مصر| رسائل ملغومة من "السيسي" وحكومته حول الزيادة السكانية

الأحد - 10 سبتمبر 2023

إنسان للدراسات الإعلامية – جهاد يونس

في يوم الثلاثاء الخامس من سبتمبر/ أيلول، شهدت مصر المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية ٢٠٢٣، تحت عنوان "سكان أصحاء من أجل تنمية مستدامة" بمشاركة أكثر من 8 آلاف شخص من مصر ودول العالم.
انتهز السيسي، قائد الانقلاب العسكري، الفرصة كعادته و بث رسائل سلبية بتحميل الشعب مسؤولية المعاناة الاقتصادية للبلاد حالياً، وأن الدولة لا تستطيع تحقيق التنمية المطلوبة في ظل ما أسماها "مصيبة  الزيادة السكانية"، على حد قوله.

خدم الإعلام كلمة السيسي بشكل موسع، وبدأ عزف اللحن نفسه والتخويف من الزيادة السكانية، وخرجت أصوات رسمية تزايد في الموضوع ومنهم مستشار السيسي،  الدكتور محمد عوض تاج الدين، وزير الصحة الأسبق، الذي نشر له موقع "المصري اليوم" خبرين يثمنان مخرجات بالعناوين التالية:

مستشار الرئيس: الظروف العالمية تؤثر على مواجهة الزيادة السكانية

مستشار الرئيس: 3 عوامل تساعد على الحد من الزيادة السكانية.. فيديو

كما نشرت جريدة "الشروق" خبراً عن تضمن الحوار الوطني للقضية السكانية، ونشرت نفس الجريدة فيديو لعالم أزهري يتحدث فيه عن أهمية تنظيم الأسرة، مع العناوين التالية:

ضياء رشوان: القضية السكانية موجودة بقوة في الحوار الوطني

فيديو.. عالم أزهري: لا مانع شرعا أن نجعل تنظيم الأسرة من أولوياتنا

ربط الزيادة السكانية بالإرهاب !

لم يركز المزايدون على مواجهة التضخم ولا الديون التي تعصف بالبلاد، إنما كانوا كقنبلة انفجرت في وجه السكان أنفسهم، فبعد تشبيه السيسي الزيادة السكانية بالإرهاب، ظهرت عناوين تخدم هذا التوجه، مثل:

السكان والتنمية .. و«حقوق الإنسان»

السيسي يكشف أخطر القضايا التي تواجه مصر

أيضا لم يضيع السيسي الفرصة لإلقاء اللوم على المصريين الذين قاموا بثورة يناير، فبث خلال المؤتمر  رسالة، طالما رددها، يحث فيها الشعب على عدم القيام بثورة مجدداُ مدعيا أن  ثورة 2011 خسرت الدولة 400 مليار دولار، وهو ما تكذبه أرقام البنك الدولي المتعلقة بالناتج القومي المصري منذ 2010 حتى 2013.

قال محذرا: "نعمل ثورة والدولة تخسر 400 مليار دولار تاني"، مؤكدا أن "الدولة في أحوج ما يكون لكل دولار فيها".

بهذا كانت رسائل السيسي واضحة، فربط الأزمة الحالية من غلاء وفقر وتدهور الدولة بحجم الزيادة السكانية وبثورة 2011، دون الاعتراف بأية أخطاء أو فشل في سياسات حكومته على مدى 10 سنوات.

تقليل عدد الشعب عبر التقنين والتصدير

وبكل جرأة وصفاقة، خاطب السيسي وزير الصحة خالد عبد الغفار، قائلا : "أرفض حرية تعدد المواليد داخل الأسرة"، مشيرا لضرورة الوصول إلى 400 ألف مولود سنويا لتخفيض الزيادة السكانية التي بلغت 21.2 لكل ألف نسمة عام 2022.

