في الذكري 12 لتنحي مبارك.. مصر على فوهة بركان

الاثنين - 13 فبراير 2023

  • مصر مهيأة لانفجار شعبي  يطيح بالسيسي ونظامه.. و"الميديا" السوداء تُصعّد ضد الإخوان
  • تقرير أمني رُفع للسيسي  يحذر من اضطرابات اجتماعية عشوائية  في ظل تزايد الغضب الشعبي  
  • الإرهاصات بدأت من جزيرة الوراق ..وشعارات يناير تعود من جديد في مواجهة الشرطة
  • المظاهرات العمالية تجددت في بداية 2023 بعد أكثر من 780 مظاهرة في 2022
  • النقابات المهنية دخلت حلبة الصراع مع النظام.. والفاتورة الإلكترونية أيقظت حراك المحامين
  • الأطباء أعلنوا رفضهم لسياسات الحكومة وتظاهروا لرفض قانون الفاتورة الإلكترونية و "التكليف"
  • الصيادلة احتجوا على فرض الحراسة على نقابتهم  وطالبوا بتحريرها من الحارس القضائي
  • الحكومة تسعى  لتحرير أسعار الكهرباء ورفع الوقود خلال فبراير الجاري مما يزيد الشارع اشتعالا   
  • "ميدل إيست آي":  مصر على شفا ثورة أخرى  مماثلة لثورة  يناير  لتفاقم نفس الأزمات

 

إنسان للإعلام- خاص:

في ذكري تنحى مبارك، أصبح من الواضح أن مصر أصبحت على موعد قريب مع  تكرار سيناريو الثورة؛ ففي الوقت الذي يمارس  فيه السيسي وإعلامه كل أنواع تزييف الحقائق، والتضليل للرأي العام حول الثورة والثوار، نجد أن الشارع  المصري وصل لأعلى درجات الغليان.

 ويتوقع الكثير من المحللين الدوليين والمحليين أن تشهد مصر انفجارا ثوريا جديدا على غرار ثورة يناير بل أشد، نظرا للتضرر معظم الشعب من تدمير الاقتصاد المصري، وغياب الحريات. من خلال السطور التالية  نفتح هذا الملف ونرصد مظاهر الغضب الشعبي الذي يوشك أن ينفجر .

تشويه ثورة يناير

إعلام السيسي مازال يمارس التضليل للرأي العام حول الثورة والثوار، وتزييف الحقائق حول حادث رحيل مبارك، حيث  كتب مصطفى بكري مقالين عن الثورة، وخَصَّ أحدهما بكواليس يوم الرحيل، وقَصَّ فيه ما أسماها مناقشات "الثلاثة الكبار"؛ عمر سليمان، وطنطاوي، وشفيق.

 وبغض النظر عن مدى صدق الرواية، فقد أعاد بكري ذكرى رحيل مبارك، لكنه تناسى أن  السيسي قام بتنحية "الكبيرين الأولين"، سواء بعدم قبول أحدهما في الانتخابات عام 2012، أو بالتحفظ على الثاني في انتخابات 2018.

كرر السيد بكري تبرئة مبارك من إصداره أمرا بقتل المتظاهرين، وهي شهادة طنطاوي وسليمان كذلك، إلا أن تقرير تقصي الحقائق الخاص بـ"ثورة يناير" جاء فيه: "قرر وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق أن استعمال الأسلحة النارية لا يكون إلا بناء على أمر صادر من وزير الداخلية، وأن عليه إخطار القيادة السياسية. وأنه إذا استمرت الشرطة في استعمال الأسلحة النارية لأكثر من يوم، فلا بد أن تكون القيادة السياسية على علم بذلك".

ويقوم النظام السياسي بدءا من أعلى سلطة فيه، وانتهاء بالمنتفعين من وجوده، بتشويه ثورة 2011 من جهة، وتبرئة رموز النظام الساقط من جهة أخرى، وإذا كان المنتفعون يدورون مع كل تحوُّل في الأنظمة، فإن رأس هذا النظام كان ينبغي أن يكون ممتنا لتلك الانتفاضة

للأسف يواصل  النظام السياسي بدءا من أعلى سلطة فيه، وانتهاء بالمنتفعين من وجوده، بتشويه ثورة 2011 من جهة، وتبرئة رموز النظام الساقط من جهة أخرى، وإذا كان المنتفعون يدورون مع كل تحوُّل في الأنظمة، فإن رأس هذا النظام كان ينبغي أن يكون ممتنا لتلك الانتفاضة التي لولاها لكان الآن يرتدي جلبابا، ويرأس جمعية خيرية في مسجد بمحيط سكنه، وربما تعرض للعزل بسبب إفقاره لموارد تلك الجمعية.

وفي نفس السياق ، واصل احمد موسى ونشأت الديهي ، عمرو اديب، ولميس الحديد افتراءاتهم على الثوار، وأكدوا أنهم استهدفوا زعزعة أستقرار مصر، وأن مبارك كان حريصا على دم المصريين وتنحى عن الحكم لتجنب السيناريو الدموي الذي خطط له الإخوان، كما زعموا.

