• الإنتاج الفني لرمضان الحالي هو الأضخم تكلفة.. وهدفه إلهاء المصريين عن واقعهم المأزوم
• "المتحدة" فرضت تعتيما إعلاميا على أجور الفنانين الخيالية خوفا من الغضب الشعبي
• 15 مسلسلا حافلا بمظاهر العنف والبلطجة و بكَمِّ غير مسبوق من العري والألفاظ الخادشة
• دراما رمضان تجاهلت حرب الإبادة في غزة ولم تتعرض للأحداث المرتبطة بـ"طوفان الأقصى"
• إعلان "أبو تريكة" عن استاد "الأهلى"  تصدر المشاهدات رغم حملات تشويهه من قبل النظام

 

إنسان للإعلام- تقرير:

مع تصاعد الأزمة الاقتصادية في مصر، وتزايد معدلات التضخم وارتفاع الأسعار الذي جعل العديد من المصريين غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية خلال شهر رمضان، فوجئ الجميع بإنفاق "المتحدة للخدمات الإعلامية"، المملوكة لجهاز المخابرات العامة، أكثر من 3.5 مليار جنيه على إنتاج 40 مسلسلًا رمضانيًا.

هذا الإنتاج الضخم الذي غلب عليه نشر مظاهر البلطجة والعنف والعري، لم يتناول القضايا الحقيقية التي تؤرق المصريين، كما تجاهل المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، مما أثار تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذا الكم من الأعمال الدرامية.

إنفاق بلا حسيب أو رقيب

بانطلاق الموسم الدرامي الرمضاني الحالي (1446 هـ - 2025م)، قدمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التابعة لجهاز المخابرات العامة المصرية، بالتعاون مع بعض شركات الإنتاج الفني، نحو 40 مسلسلاً بتكلفة إجمالية قدَّرها مقربون من الشركة بـ3.5 مليار جنيه.

فرضت "المتحدة" هذا العام تعتيماً إعلامياً على القيمة الإنتاجية للمسلسلات وأجور الفنانين، خشية إثارة الغضب الشعبي بسبب الأرقام الفلكية التي أُنفقت على ما وصفه البعض بـ"الفن الهابط".

وتُعد تكلفة الإنتاج الدرامي هذا العام الأعلى خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث بلغت تكلفة دراما رمضان 2024 حوالي 3 مليارات جنيه، في حين كانت في 2023 نحو 1.5 مليار جنيه، مما يعكس تصاعداً سنوياً في تكاليف الإنتاج[1].

وفي هذا السياق، كشف الدكتور عماد ربيع، رئيس قطاع الإنتاج الدرامي بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "كلمة أخيرة" على شاشة  ON، أن الشركة تعاونت هذا العام مع 10 شركات إنتاج أخرى، موضحا أن الموسم الدرامي 2025 يتضمن 40 عملاً درامياً، منها 10 مسلسلات من 30 حلقة، و30 مسلسلاً من 15 حلقة، لكنه لم يصرح بأي معلومات حول أجور الفنانين أو التكلفة الإجمالية، مشيراً فقط إلى أن تكاليف الإنتاج ارتفعت مقارنة بالعام الماضي.[2]

أما أجور الفنانين، فقد أثارت التسريبات المتداولة بشأنها جدلاً واسعاً بسبب ضخامتها، إذ وصفها بعض النقاد بأنها "خيالية".

وفي لقاء لموقع "بزنس برس" مع أحد مديري الإنتاج الدرامي، الذي فضَّل عدم الكشف عن اسمه، أرجع الارتفاع الكبير في الأجور إلى البذخ الإنتاجي والمنافسة الشرسة، خصوصاً بين الممثلين المصريين واللبنانيين والسوريين.

وفيما يخص النجوم اللبنانيين، كشف مدير الإنتاج أن نادين نجيم تتصدر قائمة الأعلى أجراً في لبنان، حيث تتقاضى 2000 دولار عن الحلقة الواحدة، تليها سيرين عبد النور بمبلغ مقارب، في حين تأتي كارمن لبس ونادين الراسي بعدهما بفارق 500 دولار عن كل حلقة.

