدفع المصريين للخروج
  • "هآرتس":على العالم إنقاذ السيسي من السقوط ..و"القناة 12": اندلاع غضب جماعي بات مؤكدا
  • موقع تركى: "الإخوان" قادرة على العودة سريعا للعب دور بارز في المستقبل السياسي لمصر
  • دراسة حديثة بجامعة جورج واشنطن: الإخوان قادرون على العودة السريعة  وتنظيم الصفوف
  • قناة "الميادين": "الإخوان" تراجع مواقفها ولابد أن تلعب دورا بارزا في مستقبل مصر السياسي

 

إنسان للإعلام- خاص:

منذ تصاعد الأزمة الاقتصادية في مصر، بعد التعويم الثالث للجنيه، وانهيار العملة الوطنية، توالت تقارير الصحف الغربية والمراكز البحثية التي تؤكد أن مستقبل النظام العسكري بقيادة السيسي أصبح على المحك، وأن مصر أصبحت مهيأة لثورة شعبية عارمة، تفوق في قوتها ثورة 25 يناير.

صحف الكيان الصهيوني، حذرت بدورها من سقوط  السيسي، الحليف الأكبر لها في مصر، وطالبت منذ بداية اشتداد الأزمة الاقتصادية بإنقاذ السيسي ونظامه، معتبرين أن استمرار وجوده على سدة الحكم في مصر حماية للكيان الصهيوني، وضمانا لتنفيذ كل ما تستهدفه دولة الاحتلال.

كما توالت الدراسات والتقارير، الغربية بشكل خاص، التي تؤكد أن المستقبل السياسي لمصر لن يخلو من وجود دور فعال لجماعة الإخوان المسلمين التي تعد القوة الصلبة للمعارضة المصرية، وأن هذه الجماعة بالرغم مما تعرضت له من تنكيل غير مسبوق في التاريخ المصري، فإنها قادرة بعد فترة نقاهة بسيطة على ترتيب أرواقها من جديد، وتعود بقوة للساحة الدعوية والسياسية.

في هذه الدراسة المسحية، نرصد بالتفاصيل أهم توقعات الصحف الغربية لمستقبل نظام السيسي، توقعاتها لدور الإخوان في المستقبل السياسي المصري، وذلك من خلال عناصر أربعة: أولها تنبؤ لصحف الغربية بثورة  وشيكة  في مصر، وثانيها أن مصر أصبحت على حافة الإفلاس، وثالثها التحذيرات التى اطلقتها صحف الكيان الصهيوني من نهاية كارثية لنظام السيسي، ورابعها الأفق المتسع لمستقبل الاخوان السياسي في المرحلة المقبلة.   

أولا :الصحف الغربية تتنبأ بثورة  وشيكة  في مصر

أكدت صحيفة "ميدل إيست آي"، في تقرير لها نشر في يناير الماضي، أن مصر على شفا ثورة جديدة، ستكون أشد من ثورة  25 يناير التي هي "انتفاضة وطنية استمرت 18 يومًا أدت إلى الإطاحة بالديكتاتور "حسني مبارك" الذي دام حكمه 30 عامًا"، بحسب الصحيفة .

 قال الصحيفة إنه في أعقاب تنحي "مبارك" في 11 فبراير/شباط 2011، أجرت مصر سلسلة من الانتخابات والاستفتاءات الحرة والنزيهة، وصوتت لأول رئيس مدني على الإطلاق وهو الراحل "محمد مرسي"، لكن "الدولة العميقة" في مصر، بقيادة القوات المسلحة، لم تكن راضية أبداً عن السماح لـ"مرسي"، أو أي مدني آخر، بتولي السلطة الحقيقية، وقد تواطأ الجيش مع من تبقى من نظام "مبارك"، والليبراليين المناهضين للديمقراطية، ووسائل الإعلام والشرطة لتدبير انقلاب ضد "مرسي" في يوليو/تموز 2013، وقاد "عبدالفتاح السيسي"، الذي شغل منصب وزير دفاع "مرسي" لمدة عام، كلاً من الانقلاب والانتقال إلى الاستبداد الجامح، وفق الصحيفة.

أضافت أنه تم تمويل انقلاب السيسي إلى حد كبير من قبل ديكتاتوريات الخليج التي تخشى التحول الديمقراطي في المنطقة العربية. وفي عامي 2013 و2014، تلقى "السيسي" عشرات المليارات من الدولارات في شكل منح من السعودية والإمارات.

تابعت ميدل ايست آى ": "بدلاً من إنفاق التدفقات النقدية على التعليم والرعاية الصحية والإسكان الميسور التكلفة أو المشاريع المدرة للدخل، اختار النظام بدلاً من ذلك إنفاق المليارات على مشاريع تافهة تغذي الاقتصاد العسكري في مصر: الطرق والسكك الحديدية  والقصور الرئاسية والفنادق الفاخرة، وفي عام 2016، بدأ البناء في عاصمة إدارية بقيمة 50 مليار دولار، وتصطف على جوانب العاصمة جيوب الشركات المملوكة للجيش والتي تم تصميمها في المقام الأول لخدمة النخب المصرية الغنية".

وأدى الوباء في 2020 والحرب الروسية الأوكرانية عام 2022 إلى تفاقم الظروف الاقتصادية المتردية بالفعل في مصر، و بعد حوالي عام من الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعد ما يقرب من 3 سنوات من بدء الوباء، شهد الجنيه المصري مزيدًا من الضعف، حيث انخفضت قيمته إلى حوالي أكثر من 30 جنيهاً مقابل الدولار. ومن المتوقع المزيد من الانخفاض في الأشهر المقبلة، وأدى ضعف الجنيه إلى زيادات هائلة في أسعار الواردات مما ساهم في ارتفاع معدلات التضخم.

 وفي الشهر الماضي، ارتفع التضخم إلى ما يقرب من 22%، وتُرك المصريون العاديون غير قادرين على تغطية نفقاتهم، ونتيجة للإفراط في الاقتراض، يخصص جزءا كبيرا من إنفاق الحكومة المصرية الآن لسداد الديون فقط.

