مقابل 45 مليون دولار.. "جوجل" تدعم "الهاسبارا" الصهيونية لإنكار الإبادة والتجويع في غزة!
الثلاثاء - 9 سبتمبر 2025
- "جوجل" تنشر دعاية صهيونية مضللة لإنكار الإبادة والتجويع في غزة مقابل 45 مليون دولار
- 150 مليون دولار إضافية لموازنة خارجية "إسرائيل" للإنفاق على الدعاية وتحسين الصورة
- الاحتلال يلعب على إثارة الخوف من "الإسلام المتطرف" و"الجهاد" ليجلب التعاطف!
- رغم مليارات الدولارات لحملات "الهاسبارا".. خطاب "إسرائيل" يفقد فعاليته عالمياً
"إنسان للإعلام"- تقرير:
كشف تحقيق لموقع "دروب سايت نيوز" (DROP SITE)، 3 سبتمبر 2025، أن شركة "جوجل" أبرمت عقدا مع مكتب رئيس وزراء الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو بـ 45 مليون دولار لدحض رواية المجاعة في غزة وتلميع صورة "إسرائيل" المنهارة، والتنصل من الجرائم التي ترتكبها بحق فلسطينيي قطاع غزة على مدار 700 يوم، والدعاية لرسائل الحكومة "الإسرائيلية" بشأن حـرب غزة؛ بهدف التقليل من شأن المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع.
وتشمل الدعاية الصهيونية الاستعانة بمؤثرين أمريكيين، وإنفاق ملايين الدولارات على الإعلانات المدفوعة عبر منصات "إكس" (3 ملايين دولار)، و"Outbrain/Teads" (نحو 2.1 مليون دولار).
ووصف موقع "دروب سايت نيوز" العقد -الذي مدته 6 أشهر- بأنه يساهم في الترويج لرسائل الحكومة "الإسرائيلية" والتقليل من شأن الأزمة الإنسانية في غزة.
وأفاد الموقع بأن العقد، الذي وُقع أواخر يونيو الماضي، يصف "جوجل" بأنها جهة رئيسية في دعم إستراتيجية نتنياهو للعلاقات العامة وكيان يعمل معه رئيس الوزراء "الإسرائيلي" في الظروف العادية أو حالات الطوارئ.
ووفقا للعقد، ستقوم "جوجل" عبر إعلانات تنشرها على يوتيوب ومنصة "جوجل ديسبلاي آند فيديو 360"، بنشر دعاية صهيونية كاذبة مضللة ومحاولة ترويجها إعلاميا، ضمن السياسة الدعائية للحكومة "الإسرائيلية" التي تسمى (هاسبارا) وهو مصطلح عبري معناه الدعاية.
وتزامنت دعاية "جوجل" لصالح الحكومة "الإسرائيلية" مع موجة احتجاجات عالمية على تفاقم الجوع بغزة، خاصة بعد حظر الاحتلال دخول الغذاء والدواء والوقود لغزة منذ مارس 2025.
وتُظهر السجلات أن "إسرائيل" أنفقت أيضًا 3 ملايين دولار على الإعلانات عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا الأمريكية)، و2.1 مليون دولار عبر منصة "أوت برين (Outbrain) "الإسرائيلية".
إنكار التجويع
وقبل الكشف عن هذا العقد قال متحدث باسم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" إن السلطات قد تُطلق حملة رقمية لتوضيح عدم وجود سياسة تجويع بغزة، وانتشرت على نطاق واسع إعلانات حكومية "إسرائيلية" تُنكر وجود مجاعة في غزة، بما في ذلك مقطع مصور على يوتيوب من قبل وزارة الخارجية "الإسرائيلية" جاء فيه مزاعم أن "هناك طعاماً في غزة، وأن أي ادعاء آخر هو كذبة".
وقد كشف تقرير آخر للموقع ذاته "DROP SITE"، 5 سبتمبر 2025، أن وزارة الخارجية "الإسرائيلية" كلفت شركة أمريكية بإجراء مجموعة شاملة من الاستطلاعات ومجموعات التركيز، إلى جانب اختبار الرسائل، بهدف تحسين صورة "إسرائيل" في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
ولكن تم تسريب تقرير أولي من الشركة إلى موقع "دروب سايت نيوز" من مصدر مطلع كشف أنه تُشرف على هذه الحملة شركة "ستاغويل غلوبال"، التي أسسها الناشط السياسي الشهير "مارك بن"، والذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها ومديرها التنفيذي.
