جمهورية قراتشاي – تشركيسيا
الاثنين - 17 مايو 2021
هي إحدى جمهوريات الاتحاد الروسي، تقع في شمال غرب القوقاز، تحدها جمهورية قبردينو - بلقاريا من الغرب وجمهورية جورجيا من الجنوب، وإقليم ستافروبول من الشمال، وتتمتع جمهورية قرتشاى شركسا بحكم ذاتي منذ عام 1991.
المساحة والسكان:
تبلغ مساحتة جمهورية قرتشاي تشركسيا حوالى 14،100 كيلو مترمربع،ويبلغ عدد سكانها 370،000 نسمة ومدينة تشيركيسك هي عاصمة الجمهورية وسكانها حوالى92،000 نسمة.
النشاط البشرى:
يعتبر الرعي أهم حرفة لدى السكان ، كما تشكل الزراعة قطاعا هاما بالنسبة لسكان الجمهورية.
أهم المدن:
- تشيركيسك وهى عاصمة الجمهورية.
- قراتشايفسك
- تبردا
دخول الإسلام إلى قرتشاى تشركسيا:
وصل الإسلام، إلى جمهورية قرتشاي تشركسيا في فترة مبكرة، ودُعم وصوله بالأتراك العثمانيين، وظهر بينهم العديد من الدعاة في أواخر القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين، وساد الإسلام المنطقة قبل استيلاء قياصرة الروس عليها في سنة 1297هـ، 1879م، ولقد تعرض سكان الإقليم للتعصب الديني في عهد القياصرة، وعند ما سيطر السوفييت على الحكم في روسيا تحولت منطقة الأديغا إلى إقليم ذاتي الحكم في سنة 1341هـ، 1922م
غير أن الإسلام دين الأغلبية، ورغم أن الإسلام تعرض للعديد من التحديات في هذه المنطقة إلا أنه لا زال يسيطر، ويتبع المسلمون في جمهورية قرتشاي الشركسية الإدارة الدينية لمسلمي شمال القوقاز في محج قلعة بجمهورية داغستان..
الشركس في جمهورية قرتشاى تسركسيا:
ورغم أن اسم الشركس أطلق على الجمهورية، وعلى عاصمتها ، الشركس لايشكلون فيها أكثر من 2,7% من جملة السكان، حوالي " 47 ألف " وباقي السكان من أعراق أخرى .. ذلك لأن الشركس نظراً للظروف القاسية التي تعرضوا لها تسببت في تشتتهم ، وقد قدم الشركس عبر تاريخهم الطويل قوافل الشهداء، ونافحوا عن ثغور الدولة الإسلامية دون هوادة، وكان لهم دور لا ينسى، في حماية حدود دولة الخلافة العثمانية، مع روسيا القيصرية العدو الأول للإمبراطورية العثمانية، وكان للشركس بصمتهم خاصة في وسط أسيا، وبفضل موقعهم الفريد بين بحر قزوين والبحر الأسود، كان لهم حضور قوي في الأحداث والصراعات التي لم تمنح المنطقة فسحة من الهدوء النسبي، إلا خلال فترات محدودة أهمها الحقبة العثمانية التي أخضعت البحر الأسود لسيادتها في عهد قوتها.
معاناة الشركس:
أدى ضعف الدولة العثمانية، واشتداد تآمر الدول الكبرى الطامعة بممالكها الواسعة، إلى تحرك روسيا القيصرية التي قويت شوكتها، وأخذت بنهش جسد الدولة العثمانية، فتسقط الولاية تلو الأخرى، فوجد الشركس المسلمون أنفسهم في مواجهة كبرى، مع قوة إمبراطورية ضخمة، فشكل الشركس جيشاً قوامه (18) ألفاً لمواجهة روسيا، وتمكن من تحقيق انتصارات كبيرة، لكن هذا الجيش الوليد لم يكن في مقدوره مواجهة فيالق الروس وتسليحها الحديث.
في ظل هذه الظروف ولد القائد الشركسي (ميرزا وصفي) شمال القوقاز، والأرض تميد بأهلها، وينتمي (ميرزا) إلى قبيلة الأبزاخ الكبيرة، المعروفة بشدة بأسها، وقد تربى في كنف والده تربية عسكرية، فوالده (الغازي قوموق)، (والغازي) لقب عسكري بمعنى قائد، وهو لقب لقادة الجيوش العثمانية، لذا حظي ميرزا بتربية عسكرية خاصة، بالإضافة إلى ما تمتع به الشركس من صفات الفروسية والشجاعة بشكل فطري، بسبب البنية القبلية للمجتمع وتكاثف الأخطار.