 وبشكل عام، تمت إدارة القروض بشكل سيئ من قبل الدولة المصرية، وتضاعف الدين الخارجي في عهد "السيسي" 3 مرات ليصل إلى ما يقرب من 160 مليار دولار.

وقالت الصحيفة: لكن يبدو أن الأموال الخليجية المجانية آخذة في النضوب، أو على الأقل تعاني من نقص في المعروض، وهي حقيقة أوضحتها خطابات "السيسي" العامة، ففي صيف عام 2022، استغل مؤتمرا صحفيا كفرصة لمطالبة "إخوانه في الخليج" بمساعدات إضافية.

 وكرر النداء في أحداث أخرى دون استجابة، وفي وقت لاحق من عام 2022 تغيرت نغمة "السيسي" إلى حالة اليأس، حيث بدا أنه يعترف بأنه من غير المرجح أن تأتي المزيد من المساعدات الخليجية، أو على الأقل من غير المرجح أن تكون كبيرة كما كان يأمل.

 وقال "السيسي" في خطاب ألقاه في نوفمبر/تشرين الثاني: "حتى إخواننا وأصدقائنا في الخليج طوروا قناعة راسخة بأن الدولة المصرية لن تكون قادرة على الوقوف على قدميها مرة أخرى.. كما يعتقدون أن الدعم الذي قدموه لمصر على مدى سنوات عديدة قد خلق ثقافة التبعية".

كانت كلمات "السيسي" معبرة، ويبدو أنها تشير إلى أن حلفاءه في الرياض وأبوظبي قد سئموا من إرسال الأموال إلى مصر مع القليل من النتائج الإيجابية، إن وجدت.

وأكدت الصحيفة أن  تصريحات "السيسي" تشير  إلى أنه قلق من احتمال اندلاع ثورة أخرى، حيث حذر المصريين من الاحتجاج، قائلاً: إن مسار الاحتجاج "يخيفني"، وأنه يمكن أن "يركع أي شعب على ركبتيه"، وأنه "لا ينبغي أن يتكرر أبدًا في مصر".

وتشير هذه التصريحات وغيرها إلى أن "السيسي" يشعر بقلق عميق، وإذا لم يكن يعتقد أن الاحتجاجات الجماهيرية تعد احتمالًا واقعيًا، فلن تكون هناك حاجة لإصدار مثل هذه الأنواع من التحذيرات بشكل منتظم.

واختتمت الصحيفة تقريرها بأن كل الدلالات تؤكد أن مصر مع انفجار وشيك، وأن مستقبل السيسي السياسي ونظامه أصبح يعد شهوره الأخيرة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، وسيكون من الحماقة استبعاد إمكانية اندلاع انتفاضة أخرى."1"

في السياق نفسه، نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرا، أكد فيه ان مصر مهددة بربيع عربي جديد، كما  تحدث فيه عن الزيارة التي أداها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى روسيا  مؤخرا،عقب اجتماع عقده في القاهرة مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن.

وقال الموقع، في تقريره، الذي ترجمته صحيفة "عربي21"، إن وزير الخارجية المصري كشف عن رغبة القاهرة في الحصول على مساعدة من روسيا لإنقاذ اقتصادها.

وذكر الموقع أن الاقتصاد المصري، الذي لم ينجح في تخطي تداعيات جائحة كورونا، يواجه تحديات خطيرة جديدة ولدتها الأزمة الأوكرانية، التي خلقت هي الأخرى مشاكل من قبيل زيادة حادة في أسعار الغذاء والوقود والأسمدة، وتعطل سلاسل التوريد والتجارة العالمية.

 كما انخفض الجنيه المصري لأدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار، متبوعًا بكساد اقتصادي يؤجج حالة الاستياء الاجتماعي، وهو ما يقض مضجع قادة البلاد الذين يخشون تكرر سيناريو الربيع العربي في مصر.

وأورد الموقع أن تدهور الوضع في مصر بعد الأزمة الروسية الأوكرانية ضاعف استعداد القاهرة لقبول المساعدة من جميع شركائها،  وخلال زيارته للقاهرة، أقرّ بلينكن بأن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، حيث تؤمن روسيا وأوكرانيا حوالي 85 بالمئة من نسبة إمداداتها.

وأكد الموقع أن مستقبل النظام السياسي المصري يحيط به كثير من المخاطر سيحركها الغضب الشعبي الذي يجتاح معظم الطبقات المصرية، وان هذا النظام ممكن ان يرحل في اي وقت."2"

من جانبها، نشرت مجلة وورلد بوليتيكس ريفيو (WPR) الأمريكية، في 7 ديسمبر 2022، مقالاً لألكسندر كلاركسون، المحاضر في الدراسات الأوروبية في جامعة كينجز كوليدج بلندن، تحت عنوان: "سيسي مصر يجلس على برميل بارود”، حيث يرى كلاركسون أن حال الاقتصاد المصري واستشراء الفساد في البلاد في عهد السيسي يشبه لحد كبير الواقع الذي تعاني منه لبنان منذ فترة. كما يرى الكاتب أن الواقع الذي تعيشه مصر الآن يشبه إلى حد كبير الحال الذي كانت عليه البلاد قبيل سقوط حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي تمت الإطاحة به عام 2011 بعد اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير. "3" 

وعلى نفس المنوال، ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز"، أن دولة  السيسي الجديدة التي وعد ببنائها قد فشلت بالفعل، على الرغم من مساعدات دول الخليج والمانحين، وأن مستقبلها أصبح على المحك في حالة استمرار تدهور الأوضاع الحياتية للشعب.

وقالت الصحيفة البريطانية، في افتتاحيتها، مؤخرا: "كثيرا ما يفترض أن مصر أكبر بكثير من أن تفشل، وأن المانحين أو دول الخليج سوف يهبون باستمرار لإنقاذ القاهرة، ولكن الواقع هو أنه بوجود ما يقرب من ستين مليون نسمة تحت خط الفقر، أو فوقه بقليل، ويزدادون فقرا، فإن الدولة قد فشلت بالفعل"، وأضافت: "إذا كان حلفاء القاهرة جادين في مساعدة البلد، فإنه يتوجب عليهم الضغط على السيسي حتى يفي بتعهداته".

