3 خطط لتهجير أهل غزة ..كيف تعامل معها الإعلام المصري والصهيوني والغربي؟

الأربعاء - 8 نوفمبر 2023

  • إعلام "السيسي" نطق بعنترية رافضا التهجير لكن النظام يقايض سرا
  • الكيان الصهيوني كشف عن  3 خطط للتهجير وضعتها استخباراته
  • الغرب تحدث عن فوائد النظام المصري من التهجير وتمويله خليجيا
  • تجاهل واشنطن انتهاكات السيسي لحقوق الإنسان مقابل خطة التهجير

 

إنسان للإعلام- خاص:

من مفارقات التناول الإعلامي لقضية تهجير أهالي غزة، بين إعلام السيسي في مصر الموجه من الجهات الأمنية، وإعلام الاحتلال الصهيوني الموجه استخباريا في الحرب، والإعلام الغربي المنحاز بقوة للاحتلال، أن الأول تحول لعنتريات إعلام عبد الناصر في النكسة، والثاني تحدث ببجاحة عن ثلاثة خطط استخبارية صهيونية للتهجير بالتنسيق مع أمريكا وأنظمة عربية، فيما تولي إعلام الغرب رصد المقابل أو الفوائد التي ستعود على نظام السيسي خصوصا خاصة أنه المعني باستقبال المُهجرين، ودور الدول الخليجية في "تمويل" هذا التهجير.

رفض التهجير ظاهريا وقبوله سرا

منذ الكشف عن الخطط الصهيونية-الأمريكية لتهجير أهالي غزة إلي سيناء اتخذ نظام عبد الفتاح السيسي موقفا رسميا رافضا لذلك لعدة أسباب منها:

  1. أن معني قبوله تهجير الفلسطينيين لسيناء، هو هدم أكاذيب روجها النظام من قبل، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن قبول الرئيس الشهيد محمد مرسي تهجير فلسطينيين إلى سيناء.
  2. أن سيناء مسألة أمن قومي وتهجير الفلسطينيين إليها يعني "بيع" جزء من سيناء مقابل أموال للنظام، مهما حاول أن يقدم تفسيرات للمصريين، فضلا عن أن قبوله ذلك يطعن في وطنية جنرالات الجيش أيضا.
  3. أن قبول التهجير معناه انتقال مقاومين فلسطينيين مع المهجرين لسيناء وقيامهم بهجمات من سيناء على الاحتلال في غزة، ما يعني تبادل معارك عبر الحدود تُدخل مصر من حيث لا ترغب في حرب مع "إسرائيل".

هذا الموقف الرسمي انعكس على إعلام السلطة الذي تحركه أجهزة الأمن والمخابرات كالعرائس الكارتونية على المسرح، وتم توجيهه لرفض التهجير بطريقة عنترية تشبه ما كان يفعله إعلام عبد الناصر خلال "نكسة 1967"، إلى حد بث أغاني وطنية وحديث نواب في البرلمان عن الحرب لو تم فرض الأمر على مصر!!

بحسب التصريحات الرسمية، التي نشرها إعلام السلطة، يرفض نظام السيسي فكرة نقل أبناء قطاع غزة إلى سيناء، ويؤكد أنه لن يتردد في اتخاذ أي إجراءات لوقف المساس بأمن مصر القومي.

لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك، وأنه لا يفعل شيئا لمنع ذلك سوى تصريحات الشجب، كما أنه لا يقوم بأي خطوات لعرقلة الخطة الإسرائيلية، بل يتبع خطوات تصب في صالحها، مثل غلق معبر رفح والتضييق على غزة ليهرب سكانها، كما يسرب معلومات عن أنه مستعد لقبول 100 ألف فلسطيني فقط لا مليونين، حسبما كشفت تقارير لصحيفة "وول ستريت جورنال" وموقع "مدي مصر".

جاسوسية السيسي لصالح "إسرائيل"

والغريب أن هذا حدث بينما أظهرت سلسلة تطورات متصلة تواطؤ نظام عبد الفتاح السيسي مع الاحتلال الصهيوني وأمريكا، لتركيع غزة وتحطيم المقاومة الإسلامية، وتهجير أهلها لإعادة رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط بلا مقاومة، أو دولة فلسطينية، دون أن يشير لذلك إعلام السلطة بالطبع.

