"طائرة زامبيا" و كشف المستور.. إعلام الانقلاب يُحلّق في أجواء عاصفة

الأحد - 20 آغسطس 2023

  • صحف السيسي نشرت خبر توقيف الطائرة في لوساكا ثم حذفته بتعليمات أمنية
  • صحفيون: نعم تلقينا أوامر من جهات سيادية بعدم نشر أي أخبار عن الطائرة
  • لجان السيسي تدعي أنها طائرة لبنانية وتنفي ملكيتها للعرجاني قائد ميليشيات سيناء
  • رموز النظام بعد الفضيحة: هل وصل بنا الحال لمعرفة أخبار مصر من وسائل إعلام إفريقية؟!
  • المصريون المتهمون بينهم ضباط في الجيش وتجار ذهب وتعتيم علي اسم شخص "مهم"
  • الإعلام المعارض يكشف سر تنقل الطائرة بين القاهرة ودبي وبنغازي والكيان الصهيوني

 

إنسان للدراسات الإعلامية- خاص:

يوم 15 أغسطس 2023 أعلنت السلطات في زامبيا ضبط ملايين الدولارات وأسلحة وذخيرة وكميات كبيرة من الذهب كانت على متن طائرة خاصة، متجهة من مصر إلى زامبيا.

وقالت لجنة مكافحة المخدرات (DEC) في بيان نشر في حسابها في فيسبوك إنها تلقت معلومات تفيد بأن طائرة مستأجرة تحمل "بضائع خطرة" وبعد تفتيشها اكتشفت ضبط 5.7 مليون دولار، وخمسة بنادق، وسبعة مخازن سلاح، و126 طلقة، و602 قطعة ذهب وزنها 127.2 كيلوغرام، وأجهزة لوزن الذهب. (نص البيان الصحفي لسلطات لجنة مكافحة المخدرات في زامبيا)

بعد اكتشاف علاقة الطائرة بشخصيات مصرية مرتبطة بالنظام والمخابرات أبرزهم ابراهيم العرجاني رجل أعمال الجيش في سيناء، والذي اشتهر بتجارته مع محمود السيسي نجل قائد الانقلاب والمسئول في المخابرات المصرية حاليا، نفي "مصدر" مصري مجهول الواقعة وحاول الخلط بين طائرتين نافيا أنه لم يتم تفتيشها في مصر.

تخبطت صحف ولجان السيسي في تناولها للفضيحة، محاولة في البداية الادعاء أنها ليست طائرة مصرية بل لبنانية، ثم بدأت تدافع عن ابراهيم العرجاني ومعه نجل السيسي ضمنا، بعدما تأكد وجود نجل العرجاني في الطائرة مع 10 محتجزين.

على الفور تواصل السيسي والعرجاني وعباس كامل، من خلال جهاز المخابرات، مع زامبيا للتغطية على الفضيحة، فظهر وزير المناجم وتنمية المعادن في زامبيا، بول كابوسوي، ليقول إن الوزارة أجرت تحليلا شاملا لقطع الذهب وتبين أنها تحتوي على النحاس والزنك والقصدير والنيكل "وليست كما كان يعتقد"، أي مطلية بالذهب، ثم اختفي الطيار الذي كان يقود الطائرة رغم أنه مقبوض عليه، بحسب صحيفة "زامبيا أوبرزرفر"، 16 أغسطس 2023.

وزعم مصدر مطلع لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية (أ ش أ) أن "الطائرة التي أثير حولها الكثير من اللغط حول خروجها من مطار القاهرة باتجاه زامبيا خلال الساعات الأخيرة هي طائرة خاصة كانت قد قامت بالترانزيت داخل مطار القاهرة في وقت سابق وخضعت للتفتيش والتأكد من استيفائها لكافة قواعد السلامة والأمن التي يتم تطبيقها على أعلى المستويات داخل كافة المطارات والموانئ المصرية، وكذا أن الطائرة لا تحمل الجنسية المصرية في الأساس".

ثم عاد ليقول إنه "بالنسبة لما أثير عن وجود طائرة أخرى تم احتجازها من قبل السلطات الزامبية فهذه الطائرة لم تعبر الأجواء المصرية من الأساس"!!