أما أجور الفنانين المصريين، فتتفاوت وفقاً لثلاثة تصنيفات:

• نجوم الصف الأول: يتقاضون حتى 800 ألف دولار عن المسلسل الثلاثيني، ومن بينهم محمد رمضان، غادة عبد الرازق، أحمد مكي، أحمد عز، كريم عبد العزيز، أحمد حلمي، وأحمد السقا.
• الفئة الثانية: لا تتجاوز أجورهم 500 ألف دولار، وتشمل يحيى الفخراني، منى زكي، ياسمين عبد العزيز، يسرا، نيللي كريم، خالد النبوي، عمرو سعد، دنيا سمير غانم، مصطفى شعبان، هند صبري، ومنة شلبي.
• الفئة الثالثة: تضم أحمد فهمي، آسر ياسين، محمد فراج، عمرو يوسف، محمد ممدوح، هشام ماجد، وشيكو، حيث لا تتعدى أجورهم 300 ألف دولار للمسلسل الثلاثيني.

وتجدر الإشارة إلى أن الممثلين يحصلون على 65% من أجرهم عند المشاركة في مسلسل من 15 حلقة، وعلى 50% في حال كان العمل مكوناً من 10 حلقات. [3]

أما أجور المخرجين والمؤلفين، فتُحدد كنسبة من قيمة المسلسل، فالأعلى أجراً في الوسط الفني من المخرجين والمؤلفين: كاملة أبو ذكري، محمد سامي، محمد شاكر خضير، بيتر ميمي، محمد ياسين، أحمد الجندي، تامر محسن، أحمد نادر جلال، وأحمد علاء، حيث تتراوح أجورهم بين 6 و8 ملايين جنيه.

بينما تتراوح أجور الفئة الثانية، التي تضم حسين المنياوي، أحمد سلامة، إسلام خيري، سامح عبد العزيز، ماندو العدل، أحمد مدحت، كريم الشناوي، ياسر سامي، محمد بكير، عمرو عرفة، شيرين عادل، عمرو سلامة، وائل إحسان، هاني خليفة، وأحمد خالد موسى، بين 3 و5 ملايين جنيه. [4]

النيل من الصحابة

يُعد مسلسل "معاوية بن أبي سفيان" من أكثر الأعمال الدرامية التي أثارت غضب الجماهير المصرية والعربية هذا العام، فالمسلسل، الذي ألفه الإعلامي خالد صلاح المقرب من النظام، رغم عدم امتلاكه أي خبرة سابقة في كتابة الدراما، بلغت تكلفته الإجمالية 100 مليون دولار، وكان من المقرر عرضه في العام الماضي، لكنه تأجل بسبب اعتراض الأزهر على تجسيد الصحابة، ليُعرض في الموسم الحالي وسط جدل واسع، وبعد بدء عرضه، شددت هيئة كبار العلماء بالأزهر على تحريم مشاهدته.

وفي هذا السياق، صرّح عبد الفتاح عبد الغني العواري، عضو هيئة كبار العلماء، بأن تجسيد شخصية معاوية بن أبي سفيان، الذي كان أحد كتّاب الوحي، يعد أمرًا مرفوضًا دينيًا، مشددًا على أن الصحابة لا يجوز تجسيدهم بأي حال من الأحوال في الأعمال الدرامية.

وأوضح أن إبراز الخلافات التاريخية حول الحكم والخلافة في عمل درامي يخضع للتفسيرات المتباينة، يهدف إلى تشويه صورة الصحابة الكرام.

وقد زاد الجدل حول المسلسل بعد تجسيده لشخصيات الخليفة عثمان بن عفان، والخليفة الرابع علي بن أبي طالب.

