شهادات جديدة على مجزرة رابعة في الإعلام الدولي.. "الغرب المنافق" يتستر على "عقد من العار"

الاثنين - 14 آغسطس 2023

  • واشنطن بوست: مجزرة رابعة غيرت مصر إلى الأبد والعسكر استخدموا القوة المميتة لاعتلاء السلطة
  • بي بي سي: الشرطة لم تكن تدافع عن نفسها بل فتحت النار عشوائيا في رابعة فلماذا تخاذلت "الجنائية الدولية" عن محاكمة القتلة؟
  • دويتش فيله: الغرب المنافق أدان المذبحة ثم عاد للتعاون مع السيسي لأجل مصالحه
  • العفو الدولية: بعد "عقد من العار" لم يُحاسب مسؤول واحد عن ذبح المئات في رابعة!!

 

إنسان للدراسات الإعلامية- خاص:

كما كان متوقعا، وزرعت أجهزة مخابرات وأمن السيسي رواية واحدة على إعلام الانقلاب، صحف وفضائيات؛ للدفاع عن جريمة الانقلاب في مذبحة رابعة والنهضة وغيرهما.

الرواية الانقلابية تتهم الإخوان بأنهم هم من كانوا يحملون السلاح والقنابل اليدوية وأسلحة سرية وقتلوا "شهداء الشرطة"، دون ذكر لأعداد شهداء المجزرة الذين تجاوزوا الألف بشهادة رئيس وزراء الانقلاب حينئذ، حازم الببلاوي.

لكن بالمقابل فضحت صحف الغرب الجريمة وتساءلت عن شكل مصر التي تغيرت للأسوأ بعد 10 سنوات من المجزرة وكيف أن العسكر تعمدوا القتل الغاشم لتوصيل رسالة لكل المصريين، وليس للإخوان فقط، بأنهم يريدون السلطة والثروة ولن يسمحوا لأحد أن ينازعهم فيها.

وانتقدت الصحف الغربية تبدل مواقف الغرب المنافق من الانقلاب والمجازر التي قام بها نظام السيسي، من الإدانة إلى التعامل مع السفاح الذي قتل آلاف المصريين ليستولي على السلطة، بسبب سعي الغرب للحفاظ على مصالحه.

أكاذيب إعلام الانقلاب

من أمثلة ما نشره إعلام الانقلاب، تقرير مطول في موقع وقناة "صدي البلد" الأمني بعنوان "10 سنوات من الخديعة..كيف ضللت الجماعة الإرهابية أذنابها بشأن فض رابعة؟"!!

قال التقرير، الذي لا علاقة له بالصحافة ومن الواضح أنه مكتوب في مكاتب أمن الدولة والمخابرات: "لم يكتفِ أهل الشر بما فعلوه بالدولة المصرية وشعبها من جرائم في حقهم، فبعد مرور 10 سنوات على فض اعتصام رابعة العدوية خرجت علينا جماعة الإخوان بعمل "فيلم وثائقي" برعاية بريطانية عن الأحداث لتشويه سمعة مصر أمام المجتمع العالمي على الرغم من قيامهم بتزييف الحقائق".

أضاف: "الجميع يعلم جيدا ويرى بعينه أن اعتصام رابعة العدوية كان مسلحا ويوجد به أسلحة وقنابل يدوية كانت تخفيها الجماعة الإرهابية تحت منصة رابعة العدوية، وذلك تم توثيقه بشهادات أعضاء الجماعة بعد فض الاعتصام"!!

وزعم الموقع أن "اعتصام رابعة العدوية شهد مشاركة من تنظيمات إرهابية مثل داعش وأنصار بيت المقدس وغيرها من التنظيمات الإرهابية؛ لتحقيق أجندتهم الخاصة، وتورطت قيادات الإخوان في التحريض على العنف واستخدام المتظاهرين كدروع بشرية"!!

وبدلا من الحديث عن المجرمين الذين استباحوا دماء المصريين من رجال الشرطة والجيش، سعت صحيفة "اليوم السابع" المخابراتية لتلميع هؤلاء القتلة والزعم أنهم فخورون بما فعلوا من مذابح!!

قالت: بعد 10 سنوات على ذكرى فض اعتصامي رابعة والنهضة، تحول المشهد من دماء وقتل لمشروعات ونجاحات، وأن أسر الأبطال (ضباط الشرطة القتلة) فخورون بتضحيات الأبطال ويقولون أنهم سعداء بما تحقق من إنجازات!!

وزعمت صحيفة "العين" الإماراتية أن الاعتصام السلمي كان به العديد من قطع السلاح وأن الاخوان كانوا يريدون ضرب الدولة المصرية وتفكيكها، دون أن توضح كيف ذلك والرئيس كان من الإخوان ويدير الدولة ثم تم اعتقاله والاستيلاء على السلطة!

وكتب كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، مقالا في صحيفة "أخبار اليوم" عن قصة وهمية لرجل اصطحب زوجته وأبناءه الأربعة لاعتصام رابعة يزعم أن الإخوان قالوا له إن "الوقوف في اعتصام رابعة أفضل من الوقوف بعرفات»!! وزعم أن المعتصمين "خبأوا السلمية بالمولوتوف والقنابل والسيوف والجنازير"!!