وتحدَّث بكري أيضا عن عدم ممانعة مبارك  إحالة اختصاصاته إلى نائبه، ثم عدم ممانعته تخليه عن الحكم، وكان قد طلب من اللواء عمر سليمان أن يعدل صيغة الخطاب ليجعله "قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية" بدلا من كلمة "تَنَحِّيه"، وقد فعل مبارك الأمرَيْن بالفعل، وأيّاً كانت الخلفيات التي دفعته إلى ذلك، فهو قرر الرحيل في النهاية دون صدام، وهذا كان مناسبا لحركة الثوار في الشارع، وفيما بعد اتضح أنه كان مفيدا لقيادات المؤسسة العسكرية أيضا.

وتناسى هؤلاء الجريمة التي سبقت التنحي  والقتل العمد للثوار في  "موقعة الجمل" ، وقد فقدت مصر زهرة شبابها من الثوار في ميدان التحرير في هذا اليوم العصيب . "1"

بركان الغضب يبدأ بالوراق

في ذكري التنحي، أصبحت مصر على موعد مع أنفجار بركان الغضب الشعبي ، خاصة مع استمرار تردي الأوضاع المعيشية ،وتصاعد حمالات القمع والاستبداد ، وقد بدأت إرهاصات هذا الانفجار من جزيرة الوراق، حيث   خرج العشرات من أهالي جزيرة الوراق في مظاهرات ليلية في مطلع الأسبوع الثاني من فبراير الجاري ،  بعد أن اقتحمت قوات الأمن الجزيرة النيلية واعتقلت فيها العشرات ، وطالب الأهالي الذين احتشدوا في الجزيرة، بالإفراج الفوري عن ذويهم، وهتفوا قائلين: "يسقط يسقط حكم العسكر" و"ارحل يا سيسي" و"جوا مصر من الوراق.. مش في سورية ولا العراق" و"علّي سور السجن وعلّي... بكرة الثورة تشيل ما تخلي".

وكانت منظمات حقوقية مصرية أعلنت، في وقت سابق ، أن قوات الأمن اقتحمت جزيرة الوراق النيلية وطاردت الأهالي في الشوارع والحقول، وأطلقت عليهم قنابل الغاز والرصاص المطاطي، وخطفت وأصابت العشرات، في محاولة لإجبارهم على تسليم أراضيهم وبيوتهم لإقامة منتجع سياحي.

وأكد مركز الأرض لحقوق الإنسان أن التعدي على سكان جزيرة الوراق يعد تعدياً على حقوقهم في الملكية والأمان والسكن، وأن الأهالي يقاومون رغم جبروت السلطات المصرية. وطبقاً لمقاطع فيديو انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي، ردد الغاضبون هتافات منها: "مش خارجين مش خارجين.. إحنا عليها ميتين"، قبل أن يعود الهدوء نسبياً بعد انسحاب القوات إلى داخل المشروع المملوك لهيئة المجتمعات العمرانية المقام على الجزيرة.

كما رصدت وحدة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالشبكة المصرية لحقوق الإنسان، تظاهر أهالي جزيرة الوراق، اليوم، في مسيرات جابت أنحاء وشوارع الجزيرة، مطالبين السلطات المصرية بإطلاق سراح أبناء الجزيرة المحبوسين وإسقاط كافة الأحكام الصادرة ضدهم، ووقف كافة أشكال التهديد والوعيد التي تمارسها أجهزة الدولة المختلفة بحقهم وبإعادة افتتاح المستشفى ومكتب البريد بعد إغلاقهما، وإلغاء قرارات نزع ملكية أراضيهم.

وكانت السلطات الأمنية المصرية قد شنت مؤخراً حملة اعتقالات طاولت العديد من أبناء الجزيرة والزج بهم في السجون، في إطار خطة الحكومة المصرية لتهجير أهالي الجزيرة وبيعها إلى المستثمر الإماراتي، بحسب تأكيد الشبكة.

وفي أواخر ديسمبر 2020، صدر حكم من محكمة جنايات القاهرة بالسجن المؤبد لمتهم والسجن المشدد لـ 34 آخرين من سكان جزيرة الوراق، في القضية المعروفة إعلامياً بـ "أحداث شغب جزيرة الوراق". وكانت النيابة العامة قد وجهت للمتهمين تهم "التعدي على الممتلكات العامة والخاصة، واستعراض القوة، ومنع موظفين عموميين من ممارسة أعمالهم، والبلطجة واستعراض القوة وقطع الطرق"

يشار إلى أنه في يوليو 2022، كشفت الهيئة العامة للاستعلامات عن تغيير اسم جزيرة الوراق إلى مدينة حورس، وأن كلفة المشروع الاستثماري الذي سيقام عليها تصل إلى 17.5 مليار جنيه، وأن دراسة الجدوى قدرت الإيرادات الكلية بنحو 122.54 مليار جنيه، وأن الإيرادات السنوية تبلغ 20.422 مليار جنيه لمدة 25 سنة.