وقالت : "منذ عقد من الزمن والسيسي يعد شعبه بأنه سوف ينعش الاقتصاد ويبني دولة جديدة. ولكن عندما تمر بمصر هذا العام الذكرى السنوية العاشرة للانقلاب الذي أوصل قائد الجيش السابق إلى السلطة، فلن يشعر المصريون بكثير من البهجة.

بدلاً من ذلك، يكابد عشرات الملايين من المصريين من أجل توفير الطعام لأنفسهم ومن يعولون، في وقت يشهد تداعي الجنيه المصري إلى مستويات غير مسبوقة وارتفاع التضخم إلى ما يزيد على الـ30 بالمائة. كما يعاني القطاع الخاص منذ ما يقرب من عام كامل من نقص حاد في العملة الصعبة، وهو نقص يكاد يخنق الأعمال التجارية تماماً. والخلاصة هي أن مصر بلد يعيش في أزمة خانقة.

وانكشفت عورات النظام عندما سحب المستثمرون ما يقرب من 20 مليار دولار من الدين المصري تقريباً في نفس الوقت الذي شهد قيام روسيا بغزو أوكرانيا. حينذاك اضطرت مصر، التي كانت تدفع أعلى معدلات فوائد حقيقية في العالم لجذب الأموال الاستثمارية وفي نفس الوقت لتعزيز قيمة الجنيه اصطناعياً، اضطرت إلى التوجه نحو دول الخليج لإنقاذها. منذ ذلك الوقت والبنك المركزي يخفض قيمة الجنيه على مراحل بهدف جلب التوازن ما بين العرض والطلب إلى سوق العملة. وقد تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على الانتقال إلى سعر صرف مرن، ما أفقد الجنيه ثلث قيمته مقابل الدولار منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول.

أضافت الصحيفة: "والمشكلة الأعمق هي دور الجيش في الاقتصاد، وهو دور يكاد يشمل كل شيء من محطات الوقود إلى البيوت البلاستيكية، ومن مصانع المكرونة إلى مصانع الإسمنت، ومن الفنادق إلى النقل، بل وأكثر من ذلك. ويشرف الجيش بنفسه على المئات من مشاريع تطوير البنية التحتية في الدولة، بما في ذلك مشاريع التباهي والتفاخر مثل إنشاء عاصمة إدارية جديدة وإقامة مدن في وسط الصحراء، والجميع في مصر أصبح على ثقة كاملة ان هذا النظام لن يكمل بهذه الوتيرة . "4" 

بدورها قالت مجلة "إيكونوميست"، إن خيارات  نظام السيسي  تتضاءل في السعي لإيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، مؤكدة أن العديد من المصريين فقدوا الثقة في قيادته وانهم يحلمون باليوم الذي يتخلصون منه فيه.

وفي تقرير موسع عن تدهور الأوضاع الاقتصادية، تحت عنوان "أزمة ثقة في مصر"، قالت المجلة: "في ظل هذا الوضع لا تتوفر سوى خيارات قليلة. فالجنيه الذي كان من المفترض أن يتم تعويمه ولكن تم دعمه بشكل غير رسمي من قبل البنك المركزي، تم تخفيض قيمته مرتين سنة 2022. في 5 كانون الثاني/ يناير، خسر الجنيه المزيد من قيمته ليستقر في النهاية عند حوالي 30 جنيها مقابل الدولار مسجلا تراجعا بنسبة 50 في المئة بعد أن فقد 90 في المئة من قيمته في السنة الماضية.  

وأضافت: "عندما تولى السيسي السلطة، كان العديد من المصريين ممتنين للتخلص من فوضى ما بعد الثورة. وفي حين لا توجد استطلاعات رأي موثوقة في مثل هذا البلد القمعي، إلا أن القصص المتداولة تشير إلى أن العديد من المصريين قد فقدوا الثقة في قيادته، إذ من الشائع بشكل متزايد سماع انتقادات للسيسي في الأسواق وسيارات الأجرة والمقاهي. ويحثه قليل من المصريين الذين يمتلكون علاقات قوية على عدم الترشح للانتخابات الرئاسية السنة المقبلة".

وأوضحت المجلة أنه قبل عقد من الزمان، ومع اضطراب الاقتصاد بعد انقلاب عسكري قاده السيسي ضد أول رئيس مدني منتخب لمصر في 3 تموز/يوليو 2013، ضخت دول الخليج 50 مليار دولار للمساعدة في ضمان الاستقرار. ومن غير المرجح أن يقوموا هذه المرة بنفس الشيء. وبدلاً من تقديم المساعدات، تشتري دول الخليج أصولاً مصرية مربحة بثمن بخس.

 كما أن هناك حديثًا عن إمكانية خصخصة السيسي إدارة قناة السويس ربما لصالح شركة خليجية. ومن الممكن أن يسبب الأمر انفجارا سياسيًا، نظرا لأن السيطرة على القناة تُعتبر قضية نموذجية في تاريخ مصر الحديث، وتقول الحكومة إنها ستبيع حصصًا في العديد من الشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك شركات عسكرية مثل "الوطنية" التي تدير محطات الوقود، وشركة "صافي" للمياه المعبأة.

 ولكن لم يتم الوفاء بوعود مماثلة سابقا..كما تعهدت الحكومة في أحدث اتفاق لها مع صندوق النقد الدولي بإنهاء الإعفاءات الضريبية والمعاملة الخاصة الأخرى للشركات التي يديرها الجيش. ولكن من غير الواضح ما إذا كان للسيسي الإرادة والقدرة على تنفيذ ذلك، وفقا للمجلة.