واشنطن بوست: استخدموا القوة المميتة

رواية الصحف الغربية كانت على النقيض، فقد قالت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم 14 أغسطس 2023، بمناسبة مرور ذكري 10 سنوات على مذبحة رابعة العدوية والنهضة، أن مصر فقدت في هذا اليوم ما كانت عليه، وبالنسبة للناجين من ميدان رابعة العدوية، لا يشعرون بأن عقداً قد مضى، حيث لا تزال تطاردهم أصوات وروائح ذلك اليوم، عندما كان الموت في كل مكان.

أكدت أن "القتل الجماعي وانعدام العدالة شكّل نقطة تحول رئيسية لمصر، حيث عزز قبضة الجيش على السلطة واستعداده لاستخدام القوة المميتة للحفاظ عليها".

قالت: في 14 أغسطس 2013، استخدمت قوات الأمن المصرية الذخيرة الحية لتفريق الاعتصامات المناهضة للانقلاب العسكري ضد الرئيس الشرعي محمد مرسي، وقالت جماعات حقوقية إن أكثر من 800 شخص لقوا حتفهم في واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في أي مكان في التاريخ الحديث.

وقدرت الحكومة عدد القتلى بـ 624 شخصًا، وقد لا يُعرف الرقم الدقيق على الإطلاق، وفق الصحيفة.

قالت: تم اعتقال وسجن المئات من المتظاهرين وحُكم على البعض فيما بعد بالإعدام، وفر كثيرون آخرون من البلاد ولم يعودوا أبدًا.

جاءت حملة القمع العنيفة بعد ستة أسابيع من استيلاء الجنرال في الجيش عبد الفتاح السيسي على السلطة من الرئيس محمد مرسي، الذي تم انتخابه في العام الذي تلا ثورة 2011 في مصر، التي أطاحت المستبد حسني مبارك من السلطة وأثارت الأمل في التغيير الديمقراطي في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ذكرت الصحيفة الأمريكية أنه شارك في الاعتصامات الجماهيرية السلمية للاحتجاج على الإطاحة بمرسي آلاف المصريين، معظمهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين ويدعمون مرسي، وعارض آخرون استيلاء الجيش على السلطة وخيموا لأسابيع وأقاموا حواجز بدائية.

قالت إن السيسي كذب حين قال عام 2019 لشبكة CBS News “"كان هناك آلاف المسلحين في الاعتصام وحاولنا كل الوسائل السلمية لتفريقهم"، مؤكده أن "تحقيقات جماعات حقوق الإنسان كشفت أن معظم المتظاهرين كانوا غير مسلحين".

قالت الصحيفة إن ما حدث في ميدان رابعة أدى إلى تقسيم العائلات والأصدقاء، وقلب الحياة رأساً على عقب، وعمق الانقسامات السياسية في البلاد وبعد كل هذه السنوات، من الصعب مناقشة الأمر بصراحة.

وتحدثت واشنطن بوست إلى خمسة مصريين كانوا حاضرين في ذلك اليوم، أو الذين تغيرت حياتهم بسبب ما حدث بعد ذلك، من بينهم الناشط الحقوقي المصري أحمد سميح الذي تلقى، قبل يوم الفض، دعوة لحضور اجتماع مغلق في وزارة الداخلية، وفي النهاية، قال: "لدي إحساس واضح جدًا بأن [الفض] سيكون عنيفًا."

أضاف أن قوات الأمن قدّرت وقوع حوالي 3000 قتيل بين الجانبين وهي أرقام شاركها مع الصحفيين في ذلك الوقت.

وقال: إن الانقسامات حول مستقبل مصر كانت شديدة لدرجة أن هناك عنفًا في الأجواء، فتجد شخص ما كان مسالمًا جدًا طوال حياته يقول: "يجب عليهم قتلهم جميعًا (في رابعة)"!!

أوضح أنه ذهب لرابعة ليشاهد حقيقة ما حدث فوجد تصاعد الدخان الأسود من الإطارات المحترقة وكان الدم في كل مكان يراق على الأرض ويلطخ السيارات..وبحلول صباح اليوم التالي، كان قد أحصى وحده أكثر من 152 جثة في المشرحة.

قال: بعد رابعة كل شيء تغير في مصر وأنه واصل عمله في مجال حقوق الإنسان ثم، في عام 2015، وجهت إليه تهمة تشغيل محطته الإذاعية على الإنترنت بشكل غير قانوني وتم تفتيش مكتبه، وتم تغريمه ونام في مركز شرطة محلي.

في العام التالي، أثناء عمله كمراقب للانتخابات في أوغندا، تلقى نصيحة من أحد معارفه في القاهرة حيث كان اسمه مدرجًا في قائمة المدافعين عن حقوق الإنسان المقرر توجيه تهم إليهم بتهمة تلقي تمويل أجنبي غير قانوني، فهرب إلى إستونيا ومنها إلى تركيا ولا يعرف ما إذا كان سيتمكن من العودة إلى بلده.