ففي غضون ثلاثة أيام فقط، من 9 إلى 12 أكتوبر/تشرين أول 2023، كشفت مصادر مختلفة، أمريكية وإسرائيلية، أن السيسي أبلغ إسرائيل بأن حماس ستهاجمها، ونقل لها بالتالي أسرارا عسكرية، كما يقول تحليل لموقع "الاستقلال".

رغم خطورة ما كشفته هذه المصادر من أن نظام السيسي أبلغ "إسرائيل" بموعد هجوم حماس، من زاوية أن هذا "تخابر" مع إسرائيل، وأن السيسي بذلك يعد في نظر القانون "جاسوس" نقل أخبارا حيوية للعدو، فقد جرى التغطية على هذه الفضيحة، ومرت كأن شيئا لم يحدث!

وفي يوم 9 أكتوبر 2023، كشف مسؤول في جهاز المخابرات المصري لوكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية أن مخابرات مصر "تحدثت مراراً وتكراراً مع الإسرائيليين حول شيء كبير سيحدث".

قال: "حذرنا الإسرائيليين من انفجار الوضع، لكنهم أهملوا تحذيراتنا"، وذلك في إشارة إلى عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل مئات الصهاينة.

قال إن "الإسرائيليين قللوا من شأن هذه التحذيرات" حول تشكيل غزة تهديدا، وأبلغوا مصر أنهم يركزون على خطر الضفة الغربية عليهم فقط.

ويوم 3 فبراير 2022، أكد موقع «Intelligence Online» الفرنسي أن عبد الفتاح السيسي أوكل ملف إسرائيل بالمخابرات العامة إلى نجله الأكبر "محمود"، الذي زار تل أبيب حينئذ وألتقي بمسؤولين أمنيين اسرائيليين.

ثاني دليل علي تخابر السيسي مع إسرائيل ضد غزة ومصالح مصر القومية، كشفته الصحفية الإسرائيلية "سمدار بيري" التي كانت مراسلة في مصر ولديها علاقات مع أجهزة الاستخبارات المصرية والإسرائيلية.

"بيري" كتبت في صحيفة يديعوت أحرونوت، 9 أكتوبر 2023، تؤكد نقلا عن "مسؤول" في المخابرات المصرية أن عباس كامل مدير المخابرات العامة المصرية، اتصل بنتانياهو قبل 10 أيام لتحذيره أن "شيئا قويا سيحدث من غزة".

ثم قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، "مايكل ماكول"، في مؤتمر صحفي يوم 12 أكتوبر 2023 إن إسرائيل "تلقت بالفعل تحذيرا من مصر قبل 3 أيام من الهجوم الذي شنته حركة حماس" بحسب شبكة "CNN".(الخبر)

مظاهرات للتفويض أم التفريط؟

عقب نشر صحف مصرية وأجنبية أنباء تزايد الضغوط الغربية علي السيسي من أجل قبول فكرة تهجير الفلسطينيين لسيناء مقابل إغراءات مالية، بدأ السيسي يلجأ لـ "لعبة التفويض" الإعلامية مجددا، وتمتلئ صحف السلطة بصيغ التفويض!

ربط السيسي التفويض هذه المرة بخروج المصريين للتظاهر ضد فكرة التهجير لأهالي غزة؛ كي ينقل رسائل للغرب برفض المصريين لذلك، لكن المظاهرات كانت في حقيقتها تلميع للسيسي قبل تمثيلية انتخابات الرئاسة ديسمبر 2023، وبترتيبات أمنية!

روجت فضائيات وصحف السلطة لهذه المظاهرات في الشوارع والجامعات، وسط استغراب من جانب المصريين، بسبب تضييق السيسي علي أي مظاهرات واعتقال من يخرج ووجود قانون يمنع ذلك.

وجاء هذا التفويض، وهو الخامس الذي يطلبه السيسي منذ انقلاب 2013، على طريقة المخابرات، حيث بدأت صحف النظام، مثل صحيفة "الوطن" تنشر ما أسمته "صيغة تفويض".