وأشارت الهيئة العامة للاستعلامات إلى أن المشروع يضم 8 مناطق استثمارية، ومنطقة تجارية، ومنطقة إسكان متميز. سيتم إنشاء حديقة مركزية ومنطقة خضراء ومارينا 1 و2، وواجهة نهرية سياحية، كما سيشمل منطقة ثقافية وكورنيش سياحي.

وكانت السلطات المصرية قد أعلنت العام الماضي، قرب إتمام السيطرة على الجزيرة، وأبلغ وزير الإسكان عاصم الجزار رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بأن 888.65 فداناً (يعادل 175 متراً مربعاً) أصبحت تحت حيازة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بنسبة 71 في المائة من إجمالي مساحة الجزيرة، التي تبلغ نحو 1295.5 فدانا، وأنها "بدأت بالفعل أعمال التطوير"، وأن عدد المنازل التي انتقلت أو جارٍ نقل ملكيتها بلغ نحو 2458 منزلاً، فضلاً عن استلام أراضي الأوقاف بالكامل ومساحة 23.5 قيراطا، كما تم استلام 32.5 فدانا من الأراضي أملاك الدولة، البالغة مساحتها 68 فدانًا، ومتبق استلام 35.5 فداناً، وأن خطة تطوير جزيرة الوراق تتضمن في المرحلة العاجلة منها تنفيذ 94 برجاً سكنياً تضم 4092 وحدة سكنية، بمساحات "تلبي مختلف المتطلبات للمستهدفين بها" إلى جانب تنفيذ عدد من الخدمات مثل المدارس ووحدات طب الأسرة، ومراكز الشباب، ومراكز تجارية وخدمية وترفيهية.

وتؤكد منظمات حقوقية مصرية أنه مورس ضد أهالي جزيرة الوراق الإخلاء القسري، الذي يعد بموجب القانون الدولي (الإبعاد غير الطوعي للأشخاص من ديارهم وأراضيهم) انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان."2"

وبالتزامن مع هذه التطورات نشرت جريدة الوقائع المصرية، مؤخرا ، إعلانًا من الهيئة العامة للمساحة، قالت فيه إنها ستعرض، بدءًا من العشرين من الشهر الحالي وحتى 19 من الشهر القادم، كشوفًا وخرائط تشمل بيانات التعويضات المقدرة للممتلكات المتداخلة مع مشروع نزع ملكية أراضي في نطاق مسافة 100 متر على جانبي محور روض الفرج (الذي يمر بالجزيرة).

وكانت محاولات الحكومة السابقة لرفع قياسات منازل لتقييمها تمهيدًا لتقرير التعويضات المستحقة لأصحابها مقابل نزع ملكيتها، قد أدت لاندلاع احتجاجات الصيف الماضي، استخدمت الشرطة فيها القنابل المسيلة للدموع واعتقلت البعض."3"

المظاهرات العمالية تتجدد

كما شهدت مصر بالقرب من حلول ذكري التنحى، تصاعد للاحتجاجات العمالية ، وقد تجدد المظاهرات العمالية مع بداية العام 2023 ، في الوقت الذي شهدت فيه المؤسسات العمالية  على مدار 2022 أكثر من 780 مظاهرة واحتجاج عمالى ، وفي مطلع الأسبوع الثاني من فبراير الجاري ،جدد أزمة العاملين بمصنع "موكيت ماك" التابع لمجموعة "النساجون الشرقيون" لصناعة الموكيت والسجاد في مصر، حيث انتهت الإجازة الإجبارية غير مدفوعة الأجر التي أقرتها الإدارة مؤخرا ، في محاولة لامتصاص غضب العمال، وفوجئ العمال بتعليق العمل لأجل غير مسمى.

الأزمة، تصاعدت، بعد إصدار الإدارة منشوراً داخلياً على شبكة التواصل الداخلية للشركة، بتعليق العمل في المجموعة لأجل غير مسمى، وإصدار الإدارة أوامرها لسائقي سيارات الشركة بعدم نقل عمال الوردية الثانية إلى المصانع لاستئناف العمل بعد انتهاء الإجازة اليوم السبت، مما دفع العديد منهم لتحرير محاضر إثبات حالة بالواقعة.

كان العاملون بالشركة قد بدأوا إضرابهم عن العمل،  مع بداية شهر فبراير الجاري ، في أحد المصانع بالعاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، وكان عمال الشركة قد دخلوا في إضراب عن العمل الأحد الماضي، احتجاجاً على تدني الزيادة التي أقرتها الإدارة للرواتب والتي بلغت 500 جنيه، وربطها بحافز الإنتاج، حتى لا يستطيع العمال الوصول إليها، وبالتالي لا يستطيعون الحصول على الزيادة المقررة وطالبوا بزيادة 1500 جنيه منفصلة عن حافز الإنتاج؛ وهو ما رفضته الإدارة وأصدرت قرارها بإغلاق المصانع كلها، بالإضافة إلى المصنع الذي أضرب عماله (موكيت ماك) وإعطاء العمال إجازة غير مدفوعة الأجر لمدة أسبوع تخصم من رصيد إجازات العمال، قبل أن تعود الإدارة إلى تعليق العمل بالشركة اليوم إلى أجل غير مسمى"4"

احتجاجات المحامين  والأطباء

 كما تعددت مظاهر الغضب الشعبي ،بين فئات مختلفة من المصريين ،حيث شهدت الشهور القليلة الماضية تصاعد لمظاهرات المحامين على مستوي الجمهورية ، بسبب الفاتورة الالكترونية ، ثم التصادم مع الهيئات  القضائية، حيث لم يكد المحامون يهنأون بانتصارهم في مرسى مطروح، حتى اندلعت أزمة جديدة في مكان يطل، مثل مرسى مطروح، على البحر المتوسط، ولكن في أقصى الشرق هذه المرة، العريش الملتهبة بعمليات العنف المسلح حتى وقت قريب.