أمل سليم وسارة علي وأسرة ثكلى

وبين من تحدثوا إلى "واشنطن بوست أمل سليم وابتها سارة، ففي 14 أغسطس 2013، غادر زوج أمل سليم، محمد علي، وهو مدير مستشفى وعضو في جماعة الإخوان المسلمين، منزله متوجهاً إلى ميدان رابعة، أخبرها أنه يجب عليه ضمان الإخلاء الآمن للنساء والأطفال وتوسلت إليه ألا يذهب. قال لها: إذا كان مقدراً عليّ أن أموت، سأموت وودعها "وطلب مني أن أغفر له."

قالت الزوجة: خوفًا من أنباء إطلاق النار، اتصلت بانتظام للتأكد من أنه لا يزال على قيد الحياة، كانت سارة محمد علي، أكبر بناتها علي اتصال به عندما انقطع الخط.

أضافت: عندما اتصلت، رد رجل آخر، وقال لها إن قناصا أصاب محمد بالرصاص في رأسه، وقالت: "لقد مات بينما كنت على الهاتف معه".

اتصلت سارة بشقيقها عمر، وهو مواطن صحفي كان يوثق الفوضى في رابعة، وطلبت منه العثور على جثة والدهم لكن لم يكن هناك ما يشير إليه في أي من العيادات المؤقتة.

في اليوم التالي، اتصل بها رجل من رقم غير معروف وقال إن جثة والدها ألقيت في شارع جانبي وقال عمر لوالدته عندما عادوا إلى المنزل: "حملت والدي، ووضعته في القبر ودمه على ملابسي".

بعد وقوعه في كآبة عميقة، طمأن عمر والدته بأنه سيساعد في إدارة شؤون المنزل وتربية شقيقتيه حيث كان يدرس ليصبح مهندسًا.

لكن قبل ثماني سنوات، بينما كان عمر في مطعم مع أصدقائه، اعتقلته قوات الأمن وأصبحوا يعتقدون أنه يُعاقب بسبب معتقدات والده السياسية، وفي النهاية أدين بـ "إفشاء أسرار عسكرية" وحُكم عليه بالسجن 25 عامًا دون أي فرصة للاستئناف.

أصيبت أمل سليم فيما بعد بانهيار عصبي فقد فقدت زوجها بالفعل واختفي نجلها في المعتقل، وبدأت سارة تعاني من الهلوسة والارتباك وفقدان اللغة وتم إدخالها إلى مستشفى للأمراض النفسية وتم تشخيص إصابتها باضطراب ما بعد الصدمة.

قالت: "لا يوجد مبرر لما حدث له" "لكن لماذا أدفع مقابل ذلك؟ لماذا يقضي أخي كل هذه السنوات في السجن؟ "

لينا عطا الله: "شاهدت كومة من الجثث"

كما تحدثت لينا عطا الله، رئيس تحرير موقع "مدي مصر" إلى واشنطن بوست وقالت إنها كانت في الثلاثين من عمرها، وكانت قد أسست لتوها مؤسسة مدى مصر الإخبارية المستقلة، وكتبت من اعتصام ميدان رابعة لكنها استيقظت في وقت مبكر من يوم 14 أغسطس واندفعت إلى مكان الحادث مع زميل لها.

لم يكن لديهم معدات واقية، ومع تقدم قوات الأمن في الميدان، تم حشرهما في حشد بالقرب من مستشفى ميداني، وقالت إنها شاهدت كومة من الجثث، ورجل يحمل كومة من بطاقات الهوية الخاصة بالموتى، وأشخاص يحاولون إنقاذ بعضهم البعض.

قالت: بينما كان الرصاص ينهمر، رأوا مخرجًا ولم يكن هناك وقت للتفكير وأمسكوا أيديهم وركضوا، وأكدت أنها لا تجد كلاما لتعبر به عن هول ما شاهدت في مجزرة رابعة، وأنها فهمت في ذلك الحين أن رابعة كانت "بداية شيء مروع للغاية".

أكدت أنه تم سجن بعض أقرب أصدقائها، بما في ذلك النشطاء والصحفيين ومن بينهم علاء عبد الفتاح، الذي قضى معظم العقد الماضي خلف القضبان بتهم تقول جماعات حقوقية إنها خدعة وفر أصدقاء آخرون من البلاد أو ماتوا منتحرين.

"محمد" رجل أعمال هرب إلى أمريكا ولم يعد

لا يزال "محمد" يتذكر بالضبط كيف مات الرجال أمامه، قال شاهدت الشاب الذي يختبئ خلف شجرة، والذي أطلق شهيقًا وانهار بالرصاص، ويتذكر قائلاً: "عندما فحصته كانت هناك رصاصة في قلبه، حيث قتل برصاص قناص.

ثم شاهد كيف أصيب مساعد سائق سيارة الإسعاف برصاصة وهو يرتدي زيه الطبي و"انكسر رأسه إلى نصفين"، بينما كان زميله يصرخ ويبكي.