وبعد اجتياح الجيوش الروسية لجمهورية الشركس، فرضت عليهم التهجير القسري، الذي طال معظم القبائل الشركسية، مما أجبرهم على الانتشار في الديار الإسلامية، متمسكين بدينهم وانتمائهم لهذه الأمة الكبيرة، تاركين خلفهم وطنهم وأحلامهم وذكرياتهم، وقد عرفت هجرة الشركس في العصر الحديث، بمشقتها والمخاطر التي أحاطت بها، فقد تطلب بعضها أشهراً من السير حتى الوصول إلى مواطن الاستقرار الجديدة، الممتدة من البلقان إلى بلاد الشام حتى مصر.
وعندما هاجر ميرزا إلى البلقان قام بتشكيل فرقة عسكرية شركسية داخل الجيش العثماني، وخاضت هذه الفرقة معارك كبيرة في عدة جبهات في البلقان، كحرب الصرب عام 1876 ، وحرب الجبل الأسود، ومعارك ضد الروس في بلغاريا، وأسهم في اختراق حصار فرقتين عثمانيتين من قبل الروس، بالإضافة لمعارك الدردنيل، وكذلك في البلاد العربية، وحقق انتصارات في عدد منها، حيث منحته الدولة لقب باشا، نظير تميزه وجهوده المخلصة.
بعد ذلك تم تكليف هذه الفرقة بقيادته بحماية الخط الحديدي الحجازي، الممتد بين الشام والمدينة المنورة، وقد أصبح خلال هذه الفترة زعيماً للشركس الذين استقروا في الأردن فأصبحت وطنهم الجديد، وكان من أبرز زعماء الشركس في بلاد الشام، وأوكلت لفرقته المساهمة في حفظ الأمن في عدد من ولايات المنطقة العربية، وقد بادرت هذه الفرقة في نجدة أهالي قرى حوران من هجمة الدروز، دون انتظار أمر السلطان العثماني، وقد عادت هذه القوات إلى الأردن بعد استتباب الأمر للدولة، رغم غضب قائد الدرك العثماني في الشام (خسروف باشا) الذي كان شركسيًا أيضًا.
محنة الشركس:
تعرض شعب الشركس للإبادة الجماعية التى امتدت ما بين عامي 1763 و1864م، وقد انخفض عدد الشراكسة من مليوني نسمة إلى 217 ألف نسمة في تعداد عام 1897م.
حيث حارب الشراكسة زحف الإمبراطورية الروسية لأكثر من قرن من الزمان، وأدت هزيمتهم النهائية إلى إبادة جماعية وعملية تهجير قسرية. وقد حدد رئيس أركان الجيش الروسي ديمتري ميليوتين أهداف الإمبراطورية في الحرب في مذكرة عام 1857م صادق عليها الإمبراطور اسكندر الثاني.
وتلخص المذكرة الهدف من الحرب بأنه "ليس تطهير التلال والساحل من الشراكسة فحسب، بل الهدف هو إفناء الشراكسة المسلمين لتطهير الأرض من هؤلاء الجبليين".
وقد قام الجنود الروس بحرق القرى الشركسية بطريقة ممنهجة، حيث تم حرق كافة قرى الشابسوغ (منطقة سوشي) دون استثناء، بينما قامت خيول القوزاق المرتزقة بسحق المحاصيل في الحقول.كما تم حرق أكثر من ألف قرية في مناطق الأبزاخ لوحدها بين عامي 1857 و1859م.
وقد تم ترحيل الشراكسة الذين استسلموا لحكم القيصر الروسي إلى مناطق أخرى في السهول الشمالية، بينما أرسل الذين رفضوا الإذعان للقيصر إلى الشواطئ للتهجير إلى الدولة العثمانية.
أما الذين فروا من قراهم المشتعلة، رجالا ونساء وأطفالاً، فقد قضى معظمهم من الجوع والبرد في الغابات والجبال.
التواجد الشركسي قبل الإبادة والتهجير القسري:
ولا توجد سجلات موثقة لعدد الشراكسة الذين قتلوا في الإبادة الجماعية أو قضوا غرقاً أو من الجوع والمرض والبرد خلال عمليات التهجير.
ولكن المعروف هو أن عدد الشراكسة ، كان يزيد على مليوني نسمة.
فقد تم إخلاء شمال غرب القوقاز من الشركس، بشكل كامل تقريباً، و توطين حوالى من120 – 150 ألف من الشراكسة في أماكن أخرى من الإمبراطورية الروسية.
والأراضي الشركسية التي تم إخلاؤها وتدميرها، فقد استوطنها الروس والقوزاق والأوكرانيين والأرمن وغيرهم.
وبلاد الشراكسة التاريخية قبل الإبادة الجماعية كانت تغطي مساحة تزيد على 100 ألف كيلومتر مربع. أما بعد الإبادة الجماعية فلم تبق مدينة أو قرية في القوقاز ذات أغلبية شركسية.
.