طرح 32 شركة دفعة واحدة.. السيسي يواصل بيع مصر!

الأحد - 19 فبراير 2023

  • 32 شركة من ممتلكات الشعب معروضة للبيع من بداية 2023 وحتى الربع الأول من 2024 
  • الشركات المطروحة رابحة وتعمل في قطاعات حيوية منها البنوك والطاقة والتأمين والبتروكماويات
  • رضوخا لأوامر صندوق النقد.. طرح "صافي" للمياه و"وطنية" للمنتجات البترولية التابعتين للجيش
  • تخارج 20 مليار دولار من الأموال الساخنة في مطلع 2022 دفع الحكومة لتسريع عمليات البيع
  • خبراء : النظام المصري أصبح مجبرا على بيع ممتلكات الشعب للهروب من الإفلاس وتسديد الديون
  • الصناديق السيادية للإمارات والسعودية وقطر تتنافس بشراشة على شركات مصر المعروضة للبيع
  • الصراع السعودي الإماراتي على الأصول المصرية كان وراء حملة التلاسن التي  بدأها تركي الحمد
  • محمود وهبة: دول الخليج ستلتهم الشركات المصرية بأبخس الأثمان والأزمة الاقتصادية لن تجد حلا
  • سياسيون معارضون: 2023 عام بيع مصر.. والحكومة تستهدف 6 مليارات دولار عوائد للشركات 
  • حكم الدستورية بعدم الطعن في عقود التصرف في الأصول فتح االباب على مصراعيه لعمليات البيع

 

إنسان للإعلام- خاص:

يواصل السيسي وحكومته بيع ممتلكات الشعب المصري، بهدف سداد الديون المتراكمة التي تسببت فيها ممارساته الاقتصادية الفاشلة، حيث طرحت الحكومة، في 8 فبراير الجاري، 32 شركة في البورصة لمستثمرين رئيسيين، وذلك على مدى عام يبدأ من الربع الأول من 2023 وحتى الربع الأول من العام 2024.

تأتى الطروحات الجديدة في ظل ضغوط صندوق النقد، وأزمة الدولار المتصاعدة، وفجوة العجز المقدرة بـ17 مليار دولار، ولكن اللافت أن معظم هذه الشركات المزمع بيعها رابحة وتعمل في 18 قطاعا حيويا واستراتيجيا،  منها قطاعات البنوك والطاقة والتامين والبتروكماويات وتصنيع المعادن.

في السطور التالية نفتح هذا الملف، ونرصد تصاعد وتيرة تفريط السيسي وحكومته فى ممتلكات الشعب، كما نرصد المنافسة الشرسة بين الصناديق السيادية الخليجية على غنيمة هذه الشركات.  

طرح  32 شركة عامة بالبورصة  

في حلقة جديدة من حلقات بيع أملاك الشعب، أعلن رئيس وزراء المصري"مصطفى مدبولي"، في 8 فبراير الجاري، عزم الحكومة المصرية طرح 32 شركة في البورصة أو بيع حصص منها لمستثمرين رئيسيين، وذلك على مدار عام يبدأ من الربع الأول من 2023 وحتى الربع الأول من العام 2024.

أوضح "مدبولي" في بيان، أن خطة الطرح تشمل بنك القاهرة، والمصرف المتحدة، والبنك العربي الأفريقي الدولي.

وتشمل قائمة الشركات التي سيتم طرحها لأول مرة بالبورصة أو لمستثمر استراتيجي شركتين مملوكتين للقوات المسلحة، هما صافي لتعبئة المياه والشركة الوطنية للمنتجات البترولية (وطنية)، حسبما أوردت صحيفة الأهرام الحكومية.

وكانت مصادر مطلعة كشفت، في وقت سابق، عن قائمة الشركات التي تعتزم الحكومة المصرية طرح أسهمها في البورصة أو بيع حصص منها لمستثمر استراتيجي، وذكرت أنها ستضم شركات في مجال البترول والبتروكيماويات والحاويات والقطاع المصرفي.

وتسعى مصر لطرح مجموعة من الشركات الحكومية في البورصة ضمن خططها لتوسيع قاعدة الملكية وجذب استثمارات أجنبية لسوق المال، في وقت تعاني فيه البلاد من شح العملة الصعبة"1"

ويُعد الطرح الأخير، إعادة طرح للأصول التي حاولت الحكومة عرضها للاستثمار الأجنبي على مدى السنوات الخمس الماضية، عندما أطلقت نسخة سابقة من برنامج الطروحات العامة عام 2018، لكنه تعثر بسبب ظروف السوق غير المواتية.