قال شاهدت كيف أطلق النار على الناس بينما حاول الناجون الإخلاء، وأذرعهم ملفوفة على أكتاف بعضهم البعض.

محمد -رجل أعمال بارز -وصل إلى الاعتصام في ذلك اليوم حوالي الساعة 6:30 صباحًا، وقال إنه لا ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، لكنه كان هناك للاحتجاج على ما رآه استيلاءًا عسكريًا ظالمًا، تم اعتقاله وإجباره على تسليم بطاقته الشخصية قبل مغادرة الميدان.

كان في حالة صدمة وخوف من أن تأتي السلطات من أجل اعتقاله فهرب إلى الولايات المتحدة بعد ثلاثة أيام، ولم يعد إلى البلد منذ ذلك الحين.

قال: في السنوات التي تلت ذلك، تعرضت أعماله التجارية في مصر للهجوم والحرق وتعرضت عائلته لمضايقات من قبل الحكومة حتى وافق على التخلي عن أصوله المتبقية للسلطة (لتنهبها)، وبدأ من الصفر في أمريكا بعدما تخلي عن كل شيء.

قال محمد إن رابعة "بداية محو كل ما يتعلق بعام 2011"، عندما كان المصريون متحدون في أملهم في مجتمع أكثر حرية.

وأكد أن رابعة كانت فرصة للجيش "لاستعراض عضلاته" ولإرسال رسالة لا لبس فيها: "لن يتمتع أحد بحرية التفكير أو الاحتجاج بعد الآن".

بي بي سي: كانت نيتهم ذبح المعتصمين

وتساءل موقع “بي بي سي” البريطاني، في تقرير يوم 10 أغسطس 2023، عما إذا كان ذلك اعتصاماً سلمياً أم “مذبحة”؟ وهل كان بحوزة المتظاهرين أسلحة كما قيل؟ هل وفرت قوات الأمن ورجال الشرطة ممراً آمناً للمحاصرين للخروج من المكان؟ وهل كان من الممكن تفادي مقتل كل هؤلاء الأشخاص؟

قال: إن بيان وزير الداخلية الذي أصدره بعد فض الاعتصام، قال إن قوات الأمن ضبطت 15 سلاحا ناريا في ميدان رابعة، وأن هذا الرقم – بافتراض صحته لا تلفيقه-“يعني أن الشرطة لم تكن تدافع عن نفسها، بل فتحت النار بشكل عشوائي وانتقامي على المتظاهرين العزل”

أكد أنه بحلول المساء كانت الجثث التي سقطت في الاشتباكات متكدسة عند مسجد رابعة والمشفى القريب، وظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لعربات الأمن وهي تجرف الجثث وسط صرخات ذويهم.

وأخلت القوات المسجد والمشفى، وفجأة اشتعلت النيران في المكان، وتفحمت الكثير من الجثث، وهو ما يشير إلي السعي لإخفاء معالم الجريمة كما قال حقوقيون لاحقا.

يواصل التقرير: وصف المعتصمون ما حدث بـ “المذبحة”، أما الشرطة، فاعتبرتها خطة مدروسة من قبلها لفض تجمع كان يشكل “خطراً على أمن البلاد”

وبدلا من محاكمة القتلة، ترأس القاضي حسن فريد جلسة المحاكمة، المعروفة باسم فض احتجاجات رابعة العدوية، في محكمة جنايات القاهرة، في مصر 8 سبتمبر 2018 لمحاكمة من نجوا من القتل في رابعة والنهضة.

تابع التقرير: عقب الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي خرجت مظاهرات دورية بمناطق مختلفة في القاهرة، تخللتها اشتباكات متكررة مع الشرطة أدت إلى سقوط قتلى من المعتصمين عند الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة العدوية.

أعلنت الحكومة المؤقتة حينها، برئاسة حازم الببلاوي، الذي هرب لحقا لأمريكا في منصب رسمي، أن الاعتصام يعطل حياة الناس، وقالت إنها تخشى من أن يكون بحوزة المتظاهرين أسلحة، لذلك، كلفت وزارة الداخلية بوضع خطة لفض الاعتصامين.

بحسب الرواية الرسمية، بدأت قوات الأمن باقتحام ميدان رابعة من مداخله الخمسة في ساعات الصباح الأولى، وأعلنت عبر مكبرات الصوت أن الاعتصام سيُفض وطالبت المعتصمين بالخروج من ممرات تم تأمينها.

لكن المعتصمين قالوا إن الآلاف لم يصلهم الصوت، وتعرض من تمكن من الخروج لإطلاق نار أو ألقي القبض عليه.

وقالت قوات الأمن إنها بدأت في إطلاق النار فقط عندما تعرضت لإطلاق النيران من جانب معتصمين تحصنوا في بنايات عالية. لكن المعتصمين نفوا ذلك، وقالوا إن الشرطة أطلقت النار على الجميع وإن أعداد حاملي السلاح في الميدان كانت ضئيلة جدا وفق بي بي سي.