من جانبه، أعلن المستشار هيثم المغربي عن رفعه دعوى قضائية لمنع عرض المسلسل، اعتراضًا على تجسيد الفنان إياد نصار لشخصية الإمام علي بن أبي طالب [5]

مقالب ومتاجرة بالجمهور

وضمن الإنتاج الفني في رمضان هذا العام،  تصدر برنامج المقالب "رامز أيلون ماسك" قائمة الأعمال الأكثر تكلفةً وإنتاجًا، وهو من إنتاج سعودي تُبث حلقاته عبر قناة "إم.بي.سي مصر". اعتمد البرنامج على استضافة نخبة من الفنانين والمطربين والإعلاميين والشخصيات العامة والرياضيين، مع تفاوت كبير في أجور الضيوف، حيث كشفت التسريبات عن المبالغ التالية:

شيرين رضا: مليون ونصف مليون جنيه، حمادة هلال: مليونَي جنيه، نجلاء بدر: مليون جنيه، فيفي عبده: 400 ألف دولار، محمد رياض: مليون جنيه، يسرا اللوزي: مليون ومائتا ألف جنيه، مي عمر: مليون ونصف مليون جنيه، آيتن عامر: مليون جنيه، أحمد السقا: ثلاثة ملايين جنيه، باسم سمرة: مليون ومائتا ألف جنيه، محمد هنيدي: 300 ألف دولار أمريكي.

ورغم الضجة الإعلامية، واجهت نسخة هذا العام من البرنامج انتقادات واسعة بسبب ضعف المستوى الفني، مما أدى إلى تراجع نسب المشاهدة، ولجأت إدارة البرنامج إلى تنظيم مسابقة جماهيرية لتحفيز التفاعل، عبر طرح سؤال في نهاية كل حلقة يتعلق بدقة ملاحظات المشاهدين، مع إتاحة فرصة الفوز بجائزة مالية قيمتها 300 ألف جنيه مصري، تُوزع على ثلاثة فائزين[6]. 

من ناحية أخرى، برز برنامج "مدفع رمضان" الذي يقدّمه الفنان محمد رمضان كواحد من البرامج ذات التكلفة العالية، حيث تقوم فكرته على توزيع هدايا مالية على الفقراء عبر اتصالات عشوائية، مع جوائز تصل قيمتها إلى 100 ألف جنيه، إلا أن البرنامج تعرّض لانتقادات حادة من قبل النقاد، الذين اتهموه بالاستغلال العاطفي للفقراء والمتاجرة بمعاناتهم.

كما أثارت تفاصيل متعلقة بإكسسوارات محمد رمضان خلال التصوير جدلًا واسعًا، خاصةً بعد الإعلان عن فقدانه لقفازٍ صممته دار "برادا" الشهيرة، والمصنوع من الجلد الطبيعي، والذي يُقدّر ثمنه بنحو 50 ألف جنيه[7].

في المقابل، قدّم الفنان سامح حسين تجربة فريدة عبر برنامجه الجديد "قطايف"، الذي لاقى تفاعلًا إيجابيًا بفضل طرحه رسائل إنسانية هادفة وقيمًا أخلاقية، مع تركيز على الإيجابية وتناول المواقف الملهمة في الحياة اليومية.

وتنوّعت موضوعات الحلقات بين عناوين مثل: "الحسد مذكور في القرآن"، و"البقاء لله"، و"إلا من أتى الله بقلب سليم"، حيث يسعى البرنامج إلى تعزيز التفاؤل وإبراز روح التعاطف والتكافل التي يتميز بها المجتمع المصري[8].

تكريس العنف والبلطجة

يشهد الموسم الرمضاني هذا العام تنافسًا محتدمًا بين عدد كبير من المسلسلات التي تسعى لتحقيق أعلى نسب مشاهدة، وقد تنوعت بين الكوميديا والدراما الشعبية والأكشن.

كما تميّز هذا الموسم بزيادة ملحوظة في الأعمال الكوميدية مقارنة بالموسم السابق، حيث بلغ عددها عشرة مسلسلات.