وقد اعتبرها المصريون صيغة "مشبوهة"، و"خبيثة" لتفويض نظام السيسي في تهجير اهل غزة وتصفية القضية الفلسطينية، عكس ما يعلنون.(صيغة التفويض)

نشطاء، منهم الصحفي جمال سلطان، حذروا من أن الأجهزة الأمنية في مصر تروج لعمل "تفويض" شعبي للسيسي لحماية الأمن القومي والتعامل مع الأزمة في غزة، كخدعة ماكرة جديدة، كي يوافق الشعب على "البيع" والتفريط في الأرض.(تغريدة سلطان)

وكتب مصريون على مواقع التواصل عدة تغريدات تحمل نفس الصيغة يقولون فيها: " أول ما يقولك تفويض أعرف إن في تفريط".(نموذج من التغريدات)

وسخرت المحامية ماهينور المصري، من هذا التفويض وقالت غاضبة للسيسي: "آخر مرة طلبت تفويض عملت مذبحة (في إشارة لرابعة).. هتعمل إيه المرة دي؟".(تغريدة ماهينور)

تفويض على التفريط في أرض سيناء

كما أبدى المراقبون ملاحظتين على المظاهرات التي خرجت في مصر يوم 18 أكتوبر2023، وروجت لها صحف السلطة رغم أن المظاهرات ممنوعة.

"الأولي": أن المظاهرات جرت بالتوازي مع تصريحات السيسي الذي تحدث فيها عن "تفويض" لدعوة المصريين للتظاهر ضد التهجير.

"الثانية": أن المظاهرات التي دعا لها السيسي تم ترتيبها كلها بتنسيق وتعاون وترتيب من قبل جهات أمنية واستخبارية مصرية، وحملت الأعلام المصرية بجوار الفلسطينية وركزت في شعاراتها "المتشابهة" علي رفض التهجير.

وهو ما يختلف عن المظاهرات الشعبية العفوية التي كانت تخرج في مصر لدعم فلسطين قبل انقلاب السيسي عام 2013.

وبينما روجت صحف السلطة أن مظاهرات تفويض السيسي، الهدف منها إسناد السيسي في وجه الضغوط الأمريكية، رأى معارضون أن الهدف منها دعمه في مفاوضات صفقة التهجير مقابل مكاسب، وتفويضه على "التفريط".

وبثت قناة "إكسترا نيوز"، التابعة للمخابرات المصرية لقطات مصورة تُظهر مظاهرات لطلاب الجامعات قالت إنها "تأييدا شعبيا لموقف الدولة المصرية الذي يرفض تصفية القضية الفلسطينية ومساعي تهجير الفلسطينيين من أراضيهم".

وعرضت القناة، لقطات لخروج المصريين في محافظات مختلفة مثل المنيا والدقهلية والمنوفية وغيرها، وكانت الهتافات في كل المظاهرات شبه موحدة ومنها "بالروح بالدم نفديك يا أقصي"!!(مشاهد من المظاهرات)

وكانت المفارقة حين نشر موقع «مدى مصر» المستقل، 14 أكتوبر 2023، نقلا عن ستة مصادر، ما يفضح السيسي حيث أكد أن هناك ميلا داخل دوائر صناعة القرار في مصر لقبول عرض أمريكي بقبول توطين فلسطينيي غزة في مساحة من سيناء "مقابل حوافز مالية وغيرها".

ونقل الموقع عن مصدر حكومي رفيع قوله: «أنت تواجه وضعًا ماليا شديد الصعوبة والتعقيد، الدائنون كثر والأعباء مرتفعة جدا والآن لديك عرض لتقليص حجمها بشكل كبير وشطب نسبة كبيرة من الديون»، فلم لا إذًا؟!

لكن، الموقع، الذي نقل عن المصادر احتمال قبول مصر 100 الف فلسطيني في سيناء، اضطر لحذف التقرير الذي نشره بعدما أعلن "المجلس الأعلى للإعلام" (بمثابة وزارة الإعلام) استدعاء مسؤوليه للتحقيق معهم وإبلاغ النيابة المصرية أيضا لمعاقبتهم!.