وفي الأشهر اللاحقة، لم تقبل المحكمة الجنائية الدولية النظر في دعاوى محاكمة المسؤولين عن الفض ونتائجه.

وبعد مرور سنوات عن الواقعة، ظلت السلطات المصرية تحاكم العديد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وقادتها بتهم الدعوة لاعتصامات غير سلمية، وقتل أفراد من الشرطة والجيش في اشتباكات صاحبت تلك الاعتصامات.

وذلك بينما لا يزال الجناة من الشرطة والجيش وقادة الانقلاب الذين قتلوا أكثر من ألف باعتراف السلطة نفسها طلقاء.

دويتشه فيله تفضح نفاق الغرب

وتساءل التلفزيون الألماني  DW عربية، اليوم  14 أغسطس 2023: كيف ولماذا تحولت مواقف بعض الدول في الذكرى العاشرة لفض اعتصام رابعة؟

قال: تشير منظمات حقوقية دولية إلى أن السلطات المصرية لم تحتجز أي مسؤول حكومي أو أي فرد من قوات الأمن المسؤولة عن القتل الجماعي للمتظاهرين في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة، والتي نتج عنها أيضاً مئات الإصابات إضافة إلى مئات المختفين بشكل غامض، وانتقدت منظمات دولية حالة "الإفلات من العقاب" التي "يتمتع بها من اقترفوا عمليات فض الاعتصامات".

أضاف التقرير أنه في أعقاب تنفيذ عملية الفض، نددت دول وحكومات بما وصف بأنه استخدام غاشم للقوة المميتة، ما أدى إلى مقتل نحو 800 شخص وإصابة 3717، بحسب المنظمات الدولية ومنها منظمة العفو الدولية (أمنستي).

وأدانت كل الدول الأوروبية تقريباً طريقة فض الاعتصام ،كما صدر البيان الأقوى والأسرع من الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.

أيضاً صدرت بيانات من الاتحاد الأوروبي أحدها كان في أغسطس بعد أيام من الواقعة والآخر باللهجة نفسها في أبريل 2014 عن مجلس العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي وكان يدعو الدول الأعضاء إلى "مراجعة كافة صفقات الأسلحة مع مصر ووقف مبيعات الأسلحة التي يمكن أن تستخدم في القمع الداخلي"

ونقل عن الدكتور حسام الحملاوي، الباحث في العلوم السياسية من برلين: "إن المهم بجانب بيانات الشجب والإدانة هو تبعات هذا الموقف"، والحقيقة أن التبعات كانت هزيلة للغاية حيث تم فرض عقوبات صورية على الجيش المصري وعلى التسليح لعدة أشهر وتم رفعها بعد "انتخاب" السيسي رئيساً للبلاد، وفق ما قال خلال حوار هاتفي مع DW عربية.

الأمر نفسه أكد عليه عمرو مجدي، الباحث الأول في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، والذي قال إن البيانات لم يكن لها أثر تقريباً على أرض الواقع "فالكثير من دول الاتحاد الاوروبي استمرت في مبيعات الأسلحة لمصر، سواء في 2014 أو ما يليها، ومنها على سبيل المثال إيطاليا وبلجيكا وإسبانيا"

وقال مجدي: إن ردود الأفعال الرسمية في دوائر الحكم الغربية لم ترتقِ لمستوى العنف والانتهاكات التي وقعت "بل على العكس، فبعد مرور عام أو عامين على المذبحة كان هناك نوع من الإسراع في ما يمكن تسميته تطبيع العلاقات مع الحكومة الجديدة المدعومة من الجيش"

وتابع عمرو مجدي لـ  DW عربية: "بعد وصول السيسي للرئاسة بشكل رسمي عاد الكلام نفسه يتردد عن دعم الديمقراطية في مصر ومساندتها في حربها ضد الإرهاب وكون مصر شريكا دوليا مهما وغير ذلك من الكلام الدبلوماسي فلم تحدث وقفة حقيقية مع الانتهاكات التي وقعت"!!

وقال تيموثي قلدس، الباحث في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في حوار مع DW إن "الحكومات الغربية لا تُعطي الأولوية لحقوق الإنسان في تعاملها مع معظم شركائها وأن أولوياتها تتمثل في المصالح الاقتصادية والاستقرار الأمني، في حين أن انتهاكات حقوق الإنسان والاستبداد والفساد، كلها عوامل تسهم بشكل مباشر في عدم الاستقرار الاقتصادي في مصر".

ويقول التلفزيون الألماني إنه خلال السنوات الماضية، منذ واقعة فض الاعتصامات وإلى اليوم شهدت المواقف السياسية لعدد من القوى الإقليمية والدولية تغيرات، كان بعضها من النقيض إلى النقيض.

وفي هذا السياق يقول الدكتور حسام الحملاوي: إن المجتمع الدولي ليس كتلة واحدة وبشكل مختصر يمكن اختزاله إلى عدة كتل، فيما يخص ما حدث في مصر عام 2013.

ويوضح الحملاوي "لم يكن الأمريكيون يحاولون اجتثاث تنظيم الإخوان من مصر ليس حباً فيهم وإنما من باب البراغماتية والتعاون مع جهة منظمة تضمن مصالحهم لا أكثر".