وأشارت المجلة إلى أن مصر في بعض النواحي، تجد نفسها في وضع مماثل لما كانت عليه في سنة 2016، عندما توصلت إلى صفقة مقابل 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي. لقد نفذت بعض الإصلاحات المالية، مثل تخفيضات الدعم، لكنها تجاهلت التغييرات الهيكلية التي من شأنها أن تجعل اقتصادها أكثر قدرة على المنافسة. ومنذ ذلك الحين، تفاقمت الأزمة.

وقالت المجلة: إن الشهور القليلة الماضية كانت بمثابة تصفية حساب للاقتصاد المصري غير المستدام منذ انقلاب السيسي، كان القطاع الخاص متعثرًا مع تسجيل عجز مزدوج بينما تغذي الديون الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية التي يعتبر بعضها مشكوكًا في قيمته. وقد نشرت الهيئات المصرية أرقام نمو جيدة، لكنها كانت مجرد سراب: ذلك أن الأوضاع الحياتية استمرت في التدهور بالنسبة لمعظم سكان البلاد البالغ تعدادهم 104 ملايين نسمة.

وتابعت: "بلغ العجز المالي السنة الماضية 6.2 في المئة من ناتج الدخل القومي، وبلغ عجز الحساب الجاري 3.6 في المئة، وتتأرجح نسبة الدين الحكومي إلى ناتج الدخل القومي حول 90 في المئة، بينما تضاعف الدين الخارجي منذ سنة 2013 إلى 34 في المئة، وتستهلك خدمات الديون 45 في المئة من الإيرادات الحكومية".

واستطردت: "حذّر المصريون أصحاب النوايا الحسنة على مدار سنوات من انزلاق البلاد في فخ الديون لكن السيسي تجاهلهم، وكان المستثمرون الأجانب الذين أغرتهم بعض أعلى معدلات الفائدة في العالم حريصين على مساعدته في الحفاظ على وهمه. بدا أن شراء الدين المصري قصير الأجل يمثل عرضًا مربحًا وخاليًا من المخاطر: على اعتقاد أن أكبر دولة عربية أكبر من أن تفشل" وهكذا أصبح الطريق ممهد لسقوط هذا النظام ."5"

ثانيا : مصر على حافة الافلاس  

أكد الخبير الاقتصادي العالمي، وعضو مجلس المستشارين الاقتصاديين في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ريجان، ستيف هانكي، أن مصر تواجه مخاطر الإفلاس، وأن المشاريع الضخمة التي يدشنها  السيسي ستؤدي إلى كوارث اقتصادية.

واكد  هانكي،  خلال مقابلة مع قناة "مكملين" الفضائية، عبر برنامج "آخر كلام" الذي يقدمه الإعلامي أسامة جاويش: "التضخم في مصر بلغ  101 بالمئة، حوالي خمسة أضعاف المعدل الرسمي، وأعرف من أصدقائي المصريين الذين أتحدث معهم بانتظام، يقولون لي إن رقم 101 في الشارع قريب جداً، ويمكنني القول إننا قمنا بالكثير من البحث العلمي حول ذلك، وفي هذه البيئات من معدلات التضخم المرتفعة، فإن معيار تكافؤ قوة الشراء بالشكل الذي أستخدمه دقيق جداً".

وعن تضارب الأرقام بين بياناته وبيانات الحكومة المصرية، أوضح: "في مكان مثل مصر يوجد الكثير من الفساد، إنهم يتلاعبون بالبيانات وقد تلاعبوا بها بالفعل، تلك هي المشكلة، حيث تتوافر كل أنواع الانتقاء والأخطاء البيانية والأخطاء الفنية، لذلك فإن الثقة في الخدمة المدنية والحكومة معدومة".

وأكمل هانكي موضحا عوامل التضخم وارتباطها بالعملة: "سبب التضخم وانهيار العملة لا يعود لعوامل خارجية مثل حرب أوكرانيا، بل لأن التضخم يكون دائماً محليا، والسيسي فقط يحاول صرف الناس عن المشكلة الحقيقية، وهي حقيقة أن لديك عملة ما هي في الواقع إلا خردة".

وأضاف: "فقد الجنيه 22 بالمائة من قيمته مقابل الدولار الأمريكي، وإذ يتراجع الجنيه فإن التضخم يُستورد، ولماذا يُستورد؟ بسبب مشكلة محلية وليس مشكلة عالمية، فالجنيه عملة محلية إنه النقود المصرية وليس عملة عالمية، ولا يوجد خارج مصر من يستخدم الجنيه لأنه بلا قيمة، ولا يُستخدم في المعاملات الدولية"

وعن تأثير التضخم على الشعب المصري، قال هانكي: "أشعر بالأسى على المصريين، وكثيرون منهم يعيشون في فقر الآن بسبب ضريبة التضخم (الغلاء)، بالمناسبة إن التضخم ضريبة هائلة لم يصوت عليها أحد، إنه ضريبة تُفرض بشكل خاص على الناس الفقراء، لأن الفقراء بحاجة لإنفاق كل دخلهم حتى يبقوا على قيد الحياة، وفي كل مرة ينفقون فيها دخلهم يضربهم التضخم، تلك هي الضريبة"، وأضاف أن النظام المصري يسير على خطى النظام السريلانكى ، والسيناريو اللبناني ."6"

كما تحدث الباحث والمحلل السياسي بمركز كارنيجي ، يزيد الصايغ، في مطلع عام 2022 ،  عن مستقبل النظام المصري برئاسة   السيسي في ظل الظروف التي تعيشها مصر، موضحا أن مصر تعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية من فقر وضعف في الاستثمار سواء الأجنبي أو المحلي، وضعف في الانتاج ومعضلات أخرى متفاقمة من سنوات طويلة، تهدد وجود النظام .

وأوضح "الصايغ"  أن معدلات الفقر ازدادت في السنوات التسع الماضية، ومعدلات الاستثمار المحلي من القطاع الخاص والأجنبي تتراجع منذ عام 2017، كما أن مصر تعتمد بشكل كبير على الإيداعات المالية من المصادر الخارجية سواء من خلال شراء سندات حكومية أو القروض.