وسبق أن تبرع "بن" بمبلغ 100 ألف دولار أمريكي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) بعد "طوفان الأقصى" 7 أكتوبر 2023، وتعود صلاته بحزب الليكود إلى عمله في حملة مناحيم بيغن الانتخابية لرئاسة الوزراء في العام 1981.
وكان "بن" مستشارًا مقربًا للرئيس بيل كلينتون، لكنه أصبح فيما بعد ضيفًا منتظمًا على قناة "فوكس نيوز" وحليفًا للرئيس دونالد ترامب.
وتحاول الدراسة الاستقصائية ومجموعات التركيز استنباط ما يعرفه الجمهور عن الهجوم المستمر على غزة وما هي مواقفه المختلفة تجاه "إسرائيل" حاليًا.
وليس من الواضح كم تُكلّف وزارة الخارجية "الإسرائيلية" هذا البحث، لكن الجمع بين مجموعات التركيز والاستطلاعات يجعل منه مشروعًا مكلفًا عادةً، لذلك مُنحت وزارة الخارجية مؤخرًا زيادةً قدرها 150 مليون دولار إضافية لميزانيتها، بهدف تحسين صورة "إسرائيل" عالميًا.
دعاية مضللة
تتضمن الدراسة أيضًا عرض مقاطع فيديو تتضمن رسائل مختلفة على المشاركين في البحث في أوروبا والولايات المتحدة لاختبار أيّ دعاية هي الأكثر فعالية في التأثير على الرأي العام، فعلى سبيل المثال، تضمن أحد مقاطع الفيديو الدعائية التي عُرضت على المشاركين في البحث "طالبة جامعية تحمل لافتة "فلسطين حرة" تُخفضها كلما سمعت المزيد من الرسائل عن "إسرائيل" وكيف أنها ضحية، إلى أن تتخلص من اللافتة في النهاية.
وسأل الاستطلاع أشخاصًا في الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة وإسبانيا وفرنسا عن عدد الأشخاص الذين يعتقدون أن "إسرائيل" قتلتهم في غزة، ونسبة المدنيين منهم وأجاب المشاركون في جميع الدول أن القتلى "معظمهم مدنيون".
ووفقًا للاستطلاع، لا يزال الرأي العام في الولايات المتحدة وألمانيا، مؤيدًا نسبيًا لـ"إسرائيل"، حيث يعتقد المشاركون أيضًا أن حرب "إسرائيل" كانت أقل فتكًا بكثير مما كانت عليه في الواقع!! فقد بلغ متوسط تقديرات عدد القتلى على يد "إسرائيل" في الولايات المتحدة والدنمارك 10,000 فقط، مقارنةً بـ 30,000 و40,000 قتيل في فرنسا وإسبانيا على التوالي، أما عدد القتلى المؤكد حاليًا، وهو بالتأكيد أقل من العدد الحقيقي، فيتجاوز 70,000 قتيل، وتشير هذه الفجوة بين الإدراك والواقع إلى أن المواقف تجاه "إسرائيل" لم تصل إلى أدنى مستوياتها بعد.
وكان تحقيق مشترك أجرته مجلة +972، وشبكة "لوكال كول"، وصحيفة الغارديان، 4 سبتمبر 2025، كشف أن واحدًا فقط من كل أربعة فلسطينيين اعتقلتهم القوات "الإسرائيلية" في غزة كانوا مقاتلين، في حين يشكل المدنيون الغالبية العظمى من المعتقلين في السجون "الإسرائيلية" منذ السابع من أكتوبر.
أكد التحقيق المشترك نقلا عن بيانات استخباراتية إسرائيلية أن المقاتلين المسلحين يشكلون ربع المعتقلين في غزة فقط، إذ تشير قاعدة بيانات سرية للجيش "الإسرائيلي" إلى أن الغالبية العظمى من 6000 فلسطيني تم اعتقالهم في غزة واحتجازهم في ظروف مروعة في مراكز الاحتجاز "الإسرائيلية" هم من المدنيين.
العداء للإسلام!
تعمل الدعاية "الإسرائيلية" أيضا على إثارة الخوف من "الإسلام المتطرف" و"الجهاد"، وتسليط الضوء على مزاعم الدعم "الإسرائيلي" لحقوق المرأة وحقوق المثليين، مع إثارة المخاوف من أن حماس تريد "إبادة جميع اليهود ونشر الجهاد".