خبراء أكدوا لموقع «مدى مصر»، أنه يُمكن للمستثمرين توجيه الأموال إلى بعض الشركات بهدف زيادة رأس المال الكُلي للشركة، كما قال رئيس «الوزراء»، أو يُمكن بيع حصة من الشركة إلى مستثمر معين أو طرحها في البورصة.

وتمثل الأساليب المتعددة تغييرًا في التكتيك، مقارنة ببرنامج الطروحات العامة في 2018، والذي شمل عرض الشركات الـ32 للخصخصة الجزئية عبر تلك الطروحات العامة.   

أضاف الخبراء أن تلك الطروحات تأخرت، لأن موجة عالمية من هروب رؤوس الأموال الأجنبية من الأسواق الناشئة أدت إلى خروج المستثمرين من مصر بحلول نهاية العام نفسه.

وفي النهاية، اقتصرت الطروحات العامة على شركة الشرقية للدخان، وe-Finance ونادي غزل المحلة الرياضي، في حين باعت الحكومة أسهمًا للشركات الأخرى المشاركة في البرنامج، مثل «أبو قير للأسمدة» وشركة الإسكندرية للشحن، مباشرة لمستثمرين استراتيجيين في الخليج في وقت سابق من 2022، وأن معظم الشركات المُعلنة للبيع مؤخرا جديدة ورابحة.  

وبحسب تصريحات «هشام حمدي»، المُحلل بالبورصة المصرية، فإن الأمر لا يتعلق بتحسن ظروف البيع، بل بسبب الحاجة المُلّحة.

 في أوائل العام الماضي، تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في خروج مستثمرين من سوق السندات في مصر، ما أدى إلى خروج 20 مليار دولار من البلاد خلال النصف الأول من العام. أدى هذا الخروج، إضافة إلى ارتفاع التضخم العالمي، إلى نقص حاد في الدولار، ما ألحق خسائر فادحة بالسوق المُعتمد على الاستيراد في مصر.

وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن توفر الخصخصة بديلًا للتدفقات غير الموثوقة للأموال الساخنة من سوق السندات. «نحن الآن بحاجة إلى جلب استثمارات أجنبية، ولكن ليس من خلال أدوات الديّن، لأن سقف ديوننا يقترب من الحد الأقصى» بحسب حمدي.

ولكن هل سيجلب البرنامج الاستثمارات المطلوبة؟، أجاب هشام حمدي بأن ظروف السوق المضطربة نفسها، والتي دفعت الحكومة إلى إعادة إطلاق الطرح العام، في محاولة للحصول على عائدات، دفعت أيضًا العديد من شركات القطاع الخاص الصاعدة إلى تأخير طرح أسهمها في البورصة أو تأجيله إلى العام المقبل، ووسط الحاجة المُلّحة لجلب العملات الأجنبية، توقع المحلل أن الاكتتابات الأولية ستتضمن خصمًا على سعر السهم، وهي ممارسة شائعة أخرى في الطروحات الأولية، على حد قوله.

وفيما يتعلق ببرنامج الطروحات الذي يتضمن بيع حصص مباشرة إلى مستثمرين استراتيجيين، إلى جانب الاكتتابات العامة الأولية، يشير حمدي إلى أنها كذلك «ممارسة شائعة، حيث لا تتضمن الاكتتابات العامة في العادة أكثر من 5% من الأسهم والتي تستهدف المستثمرين الأفراد».

ومن المتوقع أن تكون صناديق الثروة الخليجية -التي تقوم بالفعل بشراء العديد من الأصول المملوكة للدولة وحصص الشركات منذ بدء الأزمة الاقتصادية العام الماضي- المُستهدفة لشراء للحصة الأكبر. «لن نرى الكثير من المستثمرين الأجانب يضخون استثمارات قوية ومباشرة. عالميًا، تتجه الاستثمارات إلى أدوات الديّن الأمريكية، وذلك بسبب قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة عدة مرات مؤخرًا»، يقول حمدي الذي يرى أنه مع رفع سعر الفائدة في مصر إلى 16.75%، قد يكون بيع الأسهم حلًا أرخص للشركات الخاصة التي تسعى إلى النمو، بدلًا من أن تتحمّل المزيد من الديون."2" 

أهمية استراتيجية كبيرة للشركات المباعة

وقد أثار إعلان الحكومة المصرية طرح حصص في 32 شركة، تعمل في 18 قطاعا، لمستثمرين استراتيجيين أو للاكتتاب العام في البورصة المصرية، الجدل، خاصة أن ذلك العدد من الشركات فاق المعلن عنه سابقا.