وقال مصدر في وزارة الطيران المدني المصري في تصريحات لصحف محلية مصرية إن الطائرة ليست مصرية، وإنما تحمل رقم تسجيل لبناني، ومرت فقط عبر مطار القاهرة "ترانزيت".

وأوضح المصدر أن الطائرات الترانزيت تأتي لتموين الطائرة فقط لتكمل رحلتها ولا يتم التدخل في حمولاتها ولا ركابها، إلا تحت بلاغ وبتصريح دولي للتفتيش فقط.

وقد استبعد مصدر سابق بوزارة الطيران المدني لموقع «مدى مصر» أن تكون الطائرة التي ضُبطت في زامبيا، قد خضعت للتفتيش في مطار القاهرة، موضحًا أن التفتيش يجري لطاقم الطائرة والركاب في حالة دخولهم الأراضي المصرية، أما في حالة طائرات الترانزيت فيتم التفتيش على عوامل السلامة والأمان بالطائرة، دون تفتيش الحقائب الموجودة داخلها.

وبحسب البيانات الملاحية المتاحة على موقع adsbexchange، انطلقت رحلة الطائرة اﻷخيرة من مطار عمان بالأردن، مساء السبت 12 أغسطس، ووصلت إلى مطار القاهرة منتصف الليل، ثم أقلعت مجددًا في الحادية عشر من صباح اﻷحد، لتصل إلى العاصمة الزامبية بعد نحو سبع ساعات.(عرض حساب "متصدقش" لتسلسل الأحداث)

وتظهر طبيعة تنقل الطائرة بين مصر كمقر رئيسي ثم الإمارات من حيث عدد الرحلات.. طبيعة الجهة المشغلة لها، مع الوضع في الاعتبار بقية رحلاتها لدول أخرى مثل ليبيا "بنغازي وطرابلس"، إسرائيل، قطر، الأردن، وغيرهم.

تخبط إعلامي

فور كشف زامبيا الواقعة، نشرت مواقع إخبارية مصرية، مثل «المصري اليوم» و«القاهرة 24»، خبر احتجاز الطائرة، قبل حذفه لاحقًا، وقال موقع عربي 21 إن وسائل الإعلام في مصر تلقت أوامر من جهات سيادية بعدم نشر أي أخبار عن الطائرة. (الخبر الذي نشرته "المصري اليوم" ثم حذفته)

كان لافتا أن خبر الطائرة نشر على كل المواقع المصرية ولكن فجأة جاء الأمر من "السامسونج" (في إشارة لمسئول جهاز المخابرات الذي يوجه الصحف) بحذف الخبر، لكن ظل الخبر منشورا على موقع سكاي نيوز الإماراتي فقط، ما أظهر أن المتورطين من الحيتان الكبيرة، كما قال الحقوقي هيثم أبو خليل. (نص رأي هيثم أبو خليل)

وتساءل الصحفي جمال سلطان عن سر طلب الأجهزة الأمنية في مصر حذف خبر الطائرة التي تم ضبطها في زامبيا بملايين الدولارات قادمة من القاهرة من جميع المواقع المصرية؟ ولماذا لم تصدر أي جهة رسمية مصرية أي بيان عن تلك الواقعة، واصفا تصرف نظام السيسي "كمن على رأسه بطحة يتحسسها؟". (نص ما قاله جمال سلطان)

وأكد مصدر صحفي من جريدة قومية لـموقع «مدى مصر» تلقيهم بالفعل تعليمات بعدم النشر.

وفي ظل الصمت الرسمي رغم البيان الصادر عن سلطات زامبيا طالب محاميان مواليان للسلطة من مصر الرد على الفضيحة.

المحامي طارق العوضي كتب يقول: "ممكن الخارجية المصرية تطلع بيان يفهمونا اي حاجة باعتبار اننا مواطنين وكده يعني؟؟؟ عيب اللي بيحصل ده الناس عماله تتابع الاخبار من مواقع وصحف خارج مصر، قولوا اي حاجة لا اسكت الله لكم حسا". (انتقادات طارق الغوضي)

والمحامي خالد أبو بكر كتب يقول: "هل وصل بنا الحال أن نعرف ما يجري في مصر من وسائل الإعلام الإفريقية؟".(تغريدة خالد أبو بكر)

وبعد ساعات من الجدل الذي رافق إعلان السلطات في زامبيا، عن احتجاز طائرة خاصة قادمة من القاهرة، على متنها ملايين الدولارات وسبائك ذهب وأسلحة، أصدرت مصر بيانا رسميا تنفي فيه أنها طائرة مصرية أو أنها عبرت أراضيها أصلا وتحدثت عن طائرتين، لا واحدة بطريقة غامضة غير مفهومة.

وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية نقلت عن مصدر مطلع قوله إن الطائرة التي احتجزتها زامبيا "هي طائرة خاصة ليست مصرية قامت بالتوقف (الترانزيت) داخل مطار القاهرة، وخضعت للتفتيش والتأكد من استيفائها لكافة قواعد السلامة والأمن التي يتم تطبيقها داخل كافة المطارات والموانئ المصرية".

لكن نفس المصدر قال للوكالة أنه "بالنسبة لما أثير عن وجود طائرة أخرى تم احتجازها من قبل السلطات الزامبية، فإن هذه الطائرة الأخيرة لم تعبر الأجواء المصرية من الأساس"!!، ما أثار سخرية نشطاء. وسخر الحقوقي حسام بهجت من قيام مخابرات السيسي بتأميم الاعلام، ومع هذا فضحتهم كافة مواقع التواصل.

قال: "المسئولون نسفوا الاعلام الرسمي واشتروا الاعلام الخاص وعملوا قناة القاهرة الكرتونية فخلوا الشعب المصري كله من اول الصحفيين المصريين لحد جروبات الماميز بيشيروا اخبار من مواقع زامبيا عشان يفهموا موضوع الطيارة". (تغريدة حسام بهجت)

وشارك مصطفي بكري في حملة الاعلام المدافعة عن السلطة وعن العرجاني بصورة مثيرة للاشتباه كأنه ينفي حقيقة مشاركة العرجاني وحاول الربط بينها وبين انتخابات الرئاسة بدون مناسبة.

قال: "أقول للكذابين ومروجي الشائعات ستسمعون خلال فتره وجيزة أخبارا تبدد أكاذيبكم وتكشف عن أن الحملة التي تستهدف مصر، هي حمله تتزايد وتيرتها مع قرب انتخابات الرئاسة". (تغريدة مصطفى بكري)

فضائح لجان السيسي

لأنه جري التعتيم على الفضيحة في الصحف المصرية، فقد تولت لجان السيسي الإلكترونية  محاولة الرد على ما أثير حول الفضيحة؛ لمحاولة اقناع المصريين أن النظام برئ ولا يقوم بتهريب أموال وذهب للخارج.

حاولت اللجان، عبر شخصيات منها لؤي الخطيب وأحمد مبارك، ومحمد نور وغيرهم، في البداية التركيز على أنها طائرة لبنانية لا مصرية، لكنهم سعوا لاحقا للتركيز على تفنيد ما نشرته مواقع منها "متصدقش" من حقائق عن استئجار مصر الطائرة وتنقلها بين مصر ودبي واسرائيل!!

لؤي الخطيب ركز على ما زعم أنه محاولة الصفحة تعديل اسم الطائرة باسم طائرة اخري، قال: "صفحة (متصدقش) قالت إن رقم التسجيل الذي في البيان الزامبي غلط، والطيارة رقمها الصحيح T7-WSS".

لكن "متصدقش" ردت عليه بأن لجنة مكافحة المخدرات الزامبية في اسم الطائرة المضبوطة، فحسب البيان، فإن الطائرة تحمل رقم "T7-WW"، لكنه اسم خاطئ ولا يعود إلى أي رقم تسجيل.

قالت: "عبر خدمات شركة ADS-B Exchange التي تعتبر أكبر مصدر عام لبيانات الطيران في العالم، وتحليل للصور والفيديوهات الملتقطة في مطار كينيث كاوندا الدولي، بالعاصمة لوساكا، للطائرة المضبوطة تأكدنا من رقم التسجيل الحقيقي وتبين أن الطائرة تحمل رقم التسجيل T7-WSS، ومسجلة في جمهورية سان مارينو".