الاعلام الغربي يفضح "الثمن"

كان لافتا تركيز الإعلام الغربي فيما يخص قضية التهجير على الثمن الذي سيقبضه السيسي مقابل تهجير أهالي غزة لسيناء، ضمن خطة القضاء على المقاومة الإسلامية.

يوم 15 أكتوبر 2023، أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" ما ذكرته مصادر مصرية لموقع مدي مصر، موضحة أن مصر تتعرض لضغوط شديدة لاستقبال لاجئين من غزة، وأن دولا خليجية أغرتها ماليا، لكن السيسي يتخوف من رد الفعل الداخلي لو قبل ذلك.

أكدت "وول ستريت جورنال" أن المسؤولين المصريين ناقشوا مقترح توطين 100 ألف فلسطيني من سكان غزة في سيناء فقط (من 300 ألف محتمل نزوحهم)، بل تجرى الاستعدادات حاليا لنصب الخيام لهم في مدينتي رفح والشيخ زويد.

كذلك قالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية للأخبار، 22 أكتوبر 2023، أن مصر تتصارع مع سؤال: كيف تستفيد من أزمة غزة "في معالجة مشاكلها الاقتصادية" دون أن تتورط في استضافة النازحين من غزة؟

«كينيث روث»، المدير السابق لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» قال: «إن الصفقة القذرة التي تتم مع السيسي -وهو أكثر زعيم قمعي في تاريخ مصر المعاصر-هي أن تتجاهل واشنطن انتهاكات السيسي لحقوق الإنسان مقابل تطبيقه لحصار غزة »، ومن ثم تنفيذ خطة التهجير.(تغريدة روث)

أشار "روث" لتقرير نشرته "نيويورك تايمز"، 14 سبتمبر 2023، عن موافقة إدارة بايدن على الافراج عن مساعدات عسكرية بقيمة 235 مليون دولار لنظام السيسي على الرغم من عدم تلبية شروط حقوق الإنسان المرتبطة بالتشريعات المتعلقة بتلك المساعدات، ووصفها بأنها تفسير لهذه "الصفقة القذرة".

أيضا كشف مصدر قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لشبكة "الجزيرة"، 18 أكتوبر 2023، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن زار المنطقة "ليضغط على مصر للقبول بخطة تهجير سكان غزة إلى سيناء".

قال، قبل إلغاء لقاء بايدن بالسيسي في قمة عمان الملغاة، قبل أن يعود للاتصال به هاتفيا 19 أكتوبر، أن الرئيس الأمريكي (كان) سيعرض على مصر "تصفير ديونها مقابل الموافقة على خطة التهجير".

لكن المصدر نفسه أكد أن القيادة المصرية تخشى قبول خطة التهجير لمصر وتعتبرها تهديدا للأمن القومي المصري.

وهناك سابقة لاستفادة مصر من الحروب، وكسب تنازلات مع اشتعال حرب إقليمية حيث حصلت مصر على إعفاء من نصف ديونها البالغة 20.2 مليار دولار للولايات المتحدة وحلفائها في عام 1991، في واحدة من أكثر حالات إعفاء الديون سخاءً منحتها دول مقرضة، مقابل دعمها لتحالف غربي قام بضرب العراق خلال حرب الخليج.

وما أثار الشكوك حول احتمالات تفكير السيسي في قبول عرض التهجير مقابل تقليص ديون مصر، ومساعدات غربية وخليجية، هو مواقفه اللاحقة الصامتة تجاه العدوان الصهيوني على أراضي مصر ذاتها وتبرير إعلامه لأقوال "إسرائيل" بأنها أخطاء متكررة، ومهاجمة من يطالبون مصر بالرد على الإهانات بالقول: "هل تريدون توريط مصر في حرب؟".

فقد أطلقت دبابة "إسرائيلية" قذيفة على موقع مصري قرب معبر رفح وأصابت 9 جنود وضباط، ما بدا أنه كإنذار لمصر لأنها أدخلت الدفعة الثانية من شاحنات المساعدات لغزة دون تفتيشها من الجانب الإسرائيلي، وهي رسالة بالسيطرة على معبر رفح وعدم السماح بأي دعم لغزة إلا شكليا!.