الطرح المقرر أن يتم خلال عام يبدأ في نيسان/ أبريل المقبل، يأتي أيضا تنفيذا لمطالب صندوق النقد الدولي بتقليص مشاركة الدولة وفتح المجال للقطاع الخاص، وتحقيقا لوثيقة سياسة ملكية الدولة، التي طرحتها القاهرة العام الماضي لزيادة دور القطاع الخاص إلى 65% من الاقتصاد، وجذب 40 مليار دولار في الاستثمارات الخاصة حتى عام 2026.

ووفقا لمطالب الصندوق ولتلك الوثيقة، تستهدف مصر التخارج من 7 قطاعات، منها الصناعات الدوائية والكيماوية والتشييد والبناء، وخفض استثماراتها بـ7 قطاعات منها محطات الكهرباء، وإتاحة فرصة للقطاع الخاص للاستثمار بـ4 قطاعات، وفق إعلان رئيس الوزراء مدبولي.

وفي قراءته للأهمية الاقتصادية والاستراتيجية التي تعود على مصر من طرح 32 شركة بالبورصة وأمام المستثمرين، قال وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب؛ إن "ما أعلنه رئيس الوزراء من طرح 32 شركة للبيع الهدف منه تحقيق 3 أهداف".

ذكر لموقع "عربي 21" أن "الهدف الأول إرسال رسالة لصندوق النقد الدولي هو أن مصر ماضية لتنفيذ تعهداتها، فمن المفترض أن تقدم أول تقريرا بهذا الشأن في 30 آذار/ مارس المقبل".

وأضاف: "هذا الطرح محاولة استباقية لتؤكد الحكومة المصرية للصندوق أنها ماضية في تنفيذ ما قدمته من تعهدات، إثر الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار في 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي".

"الهدف الثاني: هو الحديث عن أن مصر لديها مشكلة في توفير النقد الأجنبي، أدت كما تابع الكثيرون إلى تخفيض التصنيف الائتماني لها من قبل مؤسسة (موديز) للتصنيف الائتماني"، وفق عبدالمطلب.

وأوضح أنه " ثم، فإن محاولة مصر أن يكون لديها زيادة في قيمة الاحتياطي النقدي، هو ثاني الأهداف لطرح 32 شركة حكومية دفعة واحدة".

ولفت إلى أن "الهدف الثالث، هو ما يتم تداوله عادة في المؤسسات الدولية أو حتى بالإدارات الاقتصادية، من أن الخصخصة تعني زيادة وتوسيع ملكية هذه الشركات، ومن ثم إمكانية أن يتم ضخ زيادات في رأس مالها أو استثماراتها أو تقديم تكنولوجيا جديدة".

وأشار إلى أن "تغيير الإدارة والاستعانة بالإدارة الأجنبية يراها البعض من أساسيات الحوكمة؛ ولكننا نتحدث هنا عن طرح أسهم أو نسب من الملكية المملوكة للدولة، سواء لمستثمر رئيسي أو بالبورصة، وهذا يعد بيعا أو تنازلا عن حصص حكومية، وهذا يسمى خصخصة، والخصخصة مختلفة تماما عن الحوكمة".

وحول القيمة المالية للشركات، كشفت وزيرة التخطيط المصرية، هالة السعيد سابقا، لموقع "اقتصاد الشرق مع بلومبيرغ"، أن "صندوق ما قبل الطروحات" يعمل على تجهيز شركات حكومية للطروحات بقيم تتراوح ما بين 5.5 إلى 6 مليارات دولار.

المثير في الأمر هو استبعاد أسماء شركات كانت مرشحة بقوة للطرح منها "بنك الإسكندرية"، الذي تساهم فيه مجموعة "سان باولو" الإيطالية بحصة 80%، بجانب استبعاد شركتي البترول "إي ميثانيكس"، و"إنبي"، برغم ورودهما بتقارير البورصة المصرية عن خطة الطروحات.