ورغم هذا التنوع، واصلت العديد من المسلسلات تكريس مظاهر العنف والبلطجة، ومن أبرزها: «فهد البطل» بطولة أحمد العوضي، و«العتاولة 2» بطولة أحمد السقا وطارق لطفي، و«سيد الناس» بطولة عمرو سعد، و«الحلانجي» بطولة محمد رجب، و«حكيم باشا» بطولة مصطفى شعبان، و«قلع الحجر 2» بطولة سوسن بدر ومحمد رياض، و«ولاد الشمس» بطولة أحمد مالك وطه الدسوقي ومحمود حميدة، و«الشرنقة» بطولة أحمد داود.

 تدور هذه الأعمال حول مظاهر البلطجة والعنف، وحماية الثروات بالقوة، والتجارة غير المشروعة بالآثار، كما تعكس الصراعات بين أصحاب رؤوس الأموال المشبوهة[9] .

وفي ظل هذا الانتشار الواسع لمشاهد العنف والبلطجة في الدراما، أُثيرت العديد من التساؤلات حول أسباب استمرار هذه الظاهرة، وإصرار المنتجين والكتّاب والمخرجين على تكرارها سنويًا، بل وزيادة جرعاتها بشكل لافت ومقلق.

ويرى نقاد فنيون أن صُنّاع الدراما، من منتجين ومخرجين، يسعون لتحقيق "الترند" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وزيادة نسب المشاهدة على منصات العرض الإلكتروني، بينما يركّز الممثلون على تحقيق النجومية دون الاكتراث بالتأثير السلبي لهذه الأعمال على المجتمع.

من ناحية أخرى، قدّمت معظم المسلسلات صورة مثالية لرجال الشرطة، وأبرزت دورهم في حماية المجتمع والتصدي للمجرمين، كما سلّطت الضوء على دور الجيش في حماية مصر من المخططات الخارجية، ولم تخرج عن إطار تجميل صورة رجال النظام، بما في ذلك القضاة.

ويرى متخصصون أن الدراما الرمضانية فقدت دورها التثقيفي والإرشادي، وهو ما أكده المنتج محمد يوسف، الذي أقرّ بخطورة هذه الظاهرة، قائلًا: "هناك صعوبة لدى البعض في متابعة مسلسلات رمضان لسببين، أولهما انتشار ظاهرة البلطجة والشخصيات الغريبة التي لا تعكس واقع المجتمع المصري، وثانيهما كثافة الإعلانات التي تعيق متابعة الأحداث".

ويرى العديد من المراقبين أن الهدف الرئيسي من هذا الكمّ الهائل من المسلسلات هو إلهاء المصريين عن أوضاعهم الاقتصادية والسياسية الصعبة، وتغييب وعيهم عن القضايا المهمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين، التي غابت تمامًا عن دراما هذا العام، بعد أن تم تناولها بشكل محدود في رمضان الماضي من خلال مسلسل "مليحة"، ورسم صورة إيجابية عن الجيش والشرطة، لتحسين الصورة السلبية عن هذين الجهازين لدى قطاع واسع من الجمهور[10].

عنف وجنس ورذيلة

بمجرد عرض الأعمال الرمضانية هذا العام، تصاعدت موجة واسعة من الانتقادات التي طالت العديد من المسلسلات التي روّجت للعري والرذيلة والخيانة الزوجية، الأمر الذي أثار استياءً كبيرًا بين المصريين.

يُعدّ مسلسل «إش إش» من أسوأ الأعمال التي عُرضت هذا الموسم، حيث احتوى على كمّ غير مسبوق من العري والألفاظ الخادشة للحياء، إضافة إلى ظهور الراقصات بملابس فاضحة، ومشاهد الرقص المبتذل.

وتجسد الممثلة مي عمر دور راقصة من الدرجة الثالثة في المسلسل، الذي يمتد على مدار 30 حلقة، وهو من إخراج زوجها محمد سامي، الذي أدرج على لسان بطلة العمل ألفاظًا جريئة وصادمة.

كما برزت فكرة الخيانة الزوجية والترويج للعري والانحلال الأخلاقي بقوة في دراما رمضان هذا العام، ومن أمثلة ذلك مسلسل «وتقابل حبيب»، الذي يتمحور حول الخيانة الزوجية، وهو من بطولة ياسمين عبدالعزيز وكريم فهمي.