أكدت أنه "يوم 17 أغسطس 2023، أكدت السلطات الزامبية المعلومات التي توصلنا إليها، بعد تنطيمها جولة للصحفيين في مطار كينيث كاوندا الدولي لرؤية الطائرة، ونشرت بعض وسائل الإعلام فيديوهات مباشرة تظهر وجود الطائرة المضبوطة على أرض المطار، ورقم تسجيلها T7-WSS"

أيضا قام "أحمد مبارك"، أحد العاملين في لجان السيسي الإلكترونية،  بنشر نفس ما قاله لؤي الخطيب (لأنهم ينشرون ما يتلقونه عبر جهاز موبيل) بالنص، قائلًا إن "منصة متصدقش، غيرت اسم ورقم ونوع الطائرة ورحلة الطيران "علشان يشوشو ويعملوا نفسهم بتوع صحافة استقصائية".

وفعل "محمد نور " (تابع للجان) الشئ نفسه زاعما أن "صفحة متصدقش تروج إن الطائرة اسمها T7-WSS وده غلط، بحسب البيان الرسمي بتاع زامبيا"

بينما الحقيقة هي نشر منصة متصدقش رقم التسجيل الصحيح للطائرة، وهو ما أكدته السلطات الزامبية بعد جولة للصحفيين في مطار كينيث كاوندا الدولي بالعاصمة الزامبية لوساكا، لمشاهدة الطائرة، والتأكد من عدم رحيلها من البلاد، كما ادعت بعض وسائل الإعلام.

دور السيسي والعرجاني

كان أول من كشف علاقة الطائرة بنجل السيسي وصديقة رجل الأعمال إبراهيم العرجاني رجل أعمال جنرالات الجيش، هو المعارض السيناوي مسعد أبو فجر المقيم بالخارج حين قال: "وصلتني معلومات من مصادر اثق فيها، أن ابراهيم ولد جمعة العرجاني كان في طيارة زامبيا".(تغريدة مسعد أبو فجر)

وقال الممثل المصري عمرو واكد أنه "تأكد بنسبة ألف في المائة انه لا يمكن ابدا ركوب سلاح وذخيرة على طائرة طالعة من مصر بدون مساعدة فرد ذو حيثية في الجيش".

وطالب المؤسسة العسكرية أن تقوم بدورها وتكشف عن هوية هذه الشخصية العسكرية التي تقف وراء الفضيحة وان تقدمه للمحاكمة، ونشر خبرا ينص على أن المسئول عن مشروع تأمين المطار هو عبد الفتاح السيسي. (تغريدة عمرو واكد)

وقبل ثلاثة أسابيع من فضيحة الطائرة، نشر الفنان والناشط عمرو واكد تغريدة يوم 26 يوليو 2023، يؤكد فيها أن مسؤولي نظام السيسي بدأوا بتهريب أموالهم للخارج.(تغريدة عمرو واكد)

وكتب بلال فضل أيضا يتحدث عن "المهازل التي تحدث في المطارات المصرية، والتي يعلمها العالمون ببواطن الأمور فيها".

قال إن "مسألة تهريب الأموال والمقتنيات الثمينة شغالة على ودنه منذ فترة، وطبعا كنت أتمنى لو كان يتاح لي أن أقول مصادري وأروي ما سمعته بالتفصيل، لكن يعني فهمكم كفاية لما يجري في مصر".(تغريدة بلال فضل)

طائرة من؟ ومن يُهرب؟

بعد بحث نشطاء عن صورة للطائرة لمعرفة من صاحبها أو من استأجرها، نشروا صورة لرجل السيسي وقائد مليشيات اتحاد قبائل سيناء ابراهيم العرجاني وابنه عصام من أمام الطائرة منشوره بتاريخ أول أبريل 2022.

 وكان المعارض المقيم في ألمانيا "تقادم الخطيب" تحدث عن علاقة المخابرات ومحمود السيسي بالطائرة، مؤكدا علاقة المخابرات ونجل السيسي بطائرة تهريب الذهب والدولارات المتحفظ عيها في زامبيا.(فيديو تقادم الخطيب)

وقال الدكتور الشيخ محمد الصغير، المعارض المصري،: "إن مما يؤكد أن الطائرة كانت تحمل ذهبا مهربا لرموز السلطة أن السلطات المصرية أعلنت قبل شهرين، عن إصدار قانون إعفاء الذهب الوارد إلى مصر مع المسافرين من الجمارك مدة 6 أشهر".