مراقبون طرحوا العديد من التساؤلات، بشأن الطرح، وكيفية تقييم أصول تلك الشركات، ومدى ملاءمة توقيت الطرح؛ نظرا لما يعانيه الاقتصاد من أزمات، وتراجع التصنيف الائتماني للبلاد إلى "B3" من "B2"، وفقا لتصنيف "موديز"، الذي تبعه انخفاض حاد لأسعار السندات المصرية بالخارج

كما طرحت نشرة "إنتربرايز"، الاقتصادية، بعض التساؤلات التي لم يجب عليها مدبولي، مثل ما هي الشركات التي ستطرح بالبورصة وتلك التي سيتم تخصيصها للطرح لمستثمرين استراتيجيين؟ وكذلك حجم الحصص المطروحة من كل شركة؟

وفي رؤيته، قال الخبير الاقتصادي والاستراتيجي الدكتور علاء السيد: إن من يختار الشركات هم الشركاء الإقليميون لصندوق النقد الدولي، الذين ربما سيدخل بعضهم-الإمارات تحديدا-

 كشريك استراتيجي في بعضها بصفة مؤقتة لصالح شركات تابعة لمن أسماهم الصندوق الشركاء الدوليين". ولا يستبعد أن يكون بين أولئك الشركاء الدوليين، "شركات متعددة الجنسيات أو كاريبية أو أوروبية مملوكة لرجال أعمال على اتصال وثيق بالاحتلال الإسرائيلي".

وفي قراءته للأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للشركات الـ32 المطروحة، أكد أن "معظم الـ18 قطاعا اقتصاديا التي تنتمي لها الشركات المذكورة، إن لم تكن كلها، تمثل أمنا قوميا واقتصاديا مصريا".

وأشار إلى "تخبط قرارات الحكومة وعشوائية خططها بشأن طرح الشركات وزيادة عددها من 20 إلى 32 شركة بعد استبعاد بعضها يدلل على فردية اتخاذ قرارات الدولة دون دراسة أو تنسيق مع الشركاء، مثل مجموعة (سان باولو) الشريك الرئيسي ببنك الإسكندرية".

وقال؛ إن "إدارة الملف الاقتصادي لدولة بحجم مصر بمثل هذا السفه التخطيطي والفوضى الإدارية والفشل التفاوضي مع صندوق النقد وأصحاب المصالح، يجب أن يتوقف فورا، وينبغي إقالة الحكومة الفاشلة".

وسجل استشاري التمويل وتطوير المشروعات والأوقاف الاستثمارية، تحفظه كمواطن مصري واقتصادي، "على خطة تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي لاستيفاء الديون الخارجية الضخمة والمتراكمة، وخدمة الدين بسيطرته هو وذوي المصلحة من ممثلي الدائنين".

وحذر من سيطرة "الشركاء الدوليين والإقليميين على أصول مصر الثمينة وشركاتها الرابحة المملوكة لشعب لم يقترض ولم يأذن لأحد بالاقتراض، ولم يستفد من دولار واحد من القروض التي تم بعثرتها بلا أي دراسة أو رقابة"."3"

منافسة إماراتية قطرية على الشراء

قالت تقارير مصرية إن شركة "ADQ" الإماراتية القابضة، التابعة لصندوق أبوظبي السيادي، دخلت على خط المنافسة مع "جهاز قطر للاستثمار" بهدف الاستحواذ على حصة الشركة المصرية للاتصالات في "فودافون مصر".

وأشارت التقارير إلى أن "جهاز قطر للاستثمار" يتفاوض مع حكومة مصر لشراء حصة "المصرية للاتصالات" في "فودافون مصر" منذ سبتمبر/أيلول الماضي، لكن لم يتم التوصل لاتفاق بعد بسبب الخلاف بين الجانبين على النسبة المطروحة للاستحواذ، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق بلومبرج" عن مصادر.

ويرغب الصندوق السيادي القطري بالحصول على كامل حصة "المصرية للاتصالات" في "فودافون مصر"، فيما لا تريد الحكومة التنازل عن حصة تتجاوز 25% من الشركة.

وتمتلك "المصرية للاتصالات"، أكبر مشغل اتصالات في البلاد، حصة 45% من أسهم "فودافون مصر"، فيما تمتلك الحكومة 80% من أسهم "المصرية للاتصالات"، وتحوز "فوداكوم"، التابعة لـ"فودافون" العالمية، 55% من "فودافون مصر".

وتعمل في مصر أربع شركات لخدمات الهاتف المحمول، هي "فودافون مصر" التابعة لمجموعة "فودافون" البريطانية، و"أورنج مصر" التابعة لمجموعة "أورنج" الفرنسية، و"اتصالات مصر" التابعة لـ"اتصالات" الإماراتية، و"المصرية للاتصالات" الحكومية.

وكانت "ADQ" الإماراتية القابضة قد استحوذت على حصص في 5 شركات مقيّدة ببورصة مصر، في أبريل/نيسان الماضي، مقابل نحو 1.8 مليار دولار.