ورأى أن القوى الخارجية لاسيما الأمريكية والأوروبية ستواصل الدعم لنظام السيسي، ولكن هذه القوى لاسيما الغربية تواجه إشكالية بسبب الظروف التي مرت بها بسبب جائحة كورونا واضطرارها إلى دعم اقتصاداتها المحلية وحاجتها للتعامل مع الآثار المترتبة على الحرب الأوكرانية.

 وحول إمكانية استمرار نظام السيسي في الحكم، رأى الصايغ أنه مازال الائتلاف الحاكم يقاتل من أجل الاستمرار، رغم ان كل الظروف تؤكد بقرب نهايته، وتابع: "أعتبر النظام المصري ائتلافا بين الرئيس من جهة، وحلفائه من جهة أخرى وهم القوات المسلحة، وهي شريك وليست فقط تابعا له، ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بشكل خاص، التي لها درجة من الاستقلالية من أجل مصالحها، فضلا عن كبار المدراء في الدولة مثل القضاء والشركات الكبرى التي لها مصالح خاصة".

وأوضح المحلل السياسي أن "هذا الائتلاف الحاكم في مصر نجح منذ الانقلاب في تفريغ وتجفيف الساحة السياسية كليا من كل القوى سواء كانت حزبية أو نقابية أو طبقية أو اجتماعية، كما أن البرلمان المصري أصبح  عبارة عن "دمية متحركة".

وأشار إلى أن مصر إذا دخلت إلى "النفق الضيق" من مشكلات مالية متنامية بسرعة، قد تجد نفسها في وضع أن اعتمادها على الديون الخارجية وتعرضها للضغوط الخارجية قد تصل لنقطة لا يستطيع فيها الرئيس سوى القيام بإعادة النظر في سياسته الاقتصادية والاستثمارية، وهذا يعني حكما إعادة النظر في دور القوات المسلحة، وفتح المجال للقيادات العسكرية المصرية للبدء بحوار داخلي حول إعادة اصطفاف الأولويات ونقل المسؤوليات إلى وزارات مدنية."7"

من جهة أخرى، أكد تقرير ل"معهد الشرق الأوسط " في منتصف فبراير 2023، أن النظام المصري "يسير  على حبل مشدود، يكاد أن يقع"

 وقد تناول التقرير  الأزمة الاقتصادية المزمنة في البلاد، والتي أفرزت عدة مستويات من المعاناة الاجتماعية والمخاطر السياسية غير المسبوقة.

وقال، وفقا لترجمة نشرها موقع "الخليج الجديد": إن الحكومة المصرية تأمل بشدة في تدفق استثمارات دول الخليج الصديقة الغنية بالنفط، لا سيما الإمارات والسعودية وقطر، مقترنة بعودة "الأموال الساخنة"، وزيادة عائدات السياحة، ودخل قناة السويس، والنفط والغاز الطبيعي ، ولكن هذا لم يحدث وأصبح النظام في أشد لحظات الكرب والخوف من المستقبل .

وأشار إلى أن مصر حاليا مثقلة بالديون، وتعتمد بشكل كبير على الواردات، بما في ذلك السلع الغذائية الأساسية والمنتجات النفطية، ويقال إنها تتأرجح على وشك التخلف عن السداد عندما يتعلق الأمر بسداد ديونها الخارجية والفوائد على قروضها غير المسددة .

وختم التقرير بان النظام ليستمر في سدة الحكم عليه تغيير المسار الحالي له، وإجراء إصلاحات هيكلية حقيقية من شأنها أن تخلق قاعدة صناعية قادرة على دعم الاقتصاد على المدى الطويل، بما في ذلك في أوقات الأزمات الخارجية" وإلا سيقع فريسة للإفلاس ، وستتسبب سياساته في ثورة غضب شعبية تطيح به ."8"

وفي مقال يكشف وضع السيسي الحالى ، أكد الكاتب والناشط الحقوقي المصري "عبدالرحمن منصور" ، بموقع مجلة "فورين بوليسي" وترجمه "الخليج الجديد"، عن رؤيته لمآل حكم النظام العسكري في مصر، مشيرا إلى أن الديمقراطية لم تعد حاجة سياسية وحقوقية في البلد العربي الكبير فقط، بل أصبحت حاجة ملحة لإصلاح اقتصاده أيضا، وقال : "من المفارقات أن حكم السيسي، وهو رجل عسكري، أصبح التهديد الأكثر إلحاحًا لحكم الضباط الذي استمر 70 عامًا".

وذكر "منصور"، في مقال نشره أن حكم "السيسي" يقوض العقد الاجتماعي الذي صاغه الضباط عام 1952، والذي يمكن القول إنه كان حجر الزاوية للاستقرار السياسي في مصر، وأوضح أن هذا العقد أسس تفاهمًا غير مكتوب، تسامحت فيه قطاعات كبيرة من المجتمع المصري مع تجاوزات النظام للحقوق السياسية مقابل منافع اقتصادية واجتماعية ترعاها الدولة.

واضاف: منذ عام 2013، عندما أطاح العسكريون بحكومة الرئيس الراحل "محمد مرسي"، سيطر "السيسي" وحلفاؤه على أجهزة الدولة المصرية، وبعدما أصبح رئيسًا رسميا في عام 2014، أصدر مجموعة من القوانين المثيرة للجدل، التي حولت القضاء فعليًا إلى أداة للحكومة، وبالتعاون مع حلفائه في البرلمان، عدل "السيسي" الدستور للتخلص من سقف عدد مرات الترشح للانتخابات الرئاسية، ما يسمح له بالبقاء في السلطة حتى عام 2030.

وأضاف أن "السيسي" همش كل من حاول تقديم نفسه كبديل لحكمه، بما في ذلك رجال الأعمال، الذين تعرضوا لضغوط كبيرة كي يتبرعوا قسرا لصندوق تحيا مصر، الذي يُنظر إليه باعتباره أداة للنظام لابتزاز المصالح التجارية وتمويل مشاريع "السيسي" السياسية.