وقد اختبرت دراسة شركة "ستاغويل غلوبال" (Stagwell Global)، الخوف من "الإسلام المتطرف" ووجدت أن الأغلبية الساحقة في أوروبا والولايات المتحدة وصفته بأنه "تهديد".
ووفق الدراسة، اتفق ثلاثة أرباع أو أكثر من المستطلعين، في كل دولة، على أن "الإسلام المتطرف" يُشكل تهديدًا، وكانت فرنسا وألمانيا في طليعة الدولتين، ومع ذلك، كان دعم الفلسطينيين على حساب "الإسرائيليين" أعلى بشكل ملحوظ في فرنسا منه في ألمانيا.
وبخصوص دعم "إسرائيل" ضد حماس وإيران، وكذلك ضد الفلسطينيين عمومًا على نطاق أوسع، تشير الأرقام الواردة في الدراسة إلى تأييد أكبر لـ"إسرائيل" مقارنة باستطلاعات رأي أخرى.
فعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع حديث أجرته جامعة "كوينيبياك" أن 37% من الناخبين الأمريكيين أيدوا الفلسطينيين، مقابل 36% أيدوا "الإسرائيليين" في حين سمح استطلاع "ستاغويل" للمشاركين باختيار كلا الخيارين بدلاً من فرض خيار عليهم، وهو ما قد يفسر التباين في النتائج.
لكن الأبحاث تؤكد عموما أن"إسرائيل" لايزال أمامها طريق طويل، حيث يتفق الأوروبيين على وجه الخصوص " مع وصف "إسرائيل" بأنها دولة إبادة جماعية وفصل عنصري، برغم أن ذلك يتناقض مع معارضتهم لحماس وإيران، فحرب غزة الأخيرة تفوقت في نشر صور الضحايا والمجاعة على الرواية "الإسرائيلية" الكاذبة، وباتت أقوى من الخطاب السياسي، ليصير الرأي العام مع الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى.
حرب الصورة
وكثير من التحليلات الإعلامية الغربية أكدت أن "إسرائيل" تخسر "حرب الصورة" أو "حرب الرأي العام" نتيجة مشاهد الإبادة والدمار في غزة، رغم امتلاكها أدوات دعائية ضخمة.
وأوضحت أن "إسرائيل" تواجه خسارة متسارعة في الرأي العام العالمي، حيث تبدو الدعاية الرسمية (البروباغندا)، أو ما يُعرف في العبرية بـ"الهاسبارا"، عاجزة عن مواجهة صور المجاعة والدمار والضحايا المدنيين التي تتدفق يومياً عبر شاشات العالم، ما أدى إلى انهيار سردية "إسرائيل".
وقد اعترفت "إسرائيل" بذلك، حين خصصت الحكومة 150 مليون دولار إضافية لوازة الخارجية لتمويل ما تسميه "حملات شرح الموقف الإسرائيلي للعالم"، وهو مبلغ يعادل 20 ضعفاً مما كان مخصصاً في السنوات السابقة، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
ووصف وزير خارجية إسرائيل "جدعون ساعر"، هذه الجهود الدعائية بأنها جزء من "حرب الوعي"، وأكد أنه سيوظف الميزانية في حملات إعلامية دولية، ونشاط مكثف على منصات التواصل الاجتماعي، وبرامج خاصة في الجامعات الأميركية "لمواجهة المد المتزايد من التضامن مع الفلسطينيين".
لكن النتائج حتى الآن جاءت عكسية، رغم مليارات الدولارات التي تُنفقها الحكومة على حملات "الهاسبارا"، فقد أظهرت تقارير متعددة أن الخطاب الإسرائيلي فقد فعاليته عالمياً.
مصادر التقرير:
- عقد جوجل بقيمة 45 مليون دولار مع مكتب نتنياهو لنشر الدعاية الإسرائيلية، "دروب سايت نيوز"، 3 سبتمبر 2025، https://2h.ae/cuED
- مُسرَّب: تُعتبر إسرائيل "دولة إبادة جماعية وفصل عنصري" في الخارج، وفقًا لبحث إسرائيلي خاص، "دروب سايت نيوز"، 5 سبتمبر 2025، https://2h.ae/IfUi
- بيانات استخباراتية إسرائيلية: المسلحون يشكلون ربع المعتقلين في غزة فقط، موقع مجلة "972"، 4 سبتمبر 2025، https://2h.ae/Dxgf