وأعلنت نقابة محاميي شمال سيناء الفرعية، في بيان له مؤخرا ، أن المحامين "لن يحضروا نهائياً أمام تحقيقات النيابة العامة طوال فترة انعقادها بمحكمة الإسماعيلية، الأقرب للعريش جغرافياً، وهو الانعقاد المخالف لقرار وزير العدل بعودة العمل بمحكمة شمال سيناء ونياباتها، وذلك اعتباراً من يوم السبت 4 فبراير الحالي"، نظراً لما يمثله هذا الامتناع من مضاعفة إرهاق المحامين وموكليهم في الانتقال من شمال سيناء إلى الإسماعيلية والعكس.

وأكدت واقعة العريش، التي جاءت بعد أيام من واقعة مرسى مطروح، أن الأزمة بين الجانبين أعمق من مجرد مشادات ومواقف متناثرة، رغم ما يبدو من هدوء على السطح يخفي توتراً مكبوتاً، ورغم تصريحات ودية متبادلة بين رموز المحامين والقضاة، كان أبرزها إشادة مؤسس محكمة النقض المستشار عبد العزيز فهمي بالمحاماة، واعتبار المحامين شركاء للقضاء في مرفق العدالة، واصفاً القاضي بأنه "متبع" والمحامي بـ"المبدع"."5"

كما شهدت القطاع الطبي تصاعد لاحتجاجات الأطباء بمصر ، على مدار الشهرين الماضيين ، بسبب الفاتورة الالكترونية ، كما تصاعدت الاحتجاجات من قبل الصيادلة  ، بسبب فرض الحراسة على النقابة ، رغم أن "دستور 2014" يحصن النقابات من فرض الحراسة القضائية، حيث تنص المادة 77 على "ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقاً لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة. ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية في شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها".. إلا أن هذا النص لم يمنع السلطات من اصدار قرار في صورة حكم قضائي بفرض الحراسة على نقابة تضم ما يقارب من 300 ألف عضو.

ومنذ قرار فرض الحراسة لا يمر وقت إلا ويستشعر الصيادلة مدى الضرر الواقع عليهم من غياب تنظيم نقابي يعبر عنهم ويدافع عن حقوقهم ويسعون من خلالها لتحقيق مصالحهم، ففي ظل الحراسة مر الصيادلة بعدة أزمات منها:

-  الضرر المترتب علي ممارسات سلاسل الصيدليات سواء من خلال المنافسة غير الشريفة، أو حينما أعلنت إحدى السلاسل إفلاسها مع تعرض حقوق الصيادلة العاملين فيها للضياع، وكذلك الصيادلة التي بين تلك السلسلة وبينهم عقود استئجار لصيدلياتهم.

- حبس صيادلة نتيجة ممارسات مهنية، مثل ضرب الحقن في الصيدلية وما ترتب عليه من حالات وفيات يرى الصيادلة أن السبب فيها عدم مأمونية الأدوية، وهو ما لا ذنب لهم فيه، بل نتيجة ممارسات المصانع مع ضعف الرقابة عليها.

- تغوّل جهات الرقابة على الصيادلة بعد إنشاء هيئة الدواء، مع وجود تنازع اختصاص ورغبة غير رشيدة في إثبات الهيئة أنها تؤدي دورها الرقابي علي الصيدليات بشكل أفضل مما كانت تؤديه وزارة الصحة، تطبيقا للمثل المصري "الغربال الجديد له شدة"

 - صعوبات اقتصادية نتيجة سياسات شركات التوزيع والإنتاج الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، و سياسات وممارسات ضريبية تثقل كاهل الصيادلة، وإصدار قوانين تتصل بالمهنة في غياب ممثل شرعي منتخب عن الصيادلة يعبر عم مصالحهم ، كل ما سبق واجهه الصيادلة وهم يجدون أنفسهم أمامه لأول مرة في تاريخهم."6"

ثورة خبز تلوح في الأفق

كما يتوقع كثير من الخبراء أن تشهد مصر أزمة انفجار شعبي بسبب توجه حكومة السيسي لرفع الدعم عن العيش ، رغم نفي الحكومة الأنباء المتداولة في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، بشأن صدور قرار برفع سعر رغيف الخبز المدعم بدءاً من يوليو المقبل.