لكن شبح الوضع اللبناني يلوح في الأفق، حسبما يرى "منصور"، مع فارق جوهري، هو أن مصر دولة ذات عدد سكان أكبر بكثير، حيث يعاني ملايين الأشخاص من الفقر ويعيشون أيضًا في ظل اضطهاد سياسي شديد وغالبًا ما يكون عنيفًا.

ويؤكد الناشط الحقوقي المصري أن "هذا الوضع المتدهور بسرعة لا يمكن تحمله، وقد يؤدي الانهيار المالي على الطريقة اللبنانية في مصر إلى اضطرابات سياسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط"."9"

ثالثا : الكيان الصهيوني يحذر من نهاية كارثية

في ظل الأوضاع المنهارة في مصر، توالت منذ مطلع العام الجاري 2023 ، تقارير صحفية من جانب الكيان الصهيوني، تحذر من نهاية كارثية لنظام السيسي ، حيث قالت صحيفة "إسرائيل هيوم"، استنادا إلى شهادات لمواطنين مصريين، إن هناك رغبة شعبية كبيرة للخلاص من  السيسي.

وبحسب التقرير، الذي أعدته الكاتبة الإسرائيلية "دانا بن شمعون"، فإن العديد من شهادات المواطنين المصريين  تعكس سوء الأوضاع الاقتصادية هناك. "10"

وترى الأصوات الصهيونية التي تحذر من احتمال إفلاس مصر، أن لدولة الاحتلال مصلحة استراتيجية في ضمان الاستقرار لدى جارتها الجنوبية، خاصة وأن تصدير الغاز الإسرائيلي من خلالها بات أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع العلم أن التقديرات الإسرائيلية تتحدث عن أن الوضع الاقتصادي في مصر بات يشكل ذروة التحديات الهائلة للنظام الحاكم، مع تزايد عدد المصريين، وندرة مصادر دخلهم، وسياسته الاقتصادية الفاشلة بتعزيز الإصلاحات الأساسية.

مايكل هراري، الدبلوماسي والسفير السابق والمحاضر في العلوم السياسية، أكد أن "تفاقم الوضع المصري في السنوات الأخيرة بسبب أزمة كورونا وحرب أوكرانيا، يتزامن مع زيادة صادرات الغاز من مصر، ووصولها كميات قياسية، وبيعها بأسعار مرتفعة، إلا أن ذلك لا يكفي لمواجهة النفقات المصرية الباهظة، وفي الآونة الأخيرة أصبح الوضع أكثر حدة، بحيث تسمع أصوات تحذر من إمكانية الإفلاس".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "البيانات الاقتصادية المصرية مقلقة للغاية لإسرائيل، حيث يزيد دينها القومي على 220 مليار دولار، منها 155 مليارا ديون خارجية، ونصف ميزانية الدولة مخصصة لسدادها، وبلغت خسارة الجنيه المصري لقرابة 32 أمام الدولار، حتى باتت مصر تعتمد على قروض صندوق النقد الدولي ودعم دول الخليج، بالتركيز على السعودية والإمارات، عبر ودائع ضخمة في مصر، مما يؤدي لتحسين ميزان المدفوعات وخزينة الدولة، وتقديم ضمانات للقروض من المؤسسات الدولية".

وأكد أن "الدعم الدولي والإقليمي يستند إلى أهمية مصر الهائلة للاستقرار، وحقيقة أن نظام السيسي يقف بحزم ضد الإسلام السياسي، وهي مصالح مشتركة بين مختلف الأطراف، حتى الآن. ورغم ذلك باتت إسرائيل ترى تلميحات عن حدوث تغيير في مواقف دول الخليج، وظهور بوادر مقلقة في ضوء غياب السعودية والكويت عن اجتماع طارئ دعت له الإمارات لدراسة سبل مساعدة مصر والأردن، مما أعطى تعبيرات مثيرة للقلق عن تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر".

وأشار إلى أن "فرضية تخلي قادة دول الخليج عن مصر تتزامن مع طرح تساؤلات عما إذا كانوا يشكون بقدرة السيسي على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في بلاده، في ضوء ما يسرده من مشاريع ضخمة مثل بناء العاصمة الإدارية الجديدة، والسيطرة العسكرية العميقة على الاقتصاد، وسط استعادة للتاريخ المصري من حيث مقارنة ديون مصر السيسي مع ديون الخديوي إسماعيل في القرن التاسع عشر، حين ترك ديونًا ثقيلة زادت بشكل كبير من الاعتماد على الإمبراطورية البريطانية، صحيح أنها مقارنة غير مألوفة، لكنها ذات دلالات إشكالية".

وأكد أن "القراءة الإسرائيلية للواقع المصري القائم تضع يدها على المخاوف من تداعيات إشكالية على ساحتها الداخلية، وبالنسبة لإسرائيل فإن دعم مصر مصلحة استراتيجية من الدرجة الأولى، فضمان استقرارها يعني استمرار سياستها التي تقود استراتيجية إقليمية مشتركة في مواجهة التهديدات القائمة، وفي السنوات الأخيرة تعمق بشكل كبير لقاء المصالح الاستراتيجية بين القاهرة وتل أبيب، بغض النظر عن هوية الحكومة الإسرائيلية، وينعكس ذلك في قطاع غزة، وشرق البحر المتوسط، ومواجهة السياسة الخارجية لطهران، وهنا يجب على إسرائيل أن تؤكد على بقاء الاستقرار في مصر كما هو، وحذر من فقدان السيسي لكرسي الحكم ، وأن على الكيان الصهيوني سرعة أنفاذ الحليف الرئيسي بالمنطقة ."11"

وفي مقال نشره على موقع "القناة 12"، وترجمته "عربي21" ، ذكر المستشرق الصهيوني إيهود يعاري أنه في الوقت الذي تشهد فيه مصر أزمة اقتصادية حادة، فإن التقديرات الإسرائيلية المتزايدة تتحدث عن أن خطر اندلاع غضب جماعي في الساحات العامة لم يعد سيناريو وهميًا، فقد تتدهور الدولة ذات الـ110 ملايين نسمة إلى حالة إفلاس بسبب ديونها الهائلة، فيما يتصاعد عدد سكانها الفقراء بمعدلات مذهلة

 أضاف، أن "الأرقام تقول كل شيء، حيث فقد الجنيه المصري نصف قيمته، وتم تخفيض الرواتب إلى النصف، وارتفعت الأسعار بنسبة 40٪، وتضاعفت تكلفة المنتجات الغذائية، بينما تجاوز التضخم الـ25٪، وتم التعهد بنصف الميزانية لدفع فوائد الدين الوطني، حيث يجب سداد 100 مليار دولار منها في السنوات الأربع المقبلة، وقام المستثمرون بسحب 20 مليار دولار من البلاد في الأشهر الأخيرة، وهذه أرقام لكارثة وشيكة في مصر".