قال: "مع تدفق كميات كبيرة من الذهب، إلا أن سعره لم ينخفض، بما يدلل على وجود عمليات تهريب ممنهجة، وأن هذه الطائرة هي التي كشفت الجريمة".(تغريدة د. محمد الصغير)

وقال الصحفي جمال سلطان: "إن فريق تحقيق "متصدقش" الذي تتبع تاريخ حركة طائرة الدولارات التي تم ضبطها في زامبيا قادمة من القاهرة، كشف عن أن الطائرة أجرت نحو 361 رحلة ذهابًا وإياباً، غالبيتها كانت القاهرة نقطة انطلاق أو عودة (125 رحلة بدأت أو انتهت في القاهرة)، وأكثر رحلاتها كانت من القاهرة إلى العلمين ودبي وبني غازي ليبيا، وهو تاريخ يؤكد أن جهازا سياديا مصريا يستخدمها".(تغريدة جمال سلطان)

ونقلت منصة "متصدقش" على منصة "إكس" عن قاعدة بيانات  Eurocontrol، إن الطائرة المحتجزة مسجلة في جمهورية سان مارينو، وتديرها شركة تسمى Flying   Group Middle East  مقرها في المنطقة الحرة بمطار دبي بدولة الإمارات، وهو مكتب تابع لشركة flying group لخدمات تأجير الطائرات التي تتخذُ من مطار أنتويرب في بلجيكا مقرًا لها.

وبحسب أحدث البيانات المُتاحة على منصة تتبع الطائرات والرحلات الجوية «flightradar24»، فالطائرة المُحتجزة، وهي من طراز Bombardier Global Express XR، قامت بـ 99 رحلة في الفترة بين 6 ديسمبر الماضي، إلى 24 أغسطس الجاري.

وطوال نحو عام من الرحلات، لم تقم الطائرة بأية رحلات لدول إفريقية إلا بداية من 30 يونيو الماضي، حين تحركت من مطار القاهرة إلى مطار العلمين، الذي تحركت منه بعد أربع ساعات إلى مطار كيليمنجارو في تنزانيا، ومكثت فيه ستة أيام قبل إقلاعها في 6 يوليو إلى مطار عبيد أماني كرومي بزنجبار، التابعة لتنزانيا، وبعد يومين غادرت إلى مطار دبي، ومنه مجددًا إلى مطار القاهرة.

البيانات أظهرت أن غالبية رحلات الطائرة كانت من أو إلى مصر، عبر مطار القاهرة الدولي في المقام الأول، كما سجلت أربع مرات خروج وعودة من «مطار العلمين الجديد» وكذلك مطاري الغردقة، وشرم الشيخ.

وكان مصدر «أ. ش. أ» أكد أن الطائرة المحتجزة لا تحمل الجنسية المصرية، دون أن يوضح معلومات أخرى حول تسجيلها، أو إن كانت جهات أو شخصيات مصرية قامت باستئجارها من عدمه.

بعد مصر، تأتي الإمارات كثاني الوجهات التي تحركت الطائرة منها وإليها، من مطارات دبي، وأبو ظبي، والشارقة، فيما ضمت قائمة وجهاتها المعتادة دولًا عربية مثل السعودية، بمطاري جدة والرياض، وكذلك لبنان، وليبيا، والأردن، وقطر.

بالإضافة إلى الدول العربية، قامت الطائرة، في 23 نوفمبر الماضي، بثلاث رحلات بدأت صباحًا من مطار القاهرة هبوطًا في مطار تل أبيب في إسرائيل، ومكثت ست ساعات، لتُقلع بعدها إلى مطار الدوحة بقطر، لتعود بعد سبع ساعات إلى القاهرة.

من المتهم السادس؟

كان لافتا أنه تم نشر معلومات لاحقا حول أسماء 5 من الـ 6 المصريين الذين احتجزتهم السلطات الزامبية على ذمة قضية "الطائرة القادمة من مصر"، بعد الحصول على المذكرة القانونية التي أرسلها مكتب المحاماة المُكلف بالدفاع عنهم إلى لجنة مكافحة المخدرات، ولم ينشر شيء عن السادس!!.

ويقول الصحفي المقيم في أمريكا أحمد حسن الشرقاوي: "إن المسئولين المصريين سربوا أسماء 5 متهمين للتغطية على المتهم السادس الأهم".