أما الكتلة الثانية المهمة "فتتمثل في دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية والإمارات،والتي لم تكن تؤيد فض الاعتصام فحسب وإنما اجتثاث الإخوان أنفسهم من الساحة السياسية تماماً"، مضيفاً أن "السيسي لم يكن ليتحرك ويتخذ خطوة كهذه إلا لو كان يعرف تماماً أن هناك دولا ستدفع في النهاية قيمة هذا التحرك، خاصة إذا نتج عنه عقوبات"

أما الكتلة الثالثة -بحسب الباحث المصري في العلوم السياسية-فهي أوروبا والتي رفضت تماماً ما حدث من لجوء للعنف الشديد تجاه المتظاهرين، مضيفاً أن "الاوربيين أيضاً كانوا جزء من محاولة الوساطة من خلال كاثرين اشتون لكن الوضع تغير بعد 2014 ومرجع ذلك هو التعامل بواقعية وبراغماتية"

وكانت تركيا من أقوى الدول التي أدانت أحداث رابعة العدوية وأصدرت عدداً من التصريحات بهذا الشأن، حتى إن بعضها استهدف بشكل شخصي السيسي نفسه، لتسوء العلاقات بين البلدين بشكل لم يسبق له مثيل.

ويقول عمرو مجدي، الباحث في هيومن رايتس ووتش: "لا أعتقد أن الحكومة المصرية قد نجحت في تسويق روايتها عمّا حدث في رابعة، بل أعتقد أن أغلب دوائر الإعلام في الغرب أو الدوائر الرسمية الحكومية لاتزال غير مقتنعة بضرورة استخدام هذا المستوى من العنف الذي لم يكن له ما يبرره، لكن ما حدث هو أنه تم التغاضي عن الواقعة والعودة لإدارة العلاقات مع مصر بمنطق Business as usual أو العودة لممارسة العمل كالمعتاد"

ويتفق الحملاوي ومجدي في أن هناك الكثير من العوامل ساهمت في تحول المواقف الدولية من مسألة فض اعتصام رابعة العدوية، من بينها وقوع عمليات إرهابية في مصر استهدفت مدنيين ورجال أمن وأنه كانت هناك بالفعل تحديات أمنية حقيقية ضد الحكومة، التي كانت موجودة في ذلك الوقت وخصوصاً في سيناء.

ويقول عمرو مجدي، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش: "للأسف لم تحدث أي تطورات إيجابية بهذا الشأن، سواء داخل مصر أو خارجها.. طبعاً داخل مصر العدالة الانتقالية هي أبعد ما تكون، منذ أي وقت مضى، خصوصاً في السنوات الأخيرة مع تردي الوضع الحقوقي والانغلاق السياسي التام وغياب أي نوع من الصحافة الحرة أو حرية التعبير، بالتالي لا توجد أي آمال حقيقية لتحقيق أي نوع من العدالة فيما يختص بهذه القضية، بل إن المادة رقم 241 من الدستور تنص على أن البرلمان في أول دورة انعقاد له كان يجب أن يقوم بإصدار قانون للعدالة الانتقالية وهو ما لم يحدث"

ويرى مجدي أن ما يزيد من صعوبة الملاحقة الدولية أن مصر ليست طرفاً في اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي من الصعب في ظل التوازنات السياسية حالياً تصور أن يتم فتح قضية أمام هذه المحكمة، إذ لابد من توافر شرط من اثنين إما أن تكون الدولة عضوا في هذه الاتفاقية أو أن يصدر قرار من مجلس الامن بفتح تحقيق في هذه الانتهاكات، وهذا لن يحدث في ظل التوازنات السياسية الدولية والاقليمية الموجودة حالياً"

ويختتم مجدي حديثه بالقول إنه "لم يتبق سوى التقاضي الكوني Universal Juridiction  وهي مجموعة قوانين موجودة لدى عدة دول حول العالم، ومنها دول مرت بالتحول الديمقراطي، وكان لدى شعوبها خبرات في التعامل مع أنظمة ديكتاتورية ومستبدة ارتكبت جرائم خطيرة على نطاق واسع، وبالتالي شرعت بعض القوانين، التي تسمح بمقاضاة من يشتبه في تورطه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وكان هناك عدة جهود في هذا الإطار حتى عام 2016 وتسببت بالفعل في قيام مسؤولين مصريين بإلغاء زياراتهم لبعض الدول خوفاً من تعرضهم للتحقيق بشأن ما وقع في رابعة بوصفه جريمة ضد الإنسانية .. لكن مع ذلك لم يتم توجيه الاتهام رسمياً إلى أي مسؤول عن المشاركة في هذه الانتهاكات"

ويقول روبرت سكيلبيك، مدير منظمة ريدريس لحقوق الإنسان: إن مسألة الولاية القضائية العالمية صعبة للغاية لأنه لا توجد إمكانية حقيقية لتسليم كبار المسؤولين من مصر، كما أن أغلب الدول ليست مستعدة لعمل ذلك، كما أن هذه الدول لديها مصالح مع مصر، مشيراً إلى أن "العدالة الدولية بوجه عام تستغرق وقتا طويلاً للغاية لتتحقق"

واقترح بدلاً من ذلك، خلال اتصال له مع DW عربية، توسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية "لكن ربما يكون من الصعب جدًا القيام بذلك سياسيًا، لكن يجب الضغط على الأقل من أجل توثيق مثل هذه الوقائع".