وأشارت وزارة التموين إلى "استمرار نظام صرف رغيف الخبز المدعم للمواطنين على بطاقات التموين بـ5 قروش فقط دون أي زيادات، وهو النظام الذي يستفيد منه 71 مليون مواطن، على أن تتحمل الدولة فارق التكلفة الإنتاجية"، والشهر الماضي، أجلت الحكومة المصرية إطلاق تجربة بيع الخبز المدعم على بطاقات التموين بالسعر الحر، وحسب مراقبين، فإن وقف القرار مؤقت.

ومؤخرا، صدرت تعليمات لكبار المسؤولين في وزارة التموين والغرف التجارية بتأجيل التنفيذ أو مناقشة الأمر خلال الأيام المقبلة، فيما استدعت وسائل التواصل الاجتماعي مظاهرات المصريين في أحداث 17 و18 يناير عام 1977 احتجاجا على رفع الحكومة أسعار الخبز، وواكبت الذكريات أحداث 25 يناير التي فجرت ثورة غضب شعارها "عيش.. حرية.. كرامة إنسانية".

ووفقا لأرقام نشرتها دوائر حكومية، يستهلك المصريون حوالي 300 مليون رغيف يوميًا، ما بين 275 مليون رغيف مدعم تبيعه المخابز البلدية لحاملي البطاقات التموينية بسعر 5 قروش (0.00169 دولار) بوزن 90 جرامًا بحد أقصى 5 أرغفة لكل فرد يوميًا، فيما تنتج مخابز "الأفرنجي" الخبز السياحي بكمية تصل إلى 25 مليون رغيف يتجاوز سعره الجنيه (0.034 دولار).

والجمعة، قال المنتدى الاقتصادي العالمي، إن مصر ستكون من أكثر الدول المتضررة في الشرق الأوسط، خلال العامين المقبلين، جراء أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة وارتفاع أسعار الحاجات الأساسية مثل الغذاء والسكن.

ومن الأزمات التى تشعل الشارع المصري توجه الحكومة لتعويم أسعار الكهرباء حيث تسعى الحكومة حاليا لتحديد أسعارها كل 3 شهور، كما سترفع أسعار الوقود خلال الشهر الجاري  ."6"

تقرير يحذر من انفجار شعبي 

وفي سياق متصل، قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية إن تقريرا أمنيا رُفع إلى مكتب السيسي  يحذر من "اضطرابات اجتماعية عشوائية"، خصوصا في ظل تزايد الغضب الشعبي المرصود على الأرض وعبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ جرّاء تردّي الأوضاع الاقتصادية.

هذا التقرير الأمني قُدّم بناءً على توجيهات من "السيسي" شخصيا، وأعدته جهات سيادية تعاونت فيما بينها لتحليل البيانات ورصد المعلومات، بحسب الصحيفة التي قالت إنها اطلعت على بعض صفحات ديباجة التقرير.

وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي تابعه "الخليج الجديد"، أن التقرير الأمني تطرق بـ"مصداقية شديدة" إلى حساسية الوضع والمخاوف من خروج غير منظم إلى الشارع في أي وقت ومن دون هدف موحّد سوى التعبير عن الغضب والضيق من كثرة المشكلات وتراجع القدرة على توفير أساسيات الحياة.

ما تقدم اعتبرته ديباجة التقرير "السيناريو الأسوأ" بالنسبة إلى أجهزة الدولة، وخصوصوا جهاز الشرطة الذي سُجّلت فيه بالأشهر الماضية تجاوزات عديدة وعودة لانتشار الفساد في عدة قطاعات منه، وهو ما يَقتضي التعامل معه "بشكل حاسم وسريع"، وفق الصحيفة.

وعادة ما تنفي الشرطة وجود أي انتهاكات ممنهجة وتصف ما يحدث من أفراد في المنظومة الأمنية بأنها أخطاء فردية تحاسب مرتكبيها.

وأفادت الصحيفة بأن التقرير نصح بتجنب أي اضطرابات على صلة بواردات السلع الأساسية التي يتمّ صرفها على البطاقات التموينية، موصيا بالعمل على خفض الأسعار بشكل حقيقي بما يتناسب مع القدرة الشرائية.

ومن بين الجوانب التي انتقد فيها التقرير الموقف الرسمي، وفق الصحيفة، ما وصفه بـ"التصريحات المستفزّة" التي تَصدر عن بعض المسؤولين بشأن توافر السلع، وأوصى بتجنُّب الدخول في صدامات مع رجال الأعمال ومحاولة إقناعهم بتخفيض هوامش الربح، إلى جانب تقديم تسهيلات للمواطنين بينها: إمكانية بيع بعض المنتجات الأساسية بسعر التكلفة لفترة وجيزة لتجنّب "الاضطرابات المحتمَلة".