وقال : صحيح أن  السيسي نجح بالحفاظ على السلام مع إسرائيل، والحصول على ودائع بعشرين مليار دولار سنويا من الدول النفطية العربية، لكن القلق من انهيار مصر يتزايد، بعد أن بدأت السعودية، تلتها الكويت، بالإشارة إلى أن منحهم المالية على وشك الانتهاء، ورفض كلاهما المشاركة في المؤتمر الطارئ الذي دعا إليه حاكم الإمارات محمد بن زايد في أبوظبي لمساعدة مصر والأردن".

وأوضح أنه "بدون هذه المساعدات الخارجية، فسوف تشابه مصر الأرجنتين المفلسة، أو أنها ستصبح لبنان الثانية". "12"

وفي سياق متصل، رجحت صحيفة "هآرتس"، أن تتسبب سياسات حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينية الجديدة بزعامة بنيامين نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني، بالتزامن مع سياسات النظام المصري بزعامة عبد الفتاح السيسي، في إثارة الشعب المصري ودفعه لتنظيم احتجاجات والخروج إلى الشوارع بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

وأوضحت "هآرتس"، في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، أن رئيس مجلس الوزراء المصري الحالي مصطفى مدبولي، عمل خلال الأيام الماضية من أجل "التمهيد لرفع سعر الخبز والوقود والسلع الحيوية"، في ظل أزمة اقتصادية كبيرة تشهدها مصر، لأن "رفع أسعار هذه السلع أدى لمظاهرات حاشدة في الدولة، والسيسي، توقع حدوث ارتفاع أكبر في الأسعار، يمكن أن يؤدي إلى احتجاج جماهيري واسع النطاق يهدد استقرار مصر النسبي".

وقالت: "المصريون لم يعودوا يعرفون الأسعار التي تنتظرهم في كل صباح، حيث فقدت رواتبهم نحو 30 في المئة من قوتها الشرائية"، منوهة أن "السيسي يفهم بأنه لا يمكنه مواصلة التبذير بدون حساب وأن يشد الحزام على المواطنين".

 واستبعدت الصحيفة، نجاح رئيس الحكومة المصري في العثور على "خطة اقتصادية منظمة تفصل الطريقة التي يقلص بها العجز التضخم الذي بلغ 20 في المئة وخفض الأسعار"، مضيفة: "مشكوك أن يكون بالإمكان العثور في كتب الاقتصاد على خطة كاملة كهذه، لكن يمكن تشخيص محاولات أولية"، واكدت ان نظام السيسي سائر في طريق مسدود سيصل به لمرحلة الرحيل . "13"

رابعا : أفق متسع لمستقبل الإخوان السياسي

"الإخوان المسلمون" من أهم الحركات المؤثرة في الواقع المصري، وفي المستقبل السياسي للبلاد" ...هذا ما أكده تقرير لموقع مدرسة الفكر العلمي (IDM) التركى، مبيّنا أنه بالرغم مما تعرضت له من ضغوط أمنية غير مسبوقة في عهد السيسي، سترسم الحركة الإسلامية الأكثر تجذرًا في العالم الإسلامي طريقها بعد الانقلاب، والمتوقع أن يجدد الإخوان المسلمون أنفسهم ويقفون من جديد، مستغلين إمكانيات البنا في تأسيسه الأول، ويوجهون مصر أولاً ثم جميع مسلمي العالم."14"

وقد أكد الباحث أشرف الشربيني، في دراسة له، أن هناك محاولات استحداث ثورة فى الشارع المصرى، استنساخا من ثورة يناير 2011، لم تنقطع منذ 2014، لكن يجمعها جميعا أنها انطلقت من غير الإخوان المسلمين، لذلك أخفقت فى تحقيق حالة حراك حقيقية.

وأكدت الدراسة أن "الإخوان" لاعبين أساسين في الحياة المصرية، وأن أفقا مستقبليا لن يكتمل من غيرهم، و أي تغيير حقيقي لابد أن يستوعبهم، وأن التيارات التى تسعي لتغيير مستقبلي بمصر لن يحققوا نجاحات جادة من غير التنسيق مع جماعة الإخوان .

كما أكدت الدراسة أن ثورة يناير كانت خير شاهد على الدور افعال للإخوان في إحداث التغييرات السياسية في الماضي، وأن المستقبل ممكن أن يحمل دورا فعالا لهذه الجماعة في مختلف مجالات الحياة، خاصة بعد اكتواء المصريين بفشل العسكر. "15"

في السياق ذاته، أكدت دراسة حديثة لقسم العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن الأمريكية، أشرف عليها الباحث مارك لينش، بمساعدة تحريرية أكاديمية من بيورن أولاف أوتفيك، و برينجار ليا ، عن "دور الاخوان المستقبلي في مصر" ، أن هذه الجماعة قادرة على العودة السريعة بعد رفع الضغوط عنها، وأنها قادرة على تنظيم صفوفها من جديد، وأن لديها  مرونة في التعامل مع الأحداث ولديها قدرة على العودة إلى الحياة العامة، وأن الظروف السياسية والاقتصادية الكارثية بمصر والمنطقة العربية تهيئ لتعبئة إسلامية جديدة، من الممكن ان تقودها جماعة الاخوان.