قال: "إن السلطات في زامبيا لم تكشف أسماء المتهمين الأجانب في فضيحة الذهب-والدولارات وبالتالي، فإن كشف أسماء 5 من المتهمين المصريين الستة في القضية والذي جاء من القاهرة وعبر مواقع إعلامية وإخبارية وحسابات مصرية لبعض المؤثرين المصريين على السوشال ميديا، لم يكن من قبيل الصدفة بل أن له هدف".

قال: "البعض يقول إن تسريب أسماء المتهمين الخمسة هو بمثابة ذر للرماد في العيون وإشغال للسوشال ميديا بهؤلاء المتهمين الخمسة، بهدف صرف الأنظار عن الاسم السادس المطلوب حمايته بكل الطرق، ومهما كلفهم الأمر"!!

وهنا يبرز سؤال مشروع جدا يقول: المتهم السادس ده إبن مين؟، وهو ما ألمح نشطاء لأنه ابن ابراهيم العرجاني رجل السيسي.(تغريدة أحمد حسن الشرقاوي)

قال: "يتردد أن عبد الفتاح السيسي بنفسه منح بموجب السلطات المخولة له كرئيس للجمهورية (حصانة سياسية) لواحد من المتهمين المصريين الستة المحتجزين في زامبيا بتهم تتعلق بواقعة الطائرة ويؤكد هذا الكلام تسريب السلطات المصرية لأسماء 5 من المتهمين الستة، دون السادس".

قال: "من ترى يكون هذا الشخص المهم للغاية لدرجة أن يمنحه السيسي حصانة سياسية استثنائية، مؤكدا أنه لا يستبعد تورط أحد أبناء السيسي شخصيا في تلك القضية".

وقالت وسائل إعلام وصحفيون من زامبيا إن المتهم السادس يحمل جواز سفر دبلوماسي وإن السلطات الزامبية تتعرض لضغوط شديدة من السلطات المصرية بعدم الكشف عن اسمه. ورجح إعلاميون وناشطون مصريون أن يكون المتهم السادس شخص مهم ذو صفة رسمية في الدولة، ومن الممكن أن يكون إبراهيم العرجاني.

والمصريون المتهمون المحتجزون الخمسة المعلن عنهم في زامبيا هم: مايكل عادل ميشيل بطرس و وليد رفعت فهمي بطرس و ياسر مختار عبد الغفور الششتاوي و منير شاكر جرجس عوض و محمد عبد الحق محمد جودة.

وفق أرشيف وزارة الخارجية الأمريكية، فإن "محمد عبد الحق" عمل في وظيفة مساعد الملحق العسكري بالسفارة المصرية في واشنطن خلال عامي 2011 و2012، وكانت رتبته رائد بالجيش المصري آنذاك.

والثاني: مايكل عادل مايكل بطرس ظهر اسمه في سجل الشركات الإنجليزية كمالك لشركة  AMSTONE INTERNATIONAL LIMITED وهي متخصصة في تقديم الاستشارات العسكرية للجيوش لتطوير قدراتهم الدفاعية. وللشركة العديد من المكاتب في الولايات المتحدة والإمارات ومصر وفرنسا واليونان وانجلترا وبولندا.

وقد شاركت الشركة في معرض إيديكس مصر للصناعات الدفاعية 2021، وأجرى حينها أحد ممثليها لقاء تلفزيونيًا قال فيه: "إحنا شركة مصرية برأس مال مصري، عندنا شراكة مع 5 شركات عالمية في مجال التصنيع الحربي والعسكري، في تصنيع الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات الهجومية بدون طيار".

و أعلنت هذه الشركة عن شراكة مع شركة يونانية لتصنيع طائرة بدون طيار، “Sarisa SRS-1A” في مصر، كما وأعلنت فوزها بالرعاية الرئيسية لمعرض إيديكس مصر 2023 (3-7 ديسمبر 2023)، بقاعة كاملة تبلغ مساحتها 1200 متر مربع، لعرض منتجاتهم وخدماتهم.

والمتهم الثالث: منير شاكر جرجس عوض، يعمل تاجر ذهب ويمتلك مصنع مصوغات باسم ""Shaker Gold Factory ، وله فرعان في الزقازيق والقاهرة (الصاغة بحي الحسين) كما يمتلك محلًا بفندق هلنان لاندمارك بالتجمع الخامس.