واعتبر التقرير أن الدولة أخفقت في الترويج لجهود التنمية التي تبذلها، خاصة في بعض القطاعات الخدمية، وشدد على أهمية التسويق لتراجع الأسعار وطمْأنة المواطنين حيال مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، وإقناعهم بأن تراجع القدرة الشرائية مرتبط بأزمة عالمية تعيش مصر تحت تأثيراتها

وإذ حذّر من تداعيات توجه المواطنين المتوسّطي الدخل إلى "دولرة" أموالهم (تحويلها إلى دولارات) وما قد يسبّبه من ضرر للاقتصاد المحلي، فقد طالب التقرير البنك المركزي بالبحث عن آلية لتوظيف الدولارات الموجودة بالسوق المصرية، ولا سيما أن الثقة في القطاع المصرفي لا تزال مرتفعة للغاية، وهو أمر يجب تعزيزه والبناء عليه، وفق الصحيفة.

وأفاد التقرير بتزايد غير مسبوق في محاولات السفر بحثا عن عمل في دول الخليج، ولا سيما الإمارات، بفعل التسهيلات على الفيزا السياحية، فيما ذكرت إحصائية وردت من السفارة المصرية في أبوظبي أن ثمّة ارتفاعا مطردا في أعداد المصريين الذين يواجهون مشكلات بسبب أوضاعهم غير القانونية في الدولة الخليجية.

وفي 9 يناير الماضي، دعا "السيسي" المصريين إلى "الصمود" أمام ما وصفه بـ"التحديات التي تواجه البلاد"، مبررا الأزمة الاقتصادية بتبعات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ 24 فبراير 2022.

ومستنكرا تساءل "السيسي"، خلال مشاركته في أعمال مؤتمر التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي: "هل نحن كدولة وشعب لا نستطيع الصمود أمام أي تحدٍ؟!".

وشدد على أن "مصر تدفع ثمنا مثلها مثل بقية دول العالم"، مضيفا: "بطَّلوا هري (كلام كثير وجدل) بقى"."8"

مصر على شفا ثورة أخرى

من جانبه، أكد موقع ميدل إيست آي " أن  مصر على شفا ثورة أخرى، مماثلة لثورة  25 يناير ، وأكد انه في أعقاب تنحي "مبارك" في 11 فبراير 2011، أجرت مصر سلسلة من الانتخابات والاستفتاءات الحرة والنزيهة، وصوتت لأول رئيس مدني على الإطلاق وهو الراحل "محمد مرسي"، لكن "الدولة العميقة" في مصر، بقيادة القوات المسلحة، لم تكن راضية أبداً عن السماح لـ"مرسي"، أو أي مدني آخر، بتولي السلطة الحقيقية.

 وقد تواطأ الجيش مع من تبقى من نظام "مبارك"، والليبراليين المناهضين للديمقراطية، ووسائل الإعلام والشرطة لتدبير انقلاب ضد "مرسي" في يوليو 2013.

 وأضاف الموقع أن "عبدالفتاح السيسي"، الذي شغل منصب وزير دفاع "مرسي" لمدة عام، قاد الانقلاب والانتقال إلى الاستبداد الجامح، ولقد تم تمويل الانقلاب إلى حد كبير من قبل ديكتاتوريات الخليج التي تخشى التحول الديمقراطي في المنطقة العربية. وفي عامي 2013 و2014 تلقى "السيسي" عشرات المليارات من الدولارات في شكل منح من السعودية والإمارات.

وقال الموقع : وبالإضافة إلى هذه المنح، حصل النظام المصري على قروض كبيرة من السعودية والإمارات وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والصين وصندوق النقد العربي وبنك التنمية الأفريقي ، ولكن بدلاً من إنفاق التدفقات النقدية على التعليم والرعاية الصحية والإسكان الميسور التكلفة أو المشاريع المدرة للدخل، اختار النظام بدلاً من ذلك إنفاق المليارات على مشاريع تافهة تغذي الاقتصاد العسكري في مصر: الطرق والسكك الحديدية  والقصور الرئاسية والفنادق الفاخرة، وفي العام الماضي، اشترى "السيسي" أيضًا طائرة رئاسية جامبو جديدة مقابل 500 مليون دولار، وكل ذلك لم يستفد منه الشعب .

والأهم من ذلك، يعتقد أن المجمعات العسكرية والأمنية بالعاصمة الجديدة، فضلاً عن موقعها البعيد - التي تقع على بعد حوالي 45 كيلومترًا من القاهرة - توفر لها الحماية من أي ثورة مستقبلية محتملة.

واضاف الموقع : وأدى ضعف الجنيه إلى زيادات هائلة في أسعار الواردات مما ساهم في ارتفاع معدلات التضخم. وفي الشهر الماضي، ارتفع التضخم إلى ما يقرب من 22%. وتُرك المصريون العاديون غير قادرين على تغطية نفقاتهم، ونتيجة للإفراط في الاقتراض، يخصص جزءا كبيرا من إنفاق الحكومة المصرية الآن لسداد الديون فقط، وبشكل عام، تمت إدارة القروض بشكل سيئ من قبل الدولة المصرية.

وأضاف الموقع أنه يبدو أن الأموال الخليجية المجانية آخذة في النضوب، أو على الأقل تعاني من نقص في المعروض وهي حقيقة أوضحتها خطابات "السيسي" العامة. ففي صيف عام 2022، استغل مؤتمرا صحفيا كفرصة لمطالبة "إخوانه في الخليج" بمساعدات إضافية. وكرر النداء في أحداث أخرى.