كذلك، أثار مسلسل «شباب امرأة»، بطولة غادة عبد الرازق والفنان الشاب يوسف عمر، جدلًا واسعًا بسبب احتوائه على العديد من المشاهد التي تخدش الحياء العام، وتصنَّف ضمن الدراما التي تتناول قضايا الجنس بشكل فجّ.

وقد واجهت هذه المسلسلات رفضًا شعبيًا وانتقادات من شخصيات سياسية ودبلوماسية،  فعلى صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، علّق السفير محمد مرسي قائلًا: "إش إش مسلسل يتناول خفايا وكواليس الرقص الشرقي ويُعرض في رمضان"، متسائلًا: "أهكذا تستقبلون رمضان؟"، ثم أجاب: "تبًا لكم".

من جهته، علّق الفنان هشام عبد الله على هذه النوعية من الأعمال بقوله: "منذ فترة طويلة والناس تلاحظ حالة الانحلال المتزايدة، والتوجه نحو هدم القيم وزعزعة الثوابت التي ارتضاها المجتمع، ومحاربة الدين، وخاصة الإسلام"، مشددًا على أن هدم الأمة أو الدولة يبدأ بإفساد القيم والأخلاق التي تمثل نسيج المجتمع. [11]

كما نشرت صحيفة «المصري اليوم» تقريرًا بعنوان "مصطلحات شعبية وألفاظ جريئة.. مي عمر تثير الجدل بمسلسل إش إش"، انتقدت فيه هذه النوعية من الأعمال الهابطة، مؤكدة أنها لا تتناسب مع روح شهر الصوم، كما أبرزت حجم الغضب الذي أشعلته هذه الفنانة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مشاهد العري والألفاظ المثيرة للجدل في المسلسل. [12]

نسوية برؤية علمانية

تُطرح قضايا المرأة بقوة في دراما رمضان هذا العام، إلا أن معالجتها جاءت من منظور علماني وبأسلوب تحرري.

 ومن المقرر عرض مجموعة من المسلسلات المصرية في النصف الثاني من الشهر الكريم، تتضمن ثمانية أعمال تتنوع بين الكوميدي والاجتماعي والدراما الشعبية، وتتمحور غالبيتها حول القضايا النسائية.

من بين هذه الأعمال، مسلسل "لام شمسية"، المكوّن من 15 حلقة، وهو من بطولة أمينة خليل، وتأليف مريم نعوم، وإخراج كريم الشناوي، ويركّز على تجريم الزواج الثاني، ويضعه في إطار الخيانة الزوجية، ما أثار جدلًا واسعًا حول الرسالة التي يروّج لها.

كذلك، يثير مسلسل "ظلم المصطبة"، بطولة ريهام عبد الغفور، وإياد نصار، وفتحي عبد الوهاب، انتقادات حادة، إذ يُتهم بتشويه دور المرأة الريفية والسعي لتجريدها من عاداتها وتقاليدها الأصيلة.

أما مسلسل "عايشة الدور"، بطولة دنيا سمير غانم ومحمد ثروت، فيتناول قضية الطلاق بأسلوب وُصف بأنه يتسم بالإسفاف، ويُشجع عليه بطريقة لا تتماشى مع القيم المجتمعية.

ويُنتظر عرض مسلسل "نص الشعب اسمه محمد"، من بطولة عصام عمر، ورانيا يوسف، ومايان السيد، ومن تأليف محمد رجاء، وإخراج عبد العزيز النجار، وهو مسلسل يطرح قضية تعدد العلاقات العاطفية بطريقة تتعارض مع القيم والثوابت المصرية والإسلامية، مما يجعله مثارًا للجدل والنقاش. [13]

غياب وجوه معروفة

شهد موسم دراما رمضان 2025 غياب عدد من الفنانين المحسوبين على النظام المصري، مما أثار جدلًا واسعًا حول الأسباب الكامنة وراء ذلك.