مسئول بالعفو الدولية: "عقد من العار"

قالت منظمة العفو الدولية، 14 أغسطس 2023: إنَّ حلول الذكرى السنوية العاشرة لمذبحة رابعة هو تذكير صارخ كيف أنّ الإفلات من العقاب عن القتل الجماعي لأكثر من 900 شخص قد مكّن هجومًا شاملًا على المعارضة السلمية، وتآكل كافة الضمانات للمحاكمة العادلة في نظام العدالة الجنائية، وما رافقها من معاملة وحشية لا توصف في السجون طوال العقد الماضي.

وفي تحليل مفصّل، سلطت المنظمة الضوء على 10 قضايا حقوقية خاضّتها مصر منذ مذبحة 14 أغسطس 2013، حين فرّقت قوات الجيش والأمن بعنف الاعتصامات التي شهدها ميدانا رابعة العدوية والنهضة في القاهرة والتي نظمها أنصار جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي.

قالت بعد مرور عشر سنوات، لم يُحاسب مسؤول واحد عن إراقة الدماء، مما يسلط الضوء على الغياب الواسع للعدالة والإنصاف لعائلات الضحايا والناجين من التعذيب، والاختفاء القسري، والإعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من عمليات القتل غير القانونية والاحتجاز التعسفي.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "لا يمكن وصف السنوات الـ10 الأخيرة إلا بأنها "عقد من العار".

قال: "كانت مذبحة رابعة انعطافة خطيرة تبنت السلطات المصرية على إثرها سياسة عدم التسامح بالمطلق مع المعارضة، ومنذ ذلك الحين، قُتل عدد لا يحصى من المعارضين أثناء احتجاجهم في الشوارع، أو تُركوا ليقبعوا خلف قضبان السجون أو أرغموا على الذهاب إلى المنفى

قالت المنظمة "إنَّ الافتقار إلى رد قوي ومنسق من المجتمع الدولي على مذبحة رابعة قد سمح للجيش وقوات الأمن المصرية بالإفلات من العقاب عن ارتكاب القتل الجماعي بكل ما للكلمة من معنى".

وأضافت: "لا أمل في خروج مصر من أزمتها الإنسانية المستمرة من دون مساءلة السلطات المصرية عن تصرفاتها في ذلك اليوم الأسود في تاريخ مصر الحديث ويجب على الدول التي لها تأثير على مصر أن تردد صدى مطالب الناجين وأسر الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان من أجل الحقيقة والعدالة والتعويض".

وختم فيليب لوثر حديثه بالقول: ينبغي أن تُذكّر هذه الذكرى السنوية القاتمة اليوم المجتمع الدولي بالحاجة الملحة لإنشاء مسارات فعالة للمساءلة مثل آلية للرصد والإبلاغ عن حالة حقوق الإنسان في مصر منبثقة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

ويتعين على الدول أيضًا الضغط على السلطات المصرية بشكل علني أو بصورة ثنائية للإفراج عن آلاف النقاد والمعارضين المحتجزين بشكل تعسفي، بمن فيهم أولئك الذين لهم صلات بجماعة الإخوان المسلمين

وأشارت المنظمة إلى 10 طرق تدهورت فيها حالة حقوق الإنسان في مصر منذ مذبحة رابعة هي: قمع الاحتجاجات في الشوارع، الاحتجاز التعسفي، المحاكمات الجائرة، عقوبة الإعدام، الاعتداء على حرية التعبير، خنق المجتمع المدني، التعذيب والمعاملة السيئة، الإخفاء القسري، التمييز، الإفلات من العقاب.

وقالت: منذ 2013، نجحت الحكومة المصرية في القضاء على الاحتجاجات في الشوارع، من خلال تبني قوانين صارمة تُجرّم فعليًا الحق في حرية التجمع السلمي، ومن خلال اللجوء إلى استخدام القوة غير القانونية وسياسة الاعتقالات الجماعية.

كما اعتقلت السلطات المصرية عشرات الآلاف أثناء وبعد أحداث مذبحة رابعة. وبينما استهدفت في البداية أنصار الإخوان المسلمين الفعليين أو المُتَصَورين، سرعان ما امتد قمعها ليطال جميع المنتقدين السلميين.

وبالرغم من المبادرات الإصلاحية الأخيرة من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سبتمبر 2021، والحوار الوطني الذي طال انتظاره، في مايو 2023، تظهر مؤشرات مواصلة الحملات القمعية القليل من التراجع، بينما يستمرّ اعتقال منتقدي الدولة. وعلى الرغم من إطلاق سراح مئات المعارضين منذ إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسية في 2022، فقد استُثني الإخوان المسلمون وأنصارهم من العفو الرسمي وظل الآلاف يقبعون ظلمًا خلف القضبان.