وفي وقت لاحق من عام 2022 تغيرت نغمة "السيسي" إلى حالة اليأس، حيث بدا أنه يعترف بأنه من غير المرجح أن تأتي المزيد من المساعدات الخليجية، أو على الأقل من غير المرجح أن تكون كبيرة كما كان يأمل. وقال "السيسي" في خطاب ألقاه في نوفمبر/تشرين الثاني: "حتى إخواننا وأصدقائنا في الخليج طوروا قناعة راسخة بأن الدولة المصرية لن تكون قادرة على الوقوف على قدميها مرة أخرى. كما يعتقدون أن الدعم الذي قدموه لمصر على مدى سنوات عديدة قد خلق ثقافة التبعية ، وكانت كلمات "السيسي" معبرة، ويبدو أنها تشير إلى أن حلفاءه في الرياض وأبوظبي قد سئموا من إرسال الأموال إلى مصر مع القليل من النتائج الإيجابية، إن وجدت.

ويضيف الموقع:"تشير تصريحات "السيسي" إلى أنه قلق من احتمال اندلاع ثورة أخرى. وقد حذر "السيسي" المصريين من الاحتجاج ، قائلاً إن مسار الاحتجاج "يخيفني"، وأنه يمكن أن "يركع أي شعب على ركبتيه"، وأنه "لا ينبغي أن يتكرر أبدًا في مصر" ، وتشير هذه التصريحات وغيرها إلى أن "السيسي" يشعر بقلق عميق. وإذا لم يكن يعتقد أن الاحتجاجات الجماهيرية تعد احتمالًا واقعيًا، فلن تكون هناك حاجة لإصدار مثل هذه الأنواع من التحذيرات بشكل منتظم."9"

كما  نشر "معهد الشرق الأوسط الأمريكي" تقريرًا، تحدّث فيه عن الاضطرابات التي قد تعصف بمصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في سنة 2023.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته صحيفة "عربي21"، إن الحرب في أوكرانيا من المرجح أن تستمر معظم السنة، ما يعني بقاء أسعار الطاقة والغذاء مرتفعة. وبينما ستكون الدول الغنية في المنطقة قادرة على إدارة هذه الضغوط والتخفيف من حدتها، ستعاني الدول التي تفتقر إلى الموارد، وكذلك الدول الفاشلة كليًا أو جزئيًا، من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه الموقع إلى أن هذا الوضع سيفرض ضغوطًا خطيرة على مصر، أكبر دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث عدد السكان، إلى جانب الاقتصادات الأخرى في المنطقة، بما في ذلك المغرب وتونس والأردن وتركيا وإيران. أما اقتصاد لبنان، فهو على شفا الهاوية، بينما سيكافح العراق للاستفادة من عائدات موارده الطاقية لتلبية احتياجات شعبه الاجتماعية والاقتصادية. وفي اليمن وسوريا، سيواجه السكان سنة صعبة للغاية، وكذلك ملايين اللاجئين في جميع أنحاء المنطقة."10"

تزايد القلق الإسرائيلي على السيسي

في سياق متصل، تصاعدت  الأصوات الإسرائيلية التي تحذر من احتمال إفلاس مصر،وسيترتب على ذلك ثورة شعبية من الممكن ان تعصف بنظام السيسي،  فإن ذات الأصوات ترى أن لدولة الاحتلال مصلحة استراتيجية في ضمان الاستقرار لدى جارتها الجنوبية، خاصة وأن تصدير الغاز الإسرائيلي من خلالها بات أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع العلم أن التقديرات الإسرائيلية تتحدث أن الوضع الاقتصادي في مصر بات يشكل ذروة التحديات الهائلة للنظام الحاكم، مع تزايد عدد المصريين، وندرة مصادر دخلهم، وسياسته الاقتصادية الفاشلة بتعزيز الإصلاحات الأساسية.

مايكل هراري الدبلوماسي والسفير السابق والمحاضر في العلوم السياسية، أكد أن "تفاقم الوضع المصري في السنوات الأخيرة بسبب أزمة كورونا وحرب أوكرانيا، يتزامن مع زيادة صادرات الغاز من مصر، ووصولها كميات قياسية، وبيعها بأسعار مرتفعة، إلا أن ذلك لا يكفي لمواجهة النفقات المصرية الباهظة، وفي الآونة الأخيرة أصبح الوضع أكثر حدة، بحيث تسمع أصوات تحذر من إمكانية الإفلاس".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "البيانات الاقتصادية المصرية مقلقة للغاية لإسرائيل، حيث يزيد دينها القومي عن 220 مليار دولار، منها 155 مليارا ديون خارجية، ونصف ميزانية الدولة مخصصة لسدادها، وبلغت خسارة الجنيه المصري لقرابة 32 أمام الدولار، حتى باتت مصر تعتمد على قروض صندوق النقد الدولي ودعم دول الخليج، بالتركيز على السعودية والإمارات، عبر ودائع ضخمة في مصر، مما يؤدي لتحسين ميزان المدفوعات وخزينة الدولة، وتقديم ضمانات للقروض من المؤسسات الدولية".