وتضمّنت تلك الاستحواذات 21.5% من أسهم "أبو قير للأسمدة"، و20% من "مصر لإنتاج الأسمدة" (موبكو)، و32% من "الإسكندرية لتداول الحاويات"، ونحو 17% من "البنك التجاري الدولي"، و12.6% من أسهم"فوري".

وجرى خلال عام 2022 توقيع عديد من صفقات الاستحواذ على الأسهم المصرية بأسعار بخسة، في ظل تدني القيم السوقية للأسهم بعد تراجع قيمة الجنيه المصري لأدنى مستوى في تاريخه، ورفع أسعار الفائدة بنحو 800 نقطة أساس."4"

وفي النصف الثاني من يناير الماضي كشفت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر "هالة السعيد" أن البلاد تعتزم طرح مجموعة من الشركات في البورصة خلال العام الجاري، بينها 3 من المتوقع طرحها قبل سبتمبر/ أيلول.

وأضافت، في مقابلة أجرتها مع قناة "CNN الاقتصادية" : "لدينا اتجاهان، حيث سنطرح مجموعة من الشركات في البورصة المصرية قبل النصف الأول من هذا العام، بالإضافة إلى صندوق ما قبل الاكتتاب الذي أطلقناه العام الماضي والذي من شأنه تأهيل مجموعة من الشركات لرفع قيمتها وطرحها في النصف الثاني من العام في البورصة من خلال صندوق مصر السيادي".

واعترفت "السعيد"بأن  خفض قيمة الجنيه أثر على بيئة الاستثمار والسيولة في مصر،  وهناك تحديات كبيرة تواجه مصر في هذه المرحلة، واعتبرت أن "رقم سعر الصرف ليس مهماً، إنما المهم هو إتاحة العملة الأجنبية للمستثمرين، وأن يكون هناك بيئة استثمارية جاذبة، وهذا ما نعمل عليه حالياً بإعلاننا وثيقة ملكية الدولة التي تنظم بيئة الأعمال ما بين الدولة والقطاع الخاص".

وأثارت مساعي الحكومة المصرية ببيع ممتلكات الدولة خاصة لصناديق السيادة السعودية والإماراتية، ارتيابا بشأن الدوافع التي تقف وراء هذه السياسة."5"

تنافس سعودي إماراتي

مع الطرح الأخير ل32 شركة للبيع ، زاد احتدام الصراع السعودي الإماراتي على تلك الأصول، مع ظهور قطر كمنافس جديد للصناديق السيادية في كلتا الدولتين.

لكن الإعلان عن ذلك الطرح تزامن مع أزمة التصريحات المتبادلة بين مقربين من السلطات السعودية، والحكومة المصرية، والتي غلبت عليها سمة التلاسن ومعايرة كل طرف بفضل الآخر عليه.

سبع تغريدات عبر موقع "تويتر"، يوم 26 كانون الثاني/ يناير في يناير الماضي ، للكاتب السعودي تركي الحمد، كانت الأكثر مباشرة في النقد لنظام الحكم وللجيش المصري.

وهو ما تبعه مقال شديد اللهجة يحمل إهانات للسعودية، من رئيس تحرير صحيفة الجمهورية الحكومية عبدالرازق توفيق، والذي وصف دول الخليج في مقاله بـ"الحفاة العراة اللئام محدثي النعمة"، تم حذفه لاحقا

كما أن ذلك الطرح يأتي في ظل ما يثار عن تراجع سعودي بشأن الدعم المالي لمصر في أزمتها المالية، وإصرار الرياض على الحصول على شركات مصرية بعينها، والغضب من إيثار الإمارات بالأصول المصرية.

ويتوالى حديث مراقبين وتقارير صحفية، عن رفض الرياض دعوات صندوق النقد الدولي الأخيرة التي أطلقها في 10 كانون الثاني/ يناير الماضي  لمساعدة مصر، بتغطية فجوة التمويل الخارجي، وهو ما كشف عنه غياب قادة السعودية والكويت عن مؤتمر عقد في أبوظبي، 18 كانون الثاني/ يناير الجاري، لهذا الهدف.

لكن، وفي ظل الطرح المصري لـ32 شركة دفعة واحدة، والتنافس السعودي الإماراتي اللافت على الأصول المصرية، يثار التساؤل.. كيف يكشف ما يجري من خلاف سعودي مصري وظهور إماراتي فيه، عن حجم الصراع على الأصول المصرية؟

وفي إجابته على سؤال "عربي21"، قال الخبير الاقتصادي والمستشار الأممي السابق إبراهيم نوار: إن "التنافس الخليجي على ملكية أصول استثمارية مصرية مسألة طبيعية جدا".

