سطو إعلامي : رواة الرواية الصهيونية!!

الخميس - 9 مايو 2024

- د.شكري الهزَّيل
( باحث وإعلامي فلسطيني )

  • وسائل إعلام فلسطينية وعربية وقعت في فخ المصطلحات الصهيونية حد تسويقها وربطها بالوجدان والعقل العربي
  • اقتحام الأقصى المتكرر صار جزءًا من الرواية الصهيونية والعربية.. و "عبرنة" أسماء الأماكن والشوارع الفلسطينية
  • رواة الرواية الصهيونية يسهمون في تدمير الحقائق الفلسطينية.. والتطبيع الإعلامي يخرّب الوعي بالقضية

 

بقلم: د.شكري الهزَّيل

مما لا شك فيه ان فلسطين تتعرض منذ عقود وحتى يومنا هذا الى احتلال استيطاني مسلح تشارك فيه القوى الصهيونية والامبريالية والعالمية، وهذا السطو صار ملموسا منذ فُرض وجود منظومة الاحتلال الصهيوني بقوة السلاح وحتى يومنا هذا التي تمعن فيه الصهيونية الاستيطانية في الاستيلاء على كل ماهو فلسطيني، سواء على مستوى الجغرافيا والديموغرافيا اوسياسيا واقتصاديا وتراثيا وحضاريا، الى حد محاولة قلب الحقائق التاريخية على عقب، وتحويرها من اجل خدمة الاهداف الصهيونية الاستيطانية في فلسطين المحتلة!!

قد يظن أحد أننا سنتحدث فقط عن أقاويل وأساطير الكذب الصهيوني من ّ أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، ومرورا بأسطورة ” الألفي عام” وحتى مسألة ” الهيكل المزعوم” وحكايات صهيونية مختلقة حول حق القطعان الاثنية التي تحتل فلسطين في الوجود على الأرض الفلسطينية عبر محاولة تثبيت أساطير داعمة للرواية الصهيونية المدعومة من قبل وسائل الاعلام الامبريالية ومعها القوى الرجعية العربية، المتمثلة في أنظمة الحكم في العالم العربي، وهذة الأخيرة هي الحلقة الاخطر التي تشارك في عملية السطو الإعلامي الصهيوني على كل ماهو فلسطيني ومحاولة تحويله ونسبه للتاريخ الصهيوني المزعوم في فلسطين.

الحقيقة الصادمة ان وسائل إعلام فلسطينية وعربية تشارك مشاركة سلبية في حياكة وعي العقل العربي على إيقاع منوال الرواية الصهيونية من تثبيت اسم ”إسرائيل” وحتى اعتبار حدود الحروب والنكبات”1948 و1967 ”بمثابة اثباتات تدعم حق وجود الغاصبين على الرض الفلسطينية المحتلة من النهر الى البحر، ومن بعد سنوات 1948 و1967 وبعد عام 1993 الذي تنازلت فيه القيادة الفلسطينية عن أكثر من ثلثي مساحة فلسطين دون الحصول على أي مكسب أو اعتراف بالحق الأدنى للوجود الفلسطيني في فلسطين المحتلة!

الجاري في فلسطين، وحولها إقليميا وإعلاميا هو سطو إعلامي على الرواية الفلسطينية؛ دعما للرواية الصهيونية، تشارك فيه وسائل إعلام ناطقة بالعربية، لا بل تشارك فيه دول عربية خاضعة لسلطة السوط الأمريكي الصهيوني، وتقوم بنقل الرواية الصهيونية المبنية على أساس نفي وجود الشعب الفلسطيني من جهة ومحو وإلغاء كل ماهو فلسطيني عبر الزحف الاستيطاني الاحلالي واقتلاع كل ماهو فلسطيني جغرافيا وديموغرافيا من جهه ثانية.

 وبالتالي ماهو حاصل هو تزوير وتزييف رواية التاريخ وإعادة صياغتة في قوالب صهيونية مثل ” أرض إسرائيل” وبعبع ”معاداة السامية” والقدس "عاصمة ابدية" للكيان الغاصب الذي يسعى إلى احتلال كامل فلسطين بمؤازرة غربية أوروبية داعمة للاحتلال وناكره ومتنكره لحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسة أمام آلة الإرهاب الصهيونية التي تحصد يوميا أرواح الشباب الفلسطيني في نابلس وجنين وفي كامل فلسطين المحتلة.

الغرب الإمبريالي، وعلى رأسه أمريكا، يساند الرواية الصهيونية ويشارك مشاركة كاملة في قتل الشعب الفلسطيني وتشويه صورة نضاله المشروع الذي يعتبرة الغرب مجرد ”إرهاب” يهدد وجود دولة اليهود.

في رواية التاريخ، الحقيقة لا يوجد شئ اسمة “دولة إسرائيل” التي تحتل أراضي الغير في مناطق الـ67، لا بل ماهو موجود هو دولة احتلال تحتل كامل فلسطين قامت هيئة الأمم المتحدة الامبريالية بتشريع وجودها عام 1948 واستمرت في دعم هذا الوجود حتى يومنا هذا مقابل إنكار حقوق الشعب الفلسطيني في كامل الوطن الفلسطيني.

 ويعتمد الاحتلال على روايات إعلامية مركبة ومفبركة ينصب جل أهدافها على إنكار الوجود الفلسطيني الضارب أطنابة منذ مئات السنين في فلسطين، وقبل وجود ونشأة الحركة الصهيونية في أوروبا “1896”، وقبل وعد بلفور”1917″، وقبل العام 1948 حيث كانت فلسطين عامرة بالكامل بالشعب الفلسطيني حين تم طرد وتشريد وتجزير الشعب الفلسطيني الذي ما زال يقيم في مخيمات المهجر والداخل حتى يومنا هذا كشاهد على ماجرى عام 1948 من تطهير عرقي وإثني نفذته العصابات الصهيونية بغطاء غربي أمريكي وبتواطؤ إقليمي عربي!