كما أكدت الدراسة أن الظاهر الان أنه من الصعب على الإخوان إعادة بناء روابط عضوية مع المجتمع لوجود معظم قادتهم في السجن أو المنفي، لكن بعد زوال الضغوط ممكن أن تعود للعب دور جيد بشكل متدرج.

وقالت إن الدولة المصرية عاجزة عن سد الثغرات في تقديم الخدمات الاجتماعية التي كانت تقدمها الحركات الإسلامية.

 واضافت أن الانضباط الأيديولوجي والتنظيمي لجماعة الإخوان يثير الاهتمام رغم مواجهة سلميتهم بالقمع، موضحة أن الإسلام السياسي، وعلى رأسه جماعة الإخوان أثبت قدرته على الصمود على مدى عقود من الناحيتين الإيديولوجية والتنظيمية، وان عدم الاستقرار السياسي والتعبئة الشعبية ضد المظالم الاقتصادية والسياسية تمهد لعودة الإسلاميين وأن عودة الإسلاميين إلى المعارضة يمكنهم من إعادة بناء مؤهلاتهم الشعبية وتركيز الغضب على السلطة."16"

وقال تقرير لموقع تليفزيون الميادين، تحت عنوان "مستقبل تنظيم الإخوان المسلمين" أن أي مستقبل سياسي لمصر لابد أن يلعب الإخوان دورا فيه، فهم أكبر وأقدم تنظيم إسلامي في العالم العربي والإسلامي، ومرّت تجربة الإخوان بمراحل ومحطّات متعدّدة، حيث حكم التنظيم تارة وكان معارضًا تارات، وأنه تغلغل في كلّ الجسد الإسلامي من طنجة وإلى جاكرتا.

و أكد التقرير أن الجماعة ليست في طريق النهاية، بل تسير في طريقها الذي بدأته منذ أكثر من 90 عامًا، وحقّقت فيه الكثير من أهدافها ولا تزال تواصل المسير، في حين اندثر الكثير من الكيانات والجماعات.

 وأوضح أن المراجعات داخل الجماعة لم تتوقّف يومًا، ولا بدّ من أن يُدرك الجميع أنّ هناك فرقًا كبيرًا بين المرونة في المراجعة ومواجهة الواقع، وبين التراجُع والانزلاق الذي يؤدّي إلى تجاوز الثوابت والانهزام أمام الواقع"

وأضاف التقرير: "لقد أعطى الحراك المصري ضدّ نظام حسني مبارك شرعية سياسية وقانونية للوجود الإخواني والحركة والتنظيم، فحصلت الجماعة على شرعية التواجد من خلال حزب الحرية والعدالة، وفَقَد الأخوان في مصر الرئاسة والبرلمان والنقابات، وكل الوجود في مفاصل المجتمع المصري وطُرِدوا من الخليج وحوصِروا في تونس، وسقطوا في السودان، لكن كل هذه ظروف استثنائية ومن الممكن أن تتغير لو زالت الضغوط علي هذه الجماعة".

وأكد التقرير أن الجماعة تجري بصورة مستمرة مراجعات دائمة... ويجب أن نتعامل مع الإخوان المسلمين كأيّ حركة اجتماعية سياسية مُتجذّرة، وتستطيع ان توفق أوضاعها مستقبلا وتعود بقوة للساحة الدعوية والسياسية، بعد زوال التنكيل بها".   

وأكد د. أسامة جادو في ثنايا التقرير، أن  مستقبل دعوة الإخوان المسلمين مستمرّ بإذن الله، وإذا انحصرت الدعوة الإسلامية في وقت يفتح لها أوقات، وإذا ضيّق عليها في قُطر لها أقطار إذا تعثّرت في بلد بلاد أخرى تستمر هذه الدعوة هذا، وأن  هناك مراكز بحثية أصدرت عشرات بل مئات الدراسات والأبحاث عن الربيع العربي وعن تحرّر الشعوب، وكيف لعبت هذه الجماعة ذات التاريخ الكبير دور بارز في المجتمعات التى نشأت فيها . "17"

المصادر:

  1. "ميدل إيست آي: هل مصر على شفا ثورة أخرى؟" ، الخليج الجديد ، 26 يناير 2023  ، https://cutt.us/XMbxx
  2. "موقع روسي: الأزمة الاقتصادية تهدد مصر بربيع عربي جديد" ، عربي21، 2فبراير 2023 ، https://cutt.us/42zOn
  3. عادل رفيق عادل رفيق، WPR":  السيسي يجلس على برميل بارود بمصر" ، المعهد المصري للدراسات" ، 15 ديسمبر، 2022 ،   https://cutt.us/I8dTu
  4. FT" : دولة السيسي الجديدة فشلت رغم الدعم الخليجي" ، عربي21 ، 19 يناير 2023 ، https://cutt.us/XtKPm
  5. "ECO: خيارات السيسي تتضاءل.. والمصريون فقدوا الثقة في قيادته"، عربي21 ،  25يناير 2023 ، https://cutt.us/4duRn
  6. "هانكي: مصر تواجه خطر الإفلاس ومشروعات السيسي ستؤدي لكوارث اقتصادية" ،عربي 21 ، 27 يناير 2023 ، https://cutt.us/mtY6f
  7. "يزيد الصايغ يتحدث عن مستقبل حكم السيسي بمص" ، عربي 21 ، 14 يناير 2022،   https://cutt.us/wYo4b
  8. "معهد الشرق الأوسط: مصر تأمل في 6 وسائل لتجاوز أزمتها الاقتصادية وتسير على حبل مشدود" ، الخليج الجديد ،  10 فبراير 2023  ، https://cutt.us/DBSYg
  9. "فورين بوليسي" : السيسي يهدد جمهورية الضباط.. لماذا تحتاج مصر إلى الديمقراطية لإصلاح اقتصادها؟" ،الخليج الجديد ،   9 فبراير 2023  ، https://cutt.us/JSc2e
  10. "صحيفة عبرية: الشعب يريد الخلاص من السيسي بسبب الاقتصاد" ، الخليج الجديد ،  20 يناير 2023 ، https:/