وكانت مفارقة أن تنفي وسائل إعلام وميليشيات قبلية متعاونة مع الجيش المصري وقوع أي انفجارات، وسخروا مما ذكرته وكالة "رويترز" نقلا عن شهود إن "انفجارا وأصوات سيارات إسعاف سُمعت قرب معبر رفح بين مصر وقطاع غزة"!!(تغريدة)

وسخر نشطاء مصريون من قول المتحدث العسكري: إن الجنود المصريين أصيبوا "خلال الاشتباكات القائمة في قطاع غزة"، واستغربوا نفي المتحدث العسكري وإعلام السيسي أن "إسرائيل" ضربت مصر، وإدعاء "محدش ضربنا" رغم تأكيد إسرائيل!(تغريدة للناشط حسام بهجت)

ورغم أن الاحتلال قصف معبر رفح أيضا خمس مرات، ومنع مصر من إدخال الوقود إلى غزة، واشترط تفتيش كل شاحنات المساعدات أولا في معبر العوجة، ثم عودتها لإلى فح لتدخل غزة، ظل موقف النظام أيضا صامتا ومتواطئا كأنه يقبل ضمنا خطط الكيان بالتهجير.

تشديد الحصار بحجة "التهجير"

بعد مجزرة بوابة مستشفى الشفاء، 3 نوفمبر 2023، سأل مراسل قناة "الجزيرة" مدير المستشفيات في قطاع غزة: "مَن اليوم تطلبون منه التدخل والتحرك بأي طريقة؟"

رد قائلا: "نطلب من جيراننا، الذين هم بجانبنا، إخواننا المصريين، في وحدة الدم ووحدة العروبة، الذين كانوا دائمًا وأبدًا معنا في كل الحروب وكل الانتصارات التي حققها المصريون ".

أضاف: "كنا نأمل أن يكون دورهم أكبر من هذا، وأن يكون تدخلهم أقوى من هكذا تدخل، وأن يسمحوا بفتح معبر رفح؛ كل الحروب السابقة كان معبر رفح يُفتح، وكان يُسمح بدخول المساعدات ودخول الوقود، وخروج الجرحى، هذه المرة مغلق من جميع النواحي، لا أحد يتدخل، ولا أحد يحرك ساكنًا"!

ما قاله مدير المستشفيات في غزة كشف جانبا من الحصار الذي يلعب نظام السيسي دورا فيه، وما قاله بايدن وجيش الاحتلال يؤكد ذلك.

الرئيس الأمريكي، جو بايدن قال، 2 نوفمبر، إنه هو الذي أقنع عبد الفتاح السيسي بفتح معبر رفح كي يخرج حملة الجنسيات الأجنبية من غزة، بينما هللت صحف النظام لأن السيسي فتحه نصرة لغزة!

الجيش الصهيوني قال أيضا إنه يقوم بتفتيش أي شاحنات تدخل غزة في معبر العوجة أولا، ثم تعود لرفح لتدخل غزة، وأنه يمنع دخول الوقود ومصر تنفذ تعليماته!

مؤشرات هذا الدور المتواطئ لا تقتصر على غلق معبر رفح والانصياع للأوامر الصهيونية والأمريكية الخاصة بفتحه وتفيش ما يمر به، ولكنها تمتد لمنع قبائل سيناء من العودة لمدنهم وإطلاق الجيش المصري النار عليهم لتهديدهم حين تظاهروا للعودة.

دلالات الدور المصري في الحصار تشير إلى تورطه في مخطط التهجير، رغم التصريحات الرسمية والعنتريات الإعلامية حول رفض مصر التفريط في سيناء، مقابل وعود واضحة تطرحها أمريكا ودول التطبيع لتخفيف أزمة النظام الاقتصادية التي توشك أن تعصف به.

وكمؤشر آخر على التواطؤ لتنفيذ خطط الصهاينة والأمريكان تجاه غزة، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، 2 نوفمبر 2023، إن واشنطن تبحث مع أنظمة عربية من بينها مصر "خيارات حكم غزة بعد حماس"!

قالت: إن "وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ونوابه يتحدثون مع نظرائهم في الدول العربية حول خطط لحكم غزة بعد أن تنهي إسرائيل الحرب، وفقا لأشخاص مطلعين على محادثات المرحلة المبكرة".