شارك ويشارك الفلسطينيون -للأسف- في محاولة تثبيت الرواية الصهيونية وتسويقها عالميا وإقليميا إلى حد قامت فيه جماعة اتفاقية أوسلو عام 1993 بنسف الرواية الفلسطينية وتثبيت وجود الاحتلال على أكثر من ثلثي مساحة فلسطين مقابل بقاء وجود سلطة فلسطينية مقرها في رام الله وغزة وتزعم أنها قيادة فلسطينية تمثل الشعب الفلسطيني، وقامت وتقوم في هذة الأثناء بتثبيت الرواية الصهيونية من جهة، والمشاركة في السطو الإعلامي على الرواية الفلسطينية من جهة ثانية.

 وبالتالي ماجرى هو أن سلطة أوسلو، التابعة للمنظومة العربية، شاركت و تشارك في السطو الإعلامي الصهيوني على رواية القضية الفلسطينية اللتي تتعرض إلى تشوية مبرمج من قبل جماعة أوسلو والأنظمة العربية، بالاضافة إلى الصهيونية والامبريالية الغربية، وكم هائل من وسائل الاإلام الغربية والعربية اللتي تشارك في تثبيت الرواية الصهيونية على حساب الرواية والقضية الفلسطينية.

نظرة عامة على وسائل الإعلام العربية، وخاصة تلك التي تصدر في المهجر والداخل الفلسطيني وإلى حد بعيد مناطق الضفة والقدس، تدلنا على معنى وفحوى استعمال هذة الوسائل لكلمة "إسرائيل" و”الجيش الاسرائيلي” و ” الصحافة الإسرائيلية” و”المناطق الإسرائيلية” و ”القدس الشرقية والغربية”، وهذا يُثبت وجود الرواية الصهيونية زورا وبهتانا، لا بل إن كثيرا من وسائل الإعلام العربية تتطرق إلى المناطق الفلسطينية بأسمائها الصهيونية، ولا تذكر بالأساس كون هذة المناطق محتلة واسمها الحقيقي مثلا : "ملبَّس" وليس” بيتح تكفا” أو "صرفند" وليست “تسريفيم” ولا تذكر أن "إسرائيل وجيشها" دولة استيطان وجيش احتلال يمارس احتلال فلسطين وقمع وقتل شعبها الفلسطيني.

في أحيان كثيره يضيع الفرد والناس في طيات مواقع صحف فلسطينية وعربية، إلى حد الظن أنها "إسرائيلية" صهيونية؛ لاعتماد أخبارها نفس مصطلحات دولة الاحتلال…كثير من السقوط الفلسطيني والعربي في فخ الرواية الصهيونية، ناهيك عن تعريب المصطلحات الصهيونية وتسويقها وربطها بالوجدان والعقل العربي..لاحظوا كيف تنقل وسائل الإعلام العربية اقتحام الأوباش ”المستوطنين” اليومي للمسجد الأقصى إلى حد تحول الأمر إلى روتين تَّعود عليه العرب بشكل عام.

اقتحام الأقصى صار جزءً من الرواية الصهيونية وبناء الهيكل المزعوم… ولا ذكر لجيش الاحتلال الذي صار مجرد "الجيش الإسرائيلي" و"قوات الأمن الاسرائيلية".

كما قام الكيان الصهيوني بتغيير أسماء الأماكن والشوارع وعبرنة كل ماهو فلسطيني ومن المعيب أن يستعمل الفلسطينيون والعرب هذة الأسماء المزيفة وتسويقها تماما كما تصبو له حركة صهينة وأسرلة فلسطين من جميع النواحي.

يساهم رواة الرواية الصهيونية في تدمير الرواية الفلسطينية وعلينا أن نعتبر أن التطبيع العربي وخاصة الإعلامي مع الكيان يساهم مساهمة فتاكة في تخريب الوعي العربي فيما يتعلق بنشأة الكيان الغاصب في فلسطين.

 وما هو حاصل اليوم أن وسائل الإعلام العربية، سواء المقروءه أو المرئية أو المسموعة، تعج بمكونات الرواية الصهيونية التي بدأت بالتسلل لعقول العرب وشرائح ليست قليله من الشعب الفلسطيني، التي تتعامل مع الرواية الصهيونية كحقيقة وواقع، في حين الحقيقة هي أن ماهو جاري هو سطو إعلامي صهيوني يعتمد على أجنحة وأجندة ومشتقات لها باع في وسائل الإعلام العربية، وهذة الاخيرة لا تكل ولا تمل من تكرار المصطلحات والمسميات الإسرائيلية، بهدف ترسيخها في الوجدان العربي.

سطو إعلامي يشارك فيه رواة الرواية الصهيونية وهم العرب المتصهينون ووسائل الإعلام الغربية والإمبريالية.. والمطلوب اليوم فلسطينيا وعربيا هوالتصدي لهؤلاء الرواة في كل شاردة وواردة وكامل التفاصيل حول زيف الرواية الصهيونية وحقيقة الرواية الفلسطينية.

 فلسطين هي فلسطين، ويافا هي يافا وحيفا هي حيفا والقدس هي القدس ورام الله هي رام الله وبئر السبع هي بئر السبع، وهي كلها وجلها أراض فلسطينية محتلة.

* نقلا عن موقع "الأردن العربي"