حرية "الإنترنت" في العالم| مصر والسعودية والإمارات بين الأكثر قمعا

السبت - 26 أكتوبر 2024

  • الحكومات تنشر تعليقات مضللة مؤيدة لها لتزعم إنها "ديمقراطية"!
  • "فريدوم هاوس": لا توجد أي دول عربية ضمن قائمة الدول الحرة
  • الأنظمة العربية قمعت الداعمين المقاومة في فلسطين ولو إلكترونيا

 

إنسان للإعلام- تقرير مترجم:

في تقريرها السنوي الأخير حول "حرية الإنترنت في دول العالم"، الصادر يوم 16 أكتوبر 2024،  أشارت منظمة "فريدوم هاوس" الأميركية غير الحكومية، إلى استمرار التراجع الحاد للحقوق الرقمية على المستوى العالمي للعام الـ 14 على التوالي، وخاصة في الدول العربية.

التقرير شمل 72 دولة، تُشكل حوالي 87 في المئة من مستخدمي الإنترنت في العالم، وستجري 41 منها -أو أجرت بالفعل- انتخابات وطنية هذا العام.

أكد  التقرير تراجع حرية الإنترنت العالمية وانخفاض الحماية لحقوق الإنسان عبر الإنترنت في 27 دولة من أصل 72 دولة يغطيها التقرير، مع بعض التحسن في 18 دولة.

وقال إنه في ثلاثة أرباع البلدان واجه مستخدمو الإنترنت الاعتقال بسبب التعبير السلمي عن آرائهم السياسية والاجتماعية والدينية عبر الإنترنت، وتعرضوا لأحكام سجن قاسية تتجاوز 10 سنوات.

وتعرض البعض للاعتداء الجسدي أو القتل انتقاما لأنشطتهم على الإنترنت في 43 دولة على الأقل، وهو رقم قياسي.

وخلص التقرير إلى أن الحكومات في 25 دولة حجبت مواقع إلكترونية أو قيدت الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي أو قطع الاتصال بالإنترنت بالكامل.

كما أدى إغلاق الإنترنت والأعمال الانتقامية، بسبب التعبير عبر الإنترنت، إلى خلق بيئات أكثر خطورة للأشخاص المتضررين من العديد من النزاعات المسلحة الكبرى في جميع أنحاء العالم.

تضليل اللجان

أشار التقرير، الذي غطى الفترة من يونيو 2023 ولغاية مايو 2024، إلى استخدام الحكومات لتعليقات مؤيدة للتوجه الحكومي لنشر معلومات مضللة عن العمليات الديمقراطية.

أكد أنه في 21 دولة على الأقل من بين 41 دولة، قامت اللجان الإلكترونية المؤيدة للحكومات بالتلاعب بالمعلومات عبر الإنترنت، مما أثار الشكوك في كثير من الأحيان حول نزاهة النتائج وزرع انعدام الثقة على المدى الطويل في المؤسسات الديمقراطية.

بالإضافة إلى ذلك، أدى تدخل الحكومات وتقليص آليات الشفافية على منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية إلى تجميد جهود الباحثين المستقلين ومجموعات الإعلام لإلقاء الضوء على عمليات التأثير المتعلقة بالانتخابات.

ووفقا للتقرير، فقد حصل أكبر انخفاض في حرية الإنترنت في قيرغيزستان تليها أذربيجان وبيلاروسيا والعراق، وزيمبابوي. وعلى العكس من ذلك حققت زامبيا أكبر تحسن مع فتح مساحة للنشاط عبر الإنترنت.

وصنف التقرير الصين وميانمار باعتبارهما الأسوأ في العالم من حيث حرية الإنترنت، مضيفا أن هذه هي المرة الأولى منذ عقد من الزمن التي تحتل فيها أي دولة مرتبة متدنية مثل الصين.

منع دعم غزة

أشار التقرير إلى أن العديد من الأشخاص واجهوا قيود للتعبير عن آرائهم حول الصراع في الشرق الأوسط بين "إسرائيل" والمقاومة الفلسطينية في العديد من البلدان، بما في ذلك البحرين والمملكة العربية السعودية والأردن.

ففي الأردن مثلا، أُلقي القبض على عشرات المستخدمين بين أكتوبر ونوفمبر 2023 بموجب قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في البلاد بسبب منشوراتهم التي تنتقد علاقة الحكومة الأردنية بـ"إسرائيل" أو تدعو إلى احتجاجات دعما للقضية الفلسطينية.

توجيه الانتخابات بمصر

وفي مصر، صدرت توجيهات من شركة "المتحدة للخدمات الإعلامية" المملوكة للدولة لوسائل الإعلام التابعة لها بوقف التغطية الانتخابية للانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2023، بما في ذلك الأخبار التي تُظهر انخفاض نسبة الإقبال أو تعرض الناخبين لضغوط لاختيار مرشح معين، بحسب منصة التحقق "صحيح مصر."