من بين الغائبين هذا العام، الفنان كريم عبد العزيز، الذي كان حاضرًا بقوة في الموسم الماضي من خلال مسلسل "الحشاشين"، الأضخم إنتاجًا والمثير للجدل تاريخيًا،  غير أنه تم تعويض غيابه هذا العام بإعلانه عن أحد المشروعات العقارية الضخمة، مقابل أجر كبير.

كما غاب محمد رمضان عن دراما هذا العام، لكنه ظهر في برنامج ضخم الإنتاج بعنوان "مدفع رمضان"، يُعرض على قناة "دي إم سي" التابعة للمخابرات، حيث يقوم خلاله بتوزيع أموال على الفقراء في الأحياء الشعبية.

وللعام الثاني على التوالي، تغيبت الفنانة يسرا عن دراما رمضان، إذ كان آخر أعمالها مسلسل "1000 حمد الله ع السلامة"، الذي عُرض في رمضان 2023.

كما غاب عن الموسم الرمضاني يحيى الفخراني، رغم الإعلان سابقًا عن مشروع مسلسل بعنوان "الأستاذ"، وذلك بعد مشاركته في رمضان 2024 بمسلسل "عتبات البهجة".

ومن بين الفنانين المقربين من النظام الذين غابوا عن دراما هذا العام، أحمد عز، الذي كانت آخر مشاركاته الرمضانية في مسلسل "الاختيار 3"  عام 2023،  لكنه عُوّض بالمشاركة في أكثر من إعلان مقابل أجر مرتفع.

كذلك، غاب أمير كرارة عن الموسم الحالي، لكنه ظهر في إعلان كبير عن أحد البنوك حديثة التأسيس في مصر، وكان آخر أعماله الرمضانية مسلسل "بيت الرفاعي"، الذي عُرض في رمضان الماضي. [14]

استبعاد محمد سلاّم

وفي محاولةٍ لتأديبه على موقفه من القضية الفلسطينية، بعد رفضه المشاركة في موسم الرياض الفني بالتزامن مع المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة، غاب الفنان محمد سلاّم لأول مرة منذ 15 عامًا عن موسم دراما رمضان، بعد أن اعتاد الظهور السنوي منذ مشاركته في مسلسل «الكبير»، الجزء الأول عام 2010.

يأتي هذا الغياب بعد مقطع فيديو نشره "سلاّم" في أكتوبر 2023 عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن فيه اعتذاره عن المشاركة في مسرحية "زواج اصطناعي" ضمن فعاليات موسم الرياض بالسعودية، وذلك تضامنًا مع الشعب الفلسطيني وما يتعرض له من عدوان "إسرائيلي" في غزة، ومنذ ذلك الحين، لم يظهر سلاّم في أي عمل تلفزيوني أو سينمائي أو مسرحي.

ما يتعرض له محمد سلام بعد رفضه المشاركة في موسم الرياض، الذي يرعاه رجل الأعمال السعودي، مستشار محمد بن سلمان، تركي آل الشيخ، يعيد إلى الأذهان ما حدث مع المطربة آمال ماهر، التي ظلت لسنوات بعيدة عن الغناء بعد تحريرها محضرًا عام 2018 ضد تركي آل الشيخ، تتهمه فيه بالاعتداء عليها. [15]

ومؤخرًا، أثار الإعلامي محمد علي خير تساؤلات حول سبب غياب محمد سلاّم عن الساحة الفنية للعام الثاني على التوالي، متسائلًا: "هل يدفع سلام ثمن موقفه العلني خلال العدوان الإسرائيلي على غزة؟"[16]

أبو تريكة يتصدر

بالرغم من الكم الهائل من الإعلانات الرمضانية التي شارك فيها معظم الفنانين والرياضيين، والتي أنتجتها شركة "المتحدة" بهدف تصدر قوائم المشاهدة، إلا أن ظهور نجم النادي الأهلي ومنتخب مصر السابق، محمد أبو تريكة، في إعلان ترويجي لاستاد النادي الأهلي الجديد، خطف الأضواء وحصل على أعلى نسب المشاهدة وفقًا لتقييم المنصات المختلفة.