نوار أوضح أن "هذه الدول تفتقر إلى عنصرين تمتلكهما مصر؛ الأول: حجم السوق، ففي مصر سوقا بها أكثر من 110 ملايين شخص، تشمل السكان والسائحين".

"والثاني: تنوع الاقتصاد، وهو نتاج تاريخي لتنوع الموارد والحضارة"، ملمحا إلى أن أي "مستثمر أجنبي يسره كثيرا أن يكون له مركز في مصر".

وبشأن ما يثار عن صراع الرياض وأبوظبي على أصول القاهرة، قال الخبير المصري: "نصيحتي ألا نبالغ كثيرا في الميل لهذا ولذاك؛ وإنما علينا أن نميل لمصالحنا، وألا ندخل في منازعات لا معنى لها"

وأكد أن "هذا يتطلب من مصر أن تكون لها سياسة واضحة وشفافة، وأن تكف الحكومة عن عقد صفقات تحت الترابيزة، فذلك يمكن أن يكلف مصر تكلفة غالية" ، ختم بالتأكيد على أن "التنافس السعودي الإماراتي حول العالم، بما في ذلك العالم العربي، لن يتوقف".

وعن تقييم الدولتين المتنافستين  على أصول مصر ، قال الخبير الاقتصادي والأكاديمي الأمريكي محمود وهبة، لـ"عربي21"، إن أسعار تلك الأصول ستقيم على أسعار البورصة المصرية"، مشيرا إلى أن "البورصة المحلية الآن في الحضيض"، موضحا أن "هذه الطريقة ليست قاعدة عامة لتقييم الشركات".

وأكد أن خسائر مصر الاستراتيجية والمستقبلية من هذا التوجه كبيرة، خاصة وأن الطروحات تطال شركات رابحة وفي قطاعات هامة مثل البترول والطاقة والبنوك

وأشار إلى أن استمرار الحكومة في هذه العمليات من الطروحات، لن تحل الأزمة المصرية يرى أنه "لا يوجد حل اقتصادي لها".

وكان عام 2022 من الأعوام التى سجلت استحواذ خليجي على الأصول المصرية غير مسبوق، حيث كشف تقرير إحصائي لصفقات الدمج والاستحواذ، عن تراجع عالمي بصورة كبيرة، في العام 2022، والذي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 5.8 تريليون دولار، في حين سجلت القيمة الإجمالية للصفقات في عام 2022 ما قيمته 3.66 تريليون دولار، بانخفاض 37% عن عام 2021، لكن في المقابل ظهرت موجة استحواذات خليجية، غير مسبوقة، على السوق في مصر للأصول والشركات.

لكن نشرة إنتربرايز الاقتصادية، أشارت إلى أمر ملفت بالنسبة لمصر، وقالت إن صناديق الثروة السيادية الخليجية، قادت موجة شرائية في السوق، ما أدى إلى تعزيز الدور المحوري للخليج في اقتصاد مصر.

وأشارت إلى أن عدد صفقات الدمج والاستحواذ، زادت بأكثر من الضعف في عام 2022، وارتفع عدد الصفقات المكتملة في مصر إلى 66 في عام 2022، ارتفاعا من 31 في العام السابق.

وأوضحت أن الغالبية العظمى من صفقات الدمج والاستحواذ وافدة إلى البلاد، مع إبرام عدد محدود فقط من الشركات المصرية صفقات في الخارج، في حين سيطر الخليج على الصفقات الوافدة، وشاركت الشركات والمؤسسات من السعودية والإمارات في 40 صفقة بينهما في عام 2022، بينما شاركت الكويت وقطر في عدد قليل."6"

وفي نفس السياق ، ألقى تقرير نشرته موقع "ميديا لاين" الضوء على تزايد وتيرة الاستثمارات الخليجية في مصر خلال الأسابيع الماضية، قائلا إن العديد من دول الخليج، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، تقوم بتوسيع استثماراتها في البنى التحتية للموانئ وطرق التجارة الإقليمية الاستراتيجية، مشيرا إلى أن أن رمزية أن تصبح مستثمراً رئيسياً في مثل هذه الشركة ذات الأهمية التاريخية (قناة السويس) لن تغيب عن ذهن القادة الخليجيين."7"

2023 عام بيع مصر

ومن الواضح أن حكومة السيسي منذ مطلع العام الجاري 2023، عازمة على بيع كثير من ممتلكات الشعب، وبدأت بإدراج  "صندوق مصر السيادي"  في يناير الماضي ، 5 شركات ضمن "صندوق ما قبل الطروحات"، تمهيداً لبيع حصص تتراوح ما بين 20% إلى 30% منها لـ"مستثمرين استراتيجيين"، في ظل أزمة اقتصادية حادة تعصف في البلاد ، وقالت مصادر إن "الصندوق السيادي سيقوم بجولة ترويجية خلال شهر يناير (كانون الثاني) الجاري لعرض الفرص الاستثمارية في تلك الشركات"."8"

وفي يناير الماضي أعلنت شركة "أبكس إنترناشيونال إنرجي"، الأمريكية استحواذها على حقوق امتياز للنفط في 6 مناطق بصحراء مصر الغربية.

وقالت الشركة في بيان إنها استحوذت على حصص في 4 مناطق التزام في منطقة إنتاج النفط في الصحراء الغربية من الشركة الدولية للزيت المصري "أيوك للبترول"، وهي وحدة تابعة لشركة "إيني إس بي إيه"، وستحصل "أبكس" على امتيازين إضافيين بعد موافقة البرلمان على مد عقود الإنتاج، والمتوقعة في الربع الأول من عام 2023.

وبموجب اتفاقية البيع والشراء مع شركة "أيوك"، استحوذت "أبكس" على جميع حصص "أيوك" في امتيازات رأس قطارة وغرب الرزاق وشرق كنايس، إلى جانب الاستحواذ على منطقة امتياز غرب أبو الغراديق بعد الموافقة على مد عقد الإنتاج.

وستصبح الشركة الأمريكية مشغلاً لكل منها من خلال شركة فرح للبترول "بتروفرح"، وهي الشركة المشتركة القائمة بالعمليات بين "أبكس" والهيئة المصرية العامة للبترول.

كما استحوذت "أبكس" من "أيوك" على حصص بنسبة 25% في منطقة امتياز شرق الأبُيض، وبنسبة 25% في منطقة امتياز جنوب غرب مليحة "في انتظار التمديد"، وستظل "أيوك" هي الشركة المشغلة، ويتم تمويل عملية الاستحواذ جزئياً من خلال تسهيلات أساسية لقاعدة الاقتراض المضمون التي رتبها بنك موريشيوس التجاري المحدود.

وحصلت "أبكس" مقاسمة مع "أيوك" مؤخراً على منطقة امتياز جديدة وهي "شرق سيوه" بالصحراء الغربية، بنسبة 50% لكل منهما تكون فيها "أبكس" هي الشركة المشغلة، وقد وافقت الهيئة المصرية العامة للبترول على اتفاقية الالتزام بمنطقه "شرق سيوه"، ومن المتوقع أن يوافق عليها البرلمان ويتم توقيعها لتصبح قانوناً في الربع الثاني من عام 2023.

وأوضح البيان أن عملية الاستحواذ على الحقول المنتجة من "أيوك" ستتيح لأبكس أيضاً السيطرة على بعض خطوط الأنابيب وغيرها من أصول البنية التحتية الاستراتيجية التي تستخدمها "أبكس" حالياً للعمليات الخاصة بها في جنوب شرق مليحة.

وبدأت شركة "أبكس" نشاطها في مصر في عام 2017 بتوقيع أول اتفاقية للبحث والاستكشاف بمنطقة شرق مليحة بالصحراء الغربية والتي نتج عنها تحقيق أول كشف للنفط الخام بحقل فجر."9"

الدستورية تفتح الأبواب لبيع ممتلكات مصر

ومؤخرا، وفي تطور تاريخي لانحراف الأحكام القضائية بمصر؛ لتمرير مخططات الحكومة لبيع ممتلكات الوطن، قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر،  فى 14 يناير 2023، برفض دعوى عدم دستورية قانون تنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة، الذي يقصر حق الطعن في صحة عقود الدولة بالتصرف في الممتلكات العامة أمام المحاكم على طرفي العقد فقط دون غيرهما، مما يسلب عموم المواطنين حق الطعن على أي عقود.

وجاء الحكم مخالفا لما أوصت به هيئة مفوضي المحكمة الدستورية في تقريرها، بعدم دستوريته استنادا إلى كونه “لم يحز على موافقة أغلبية ثلثي مجلس النواب، المقدرة بـ397 عضوا، وحاز على 374 صوتا فقط بالمخالفة للمادة 121 من الدستور، رغم تعلقه بتنظيم الحق في التقاضي، وتعلقه بسلطة المحاكم على الدعاوى المنظورة أمامها”.

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها، توافر حالة الضرورة الداعية لإصدار القرار بقانون رقم 32 لسنة 2014 بتنظيم إجراءات الطعن على عقود الدولة، وأن تحديد المشرع أصحاب الصفة والمصلحة في الطعن عليها لا يخالف أحكام الدستور.

وكتب الصحفي المختص بالشؤون القانونية محمد بصل: الأثر المباشر الذي سيترتب على هذا الحكم هو أن تقضي جميع المحاكم بـ”عدم قبول” جميع دعاوى بطلان الخصخصة وبيع الأسهم للمستثمرين، والقائمة أمامها حاليا، أيا كان توقيت رفع هذه الدعاوى.

ووصف المغردون على مواقع التواصل الاجتماعي القرارَ بأنه مصادرة للمجال العام، وتحصين لقرارات السلطة التنفيذية التي من المفترض أن تخضع بالأساس لرقابة الشعب، كونه المالك الحقيقي لممتلكات الدولة وصاحب المصلحة المباشرة في الحفاظ عليها."10"

ويعود ذلك القانون إلى العام 2014، حيث أصدره الرئيس المؤقت بعد الانقلاب، المستشار عدلي منصور، وقبل صدوره كان يحق لكافة المواطنين الطعن بالبطلان على العقود التي تكون الدولة طرفًا فيها أمام المحاكم المختلفة.

وحسب موقع "المنصة"، فقد صدرت العديد من الأحكام التي تبطل عقود بيع أراض وشركات أبرمتها الدولة مع رجال أعمال وشركات قطاع خاص، منها على سبيل المثال أحكام بطلان عقد تخصيص أرض مدينتي الذي صدر في دعوى كانت مقامة من البرلماني السابق حمدي الفخراني، وأحكام بطلان خصخصة شركات القطاع العام مثل النيل لحليج الأقطان، وشبين للغزل والمراجل البخارية، التي صدرت في طعون كان يقيمها العمال. غير أن ذلك القانون جاء ليقيد حق المواطنين في الطعن على تلك العقود."11"

المصادر:

  1. "خطة مصرية لطرح 32 شركة عامة في البورصة.. بينها اثنتان مملوكتان للجيش" ، الخليج الجديد ، 8 فبراير 2023  ، https://cutt.us/uoPVE
  2. أحمد بكر, بيسان كساب, سلمى هندي ، "إعلان خصخصة جزئية لـ 32 شركة حكومية طلبًا للدولار" ، مدي مصر ، 9 فبراير 2023، https://cutt.us/GkXnx
  3. "قراءة في الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لـ32 شركة مصرية معروضة للبيع" ، عربي21 ، 10فبراير 2023 ، https://cutt.us/NLw9w
  4. "تقارير: منافسة إماراتية قطرية على شراء شركة مصرية جديدة" ، الخليج الجديد ،   7 فبراير 2023 ، https://cutt.us/PAksB
  5. "مصر تعلن استعدادها لطرح 3 شركات في البورصة قبل سبتمبر" ، الخليج الجديد ، 18 يناير 2023 ، https://cutt.us/lGNHI
  6. "تنافس سعودي إماراتي على أصول مصر بعد طرح 20 شركة.. ما سببه؟" ، عربي21 ،  7فبراير 2023 ، https://cutt.us/BSWvo
  7. "ميديا لاين: دول الخليج تسيطر على الاستثمارات في مصر وسط مقاومة داخلية" ، الخليج الجديد ، 26 يناير 2023، https://cutt.us/FuwBo
  8. "مصر تدرج 5 شركات لـ"صندوق ما قبل الطروحات" تمهيدا لبيع حصص منها" ،الخليج الجديد ، 12 يناير 2023 ، https://cutt.us/KYtqt
  9. " مصر تبيع حقوق 6 مناطق نفطية في الصحراء الغربية لشركة أبكس الأمريكية" ، الخليج الجديد ، 12 يناير 2023 ، https://cutt.us/LgW01
  10. "المحكمة الدستورية في مصر تفتح المجال أمام بيع الممتلكات العامة" ،الجزيرة مباشر ، 15/1/2023، https://cutt.us/R1LfC
  11. "الدستورية تحرم المواطنين من الطعن على بيع ممتلكات الدولة" ، موقع رصد ،14 يناير 2023، https://rassd.com/524505.htm