وتبنت السلطات واستخدمت تشريعات صارمة لمكافحة الإرهاب وأساليب قمعية أخرى لإبقاء آلاف المنتقدين قيد الحبس الاحتياطي المطوَّل، من دون تهمة أو محاكمة، وأحيانًا لفترات تتجاوز العامين، وهو الحد الأقصى بموجب القانون المصري.

وحكمت محاكم الطوارئ أو المحاكم العسكرية، أو دوائر الإرهاب التابعة للمحاكم الجنائية، على المئات بالإعدام أو بالسجن لمدد طويلة في محاكمات جماعية فادحة الجور ومشوبة بالتعذيب.

وفي السنوات الـعشر الأخيرة، كثفت السلطات من استخدامها لعقوبة الإعدام لغايات قمع المعارضة، حيث أصدرت المحاكم أحكام إعدام بحق الآلاف بينما أعدمت السلطات ما يزيد على 400 شخص.

وفي سبتمبر 2018، أصدرت محكمة جنايات القاهرة 75 حكمًا بالإعدام و47 حكمًا بالسجن المؤبد، وأحكام شديدة بالسجن تتراوح بين 5 و15 عامًا بحق 612 شخصًا في محاكمة جماعية فادحة الجور، على خلفية مشاركتهم في اعتصام رابعة. وفي 14 يوليو 2021، أيدت محكمة النقض أحكام الإعدام بحق 12 من المتهمين، بمن فيهم شخصيات بارزة من الإخوان المسلمين.

وقمعت السلطات المصرية التقارير المستقلة، وأحكمت قبضتها على وسائل الإعلام وقمعت الصحفيين الذين تجرأوا على الخروج عن الرواية الرسمية باستخدام دليل التكتيات القمعية، وتشمل هذه التكتيكات اعتقال وملاحقة عشرات الصحفيين لقيامهم بعملهم، والرقابة على الإنترنت، ومداهمات لوسائل إعلام مستقلة.

كما تم خنق المجتمع المدني، من خلال اعتماد القانون القمعي رقم 149/2019، والذي يمنح السلطات صلاحيات واسعة للغاية بشأن تسجيل المنظمات غير الحكومية وأنشطتها وتمويلها وحلّها.

وتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان كذلك لهجمات لا هوادة فيها، بما في ذلك المحاكمات الجائرة وحظر السفر وتجميد الأصول وأشكال أخرى من المضايقات.

ويقبع أولئك المعتقلون في حملة قمع ميدان رابعة وآلاف غيرهم في ظروف قاسية ولا إنسانية خلف قضبان السجون المصرية، فمنذ 2013، مات العشرات في الحجز وسط تقارير عن حرمانهم من الرعاية الصحية أو تعرضهم للتعذيب.

وكان الرئيس محمد مرسي من بين الضحايا، إلى جانب عصام العريان، شخصية بارزة في جماعة الإخوان المسلمين، الذي توفي في 2020، بعد سنوات من تجاهل شكواه من سوء ظروف الاحتجاز والحرمان من الرعاية الصحية المنقذة للحياة.

وينتشر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة على نطاق واسع ومنظم، حيث أبلغ الناجون والشهود عن استخدام الصدمات الكهربائية والتعليق من الأطراف والحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمى والضرب والحرمان المتعمد من الرعاية الصحية.

وبحسب تقرير "العفو الدولية"، تحتجز قوات الأمن المتهمين بالتورط بالإرهاب أو المشاركة في التظاهرات بمعزل عن العالم الخارجي وتحرم عائلات ومحامي المتهمين من الوصول إلى أي معلومات حول مصير ومكان وجود أحبتهم لفترات تتراوح بين بضعة أيام إلى 23 شهرًا.

وخلال هذا الوقت، يتعرض المعتقلون للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ويجبرون على الإدلاء “باعترافات” قسرية أو تجريم الآخرين.

ورغم ادعاء السلطات احترام حقوق المرأة والأقليات وحمايتها، لكنها عرَّضت الرجال والنساء والأطفال للتمييز على أساس الجنس.

من جانب آخر، تتناقض المقاضاة الجماعية لأعضاء وأنصار الإخوان المسلمين بشكل حاد مع الإخفاق في التحقيق ومحاسبة أي شخص أمر أو خطط أو ارتكب انتهاكات في مذبحة 14 أغسطس 2013.

وزعمت لجنة لتقصي الحقائق، أنشأها الرئيس المؤقت آنذاك عدلي منصور في ديسمبر 2013،  أنَّ قادة الاحتجاج هم من يتحملون اللوم عن أعمال القتل في رابعة وبَّرأت رجال الأمن من المسؤولية إلى حد كبير، وترسخ الإفلات من العقاب بعد أن صادق عبد الفتاح السيسي على قانون في 2018 يمنح كبار القادة العسكريين حصانة من الملاحقة القضائية.