ظهر أبو تريكة في الإعلان الذي تم نشره عبر منصات التواصل الاجتماعي للنادي، وهو يتحدث عن حبه وانتمائه للكيان الأحمر، برفقة عدد من نجوم القلعة الحمراء، مما أثار ردود فعل متباينة، خاصة في ظل بعض الاتهامات التي وجهها النظام المصري إليه في قضايا "إرهاب".

تزامن مع هذا الإعلان هجوم حاد من إعلاميي النظام على أبو تريكة، على الرغم من الترحيب الكبير الذي قوبل به من جمهور الأهلي، حيث انتقد هؤلاء الإعلاميون بشدة ظهوره في الإعلان، واعتبروا أن ظهوره في حملة دعائية مرتبطة بمصر يعد أمرًا غير مقبول.

كان الإعلامي عمرو أديب من أبرز الأصوات التي انتقدت الإعلان، حيث خصص جزءًا من برنامجه للهجوم على النادي الأهلي بسبب استعانته بأبو تريكة.

 وصف أديب اللاعب بأنه "الإخواني الهارب"، وتساءل عن سبب الإصرار على ظهوره في دعاية للنادي، رغم موقفه السياسي المعروف.

من ناحية أخرى، أعلن الإعلامي المؤيد للنظام، أحمد موسى، عن توقفه عن تشجيع النادي الأهلي، والاكتفاء بتشجيع المنتخب المصري فقط، وذلك بسبب ظهور محمد أبو تريكة في إعلان استاد الأهلي الجديد.

قوبل قرار أحمد موسى بترحيب شديد من قبل جماهير النادي الأهلي، الذين اعتبروا أن قرار موسى من أهم إنجازات ظهور أبو تريكة في إعلان استاد الأهلي.

لم تقتصر الانتقادات على الإعلام فقط، بل امتدت إلى بعض الشخصيات السياسية والرياضية المقربة من النظام، حيث أعرب بعضهم عن استيائهم من ظهور أبو تريكة، معتبرين أن النادي الأهلي كان بإمكانه تجنب الجدل بعدم إدراج صورته في الإعلان.

بل وصلت حملة الهجوم الشرسة على ظهور "أبو تريكة" إلى أن ابنة النائب العام الراحل هشام بركات كتبت على حسابها في فيسبوك: "أنا بنت البطل، ابنة النائب العام الشهيد الصائم، ابنة من ضحى بحياته دفاعًا عن الحق والعدالة عن الوطن الذي روى بدمائه ترابه، واليوم أقولها بكل وضوح: أرفض ظهور أبو تريكة في إعلان يحمل اسم النادي الأهلي، وأرفض أن يقدم كشخصية تمثل أي شيء لمصر".

ورغم هذه الحملة الشرسة للهجوم على أبو تريكة، تصدر ظهوره "الترند"، ورحب الملايين من المشجعين بظهوره، واعتبره الجميع "أيقونة لا تموت"، في إشارة إلى استمرار تأثيره رغم غيابه عن المشهد الكروي في الداخل المصري منذ سنوات[17].

مجمل القول: إن موسم الدراما الرمضاني الحالي كشف عيوب النظام المصري، وفضح أهداف شركة "المتحدة" الاستخباراتية التي حاولت جاهدة تشتيت انتباه المصريين عن الأزمات التي يواجهونها في مختلف المجالات الحياتية والسياسية من خلال هذا الكم الهائل من الأعمال الدرامية.

كما أنها حاربت بوضوح قيم المجتمع وثوابت الدين، من خلال تبنيها لمظاهر العنف والبلطجة والعري، وانصبت معالجتها الدرامية أيضًا على تجميل صورة العسكر ورجال الشرطة والجيش والقضاء، لتزييف وعي المصريين، الذين يدركون جيدًا واقعهم، ويتصدون لكل هذه المحاولات.