 ويسعى السيسي لتقنين الانجاب وألا تتعدى الأسرة ٤ أفراد رغم ان معدل الإنجاب كان 6.8 أطفال لكل سيدة عام 1960، وأصبح 2.85 طفل لكل سيدة عام 2021، ثم يأتي من ينشر مثل هذه العناوين:

“حرية الإنجاب قد تسبب كارثة”.. السيسي يدعو إلى مواجهة النمو السكاني في مصر (فيديو)

مستشار صحة إنجابية: الدولة تسير في الاتجاه الصحيح للتعامل مع الزيادة السكانية

كاتب صحفي: النمو السكاني أهم قضية تواجه مصر على مدار عقود

مدبولي: التشديد المستمر على القضية السكانية يعكس إدراك الدولة لضرورة شعور المواطن بأهميتها

نائبة تقترح الاستفادة من التجربة الصينية في خفض معدل المواليد: الزيادة السكانية كانت ولا تزال التحدي الأكبر 

«الزيادة السكانية نعمة أم نقمة؟».. مسؤول بـ«الإحصاء» يوضح

ومن ضمن الحلول التي توهّم السيسي أنها ستحد من الزيادة السكانية،  تحدث عن تصدير المصريين للخارج، فاقترح أن تكون هناك هجرة مشروعة للعمالة من مصر إلى دول أخرى مثل أوروبا، أوالدول ذات الكثافات السكانية المنخفضة، فسارعت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج، سها جندي، بتصريح عن  أن الوزارة تعمل على تنفيذ خطة السيسي الخاصة بتنظيم الهجرة الشرعية، وانهمرت العناوين:

السيسي يدعو لتنظيم هجرة المصريين إلى بعض الدول
السيسي يدعو إلى "هجرة شرعية" لدول أوروبا: تعاني من نقص المواليد

الهجرة: نعمل على تنفيذ مقترح السيسي بتطوير الهجرة الشرعية

ومن ثم، تفاعلت بعض المواقع المستقلة مع تصريحات السيسي عن الزيادة السكانية في المؤتمر وكان منها:

السيسي: أنا ضد الحرية المطلقة في الإنجاب لأنها تمثل كارثة لمصر

السيسي يرفض "حرية إنجاب الأطفال".. ويشيد بتجربة الصين (شاهد)

اعتبرت الزيادة السكانية مثل "الإرهاب".. ما إستراتيجية الحكومة المصرية لتحديد النسل؟

حذر من أي ثورة محتملة.. ما دلالات اعتراف السيسي بعجز الدولة قبيل يناير 2011؟

تصدير «المصريين للخارج».. بين الواقع المؤلم وحلم الخلاص من أعبائهم

الشعب الشاب كنز حقيقي

تطرح سلطة الانقلاب الزيادة السكانية باعتبارها خطرا يعيق خطط التنمية، في بلد يتخطى عدد سكانه الـ100 مليون نسمة، وفيها المواطنون هم المنتجون والمستهلكون الذين يديرون عجلة السوق والاقتصاد ككل.

قد تكون الحكومة في أزمة حقيقية إذا كانت النسبة الكبرى من شعبها في مراحل العجز التي تحتاج رعاية أكثر من كونها منتجة، غير أن الإحصاءات الرسمية تقول إن قرابة نصف سكان مصر حوالي 47% في الفئة العمرية ما بين 15 و44 سنة، ونحو 26% أقل من 10 سنوات.

وذلك يعني أن مصر بلد شاب يمكن الاستفادة من ثروته البشرية في تسريع عجلة النمو حسب مراقبين اقتصاديين. ووفق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء، تصدّر الشباب المصري المركز الأول في إنتاجية العامل على مستوى القارة الأفريقية بالكامل.

الحكومة تستخدم القضية السكانية كفزاعة
الدكتور مصطفى جاويش، وكيل وزارة الصحة المصرية الأسبق، تحدث  للجزيرة نت، موضحا أن  الحكومة تستخدم القضية السكانية كفزاعة من وقت إلى آخر، و أن المشكلة الأساسية تكمن في عجز النمو الاقتصادي عن ملاحقة زيادة السكان، واختلال التوزيع الجغرافي للسكان بالنسبة لإجمالي مساحة مصر، وهدر الثروة البشرية رغم أنها قيمة مضافة في دعم أي اقتصاد قومي، كما هو معروف عالميا.