ووالده شاكر جرجس عوض، رئيس شعبة تجار وصناع المصوغات سابقًا بالشرقية، وتوفي عام 2018، وترك لنجله منير إدارة أعماله في الذهب.

ومنير شاكر جرجس عوض، هو أحد القلائل الذين تختارهم حكومة السيسي للمشاركة في معرض نيبو للذهب، والذي نظمته مصر تزامنا مع رغبتها توطين صناعة الذهب، وإنشاء مدينة الذهب في العاصمة الإدارية الجديدة.(أسماء المتهمين وفقا لحساب متصدقش)

وأحد المتهمين الذين ألقت لجنة مكافحة المخدرات في زامبيا القبض عليه ضمن 13 مشتبها به، بينهم 9 أجانب (6 مصريين وهولندي وأسباني ولاتيفي) و4 مواطنين زامبيين، هو "شيدريك كاساندا" بحسب موقع "News Diggers" الزامبي، معروف في زامبيا بأنه "رجل الذهب" و"مستر موني"، واعتاد نشر صور وفيديوهات له بجوار كميات كبيرة مما يبدو أنه ذهب، ما يؤكد أن الطائرة كانت تهرب ذهبا.

تفاصيل غامضة

كانت سلطات زامبيا أعلنت، الثلاثاء 15 أغسطس احتجاز طائرة خاصة تحمل 5.7 مليون دولار و602 قطعة معدنية، قالت إنها يعتقد أنها من الذهب، وأسلحة، لدى وصولها مطار كينيث كاوندا الدولي، وفق ما كشف مدير عام لجنة مكافحة المخدرات، نايسون باندا.

أوضح أنه "بناءً على معلومات نفذنا مع ضباط من مختلف وكالات إنفاذ القانون عملية أسفرت عن مصادرة 5.7 مليون دولار و5 مسدسات و7 مخازن (لتلقيم الذخيرة) و126 طلقة و602 سبيكة ذهب تزن 127.2 كغ، وأجهزة لقياس الذهب".

أفاد بأنه تم احتجاز الطائرة التي تم العثور على هذه المضبوطات بها، إضافة إلى طائرة أخرى تابعة لشركة طيران محلية (يعتقد أنه كان سيجري نقل محتويات الطائرة الأولي لها).

وفق السلطات، احتجزت اللجنة 10 أشخاص، بينهم مواطن زامبي و6 مصريين وهولندي وإسباني وآخر من لاتفيا، لإجراء مزيد من التحقيقات. وقالت لوبيندا لينياما، محامية الموقوفين العشرة، إن موكليها "ينتظرون نتيجة التحقيق قبل اتخاذ قرار بشأن الطعن في القضية"

المفارقة أنه بعد الكشف عن ذلك، قال وزير تطوير المناجم والمعادن، بول كابوسوي، في مؤتمر صحفي مساء الثلاثاء، إن "الـ 602 قطعة المشتبه في كونها من الذهب، وتم اكتشافها على الطائرة الخاصة المحتجزة، هي معادن أخرى مطلية بالذهب"!!

أضاف أن المعادن التي تم اكتشافها في 4 صناديق تحتوي على 58 إلى 61% من النحاس، و38 إلى 41% من الزنك، وكميات ضئيلة من القصدير والأوزميوم والنيكل"! ما أثار استغراب نشطاء تحدثوا عن أن الطائرة ربما تابعة للمخابرات المصرية أو جهة مشبوهة لأنها تسافر عبر مصر ودبي وليبيا وإسرائيل!

المثير في كل ذلك هو أن وسائل الإعلام المصرية التزمت الصمت التام، وكذلك السلطات المصرية، في حين تتفاعل كل وسائل الإعلام المعارضة والدولية مع الحدث لحظة بلحظة، ما جعل البعض يؤكد أن التعتيم الرسمي المصري، وملاحقة الناشطين والصحفيين من فريق "متصدقش" الذين تم القبض على أحدهم  يوم السبت 19 أغسطس 2023، كل ذلك يعني بوضوح أن السيسي ودائرته القريبة متورطون بشكل أو بآخر في حادث الطائرة.