شدد التقرير على أن هذه الواقعة تبرز كيفية تعامل السلطات مع الجهات التي تسعى لتقديم معلومات دقيقة حول العملية الانتخابية، ما يعكس سيطرة حكومية على وسائل الإعلام وإضعاف جهود التحقق المستقلة.

وقال: "لقد سعت العديد من الحكومات (بينها مصر) إلى التحكم في نتائج الانتخابات مع استمرارها في المطالبة بالشرعية السياسية التي لا يمكن أن تمنح إلا من خلال انتخابات حرة ونزيهة. وكثيراً ما عززت الرقابة والتلاعب بالمحتوى الجهود المبذولة خارج الإنترنت لزرع بذور الشك في التصويت أو التلاعب به".

ومثلها مثل البلدان الاستبدادية، حشد المعلقون المؤيدون للحكومة المصرية جهودهم لتصوير الانتخابات الصورية على أنها حرة ونزيهة. كما قام عدد من شاغلي المناصب بتقييد الوصول إلى المحتوى المتعلق بالمعارضة، مما أدى إلى تقليص قدرة الخصوم على إقناع الناخبين وتعبئتهم، أو ببساطة تعزيز رواياتهم المفضلة حول نتائج الانتخابات.

وكثيراً ما بدأت الرقابة والتلاعب بالمحتوى قبل فترة طويلة من فترة الانتخابات، مما أدى إلى تعطيل المناقشة الحاسمة والحوار اللازم للناخبين لتشكيل آرائهم والتعبير عنها.

أيضا سنت السلطات في العديد من البلدان (مثل مصر) قوانين ولوائح أكثر صرامة تحكم المحتوى عبر الإنترنت، مما ردع الناس فعليًا عن الإبلاغ عن الانتخابات والتعبير عن آرائهم حول المرشحين والسياسات.

عنف في العراق

قال التقرير إن الصحفيين والناشطين والمدونين في العراق يتعرضون لأعمال عنف بشكل روتيني بالإضافة لعمليات اختطاف وحتى اغتيالات نتيجة منشوراتهم عبر الإنترنت.

واستشهد التقرير بحادثة قتل ناشط بارز في منظمات المجتمع المدني في أكتوبر عام 2023 على يد مهاجم مجهول، بعد أن شجعت منشوراته على فيسبوك العراقيين على المشاركة في الاحتجاجات.

صراع السودان

اتهم التقرير قوات "الدعم السريع" في السودان  بالاستيلاء على مراكز بيانات مزودي خدمة الإنترنت في الخرطوم وقطع الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء البلاد في فبراير الماضي، مما أدى لتعطيل قدرة المنظمات الإنسانية على توصيل الغذاء والدواء والمعدات الطبية.

كذلك اتهم التقرير قوات الجيش بالانتقام بشكل مباشر من الأشخاص الذين أبلغوا عن الانتهاكات أو ناقشوها عبر الإنترنت.

وأشار التقرير إلى أن كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية عذبت صحفيين وغيرهم من المدنيين ردا على الانتقادات على المنصات الرقمية.

انتخابات إيران

وفقا للتقرير، فقد فرضت السلطات الإيرانية، قبل الانتخابات الرئاسية المبكرة التي جرت في يونيو ويوليو، قوانين أكثر صرامة بشأن المحتوى عبر الإنترنت بهدف تقييد حرية التعبير المتعلقة بالانتخابات.

وجرى تجريم أي محتوى يشجع على مقاطعة الانتخابات أو الخروج في احتجاجات أو المنشورات التي تنتقد المرشحين.

وقال التقرير: إن هذه الجهود كانت بمثابة محاولة من قبل النظام الإيراني لزيادة نسبة المشاركة في الانتخابات وإضفاء شرعية على العملية الانتخابية، على الرغم من الاستبعاد التعسفي لمعظم المرشحين المؤهلين.

تصنيف ثلاثي

وصنفت الدول المشمولة بالتقرير ضمن ثلاث فئات على مستوى حرية الإنترنت وهي "حرة" و"حرة جزئيا" وغير حرة"

لم تدخل أي دول عربية ضمن قائمة الدول الحرة، لكن لبنان وتونس والمغرب والأردن والعراق وليبيا كانت من الدول المصنفة بأنها "حرة جزئيا"

بالمقابل جرى تصنيف السعودية والإمارات والبحرين ومصر والسودان ضمن الدول "غير الحرة" في مجال حرية الإنترنت لعام 2024.

وساهم أكثر من 95 محللا ومستشارا في إعداد تقرير منظمة "فريدوم هاوس" المعني بتعزيز قيم الديموقراطية، حيث استخدموا معايير موحدة لقياس درجة حرية الإنترنت في كل دولة.

تشمل هذه المعايير 21 مؤشراً يتعلق بالعوائق التي تواجه الوصول إلى الإنترنت والقيود على المحتوى وانتهاكات حقوق المستخدمين.

----------------

المصدر: