غسيل العقول.. الوسائل والمخاطر

الخميس - 23 مارس 2023

بقلم: عبد الله راشد

تعد ظاهرة غسيل العقول من المواضيع المثيرة للجدل والتي تتصدر العناوين في العديد من وسائل الإعلام والمجتمعات، إلا أنها تظل موضوعًا مثيرًا للاهتمام في مجالات مثل علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسية.. فما هي عملية غسيل العقول وما خطورتها وكيفية حدوثها وأساليبها ووسائلها؟

يُعرف غسيل العقول باختلاس الشخصية والإقناعات العمياء، حيث يتم إجبار الفرد على تغيير قناعاته وتصوراته بشكل كامل أو جزئي والتصرف بطريقة معينة دون أن يكون لديه أي معارضة أو رفض لهذه الطريقة باستخدام التقنيات النفسية، وقد تأخذ هذه العملية مددا زمانية مختلفة.

و تنشأ هذه العملية نتيجة للتأثيرات النفسية والمادية، وغالبًا ما تنتهي بتدمير الشخصية والقيم التي يتمسك بها الفرد.

وقد نشأ المصطلح خلال الحرب الكورية(وقعت بين عامي 1950-1953، حيث دعمت الصين الجزء الشمالي، بينما دعمت الولايات المتحدة الجزء الجنوبي)، عندما قيل أن الخاطفين الصينيين يستخدمون أشكالًا متطرفة من التلقين والتلاعب بأسرى الحرب الأمريكيين.

كذلك تحدث مثل هذه العمليات في السجون وتحت التعذيب الشديد، مما يؤدي إلى تغيير الأفراد لقناعاتهم وتبني قناعات أخرى قد تكون متطرفة أو مؤيدة لسجانيهم .

خطورة عملية غسيل العقول

تعد ظاهرة غسيل العقول عملية يتم استخدامها في العديد من المجالات، بما في ذلك الأنظمة السياسية والدينية والثقافية. ومن أشهر هذه المجالات الأنظمة الاستبدادية، حيث يتم استخدام هذه العملية لتحويل الفرد إلى الولاء للنظام والتفرد بالرأي الخاص؛ ومع ذلك تعد هذه العملية غير أخلاقية وتنتهك حقوق الإنسان والحريات الفردية.

كما يمكن أن يؤدي غسيل العقول إلى تغيير قيم الفرد ومعتقداته، وبالتالي يؤثر على نمط حياته وسلوكه. ويُمكن للفرد الذي يخضع لغسيل العقول أن يصبح مطيعًا وسهل الاستبدال، وأن يفقد شخصيته الحقيقية.

أساليب عمليات غسيل العقول

تتضمن عملية غسيل الدماغ عادةً العزلة والحرمان من النوم، والإيذاء الجسدي والعاطفي، واستخدام الدعاية وغيرها من التكتيكات المتلاعبة؛ لتحطيم إحساس الفرد بذاته واستبداله بمعتقدات وسلوكيات جديدة تتماشى مع أهداف المتلاعب، سواء كان فردا أو نظاما  أو جماعة أو حتى دولة معادية.

ويمكن أن يشمل غسيل العقول عدة أساليب مثل التلاعب بالمعلومات والترغيب والتحريض والتهديد والترويع وغيرها. وعلى الرغم من أن الغسيل العقلي يمكن أن يكون غير أخلاقي ومناف لحقوق الإنسان، فإنه لا يمكن تجاهل أهميته في التحكم في سلوك الأفراد والمجموعات بل والمجتمع.

أدوات وآليات غسيل العقول

عملية غسيل العقول تشير إلى تقنية تستخدم لتغيير الآراء والمعتقدات لدى الأفراد دون موافقتهم أو إدراكهم الكامل لذلك، وهو الأخطر . ومن الممكن استخدام العديد من الأدوات والآليات لتحقيق هذا الهدف، ومن بينها :

  1. الإعلام المتحكم: وهو الإعلام الذي تسيطر عليه الحكومات أو الشركات أو أي جهة أخرى وتوجه محتواه، ويمكن استخدامه لنشر رسائل محددة وتعزيزها بشكل دائم.
  2. الإعلانات المستهدفة: وهي إعلانات تستهدف فئة معينة من الأفراد بناءً على بياناتهم الشخصية وتفاصيل حياتهم الخاصة.
  3. التليفزيون والأفلام والمسلسلات: وتستخدم هذه الوسائل لإيصال رسائل وأفكار معينة للمشاهدين بشكل مخفي أوغير واضح .
  4. الإعلام الاجتماعي: وتستخدم منصاته لتحديد المعلومات التي يراها الأفراد وإشباع اهتماماتهم وتوجيهها لتحقيق أغراض محددة.
  5. التعليم والتدريب: ويمكن استخدامها لنشر مفاهيم وأفكار محددة وتعزيزها بشكل دائم في ذهن الأفراد.
  6. الإقناع اللفظي وغير اللفظي: وتستخدم هذه الطريقة لإقناع الأفراد بالأفكار والرسائل المحددة، وقد يتم استخدام الحوار اللفظي أو التنميط غير اللفظي وغيرها من التقنيات.

ومن المهم الإشارة إلى أن استخدام هذه الأدوات والآليات لغسيل العقول يمكن أن يكون ضارًا للأفراد والمجتمعات، حيث يؤدي إلى فقدان القدرة على التفكير بحرية واتخاذ القرارات الخاصة، كما يمكن أن يؤدي إلى تشكيل مجتمعات مشوهة وغير صحية.

لذلك، من الضروري أن يتم التعرف على هذه الأدوات والآليات واتخاذ الإجراءات اللازمة للحماية من التأثيرات الضارة لها، بما في ذلك تعزيز التثقيف، والوعي بأساليب الاحتيال العقلي، وتشجيع التفكير النقدي، والاهتمام بالبحث المستقل، وتقييم مصادر المعلومات والإعلام بشكل كامل.