وأكد أن "الدعم الدولي والإقليمي يستند إلى أهمية مصر الهائلة للاستقرار، وحقيقة أن نظام السيسي يقف بحزم ضد الإسلام السياسي، وهي مصالح مشتركة بين مختلف الأطراف، حتى الآن، ورغم ذلك باتت إسرائيل ترى تلميحات عن حدوث تغيير في مواقف دول الخليج، وظهور بوادر مقلقة في ضوء غياب السعودية والكويت عن اجتماع طارئ دعت له الإمارات لدراسة سبل مساعدة مصر والأردن، مما أعطى تعبيرات مثيرة للقلق عن تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر".

وأشار إلى أن "فرضية تخلي قادة دول الخليج عن مصر تتزامن مع طرح تساؤلات عما إذا كانوا يشكون بقدرة السيسي على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في بلاده، في ضوء ما يسرده من مشاريع ضخمة مثل بناء العاصمة الإدارية الجديدة، والسيطرة العسكرية العميقة على الاقتصاد، وسط استعادة للتاريخ المصري من حيث مقارنة ديون مصر السيسي مع ديون الخديوي إسماعيل في القرن التاسع عشر، حين ترك ديونًا ثقيلة زادت بشكل كبير من الاعتماد على الإمبراطورية البريطانية، صحيح أنها مقارنة غير مألوفة، لكنها ذات دلالات إشكالية".

وأكد أن "القراءة الإسرائيلية للواقع المصري القائم تضع يدها على المخاوف من تداعيات إشكالية على ساحتها الداخلية، وبالنسبة لإسرائيل فإن دعم مصر مصلحة استراتيجية من الدرجة الأولى، فضمان استقرارها يعني استمرار سياستها التي تقود استراتيجية إقليمية مشتركة في مواجهة التهديدات القائمة، وفي السنوات الأخيرة تعمق بشكل كبير لقاء المصالح الاستراتيجية بين القاهرة وتل أبيب، بغض النظر عن هوية الحكومة الإسرائيلية، وينعكس ذلك في قطاع غزة، وشرق البحر المتوسط، ومواجهة السياسة الخارجية لطهران، وهنا يجب على إسرائيل أن تؤكد على بقاء الاستقرار في مصر كما هو".

الخلاصة أن التعاون مع مصر في مجال الطاقة، وتصدير الغاز الإسرائيلي إليها، وهو أحد قنوات الدخل الرئيسية للخزينة المصرية، أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل الظروف الحالية.

صحيح أن دولة الاحتلال ليست في موقع للتأثير على الطريقة التي يتصرف بها المصريون في الداخل، لكنها تسعى لاتباع سياسة خارجية لا تغذي التصعيد الإقليمي، خاصة مع الفلسطينيين، حيث تلعب مصر دورًا بالغ الأهمية، وتشهد على ذلك اجتماعات رئيس مخابراتها معهم."11"

المصادر:

  1. شريف أيمن ، "ذكرى التنحِّي ورواية بكري"، عربي 21  ، 8 فبراير 2023 ، https://cutt.us/CzZTR
  2. "مظاهرات ليلية في جزيرة الوراق بعد اقتحامها من قبل الأمن المصري واعتقاله العشرات" ، العربي الجديد، 5 فبراير 2023، https://cutt.us/kFypz
  3. بيسان كساب ، "تجدد الاحتجاجات في «الوراق» بعد القبض على 3 من الأهالي" ، مدي مصر ، 5فبراير 2023 ، https://cutt.us/2iVob
  4. "تجدد أزمة عمال "النساجون الشرقيون" في مصر بوقف العمل لأجل غير مسمى" ، العربي الجديد، 4 فبراير 2023، https://cutt.us/cUoy0
  5. عبد الكريم سليم" احتجاجات المحامين  في تصاعد مستمر" ، العربي الجديد ، 4 فبراير 2023، https://cutt.us/TGWFG
  6. أحمد رامي ، "صيادلة مصر ينتفضون دفاعا عن حريتهم النقابية" ، عربي21 ، 6 فبراير 2023 ، https://cutt.us/Qbud2
  7. "الحكومة المصرية تنفي رفع سعر رغيف الخبز المدعم بدءًا من يوليو المقبل" ، الخليج الجديد ، 4 فبراير 2023 ، https://cutt.us/iKAm2
  8. "صحيفة لبنانية: تقرير أمني على طاولة السيسي يحذر من انفجار شعبي" ، الخليج الجديد ،  5 فبراير 2023 ،  https://cutt.us/eY8Nu
  9. "ميدل إيست آي: هل مصر على شفا ثورة أخرى؟" ، الخليج الجديد ، 26 يناير 2023 ، https://cutt.us/QNJ2C
  10. "عام مضطرب ينتظر الشرق الأوسط: ضغوط اقتصادية وتذبذب سياسي" ،عربي21، 5 فبراير 2023 ، https://cutt.us/OPswX
  11. "تزايد القلق الإسرائيلي من زعزعة الاستقرار في مصر" ، عربي21 ، 6فبراير 2023 ، https://cutt.us/8hRXU