وذكر جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أمام صحفيين، 2 نوفمبر 2023، أن "الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها يناقشون احتمالات ما بعد الحرب في غزة"، وقال: "نعمل مع شركائنا في المنطقة لاستكشاف الشكل الذي يُحتمل ويجب أن يكون عليه الحكم في غزة".

وقالت الصحيفة: "إن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ونوابه يتحدثون مع نظرائهم في الدول العربية حول خطط لحكم غزة بعد أن تنهي إسرائيل الحرب".

الإعلام الصهيوني: 3 خطط للتهجير!

كشفت صحف الكيان الصهيوني عن ثلاث خطط لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، بل وإلى القاهرة ومحيطها أيضا، ومع هذا تعامل نظام وإعلام السيسي معها بالصمت، باستثناء تعقيب وزير الخارجية سامح شكري حين سألته قناة "CNN" بقوله: إنها "مثيرة للسخرية"

- الخطة الأولى تضمنتها وثيقة نشرها موقع "ميكوميت" الإسرائيلي، وأكد موقع "ويكيليكس" للوثائق السرية، أنه "تم التحقق من صدورها من وزارة المخابرات الإسرائيلية، في 13 أكتوبر 2023، وتتحدث عن تهجير نهائي "قسري" لأهالي غزة لسيناء ودون عودة!

تزعم الوثيقة أن التهجير القسري للمدنيين من غزة إلى مصر "سيؤدي إلى نتائج استراتيجية إيجابية وطويلة المدى"، أي لسلطة الاحتلال. (ويكيليكس)

تنص الوثيقة الاستشارية، التي جاءت في 10 صفحات، على عملية من ثلاث مراحل، تشمل التهجير من شمال لجنوب غزة، ثم فتح ممر إنساني ليخرجوا منه عبر معبر رفح لسيناء، ثم إنشاء مدن خيام لهم في سيناء، يليها بناء مدن في شمال سيناء، ولن تكون هناك عودة منها لغزة مرة أخري!!

وتزامن توقيت ظهور الوثيقة مع قول "جون كيربي"، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، يوم 30 أكتوبر 2023، وهو يرد على سؤال صحفي بشأن تهجير فلسطينيين من غزة إلى سيناء، إن "التركيز الآن هو على ممر آمن"!.

أضاف: "بعد ضمان الممر الآمن، سيتم التحدث مع شركاء في المنطقة مثل مصر لرؤية كيف يمكن تقديم أماكن مؤقتة للعائلات التي تريد مغادرة غزة"، وهو ما يتوافق مع ما تذكره الوثيقة الاستخبارية الصهيونية!! (تغريدة عين الشرق الأوسط)

- الخطة الثانية، نشرها معهد "ميشجاف" لشؤون الأمن القومي والإستراتيجية الإسرائيلي، في 17 أكتوبر 2023، وهي خطة تهجير بالكامل.

وتشير لتهجير أهالي غزة إلى القاهرة لا سيناء، عبر تسكينهم في مدن جديدة هي 6 أكتوبر والعاشر من رمضان، بدعوى أن بها منازل خالية لا يشتريها المصريون لارتفاع سعرها، بينما يمكن للفلسطينيين ذلك.

- أيضا نشرت صحيفة "كلكاليست" الإسرائيلية، 24 أكتوبر 2023، خطة ثالثة لتهجير أهالي غزة، أعدتها حكومة الاحتلال، بحيث يتم نقلهم إلى سيناء مع نهاية الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع.

وقالت الصحيفة العبرية، إن وزيرة الاستخبارات غيلا غامليئل تقود هذا التوجه، وأنه تم كشف ذلك في وثيقة رسمية وصلت إلى الصحيفة، وهي وثيقة تدور حولها النقاشات بين الوزارات سرّاً، ويعتقد انها الخطة التي نشر تفاصيلها موقع "ميكوميت".

وتبحث الوثيقة خيارات ما بعد الحرب على غزة، ومن ضمنها إقامة مدينة خيام في سيناء، ودعم المهجَّرين بالمساعدات الإنسانية، وإقامة مدن لإسكانهم في شمال سيناء، ومنطقة حصينة على امتداد الحدود لمنع المهجرين من العودة إلى غزة.